بريطانيا: أساليب جديدة لمكافحة التطرف

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٧ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ب ب س


تواصل بريطانيا البحث عن الطريقة المثلى للاستجابة للإرهاب والتعصب. ففي حين لم تشهد أي هجمات إرهابية رئيسية منذ وقوع تفجيرات لندن في يوليو/تموز 2005، إلا أن بريطانيا خسرت الحرب على ايدولوجيا القاعدة في الداخل.

فعند النظر إلى حالة كيلي ريلي، وهو الشاب المصاب بمتلازمة اسبرجر، والذي اقنع على أيدي أشخاص مجهولين بإمكانية انضمامه لقافلة الشهداء اذا ما قام بتفجير نفسه في مطعم مكتظ بالزوار في إكستر.



ولحسن الحظ، فإن المهارات التي استخدمت لصناعة القنبلة التي حملها كانت متدنية، إلا ان الأمر المقلق هو قناعته بأنه كان يتصرف باسم الله.

نيكي ريلي لم يغادر بريطانيا مطلقا، وتشرب ايدولوجيا القاعدة في الداخل.

السياسة القائمة
مثلت المظاهرات التي شهدتها لندن خلال الفترة الماضية ضد الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة مصدر قلق كبير، فهي تبين تعاطف الكثير من مسلمي بريطانيا مع قضايا المسلمين في الخارج.

وقد استخدمت أقلية من المتشددين، اللذين يميلون لاستخدام العنف، أساليب سياسية شرعية للتعبير عن مشاعر الكراهية تجاه بريطانيا.

فقد صرخ البعض خلال المظاهرات مرددين "فلنحارب". إن هذا الوضع قد يولد إرهابيين جدد.

إذا، ما هي الحلول التي يجب ان تتبعها الحكومة؟ هل يمكن الاستمرار في اتباع السياسة الحالية التي تسمى الوقاية من عنف المتشددين، والتي تستهدف، كما يشير مسماها، الذين يروجون للعنف.

السياسة تضع هؤلاء تحت المراقبة، وتقوم بابعادهم، فهي تقوم على استئصال داء التطرف، ليتراجع التهديد.


إن هذه السياسة لم تنجح. والدليل على ذلك هو وجود أكثر من 200 مؤامرة لتنفيذ أعمال إرهابية تحت التحقيق من قبل جهاز الاستخبارات البريطاني M15 . لا يوجد شح في عدد الشباب المسلمين المستعدين لتبني مشاعر الكراهية تجاه بريطانيا.

ففي الوقت الذي تم فيه تبني هذه الساسة في العام 2006، خشت الحكومة من ابعاد الاشخاص للخارج، ولذلك فإنها قامت بوضع معايير صارمة لتعريف ما هو غير مقبول.

وبعبارة أخرى، فإن هذه الساسة طبقت فقط على الأشخاص الذين يتسمون بمستوى عال جدا من التطرف.

أفضل السيئين
إن الجانب الآخر من هذه المعادلة يشير إلى أنه يمكن تحمل الاشخاص الذين ينبذون العنف ولكنهم يروجون للأفكار المتطرفة ضد بريطانيا.

إن هذا طريق خطير، وغير فعال؟

فسرت هذه السياسة على أنها تقبل الرؤى المتطرفة تجاه بريطانيا، وأعطت بعض الشرعية لهذه الافكار، على الاقل في أعين المواطنين المسلمين.

إذا أردت التأكد من فشل هذه السياسة، فما عليه إلا القيام بجوله في أي مدينة بريطانية تسكنها جالية مسلمة كبيرة، فسترى أن الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين هم في الواقع أكثر تشددا .

فعائشة، وهي سيدة شابة تحدثت إلى برنامج بانوراما الوثائقي "مسلم أولا، بريطاني ثانيا"، مثال جيد .

عائشة التي تدرس الطب، تدافع عن الأشخاص اللذين يتعصبون ضد مثليي الجنس.

وفيما يتعلق بسلوكها الديني، فهي تتبنى رؤية أكثر محافظة من والديها الليبراليين، حيث تقوم بتغطية وجهها بنقاب ضد رغبة والديها.

مجبر على التغيير
لقد أجبر اخفاق السياسة الحالية الحكومة على وضع خطة جديدة تركز بشكل أكبر على القيم البريطانية المشتركة، وتتصدى للمتعصبين حتى لو لم يخالفوا القانون.

ولذلك فإن سياسة "تجنب عنف المتطرفين" ستتحول إلى ت"جنب التطرف".

إن هذا التحول لن يكون مرضيا للشرطة، فهم لا يعملون على مكافحة الآراء والايدولوجيات، ما لم تخالف القانون.

كما أن الحكومة ستكون أكثر انفتاحا لانتقاد المتطرفين الإسلاميين الذين يقدمون مواعض ضد القيم المشتركة في بريطانيا دون الوقوع في مخالفات للقانون.

إن الجدل مستمر حول استخدام المال العام. إن من المنطقي إجراء مناقشات مع المتطرفين اللذين لا يروجون للعنف، والذين يتصرفون ضمن حدود القانون. فلأسباب عملية، تحتفظ الشرطة، وأجهزة مكافحة الإرهاب، تحتاج للاحتفاظ بخطوط اتصال مفتوحة مع الجماعات المتطرفة.

تمتلك بريطانيا تقاليد في تقبل المعارضة السياسية. فيما يقول المسلمون المعتدلون بأن من غير المنطقي أستخدام أموال دافعي الضرائب لتمويل المروجين للأفكار الانعزالية، وأن على الحكومة التصرف الآن.

إلا أن هذا الأمر معقد.

وعند الأخذ في الحسبان أن قبول الأفكار المتطرفة لم يتراجع، فإنه ليس أمام الحكومة أي خيار آخر سوى تجربة أساليب جديدة لمكافحته.

اجمالي القراءات 4379
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق