قيامة أرطغرل.. «غارة» تركية ناعمة أسرت قلوب العرب وعقولهم!

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٦ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


قيامة أرطغرل.. «غارة» تركية ناعمة أسرت قلوب العرب وعقولهم!

أمام موقد النار في أحد شوارع قاهرة المعزّ يجهِّز بائع الفطائر أحد الطلبات، ومع أنَّ يده لا تكاد تتوقف عن «تسوية العجينة» أمامه، إلا أن عينيه مترددتان بين العجينة وشاشة التلفاز، حتَّى تستقر على الشاشة بعدما جهّز الفطيرة وأدخلها في الفرن، يظهر على البائع الاهتمام والانتباه، مع أن معظم حلقات المسلسل يُشاهدها للمرة الثانية.

لتمثِّل حالة هذا البائع صورة من التأثر العربي بـ«قيامة أرطغرل»: ذلك المسلسل التركي الذي أصبح جزءًا من القوَّة الناعمة التركية في بلاد العرب؛ فيتابعه – مع طول مدَّته – مئات آلاف، منهم من سمّى نجله «أرطغرل»، ومن غيّر صورة حسابه بصورة أحد أبطال المسلسل الذين يرافقون الرئيس التركي في زياراته الرسمية لبعض الدول العربية!

كيمياء المسلسل.. حينما يمتزج الدين بالقومية والحب

«أرطغرل» ذلك الاسم الذي لم يكن يعرفه إلا القليل جدًا – وربما فقط متخصصو التاريخ – قبل بدء المسلسل، أصبح الآن اسمّا ذائع الصيت بعد بدء المسلسل الذي «دائمًا ما تحتل حلقاته نسب الأعلى مشاهدة كل أسبوع»، وفقًا لمنتجه محمد بوزداج. ويعود الاسم لوالد غازي عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية التي حكمت مناطق كثيرة في العالم، قبل أن تنتهي عام 1924، مع تأسيس الدولة التركية الحديثة.

ويحكي المسلسل عن البدايات الأولى لقبائل الأوغوز التركية، وقبيلة الكايي التي يتسودها بطل المسلسل: أرطغرل، ويُظُهر المسلسل معاناة الأتراك والدولة الإسلامية السلجوقية بالقرن الثالث عشر في مواجهة المغول شرقًا، والصليبيين غربًا؛ من أجل الحفاظ على أمن الدولة السلجوقية، واستقرار القبائل التركية، وتطلّعاتهم التوسعية.

يجمع المسلسل خلطة متماسكة من الدين والقومية والحب والأخوة، أراد منتجوه إبرازها، ربما مكّنت المسلسل أكثر من دخول قلوب الأتراك، فخطاب المسلسل وأبطاله أظهر كثيرًا من التمسُّك بالدين الإسلامي، مع أيقونة ظاهرة متأثرة بـبعض الصوفية التركية تجسدت في شخصية «محيي الدين بن العربي» بالمسلسل، كذلك فإن إظهار خوف الأعداء ومعاناتهم من الأتراك يُعزِّز قوة القومية التركية، ولم يخلُ المسلسل من إظهار جانب «الحب» و«الأخوة»؛ فكل محارب ينادي زميله بـ«أخي»، ويسعى دائمًا إلى «الانتقام» من الأعداء، ولم يتغافل المسلسل عن تأثير حالة «العشق» التي قد يقع فيها البعض؛ لتؤثر في حياته وقراراته سلبًا أو إيجابًا.

 

صورة لشخصية «ابن العربي» في المسلسل

يُضاف إلى تلك الخلطة أيضًا فكرة «محاربة الظالمين، وبث الأمل في نفوس المظلومين»، والتي ربما ساعدت على دخول المسلسل في قلوب الكثير من العرب الذين يعانون ظلمًا في بلادهم، سواء بسبب العدو الخارجي، والخائن الداخلي الذي يعلن خطابًا مقبولًا داخليًا ، ويبطن تعاونًا مع الأعداء؛ لتصبح ضرباتهم أكثر وجعًا من ضربات الأعداء الظاهرين، وتشتد مواجهة أرطغرل لهم «كي تحيا جهنم من أجل الخونة»، الجملة التي اعتاد أرطغرل توجيهها للخائنين من بني جلدته وملته في المسلسل، كذلك فإن لغة المسلسل التركية – التي تحتوي على آلاف الألفاظ العربية – قد وجدت صداها أيضًا لدى الجمهور العربي.

فئة من «المسلمين المحافظين» تنضم لجمهور «أرطغرل»

وأضاف المسلسل أيضًا فئة جماهيرية مميزة ممن يمكن تسميتهم بـ«المسلمين المحافظين»، الذين عادة لا يفضلون متابعة المسلسلات لأسباب دينية أو أخلاقية؛ ليجدوا أريحية أكثر في متابعة «قيامة أرطغرل» الذي يظهر فيه معظم الممثلات محتشمات بغطاءٍ محكم للشعر، وقد تمرّ أكثر من حلقة دون أن يظهرن بشعورهنّ في مشاهد «نادرة»، كذلك فإن مشاهد التقبيل عادة لا تتعدَّى تقبيل «اليد» أو «الرأس»، ومما يظهر حرص منتجو المسلسل على ذلك أن الحلقات الأولى للمسلسل كانت السيّدات أقل «حشمة» من الحلقات التالية التي تدارك فيه منتجو المسلسل ذلك؛ لاجتذاب تلك الفئة الجديدة لجمهور المسلسل.

ويبدو أنَّ بائع الفطائر من ضمن تلك الفئة الجديدة؛ إذ يُرجع لـ«ساسة بوست» سبب متابعته للمسلسل: «المسلسل عظيم في كل حاجة، دي الحاجة الوحيدة اللي لو الواحد قاعد يتفَّرج عليها مع مراته وعياله مفيش قلة أدب، ومفيش فيه مسخرة»، مُشيرًا بألفاظ نعتذَّر عن إيرادها إلى كثرة مشاهد الإثارة في الدراما والسينما المصرية، وأضاف: «معدتش بتفرج على حاجة مصري خالص نهائي؛ عشان تبقى قاعد كدة مع مراتك وعيالك وفجأة تيجي لقطة خارجة (في الفن المصري)، احط راسي جوة جسمي؟! أنا عندي أولاد وبنات».

(قيامة أرطغرل) ده مسلسل تربي بيه عيالك.

قاطعه زميله، أثناء مشاهدتهما لإحدى حلقات المسلسل، ونفى البائع تعرفه على المسلسل من خلال الإنترنت، «كنا بنقلب كده على التلفزيون عشان نشوف حاجة نتسلى بيها، لقينا أول حلقة، اتعلقنا بيه» ليقاطعه زميله الثالث بذكر عدد أجزاء المسلسل الأربعة، وعدد الحلقات، ومدة الحلقات، وأثناء متابعة الحلقة، بدأ الثالث في استشراف الأحداث لافتًا: «سنة ونص باتفرج عليه مزهقتش، اللي يشوفه ميزهقش منه؛ كل حلقة أفضل من التانية، ومتركبة على التانية، شوفته قبل كده، وهشوفه تاني، وكل لما ييجي هاشوفه؛ القصص حلوة، مش هنا (الفن المصري) جايبين لك الإسلام جلابية ونقاب» معتبرًا أرطغرل «أفضل مسلسل » شاهده في حياته، وصنف المسلسل بـ«التاريخي الإسلامي»؛ مكملًا: «..شوفت علاقة سيدنا محمد بالصحابة، دول التابعين بينفذوا قصة سيدنا محمد».

وبدا التفاعل كبيرًا من البائع وزملائه أثناء متابعتهم بـ«حماس» لإحدى حلقات المسلسل، وكأنه تحول من الدراما إلى الحقيقة؛ ليقول أحدهم بسعادة: «أرطغرل خبطهم 3 أفخاخ في بعض»، ويرد آخر: «عيب الأجانب كده، لو انتصروا يتغطرسوا، ولو اتهزموا يتجنّوا».

لم يكن بائع الفطائر وزملاؤه هم من يتابعون المسلسل، وإنما كانوا من ضمن مئات آلاف العرب من جنسيات مختلفة يتابعون المسلسل الطويل في عدد حلقاته التي اقتربت من 120 حلقة، ومدة كل حلقة التي لا تقلُّ عن ساعتين، وقد تتعدى بعضها ساعتين ونصف، وقد بلغ عدد المشاهدات العربية للمسلسل ما لا يقل عن 200 مليون مشاهدة، وفقًا لموقع «النور تي في»، أول موقع يترجم المسلسل إلى العربية، وتتصدر السعودية قائمة أكثر البلاد العربية مشاهدة؛ بنسبة 600 ألف مشاهد، تليها الكويت؛ بـ400 ألف، ثم مصر والجزائر والمغرب وقطر، ويُضاف إلى تلك المشاهدات الضخمة متابعو المسلسل على التلفاز، والصفحات الأخرى غير الرسمية الناقلة للمسلسل على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولقد كثرت صفحات ومجموعات مواقع التواصل الاجتماعي التي حملت اسم المسلسل، وضمّت مئات الآلاف من الأعضاء، وقد اقترب عدد أعضاء إحدى هذه المجموعات لـ400 ألف عضو، وتكاثرت مظاهر التأثُّر بالمسلسل؛ فغيّر الكثير من متابعي المسلسل صور حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بصور لأبطال المسلسل من ممثلين وممثلات، وغيروا أسماءهم أيضًا بأسماء أبطال المسلسل، ولن تستغرب كثيرًا إذا ما وجدت متابعي المسلسل يعلقون أحيانًا على بعضهم البعض بالألفاظ التركية والعربية السائدة في المسلسل مثل: «أي والله كاردش» (شكرًا أخي) .

امتدت مظاهر التأثر أيضًا إلى دخول بعض مواقف المسلسل في عالم الكوميكس والرسوم الساخرة، وكذلك نشر بعض الأقوال المأثورة من الأفكار التي ينشرها المسلسل، البعض أيضًا استثمر شهرة المسلسل في جانب تجاري: بتصميم ملابس وخواتم يظهر عليها «أرطغرل»، أو علامة قبيلته الكايي، فيما افتتح مطعم في السعودية يحمل اسم «أرطغرل شاه»، قدّم 50% خصم لزبائنه احتفالًا بقتل أرطغرل للأمير سعد الدين كوبيك، الذي أتقن دور الخيانة في المسلسل، مثلما أتقنه معظم من أدوا أدوار الخيانة والعداء في المسلسل بخطابٍ «عقلانيّ» ابتعد في مجمله عن «السذاجة».

 

عبارة متداولة من المسلسل قالها أرطغرل قبل أن يقرر قتل أحد الخونة رافضًا طلب مسامحته

شدة الحب والتأثر في المسلسل جعلت البعض يأخذ من وقته الكثير لعمل رسومات وأعمال يدوية عن المسلسل وأبطاله، بينهم الفنان السوري عبد الستار السطوف، الذي رسم لوحة فسيفسائية لأرطغرل وأخرى لتورغوت ألب أحد أبطال المسلسل.

 

السطوف بجانب لوحته الفسيفسائية أرطغرل (الأناضول)

فيما ضاق ذرع أحدهم بطول حياة الأمير سعد الدين كوبيك، ورسم رسمة بسيطة تُظهر قتل أرطغرل لكوبيك، رغمًا عن المخرج، الذي سمح بقتله في الحلقة 115 من المسلسل، وسط أجواءٍ احتفالية عربيَّة ملحوظة على مواقع التواصل الاجتماعي امتدت لاحتفالات بالألعاب النارية في بعض الأماكن العربية، وقد لاقت الرسمة انتشارًا يجسد أحد صور التعايش مع المسلسل بمزيد من الجدية، تضمنت أيضًا إسقاطات على الواقع، وأفرزت حالة من القراءة في التاريخ عن أرطغرل، وتتبع بعض الأحداث للتأكد من مدى صحتها.

 

وامتدت حالة التعايش الجدي مع المسلسل إلى تعليق كويتيين لافتة عزاء لبامسي، أحد شخصيات المسلسل كُتب عليها: «عزاء قبيلة الكايه، انتقل إلى رحمة الله بامسي.. أرطغرل لا تصالح.. وأشهد أنك فقيده يا بامسي»، وجاءت تلك اللافتة بعد الحلقة 79 التي تلقى فيها بامسي طعنات قاتلة، وظن البعض أنه قُتل، قبل أن تُظهر الحلقة التالية أنه لم يمت بعد.

 

ولكن البعض تعامل مع المسلسل وما يحويه من مبالغات وتدخلات درامية في الأحداث التاريخية وخيالات للمخرج صوّرت أرطغرل بطلًا خارقًا لا يُقهر ولا يُقتل ولا يخطئ على أنها حقائق يجب أن يُحتذى بها في الواقع الذي نعيش فيه، فتجد عبارات بمعنى: «نحتاج لأرطغرل هذه العصر» قاصدًا شخصية أرطغرل التي رأها في المسلسل، متعاملًا معها على أنها لا تختلف عن شخصية أرطغرل الحقيقية، والد عثمان الأول!

وقد أشاد معارضون للحكومة التركية بقوة المسلسل وتأثيره عربيًا، من بينها موقع اليوم «السابع المصري» الذي وصف المسلسل بـ«الأكثر شعبية»، مُشيرًا إلى عرضه في 23 دولة، والإعلامي المصري أحمد المسلماني الذي أشاد بقوة المسلسل، واتساع انتشاره، وربط المسلسل بالواقع السياسي التركي، وقال: «إن المسلسل موجه بهدف إظهار تركيا أنها مثلما انتصرت على المؤامرات التي واجهتها قديمًا، تستطيع الانتصار على المؤامرات التي تواجهها الآن»، في إطار حديثه عن توتر العلاقات التركية الأوروبية والغربية قبيل الاستفتاء التركي على الدستور، مُضيفًا: «فيه فرق لما يكون للدولة تصور للقوة الناعمة بمسلسل بقوة (أرطغرل)، وفرق بين مسلسلات المخدارت، والفشل الفكري.. بمسلسلات لتخريب العقل المصري والعربي»، في إشارة لبعض منتجات الدراما المصرية، لافتًا إلى أن نجاح أرطغرل «هزيمة للقوة الناعمة المصرية».

«أرطغرل» اسم جديد في قاموس أسماء أطفال عرب

لم يقتصر التأثر بأرطغرل فقط على البالغين، وإنما امتد أحيانًا إلى الأطفال، وأراد بعض الآباء العرب أن يربطوا أطفالهم باسم أرطغرل، من بينهم المصري أمين محمدين، الذي ظهر طفله بعمر الأسابيع، يرتدي زيًا مشابهًا لزي أبطال المسلسل، وقبعة عليها شارة قبيلة «الكاي»، فلا تستغرب كثيرًا؛ لأن طفله حديث الولادة يحمل اسم بطل المسلسل «أرطغرل»، وهو اسم أثار فضول أهل القرية لمتابعة المسلسل بحسب محمدين.

اللافت أيضًا أن محمدين، الذي يعيش في إحدى قرى محافظة المنيا بصعيد مصر، تأثر بمتابعته للمسلسل لدرجة أنه ينوي أن يسمي ابنه التالي «تورغوت»: أحد أبطال المسلسل «الذي يمتلك صفات عديدة، منها القوة والشجاعة، إضافة إلى أنه صديق مخلص لأرطغرل»، بحسب محمدين الذي لفت في حواره مع «الأناضول»: «استفدت قيمًا كثيرة من خلال مشاهدتي للمسلسل، أهمها: أن نكون مع الحق والعدل، مهما كانت الظروف».

 

محمدين يداعب مولوده الجديد «أرطغرل» (الأناضول)

الأمر لم يختلف كثيرًا بالنسبة للفلسطيني طارق نوفل، الذي يعيش في مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية، والذي أطلق هو الآخر على ابنه اسم أرطغرل؛ مبررًا ذلك «بأن شخصية كبيرة مثل القائد الإسلامي أرطغرل بن سليمان شاه جعلتني أرتبط بهذا الاسم أكثر، وأصبح الاسم متداولًا ومألوفًا لدى العائلة». ولفت إلى أن ابنته ذات الأربع سنوات تتابع المسلسل وتستطيع نطق اسم أخيها «أرطغرل» بطريقة صحيحة.

«أرطغرل الصعيدي» يركب «جحش».. واليمني يلبس «نظارة»

ومن ناحية أخرى، بدأ أطفال من أكثر من بلد عربي يؤدون مشاهد تمثيلية لأرطغرل، فبسيوف «خشبية»، وملابس «مدنية» ظهر أرطغرل بـ«نظارة نظر» وهو يهزم بالتوالي عددًا من جنود «الأعداء»، في أحد المشاهد التمثيلية لأطفال يمنيين، في فيديو تعدى مشاهداته 290 ألف مشاهدة، وهو فيديو يبدو هو الأكثر مشاهدة في هذا الصدد، من ضمن فيديوهات أخرى مشابهة، أحدها حاول فيه أطفال يمنيون تمثيل الحلقة 92 من أرطغرل في مواقع تصوير شبيهة من حيث وجود الخضرة والمياه بتلك التي في المسلسل.

وبموسيقي تصويرية حماسية في مشهد «slow motion» (تصوير بطيء) ظهر أرطغرل بسيفه الخشبي على «جحشه» مُنتصب الهامة؛ ليواجه أحد عملاء المغول «الملثمين» الذي استنجد بالمغول، قبل أن يقتلهم أرطغرل وتنتهي الحلقة، التي لم تخلُ من السخرية، وحصدت نحو 80 ألف مشاهدة، وهي الأكثر مشاهدة لقناة مصرية ظهرت حديثًا على «يوتيوب» تحمل اسم «أرطغرل الصعيدي»، وتبث حلقات مختلفة من تمثيل أطفال تتشبَّه بحلقات المسلسل الحقيقي، مع وجود طابع ساخر أحيانًا، ومن ضمن حلقات مسلسل «أرطغرل الصعيدي» تشبيه لدخول «أريس» أحد أعداء أرطغرل في الإسلام، كما حدث في إحدى حلقات مسلسل «قيامة أرطغرل».

ولا تتوقف شعبية أرطغرل فقط، على الدول العربية، وذات الأغلبية المسلمة فقط، وإنما تمتد لبعض الدول الأوروبية؛ إذ يُبث المسلسل على قناتي (ABC) ،(AB) الأوربيتين تزامنًا مع بثه في تركيا، وقد جاء في قائمة الأعلى مشاهدة من بين المسلسلات التركية في 40 دولة في العالم، وقد تصدرت حلقة 83 قائمة المشاهدات في أوروبا، بحسب منتجه محمد بوزداج، الذي لفت إلى أنها «حطّمت كل الأرقام القياسية داخل تركيا» وخارجها، تلك الحلقة التي قُتل فيها دوغان ألب رفيق أرطغرل، وقد انهار أحد الأطفال الأتراك من البكاء من مشهد مقتله، في فيديو أظهر صورًا مختلفة للتعايش التركي الكبير مع المسلسل من الشباب، والأطفال، والمسنين، لدرجة حمل سيوف أثناء متابعة المسلسل!

أردوغان يدعم المسلسل ويصطحب أبطاله في زيارات
رسمية لبلدان عربية

أنتم كسبتم قلوب الناس، هذه المكافأة الحقيقية، هذه هي الهدية الحقيقية، لأجل هذا نصفق لكم.

هكذا شكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القائمين على مسلسل أرطغرل، قبل أن يبدأ هو فعليًا في التصفيق لهم، وتابع: «حتى أحفادي لا يتركون المسلسل، لا يكفيهم مشاهدة المسلسل، وإنما يشاهدون ملخص الحلقات»، وبزيٍّ قَبليّ ذهب أحفاد أردوغان مع جدّهم وجدتهم إلى موقع تصوير المسلسل، مُبديًا أردوغان دعمه للمسلسل، وقد أشاد الرئيس التركي بالمسلسل وفريق عمله أكثر من مرة، وبدا مرتبطًا بهم لدرجة حضوره مع زوجته حفل زفاف الفنانة التركية إسراء بليجيك، التي مثّلت دور السلطانة حليمة، زوجة أرطغرل في المسلسل.

 

ولم يتوقَّف ارتباط أردوغان بالمسلسل على طريق فريق العمل فقط، وإنما أيضًا حضرت موسيقى المسلسل في بعض المناسبات الاحتفالية لانتصارات أردوغان الانتخابية، كذلك لم تغب موسيقى أرطغرل عن الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لإفشال محاولة الانقلاب العسكري في تركيا التي جرت في 15 يوليو (تموز) 2016، والتي رفضها أبطال المسلسل، معلنين تضامنهم مع «شهداء 15 تموز» وفخرهم بوقوف الشعب التركي إلى جانب «الديمقراطية» في وجه «محاولة الانقلاب».

أبطال المسلسل أحيوا أيضًا الاحتفالات الجماهيرية لبعض المناسبات القومية، والعثمانية، تمثلت إحداها في حضور بامسي وتورغوت الذكرى السنوية لفتح القسطنطينية؛ ليظهروا بزيهم وسيوفهم تحت الطائرات المحتفلة بالذكرى السنوية رقم 563 لفتح القسطنطينية.

وقد امتدت العلاقة الارتباطية بين أردوغان والمسلسل بأبطاله وموسيقاه، وإدراك الحكومة التركية بتأثير المسلسل على العرب، لدرجة اصطحاب أردوغان منتج المسلسل وأبطاله في بعض زيارته الرسمية لدول عربية خلال العام الماضي، تتضمن: الكويت، وقطر، وظهور صور تجمع بين أبطال المسلسل، وأردوغان، وأميري الكويت وقطر، أما عن البحرين، فقد حضرت موسيقى أرطغرل عندما عزفتها الأوبرا الملكية البحرينية خلال مأدبة عشاء على شرف أردوغان والوفد المرافق له خلال زيارتهم الرسمية للبحرين.

ودفع النجاح اللافت لأرطغرل منتجه محمد بوزداج إلى إنتاج مسلسل آخر هذه المرة، ليس عن التاريخ القديم الذي جسده أرطغرل، وإنما مرتبط بأحداث هامة في حقبة تاريخية أكثر حداثة تتعلق بالحرب العالمية الأولى، يحمل اسم «كوت العمارة» الذي يحكي انتصار الأتراك والعرب في الجيش العثماني على القوات البريطانية الغازية، في مدينة الكوت جنوب شرقي العاصمة العراقية بغداد عام 1915، وهو مسلسل يدعمه أردوغان الذي حضر العرض الأول للمسلسل، الذي لم يكن في إحدى دور العرض التركية، وإنما في «القصر الرئاسي»!

اجمالي القراءات 8639
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق