5 حروب اعتبرها التاريخ «تافهة» لكنها لم تكن كذلك

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٠ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


5 حروب اعتبرها التاريخ «تافهة» لكنها لم تكن كذلك

ثمة أسباب لشن حرب ما، يمكن اعتبارها منطقية أو غير منطقية، مثل الأطماع الاقتصادية، أو الاختلاف في الدين، أو الأيديولوجيا، أو حتى تضخم الأنا لزعيم الأمة، ولكن كيف تقوم حرب وتخلف ضحايا ويمكن وصفها بحرب غبية أو تافهة؟ فإذا اختلفت مع الأسباب، هل يمكن أن ترى الحروب التالية حقًّا تافهة؟ في السطور التالية تعرض لأسباب اندلاع حروب وصفها المؤرخون بالـ«أتفه على مر التاريخ»، لكنها تسببت في إراقة دماء مئات الآلاف، ومن زوايا نظر أخرى ربما ترى أنها لم تكن تافهة على الإطلاق.

1- إمبراطورية «آشانتي» نموت نموت ولا تجلس على المقعد

كانت إمبراطورية «آشانتي» في غانا قبل أكثر من قرن من الآن تحت الاحتلال البريطاني، وكانت تقدس مقعدًا ذهبيًّا يرفع عليه الحاكم قدميه وهو جالس على كرسي العرش، وكان مصنوعًا من ذهب حقيقي، ولم يكن هذا المقعد ملكًا للحاكم وسلطته فقط، بل كان مقدسًا وذا منزلة خاصة عند شعب آشانتي بأكمله، فلا يضع قدميه فوقه أي شخص غير الحاكم من جنسيتهم نفسها، حتى عندما كانوا ينقلونه كانوا يرفعونه على أكتافهم سيرًا.

لم تهتم بريطانيا بمقدسات آشانتي، وهو سبب نشوب الحرب بين الطرفين، ففي عام 1896 نفت بريطانيا ملك آشانتي ورجالًا من سلطته إلى سيشيل، وبقي شعبه بلا قائد، فعرض البريطانيون ملء الفراغ في السلطة، بتعيين ممثلًا للمملكة البريطانية، حتى مارس (آذار) 1900، وعليه وصل السير «فريدريك هودجسون» إلى مقر سلطته الجديد، منتظرًا من السكان المحليين أن يرحبوا به بأذرع مفتوحة باعتباره سيدهم الجديد، وهو الأمر الذي لم يحدث، وفور وصوله إلى مقره طلب المقعد الذهبي المقدس ليسند قدمه إليه وهو جالس على العرش، وهو ما كان بمثابة تجربة لتخسر كل من حولك في غمضة عين.

غضب شعب آشانتي، واعترضوا على طلب فريدريك علانية، ورد عليهم هو بأن أرسل جنودًا للبحث عن هذا المقعد، وهناك كان ينتظرهم السكان المحليون بقيادة يا أسانتيوا، والدة الملك المنفي، ونجحوا في قتل الجنود جميعًا، وحاصروا مقر الحكم حيث فريدريك وبقية جنوده البريطانيين.

استمر حصار أهل آشانتي للمقر ثلاثة أشهر ونصف، حتى وصلت تعزيزات بريطانية من الطعام والذخيرة ترأسها «جيمس ويلكوكس»، والذي قرر قلب الموقف، فأباد الريفيين، وذبح الآشانتيين، ودمر مدنهم، حتى فازت بريطانيا في نهاية الحرب، مخلفة 1007 قتلى من البريطانيين، وألفي قتيل من آشانتي، ولكن الآشانتيين رأوا أنهم انتصروا رغم ذلك، فقط لأنهم لم يتركوا للبريطاني الفرصة ليرفع قدمه على المقعد المقدس.

2- النمسا 1788.. أن تطلق الرصاص على قدميك أنت ورفاقك

تعد «معركة كارانزيبيس» النمساوية عام 1788 واحدة من أغرب الحروب في التاريخ إن صح الوصف، إذ حارب النمساويون أنفسهم وهزموها.

بين عامي 1787- 1791، دارت حرب نمساوية- تركية، وفي الوقت نفسه حرب روسية- تركية، وكانت النمسا حليفة روسيا.

بدأت معركتنا في 17 سبتمبر (أيلول) 1788، بقوة نمساوية قرابة 100 ألف جندي، أقاموا معسكرًا في ضواحي «كارانزيبيس»، انقسمت القوات لفريقين مساءً بحثًا عن الجنود الأتراك، فعبر سلاح الفرسان -وكانوا طليعة الجيش- نهر تيميس للبحث عن العدو التركي، ولكنهم لم يجدوا له أثرًا، ووجدوا بدلًا منه مجموعة من الغجر معهم مشروبات كحولية، فاشتروا منهم خمورًا وبدؤوا في الشرب والاستمتاع بليلتهم.

لم يمر وقت طويل حتى عبر فريق المشاة النمساوي النهر، ووجدوا الفرسان في حالة سكر كاملة، فطلبوا منهم بعض زجاجات الخمر إلا أن الفرسان رفضوا، والتفوا حول براميل الخمر، وتصاعد الأمر فجأة.

بدأت المعركة برصاصة أطلقها جندي نمساوي مخمور على زملائه، ولم يدر البعض بما يحدث فصاح المشاة «الأتراك، الأتراك»، فهرب الفرسان من مكان الحادث معتقدين أنه هجوم تركي حقيقي، وما زاد الأمر تعقيدًا أن الجيش النمساوي يتألف من جنود بخلفيات ولغات مختلفة، فلم يتمكنوا من فهم واستعادة بعضهم، حتى أنهم لم يفهموا أوامر الضباط بالتوقف عن الجري مشتتين.

بينما كان الفرسان يهربون من معسكرهم اعتقد قائد عسكري نمساوي لم يفهم ماذا يحدث أن الفرسان الذين يتشاجرون مع المشاة تابعون للطرف التركي، وأمر بإضرام النار في المعسكر، ليخرج منه الفرسان مذعورين، وبدلًا من فهم ما يحدث، هربوا ثانية، حتى أطلقت قوات المدفعية النار في كل مكان، معتقدين أن الأتراك يحاصرونهم، ولكنهم في الواقع كانوا يطلقون الرصاص على زملائهم، واستمرت المعركة حتى انسحب الجيش بالكامل من أمام عدو وهمي، ووصل الجيش التركي بعد يومين ليجد 10 آلاف قتيل، واستطاع السيطرة على البلدة دون حرب.

3- حرب الباراجواي.. عندما تبيد بلدًا كاملًا

إذا سألت عن سبب اعتبار «حرب الباراجواي» تافهة فليس هناك إجابة منطقية، فهذه الحرب التي سُميت بـ«الحرب العظمى بأمريكا الجنوبية» قد بدأت في عام 1864، بسبب إعجاب «فرانسيسكو سولانو لوبيز» رئيس باراجواي بنابليون بونابرت، ورغبته في محاكاة أفعاله في نواحٍ مختلفة في حياته، حتى أنه شن حربًا ليصبح قائدًا عسكريًّا مهيبًا مثل نابليون الذي يخوض حروبًا كثيرة.

كانت باراجواي دولة مستقلة ومكتفية ذاتيًّا، ورغم خلفية حاكمها العسكرية وديكتاتوريته، إلا أنه فرض على دولته الاعتماد على مواردها، والانعزال عن دول أمريكا الجنوبية؛ منعًا لتدخل أية دولة أجنبية في شؤون بلاده، ولكن ما حدث بعد ذلك ربما يجعلك تقلق من أي شخص هادئ ومنعزل.

أعلن لوبيز الحرب على البرازيل والأرجنتين وأوروجواي، وفيما كانت البرازيل تقدم دعمًا لدولة أوروجواي الوليدة، أغار لوبيز عليهما، فاتحدت الدولتان ضده، ثم طالت الحرب دولة الأرجنتين بعد ثلاثة أشهر من ذلك الوقت.

انسحقت قوات باراجواي تمامًا، وهي التي بدأت الحرب بالجيش الأكبر عددًا وأفضل تدريبًا، إلا أن الجيش أعياه القتال، وفي غضون عامين انتهت قوة باراجواي، واحتلتها القوات البرازيلية، ورغم ذلك لم يتوقف لوبيز، فأبقى على القتال الدائر أربع سنوات من حرب عصابات كلفت وطنه الكثير ودمرته، حتى تخلى عنه كل رجاله وأعلنوا استسلامهم، وأخيرًا ألقت قوة برازيلية صغيرة القبض على لوبيز.

لم تكن القوات البرازيلية تنوي قتل لوبيز، ولكنه اختار الموت، فقد صاح مرات «أموت من أجل وطني»، حتى أطلق عليه 50 جنديًا الرصاص ليتفرق دمه بينهم. لم يكن أحد متأكدًا من عدد الذين ماتوا في الحرب من جيش باراجواي، ولكن الخسارة قُدرت ما بين 60%- 90% من مجموع سكان البلاد، ما احتاج من الدولة قرنًا كاملًا لتتعافى مما حدث.

4- حرب كرة القدم.. سأهزمك على أرضية الملعب وسأقتلك بعدها

اشتعلت «حرب كرة القدم» بين دولتين في أمريكا الوسطى، وهما السلفادور وهندوراس في عام 1969، واشتهرت باسم «حرب المائة ساعة» لاستمرارها أربعة أيام. في الواقع كان هناك أزمة في الهجرة من وإلى البلدين، وأزمة في التجارة، لكنها كانت خامدة ولم تدفع أحد الطرفين إلى إعلان الحرب، حتى كانت المباراة التي التقت فيها البلدان بتصفيات كأس العالم عام 1970.

التقت الدولتان ثلاث مرات في دورة كأس العالم هذه، المرة الأولى كانت على أرض هندوراس، وفازت فيها بهدف مقابل لا شيء، وشهدت المباراة بعض الشغب، ولكن تدهور الأمر تمامًا في المباراة الثانية، والتي أُقيمت على أرض سلفادور، وكان منتخب هندوراس قد تحمل ليلةً بلا نوم قبل المباراة، مع قاذورات وجدها لاعبو هندوراس ومشجعوها في غرف الفندق، ما أشعل غضبهم حتى وقت المباراة.

 

 

لاعب كرة قدم سلفادوري يحكي أحداث المباراة لوكالة فرانس برس.

بدأت المباراة ورُفع علم سلفادور، وبدأ النشيد الوطني فسخر جمهور هندوراس منه، واعترف مدرب منتخب هندوراس «ماريو غريفين» بعد خسارة فريقه بثلاثة أهداف مقابل لا شيء لصالح سلفادور، بأن بال اللاعبين كان مشغولًا بكيفية الخروج من هذه الدولة على قيد الحياة، وأنهم محظوظون بخسارتهم.

التقت الدولتان في المباراة الثالثة الحاسمة في المكسيك، في 27 يونيو (حزيران)، والتي فازت بها السلفادور بثلاثة أهداف مقابل هدفين، لتصعد السلفادور إلى كأس العالم، فقطعت هندوراس علاقتها رسميًّا مع السلفادور، وبحلول 14 يوليو (تموز)، كانت السلفادور قد غزت هندوراس، وكانت أشد حرب شنتها القوات الجوية السلفادورية، فقد استخدمت الطائرات كقاذفات القنابل والمتفجرات، ودمرت قرى كاملة، حتى أعلنت منظمة الدول الأمريكية وقف إطلاق النار، بعد وفاة 3 آلاف جندي، وأكثر من 300 ألف مدني، وتدمير معظم بلدان الدولة.

5- حرب جزر الفوكلاند 1982.. طرق غبية لقتل أوقات الفراغ

كان الرئيس الأرجنتيني جلتيري في ثمانينات القرن الماضي يرغب في تعضيد قوته، وتقنين حكمه الذي جاءه بانقلاب عسكري، لذا أراد بسط شكل من أشكال الحراك السياسي لاستعادة الروح القومية في بلاده، والتفاف الشعب حول زعيمه، والامتثال لأوامره، وانتهى تفكيره بأن يطالب بضم جزر الفوكلاند لأراضي الأرجنتين، ونجح مؤقتًا في تحويل احتجاجات الشعب على الأزمة الاقتصادية وانتهاك حقوق الإنسان إلى حماس قومي.

قرر جلتيري غزو جزر فوكلاند بعد يومين من إعلانه طلب ضم الجزر لأرضه، قصد استرجاعها، إذ سيطرت عليها منذ عام 1816 بعد استقلال الأرجنتين عن إسبانيا، لتستعيدها بريطانيا عام 1833 دون مقاومة وتعلنها مستقلة في عام 1845، وتشكل حكومة مستقلة، مع وجود قوة عسكرية بريطانية لحفظ الأمن، وتقع الجزر قبالة ساحل الأرجنتين، وظن جلتيري أنه سيكون من السهل عليه الوصول إليها، بالإضافة إلى بعدها الشديد عن بريطانيا بحوالي 8 آلاف ميل في المحيط الأطلنطي، فظن أنها ستتردد في دخول حرب في قارة أخرى من أجل جزر لم تعد تخصها.

في 19 مارس 1944، استولت القوات الأرجنتينية على جزيرة جورجيا الجنوبية، قبل شن هجوم واسع النطاق على جزر فوكلاند في الثاني من أبريل (نيسان)، واحتجاز قوات مشاة البحرية التي كانت تحمي الجزر، ونجح جلتيري في غزوته. ورجح أن بريطانيا لن تحرك ساكنًا بدلًا من أن تخوض حربًا أبدية مع الأرجنتين، ولكن ما نسيه جلتيري هو أن رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت كانت العنيدة «مارجريت تاتشر».

ردت بريطانيا على هجوم الأرجنتين على جزر الفوكلاند، واستعادت الجزر كاملةً، بعد ما شنت أضخم هجوم برمائي منذ 6 يونيو 1944. وبعد ثلاثة أشهر من القتال الدائر جوًّا وبحرًا وبرًّا، انسحبت قوات الأرجنتين تمامًا، وأطاحت ثورةٌ حكمَ جلتيري بعد دخوله في حرب سقط فيه ألف جندي.

اجمالي القراءات 1409
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق