الأم الواقعية تنتصر على المثالية في تربية الأطفال

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٦ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


الأم الواقعية تنتصر على المثالية في تربية الأطفال

الأم الواقعية تنتصر على المثالية في تربية الأطفال

  • تلوم الأم نفسها لشعورها بعدم القيام بما هو كاف لعائلتها، أو لأنها اشتهت لحظة راحة في الوقت الذي يجب أن تطعم فيه طفلها وتلعب معه، كما أنها تشعر بالذنب إذا أساء أطفالها التصرف أو حينما يغضبها أحد منهم بتصرفه إذ يترتب عليها أن تربي أطفالا مهذبين، كما تشعر بالذنب لافتقادها الرومانسية ولحنينها إلى فترة العزوبية، فكل شيء من حولها تراه يتهمها بأنها أم مقصرة، مع أن صورة الأم المثالية هي في الواقع أسطورة لا وجود لها في عصرنا الحالي.

توقفي عن طلب المثالية وكوني أما واقعية

تستمر الأمهات في لوم أنفسهن لعجزهن على أن يكن أمهات مثاليات، فالأم المثالية، هي التي لا تغضب ولا تتذمر من متطلبات أطفالها المستمرة وحاجاتهم الدائمة إلى الرعاية والعناية، وهي التي تطبخ يوميا طعاما صحيا وترتدي دائما ثيابا أنيقة كي لا تحرج أطفالها أمام أصدقائهم. الأم المثالية هي التي لا تحلم أبدا بالهروب، مثلا، إلى منطقة بعيدة طلبا للراحة والهدوء.

في كتابها “مفاهيم خاطئة” الذي يتناول كيفية أن تصبحي أما، تقول نعومي وولف “إننا الأمهات نميل إلى التفاخر والتباهي بأطفالنا، بدلا من دعم بعضنا بعضا والاعتراف بأن مهمة تربية الأبناء مهمة صعبة جدا، وإننا بذلك نحوّل عملية تربية الأبناء إلى مباراة تنافسية تشعر خلالها كل أم بأنها هي الخاسرة”. ولكن إليك هذه الحقيقة البسيطة “لا تظني أن الأمومة مهمة سهلة، إذا لا يمكن لأي أحد أن يجيد القيام بكل الأمور وفي كل الأوقات”.

بينما تقول سوزان شيرا في كتابها الذي يحمل عنوان “موقف الأم: اختيار العمل والعائلة من دون الشعور بالذنب” مبينة صعوبة مهام الأم “إننا الأمهات نفشل، لأننا بشر، فنحن لا نملك طاقة أبدية أو طاقة لا تنضب، كما لا يمكن أن نكون مبدعات وبارعات على مدار اليوم وطوال الأسبوع، وحتما لا يمكننا معرفة أي تصرف سليم، يجب اتباعه في كل حالة حرجة يقحمنا فيها أطفالنا”.

لذا آن الأوان لدحض مبدأ “الأم المثالية” واعتماد مبدأ آخر وهو “الأم الواقعية” هذه العبارة البسيطة استخدمها طبيب أطفال بريطاني يدعى دونالد وينيكوت، في فترة الستينات من القرن الماضي، لوصف الأم التي تعتني جيدا بأطفالها، ولكنها لا تهرع لتلبية كل طلباتهم وتنفيذ كل رغباتهم، واعتبر الطبيب أن هذه الطريقة في تربية الأطفال، تعلمهم أن يكونوا مرنين ولينين مع الآخرين وفي حياتهم.

بدلا من الشعور بالذنب لدى ارتكاب أي خطأ تعتذر الأم الواقعية عن خطئها بكل بساطة وتتابع عملها كالمعتاد

أن ترغبي في منح طفلك كل ما يريده، هو أمر طبيعي، لكن تنفيذ رغبتك هذه سيؤثر سلبا فيه، علميه أنه لا يمكنه الحصول على كل شيء، وأنه يجب أحيانا أن يعمل بنفسه للوصول إلى شيء يريده، بهذه الطريقة سيغدو طفلك أكثر سعادة ويقل تعبك أنت، لهذا توقفي عن طلب المثالية، وكوني أمّا واقعية.

حددي أولوياتك بوضوح، أن تكوني أمّا واقعية يعني أن تعرفي الفرق بين الواجبات الأساسية وغير الأساسية في الأمومة، فمن واجبك الأساسي كأم، التأكد من حصول أطفالك على المأكل والمشرب والملبس والرعاية الصحية وعلى الحب الكافي، وهذه أمور ترغبين في تقديمها لهم. أما الواجبات غير الأساسية، فهي تشمل كل الأمور التي تعتقدين بأنها يجب فعلها.

ولا تحاولي أن تخلقي لطفلك أجواء مثالية وإلا واجه مشكلات عدة في المستقبل. فالطفولة المثالية، وفق ما تقوله ليزا إيدل ماكلود، في كتابها “ابتعدي عن المثالية”، لا تنتج أشخاصا مثاليين قادرين على مواجهة العالم الحقيقي، قد يصدم أولئك الأطفال إذا لم يختبروا خيبات الأمل مبكرا في عالم البالغين، مما يدخلهم في صراع دائم مع الذات.

إن أفضل الأمهات يتصرفن أحيانا كالآباء، فحاولي أن تطلبي وقتا لذاتك، وأكبر مثال على ذلك هو الأب؛ لا يتوقع أحد من الأب أن يمضي نهاره كاملا مع أولاده، فعندما يأتي الأب إلى المنزل ويلعب مع أطفاله، ثم يذهب ليرتاح ويقرأ جريدته، لا يتهمه أحد بأنه سيء، بل يحترمون حقه في أخذ قسط من الراحة. كذلك يحق للأم أن تحصل على وقت خاص بها، من دون تقديم الاعتذارات، فهي تعلم أنها بعد فترة الراحة تلك، تستعيد نشاطها وحيويتها.

إن السعي إلى تحقيق المثالية ليس صعبا على الأم فحسب، بل سيئا أيضا بالنسبة إلى الطفل، فلا تنهمكي في إعداده لكي يكون إنسانا خارقا، فتصدمي بكونه فردا عاديا كباقي الأفراد، إن الأم الواقعية ليست مبرمجة لتنشئ عبقريين أو أطفالا خارقين”.

أمومتك، إذا ابتعدت عن المثالية وقبلت بالواقع كما هو، فالأم الواقعية قد لا ترتب السرير إذا كان هذا الأمر يتيح لها تمضية وقت أطول مع طفلها واللعب معه في الحديقة، إنها تعرف أن السرير باق في مكانه، في حين أن طفلها يكبر بسرعة. الأم الواقعية مزاجها يتعكّر من حين إلى آخر، بسبب كثرة الضغوط، وهو أمر طبيعي جدا. لا شك أن الاعتراف بإحباطك يعلم أطفالك التأقلم مع هذه المشاعر، وبدلا من الشعور بالذنب لدى ارتكاب أي خطأ تعتذر الأم الواقعية عن خطئها بكل بساطة وتتابع عملها كالمعتاد.

ومن الضروري أن تتطلعي إلى تحقيق أفضل المعايير والنتائج، بالنسبة إليك وإلى عائلتك، وأطفالك يستحقون أن يحظوا بأم تعرف ماذا تريد؟ وكيف تفكر؟ واعلمي أنهم سيفرحون أكثر مع أم سعيدة، ولتتأكدي من ذلك يمكنك سؤال أي شخص أمضى طفولته مع أم تعيسة.

اجمالي القراءات 2511
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق