تونس تترقب رياح التقشف لمواجهة تراجع الدينار

اضيف الخبر في يوم السبت ١٨ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


تونس تترقب رياح التقشف لمواجهة تراجع الدينار

  • تصاعدت المخاوف بين التونسيين قبل أيام من إعلان الحكومة عن إجراءات تقشف جديدة للحد من الإنفاق العام، في ظل توقعات بأنها ستعمق الأزمة الاقتصادية من خلال زيادة الضرائب وأسعار الكهرباء والغاز والماء ورفع الدعم عن العديد من السلع الاستهلاكية.
 
العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 18/06/2016، العدد: 10310، ص(10)]
 
بانتظار الحلول الترقيعية الجديدة
 
تتجه تونس نحو تقنين وترشيد الواردات في مسعى للحد من تفاقم العجز التجاري، ومن أجل تخفيف العبء عن احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي سجل تراجعا ملحوظا ترافق مع تدهور خطير لقيمة الدينار في أسواق الصرف العالمية.

والإجراءات التقشفية المتوقع الإعلان عنها مطلع الأسبوع المقبل هي الثانية منذ يناير 2011 حيث أطلقت حكومة الترويكا في سبتمبر 2013 مثل هذه الإجراءات لخفض النفقات العامة للدولة بـ5 بالمئة بعد أن وصل العجز التجاري آنذاك إلى 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وكان خالد شوكات، الناطق الرسمي باسم الحكومة قد قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن مجلسا وزاريا مُصغرا سيُعقد الاثنين المقبل للنظر في التراجع الخطير لقيمة الدينار أمام اليورو والدولار، وتفاقم العجز التجاري للبلاد.

ووصف شوكات المـؤشرات الاقتصاديـة الحـالية بأنها خطيرة، مـؤكدا أن وزارة التجارة ستتخذ إجراءات عاجلة للتصدي لـ”انـهيار” الـدينار وارتفـاع العجز التجاري.

ولم يوضح طبيعة هذه الإجراءات، غير أن وزير التجارة محسن حسن أكد في تصريحات سابقة أنها تستهدف تقنين وترشيد الواردات عملا بنتائج الاجتماع الذي عقدته مؤخرا الهيئة الفنية لمتابعة الواردات بحضور مندوبين عن وزارة التجارة والإدارة العامة للجمارك والبنك المركزي ووزارة الفلاحة ووزارة الصناعة والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية.

واتفق المشاركون في ذلك الاجتماع على سلسلة من الإجراءات الوقائية منها إخضاع 31 منتوجا استهلاكيا غذائيا وصناعيا لنظام المراقبة المسبقة عند التوريد وترشيد واردات العربات باستثناء تلك التي تندرج في إطار مشاريع الاستثمار.

21.9 مليار دولار حجم مديونية تونس، ما يعادل 54.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي

وتتطلع السلطات التونسية لأن تُساهم مثل هذه الإجراءات في تقليص العجز التجاري والحد من تفاقمه، بالإضافة إلى وقف نزيف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وبالتالي الحيلولة دون تواصل تقهقر قيمة الدينار أمام الدولار واليورو.

ويبلغ احتياطي تونس من العملة الأجنبية في الوقت الحاضر، بحسب البنك المركزي، قرابة 6.3 مليار دولار، بينما كان في 2010 حوالي 10.5 مليار دولار، في حين كان يبلغ في آخر سنوات الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قرابة 14 مليار دولار.

وكشف المعهد التونسي للإحصاء في أحدث بيانات إحصائية قبل أيام أن العجز التجاري للبلاد سجل تفاقما خطيرا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري حيث بلغ 9.46 بالمقارنة مع النتائج المُسجلة خلال نفس الفترة من العام الماضي. وبلغت قيمة ذلك العجز في نهاية شهر مايو الماضي نحو 2.56 مليار دولار مقابل 2.93 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وأرجـع المعهـد في بياناتـه الإحصائيـة هـذا التفـاقـم إلى تواصل انخفاض الصــادرات التونسية بنسبـة 2.6 بالمئـة حيث بلغت قيمتها 5.84 مليـار دولار مقابـل 5.99 مليـار دولار خـلال الفتـرة نفسهـا مـن العـام الماضي.

وترافق انخفاض الصادرات التونسية مع ارتفاع الواردات بنسبة 0.8 بالمئة حيث بلغت قيمتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 8.41 مليار دولار مقابل 8.34 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

 
خالد شوكات: مجلس وزاري مُصغر سيعقد الاثنين المقبل للنظر في التراجع الخطير لقيمة الدينار
 

وساهم هذا الوضع في تراجع نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ2.4 نقطة حيث بلغت 69.5 بالمئة، مقابل 71.9 بالمئة خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وبحسب بيانات المعهد التونسي للإحصاء فإن هذا العجز يعود أساسا إلى عجز الميزان التجاري للطاقة والمواد الغذائية الاستهلاكية.

وتخشى الأوساط الاقتصادية في تونس تداعيات هذا التفاقم، الذي ترافق مع تواصل تراجع قيمة الدينار أمام الدولار واليورو، وذلك في مشهد اختزل الوضعية الهشة للاقتصاد التونسي. وكان الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي، قد أشار في وقت سابق إلى أن سعر صرف الدينار بلغ “مستويات قياسية لانخفاض الدينار مقابل العملات الدولية الكبرى”.

وشهد سعر صرف الدينار خلال الأيام القليلة الماضية تراجعا تاريخيا حيث بلغ 2.43 دينار مقابل اليورو، و2.13 دينار مقابل الدولار.

ويدفع ارتفاع سعر العملات الأجنبية مقابل الدينار إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي، ما يعني بيع المنتجات بأسعار مرتفعة لتصعد بذلك نسب التضخم من ناحية، وتقل فرص المنافسة على الأسعار في التصدير مع منتجات مماثلة للسوق العالمية، من جهة ثانية. وارتفع الدين العام خلال الربع الأول من العام الحالي ليصل إلى 2.9 مليار دولار ليبلغ بذلك إجمالي الدين العام أكثر من 21.9 مليار دولار، ما يشكل 54.4 من إجمالي الإنتاج الإجمالي المحلي، منها 13.9 مليار دولار ديونًا خارجية، بحسب البنك المركزي.

ويُجمع الخبراء على أن تدهور قيمة الدينار سيُفاقم قيمة الديون الخارجية، التي توقع وزير المالية سليم شاكر أن تصل نسبتها في نهاية العام الجاري إلى 56 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

وخلال السنوات الخمس الماضية، انخفضت قيمة الدينار التونسي مقابل اليورو بنسبة 26.1 بالمئة وبنسبة 48.7 بالمئة مقابل الدولار، وهو تطور يُوصف بالكارثة باعتبار أن غالبية ديون تونس، ومعاملاتها التجارية الخارجية تتم بالدولار.


اجمالي القراءات 2414
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق