غياب المساءلة يفاقم الانفلات الإعلامي في مصر

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٥ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


غياب المساءلة يفاقم الانفلات الإعلامي في مصر

غياب المساءلة يفاقم الانفلات الإعلامي في مصر
  • تفاقمت حالة الفوضى في وسائل الإعلام المصرية، ووصلت تجاوزات إلإعلاميين إلى مرحلة لم يعد ممكنا التغاضي عنها، وساهمت سيطرة رجال الأعمال على الفضائيات وفرضية رضاء الحكومة عن المشهد الإعلامي، في تعزيز الانفلات المهني، إلى جانب تأخر التشريعات المنظمة للقطاع.
العرب أحمد حافظ [نُشر في 25/02/2016، العدد: 10196، ص(18)]
 
تغطية الفوضى، وفوضى التغطية
 
القاهرة – لم تتوقف حالة الارتباك والفوضى التي تضرب المشهد الإعلامي في مصر عن تصاعدها، حتى أصبحت خارج حدود السيطرة، كما أن التشريعات الإعلامية التي كان من المقرر تقديمها إلى البرلمان، لم يتم الاستقرار الحكومي عليها بعد، وبالتالي فإن غياب المساءلة يفاقم من مسألة الانفلات الإعلامي.

ولا يبدي خبراء الإعلام تفاؤلا كبيرا في إمكانية التشريعات الإعلامية وحدها من ضبط المشهد المضطرب، وأكد عدد منهم لـ”العرب” أن التشريعات الخاصة بالإعلام لن تكون كافية لوقف العبث الإعلامي، لأسباب عدة، منها أن بعض الدوائر الرسمية تبدو راضية عن هذا الوضع لإلهاء الناس عن أخطاء الحكومة، التي تواجه أزمات متعددة.

وكان جمال عبدالرحيم، عضو مجلس نقابة الصحافيين، من أشد المؤيدين لهذا الرأي، معتبرا أن الحكومة راضية عن الوضع الحالي بشكل أو بآخر، لأنها تجد الكثير من الإعلاميين يدافعون باستماتة عن تحركاتها، والنقد المحدود يهدف فقط إلى إظهار أن هذه المحطة الفضائية أو تلك لا تعمل وفقا لتوجيهات الحكومة، مشددا على أن هناك “أدوارا مرتبة جيدا”.

واستبعد عبدالرحيم، وهو أيضا عضو مجلس التأديب بالنقابة في تصريحات لـ”العرب” أن تكون التشريعات الإعلامية الجديدة (المتوقعة) بما تحويه من نصوص وعقوبات صارمة، كافية بشكل تام للقضاء على الفوضى الراهنة، لأن الإعلام المصري أصبح يعيش فترة تعتبر من أصعب الفترات في تاريخه. وفنّد أسباب ذلك بأن 95 في المئة من أصحاب الفضائيات وملاك الإعلام في مصر، من فئة رجال الأعمال، الذين يحاولون التقرب من النظام لتحسين صورتهم القديمة منذ عهد نظام حسني مبارك، بعد انهيار سمعة ومكانة التلفزيون الرسمي للدولة، ناهيك عن مكاسبهم المعنوية من استمرار الارتباك.

وتزايدت ملامح الأخطاء في ظل هذا الارتباك، بصورة وصلت إلى درجة الصعوبة في السيطرة على الانفلات، وارتكاب أخطاء متكررة دون أن تجد من يرد عليها.

وهو ما يتسق مع تقديرات بعض الصحافيين التي ذهبت إلى حد القول إن الإعلام المصري بشكل عام يحتضر، ولن يعود إلى الحياة مرة أخرى، إلا إذا أرادت الحكومة ذلك، والتزم الإعلاميون بالمعايير الأخلاقية وليست القانونية.

وزاد من قتامة الصورة أن الحكومة قررت تشكيل لجنة جديدة لمراجعة التشريعات الإعلامية، تضم 5 وزراء و5 رؤساء تحرير صحف، ما يعني أن أعضاء اللجنة من الصحافيين لن يضعوا تشريعات يحاسبون بها مستقبلا، حال ارتكابهم أخطاء مهنية، ولا يمكن أن يضعوا قانونا صارما ببنود تطبق عليهم أو تستبعدهم من مناصبهم إذا قاموا بتجاوزات.

 
 
 
 

وترى بعض الدوائر في الحكومة أنها إذا وضعت ضوابط إعلامية، ستكون أول المتضررين منها، وفي نفس الوقت لا يمكن لها أن تدير دفة الأمور في الإعلام نحو توجه معين في بعض المواقف والقضايا، وتخشى أن يكون التشدد في التشريعات على حساب تجميل صورتها من قبل بعض الإعلاميين.

وأيّد محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، فكرة استبعاد ضبط الإعلام المصري بالتشريعات وحدها، باعتبار أن العامل الأخلاقي الفيصل في هذه الأزمة، وأن كل التشريعات الإعلامية في دول العالم قائمة على عوامل الردع والتخويف، وهذا لن يجدي نفعا في مصر.

وقال علم الدين لـ”العرب” إن حالة العراك مثلا بين عدد من نواب البرلمان وإعلاميين بالفضائيات أو الصحف، موجودة في كل دول العالم، ولن تؤثر على سن التشريعات الإعلامية، لكن المشكلة الحقيقية للإعلام المصري أنه منغلق على نفسه، ولا يجيد التغيير، وبعضه يعتمد على الإثارة بعيدا عن القيم الأخلاقية المعمول بها مهنيا في السياسة التحريرية، سواء من المؤسسة أو من الصحافي والإعلامي ذاته.

بدوره قال حمدي الكنيسي مؤسس نقابة الإعلاميين التي شرعت الحكومة في إنشائها، لـ”العرب” إن الوضع الحالي للإعلام في مصر “محزن ومؤسف”، ولا يمكن ضبط إيقاع المنظومة الإعلامية قبل إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم الإعلام والصحافة، وتأسيس نقابة الإعلاميين، لإلزام كل الأطراف بتطبيق ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني.

لكنه لم يؤيد رأي عبدالرحيم وعلم الدين بأن التشريعات لن تحل الأزمة، من زاوية إيمانه بأن هذه التشريعات المنتظرة ستقر عقوبات صارمة على المتجاوزين من الإعلاميين، سواء بالإحالة إلى جهات التحقيق أو التوقف عن العمل 6 أشهر، ويمكن وصول العقوبة إلى حد المنع من العمل الإعلامي.

وأضاف الكنيسي ردا على تأييد الحكومة بشكل أو بآخر لهذه الفوضى، أن ذلك غير منطقي، خاصة أن رئيس الدولة اشتكى مرارا من أداء بعض الإعلاميين، وأن عددا من وزراء الحكومة يرون أن هناك إعلاميين يهاجمون بشراسة، ومن ثم فمسألة تأخير التشريعات من قبل الحكومة لإلهاء الشعب عن أخطائها تفسير لا يتسم بالعمق، لأن البعض يعتبر، بالخطأ، أن النظام مسؤول عما آلت إليه الأوضاع الإعلامية في مصر، نافيا أن تؤثر الأزمة الأخيرة بين بعض النواب وإعلاميين على سن التشريعات أو تغليظها.

كانت الأيام الأخيرة قد شهدت تجاوزات صارخة، وصلت إلى حد تبادل السباب على الهواء بين بعض الإعلاميين الذين يقيمون أداء بعضهم، ونواب بالبرلمان وإعلاميين، فضلا عن واقعة تعدي برلماني بالضرب على صحافي، وتطاول آخر على صحافية بالسب لكتابتها بعض الأخبار التي اعتبرت أنها تضر بسمعة المجلس.

اجمالي القراءات 1951
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق