مسلسل "عرب لندن": مرآة لهموم ومشاكل العرب في الغرب

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٩ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: BBC


يسعى مسلسل "عرب لندن"، وهو عمل تلفزيوني سوري يشترك فيه العديد من نجوم الفن العربي ويُبث يوميا على شاشة قناة روتانا الخليجية منذ بداية شهر رمضان، إلى تغيير الصورة النمطية العالقة في أذهان الشباب العربي على نطاق واسع والمتمثلة بفكرة أن الغرب يشكل المكان المثالي والحلم للعمل والعيش والاستقرار.



يناقش المسلسل، وقد كتب قصته وأخرجه الفنان السوري أنور قوادري، قضايا ومشاكل المهاجرين العرب في الدول الغربية، بما في ذلك الصراع الثقافي وأزمة فقدان الهوية وعلاقات الزواج والإرهاب واندماج العرب في المجتمعات الغربية، بالإضافة إلى علاقتهم وتفاعلهم مع ما يحصل في الوطن العربي.

رمز الغرب
تُستخدم لندن في المسلسل كرمز للغرب، فالعمل يغطي في حلقاته الثلاثين الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2006 والتي شهد خلالها العالم العربي تحولات وتطورات جسام، بما فيها الغزو العراقي للكويت واتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 والحرب الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006.


مسلسل "عرب لندن" هو إنتاج مشترك بين شركة "إيبلة الدولية للإنتاج السينمائي والتلفزيوني" ومؤسسة "سندباد فيلم" للإنتاج الفني.

وقد تم تصوير الجزء الأكبر من حلقات المسلسل في العاصمة البريطانية لندن، كما صُوِّرت المشاهد المتبقية منه في كل من سلوفينيا وسورية.

هذا وتطغى على العمل الصبغة العربية الشاملة، إذ تشارك فيه كوكبة من النجوم والفنانين العرب من كل من سورية ومصر ولبنان والأردن وفلسطين والإمارات العربية المتحدة والكويت والسعودية والجزائر والمغرب.

3 ملايين دولار
كما يشارك في المسلسل، الذي بلغت تكاليف إنتاجه حوالي ثلاثة ملايين دولار أمريكي، أيضا ممثلون وممثلات من كل من بريطانيا واليونان.

بدأ قوادري، الذي درس وأمضى معظم حياته في لندن، كتابة نص المسلسل قبل حوالي أربع سنوات، معتمدا على قصص وأحداث واقعية أبطالها أناس حقيقيون من العرب الذين يعيشون في بريطانيا.


تتوزع شخصيات مسلسل "عرب لندن" بين دول عربية عدة، حيث كانت قد رحلت تلك الشخصيات عن بلدانها الأم قاصدة لندن حيث واجهتها مشاكل جمة تمثلت بالصراع الذي عانته لدى اصطدامها مع الحضارة الغربية والحريات المتاحة في أوروبا، والتي لا تتفق ولا تتواءم عادة مع العقلية والذهنية العربية.

فكرة المساكنة
ففي العالم العربي، على سبيل المثال، تُعتبر فكرة المساكنة بين الرجل والمرأة قبل الزواج أمرا مرفوضا بالمطلق اجتماعيا ودينيا.

والموضوع الرئيسي الذي يناقشه المسلسل هو الصراع بين الثقافتين العربية والغربية وقضية فقدان أو ضياع الهوية. فوفقا لأحداث "عرب لندن" يهاجر بعض العرب إلى أوروبا حاملين معهم عادات وتقاليد مجتمعهم العربي ليصطدموا في موطنهم الجديد بقيم وعلاقات إنسانية وثقافية مختلفة كليا.

ويرى الكاتب أن هذه الصدمة تسبب شرخا حقيقيا ما بين الجيلين الأول والثاني من المهاجرين العرب إلى الغرب، ويتسع هذا الشرخ مع مرور الزمن والانتقال إلى الجيل الثالث الذي يشعر بأنه ينتمي إلى القارة الأوروبية، ولذلك فهو يرفض هويته الأصلية.



ضياع الهوية
في مقابلة مع وكالة "صدى سورية" الخاصة للأنباء في الثاني من الشهر الماضي، يقول الممثل السوري عابد فهد، وهو من أبطال "عرب لندن" ومدير الشركة المنتجة للمسلسل: "إن بعضهم (عرب لندن) لا يدرك أو لا يعترف أصلا بأنه عربي، وهكذا تضيع الهوية وتصبح مفقودة."

ويضيف فهد قائلا: "لو افترضنا أن نسبة العرب الذين يعيشون في الخارج تبلغ 30 بالمائة من إجمالي عدد أفراد الأمة العربية، فهذا يعني أن هنالك عددا كبيرا من العرب الذين لا يعرفون وطنهم ولا تاريخهم أو جغرافية بلدانهم."

وعلى الرغم من أنه يؤكد أن المسلسل يحتوي على "حالات إيجابية"، إلا أن فهد يقول إن الحقيقة التي تظل باقية هي أن "هنالك ألم يعاني منه العرب كنتيجة للصدمة التي مروا بها بالغرب."

بين السطور
وما بين السطور، يقدم "عرب لندن" النصح للمغتربين العرب بأن يكونوا حذرين بشأن الزواج من نساء أوروبيات، إذ يقوم المسلسل بإيصال هذه الرسالة من خلال قصة رجل سعودي يتزوج امرأة بريطانية وينجب منها ابنتين ليعود بعد فترة إلى بريطانيا فيجد زوجته على علاقة برجل بريطاني.


يسعى الزوج بعدئذ للحصول على حضانة ابنتيه، لكن، ويا لصدمته، يجد أن القانون البريطاني يقف حائلا دون تحقيق مسعاه.

كما يلقي المسلسل أيضا الضوء على وضع المهاجرين العرب في الغرب، وخصوصا في أعقاب هجمات 9/11 على نيويورك وواشنطن، والتي شكلت منعطفا تاريخيا ونقطة تحول كبرى في نظرة الغرب للعرب والمسلمين بشكل عام.

ففي هذا السياق، يصور المسلسل حياة شاب مسلم تُجرى له "عملية غسيل دماغ على أيدي بعض الإسلاميين الذين يحاولون دفعه لتنفيذ عمل إرهابي في لندن."

رسالة المسلسل
يحاول المسلسل أن يوصل رسالة فحواها أن العرب في الغرب ليس لديهم مقياس الحرية ذاته المعتمد لدى الآخرين.

ففي أحد المشاهد الواردة في الحلقة الثالثة من المسلسل نستمع إلى حوار يجري بين شخصية عدنان، الذي يظهر كعربي مشرد يرتدي ثيابا رثة بالية، وبين سامي، وهو شاب سوري تزوج من امرأة إنكليزية بعد أن دفع لها مبلغ 3500 جنيه إسترليني، وذلك على أمل الحصول على الجنسية البريطانية مقابل ذلك. 
يطلب سامي من عدنان خلال الحوار أن يرافقه لتناول طعام الغداء في أحد المطاعم اللندنية، لكن عدنان يستغرب كيف له أن يذهب معه إلى المطعم وهو يرتدي مثل تلك الثياب الرثة، ليأتيه صوت سامي بعد ذلك قائلا: "نحن في بلد الحرية يا رجل."

"أي حرية؟!"
لكن عدنان يرد عليه بالسب متسائلا باستغراب: "أي حرية؟! إن مفهوم الحرية في هذه البلاد هو السرقة. صدقني، لو ذهبت معك الآن إلى أي مطعم، فسيتصلون بالشرطة في الحال من حيث نكون."

ونعود مع فهد الذي يذكرنا في لقائه مع "صدى سورية" حيث يقول: "المسلسل له خط درامي مختلف ويناقش مواضيع جديدة، وأنا أسعى دوما لتقديم الشيء الجديد والمختلف والمميز."

وبشأن الجمهور الذي يخاطبه المسلسل، يقول فهد: "هذا العمل الفنى موجه إلى كل العرب، وخصوصا أولئك الذين يعتقدون ان الغرب هو الفردوس المفقود. إنه يوقظهم من أحلامهم ويجعلهم يقفون على أرض الواقع لكي يعيدوا النظر بأفكارهم ويقيموا الوضع بالطريقة الصحيحة."

ويختم بالقول: "لقد كتب المخرج أنور قوادري نص المسلسل بطريقة ذكية للغاية، فهو يتطلع إلى لندن من وراء غيمة، ويقصد تلك الغيمة الموجودة في أذهان وعقول أولئك الذين يعيشون في لندن، ولذلك فهو يطرد بذلك من حياتهم حالة الاكفهرار والغموض التي تكتنفها."

اجمالي القراءات 1810
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق