نواب "الوطني" يمدون الطوارئ لعامين والمعارضة تعتبره تمهيدا للتوريث

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٧ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصريون


وافق مجلس الشعب أمس بأغلبية 305 أعضاء، بينهم النائب رجب هلال حميدة على تمديد حالة الطوارئ لمدة عامين، اعتبارا من مطلع يونيو القادم، مقابل رفض 103 أعضاء، وذلك بناء على طلب الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء في بيان ألقاه أمام أعضاء البرلمان أمس، متذرعا بالحاجة الضرورية إلى تمديد العمل بالقانون الاستثنائي الساري في البلاد منذ أكثر من 27 عاما.

مقالات متعلقة :

وقال نظيف في البيان الذي قوبل بتصفيق حاد من نواب الأغلبية، إن الحكومة لم تجد خيارا سوى مد حالة الطوارئ لمدة عامين، أو لحين الانتهاء من قانون مكافحة الإرهاب الجديد، بعدما أشار إلى أن اللجنة المكلفة إعداد ودراسة قانون مكافحة الإرهاب لم يسعفها الوقت، للانتهاء من إعداد الصياغة الأساسية للمشروع قبل 31 مايو الجاري.
وأضاف أن اللجنة كان من الممكن لها أن تنتهي من إعداد مشروع القانون، قبل نهاية مايو الجاري، على أن يتم التعديل لاحقا في مواده في ضوء ما يكشف عنه التطبيق وما قد يوجه للقانون من انتقادات.
ولفت إلى تجارب دول عديدة تسرعت في إصدار قوانين لمكافحة الإرهاب، مثل انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة، وعدلت لاحقا فيها، لكن الوضع في مصر مختلف عن تلك الدول، "حيث تعودنا على الاستقرار التشريعي لفترات طويلة، وألا يتم التعديل في القوانين إلا بعد مرور فترات طويلة". وصاح نظيف بصوت عالٍ: "رياح الأعداء تتربص بنا فقررت الحكومة مد الطوارئ".
وحظيت دعوة رئيس الوزراء بطلب مد الطوارئ بتأييد اللجنة العامة التي يغلب على تشكيلها أعضاء هم في ذات الوقت قيادات بالحزب "الوطني" الحاكم، وذلك بعد اجتماع عقدته لبحث الدعوة، بناء على طلب الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس.
وتلا سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية رأي اللجنة على النواب، مشيرا إلى ما رآه أعضاؤها من تغيرات سياسة واجتماعية وتفشي ظواهر الجريمة المنظمة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، مما يؤثر على بلدانها، مثل المشكلة العراقية والفلسطينية، وما يصحبها من دعم مطلق من الولايات المتحدة لإسرائيل وأزمة إيران النووية.
وقالت اللجنة، إنها تتفق مع رئيس الوزراء في قوله، إن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، وإن الظروف التي شهدها المجتمع المصري من أحداث إرهابية غير مسبوقة، وإن الحكومة ليست على استعداد للتضحية بالاستقرار والنمو الاقتصادي، وإزاء ذلك الوضع كان أمام الحكومة خياران، أن تنتهي من إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب على أن تعدل فيه في ضوء ما تكشف عنه من ثغرات وما كشف عنه تطبيق القوانين الحديثة.
وأوضح الجمال أن اللجنة تتفق مع الحكومة في عدم التعجل في إصدار قانون مكافحة الإرهاب، "لأن رياح الإرهاب عاتية" وتتفق مع تأكيد الحكومة أنها لن تلجأ لاستخدام الطوارئ إلا في حالات الضرورة القصوى.
وأشار الجمال إلى أنه في ظل قانون الطوارئ نجحت قوات الأمن في القبض على العديد من التنظيمات والمخططات الإرهابية والإجرامية قبل وقوعها، وأن مصر نجحت بذلك في سد منابع الإرهاب، "لكن مظاهره لازالت بادية لأن معركتنا مع الإرهاب لم تنته بعد".
وقال الجمال إن اللجنة تتفق مع الحكومة في مد حالة الطوارئ لمدة عامين وإنها تدعوها إلى الاستمرار بنفس القوة والحماس في مواجهة الإرهاب.
وفي مقابل تأييد مطلق من نواب الحزب "الوطني" لمد حالة الطوارئ، عبر نواب المعارضة و"الإخوان المسلمين" والمستقلين عن اعتراضهم على سريانها، وجود دوافع ضرورية لإبقاء العمل به لعامين قادمين.
وقال ممثل الأغلبية في المجلس الدكتور عبد الأحد جمال الدين إن قانون الطوارئ لا يطبق سوى على فائتين الأولى: كل من يحاول أن يعبث بمقدرات هذا الوطن، والثانية: هم تجار السموم والمخدرات الذين يحاولون أن يؤثروا على شباب هذا الوطن، وهناك فئة ثالثة أرجو من الحكومة أن تطبق عليها قانون الطوارئ وهو كل من يتاجر في قوت هذا الشعب، في إشارة إلى التجار المحتكرين للسلع. وواجه صياح نواب "الإخوان"، قائلا: لا تجعلوني أتكلم عنكم.
وأوضح النائب محمد البلتاجي أن المادة 148 من الدستور هي التي وضعت إطار إعلان حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون، وقالت إن إعلان حالة الطوارئ هو لمواجهة حالات النكبات والحروب ولمدة محددة.
وتساءل مستنكرا: كيف تصل بنا هذه المدة المحددة إلى 27 عاما؟، فيما اعتبره يمثل اعتداء على حقوق الشعب المصري ونحن نربأ بالمجلس أن يستخدم كأداة للاعتداء على حقوق الشعب المصري.
وقال إنه يضع في رقبة هذا المجلس 50 ألف أسرة اعتقل أربابها بموجب قوانين الطوارئ بدون مبرر، ولجأ رئيس المجلس إزاء ذلك إلى طرح رفض النائب على تمديد الطوارئ للتصويت.
وهو ما قوبل برفض نواب الحزب "الوطني"، فيما وصفه البلتاجي بأنه يعد مخالفة للدستور، وهنا تدخل النائب طاهر حزين، وتساءل "هل يجوز أن يصوت المجلس على شيء مخالف للدستور؟، لكن سرور اعترض على كلامه، وقال إن التصويت على الموضوع وليس على مخالفة الدستور.
وأشار حزين إلى إن المادة 316 تقول إن رئيس المجلس وحده الذي يقرر ما هي الجلسة العامة، وتمنحه حق عرض طلب استعجال على المجلس، لكنه قال إن اللجنة عرضت التقرير بدون أن توضح ما إذا كان التقرير مستعجل أم لا، وتساءل: هل عدم الانتهاء من إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب يكون مبرر استعجال.
غير أن سرور أكد إن حزين فاته أمران، وهو أن رئيس الجمهورية يعرض على رئيس المجلس طلب المد في جلسة طارئة، وبعد ذلك يحيل مكتب المجلس الأمر للمناقشة أمام اللجنة العامة، وإن المادة 316 التي يستند إليها لا تطبق في هذه الحالة.
من جانبه، قال محمد مصطفى شردي إن حزب "الوفد" يرفض مد حالة الطوارئ تحت أي سبب، متحدثا عن انتفاء مبررات استمرار العمل، "لأننا مش معقول أننا في ظروف استثنائية منذ 27 عاما وهناك أجيال نسيت القوانين العادية.
وقال إن حزب "الوفد" الذي يمثله يعرف أن القوانين الجنائية كافية جدا وإن الشعب المصري يحتاج له ليستعيد الثقة في الحكومة، وتوجه إلى الحكومة قائلا: "جربوا سنة واحدة نعيش في ظروف طبيعية.. دا أحنا بقينا بلد طوارئ".
بدوره، اتهم النائب سعد الكتاتني رئيس كتلة نواب "الإخوان" الحكومة بأنها تستخدم حالة الطوارئ لحماية المحتكرين والفساد، ولكي تداري به على ضعفها، وقال إن أحدا لا يستطيع أن يزايد علينا في حماية أمن البلد، ولذلك نرفض المد لحالة الطوارئ ونحن نريد حوار مجتمعي لحل مشاكل مصر.
في حين قال النائب عبد العزيز شعبان إن حزبه "التجمع" يرفض منذ عام 1981 مد العمل بقانون الطوارئ، لأنه تكميم لأفواه الشعب المصري، وأدى إلى تدهور أوضاع مصر الاقتصادية، وأنها استادنت بـ 700 مليار جنيه بسبب حالة الطوارئ.
ووصف مد حالة الطوارئ بأنها غير دستورية، ورد على مبررات الحكومة بأنها تستخدم القانون في مواجهة لمكافحة المخدرات والإرهاب، مؤكدا أن المخدرات في كل شارع في مصر والإرهاب لم يتوقف.
في المقابل، تحدث محمد حسن دويدار "وطني" عما قال إنها تهديدات خارجية تواجهها مصر على حدودها الشرقية، وقال إن إسرائيل و"حماس" هددا باجتياح قطاع غزة ومعبر رفح وهذا يلزم دعم قوات الأمن المصرية، وحذر من يحاولون استهداف نظام الحكم بأنه "لن نسمح لهم بأن يحققوا أغراضهم المشبوهة".
في حين تحدث النائب محمد العمدة ممثل الحزب "الدستوري" عن استغلال فرض الطوارئ في تزوير الانتخابات، وقال إن دقيقة من قانون الطوارئ تستخدم لتزوير الانتخابات خلال 30 سنة ولضرب الأحزاب المعارضة لصالح الحزب "الوطني" الحاكم ولتخويف الناس من الحديث عن المحتكرين والفاسدين.
وأشار إلى إن هذا القانون يستخدم حاليا ضد النسيج الإسلامي حتى ولو كان معتدلا، وتوجه إلى النواب بقوله: "شوفوا اللي بيجرى في الإعلام من محاولة للقضاء على الهوية الإسلامية والشريعة الإسلامية"، واختتم قائلا: لا نريد أن نظل معتقلين للأبد.
فيما دافع أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية المعين بقرار جمهوري بشدة عن قرار التمديد، وقال إنه منذ حادث المنصة ومصر تقاوم التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن قرار المد "جاء من رجل اختارته الأمة كلها ونستند لقول الرسول بأن أهل مصر في رباط ليوم القيامة".
وانضم النائب رجب هلال حميدة إلى المؤيدين لقرار المد، وقال إن الطوارئ أهون من قانون مكافحة الإرهاب، لأنه لا يمكن التظلم ضده ولكن لن يحدث ذلك مع قانون الإرهاب، متحدثا عن جماعات ممولة من الصهيونيين والأمريكيين يقول إن المنطقة ممتلئة بهم.
وذهب النائب عبد الرحيم الغول "وطني" في تأييده إلى حد الموافقة على المد لفترة أطول من التي تطلبها الحكومة، وقال إنه كان يريد مد حالة الطوارئ إلى عام 2011 موعد انتهاء ولاية الرئيس مبارك.
غير أن النائب حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة نواب "الإخوان" اتهم الشرطة باستغلال تطبيق القانون الاستثنائي على مدار 27 عاما في التنكيل بالمواطنين داخل أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز.
وقال إن ملازم الشرطة الذي تخرج عام 1981 أصبح حاليا عميدا ولواء وتربى على قانون الطوارئ وثقافته أدت إلى انتهاك حقوق الإنسان، مستشهدا بتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يؤكد تحول مراكز وأقسام الشرطة إلى سلخانات بشرية، على حد قوله.
من ناحيته، قال النائب المستقل مصطفى بكري إن الحكومة طلبت تمديد حالة الطوارئ لمدة تزيد على العام لأن البلاد مقبلة على "تغييرات سياسية كبيرة"، في إشارة إلى ما تقول المعارضة إنه سيناريو توريث الحكم من الرئيس مبارك لنجله جمال، وخاطب أعضاء المجلس الذين ينتمون للحزب الوطني قائلا: "انتو عايزين تولعوا في البلد"، وغادر القاعة قبل الاقتراع.

اجمالي القراءات 3337
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق