مجدى خليل يكتب تحديات أختيار البطريرك القادم

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٢ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً.


تحديات أختيار البطريرك القادم

مجدى خليل

برحيل قداسة البابا شنودة يواجه الأقباط والكنيسة القبطية تحديات جسيمة تتعلق بكيفية إدارة العديد من الملفات لا يتسع المجال هنا حتى لذكر عناوينها من كثرتها، ولكن الملف الساخن والمتداول حاليا هو ملف أختيار البطريرك القادم، وهنا تحضرنى ثلاثة تحديات رئيسية فى هذا الشأن.

التحدى الأول يتعلق بلأئحة الأختيار والتى صدرت عام 1957 بعد تصديق الدولة عليها ، وهى طبعا لأئحة وليست قانونا حيث أنها شأن مسيحى داخلى صرف، وهو شأن كنسى بالدرجة الأولى، وقد تعددت الأراء فيما يتعلق بهذه اللأئحة بين موافق عليها ورافض لها، ولكن فى رأيى أن هذا كلام ليس مجاله الآن حيث أن البطريرك القادم لابد أن يأتى بهذه اللأئحة، وقد قام الأستاذ الدكتور سعد ميخائيل سعد، رئيس مجلس الدراسات القبطية بجامعة كليرمونت بكاليفورنيا، بدراسة متفردة لتاريخ أختيار البطاركة ال 117 نشرت فى جريدة وطنى بتاريخ 4 نوفمبر 2001،  ومما خلص منه فى هذه الدراسة أن اللأئحة الحالية هى ممتازة وواضعها عبقرى وجاء من خلالها أثنان من عظماء البطاركة وهما البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث، ومن ثم فأن الكلام عن تغيير اللأئحة هو تضييع للوقت. والعقبة الوحيدة فى هذه اللأئحة هى أختيار من لهم حق التصويت، ولكن يمكن تذليلها بسهولة من خلال لجنة تراعى التوازن الأمين لهذا الأختيار وفقا للمعايير الموجودة.

أما الذين يتهجمون على القرعة الهيكلية فنقول لهم هذه ليست بدعة ولكنها تقليد رسولى تم بناء عليه أختيار متياس الرسول، ويتوقف الأختيار الألهى فى القرعة على أمانتنا فى تطبيقها، وعلى أمانتنا من البداية فى أختيار المرشحين الثلاثة، وعلى الصلاة الحارة والصوم لكل الشعب الذى يسبق القرعة لطلب مشيئة الله، وعلى أيماننا بعمل الله فى الكنيسة وأستجابته لصلواتنا واصوامنا عندما نكون أمناء بحق فى طلب مشيئته، وأخيرا على مراقبتنا الكاملة والشاملة والعلنية والشفافة لمراحل أجراء القرعة ، بدءا من تصفية المرشحين وأختيار الناخبين وإجراء الإنتخابات،بشكل ينفى أى أحتمال للتلاعب بها.

ولا ننسى أنه لو القرعة ما تمتعت وتباركت الكنيسة برئاسة البابا كيرلس السادس حيث أن ترتيبه كان الثالث من حيث عدد الأصوات، ولا برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث حيث كان ترتيبه الثانى من حيث عدد الأصوات.

وبالمناسبة فكما جاء فى دراسة د. سعد فأن هذه القرعة تم بها أختيار عشرة من بطاركة الأسكندرية هما البطريرك رقم 3 ورقم 48 ورقم71 ورقم102 ورقم 105 ورقم 108 ورقم 116 ورقم 117،إذن هى تقليد قبطى  منذ بداية الكنيسة المصرية وليست شأنا مستحدثا.

وأعيد التأكيد على أن القرعة الهيكلية ليست ضمانة لكشف مشيئة ربنا إلا إذا كنا أمناء فى كافة مراحل عملية الأختيار، فلا يمكن خداع ربنا ،وإذا كنا نرغب فى أن يبارك الله كنيستنا باختياره لرئيسها علينا أن نكون نحن أمناء معه اولا، وهذا يضع مسئولية كبيرة على كل شخص يشارك فى العملية سواء كان ناخبا أو عضوا فى لجنة الترشيح أو مشاركا فى أية مرحلة من المراحل.

 

 

التحدى الثانى وهو الحزبية داخل الكنيسة

وهذا أيضا عائق ولكنه ليس مشكلة كبيرة، حيث يمكن للجنة الترشيح أن  تضع معايير تجعل الترشيح ينصب فى النهاية على الصالح والمؤهل والزاهد فى هذا المنصب،فالذى يسعى لهذا المنصب بدون أستحقاق يكون مجرما فى حق الله وفى حق الكنيسة ويمسك جمر نار بيديه. على اللجنة من البداية أن تطبق قوانين مجمع نيقية بأستبعاد كل من له أبروشية مرسوما عليها، وثانيا أن تستبعد من الباقين هؤلاء الذين حامت حولهم الأقاويل من سعيهم وتخطيطهم للترشيح للمنصب وهم عدة أسماء معروفة للجميع، وثالثا على كل شخص له حق ترشيح الأسماء أو التصويت أن يراعى ضميره المسيحى وينسى تماما معرفته بهذا أوذاك ويصلى كثيرا قبل أن يزكى أو ينتخب الشخص الذى يراه قادرا ومؤهلا لتحمل هذه المسئولية الجسيمة، وقد أعطانا قداسة البابا شنودة درسا مسيحيا بليغا بتركه لوصية تقول أنه لا يرشح شخصا محددا لخلافته واضعا علينا مسئولية جسيمة أمام الله ومبرئا نفسه من أى حزبية سوى صالح الكنيسة وصالح الشعب.

 

التحدى الثالث هو تدخل الدولة

وهذا هو أهم وأخطر تحدى يواجه أختيار البطريرك القادم فى رأيى، فرغم أن أختيار البطريرك شأن قبطى تحدده تقاليد ومراسم وطقوس وترتيبات وتراث كنسى، ورغم أن قرار رئيس الجمهورية بتعيين البطريرك هو قرار معلن للنتيجة وليس منشأ لها، فهو بمثابة توقيع على أختيارات الأقباط، ورغم أنه منذ دخول العرب لمصر وهناك أتفاق على ترك هذا الشأن للأقباط، ورغم أن الغالبية العظمى من أشقائنا المسلمين يدعمون مبدأ عدم التدخل فى هذا الشأن،إلا أن الواقع يقول شيئا آخر، فقد أرتكب الرئيس الراحل أنور السادات حماقة لا تغتفر حيث أن خيلاءه صور له بأنه قادر على تغيير هذه القواعد المستقرة وعزل البطريرك، ورغم أن الأقباط وقفوا له بشدة ورفضوا الأعتراف بقراره بعزل قداسة البابا شنودة، ومن اليوم التالى لقرار السادات أستمروا فى ذكر أسم قداسة البابا فى القداسات والصلوات والمراسلات والمناسبات المختلفة وكأن شيئا لم يكن،إلا أنه فى النهاية فأن تدخل السادات وضع سابقة خطيرة وزاد عليها بإنشاء قسمى الأقباط فى أمن الدولة والمخابرات وهى الأقسام التى تضخمت فى عهد المخلوع مبارك، وهذه الأقسام مازالت تعمل حتى بعد الثورة بنشاط ملحوظ، ومن النتائج المرفوضة والمزعجة والمذمومة لعمل هذه الأقسام الأمنية هو أختراقها بشكل واسع للشأن القبطى وللكنيسة القبطية بفرض نفسها عبر طرق غير شرعية وغير قانونية من آجل تعرية الكنيسة وتقسيمها من الداخل والتجسس عليها وتجنيد عملاء لها من داخلها، وهى تعمل بكل جهدها لكى يكون البطريرك القادم تحت سيطرتها.

ونحن نحذر وبشدة من أن هذه الأجهزة لو تدخلت بأى طريقة مباشرة أو غير مباشرة ناعمة أو خشنة علنية أو سرية فى موضوع أختيار البطريرك،فأن الصدام بينها وبين الشعب القبطى سيكون رهيبا ولن نخضع لتدخلها مهما إن كانت التضحيات.

على العقلاء فى النظام الذين يبغون سلام البلد وأستقراره أن يبعدوا الأعيب هذه الأجهزة عن الكنيسة ومستقبلها، وإلا فالعواقب ستكون وخيمة على الجميع.

 

بقت ملاحظة أخيرة فقد أستمعت إلى المؤتمر الصحفى الذى عقده نيافة الأنبا سرابيون وكان واضحا ودقيقا وموفقا فى شرح كافة خطوات عملية أنتخاب البطريرك ، ولكن وقفت عند نقطة أختيار مجموعات من المهجر للمشاركة فى الأنتخابات ولكن يشترط قدومهم للقاهرة للتصويت، وهى نقطة تحتاج إلى مراجعة فمن الأسهل والمنطقى تكوين لجنة من خمسة من الأباء الكهنة المعروفين  فى المهجروخمسة من الآراخنة وأثنين من الأباء الأساقفة فى المهجر للأشراف على التصويت فى عدة مراكز فى الخارج وليكن نيويورك ولوس انجلوس ولندن وباريس، فليس من السهل حضور ممثلى المهجر للتصويت فى القاهرة... فهل يمكن مراجعة هذه النقطة؟.

اجمالي القراءات 1802
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق