حول رمى الجمرات :
فتوى شجاعة.. وبانتظار المزيد

أحمد الربعي   في الخميس ١١ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


كنا وما زلنا نعتقد انه لا طريق للاصلاح السياسي والاقتصادي الا بالتوازي مع الاصلاح الديني. وهي حقيقة تاريخية مرت بها كل امم الارض التي اختارت التقدم والتطور.

لقد ادركت اوروبا في وقت مبكر ان استمرار التفاسير الدينية التي وصلت الى مرحلة اعطاء صكوك الغفران لدخول الجنة بواسطة بعض الجهلة في المؤسسة الدينية هي احدى العقبات الكبرى في طريق الحضارة فأنجز الناس فهما جديدا وعصريا للدين اعاد للانسان احترامه وقيمته التي اعطاها الله له.

مقالات متعلقة :

ونعتقد اننا بحاجة الى حركة اصلاح ديني في العالم العربي والاسلامي وحتى تكون المسائل واضحة وحتى لا نعطي فرصة للتفاسير المتسرعة فإننا نقول ان الاصلاح الديني لا يعني العقيدة، فهي ثابتة فلا يجوز الحديث عن اصلاح في مسألة العقيدة الصحيحة، ولكن المطلوب هو اصلاح لمفاهيم الناس وتفاسيرها للعقيدة وما ادت الى تعطيل لمصالح العباد، ووصلت احيانا من بعض الفرق الغالبة الى تحريم ما احل الله.

نقول هذا ونحن نرى هذه الفتوى الشجاعة التي صدرت في المملكة العربية السعودية والتي نصت على جواز الرمي قبل الزوال في الحج، وهذه الخطوة الكبرى والشجاعة ستؤدي الى حقن دماء ابرياء، وتمنع ما حدث من مآس في سنوات سابقة بسبب التردد في اتخاذ هذا الموقف الذي هو قراءة منفتحة للنصوص الدينية دون اخلال والذي هو تطبيق لقاعدة عظيمة تتعلق بتغليب المصالح!!

لنأخذ مثلا قضية قيادة المرأة للسيارة، فالذين رفضوا تحفظوا عليها كانوا بالتأكيد ينطلقون من نيات طيبة ورغبة في ما يعتبرونه سدا للذرائع، لكن هناك آراء اخرى يجب ان نستمع اليها وخاصة التي تقول بان قيادة المرأة لسيارتها هو اقل ضررا من وجود سائقين اجانب في المنازل وما قد يسببه ذلك من مشكلات. وبالتأكيد فإن مسألة عمل المرأة ومساعدتها على العيش الكريم ضمن ضوابط محددة سيحل مشكلة كبيرة، وسيساعد ملايين الاسر المسلمة على اعالة نفسها وتحسين ظروف معيشتها.

لقد تحدثت مع احد كبار العلماء عن مسألة التسابق على بناء المساجد حتى اصبحت ظاهرة للتفاخر بدلا من عمل خير، وأدت الى وجود هذا العدد الكبير من المساجد المتلاصقة التي فرقت الناس، وهذا كله ناشئ عن فكرة خاطئة هي ان الثواب هو في بناء المساجد فقط في ظل نقص خدمات التعليم والصحة وغيرهما، فقال لي هذا الشيخ الجليل «انصحك بعدم الخوض في الموضوع، فلقد تحدثت بذلك مع بعضهم وانا في هذا المركز الديني الرفيع، فسمعت تقريعا ولوما وكأنني ضد بناء المساجد»!

كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية سيحلها موقف شجاع لوعاظ ودعاة يقرأون كلام الله وسنة رسوله بعقل منفتح وذهن صاف، وقلب شجاع يفتحون للناس ابوابا اغلقت دون تفكير، ويدفعون حركة الحياة الى الامام دون اخلال بنصوص الشريعة وبمواجهة واضحة بين الشريعة الصحيحة وما دخلها من تفاسير واجتهادات خاطئة.

اجمالي القراءات 7574
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الإثنين ٢٩ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[1923]

مقال جميل , ما رأيكم به









د.عمار بكار

خلال السنوات الأخيرة، ظهرت آلاف المقالات والكتب حول التطوير والإصلاح ومعالجة مشكلات العرب التي تعقدت وتداخلت حتى صارت مثل كومة ضخمة من الأسلاك المتشابكة لا تعرف كيف تبدأ في فكها، لكن الملاحظ أن معظم هذه الكتابات (بما فيها كتاباتي) تركز على نقد المجتمع ونقد الأنظمة ونقد القوانين والإجراءات الحكومية، وتنسى الوحدة الأساسية في التطور والتخلف وهي: الفرد نفسه.

بمعنى أصح، كل الظواهر الاجتماعية، هي عبارة عن سلوكيات فردية متكررة، فظواهر التعامل السيئ مع المرأة هي عبارة عن سلوكيات لأفراد لديهم دوافع نفسية واجتماعية وثقافية تجعلهم أشخاصا سيئين في تعاملهم مع المرأة أو حتى الآخر أو العمال أو الناس في الشوارع أو غيره. الكتابات التي تتناول معالجة هذه الظواهر تتكلم عن تطوير المجتمع، وتطوير الأنظمة والقوانين، ولكنها من النادر أن تتكلم عن الدوافع النفسية التي جعلت الفرد يتصرف بطريقة خاطئة.

بكلمات أخرى أكثر دقة، لو كانت سلوكيات الأفراد إيجابية لوجدت مجتمعا متطورا. الأفراد هم أساس المشكلة، وسلوكياتهم هي التي
يجب التركيز عليها بشكل خاص لإصلاح المجتمع. لقد جاءت أزمات العراق ولبنان لتكشف أنه عندما تكون سلوكيات الأفراد غير متطورة أو متحضرة فإنه في أول أزمة، ستنقلب الأمور إلى أسوأ ما يمكن أن تكون عليه، وهذا لا يخص دولة عربية عن الأخرى، بل هي حالة عامة تنتظر الظروف التي تفجرها.

هناك علم متفرع من علم النفس الاجتماعي اسمه علم السلوك يتناول قضايا تغيير سلوك الأفراد، والغريب أن أكثر من يركز على تغيير سلوك الأفراد في العالم العربي وهم المصلحون الدينيون يفعلون ذلك بشكل خاطئ تماما، لأنهم يحاولون استخدام "الضغط الاجتماعي" لتغيير السلوك، بمعنى أنهم يحاولون أن يجعلوا الأفراد في حالة خجل من المجتمع في فعل السيئات، ويستخدمون الترهيب والترغيب بشكل مكثف جدا، بينما لا يحاولون معالجة المشكلة بحيث يتحول السلوك الجيد إلى قناعة داخلية عميقة. قد يخجل الشخص من الناس بحيث لا يهين الناس في الطريق ـ على سبيل المثال-، وقد يرتفع الوازع الديني عند الشخص فيتذكر الثواب والعقاب، ولكنه من النادر أن يكون قد تشبع بالإيمان بالفكرة بحيث يراها أمرا سيئا مهما ارتفع أو انخفض شعوره بالخوف من العقاب الأخروي أو الاجتماعي.

قال لي أحد الأصدقاء المثقفين: يزعجني أن أجد في رسالة الجوال "أنشرها تؤجر" لأن ربط كل فعل خير بالأجر، يجعلنا وكأننا لا نفعل الخير إلا إذا تذكرنا المقابل الذي سنحصل عليه. قد لا أتفق معه تماما، ولكن الأكيد أن ربط السلوكيات بالثواب والعقاب فقط أمر مخالف للدين الإسلامي ومخالف لأبجديات علم السلوك لأن الإنسان لا يتذكر العواقب دائما.

هذا ربما ما يزعجني في بعض الأفكار المرتبطة بـ "النهي عن المنكر" حيث تجد تركيز الجهود كلها على معاقبة المخطئ وليس على بناء ثقافة اجتماعية تفهم مكمن الخطأ وأسبابه، أي تحاول دائما إخافة المخطئ، فإذا ابتعد عنه الخطر لم يجد رادعا من ارتكاب الخطأ لأنه لم يقنعه أحد يوما بأن ذلك خطأ.

إذا أراد المجتمع أن يطور نفسه، يحتاج أن يبحث عن السلوكيات الخاطئة ليصححها، السلوكيات التي تنتج التخلف، ويصححها من خلال المدرسة والبيت والإعلام وغيره، ولكن كل من يريد أن يشارك في عملية التصحيح (المدرسون، الآباء والأمهات، المثقفون ..الخ) يلزمهم أن يبحثوا عن هذه السلوكيات ويتعلموا كيف يغيروها كقناعات لدى الأشخاص، قناعات لا ترتبط بخوفهم من المجتمع أو بدرجة التزامهم الديني أو ببحثهم عن الرضا الذاتي.
أحد أسهل الأساليب لتغيير السلوكيات هو "العلم". أن تعلم الأرقام والنتائج والمعلومات المؤكدة هو الذي يجعلك تقتنع، وهذا ما يجعل أنصار "الشفافية الإعلامية" يطالبون بنشر كل شيء في الإعلام ليس للتحريض عليه، بل حتى يفهم الناس ماذا يمكن أن تكون نتائج الفساد. لذلك فإن أخطر مصيبة على المجتمع هو الجهل، الجهل بأنواعه. الجاهل هو كتلة من التخلف وبالتالي من السلوكيات الخاطئة.
يعجبني في الغربيين ـ حيث درجة الضغط الاجتماعي حوالي الصفر، ودرجة الوازع الديني محدودة جدا أيضا عند نسبة عالية منهم- أن لديه وازعا عميقا ليفعلوا ما يفعلوا. هم صادقون لأنهم يؤمنون بعمق بأهمية وجود الصدق بين الناس، وجميل أن يعيش الإنسان في مجتمع يسيطر عليه الصدق.
لو كانت القوانين والأنظمة كافية لعلاج المشكلات، لكان من زمن طويل لدينا طرق يقود الناس فيها بتحضر رائع، وموظفون مخلصون في أعمالهم، ومجتمع خال من الخطيئة، لأن القوانين في أي دولة عربية تحاول معالجة كل هذا.
لكن القوانين لا قيمة لها أحيانا!

*نقلا عن جريدة "الاقتصادية" السعودية





أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق

اخبار متعلقة

فيديو مختار
د. أحمد صبحى منصور: لحظات قرآنية 447 : يسعون فى القرآن معاجزين