لو كان فى عهد خاتم النبيين قنوات فضائية وثورة إعلامية كالتى نشهدها هذه الأيام هل كان سيرفض خاتم النبيين عليهم السلام الظهور فى هذه الفضائيات للتحدث فى امور الدين ودعوة الناس لكتاب الله القرآن الكريم ، أعتقد انه كان سيستفيد من كل شيء يساعده فى نشر دعوته ، وكان سيستغل كل تقدم وكل وسايلة حديثة لنشر الدعوة على أكبر مساحة من الأرض وإلى أكبر عدد من الناس ، ولذلك أرسل كتبا لملوك ورؤساء بعض الدول يدعوهم للدخول في الإسلام دين الله ، وهذه الكتب كانت وسيلة من وسائل الإعلام المتاحة في عصره عليه السلام والوسيلة التى أرسل بها هذه الكتب هي إرسال أشخاص بكتب أو رسائل مكتوبة ، ولو أن هناك طريقة أحدث من هذه الطريقة لاستخدمها خاتم النبيين رفقا بالناس ، لأنه عليه السلام أرسل رحمة للعالمين والرحمة هنا تشمل كل شيء حتى لو كان تسهيل وتيسير سبل العيش والحياة على الناس ، إذن لو كان فى عصره عليه السلام انترنت أو فضائيات لاستخدمها فى الدعوة لدين الله بلا أدنى تفكير ، لكن ما يفكر فيه ويقوله علماء الاسلام عن تحريم تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية فلا أدري سببا شرعيا او دليلا دينيا يعتمدونه فيما يقولون ، ومن ناحية اخرى كيف يرفعون الصحابة لمنزلة الأنبياء الذين فضلهم الله جل وعلا على كل البشر إلى قيام الساعة هل من حقنا أن نرفع أحدا لهذه المنزلة ، ونضع الصحابة في نفس الدرجة ونفس المنزلة مع الأنبياء والمرسلين فهل هذا حلال ام حرام.؟ ألا يعد هذا تعديا واضحا على الله جل وعلا .؟

وفي نفس السياق : أقول غن مسلسل يوسف الصديق الذي يعترض عليه علماء الأزهر هو عمل درامي رائع وأكثر من رائع ، وهو عمل درامي عظيم متكامل ، ويبدو أن الوهابية أعلنت الحرب على هذا المسلسل لأنه يفضح الجهل والحياة البدائية التى كان يعيش فيها أهل كنعان ، وما حولها من الحجاز ونجد وغيرها ، حيث اظهر المسلسل التطور والرهيب الذي كانت تعيش فيه مصر كدولة لها حاكم ولها جيش ، ولها نظام متكامل ، وبيوت وقصور ، بينما يعيش الأعراب في الجبال والصحراء على رعي الأغنام وهذه حقيقة لا ينكرها أحد ان هناك هوة كبيرة جدا بين مصر وتاريخها العريق وبين هذه الدول العربية جميعها فليس لهم تاريخ ، وجغرافيا ، فيبدو ان هذا الحقد الدفين وهذا الهجوم الشرس على مسلسل يوسف الصديق للمرة الثانية جاء بناء على تعليمات من سادة الوهابية في دولة آل سعود ، لأن المسلسل يبين الهوة السحيقة بين مصر وهؤلاء العربان ، ولأن المسلسل من إنتاج إيراني شيعي ..

وإن شاء الله تعالى سوف اكتب مقالا عن هذا المسلسل العظيم أشرح فيه القدرة الإلهية لرب العالمين التي لا يمكن الإحاطة بها على الاطلاق وبين قدرة البشر المحدودة فى التعبير عن الأشياء حيث ربنا جل وعلا في سورة يوسف يوضح القصة بكل ما فيها بطريقة غاية فى الإعجاز والروعة والدقة ، ولكن البشر عندما ارادو التعبير عن هذه القصة  صنعوا مسلسلا من 45 حلقة مدة كل حلقة 45 دقيقة تقريبا  وبالطبع لا يمكن مقارنة أحداث المسلسل بسورة يوسف على اٌطلاق رغم قوة وروعة المسلسل ولكن ما أقصده ان  نفس القصة التى أوجزها ربنا جل وعلا في سورة يوسف التي يمكن قراءتها فى عشرة دقائق او نصف ساعة على الأكثر  حينما أراد البشر ان يعبروا عنها استغرقوا وقتا طويلا جدا وبذلوا مجهودات جبارة ، ومن هنا تتضح عظمة القصص القرآني الرباني الذي صدق فيه قول الله جل وعلا ((نحن نقص عليك احسن القصص))

للمرة الثانية يسجل مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر اعتراضة على تجسيد الأنبياء والصحابة فى الاعمال الدرامية ، وكما يوجهون اعتراضا مستمرا لمسلسل ((يوسف الصديق)) الذي يتم عرض هذهالأيام على قناة مصرية تبث إرسالها على النايل سات وتنطلق من مدينة الانتاج الإعلامي

سأقول وجهة نظري وأجرى على الله :

أولا: ناهيك عن أن مشايخ وعلماء الأزهر متخصصون فى التقليد وعدم التجديد والنقل وعدم اعمال العقل فهذه الفتوى يتم تكرارها قبل ان يخترعوا التليفزيون وسيتم تكرارها الى قيام الساعة ليست هذه هي المشكلة.

ثانيا: قام رجال مجمع البحوث الاسلامية بعمل قومي كبير جدا حينما جددوا اعتراضهم على تجسدي شخصيات الأنبياء والصحابة فى الدراما مع إشارة واضحة خاصة وموجهة لمسلسل يوسف الصديق الذي يتابعه معظم المصريين من يوافق على اعتراض مشايخ الأزهر ومن لا يوافقهم ، تم تجديد موقف مشايخ الأزهر قبل أيام قليلة من  أحداث الحلقة التي تم فيها توريث الحكم بموت أمن حتب ، وتقليد نجله ملكا على مصر ، ومتابعة هذه الحلقة خصيصا تعكس نوع من الراحة عن المصريين الذين يشاهدون المسلسل بشغف واهتمام بالغين ، حيث ظهور المجتمع المصري في صورة متحضرة راقية ناهيك عن العقيدة السائدة فيه ، ولكن مصر في ذاك الوقت كانت دولة تختلف كلية عن جميع بلاد الجوار . أعتقد والله اعلم أن علماء الأزهر بذلوا جهود لا بأس بها في تجميل صورة مبارك ونجله بالإضافة لبذل كل ما في وسعهم لانهاء العملية الانتخابية على خير سواء لمبارك الأب او امنحتب الابن معزرة مبارك الابن ..