الترادف والبيان

الجمعة ٢٨ - يونيو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال : انت تقول بالترادف فى القرآن ، وهناك من يخالفك فى الرأى ينكر الترادف . ما هى نقطة الخلاف ، وكيف يمكن التوفيق بينكم ؟
آحمد صبحي منصور :

الاجابة :

أولا :

الخلاف بيننا هو إننا نتبع المنهج العلمى فى التدبر القرآنى وفى البحث فى التراث والتاريخ . أول منهجية البحث هو تحديد المصطلحات والفوارق بينها والتناقضات . ونبحث بموضوعية ودون سعى لنثبت مقدما شيئا أو ننفيه .

ونطبق هذا على موضوع الترادف ، ونقول :

1 ـ مصطلح ( ردف ) فى القرآن الكريم يعنى الشىء التالى والآتى بعد شىء . نفهمه من قوله جل وعلا :

1 / 1 : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) الانفال )

1 / 2 : ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (71) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) النمل )

1 / 3 : ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) النازعات )

2 ـ أما الترادف فى التراث فيعنى الكلمة أو الكلمات التى تبين وتوضح كلمة سابقة. وهو نفس المعنى للمصطلح القرآنى ( البيان ). وقد يكون الترادف بكلمة او أكثر وقد يكون بجملة أو أكثر . وكل ذلك يكون شرحا وبيانا ووصفا لنفس الموصوف . نتعرف على هذا من الأمثلة القرآنية التالية :

فى البيان القرآنى ( او الترادف تراثيا ) باستعمال واو العطف :

قال جل وعلا عن القرآن الكريم وأوصافه :

1 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) يونس  ). القرآن الكريم هو الموعظة والشفاء والهدى والرحمة للمؤمنين . هنا البيان وهنا المترادفات .

2 ـ ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82)  الاسراء ). نفس ما سبق ، مع زيادة عن الظالمين وخسارتهم بالقرآن بسبب عبثهم به .

3 ـ (  وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ َءَأعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)  فصلت ). نفس المعنى السابق عن القرآن بالنسبة للمؤمنين والكافرين .

وقال جل وعلا عن ذاته وأسمائه وصفاته بواو العطف ودونها :

1 ـ ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْ(24)الحشر )

2 ـ ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) البروج  ).

3 ـ ( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)  الفرقان )

وعن كتاب موسى قال جل وعلا :

1 ـ ( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)  البقرة )

2 ـ ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (48) الأنبياء ).

وايضا يقول جل وعلا فى الدعاء :

1 ـ ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) البقرة )

2 ـ ( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) آل عمران ) . بعدها : ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17)آل عمران )

3 ـ (  رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران ) . بعدها : ( فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) آل عمران  )

4 ـ (  رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) آل عمران )

ثانيا :

عن البيان القرآنى داخل القرآن :

1 ـ وصف القرآن الكريم بأنه ( مُبين ) أى مبين بذاته ونفسه ، قال جل وعلا : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) المائدة ) ووصف آياته ب (البينات ) ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ (99) البقرة  ) و( المُبينات ) ، قال جل وعلا :  ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) النور  )  وتذييل بعض الآيات بالتأكيد على أنه كذلك يبين الله جل وعلا الآيات ، ومنه قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) النور ).. ليس المجال ذكر كل الآيات ، فقد تكررت كثيرا ، ولكن ننبه على أنها لتأكيد أن بيان القرآن الكريم فى داخله . ونقتصر على قوله جل وعلا :

1 :1 : (  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)  القيامة ). أى إنه جل وعلا هو الذى تكفّل ببيانه ، وقد جعله ميسّرا للذكر ، لمن شاء أن يتذكّر .

1 / 2 : (  إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)   البقرة ). هذا يعنى أن كتم الايات البينات بنفسها  هو نفسه منع بيانها الذى هو فيها لأنها بينات بنفسها . والذين يفعلون هذا ملعونون إن لم يتوبوا ويذكروا الآيات البينات .

2 ـ ونذكّر بأن من أساليب البيان القرآنى ما يسمى تراثيا بالتواتر ، أى شرح معنى لفظ بالاتيان بأوصافه .

أخيرا :

1 ـ لا مجال لحلول وسط فى حل الخلاف بيننا . الذين يتبعون المنهج القرآنى لا خلافات جوهرية بينهم . الذين يخالفوننا فى الرأى هم فى شقاق لا خروج منه . يكفينا قوله جل وعلا عن القرآن الكريم فى الوصية العاشرة من الوصايا العشر : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام )، ثم قوله فيما بعد للنبى محمد عليه السلام : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) الأنعام ).

2 ـ قل : صدق الله العظيم .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1012
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5117
اجمالي القراءات : 56,871,490
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الأضحية والزكاة : هل الأضح ية مثل الزكا ة ليس لها وقت معلوم...

مشيئة الهداية: انا قرآني ه الحمد لله قبل حتى ان اعرف...

معجب ولكن : نحن نكتب تعليق ات على حلقات برنام ج فضح...

الشهوات: هل هناك شهوات فى الجنة مثل شهوات الدني ا ؟...

سؤالان : السؤا ل الأول : مرحب ا دكتور صبحي منصور...

سؤالان : عندي سؤال حول الصلا ة على النبي : انا استمع ت ...

اضراب عن الطعام: ما حكم الاضر اب عن الطعا م الذي ينتهي...

عظمة العربية: قلتم "يكفى فى عظمة ( اللغة العرب ية ) أن الله جل...

حماك الله .!: الاست اذ الفاض ل / الدكت ور أحمد أولا : ...

ماذا فعل مع زوجى؟: هو زوجى واب ابنى الوحي د ، أعمل معظم اليوم...

تهنئة ورد عليها: اتقدم للدكت ور احمد صبحي منصور وكل اهل...

المرسلات 33: ما معنى الآية 33 من سورة المرس لات ؟...

النشر بالفارسية : اريد ان اسال رايكم - فضيلة الدكت ور - حول...

المستبد ولى الشيطان: نرى في دول المست بدين العرب انهم يسعون...

عن التبرع للموقع: أود أن أسألك سؤالا بخصوص التبر ع للموق ع في...

more