مع بداية اندلاع ثورة الخامس والعشرون من يناير وقبل ان تتضح الرؤية للجميع قرر رشيد محمد رشيد وزير الصناعة السابق الفرار خارج البلاد ليُحكم عليه بعد ذلك غيابيا فى قضايا الفساد واستغلال النفوذ.
بعده غادر عمر سليمان البلاد قبل اعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بيومين، ثم لحق بهما الفريق احمد شفيق المرشح الخاسر فى الانتخابات الرئاسية بعد اعلان النتيجة بساعات تاركا خلفه العديد من القضايا والتهم المنسوبة له قبل ان يتم التحقيق فيها ويُترقب وصوله في أي وقت.
الامر المشترك بين الشخصيات الثلاثة الهاربة انهم جميعا اختارو دولة الامارات قبلة لهم، فلماذا الامارات تحديدا دون غيرها من الدول؟ لماذا لا يذهبون الى اوروبا أو السعودية على سبيل المثال؟ ولماذا توافق الامارات على استقبالهم بترحاب شديد وتوفر الحماية لهم؟
كل هذه التساؤلات اثارة حيرة الجميع، فالبعض يرى ان مسئولى الإمارات وحكوماتها يتصفون بالكرم وإيواء الضيف، والبعض الاخر يعتقد ان الامارات توفر لهم ملجأ لانها تشجع حرية التفكير والابداع وتكون مصدر رزق لهم يستثمرون فيها اموالهم، وفريق رأى انها توفر لهم الامان والحماية وإبعادهم عن المحاسبة وربما تسمح لهم بغسيل اموالهم المنهوبة من مصر، وفريق اخر فسر هجوم ضاحى خلفان الأخير وسبه الرئيس محمد مرسى وجماعة الاخوان المسلمين بوجود اللواء عمر سليمان والفريق شفيق فى أبو ظبى ووجود تخطيط فيما بينهم لإثارة الرأى العام ضد مرسى.
وفى هذا السياق قال ”عبد العزيز عبد الله ” ناشط سياسى من دبى أنه شديد الحزن والآسى بشأن قبول دولته استفاضة الفلول المصرية مشددا على انه يجب التفريق بين حكومة الامارات والشعب الامارتى الذى يرفض بشكل قاطع استقبال هؤلاء الشخصيات التى اقل ما يوصفوا به انهم مجرمين بحق شعوبهم فهم من قتلو وسرقوا ونهبوا وكان لهم ايادى فى عمليات القتل وسجلهم حافل بافعالهم الشنيعة.
واضاف ”الشعب الامارتى يرفض هذا الامر بينما الامارات كمؤسسة قبلت ضيافتهم ووفرت لهم الحماية وعاملتهم معاملة الملوك وفرشت لهم السجاجيد الحمراء ليمشوا عليها.
واكد الناشط السياسى انه يريد ان يوجه رسالة باسم الشعب الامارتى قائلا ”الى كل شهداء ثورة مصر وكل ابطالها إن الشعب الاماراتى يعتذر لاستضافة فلول النظام السابق واؤكد ان دمائكم غالية علينا وان الدم العربى اغلى وأثمن بكثير من النفط فنتمنى جميعا ان يُطرد هؤلاء لبلادهم حتى يحاكموا محاكمة عادلة لتعود الحقوق لاصحابها”.
من جانبه قال د. جمال عبد الجواد رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الاهرام على ان العلاقات بين مصر والامارت كانت قوية جدا فى فترة حكم مبارك وكان المسئولين دائمين التردد عليها، كما انها كانت اكثر الدول صراحة فى التعبير عن عدم رضاها عن التطورات التى حدثت فى مصر عقب 25 يناير مقارنة بالدول الاخرى فإنها كانت موالية بشدة للنظام السابق، ويمكن القول انها مكان امن لفلول النظام لأنها بلد مفتوحة وليس بها اى قيود تحكم رؤسائها بشأن إستقبال مسؤليين مصرالسابقين، كما اعتقد انه لا توجد اتفاقات تسليم الهاربين بين مصر والامارت والدليل على ذلك حادث مقتل سوزان تميم، فبكل هذه الاسباب اصبحت الامارت العربية المتحدة عامل جذب لهم.
واضاف عبد الجواد ان هذا الحديث ربما ينطبق اكثر على رشيد محمد رشيد لان حالته هى الوحيدة التى تفسر على انها هروب لان هناك احكام جنائية قد صدرت ضده بالفعل، بينما الفريق احمد شفيق وعمر سليمان لا يمكن تصنيفهم انهم خارجين على العدالة ولا يوجد احكام عليهم ولاهم ممنوعين من السفر، فسفرهم الى الامارات أُفسره على انه ربما تكون زيارة عائلية او رحلة علاجية او أرادوا البعد عن الاجواء المتوترة فى مصر.
واشار د. نبيل احمد حلمى استاذ القانون الدولى الى ان علاقة مصر بدولة الامارت علاقة قوية جدا سواء على مستوى المشروعات الاستثمارية المشتركة التى اقيمت فى مصر او التى اقيمت فى الامارات ،ولابد ان نفهم ان ابو ظبى تحديدا تتميز بما يسمى أخلاقيات البدو,لذلك تعامل الشيخ زايد بأخلاقيات رجل البدو الذى يساند صديقه وقت الشدة دون ان يشعره ان ما يفعله جميلة او معروف فإنه عرض على الرئيس السابق حسنى مبارك التوجهه للإمارت والاقامة بها قبل تنحيه لكنه رفض، فأعتقد ان استضافة دولة الامارات للفريق احمد شفيق والسيد عمر سليمان كان نابعا من هذه الاخلاقيات البدوية الحميمة.
كما ارجع سفرهما للامارت لأسباب عائلية أو صحية أو لاختلافات سياسية خصوصا بعد المجهود الذى قام به شفيق خلال حملته الانتخابية للترشح للرئاسة، واكد على انه لا يجوز من الناحية القانونية تسليم أى منهم للقضاء المصرى إلا بعد صدور حكم قضائى ونهائى ضدهم.
ومن جانبه اكد د. ابراهيم العنانى استاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس على انه يسأل نفسه كثيرا لماذا الامارات تحديدا؟ فكان بإمكان من سافروا اليها ان يختاروا أى بلد اخرى لأن أسماءهم غير موجودة فى كشوف منع السفر، فيمكن لأن الامارات كانت خير صديق للنظام القديم وظلت مساندة له حتى اخر لحظة،أو يمكن ان هؤلاء من فلول النظام لديهم حسابات بنكية هناك فسافروا ليرقدوا بجوارأموالهم، أم أنهم لديهم تأشيرات مفتوحة لهذه البلد فالإحتمالات كثيرة ولكنه ليس هناك إجابة عملية لهذا التساؤل.
واردف العنانى قائلا انه اتضحت الرؤية بالنسبة لرشيد محمد رشيد لأنه صدرت ضده احكام قضائية بالرغم من انه تحدث كثيرا فى القنوات التلفزيونية عقب سفره مؤكده انه سيعود حتما الى مصر وانه ليس هارب.
اما عن احمد شفيق وعمرسليمان فليس هناك اى تطورات قانونية تخصهم فإنه يمكن ان نراهم عائدين لمصر قريبا، كما اكد على ان تصريحات ضاحى خلفان الاخيرة المعادية لمرسى والاخوان هى تجاوزات شخصية، فقد تكون هناك خلافات بينه وبين الاخوان المسلمين فى مصر لكنها لا تمثل الموقف الإماراتى والدليل على ذلك ان الجهات الإمارتية صرحت بأنها ليس لها مصلحة فى هذه التصريحات واكدت انها مسأله شخصية تخصه وحده.