نبيل هلال Ýí 2012-03-17
ليس صحيحاً أن الشعوب تحتشد بنفسها دون قائد يقودها ويوجه مسيرتها، فهذا لم يحدث قط. إذ لابد من وجود من ينظم صفوفها، ويحدد لها اتجاه المسيرة، ويستنهض الهمم ويحشد الطاقات . وتاريخ الأمم يصنعه الزعماء والأبطال. وهو تاريخ يتمثل فى حركة صعود وهبوط تكون رهناً بوجود القائد أو غيابه، فالأمم باقية على أية حال. ولكن ما يفسر حدوث الثورات والانتفاضات والصراعات والانتصارات، هو ظهور الزعيم القائد، وما يفسر هوان الأمم وانكسارها هو غياب ذلك الزعيم القادر الذى يأخذ بيدها بعد أن يكسر يد وعنق المستبد، سواء أكان دخيلاً مستعمراً يجثم على أنفاس الأمة، أو كان أحد أبنائها المارقين الذى استبد بها استناداً إلى شرعية زائفة. وما من شك فى أن الشعوب هي التي تبنى وتبادر بالأعمال وحمل المشقة والتبعات، ولكن لابد من تفعيل قوى هذه الشعوب بقائد حاذق، بدونه لا فعالية لهذه الشعوب .
والعلاقة بين دوري الزعيم والأمة لا محل فيها لتفاضل دور على الآخر، وإنما العلاقة بين الدورين علاقة عضوية. فها هي دولة الصهاينة التى لم يكن لها أصلاً شعب محدد الهوية ذو ثقافة موحدة وعرق واحد. بل تجمع اليهود من بلدان شتى، ويتحدثون لغات مختلفة، وثقافاتهم متباينة، ولا يجمع هذا الشتات سوى الانتماء إلى دين، دين محرَّف عبث به حاخامات اليهود بأصوله فأصبح زيفاً وبهتاناً. ثم توفر لهذه الشعوب الشتات زعماء وقادة فعَّلوا أدوار هذه الأمة المخلَّطة، وأصبحوا الآن دولة قوية تسحق أعداءها بالأحذية.
وإذ ثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن تاريخ الأمم من صنع الزعماء والقادة، تبرز الضرورة القصوى لحسن اختيار من يتولى قيادة الأمة من الحكام، إذ إن حسن اختيار الحاكم هو الطريق الوحيد لصلاح أحوال البلاد والعباد الذى يتحدد به مصير الأمة، إما إلى رفعة، وإما إلى بوار. الأمر الذى يصبح معه هذا الاختيار هدفاً يتعين على الأمة كافة أن تحسن تحديده وإن بذلت فى سبيله الدم والأرواح، ولا يجوز بأي حال أن تنصرف همة الأمة بعيداً عن بلوغ هذا الهدف بدعوى طاعة أولى الأمر، أو قدسية الملك أو أبوة السلطان، أو عزة شيخ القبيلة، أو التماس السلامة وطلب الأمن والأمان وحقن الدماء، أو تجنب فساد أحوال العباد بمناهضة ولى الأمر وإن فسق وظلم. ويجب أن يعلم الناس أن من الشرف وعلو الهمة التصدي لمن يسلب الأمة إرادتها أو ينتهك قوانينها، أو يزعم العلو عليها، أو يتلاعب بحقوق الناس تسترا وراء المصالح العليا، أو دعاوى صوت المعركة الذى لا ينبغي أن يعلو عليه شئ، أو يصادم إرادة الجماهير بدعوى اعتبارات الموازين الدولية والسياسية العليا، وكلها أمور تتطلب وعى الشعب واستنارته لكشف بطلانها، وصدق عزيمة على النضال لنيل حقوقه. يقول أفلاطون للناس: "إن معظم الأدواء الاجتماعية والسياسية التى منها تقاسون إنما هي أمور يسهل عليكم التصرف فيها، لو أنكم أوتيتم الإرادة والشجاعة اللازمتين لتغييرها. فأنتم تستطيعون أن تعيشوا بطريقة أخرى أكثر حكمة إن آثرتم أن تقتلوا الأمر تفكيراً وبحثاً، وتكتشفوا بالدراسة كنهه، فأنتم لا تشعرون بما تملكون من قوة" .
وليس يخفى أهمية الدور الذى يضطلع به الملوك، على اعتبار أنه فعلٌ تستجيب له الأمة فى صورة رد فعل، وقد قال بهذا كثيرون من مفكري فجر النهضة العربية الحديثة أمثال رفاعة رافع الطهطاوى، وعبد الرحمن الكواكبى، ومحمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، وخير الدين التونسي، وأديب إسحاق، غير أن جهودهم لم تثمر الثمار المرجوة وذلك فى ما نرى بسبب تضييق المستبدين على محاولات التنوير والتوعية التى كانت تظهر من حين لآخر، وبسبب الأمية التى حالت دون انتفاع الأمة بآراء هؤلاء المفكرين، فإن أمية الشعوب هي الجدار الواقي الذي يحمى المستبد، إذ تبطل عقول الناس، وتمنع فعالية جهود التنوير التى يحاول بذلها المثقفون الأشراف.
يقول خير الدين التونسي(1825– 1889 م): "إن سعادة الممالك وشقاوتها فى أمورها الدنيوية إنما تكون بمقدار ما تيسر لملوكها من العلم بكليات السياسة والقدرة على القيام بها وبقدر مالها من التنظيمات السياسية المؤسسة على العدل ومعرفتها واحترامها من رجالها المباشرين لها" ,وبذكاء شديد يعزى خير الدين التونسي "توسيع دوائر العلوم والعرفان وتمهيد طرق الثروة من الزراعة والتجارة وترويج سائر الصناعات ونفى أسباب البطالة إلى حسن الإمارة المتولد منه الأمن، المتولد من الأمل، المتولد منه إتقان العمل) كما يرى أن (الأمم الأوروباوية لما ثبت عندها بالتجارب أن إطلاق أيدي الملوك ورجال دولهم بالتصرف فى سياسة المملكة دون قيد، مجلبة للظلم الناشئ عنه خراب الممالك، حسبما تحققوا من ذلك بالاطلاع على أسباب التقدم والتأخر فى الأمم الماضية، جزموا بلزوم مشاركة أهل الحل والعقد فى كليات السياسة، ومع جعل المسؤولية فى إدارة المملكة على الوزراء المباشرين، ويلزم تأسيس القوانين المتنوعة عندهم إلى نوعين : أحدهما قوانين الحقوق المرعية بين الدولة والرعية، والثاني قوانين حقوق الأهالي فى ما بينهم" .
ألم تر إلى الأمة تكون خاملة بلا ذِكر، والشعب كسول بلا همة، والوهن والهوان يعمان الآفاق، وفجأة يبرز قائد أمين مخلص مقتدر، فيأخذ بيد هذه الأمة، على ما هي عليه من مذلة وضعف، ويرقى بها درجات الرفعة والقوة، مع أن الأمة لم تتغير والناس لم تتبدل. ولكن جاء القائد والزعيم الذي يحشد القوى، ويشحذ الهمم فتنهض به الأمة، وينهض هو بها. وحسبك النظر إلى وقائع التاريخ، أي تاريخ، في أي مكان وزمان، ترى مصداق ذلك من نهضات الأمم أو عثراتها .
واذكر محمد على باشا الذى قاد مصر من ظلام عصور التخلف، وبنى لها قوة عسكرية وعلمية وتعليمية، إذ شرع فى تحديث البلاد على هدى تقدُّم الغرب الذى اكتشفه المصريون نتيجة الحملة الفرنسية التى كانت ذات هدف استعماري محض، ولكن كان من نتائجها-غير المقصودة-تنبيه المصريين إلى حضارة الغرب .
اتفق معك أختنا الكريمة في أن الحاشية لها تأثير كبير على الحاكم ,لذا حرص الحاكم الفاسد على إفساد كل من حوله حتى يحرص الجميع على مكاسبهم ويجاهدون لإبقاء الحال على ما هو عليه .
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - الأنوناكي- ج14
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - عربة حزقيال - ج13
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - سلالة الآلهة- ج12
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - هذا ما تقوله الأساطير - ج11
دعوة للتبرع
مساواة الرجل والمرأه: كنت قد ارسلت سؤالا عن موقف الاسل ام من...
الله أحد : قرأت لك فى معنى ( قُلْ هُوَ اللَّ ـهُ أَحَد ٌ )...
السجود على السجادة: ما حكم السجو دعلى الوسا دة بعذر وبغير عذر؟ ...
خمسة أسئلة : السؤ ال الأول : اري رأيك فى الشيع ه ...
وساوس شيطانية: في بعض الاحي ان لا ادري لماذا تراود ني بعض...
more
فهمت من مقالك يا أستاذ نبيل أنك تقول إن الريس هو سبب تقدم أمته وهو أيضا سبب شقاؤها ، فلذلك لابد من حسن اختيار الرئيس حفاظا على وطننا وعلى مقدراتنا ، فهل مافهمته صحيح ؟ وإذا كان صحيحا اسمحي لي ان أسألك عن العهود السابقة التي ابتلي بها الشعي المصري ابتداء من جمال عبدالناصر مرورا بالسادات ثم المخلوع حسني مبارك .. هل في بداية حكم الثلاثة كانوا بنفس مقدار الاستبداد والفساد وكبت الحريات ..الخ إذن ما هودور الحاشية أو الملأ مع كل رئيس ؟ اسمح لي ان اختلف معك أنه لولا الحاسية السيئة التي تيسر وتخطط وتهيئ للرئيس كل المخططات القذرة ، أكيد الموضوع كان سوف يختلف في الدرجة على الأقل مهما كان فساد الرئيس لو وجد حوله من يحجم هذا الفساد ومن ينتقده لما استشرى بهذه الطريقة ، على الأقل كنا سنجد طريقين أو اتجاهيين حقيقيين وليس تمثيلا للسلطة والمعارضة التي تحققت على عهد آخر خديوي ووزارة وحيدة كان يعمل لها ألف حساب ــ لكني غاب عن بالي اسم رئيس الوزراء ــ صحح لي الأسماءــ أما عن إسرائيل فلا مقارنة بيننا وبينهم دعنا في العالم العربي ومستوياته ، وخاصة ونحن على أبواب اختيار رئيس قادم المهم أنه لا يختار هو الوزارة ولا تتركز في يده جميع السلطات حتى لاينفرد بكل الصلاحيات دون الحكومة فهل نامل في تحقيق ذلك ؟! دمت بخير والسلام عليكم