لماذا تضطهد السُّلطات الإخوة الشيعة؟

سعد الدين ابراهيم Ýí 2012-03-10


إستغاث بى فى مركز ابن خلدون، إخوة مصريون مسلمون، غيّروا مذهبهم الدينى من الإسلام السُّنى إلى الإسلام الشيعى، ولهذا السبب يتعرض هؤلاء المسلمون الشيعة للاضطهاد السافر، أو الازدراء المُستتر، بل بدأت تطالهم شُبهة التعامل أو العمالة لإيران!

إن الاختلاف والتنوع هما من طبيعة الكون والخلق، فقد خلقنا الله من ذكر وأنثى، وجعلنا قبائل وشعوبا، لنتعارف ونتعايش، ولو أراد الله سبحانه، لخلقنا أمة واحدة مُتجانسة مُتماثلة، لذلك تنوعت الألوان، والأجناس، واللغات، والمشارب، والأديان، والمذاهب، والملل والنِّحَل، والأعراق.

وفى التنوع الدينى، قال أحمد شوقى، أمير الشعراء، بيته الرائع، الذى تغنى به المصريون فى ثورة ١٩١٩: الدين للديّان جل جلاله... لو شاء ربك وحّد الأقواما.

نعم، كان المُحتلون الإنجليز يُريدون إضعاف روح الوطنية المصرية، بالتفريق بين مُسلمى مصر وأقباطها، جرياً على سياستهم الاستعمارية العتيدة «فرّق تسُد» (Divide and Rule). وهو ما أبطله زُعماء ثورة ١٩١٩، فقد كان وليام مكرم عبيد (القبطى) رفيقاً، مُلازماً لسعد زغلول (المُسلم) لحظة بلحظة، من ميادين مصر الثائرة، إلى أمواج سريلانكا الهادرة.

المهم هو أن مصر المؤمنة لم تعرف التعصب فى تاريخها الطويل إلا لحظات قصيرة ومُتباعدة، ولم تعرف أبداً الحروب الدينية بين طوائفها- كما كان الحال فى أوروبا. وقد تعاقبت على مصر ديانات عديدة، ومع كل ديانة، كان يتبقى بين أهل مصر مؤمنون ومؤمنات من أتباع ديانات سابقة، يعيشون ويتعايشون مع المُتحولين إلى الديانة اللاحقة. وما كان لذلك أن يحدث على مر العصور إلا بسبب الجذور العميقة للتسامح فى المصريين وثقافتهم.

لذلك، نستغرب أن تظهر من جديد، فى العشرية الثانية من القرن الحادى والعشرين نزعات مُتطرفة ضد شُركاء الوطن من أصحاب الديانات الأخرى، بل الأقبح من ذلك أن تطغى بعض هذه النزعات ضد المؤمنين بنفس الديانة المُحمدية، من أنصار آل البيت، من المسلمين «الشيعة».

وينسى أصحاب هذه النزعات المُتعصبة أن مصر كانت شيعية قلباً ووجهاً لعدة قرون، وأن الشيعة هم الذين بنوا مدينة القاهرة، وشيّدوا «الجامع الأزهر»، ليكون مدرسة لتعليم أصول المذهب الشيعى. ورغم انتهاء ذلك على يد «الدولة الأيوبية»، إلا أنه، كما يقول عالم الاجتماع الراحل د. سيد عويس، ربما تحوّل وجه مصر إلى المذهب السُنى مع صلاح الدين الأيوبى، ولكن قلب مصر ظل «شيعياً». ويُلاحظ د. سيد عويس أنه لا توجد مزارات دينية إسلامية فى مصر، سوى تلك المُرتبطة بـ«آل البيت».. مثل الحُسين، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة.

بل يذهب بعض الدارسين إلى أن مُعظم الطقوس والاحتفالات الدينية الشعبية، هى تلك التى توارثها المصريون من العصر الفاطمى، مثل الاحتفال بـ«عاشوراء»، و«المولد النبوى»، والاحتفال بـ«آل البيت»، مثل الحُسين، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة.

أما والأمر كذلك، فكيف، ولماذا تضطهد أجهزة الدولة المصرية من تبقى من المصريين الشيعة، أو من أرادوا طواعية أن يعتنقوا المذهب الشيعى؟

إن مثل هذه المُمارسات الاضطهادية هى مُخالفة صريحة للدساتير المصرية المُتعاقبة، منذ ١٩٢٣ إلى الإعلان الدستورى عام ٢٠١١. هذا فضلاً عن أن هذه المُمارسات هى تجاهل صريح لـ«الإعلان العالمى لحقوق الإنسان»، الذى كانت مصر تمثله بالدكتور محمود عزمى، أحد من أعدوا مسودته، وإقراره يوم ١٠ ديسمبر ١٩٤٨، وهو يُقر حُرية الاعتقاد، كأحد الحقوق الأساسية للإنسان.

وحُرية الاعتقاد، فى الإعلان العالمى، لا تنحصر فى الأديان السماوية الثلاثة (اليهودية، والمسيحية، والإسلامية)، بل تشمل الحق فى «الإلحاد»، وفى تغيير المُعتقدات، بما فى ذلك تغيير الديانة.

إن عدد المسلمين الشيعة فى العالم لا يتجاوز مائة وخمسين مليوناً، أى حوالى عشرة فى المائة من جملة مسلمى العالم، الذين يصل عددهم إلى حوالى مليار ونصف، ويتركز المسلمون الشيعة فى كل من إيران، والعراق، والبحرين، ولبنان، وشرق السعودية.

وربما مع انفجار ثورات الربيع العربى، وكان ضمنها «البحرين»، بدأت الهواجس والمخاوف تتزايد من انتفاضات الشيعة، ولذلك سارعت الأسرة المالكة فى المملكة العربية السعودية فى الاستجابة لاستغاثة الأسرة الحاكمة (آل خليفة) بالبحرين فى استخدام القوة المُفرطة لإخماد انتفاضة ديمقراطية اجتماعية بالبحرين، رغم أن تلك الانتفاضة كانت تضم بحرينيين من المسلمين الشيعة والمسلمين السُّنّة، على السواء. وكانت تلك المطالب هى «الحُرية» و«الخُبز»، ولم تكن دعوة لتغيير النظام، ولا لإسقاط الأسرة المالكة، أى أنها كانت مطالب مشروعة، مثلها مثل المطالب المشروعة لثورات تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والأردن.

ولكن ما شأن الشيعة فى مصر، الذين لا يتجاوز عددهم مليون شخص، وانتفاضة البحرين، التى شارك فيها، طبعاً، الشيعة هناك؟

لا توجد أى علاقة عضوية أو تنظيمية مُباشرة، وإن كان الأمر لا يخلو من تعاطف روحى ومعنوى، بحُكم «الأخوة المذهبية».

ولكن هواجس الأسرتين المالكتين فى السعودية والبحرين، انتقلت إلى السُّلطات المصرية، التى لا تزال تسيطر عليها الأجهزة الأمنية المصرية وهى على علاقة تنسيقية مع أقرانهما فى السعودية، ويبدو أنها ابتلعت نفس الطُعم، بأن الشيعة العرب، بمن فيهم الشيعة المصريون، هم جميعاً «عُملاء» لإيران!

فما هذا الهوس، الذى يُذكّرنا بنفس هوس الأجهزة أيام عهد حسنى مُبارك، وهو اتهام كل المُخالفين له بـ«العمالة» للخارج، وهو نفس الهوس الذى اتهم من قاموا بثورة يناير بالعمالة للخارج، وتشويه سُمعة حركة ٦ أبريل بنفس التهمة بتلقيهم تدريباً على الثورات فى صربيا وشرق أوروبا؟!

فيا أهل الحُكم فى المجلس العسكرى أو فى برلمان الإخوان، اتقوا الله فى أبناء الوطن، ولا تُزايدوا على أحد باسم الوطنية أو الدين أو المذهب، وإلا ستدور عليكم الدوائر.

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.

اجمالي القراءات 10606

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   احمد العربى     في   السبت ١٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65008]

القوى الرجعية التاريخية (او قوى الشد التاريخي) والاقليات التاريخية

مملكة التاريخ التي قامت في اذهان مؤسسي الوهابية وذراعهم السياسي حركة الاخوان الضالين لن تتصالح ولن تتسامح ابدا مع الاقليات ومع باقي عناصر المستقبل


المرأة


القوة اليدوية العاملة 


حتى تقوم مملكة التاريخ فيجب ان تكنس وتقمع وتمحي كل عناصر المستقبل لانها لن تستطيع ان تمر من خلال هذه العناصر


ادعوا القرانيين المصريين فورا بطلب فك القيود عن عودتهم الى مصر يجب ان تتحد قوى المستقبل وخصوصا الاقليات في مواجهة قوى الشد الرجعي


2   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   السبت ١٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65009]

هل يقبل أهل السنة أن يرجع الأزهر لأصحابه الأصليين ليمارسوا حقهم في الدعوة للمذهب الشيعي

دخل جوهر الصقلي مصر فاتحا سنة 359هـ (970م) وفي أول ليلة وضع حجر أساس القاهرة ، ثم وضع أساس الجامع الأزهر واستمر العمل فيه سنتين ، وأقيمت أول جمعة فيه في 9 رمضان 361هــ وكان الغرض من إنشائه أن يكون مسجدا تقام فيه الصلوات ويـُدْعى فيه للمذهب الشيعي ثم تحول لمعهد للدراسة على يد يعقوب بن كِلْس وزير العزيز بالله الفاطمي ، وألقيت فيه الدروس اللغوية والدينية في عام 375هــ (986م) ، وظلت الدراسة قائمة فيه حتى جاء صلاح الدين الأيوبي (567 ـ 589هــ) وكان سُـنّيا يعمل على نشر مذهب اهل السُنـّة ، فأغلق الجامع الأزهر ليمنع دراسة المذهب الشيعي ، وظل مغلقا أكثر من قرن من الزمان ، ثم عادت الدراسة لكن على أسس المذهب السني ، في عهد الظاهر بيبرس (659 ــ 672هــ) وظل كذلك إلى الآن.

هذه مجرد نبذة مختصرة عن تاريخ وأسباب إنشاء الأزهر ، على الرغم أن هذا اكلام لا زال يدرس على طلاب الأزهر إلى يومنا هذا إلا أن علماء الأزهر من أهل السنة والسلفيين والاخوان كلهم يميلون للوهابية ويدافعون عنها ضد الشيعة وضد المذهب الشيعي ، ومن عجائب الزمن أن يتم الاستيلاء على مؤسسة دينية بناها الشيعة للدعوة لمذهبهم ، ثم يأتي صلاح الدين الأيوبي ويخلق الأزهر لمدة مائة عام كاملة ويمنع الخطابة فيه ويمنع الدعوة للمذهب الشيعي ، أقول هذا الكلام للإنصاف وقول الحق وليس لي أي مصلحة أو علاقة بالشيعة كمذهب ، فأنا أختلف مع معظم عقائدهم لكن أدافع عن حق أي إنسان في ممارسة حقه في الدين والعقيدة كما يشاء ويختار هو كما بين ربنا جل وعلا في القرآن أن الدين مسئولية فردية

وجدير بالذكر أن اضطهاد الشيعة هذه الأيام يزداد لأن الوهابية تريد السيطرة على الوطن العربي كله وتريد سرقة الثورات العربية في جميع البلاد العربية وهي فرصة لن تتكرر كثيرا أن تثور الدول العربية في وقت واحد ، ولذلك لا تريد الوهابية شريك منافس لها في المنطقة خصوصا لو كان الشيعة.

سؤال أخير :: هل يقبل أهل السنة أن يرجع الأزهر لأصحابه الأصليين ليمارسوا حقهم في الدعوة للمذهب الشيعي في أزهرهم الذي بناه قادة الشيعة في الدولة الفاطمية.؟





3   تعليق بواسطة   احمد العربى     في   السبت ١٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65010]

انهم يحاولون تجريد مصر من اهم اسلحتها

الا ترى معي يا استاذ رضا ((تاريخيا)) ان مصر كانت اقوى عندما كانت تسمح للاقليات بقيادتها


 


4   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأحد ١١ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65037]

الشيعة أقرب إلى الرسول من أهل السنة..!!

 وإذا الأولوية من الفرق التي تنسب نفسها للإسلام بالقرب من النبي / محمد بن عبد الله فمعنى هذا ان أن  أوْلَى الفرق المنتسبة للإسلام بالنبي محمد عليه السلام.. هى فرقة الشيعة..


  فهم أنصار على والحسن والحسين ,, ومن هو على هو ابن عم النبي محمد هو أقرب لمحمد من عمر وأبوبكر.. وهو صهر النبي واذا كان عثمان صهر النبي فــ علي يزداد عنهخ بقرابة الدم والعمومة .. وليست أي عمومة فــ أبو طالب هو من ربى النبي وهو كان أقرب عم للرسول..


 ليست المسألة عند السنيين أنهم يحبون الارسول أو انهم أقرب للرسول فالشيعة سابقون لهم في كلا الحالتين..


 إذن هو صراع عرقي ععلى الزعامة بين الحزب الهاشمي وبين الحزب الأموي  من بطون مكة..


 وهو الصراع على الخلافة او الخراغة التي اسمها الخلافة..


 فلماذا الاضطهاد .. وكما كان يقول أحدهم .. ( كنتم إذا اطعمتم أطعمنا وإذا كسوتم كسونا)


 لافرق بين سني ولا شيعي  بالتقوى والتقوى لا يعلمها  الله..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 217
اجمالي القراءات : 2,324,764
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt