التاريخ ، الرواية ، السيرة .:
بحثا عن محمد في القرآن [ 21]

امارير امارير Ýí 2012-02-26


إن القول بأن [ النقاط ] أدخلت على الاحرف في الكتابة باللغة العربيّة كما يقول المؤرّخون و اللغويّون الذين زعموا أن أبو الأسود الدؤلي المتوفي عام 69 هـ هو الذي وضعها ،  و أن [ النقاط ] لم تنتشر حتى نشرها يحيى بن يعمر المتوفي عام 90 هـ ،  وناصر بن عاصم الليثي المتوفي عام 100 هـ ، ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفي عام 170 هـ ، وأدخل النحو وعلامات التنوين و التحريك الفتحة والضمة والكسرة ، كل هذه الأمور تناقض الحقائق التي ترد داخل النّص القرآني عبر التناسق و الإتصال في [ المعنى العام ] للمفردة ، و الإختلاف الذي يحويه [  رسم ] المفردة ذاتها للوصول الى [ الدلالة الخاصة ] بمعنى الرسم داخل السياق نفسه ، بالإضافة الى [ وحدة المصاحف ] التي تلغي فكرة كون المصاحف جُمعت من على شفاه الحفّاظ و تم تدوينها على الرقاع دونما تبيانٍ للنقاط أو علامات التحريك ، لينتج مصحفٌ واحدٌ في نهاية المطاف ، الفكرة تدفعنا لإعادة قراءة القرآن بعقولنا و أفئدتنا ، بعد أن إكتفينا لقرون طوال نقرأ القرآن و أعيننا على الثوراة : ]أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد 24  ، و هذه النتيجة التي وصلنا إليها قد تكون مرعبةً للبعض ، [ الرسول ] هو من كتب المصحف بعد أن تلقى [ تعليم ] طريقة الكتابة الخاصّة لكلمات المصحف من جبريل مباشرةً تصديقاً لقوله تعالى : ]عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم 5 ، و بناءً عليه تكون كتب الأحاديث المنسوبة للرسول هي مجرّد كتب [ تأريخ ] لاتتعدّى كونها [ تدليساً ] لأنه لم يكتبها هو ، رغم معرفته الكتابة ، و لم يكتبها صحابته رغم إلمامهم بها أيضاً و باعتراف الفقهاء انفسهم احايين كثيرة ، و معاصرتهم لزمانه أيضاً ، بالإضافة الى أمرين (1)الفارق التاريخي بين عصر الرسول و عصر تدوين الاحاديث ، (2)تعدد كتب [ السنّة/الاحاديث ] و اختلاف سياقها ، نمطها ، أسلوبها و محتواها عبر الطوائف الرئيسيّة الكبرى و الصغرى على حدٍّ سواء ، لكنّ هذه الحقيقة المؤلمة تزرع عند الكثيرين قطعاً بعض الإطمئنان ، بعد أن استقر في ذاكرة الأمّة حقائق تاريخيّة لا تمت للحقيقة بصلة ، التصقت و النّص الديني غير مفارقةٍ له ، يقول [ المسعودي ] المؤرخ المعروف أن كتابه : [ كتاب خبر لا كتاب بحثٍ و نظر ] ، لكن هل حقّاً احتوت كتب الفقه و السير بل و حتى كتب الأحاديث أخباراً صحيحة للرسول و المرحلة الزمنية الموالية لعصره تعتمد على منهجيّة بعينها ؟ ، أم أن الأمر يبقى مجرّد قصّةٍ مرعبةٍ ، رديئة الصياغة ، لكنّها بقيت لقرونٍ طوالٍ قابلةً للتصديق ؟ ، سنطرق الباب الخلفي للتاريخ الإسلامي ، قبل الخوض في حقيقة التاريخ و ارتباط المنسوب للرسول من قول و فعل أو عدمه لجوهر الدين الحقيقي ، ننصرف الى النّظر في روايتين متناقضتين لحادثةٍ اعتاد المسلمون سماعها بإذنٍ واحدةٍ لا غير ، و هي قصّة محاكمة الإمام [ أحمد بن حنبل ] من قبل الخليفة الأموى [ المعتصم بالله ] في مسالة [ خلق القرآن ] ، ففي [ طبقات الحنابلة ] يرد ما بنصّه أنّه بعد مناظرةٍ أقر الخليفة بفوز المنتصر قائلاً : [ ... قهرنا أحمد ] ، ليأتي فقيهٌ آخر هو [ أبو داؤود ] رفقة [ بشر المريسي ] و كلاهما من [ السلف ] طبعاً ليقول احدهما :[... أقتله حتّى نستريح منه ، فقال المعتصم لاحدهم : بكم سوطٍ تقتله ، فقال : بعشرة يا أمير المؤمنين ] ، و تستمر الرواية تتحدّث عن جلد الإمام :  [... فلمّا أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت الى المئزر وسطه و قد انتحلّ ، و يريد أن يسقط ، فرفع رأسه نحو السماء و حرّك شفتيه ، و إذا لأرض قد انشقّت ، و خرج منها يدان فوزرتاه ]، و لا تنتهي القصّة هنا حيث الأسطورة و الخرافة حاضرةٌ حضوراً غير مبرّر سوى بانتماء صاحب الكتاب لمذهب الإمام لا غير ، حيث يرد أن الخليفة أمر بالإمام ليتم حبسه ، و يأتيه في اليوم الموالي كي يدور بينهم الحوار التالي :[... يا أحمد ، إنّي رأيت رؤيا البارحة ، قال : و ما رأيت يا أمير المؤمنين ، رأيت في منامي كأن أسدين قد أقبلا إليّ و أرادا أن يفترساني ، و إذا بملكين قد أقبلا و دفعاهما عنّي ، و دفعا إليّ كتاباً و قالا لي : هذا المكتوب رؤيا أحمد بن حنبل في محبسه ، فماذا رأيت يا بن حنبل ؟ ، فأقبل ابن حنبل على المعتصم ، و قال له : يا أمير المؤمنيني فالكتاب معك ؟ ، قال : نعم ، و قرأته لما أصبحت و فهمت ما فيه ، فقال له أحمد : يا أمير المؤمنين ، رأيت القيامة قد قامت ، و كأن الله قد جمع الأولّين و الآخرين في صعيدٍ واحدٍ و هو يحاسبهم ، فبينما أنا قائمٌ إذ نودي بي ، فقدمت حتى وقفت بين يدي الله عزّ و جلّ ، فقال لي : يا أحمد ، فيم ضُربت ؟ ، فقلت : من جهة القرآن ، فقال لي : و ما القرآن ؟ ، فقلت : كلامك اللهم لك ، فقال لي : من اين قلت هذا ؟ ، فقلت : حدّثني عبد الرزاق ، فنودي عبد الرزاق ، فجيء به حتّى أقيم بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال له : ماذا تقول في القرآن يا عبد الرزاق ؟ ، فقال :  كلامك اللهم لك ، فقال عزّ و جلّ : من أين قلت هذا ؟ ،  فقال : حدّثني معمّر ، فنودي بمعمّر ، فجيء به حتّى أقيم بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال عزّ و جلّ : ماذا تقول في القرآن يا معمّر ؟ ، فقال :  كلامك اللهم لك ، فقال عزّ و جلّ : من أين قلت هذا ؟ ،  فقال : حدّثني الزهري ، فنودي بالزهري ، فجيء به حتّى أقيم بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال عزّ و جلّ : يا زهري ، ماذا تقول في القرآن ؟ ، فقال :  كلامك اللهم لك ، فقال عزّ و جلّ : من أين قلت هذا ؟ ،  فقال : حدّثني عروة ، فنودي بعروة ، فجيء به حتّى أقيم بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال عزّ و جلّ : ماذا تقول في القرآن يا عروة ؟ ، فقال :  كلامك اللهم لك ، فقال عزّ و جلّ : يا عروة من أين لك هذا ؟ ،  فقال : حدّثتني عائشة بنت أبي بكر ، فنوديت عائشة ، فجيء بها فوقفت بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال عزّ و جلّ : يا عائشة ، ما تقولين في القرآن ، قالت : كلامك اللهم لك ، فقال عزّ و جلّ : من أين لك هذا ؟ ، قالت : حدّثني نبيّك محمّد ، قال فنودي بمحمّد فجيء به ، فوقف بين يدي الله ، فقال الله عزّ و جلّ له ، يا محمّد ، ما تقول في القرآن ؟ ، فقال : كلامك اللهم لك ، فقال : من أين لك هذا ؟ ، فقال النبي : حدّثني به جبريل ، فنودي بجبريل ، فجيء به حتّى وقف بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال له : يا جبريل ما تقول في القرآن ، فقال : كلامك اللهم لك ، فقال : من أين لك هذا ؟ ، فقال : حدّثني به إسرافيل ، فنودي بإسرافيل ، فجيء به حتّى وقف بين يدي الله عزّو جلّ ، فقال له : يا إسرافيل ما تقول في القرآن ، فقال : كلامك اللهم لك ، فقال : من أين لك هذا ؟ ، فقال : رأيت ذلك في اللوح المحفوظ ، فجيء باللوح ، فوقف بين يدي الله عزّ و جلّ ، فقال له ، أيّها اللوح ، ما تقول في القرآن ؟ ، فقال : كلامك اللهم لك ، فقال : من أين لك هذا ؟ ، قال اللوح : هكذا جرى القلم عليَّ ، فأتي بالقلم حتّى وقف بين يدي الله عزّ و جلّ ، فقال الله عزّ و جلّ : يا قلم ، ما تقول في القرآن ؟ ، فقال : كلامك اللهم لك ، فقال : من أين لك هذا ؟ ، فقال القلم : أنت نطقت و أنا جريت ، فقال الله عزّو جلّ : صدق القلم ، صدق اللوح ، صدق إسرافيل ، صدق جبريل ، صدق محمّد ، صدقت عائشة ، صدق عروة ، صدق الزهري ، صدق معمر ، صدق عبد الرزاق ، صدق أحمد ابن حنبل ، القرآن كلامي غير مخلوق ، قال سليمان السجري : فوثب عند ذلك المعتصم ، فقال : صدقت يا بن حنبل ، و تاب المعتصم ، و أمر بضرب رقبة بشر المريسي و ابن داؤد ، و أكرم أحمد ابن حنبل ، و خلع عليه ، فامتنع من ذلك ، فأمر به فحُمل إلى بيته ] ، هذا السرد الذي يكثر فيه الإطناب و تسوده ملامح الخرافة يؤيّد جانباً على جانبٍ هذه المرّة مباشرةً بإنتحال اسم [ الله ] نفسه ، يقوم الخليفة بناءً على هذه الرواية الخرافيّة بقطع رأس فقيهين فقط لأنهما قالا بالرأي المخالف ، لكن نفس الواقعة ترد بصيغةٍ أخرى عند مؤرّخ أخرى ، عبر وقائع مناقضة فقط بسبب كون من يوردها من المعتزلة من يقولون بالرأي المخالف في مسألة خلق القرآن ، فيقول [ الجاحظ ] في روايته : [ ... قال صاحبكم للخليفة المعتصم : إمتحنتني و أنت تعرف ما هي المحنة ، و ما فيها من الفتنة ، ثم امتنحنتني من بين جميع هذه الأمّة ، فقال المعتصم ، أخطأت بل كذبت ، وجدت الخليفة قبلي قد حبسك و قيّدك ، و لو لم يكن حبسك على تهمةٍ ، لأمضى الحكم فيك ، و لو لم يخف على الإسلام ما عرض لك ] ، و يستمر في عرضه للواقعة و الحوار الذي دار بين أطراف المناظرة ، المعتصم ، أحمد أبي داؤد ، المريسي و ابن حنبل عليهم رحمة اللهفيقول : [ ... أحمد أبي داؤد قال له : أليس شيءٌ إلا قديمٌ أو حديث ، قال : نعم ، قال : أوليس القرآن شيئاً ، قال نعم ، قال : أوليس لا قديمٌ إلا  الله ، قال : نعم ، قال : فالقرآن إذن حديث ، قال : ليس أنا بمتكلّم ، و كذلك يصنع في كلّ مسائلة ، حتّى كان يُجيب في كل سؤال عنه ، حتّى إذا بلغ المُخنق ، و الموضع الذي إن قال فيه كلمةً واحدةً برئ منه أصحابه ، قال : ليس أنا بمتكلّم ، فلا هو قال في أوّل الأمر : لا علم لي بالكلام ، و لا هو حين تكلّم فبلغ موضع ظهور الحجّة ، خضع للحق ، فمقته الخليفة ، و قال : أفٍ لهذا الجاهل مرّةً ، و المعاند مرّةً ] ، و قصّة فتنة [ خلق القرآن ] كما يسمّيها الفقهاء تضع أمامنا أسئلةً عديدةً حولها و حول حقيقة مرجعيّة كتب [ الأحاديث ] كونها كما يقول هؤلاء : [ ... تفسيرٌ و تبيان القرآن ] ، فلماذا لم يعد أصحاب الرأيين الى أقوال الرسول للبحث عن المصيب و المخطأ في هذه المسألة ؟ ، و في حال لم يكن هنالك أي حديثٍ عن هذه المسألة ، و أن الرسول لم يتكلّم عنها لا بالصريح و لا بالتلميح ، و الدليل حدوث هذه المناظرة مزدوجة الرواية ، وبقاء الفقهاء يتخبّطون الى يومنا هذا عبر تأييد رأيٍ و دحض آخر ، فإن مسألة خلق القرآن ليست من الدين في شيءٍ أصلاً حالها حال كتب الأحاديث التي تحوي فقط المطلوب من الرأي زمن تأليفها ، و نلتقف على جانبٍ آخر ناحية قصّةٍ مليئةٍ بالخرافات تسردها كتب التاريخ الإسلامي كحادثةٍ تاريخيّة لا تقبل الشك أبدأ ، نقلها شهود عيان عن قصّة [ فتح الاندلس ] ، عبر دراسةٍ تتحدّث عن [ مصادر التاريخ التقليدي ] للمرحلة الزمنيّة بين 711 – 1392 م ، في شبه الجزيرة الإيبيريّة للمؤرخ الإسباني [ أغناسيو أولاغي ] تحت عنوان [ العرب لم يغزو الأندلس / ترجمة إسماعيل الأمين ] ، ينتقد فيه هذه الوقائع و الوثائق قائلاً عبر دراسةٍ قلّ نظيرها  عن مرحلةٍ نستشف منها البين الشاسع و البعد الواضح بين التاريخ و حقيقة الوقائع التي يُنسب لها هذا التاريخ : [ ... استند جميع المؤرّخين الذين درسوا فتح شبه جزيرة أيبريا بصورةٍ أساسيّةٍ إلى نصٍّ لاتينيٍّ كتبه شاهد العيان [ المطران : إيزودورو باسنس ] ، يعدّد خلال روايته عدداً من مؤلّفاته المفقودة في زماننا و هنالك مخطوطتان يمكن إعتبارهما حجّة : الأولى محفوظة في مكتبة [ أكاديميّة التاريخ ] في مدريد ، و الأخرى في مكتبة [  لارسونال ] في باريس ] ، و ينتقل في حديثه عن أقدم المصادر العربيّة فيقول : [ ... تعود أقدم النصوص التي استند إليها مؤرخو إسبانيا في القرن الثامن إلى مؤلفين عرب و باللغة العربيّة ، منها نصوص منسوبة [ لأبي حبيب ] [ 853 م ] ، الثيولوجي المسلم الذي ادخل المذهب المالكي لأيبيريا ، إلا أن المستشرق الهولندي الشهير [ برنارد دوزي ] أثبت من خلال أبحاثه حول تاريخ الأدب في إسبانيا خلال القرون الوسطى ، أن تاريخ هذه النصوص يعود إلى سنة 891 م ، و أنّها حقيقةً نصوصٌ كتبها تلميد ابن حبيب و هو إبن [ أبي الرقّة ] ، و هنالك نصٌّ عربيٌّ آخر يعود إلى العالم المصري [ إبن عبد الحكم ] 871 م ، و نصٌّ ثالثٌ يحمل عنوان [ أحاديث الإمامة و السياسة ] منسوبٌ للمؤرّخ الشهير [ إبن قتيبة ] المتوفى سنة 889 م ، و قد أثبت [ دوزي ] أن إٍبن قتيبة لم يكتب الأحاديث ، التي كُتبت في الحقيقة سنة 1062 م من قِبلِ إبن أبي الرقّاع ] ، و يواصل المؤرّخ الإسباني الحديث عن المصادر التاريخيّة لتلك المرحلة ابتداْ من القرن التاسع وصولاً الى القرن الحادي عشر ليصل إلى نتيجةٍ مفادها أن النصوص التي يمكن اعتبارها عائدةً لتلك المرحلة باللاتينية و العربيّة تقتصر على (1)[ أخبار البلدة - لاتيني ] 883 م ، (2)[ أخبار ألفونس الثالث - لاتيني ] 910 م ، (3)[ أخبار الرازيعربي ] 976 م ، (4)[ أخبار مجموعةعربي لمؤلف مجهول ] 1005 م ، (5)[ الأخبار البربريّةعربي إبن القوطيّة ] و أخيراً تاريخ [ ابن خلدون ] الغني عن التعريف طبعاً ، وبعد حصر المصادر و المراجع الرئيسيّة ينتهي البحث الى مجموعة ملاحظاتٍ نقديّةٍ عامةٍ توصل الى حقيقة كون كل هذه المراجع في واقع الأمر و هي المصدر الوحيد و الأصل لكل الروايات التي تنتج عن تلك المرحلة ، كل هذه النصوص هي نصوصٌ خرافيّةٌ ، إذ عبر إعادة النظر في التاريخ ، و أن [ المؤرخ التقليدي ] وظيفته في واقع الأمر هي تقديم [ الوثائق ] التي لا تحوي [ الحقائق ] بقدر ما تحوي [ التبريرات ] ، نجد انّ التأريخ في واقع الأمر هو نقلٌ [ للخطاب السياسي ] نحو ساحةٍ أخرى ، و زمانٍ آخر ، و يصل الباحث في نقده الى [ حقائق ثابتة ] ، شديدة الخطورة حقيقةً تنسف [ الوثائق ] التاريخيّة التي تتحدّث عن المرحلة المشار إليها ، رغم كون [ زمن التدوين ] لم يبتعد كثيراً عن [ الوقائع ] و [ حدوثها ] ، فيتحدّث عن نقاطٍ نلخّصها في نقاطٍ مفادها أن حقائق التاريخ لا تقاوم أبسط مدارس النقد ، فما بالك عند الحديث عن التأريخ المرتبط بالدين :

 

1-   حقيقة الخيول العربيّة:

 [ ... الحصان يحتاج إلى 40 لتر من الماء في البيئة الصحراوية القاسية ، كما أنّه لم يكن مستانسأ في الجزيرة العربيّة ، خلاف وجوده في منطقة الهلال الخصيب ، و الإشارات التي تتحدّث عنه في النص القرآني ليست بيّنة على وجوده في محيط جغرافيا الصحراء العربيّة ، بقدر ما هو تعبيرٌ عن طوحاتٍ لمستوى عيشٍ أرقى ] ، [ ... الجِمال و الخيول تتنابذ ، لأنها من أصول جغرافيّة متناقضة و الرواية التي تتحدّث عن البعثة الثانية لدمشق في عهد الرسول و التي أشار إليها [ لويس ساديلو ] في كتابه [ تاريخ العرب ] عن قوّةٍ عسكريّةٍ تحوي عشرة آلاف فارس و إثنا عشر ألف جمل و عشرون ألف رجل ، غير قابلةٍ للتصديق لسبب كون توفير آلاف الجالونات من الماء لهذه الأفواج أمرٌ مستحيل بسبب طول المسافة ، كما أن بيطرة الخيول اخترعت في بلاد الغال و بقيت حكراً غربيّاً حتى حدود القرن السابع ، بالإضافة إلى أن اختراع الركاب في الصين لم يحدث إلا في الشرق الأدنى [ الصين ] حدود القرن التاسع ] .

 

2-   فقر الصحراء و عدّة الفتوحات:

 [ ... وفق قانون [ برستد ] لا يتمكّن البدو الرحّل من الإقامة في أرضٍ غريبةٍ ، و هذا القانون ينفي كون العرب تمكّنوا من الإستيلاء على الهلال الخصيب ، مصر و إفريقيا إذ تفصل بين الشام و تونس ألفي كيلومتر من [ الصحراء القاسية ] ، [ البيزنطيّين ] ، [ الرومان ] ، [ القبط ] و [ البربر ] المدرّبون تدريباً جيّداٍ ، و بدأ العمل على ضمّ منطقة [ البربر ] سنة 647 و لم يتحقّق الأمر إلا سنة 710 ، و احتاجوا الى 53 سنة للحصول على نتائج ظلت متزعزعة لوقتٍ طويلٍ ] .

 

3-   أسطورة عبور طارق بن زياد:

 [ ... الرواية المتوفّرة حول هذا الموضوع وردت في [ أخبار مجموعة ] ، و تقول : أن [ أولبان ] أعار العرب 4 زوارق حمولتها القصوى 50 رجلاً ، و يحتاج طارق لنقل جيشه ، كون [ البربر ] لم يكن لديهم [سفن بحريّة ] ، يحتاج الى ثلاث أشهر ، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث ما لم يتمكّن الجنود الذي يصلون شواطئ إسبايا من النجاة من مجزرةٍ ، لكنّ [ ابن أبي الحكم ] يعيد الأمر الى [ خدعةٍ ] مفادها : [ أن عناصر جيش طارق كانوا يحتجزون الفلاّحين في إحدى [ الجزر ] ثم يقتلون واحداً منهم و يطبخون جثّته في قدر ، و يطبخون في القدر الآخر اللحم العادي ، في محاولةٍ لإقناع الفلاحين أنّهم من [ أكلة لحوم البشر ] ، و بعد نجاح الخدعة أشاعوا الخوف في الجزيرة ، واستقبل [ الإيبيريّين ]  العرب من شدّة رهبتهم ] ، لكن هذا الكلام غير مقنع لانّه لا يوجد أي جزيرة في المضيق ، و جزيرة [ البقدونس ] ليست سوى [ صخرة ] ] ، [ ... الوحيدون الذين يستطيعون تنفيذ عمليّة نقل جنود [ طارق ] الى الشاطئ الآخر هم أبناء مدينة [ قادس ] الذين كانوا يقومون برحلاتٍ في إتّجاه [ إنجلترا ] منذ الألف الثالث قبل الميلاد بحثاً عن [ القصدير ] ، و قد تمكّنوا من الإبحار بمحاذاة الشاطئ الغربي لإفريقيا ،  وربّما تمكّنوا من الدوران حول إفريقيا ] ، [ ... يقول كاتب [ أخبار مجموعة ] أن طارق أرسل 700 فارس إلى قرطبة بعد أن اجتاز وادي [ لكّة ] في معركةٍ شهيرةٍ و مدينة أسيغا التي تبعد 160 كلم عن ممر يحوي مدناً قويّةً مثل [ رندة ] و [ أوسيما ] ، رغم كون العرب لم يستطيعوا نقل الخيول في البحر بسبب خاصيّة الجفل لديها ، فالرومان لم ينقلوا الخيول في البحر إلا نادراً رغم إتّساع زوارقهم ، و ما يؤكد ذلك ما يقوله صاحب الكتاب عندما يقول : بعد إستحواذ كلٍ من العرب على [  حصان ] ، أرسل طارق حملته إلى قرطبة ، الأمر الذي يعني أنهم لم يكونوا يمتلكون الخيول حين نزلو إيبريا ] ، [ ... أن [ موسى بن نُصير ] حين أراد أن يدفع أهل مدينة [ ماردة ] الى الإستسلام ، صبغ لحيته البيضاء بلونٍ أحمر بعد إتّصالٍ أول مع المتفاوضين ، ثم جاء في الإجتماع الثاني بلحيةٍ [ حمراء ] ، فصرخ أحد المندوبين : [ لا بدّ انّه واحدٌ من أكلة لحوم البشر و ليس ذلك الشخص الذي رأيناه المرّة الماضية ، و في الإجتماع الثالث صبغ لحيته باللون [ الأسود ] ، و لدى عودة المفاوضين إلى المدينة قالوا لسكّانها : إنّكم تقاتلون أناساً يتغيّرون بمشيئتهم ، و ملكهم الذي كان منذ أسبوع شيخاً مسنّاً هو الآن رجلٌ شاب ، إذهبوا و استسلموا له ، هذا مطلبه ] ، و هذه المدينة كان يسكنها أكثر من نصف مليون نسمة ، و لم تكن قريةً مأهولةً بسكّانٍ جهلةٍ ، يمكن خداعهم بتغيير لون اللحية ] .

 

4-   ثلاث روايات لخرافةٍ واحدةٍ:

 [ ... يروي كتاب [ أخبار ألفونس الثالث ] قصّة معركةٍ حدثت في جبال [ أشتورش ] ، بالقرب من مغارةٍ تثنسب إلى العذراء ، يواجه المسيحيّين أعداء يسمّيهم الكاتب [ الكلدانيّين ] ثم يسمّيهم [ العرب ] ، و تنتهي المعركة بمقتل مائة و ثمانين ألفاً منهم ، ثم ينهار جبلٌ على الستين ألف الباقين إثناء إنسحابهم فيُسحقون ] ، [ ... عند زملائهم العرب من مؤرّخي المرحلة نفسها كان موسى و العرب يُقاتلون تماثيل من نحاسٍ تُطلق السهام ، يهاجم الأبطال مدينةٌ مأهولةٌ بالعفاريت ، فيُصدرون لهم الأوامر بإخلاء المدينة فيُسارعون للتنفيذ ، و في مدينة [ طُليطلة ] في خزائن [ القوط ] وُجد الصندوق الذي كان سليمان يسجن فيه العفاريت الشرّيرة ، و في يومٍ من الأبّام ظهر أحد هذه العفاريت و ألقى على موسى السلام معتقداً أنّه أمام ملك إسرائيل ، و يقول [ دوزي ] أنّه قرأ في تاريخ [ ابن حبيب ] أن أسوار المدن المحّصنة كانت تنهار وحدها بعد صلوات موسى كما إنهارت أسوار [ جرش ] على أصوات بوق [ جوزيا ] ، [ ... و تقول [ أخبار البربر ] أن الفتح انتهى إلى خلافٍ بين موسى و طارق ، و أن الخلاف لم يكن له أيّة علاقةٍ بالمشكلات التي يطرحها غزو إيبيريا الواسعة الأطراف ، إنّما تعلّق بطاولةٍ كانت لسليمان الملك ، وُجدت في خزائن القوط ، وجدها طارق إلا أن موسى أخذها منه ، و الأسوأ من ذلك هو أنّه شتم مرؤوسه أمام جنوده و لطمه عل وجهه ، و انتهى الخلاف إلى العنف المتبادل ، فذهبا إلى الشام للتقاضي و تركا إيبيريا بدون سلطات ، و صرّح موسى أمام الخليفة أنه عاقب طارقاً بهذه الإهانة لأنه استمر يخالف القوانين و الأعراف ، و ردّ طارق بأن قائده كان غاضباً لأن الطاولة كانت عرجاء بسبب فقدان قائمتها الرابعة ، و للحكم بالعدل في هذه المسالة [ المهمّة و الدقيقة ] كان الخليفة يتهيّأ لإستحضار روح المالك الأساسي للطاولة موضع الخلاف ، لكنّ طارقاً أخرج من تحت عباءته الدليل القاطع على حقّه ، أي القدم المفقودة التي كسرها بنفسه ، لتشكّل بيّنةً امام القضاء ، و هكذا جاء الحكم ضد موسى ، و يقول البعض أن الحكم قد اقتصر على الجلد بالسوط فقط لخدماته الكبيرة ، إلا أنّه مات تحت السوط ، أما كاتب [ أخبار مجموعة ] فقد حمّله عقاباً كبيراً عجّل بموته ، و في جميع الاحوال فإن أيّاً من الفاتحين الكبيرين لم يعد إلى [ إسبانيا ] ، مات [ موسى بن نصير ] ، و لا نعرف أين ذهب [ طارق ] بعد استرجاع طاولته ] .

اجمالي القراءات 9974

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-12-23
مقالات منشورة : 42
اجمالي القراءات : 458,367
تعليقات له : 14
تعليقات عليه : 55
بلد الميلاد : libya
بلد الاقامة : libya