ف 2 : ثانيا : (ب) عبادة البدوي

آحمد صبحي منصور Ýí 2011-05-28


 

قد يبدو هذا العنوان غريباً لأننا تعارفنا  لفظا على أن العبادة لا تكون إلا لله ، مع أننا فعلا نمارس العبادة لغير الله باستمرار دون أن ندري .والسبب أننا نشأنا على أن العبادة هى  ما نؤديه لله تعالى من صلاة متعجلة بحركات سريعة وهمهمات يتولى اللسان إخراجها بلا عقل أو فقه ، أو ما نقوم به من امتناع عن طعام وشراب فى رمضان دون امتناع عن زلات اللسان بل على العكس يصبح صيامنا فى رمضان تكأة للانفعال والسباب والشتم ومبرراً لملء البطون فى الليل وللنوم فى النهار. وحين نقوم بالحج فإن غاية المنى هى السياحة والهدايا وزيارة (قبر الحبيب) واكتساب لقب (الحاج) .

لقد فرغنا عناصر العبادة الإسلامية من مضمونها الأساسى وهو التقوى ومراقبة الله وخشيته وأن تكون وسيلة للسلوك الحسن مع النفس والناس ، لا ان تكون مجرد هدف شكلى نخدع به أنفسنا قبل أن نخدع به الغير .

وفى الوقت الذى حولنا فيه العبادة الإسلامية إلى مجرد مظاهر وأشكال خالية من مضمون حقيقى فإننا فعلاً نمارس شعائر التصوف وعباداته بنفس الأشكال الإسلامية تقريبا ولكن بدرجة أعلى من الإخلاص واليقظة والوعى .. ونحن هنا على موعد لإثبات ذلك فى بحثنا عن عبادة البدوي أشهر الأولياء فى مصر (ومحل تقديس أهلها من قرون ) كما تقول دائرة المعارف.

الصلاة للبدوي:

1 ـ الصلاة فى المعنى هى الدعاء والتوسل يقول تعالى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ) التوبة : 103،أى ادع لهم بالرحمة ، فالنبى محمد عليه السلام كان مأمورا بالصلاة علي أصحابه التائبين ،أى يدعو الله جل وعلا ان يقبل توبتهم ، ونحن مأمورون بالصلاة عليه أو بالدعاء له بالرحمة ، كما أن الله تعالى يصلي عليه أي يرحمه والملائكة أيضا أى تدعو له يقول تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب : 56، والله تعالى يصلى علينا كما يصلى على رسوله، يقول تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) الأحزاب :43.

والصلاة فى الشكل هى قيام وركوع وسجود فى هيئة خاشعة ، والقرآن الكريم عبر عن الصلاة بالركوع والسجود فقال عن الصحابة (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) الفتح : 29 ، وقال لنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الحج : 77 ، والذين آمنوا إذا أفلحوا كانوا خاشعين فى هذه الصلاة محافظين عليها (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)....( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) ) المؤمنون.

فالله سبحانه وتعالى شرع لنا الكيفية التى تؤدى بها الصلاة له بنفس الشكل الذى نؤديها به من ركوع وسجود وقيام فى هيئة خاشعة ، وفى أثناء ذلك ندعوه ونتوسل به بالفاتحة فى صدر كل ركعة . والفاتحة هى ثناء على الله ودعاء وتوسل به وبالتسبيح والتضرع فى كل ركوع وسجود وتشهد .هذه هى الصلاة الإسلامية فى حقيقتها  دعاء وتوسل من حيث المضمون وركوع وسجود وقيام فى خشوع من حيث الشكل .

2 ـ ولا تفترق الصلاة التى توجه بها الصوفية للبدوي عن الصلاة الإسلامية ففيها دعاء وتوسل ولا تخلو من قيام وركوع وسجود . وإن كان ثمة اختلاف ففى أن الصلاة للبدوي تؤدى بلا سهو أو انشغال أو سرحان وإنما بحضور وخشوع ووعى ، ثم أنه لا يطلق عليها صلاة. لذا إعتقدنا أن الصلاة ليست إلا ما نقوم به من حركات فى المواقيت الخمسة ونحن مشغولون بكل شىء سوى الصلاة .

الصلاة للبدوي كدعاء وتوسل :

1 ـ وكما أنه فى الصلاة الإسلامية دعاء وتوسل بالله فان فى الصلاة (البدوية) توسل بالبدوي ودعاء موجه إليه لدفع ضرر أو جلب نفع ، خاصة وهو ( ندهة المنضام) .. والتوسل بالبدوي عبادة كاملة يمارسها الصوفى فى كل وقت إذا حاقت به مصيبة .

يقول أحدهم [1]:

   إذا ما أحاطت بي صنوف المتاعب      وخفت من الخطب الكريه المتاعب

   أتيت إلى كهف منيـــع وســـــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد      قضـــــــــــــيت به فـى كل أمـر مطالبي

ويقول آخر [2]:

 إذا الـدهر قد آسـاك يومـا بريـــــــــــــــــــــــــــــــــــبة          وأصبحت منها فى عناء وشدة

وصارت صروف الدهر تبدي عواصفاً           بإعصار نار فيه أحلاك وظلمة

وقد ضاق منك الزرع وانقــــــــــــــطع الرجـا           وآيست من اجلاء تلك الغيــــومة

 فبادر واســـــــــــــــــــــــــــــــــع إلـى نـــــحو طــندتا           بصدق وإخلاص وإصراف همة..

 

فالصوفي إذا ألمت به مصيبة نسى الله وسافر سعياً للبدوى ( بصدق وإخلاص واصراف وهمة).. وإذا تباعدت المسافة بين الصوفى وطنطا فيمكن له الاكتفاء بالنداء فالبدوي قريب من أتباعه .. يقول أحدهم [3]:

    يا من رماه الدهر بالإزعــاج        ناد بـعزم يــا أبا فـــــــراج

   فهو الأمان من الحوادث إن أتت        وهو الملاذ  لنا  وعون الراجي

   وهو المراد إذا الخطوب تراكمـــت       وهو المجـــــــــــيـب لـدعوة المحتاج

2 ـ وتكفلت الأساطير الصوفية بإعلان أن البدوى يسارع بإجابة المضطر إذا دعاه قياسا على رب العزة جل فى علاه . فأولاد المعلوف تمتعوا بحماية البدوي وإذا تعرض حاكم لأحدهم يقول :  " يا سيدي أحمد فيجيبه فى الحال " [4]وفى أسطورة أخرى إن البدوي قال لإبن أخيه " إذا اشتقت إلى فاطلع على جبل أبى قبيس وناد بأعلى صوتك فأنى أجيبك ولو كنت خلف جبل ق [5]"  والدسوقي رفيق البدوي فى الدعوة يخاطب مريده بمثل ذلك يقول " يا ولدي إن صح عهدك معى فأنا منك قريب غير بعيد وأنا فى ذهنك وأنا فى سمعك وأنا فى طرفك وأنا فى جميع حواسك الظاهرة والباطنة ) [6]وقد جعل الأحمدية عامة الأولياء ومنهم ذلك الدسوقي يتوسلون بالبدوي قطب الأقطاب ، يقول أحدهم [7]:

وقد سعت أولياء الله فى ملأ من        الرجال ذوى الأنفاس والهمم

بالشرق والغرب جاءوا طالبين قرى من صاحب الوقت والإمداد بالنعم

 وكم ولي وكم قطب أتاه وكم من عارف جاءه يسعى على قدم

كيفما يفوز بأقدام يسر به من فيض أفضاله المنجي من النقم

وعلى ذلك فالبدوي أسرع فى الإجابة من الدسوقي الذى هو قريب من مريده وهو الذى يحل فى جميع حواس المريد إذا دعاه ، وأقرب إليه من حبل الوريد حسبما يزعمون .

3 ـ وكما يترنم المسلم فى صلاته لله باسماء الله الحسنى تزلفا إليه وطلبا لمرضاته وأملاً فى نواله فإن الصوفي يتغنى أيضا بصفات للبدوي نحتها من الاعتقاد فى تصريفه وغياثه للخلق المتوسلين به .

يقول أحدهم [8]للبدوي فى توسله :

    يا ملاذ الورى وكنز غـناهم        يا شريفاً تسمو به الشرفاء

   يا محط الرجال يا قطب غوث      يا جواداً فى حبه الاعطاء

   يا مرد الرجال فى كل كـرب      يا حليماً من شأنه الاغضاء

ويقول آخر عنه [9]:

    يا من رماه الدهر بالازعــاج                        ناد بـعزم يـا أبـا فـراج  

   فهو الأمان من الحوادث إن أتت           وهو الملاذ لنا وعون الراجــــــــــى

   وهو المراد إذا الخــــطوب تراكمت           وهو المجيب لدعوة المحـتــــــــــــاج

   وهو الطبيــــــــــــــــــــب لنا ومرهـم طـبه          يبرى ضعيف الحال دون علاج

   ولقد دخلت إلى حـماه بـعلتـــــــــــــــــــي          وقد استعــــــــــــــــذت بـه من الاحـراج

وآخر يقول  [10]:

    إن الملثم أحــــــــــــــــمد يتـــــــــــــــــــعــرف             لمؤمـل مـن طيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبه يتعرف

   وهو المجيب لسائل يــتوســــــــــــــــــــل             إذا باســــــــــــمه عند المخاوف يهتف

  وهو الملاذ إذا الخطوب تراكمت            وهو المـــــــــــــــــــــــعاذ فى الشدائد يعـرف

  وهو الذى فى الكرب يكشف غمه           وهو الذى للســـــــــــــــــــــــوء عنا يصـرف

  وهو الذى تلقــــــــــــــــــــى السـعادة عـنده            وهو الذى يحنو عليـك ويعـــــــــــــــــطف

  وهو الذى عمـــــــــــــــــــن أتـى أعتابه             كل المخاوف والمتاعب يكشف .إلخ

4 ـ وأسلوب التوسل كان يكشف عن أقصى قدر من الخشوع والابتهال  للبدوي كقول أحدهم وهو الشهاب العلقمى [11].

      قد آتيـناك يا مـلثم نــــــــــــرجو        مـدداً تنتفــــــــــى به الضــــــــــــــــــراء

     ونزلنا نـــــــــرجو قراك ضــــــــيوفاً       أتت تدرى ما تبتغى ونشـــاء

     وعبدك العلقمى أحمد يرجو        ما به قد وعدت ومنك الوفاء

ويقول آخر [12]:

    أتيت حماك الرحب استمطر الندى               وبذل أياد ما لهن مضـــــــــــارع

    وحاشا وكـلا أن أخيــــــــــــــب وأن لي               فؤاداً بقصد الغير ما هو قانع

    نحوتك أرجـو منك ســـــــــالف عادتي              فجد لي واسعفني بما أنا طامع

    أغيرك ينحوه المؤمــــــــــــــــــل أو سـوى              رحابك أهل تثنى إليه المطالع  

 ونسى صاحبنا تماما أن الله أعز وأكرم وأرجى .  يقول آخر مطالبا بنجدة [13]سريعة :

    بدوي النـــــــــــــجاد أدرك ودارك            قد آتينا إلى حمـــــــاك ودارك

    أنت ذخري  دعوتي ومــلاذي           وأنا الآن داخل فى حــــــــلالك

    انجد انجد هيا وهيا ســـــــــــريعا            ذمة العــــــــــرب لا تضيع بذلك

ونحوه آخر يقول [14]:

    ياأيها البدوي إنى صرت جارك          ولى البشارة حيثما يمـمـــــــــــت دارك

    ولقد آتيـتك سائـلاً متوســــــــــــــــــــــلاً           وبالانكسار نزلت منزلك المبـــــــــــــــارك

    يا أيها البـطل الـعزيز بطـــــــــنتدا            قد مسنى الضر والتمس اقتــــــــــدارك

    وبباب عزتك احتميت من العدا            فتول نصرى أننى أرجو انتصـارك

    لا تتركني للأراذل خـاضـعاً              وأجر مضاماً فى حماك قد استجارك

   وأقام فى أبواب عـزك داعـياً              وعلى الأحبة أجمعين قد استجـــــــــــارك

   وانصره ياغوث الورى وأدم له             فتحاً على طول المدى وله تـــــــــــدارك

    فالنصر والفتح المبـين محقق             لمن احتمى بك وارتجاك وحل دارك

5 ـ والواقع أنهم خاطبوا البدوى كما لو كانوا يخاطبون الله جل وعلا ، وبنفس الخشوع فى التوسل والدعاء .

يقول أحدهم كأنه يخاطب الله تماما [15]:

   إنى آتيتك يا ذا المشرع العالـي         فانظر بلحظك فى شأني وفى حالي

  ولا تكلني إلى من ليس ينصرني         ولا إلى ذي جفا للـعهد لـي قـــــــــــــــــــالي

   ففاقتي لك يا ذا الطول قد علمت         من كسر قلبي ومن حالي ومن قالي

  وقد تحاميت فى الجاه المـديد فلا         تردني خائباً من فيض أفضــــــــــــــــــــــــالي

   ومن أولى بغوث منك يا أمـــــــــــــــــــلي       ومنتهى رحلتي ومــــــــــــنائي بل وآمالـي

  وصن بعزك ياذا الطول وجــــــــــــــــــهـي        عن سؤال غيــــــــــــــرك ممن حالـه بـالي

  وقـد نزلـت ببـاب فاز قاصــــــــــــــــــــــــــــده         بكــل قـصد وتعـظيـــــــــــــــــــــــــــــــــم وإجـلال

والفاتحة أشهر نصوص التوسل فى الصلاة ولا تحتوى مبالغة فى الخضوع كما يظهر فى الأبيات السابقة .

الصلاة للبدوي من حيث الشكل :

والدعاء أو التوسل كان يقال للبدوى فى حالة قيام خاشع أو ركوع متبتل أو سجود خانع .

1 ـ يقول أحدهم يشرع كيفية التوسل للبدوي [16]:

    فيأيها الملهوف لازم جنـابـه              ولذ بالحمى وألبس ثياب المذلة

   وقبل ثرى الأعتاب وابدأ تحيـة            بتحسين ألفاظ واتــــــــــــــــــقان فطـنة

   وكن خاشعاً قلباً وكن فى رحابه           أدوباً خضوعاً ذا حيـاء وخشية

  وذرها ملأى بالدمع تبدو سواحماً          على صفحة الخدين تجرى بعبرة

 وقل يا عظيم الجاه يا عمدة الرجى         أيا شيخ كل العرب وابـن النبوة

  آتيـتك ملـهوفاً وقلـبى مـوله                  أجرنى أبا العباس من نار لهفتي

  أغثني وأدركني .....إلخ

فصاحبنا يأمر المتوسل بتقبيل تراب القبر ويبدأ بالتحية بأحسن الألفاظ وبعقل واع مع خشوع القلب مع الأدب والخضوع والحياء والخشية ثم تنهل العين بالدموع السواحم وبعدها يقول يا عظيم الجاه يا عمدة الرجى ...إلخ .

2 ـ وتقبيل التراب معناه السجود .. فصاحبنا لا يستطيع أن يلمس بشفتيه التراب إلا إذا سجد وتقوس ظهره ..

ونحوه ما يقول البكري [17]:  

 فمرّغ الخد فى أعتاب حضرته          لعله بالرضـــــــــــــــــــا والبشـر يـلقاكا

   ونـاد يا سيدى بالـباب منـــــــــــــكر         عسى يجيب بمآثر جوده دعواكا

وتمريغ الخد فى الأعتاب نوع آخر من السجود يشارك فيه الخد والوجنتان الشفتين فى تقبيل التراب .

3 ـ والوقوف أمام ضريح البدوي ليس وقوفا عاديا بل هو خضوع كامل وتوجه تام للرفات الميت لعله يسمع ويجيب وإن كانوا يعتقدون حياته الأزلية وتصريفه الكامل....

يقول الملاح [18]:

   قم بانكار هل يحــــــــصل جـيره         مرغ خدودك فى ثرى عتابه

  واقرأ السلام وقف بجاه ضريحه       بتأدب واستـجل من نفحــــــــــــاته

  وانظر إلى الأنوار منه تصاعدت       واشهد شهود الحق من مرآته

فهنا أمر بالقيام بانكسار وذلة مع تمريغ الخدود فى التراب كالعادة ثم يقرأ السلام بتأدب ويحاول أن يرى الأنوار المتصاعدة من الضريح وبالطبع فلن يرى شيئا إلا ما يزينه له شيطانه ، ثم تتم الفاجعة بقوله : " واشهد شهود الحق من مرآته " أى أشهد وجود الله فى ذلك الوثن .!!

ويصف البكري وقوفه أمام البدوي [19]فيقول :

     وقفنا بخضوع نــــــــــــــــــــــــرتجي            فيض أفضال لهم تأتي لنا

     وبسطنا أيدي الفقر نبتغي             سـاد من جاءهم نال الهنا

4 ـ وفى الأقاصيص والأساطير الصوفية كان البعض يكب على يدي البدوي وقدميه يقبلهما ، وتقبيل اليدين مع الخشوع هو الركوع بعينه كما أن تقبيل الرجلين بنفس الخضوع هو السجود تماما. وفى قصة دخول البدوي لبيت ركين الدين قالوا أن صاحب البيت حين عرف البدوي ( قبل يديه ورجليه وتبرك به وجثا على ركبتيه وجلس متأدباً بين يديه [20]) وهذا النص لم يترك من أشكال الصلاة شيئاً ، فتقبيل اليدين ركوع وتقبيل الرجلين سجود والجثو على الركبة ركوع آخر والجلوس متأدباً كالجلوس للتشهد ، ثم التبرك به هو الدعاء والتوسل أو مضمون الحركات فى الصلاة .

وفى قصة اعتراض ابن دقيق العيد على البدوي وتركه للصلاة حكوا أسطورة تقول أن ابن دقيق رأى نفسه فى جزيرة واسعة ولم يعرف الطريق للعودة وقابله الخضر فيها ونصحه بأن يعتذر للبدوي حين يأتى للصلاة فى تلك الجزيرة المجهولة وحين أتى البدوي (تعلق الشيخ ابن دقيق العيد بأذياله وكشف رأسه وجعل يقبل يديه ورجليه ويبكي ويستغفر ويعتذر وأنصف من نفسه ) [21]  أى أن ابن دقيق العيد فى تلك الأسطورة انتهى إلى أن يصلى للبدوي بعد أن كان يعترض على ترك البدوي للصلاة .

وكأنما أصبح تقبيل اليدين والرجلين عادة سيئة عند كتاب الأساطير الأحمدية يعاقبون من خلالها من يشاءون من الحكام فقد قالوا أن الظاهر بيبرس جاء إلى مكة متنكراً فتعرف عليه الحسن أخو البدوي وحين أدرك الظاهر بيبرس أن تنكره لم يعد مجدياً اكب يقبل  أقدام الحسن [22]، وقالوا أن ابن اللبان حين اعترض على البدوي فسلبه العلم والدين استجار بياقوت العرشى فتوسط له عند البدوي فعفا عنه ثم علم السلطان حسن بهذه الواقعة وأكبر أن يكون لياقوت العرشي وهو عبد حبشي هذه المكانة فعرف ياقوت ما دار بخلد السلطان ، وأدرك السلطان مغبة هذا الخاطر فأقبل على ياقوت ( وجثا على ركبتيه وقبل يد الشيخ ورجله .. واستعطف السلطان خاطره [23]) .

والمهم أن الصوفية مارسوا شعائر الصلاة شكلاً بالوقوف والركوع والسجود مع الخشية والخشوع كما مارسوها قولاً بالدعاء والتسبيح بأسماء البدوي وصفاته والتوسل به بمنتهى الخضوع والخنوع . فهل بقى من الصلاة شىء تناساه الصوفية أمام البدوي ؟؟ . طبعا تناسوا ما درج عليه الناس من غفلة فى الصلاة وإتيان بحركاتها دون إدراك لما يقولون . هذا إذا صلى ، والأغلب أن من يصلى هذه الصلاة يحسب نفسه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .. ذلك أننا نعيش عصراً أصبح فيه الإسلام غريباً بحيث أننا نمدح الشخص بأنه (مصلى ) كأنما أصبحت الصلاة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط التكليف عن الآخرين ..

البدوي فى الآذان :

1 ـ ونعود للصوفية الأحمدية وقد عز عليهم أن يخلو الأذان الإسلامى ( الله أكبر) من ذكر البدوى فتحايلوا لإدخال البدوي عنصراً من عناصر الآذان ليسبحوا بحمده من فوق كل مئذنة .

يقول عبد الصمد أن ابن اللبان كان يتمشي مع قاضى القضاة فى عصر السلطان الناصر حسن ( وإذا هما برجل من جماعة سيدي أحمد البدوي من السادة السطوحية يذكر الله تعالى ويقول : السلام عليك يا رسول الله والسلام عليك يا أحمد يا بدوي ، ويرفع صوته بلهجة السطوحية فقال الشيخ شمس الدين ابن اللبان لقاضى الإسلام : من هذا الذى جمع فى السلام بين سيد المرسلين وبين أحمد البدوي وأشرك البدوى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السلام ، والله أن هذا الرجل يستحق التعزير البليغ كيف يقول السلام عليك يا رسول الله والسلام عليك يا بدوي ، فقال القاضى : لعل حب شيخه قد غلب عليه لاعتقاده فى شيخه ، وما زال يقول له لا بل يستحق التعزيز ، وصار يستعطف بخاطر الشيخ شمس الدين بن اللبان فقال : لابد من تعزيزه ، فلما نام الشيخ شمس الدين بن اللبان تلك الليلة إذ رأى فى منامه كأن سقف الجامع قد فرج ونزل منه شخصان أحدهما جلس عند رأسه والآخر جلس عند رجليه، فقال الذى عند رأسه للذى عند رجليه :اسلبه الإيمان فقال لا بل نسلبه العلم والقرآن ونبقى عليه الإيمان فأنه وقع فى حق سيدي أحمد البدوي. ثم إن كل واحد منهما مسكه من الناحية التى هو فى جهتها وهزه هزة فطمس الله على قلبه وانتزع العلم والقرآن من صدره ، فانتبه الشيخ فزعاً مرعوباً مسلوب القرآن والعلم لا يحس أن يقرأ آية ولا يعلم مسألة فى دين الله تعالى[24]).أى أن الملكين نزلا من السماء وسلبا المسكين ابن اللبان (رأسماله) من القرآن والعلم لأنه على حد قولهما ( وقع فى حق سيدي أحمد البدوي ) أى أن البدوي سيد الملائكة أيضا .والمهم أن السبب فى المعصية التى حاقت بابن اللبان هو اعتراضه على التسليم على البدوي فى الآذان إلى جانب النبى صلى الله عليه وسلم ، والرواية كما سبق مصنوعة فابن اللبان صوفي ملحد لا يتصور من مثله أن ينكر على البدوي .

2 ـ والواقع التاريخي يؤكد أن العصر المملوكي لم يعرف التسليم على البدوي بعد الآذان كما تدعى تلك الرواية الصوفية الموضوعة ؛ فالعصر المملوكي لم يشهد إلا التحوير فى الآذان بإضافة التسليم على النبى عليه السلام ، وقد بدأ ذلك فى سنة 765 بأمر من المحتسب صلاح الدين البرلسي الصوفي فقد أمر المؤذنين بإضافة ( السلام عليك يا رسول الله ) بعد أذان العشاء ليالى الجمعة وقبل الفجر ؛ يقول المقريزي ( فاستمر ذلك ولم يكن قبله إلا الآذان فقط ) [25]. وفى عام 782 ( أحدث السلام على النبي عقب آذان العشاء ليلة الاثنين [26]) أى أضيفت ليلة الاثنين إلى ليلة الجمعة .. ثم ادعى صوفي أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام وأنه كلفه برسالة للمحتسب نجم الدين الطبندي يأمره فيها بأن يجعل المؤذنين يصلون عليه عقيب كل آذان ، يقول المؤرخون ( وكان الطبندي فى غاية الجهل  فسرّه قول الرائي فأمر بالصلاة على النبى بعد كل آذان ، واستمر ذلك ) [27].وحدث هذا فى عام 791. وإلى القرن العاشر الهجري حيث سجل الشعراني دقائق الحياة الدينية والصوفية لم أجد ذكراً للتسليم على البدوي بعد الآذان مما يجعلنا نؤكد أن هذه الرواية وضعت خصيصاً بعد عصر الشعراني لتمهد لإضافة التسليم على البدوى بعد الآذان وتهدد مقدماً كل من يعترض على إضافة البدوي للرسول عليه السلام بعد الآذان .. وأى تهديد أخطر مما حدث لابن اللبان فى تلك الأسطورة .

ولا يزال البدوي يتمتع حتى اليوم بالإشادة باسمه من فوق المآذن خاصة فى المساجد الصوفية . مع أن الآذان الإسلامى نص صريح لا يجوز تعديله ولا الزيادة عليه ، ثم إن هذه البدعة تتنافى تماما مع قول المؤذن (الله أكبر) فالله أكبر من كل شىء وأعظم من كل شىء ولا يستحق أن يذكر معه على وجه التعظيم شىء آخر من مخلوقاته ..

الحلف بالبدوي :

ولقد وجد البدوي سبيله لألسنة الناس يحلفون به فى إيمانهم المغلظة ، ومعلوم أن القسم لا يكون إلا بالله تعالى ..

يقول الشعراني أنه اجتمع مرة بأحد الأولياء من الهند وقد أتى لزيارة مولد البدوي ( فقلنا لهم من عرفكم بسيدي أحمد البدوي فى بلاد الهند ؟ فقالوا يالله العجب ، أطفالنا الصغار لا يحلفون إلا ببركة سيدي أحمد وهو من أعظم إيمانهم وهل أحد يجهل سيدي أحمد ، إن أولياء ما وراء البحر المحيط وسائر البلاد والجبال يحضرون مولده ) [28]. فالشعراني يفترى على الهند وصبيانها كذبا حين جعلهم ( لا يحلفون إلا ببركة ) سيده أحمد البدوى .

وأن الحلف بالبدوي من أعظم إيمانهم هناك – والكلام لك يا جارة .! فإذا كان الهنود يحلفون بالبدوي فأنتم يا مصريون أحق وأولى بالحلف به وتقديسه .. وإذا كان سائر الأولياء فيما وراء المحيط والجبال يحضرون مولده فأنتم أيها المصريون أجدر بالحج إلى البدوي فى مولده .. هذا ما يقصده الشعراني ..

ويقول مريد احمدى فى البدوي [29]:

   وكلهم لاعتقاد يحلفون به          وكم بتمداحه مداحهم لفظاً ..

ويقول آخر [30]:

وحقك عندى يا ملثــــــــــــم وهـو لـــــــــــــــي          يمين ثمـين حـقا لن يضــــــــــــــــيعا

وقدرك عند الله والبيت والـــــــــــــــــــــصفا          ومروة مع حـجر وركن ومـــــدعى

وفكك الأسرى وفضلك فى الــــــورى        وفضل مقام صـار للجود موضــــــعا

ونجدك العظمى لمن عندك احتمى        وجعلك دور السوء بالبطش موضعا

لقد فاز من يسعى بأبــــــــواب عزكم         وخاب الذى فى غيره أبوابكم سعــــى

فذلك الصوفي يقسم بحق البدوي عنده وبقدره عند الله والكعبة والركن ويقسم بأمجاد البدوي المفتراه وضريحه وتصريفه .. ويقسم بذلك كله على أن من يسعى فى غير أبوابه خاب ، حتى ولو كان يسعى ويطوف حول الكعبة نفسها .. ألم يقل بعد تلك الإيمان :

لقد فاز من يسعى بأبواب عزكم وخاب الذى فى غير أبوابكم سعى

أليست الكعبة بيت الله ينطبق عليها قوله (غير أبوابكم ) ، ولا نستكثر ذلك على الصوفية فقد جعلوا من( ضريح ) البدوي (كعبتهم ) المقدسة ، وجعلوا من قدومهم إليه (حجاً) و( سعياً) وجعلوا من (مولده) الأشهر الحرم ..

الحج للبدوي :

الحج فى الأصل هو القدوم والقصد تقول حججت إلى فلان أى قدمت إليه وقصدته ، والحج لبيت الله هو القدوم للكعبة حرم الله فى مدة معلومة خلال الأشهر الحرم لإقامة شعائر الله من طواف بالبيت ووقوف بعرفة إلى آخر شعائر الحج المعروفة .

الحج بين الإسلام والجاهلية :

ولا حج فى الإسلام إلا لبيت الله الحرام ( الكعبة) التى يتوجه إليها المسلم بوجهه خمس مرات فى كل صلاة يوميا ، أما الصوفية فلهم ( كعباتهم) التى إليها يحجون فى (أيام حرم) هى الموالد .. ولا شك أن أشهر ( الكعبات ) التى يقصدونها هى طنطا وقبر البدوي فى مناسبة (المولد) .

وشعائر الحج الصوفي لضريح البدوي تتماثل مع الحج الإسلامي للكعبة بيت الله الحرام .. ففيه قدوم وسعي وطواف ، وضريح البدوي يعامل فى كتاباتهم كأنه الكعبة حتى لقد وضعوا فيه الحجر الأسود ، وزوار الضريح يطلق عليهم حجاج ، وللحج الصوفي أيام معلومة هى مناسبة المولد ، وفى النهاية فالزوار يقدمون النذر لصاحب الضريح كما يفعل الحجاج فى مكة حين يقدمون الهدي والكفارات .

وقد كان العرب الجاهليون مع تعظيمهم للكعبة وحجهم إليها – يحجون إلى أصنام أخرى فى أوقات أخرى  جعلوا  لها حرماً أو مكاناً محميا لها ينطبق عليه نفس التقديس الذى لتلك الأصنام والأنصاب ، تماما كما يعاملون الكعبة والحرم فى مكة .. ومن أشهر تلك الكعبات الجاهلية كعبة ذى الشرى فى بطرا حيث يقوم صنم ذى الشرى على قاعدة مكسوة بالذهب يحج إليه الناس على أنه رب البيت .. وإلى جانب كعبة ذى الشرى كانت للجاهليين جملة بيوت أخرى معظمة عرفت بالكعبات أى المكان المرتفع .. ومنها ( سندان) ، ثم كان لنجران بيت عبادة عرف ( بكعبة نجران ) .. وللأصنام المشهورة  كاللات والعزى بيوت أقيمت عليها وسدنة .. ( فبيت اللات) بالطائف و(بيت العزى ) بوادى حراض وتحج إليه قريش وغيرها فى مواسم معينة ، إذا كان لكل من هذه الأنصاب مواسم ( أو موالد ) يحج إليها الناس فيها ، ومن ذلك أنهم يقصدون كعبة ذى الشرى فى اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول كل عام .

وإذا غيرنا بعض الأسماء والألقاب فلن نجد فارقاً بين ما يحدث من الصوفية الآن وما كان يفعله العرب الجاهليون ، فقبور الأولياء هى نفسها الأنصاب والأصنام المقصودة فى الجاهلية بالتقديس والحج .. وعلى سبيل المثال ضع على ضريح الدسوقي ( كعبة سندان) وعلى ضريح أبى العباس المرسي لقب ( كعبة نجران ) أما البدوي .. أشهرهم وأكبرهم فلا يناسبه إلا بيت اللات أو بيت العزى أو على الأقل كعبة ذى الشرى .

ثم تبقى الكعبة بيت الله الحرام مقدسة ومقصودة بالحج أيضا فى العصرين الجاهلى والصوفى .

بين ضريح البدوي والكعبة :

1ـ لقد أضفى الصوفية على ضريح البدوي صفات الكعبة كما وصفوا زواره  بالحجاج .. فبعد موت البدوي وقيام عبد العال مكانة قيل فيه ( لما مات سيدي أحمد البدوي تخلف بعده سيدي عبد المتعال فشيد أركان البيت ورتب الأشاير وقصده الناس للزيارة من سائر الأقطار ) [31]أى أن عبد العال أقام ضريحاً للبدوي ولكن هذا العمل يوصف بأنه ( شيد أركان البيت ) تماما كما قال تعالى عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) البقرة : 127 فالله تعالى عبّر عن الكعبة بالبيت ، على أنها البيت الحرام المعهود والمعروف ، ولكن عبد الصمد حين قال عن عبد العال ( فشيد أركان البيت ) لم يكن فى ذهنه إلا بيت البدوي الذى امتلك عليه أقطار عقله وقلبه ونسى أن لله بيتاً هو الأحق بأن يكون فى بؤرة الشعور.

وإذ (شيد) عبد العال ( أركان البيت ) و ( رتب الأشاير ) أى نظم الأتباع ووزع المهام لرعاية الحجاج ( قصده الناس للزيارة ) أى حج إليه الناس من سائر الأقطار ، وبعد وفاته سنة 733 ( فتخلف من بعده أخوه شقيقه الصالح زين العابدين عبد الرحمن فعمّر البيت وقصده الناس للزيارة من كل جانب ، وتبركوا به ، وأتوه بالنذور [32]) أى أصبحت مهمة الخليفة  تنحصر فى الأهتمام ( بالبيت ) الذى يحج إليه الناس للتبرك والتقديس وجيوبهم ملأى بالنذور ، وبعبارة أخرى فإن شعائر الحج اكتملت ونضجت على أيدى خلفاء البدوي حتى أصبحت ثابتة مرعية، يقول عبد الصمد عن الخليفة الثالث ( ثم تخلف من بعده الشيخ الصالح نور الدين شقيق عبد المتعال فلم يزل قائماً بشعائر المقام حتى توفى [33]) أى أصبحت ( للبيت ) أو ( المقام ) شعائر ونسك من حج وتزلف وتوسل وقرابين ..

ولم يتخلف الشعر الصوفي عن الركب فوصفوا ضريح البدوي بأنه (الحرام) و(الحمى) و (والكعبة) .. من ذلك ما ينسبونه للبدوي[34]:

        أنا حرمي المحمي ليس لظالم        عليه سبيل بل به للعدا القتل ..

ويقول آخر فيه [35]:

        ومنزله رحب عليه جلالة             وأحواله الحسنى بها الكون ينطق

ويقول زين الدين الصديقي  [36]:

       بدوي النجاد أدرك ودارك               قد أتينا إلى حـــــــــــــــــــــــماك ودارك

ويقول آخر فيه [37].

     هو الجوهر المكنون فى معدن الرضا       بأسراره حلت شموس الحقيقة

     هو الكـعبة الـغراء إذ بإلـتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـاذه     تحط الخـطايا عن أناس وجنة

فالبدوي فى حد ذاته ( كعبة غراء) من يلوذ بها تحط عنه الخطايا ، وسواء كان إنساً أو جناً فهو يخرج من هذا الحج ( كيوم ولدته أمه ) مهما فعل فى المولد ..

ويقول أحمد الشامى المرحومي [38]فى زوار المولد :

       وحجاج إلى بيت حرام            وآل ثم أصحاب كرام

                     وأتباع لهم أهل اللطائف

ويقول بعض العامة فى البدوي موشحاً [39]يعبر فيه عن مكانة البدوى فى وجدان الرعاع :

        أبو اللثامين شريف ابن الأشراف          مقامه بمكة عند المطاف

        وأمنه فيه الحمـى لـمن يــــــــــــــــــــخاف         بطندتا فى وجهه الغربيـــة

فصاحبنا إما أنه اختلط عليه الأمر أو بالغ فجعل مكة هى طندتا ( وفى وجهة الغربية ) ..

2 ـ وربما كان لصاحبنا بعض العذر، فقد تعاظم التوافد لطنطا منذ القرن الثامن حتى إن السخاوي فى القرن التاسع ذكر قول الغوغاء فى مولد البدوي ( جاء الزوار لسيدي أحمد من الشام وحلب ومكة والحجاز فى المحاير والماورديات أكثر من حجاج الحرمين ) [40]وحتى يجعل الصوفية الأحمدية أولئك الزوار يقتنعون بأن الضريح هو كالكعبة تماما فقد رصعوا مقام البدوي بحجر أسود يتمسح به الزوار .. يقول عبد الصمد ( ومن كراماته – أى البدوي – إن حجراً أسود مثبتاً فى ركن قبته  تجاه وجه الداخل من الجهة اليمنى ، وفيه موضع قدمين شاع بين الناس وذاع واستفاض وملأ البقاع والأسماع أنه أثر قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل من زار الأستاذ يتبرك بمحل القدمين ) [41]، فالصوفية وضعوا ذلك الحجر الأسود فى مواجهة الداخل وأشاعوا عنه أنه أثر لقدمي الرسول عليه السلام وأحاطوه  بالكرامات التى تمنع إخراجه من هذا المكان ، وكل ذلك كى يتبرك به زوار البدوي ويتمسحوا به كما كانت العرب قديما تفعل بالأحجار والأوثان ، وبذلك اكتمل لضريح البدوي كل صفات الكعبة فجعلوه ( البيت الذى يشيد ) و ( يقصد بالزيارة ) و (يعمر) و (تقام فيه الشعائر ) ثم يوصف فى الشعر بأنه ( الحرم المحمي ) و ( الكعبة الغراء ) و (البيت الحرام ) الذى لا يخلو من ( حجر أسود ) ..

مناسك الحج للبدوي :

القدوم : وقد تكفل الشعر أيضا بوصف القدوم والحج للبدوي وضريحه .

يقول الدنوشرى :

      يا سيدى البدوي يا قطب الورى       يا من له سر رفيع قد سرى

      أنت الذى جمع الحقائق والعلا        ولك الكــــــــمال محققاً وموفرا

إلى أن يقول [42]:

     يكفيك تشريفاً مجىء عوالم          من كل أقطار الوجود لهم سرى

ويقول الصديقي[43]يصف حجه للبدوي :

      وقطعنا براً وبحرا ًوجئنا           بجهد العيش فى جميع المسالك

ويقول آخر [44]:

      له انقادت الزوار من كل جهة      ومنه جميع الناس ترجو نوالها

ويقول البكري عن نفسه [45]:

         هاقد أتيت زائراً مستصبحاً معى ذوى

          بكل أبنائى أتيت راشــــــــــــــداً وما غـوى

          مستمسكين كلنا بحبك الأعلى القوي

أما الشهاب العلقمى فيصف الزوار بالحجيج [46]يقول :

       وتداعت إلى زيارتك الناس     كدعوى حجيجهم يوم جاءوا ..

الطواف والسعى :

وأولئك ( الحجاج ) أدوا مناسك (الحج) من طواف وسعى ونسك وتقديم للهدي أو النذر ، وقد لخص الصوفية تلك المناسك فى شعر نسبوه للبدوي يقول فبه [47].

      ألا أيـهــــــــــــــــــــــــــا الزوار حـجوا لبيـتنا          وطوفوا بأستار له تبلغوا المنا

      وعند الصفا فاسعوا وحلوا رحالكم          تحط ذنوب فى موطن أمـــــــــــننا

     وفى يوم عيد الوصل أوفوا نذروكم          كذا تفثاً فاقضوا وطوفوا ببيتنا

     فكل زمان فيه وصـــــــــــــــــــــــــــلي فعــيدكم         وكل مــكان فيه قربي لكم مني

فى الأبيات حج البيت وطواف بأستاره وسعى عند الصفا ووفاء بالنذر يوم العيد ثم طواف الوداع وبعد انتهاء الموسم فكل زمان لمريد البدوي عيد يتمتع فيه بوصل البدوي وإحسانه ، وكل مكان غير طنطا منى فيتمتع المريد بقربى شيخه إذ هو دائما على خاطره وفى كيانه .

وفى أسطورة ابن اللبان المعترض على البدوي والساعي لإرضائه كان التكفير بأن يطوف حول صندوق البدوي ( فسافر الآن من وقتك وساعتك إلى طندتا وطف حول صندوق سيدى أحمد البدوي وأقم عنده ثلاثة أيام [48])

وفى الشعر بعض الإشارات لتلك المناسك فعن السعي يقول أحدهم [49].

    فبادر وأسع إلى نحو طندتا         بصدق واخلاص واصراف همة

ويقول آخر عن المولد كشهر حرام [50].

    لا زال مولدك المشهور يا سندي          فى كل عام أتى بالأشهر الحرم

وفى طبقات الشعرانى قال البدوي للمعترض على ما يحدث فى المولد من إنحراف ( ذلك واقع فى الطواف ولم يمنع أحد منه ) [51].أى فكما يقع اختلاط بين النساء والرجال فى الطواف حول الكعبة فلا بأس بأن يقع أيضا فى الطواف حول البدوي. النذر كأحد المناسك :

1 ـ والنذر هو الهدف الأسمى لسدنة الضريح الأحمدي ، وكما يقدم الحاج لبيت الله الهدى من الأنعام فإن الحاج للبدوى يقدم هو الآخر نذراً من الحيوانات والمال ، وكلنا يعرف (عجل السيد ) الذى كان يجهز ويطاف به فى موكب إلى الضريح ..

ويقول عبد الصمد عن خليفة عبد العال ( فعمر البيت وقصده الناس للزيارة من كل جانب وتبركوا به وأتوه بالنذور ) [52]

2ـ ثم صارت للسطوحية أضرحة وموالد ونذور كشيخهم ، فالشيخ البريدي ( ينذر له الناس النذورات ) [53]، وأولاد المعلوف ( لهم نذورات كل من قطعها خربت دياره فى تلك السنة [54]) والشيخ البرلسي ( نذر له بدوي مرة مهراً  ثم رجع فيه – أى رجع فى نذره – فبينما هو مار على ضريحه وإذا بالمهر قد رمح حتى  دخل قبر الشيخ فلم يعرف أحدا أين ذهب ) [55]أى أن الصوفية استخدموا سلاح التخويف لضمان الانسياب والسيولة فى النذور وحتى لا يرجع أحد فى نذره للشيخ .

3ـ والولى الميت لا يأكل ولا يشرب أما الذى يأكل ويتمتع بالنذور فهم خلفاء الشيخ وسدنة الأضرحة وأولئك لهم نصيب من التقديس الذى يحيط بالولي المقبور .ويقول تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ  ؟  قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) الأنعام 14 .أى أنتخذ أولياء غير الله والله هو الولي الذى فطر السماوات والأرض ثم هو الذى يطعم الناس ولا يطعمه الناس .. وهنا تعريض واضح بالأولياء المعبودة التى يتخذها للناس مقصداً للتوسل والتبرك ، فهذه الأولياء لا تخلق شيئاً والله هو الذى فطر السماوات والأرض ، وهذه الأولياء تعيش عالة على من يقدسها ويطعمها ويتبرك بها أما الله تعالى فهو الرزاق ذو القوة المتين .

4 ـ وواقع الأمر أن النذر للآلهة الأولياء سمة من سمات الشرك فى كل عصر وحين وفى ذلك يقول تعالى (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ) النحل : 56 ، فالمشركون دائما يجعلون لتلك الآلهة والأولياء نصيباً من الرزق الذى تفضل الله تعالى به عليهم ، أى يستخدمون مال الله فى حرب الله ، ومن إعجاز القرآن الكريم فى تلك الآية الكريمة أن وصف الآلهة الأولياء بقوله (لِمَا لا يَعْلَمُونَ ) ، فالحقيقة أن المشركين دائما يجهلون حقيقة ما يعبدون ، فهم لا يعبدون فى الواقع إلا الأساطير التى نسجوها والأكاذيب التى انتحلوها وصدقوها وقدسوها ، ومن يعرف حقيقة البدوي مثلاً يجدها محتلفة تماماً عن نظرة الناس إليه واعتقادهم فيه ، ومع ذلك فهم على عقيدتهم مصرون متمسكون دون أى دليل من عقل أو نقل ، ثم هم يقدمون لضريحه النذور طواعية وتقربا وزلفى رغبة ورهبة ، أملاً وخوفاً كما كان يفعل العرب قبل الإسلام .

5 ـ فالجاهليون كانوا يقدمون لله نذوراً وللآلهة التى يشركون بها نذورا ، وإذا قدموا نذوراً لله لم يجدوا إلا تلك الآلهة ليقدموها إليها باعتبارها أنها تقربهم لله زلفى .. أى قدموا كل النذور لآلهتهم إما بالأصالة أو بالنيابة عن الله تعالى .

وفى ذلك يقول تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) الأنعام 136 ،  ويؤخذ من قوله تعالى (مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ ) أن الماشية والحبوب كانت أهم النذور المقدمة للآلهة الأولياء فى العصر الجاهلي . وقد كانوا يطلقون عليها أسماء شتى اخترعوها كالسائبة والوصيلة والبحيرة والحام (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) المائدة 103.

وقد أشرنا إلى (عجل السيد ) الذى يطاف به بين تهليل وتكبير حين يقدم نذرا للبدوي وذلك نفس ما كان يفعله الجاهليون حين يذبحون الأنعام المقدمة للأنصاب ، وقد حرم الله سبحانه وتعالى الأكل مما يقدم على هذه الصفة وقرنه بلحم الميتة والخنزير يقول تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) أى ما قدم نذراً لإله أو ولي غير الله ، وأكد ذلك فى نفس الآية فقال (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) المائدة :3 ، أى ما ذبح على ضريح الإله أو هيكله ، فالنصب هو المكان المرتفع الدال على الوثن المعبود ، ( ومنه النصب التذكارى للجندي المجهول) وقد كان الجاهليون يذبحون الحيوان المنذور للإله بين يدى النصب وهم يهللون باسمه وصفاته وكراماته وفى مصر القديمة كان (الثور) أهم القرابين التى تقدم للآلهة ويصاحبها الغناء والرقص لتمجيد ذلك الإله وكان ( الكهنة ) أهم المنتفعين بتلك النذور [56].

6 ـ والصوفية الأحمدية كما أباحوا لأنفسهم النذور تطرفوا فأباحوا لأنفسهم أكل أموال الناس بالباطل فنهبوا أموال التجارة فى المولد واغتصبوا ما فى يد الزوار إلى أن أبطل الشناوي هذه العادة فى القرن العاشر، يقول الشعراني فى ترجمته( وهو الذى أبطل البدع التى كانت الناس تطلع بها فى مولد سيدي أحمد البدوي من نهب أمتعة الناس وأكل أموالهم بغير طيبة نفس وتعلموا أنه حرام ، وكانوا قبله يرون أن جميع ما يأخذونه من بلاد الغربية حلال ويقولون : هذه بلاد سيدي أحمد ونحن من فقرائه[57]" ) أى أن الفقراء الأحمدية اعتبروا السلب والنهب فى الموالد حلالاً باعتبار إن إلههم البدوى هو صاحب الأمر والنهى والرزق وأنهم كهنته والمال ماله حتى جاء الشناوي ( فتعلموا أنه حرام وكانوا قبله يرون أن جميع ما يأخذونه من بلاد الغربية حلال) أليس ذلك ديناً جديداً يحرمون به ما شاءوا ويحلون ما أرادوا ؟؟ والشناوى لم يفعل ذلك إلا حرصاً منه على المولد وصاحب المولد فهو الداعية الأكبر لهما وهو المصدر الذى استقى منه الشعراني حكايات الكرامات والأساطير التى تدعوا للمولد والتى تهدد المنكرين عليه .. فهو (مصلح صوفي ) إذا صح وجود هذا الصنف بين البشر .

المولد الأحمدي :

1ـ واختار الأحمدية موسما سنويا للحج للبدوي سموه (المولد ) راعوا فيه أن يكون فى وقت فراغ سنوى للفلاحين ليمكنهم المجىء للترفيه والتبرك؛ فالمولد الكبير فى نهاية شهر أبيب وأول شهر مسرى . ولم تكن الحياة الزراعية فى مصر فى العصور الوسطى قد تعقدت ظروفها كما هو حالها اليوم ، فالفلاح المصري يومئذ كان أكثر ميلاً للحبور والسرور فى تلك المناسبات ، وقد أحسن الصوفية استغلال هذه الظروف فأشاعوا عن كرامات البدوي وعفوه وشفاعاته ما يهون الأمر على طالبي المتعة واللهو بنوعية البرىء وغير البرىء .

2ـ ويقول تعالى عن الحج لبيته العتيق( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج 28 ، فالإسلام لا يمانع من تبادل المنافع الحلال خلال تأدية الحج ، ولم يغفل الصوفية عن استغلال هذه النقطة فأصبحت طنطا ومولدها مناسبة تجارية تنفق فيها السلع الراكدة على حد قول الخفاجي[58]، واشتهرت فيها تجارة الحمص ، وراج فى مولد الأنبابي بيع الترمس فجاء فى المثل الشعبي ( ترمس إمبابة أحلى من اللوز قال دا جبر خاطر الفقراء ) [59]، و (الفقراء ) مصطلح شاع عن الصوفية فى العصرين المملوكى و العثمانى . والانبابى من أتباع البدوي ومثله المليجي ومولد المليجي كان ( يحصل فيه جمعه- أى اجتماع – كبيرة وتنفيق سلع للناس ) [60].

 ثم يقول عبد الصمد عن بعض كرامات البدوي الواقعة فى مولده ( اجتماع التجار إليه من سائر الأقطار لما تقرر عندهم وتكرر لهم واستفاض لديهم وجربوه فى جميع الأعوام والسنين وشاع بين الناس الصادرين والواردين عند المزار أن كل من حضر المولد الشريف للزيارة بتجارته نفقت فى ذلك المولد بعد كسادها فى محل وطنهم وربحهم وأن فضل منها شىء ولم ينفق فى المولد فلابد أن ينفق ويربح فى سنته ) [61]ولعل ذلك الاعتقاد سوغ للأحمدية نهب التجار فى الموالد إذ اعتبروا أنفسهم شركاء للتجار فى الربح الذى يجنونه فى مولدهم .

3 ـ وقد شرع الله الحج لبيته الحرام فى أشهر معلومات ثم سن العمرة لمن يشاء فى أى وقت فى العام ، وهذا ما فعله الصوفية فى مولد البدوي ؛ فإلى جانب المولد الكبير كان هناك المولد الصغير والمولد الرجبي – وواضح أن العمرة لبيت الله الحرام تكون فى الغالب فى رجب – أى أن الصوفية نافسوا بمولد البدوى وضريحه الحج لبيت الله الحرام فى الشعائر والمواقيت ، إلى حد أن على مبارك يقول ( وهكذا صار للبدوي ثلاثة موالد لا تفوقها فى الشهرة إلا موسم الحج ).[62]

4 ـ ويقول تعالى (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ) المعارج 42 ، فالقرآن الكريم يشبه البعث والحشر بصورة حسية تعودها المشركون العرب حين كانوا يخرجون من كل حدب وصوب مسرعين إلى أعيادهم عند الأنصاب المقدسة .. فالجاهليون عرفوا هذه الموالد حين كانوا يتجهون فى مواسم معينة إلى الكعبات المقامة حول الآلهة متوسلين متبركين..

5 ـ وتبدو الصورة القرآنية أوضح لدى المصريين القدامى حيث استقرت أمورهم على ضفاف النيل منذ آلاف السنين ومن الصعب أن يغيرها وافد جديد كالإسلام ، والأقرب أن تقوم مصر بحضارتها التليدة بتمصير هذا الوافد الجديد ، وهذا ما حدث إذ سرعان ما حل (البدوي ) محل (آمون) أو ( رع ) كما حل ( الحسين ) و( والسيدة زينب) محل إيزيس وأوزيريس. ولا زالت الموالد تعقد بالتاريخ القبطي أو التاريخ المصري القديم وتراعي فيها مواسم الزراعة والرى والحصاد ، وقد شاهد هيرودت بنفسه توافد المصريين القدماء من جميع الأنحاء فى المراكب إلى عيد أو (مولد ) الإلهة باستت فى تل بسطه قرب الزقازيق .. يقول كأنه يصف عصرنا ( والمصريون لا يحتفلون مرة واحدة فى السنة بعيد شعبي عام ولكن أعيادهم العامة كثيرة أهمها ذلك الذى يتحمسون جدا لإقامته فى مدينة بوست (أى تل بسطة) ويليه عيد الآلهة إيزيس الذى يحتفل به فى مدينة بوزيريس حيث يوجد بها أكبر معبد لهذه الآلهة )[63].

فالمصريون فى العصور الوسطى استمروا كأجدادهم يحتفلون بالإلهة التى اتخذوها فذهبوا لطنطا كما ذهب أسلافهم إلى تل بسطة ، واحتفلوا بمولد السيدة زينب كما احتفل أسلافهم القدامى بالإلهة إيزيس ، وقد وصف هيردوت ذهاب المصريين لعيد أو مولد الإلهة باست فى تل بسطة بما لا يختلف عن حال المصريين فى العصور الوسطى من سرور وحبور وتوافد من كل أقاصى البلاد عن طريق المراكب الشراعية مع التهام كميات كبيرة من الطعام والشراب ووجود الخمر بكميات كبيرة لديهم فى العصرين ، فقد ذكر هيردوت الحجم الهائل الذى استهلكه  المصريين من الخمر فى عيد الإلهة باستت ، ورددت المراجع المملوكية ما حدث فى مولد الامبابي من التهام العشرات من جرار الخمر..

الطعام فى المولد :

1ـ لم يرد فى المصادر الصوفية ما يصرح بحجم الطعام المستهلك فى الموالد الأحمدية ، إلا أن الطعام بشكل عام يشكل ركيزة هامة فى إحساس الصوفية كتعبير مناسب عن احتفائهم بالطعام وإتخاذه نشاطاً أساسياً فى أعيادهم وموالدهم .. ويكفى أنهم حولوا الأعياد والمناسبات الإسلامية إلى مناسبات للطعام والامتلاء، ولولا الصوفية وسيطرتهم على الحياة الدينية لما كان هذا التحول عن تعاليم الإسلام التى تنهى عن الإسراف فى الطعام (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف 31 ، ويظهر التناقض أكثر فى صيام شهر رمضان الذى يتحول إلى شهر للإمتلاء والتخمة..

والشرك إذا تحكم أصبح الطعام هدفا فى حد ذاته ، يقول تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) محمد 12  ويقول تعالى مشيرا للأعياد والموالد (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)  ) آل عمران  ، ويقول تعالى عنهم وهم يأكلون ويتمتعون فى الموالد والأعياد حالمين بشفاعة الأولياء (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ  ) الحجر 3 .

2ـ وما دمنا قد طرقنا هذا الموضوع (الساخن) فلا بأس من الإشارة لموقف الصوفية منه .

فقد بدأ المتصوفة يقلدون الزهاد فى تحريم ما أحل الله من الطيبات إلا أنهم فى نفس الوقت جعلوا من الطعام عنصرا هاماً فى جمع المريدين والاستكثار من الأتباع ونلمح هذا فى سيرة الجنيد ( سيد الطائفة ) كما يصفه الصوفية دائما ..

فالجنيد الذى ادعى أن هاتفاً وبخه على أكله تيناً أشتهاه هو نفسه الجنيد القائل ( تتنزل الرحمة على الفقراء – أى الصوفية – فى ثلاثة مواطن عند السماع – أى الرقص – وعند الأكل فأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة[64]. ) وقد قيل  له مرة : ( ما بال أصحابك يأكلون كثيراً ؟ فقال لأنهم يجوعون كثيراً[65]) وحين احتضر أوصى بأن ( تتخذ لأصحابنا طعام الوليمة فإذا انصرفوا من الجنازة رجعوا إلى ذلك حتى لا يقع لهم تشتيت[66]) فبالطعام يتوحد الصوفية وبه تتنزل عليهم الرحمة عند الجنيد.  وابراهيم بن أدهم اتخذا لنفسه مائدة حافلة فقيل له ( أما تخاف أن يكون هذا إسرافاً فقال : (ليس فى الطعام إسراف)[67]، وقد أورد الغزالي إنكار البعض على نهم الصوفية يقول (أنكر بعض الناس حال الصوفية ، فقال له بعض ذوى الدين ما الذى تنكره منهم قال يأكلون كثيراً قال : وانت أيضا لو جعت كما يجوعون لأكلت كما يأكلون [68]) وصار النهم فى الطعام من مستلزمات التصوف، وقد قال إمام الحرمين شيخ الغزالي عن الصوفية ( ما شغل هؤلاء إلا الأكل والشرب والرقص [69]) ، ثم ازداد الأمر بعلو شأن الصوفية وتأسيس الخوانق والربط والزوايا يحتشدون فيها لا عمل لهم إلا الطعام والشراب والتكاسل .. وغيرهم من المتصوفة ( الشعبيين ) اخترع لنفسه مناسبات الموالد ليمارس فيها هواياته وإشباع غرائزه ..

3 ـ وقد قلنا إن البدوي استتر بالتصوف ليعمل لهدف سياسي ، وقد كان قبلاً فارساً بدوياً ، والشأن فى البدو الرشاقة والنحافة وإذا كان أحدهم فارساً فهو أرشق وأخف جسماً .. وهكذا كان البدوي فى بدايته إلى أن وصل مصر يقول فيه عبد الصمد ( وكان سيدي أحمد البدوي رفيع البشرة ممشوق اللحم نحيف البدن وكل واحد من الجماعة – أى أتباعه – أعتى وأشد وأجسم منه [70]) ثم تغير الحال..فأصبح البدوي صاحب ضياع ومواشي وأصحاب وأتباع وصار كل عمله أن يقف على السطح سويعات يصرخ فيها ويصيح ، وما نحسب الصياح جهداً عنيفاً يزيل السمنة ، وبمرور الأيام وكثرة الطعام وقلة الحركة زحف الدهن إلى جسم البدوي فاستوى واستغلظ على سوقه فوصفه عبد الصمد فى موضع آخر بأنه ( كان كبير البطن غليظ الساقين [71]) .

لقد دفع البدوي – وهو فارس بدوي – ضريبة اتخاذه التصوف ستار فقد ركن للهدوء والطعام وحمل أوزارا من السمنة والبدانة ما كان أغناه عنها ، ولكنها – على أى حال – (لزوم الشغل) فالشأن فى الصوفى أن يكون سمينا متخما بالطعام فهكذا كان الأولياء الصوفية فى العصور الوسطى حتى أن أبا العباس المرسي يقول ( إياكم والاعتراض على من رأيته سميناً من الأولياء فإن الحب إذا تمكن من الأولياء سمن[72]) ، ويقول أبو المواهب الشاذلي مصححا للمفهوم الصوفي عن الولي ( قد غلط أكثر الناس فى وصف أهل الصلاح بالنحول والتقشف وليس الأمر كما ظنوا ، بل فيهم السمين والهزيل والمترفة [73]) .

4 ـ ونرجع للصوفية الأحمدية ونكاد نشم (رائحة ) الطعام تغلف سيرتهم المكتوبة فى الجواهر السنية لعبد الصمد الأحمدي وترجمة الشعراني للبدوي ، فلقد تخصص من كبار الأحمدية رجلان لأعداد الطعام والقيام بأمره فهناك عبد العظيم الراعي لرعي الماشية وإمداد الدولة الأحمدية باللحم واللبن وهناك محمد الفران رئيس المطبخ ( الأحمدي ) .وحين تولى عبد العال الخلافة كان أول مراسيم خلافته يتعلق بالطعام ، يقول الشعراني ( واستخلف بعده على الفقراء سيدي عبد العال وسار سيرة حسنة وعمر المقام والمنارات ورتب الطعام للفقراء وأرباب الشعائر وأمر بتصغير الخبز على الحال الذى هو عليه اليوم )[74]فترتيب الطعام ورسم سياسته أمر هام يضارع  تعمير المقام أى إقامة ضريح للبدوي .

وعنصر الطعام يشكل أرضية للحكايات والأساطير الأحمدية ، فحين دخل البدوي إلى طنطا في بيت ركين الدين قيل ( وكان من عادة الشيخ ركين الدين أنه شكرا وفى رعاية الله جل وعلا

يصنع طعاماً فى بيته فى كل أسبوع ويجتمع فيه أقاربه من النساء والرجال فيطعمهم [75]) ، وفى أسطورة المقابلة بين بيبرس والحسن أخي البدوي استضاف الحسن السلطان بيبرس ثلاثة أيام يقول الظاهر بيبرس ( فتعشيت عند الشريف حسن ) [76]وردا على هذه الضيافة فإن بيبرس استضاف الحسن ، يقول الحسن ( ودخلنا داخل قلعة مصر فجلسنا وقدموا لنا الأطعمة المختلفة الألوان فلما فرغنا من الأكل أخرجت لهم الخاتم فعرفوه) [77]. وفى أسطورة يوسف الانبابي مبعوث البدوي فى إنبابة دللوا على علو شأنه بأن ( صار سماطة فى الأطعمة لا يقدر عليه غالب الأمراء ) [78]أو ( صار سماطة مثل سماط الملوك )[79]وحين غضب البدوي على يوسف الإنبابي زعموا أن السبب فى كلمة قيلت عن طعام البدوي لأبى طرطور إذ قال يوسف ( كلوا من هذه الماوردية واغسلوا الغش الذى فى بطونكم من العدس والبسلة لسيدي أحمد )[80].فغرام الصوفية الأحمدية بالطعام وازدراده فرض عليهم أن يدخلوه فى قصصهم التى يتناقلونها بل ومن خلاله يفسرون عزل الإنبابي عن نيابته فى إنبابة.

5 ـ وأكثر من ذلك ارتفعوا بالطعام إلى روايات الكرامات الأحمدية .. فالبدوي حول الشعير قمحاً [81]ومحمد الفران المختص بالطبخ كان يحضر الطعام من لا شىء أو على حد تعبيرهم ( وكان يطبخ أيضاً فإذا لم يجد أدما للطعام يملأ الأبريق من البئر سيرجاً أو دهنا فيجد له الفقراء لذة عظيمة ) [82]ومثله الشيخ عوسج المصرى الذى ( كان يحمل معه الركوة فى البرارى فيخرج منها ما شاء من الماء أوالعسل أو اللبن أو السمن ) [83].وبعضهم كان يكفى بالطعام القليل الكثير من الآكلين فالبرلسي ( من كراماته أنه كفى أربعين نفساً بسمكة واحدة ورغيف واحد ) [84]وعوسج المصري ( كان يطعم المائة من إناء طعام صغير ) [85]  ومع إن ركوته فى يده ويخرج بها ما يشاء من البئر من لبن أو عسل فلماذا يقتر على المائة ويطعمهم من إناء صغير ؟ لابد أنه كان يستعرض أمامهم كراماته المذهلة ليجعل الإناء الصغير يكفيهم جميعاً.

والصوفية فى إحضارهم  الطعام من لا شىء ربما كانوا يقولون شيئاً للآخرين ، فالصوفية دائما يعيشون عالة على الناس أو ( الأغيار ) حسب التعبير الصوفي ، فكأنهم يقولون ( للأغيار ) إن بإمكاننا أن نحضر الطعام من لا شىء وليست حياتنا متوقفة على نذوركم ونفحاتكم ، على أن بعض الكرامات الصوفية كانت تشى بالتسول الصوفي وجلوس الصوفية على موائد الناس آكلين فكانت الكرامات تجعل الصوفي يتنبأ بالطعام المقدم إليه كما قيل عن الشيخ بشير " وامتحنه أهل حانوت مرة وذبحوا له حماراً فى كشك فلما رأى الطعام قال : الفقراء لا يأكلون حميراً ثم قال : ترترتر فطار لحم الحمار من الزبادى ووقع على الأرض "[86]أى أن البعض حاول امتحان الشيخ بشير الأحمدى ليعرفوا مقداره من الكشف أو علم الغيب ، وكان الطعام هو الوسيلة ، كما كانت "ترترتر" هى كلمة السر التى نجح بها الشيخ بشير .

وحين حارب الصوفية الأحمدية المنكرين عليهم بأساطير الكرامات المهددة غلب عليهم حب الطعام فجعلوا المنكر عليهم يصاب بشوكة فى حلقه فكان "لا يلتذ بطعام ولا شراب " [87]، ثم إذا تركوا حلقة لم يتركوا طعامه بدون عقاب فجعلوا الدود يظهر فى إناء الطعام ليرجع المنكر عن إنكاره يقول  عبد الصمد " ومن كراماته التى أشتهرت إنه فى كل حين يظهر دود كثير حى فى حلة الطعام حال حرارته ، ويرى ذلك كل من حضر وقت طبيخ الطعام وغليانه ويظهر ذلك فيمن تعرض له أو لأحد من أتباعه بانكار أو أذية " [88]وشغف الشعراء الأحمدية بتلك الفكرة فتغنوا بها شعراً كقول أحدهم [89]:

         وكم قد رأينا الدود حيا بحلة       فيرجع ذو بغى طغى وهو مالغ ..

والظاهر أن " الملوخية " كانت أكثر الأطعمة تأثيرا فى خيال محبى البدوي ، فقالوا إن من كرامات الشيخ مبارك الأحمدي "....إنه راح بالملوخية إلى سيدة بعرفات [90]، وربما اكتسبت "الملوخية " هذه المكانة أنها الطعام الأرخص فى أوانها فى الدلتا – وطنطا تتوسط المنطقة الزراعية فى مصر – وتصبح صيفاً أهم أطباق المائدة ، ولعل الخيال الصوفي غرق فى طبق الملوخية حين اختلق هذه الكرامات..ويقول الشعراني عن البدوي " ثم إنى رأيته بمصر هو وسيدي عبد العال وهو يقول زرنا بطندتا ونحن نطبخ لك ملوخية ضيافتك فسافرت فأضافنى غالب أهلها وجماعة المقام ذلك اليوم كله بطبيخ الملوخية " [91]..

الشعراني والدعاية للمولد :

ولم يترك الصوفية الأحمدية سبيلا للدعاية للمولد إلا وأستغلوها .. فجعلوا البدوي بنفسه يدعو الناس للحج بعد موته ويتكفل بغفران من أخطأ أو بالغ فى الاختلاط بالنساء فى المولد بل وتكفل باحضار التائه حتى لو كان حماراً أو خاتماً .. ثم التفتوا للآخرين فجعلوا البدوي يعاقب قطاع الطرق على الحجاج لبيته ثم جعلوه يعاقب من أنكر حضور المولد .

وشارك الشعراني فى القرن العاشر فى الدعوة للمولد الأحمدى وإن لم يغفل عن الدعاية لنفسه ضمنا ، فادعى أن الشناوي أخذ عليه العهد فى قبة  البدوي على أن يشمله البدوي برعايته ، ثم إن البدوي بنفسه زاره بمصر وبصحبته عبد العال ودعاه لزيارة المولد فى طنطا وأغراه بأن يأكل " ملوخية" ، ويقول " وتخلفت عن ميعاد حضورى للمولد سنة ثمان وأربعين وتسعمائة وكان هناك بعض الأولياء فأخبرني أن سيدي أحمد البدوي كان ذلك اليوم يكشف الستر عن الضريح ويقول : أبطأ عبد الوهاب ما جاء " [92]أى أن البدوي قلق وانشغل وتشوش بسبب غياب الشعراني حتى كان يكشف ستر الضريح المدفون فيه ويقول " الواد الشعراني أتأخر ليه يا جماعة " .. ومعنى قلق البدوي على تأخر الشعراني أن البدوي وهو الإله علام الغيوب فى زعمهم ولم يكن يعرف بكشفه المزعوم السبب فى تاخر الشعراني عن موعده ، فكيف يتأتي هذا وقد أخبرنا الشعراني أنه حتى هلال المئذنة للبدوي يعلم الغيب .. والمهم أن دعاية الشعراني لنفسه جعلته يقع فى هذا المطب فقد حرص على أن يكون له نصيب من دعايته للمولد الأحمدي فجعل البدوي يقلق لغيابه ، ثم فى رواية أخرى يقول أنه أراد التخلف عن المولد فى سنة من السنين فرأى البدوي وهو يدعو الناس جميعاً من سائر الأقطار ثم مر عليه فى مصر وأصر على حضوره وكلف أسدين بإحضاره .. يقول الشعراني فى تلك الأسطورة " فقوى عزمى على الحضور فقلت له إن شاء الله تعالى نحضر ، فقال : لابد من الترسيم عليك فرسم عليه بسبعين عظيمين أسودين كالأفيال وقال : لا تفارقاه حتى تحضرا به [93]" وطبعا فهم السبعان الأمر فأرغما الشعراني على الطاعة ، وادعى الشعراني أن أولياء الهند يسعون لزيارة المولد ويقطعون الطريق بكرامة أهل الخطوة فى خطوة ، وان الشيخ السروي تخلف عن المولد " فعاتبه سيدي أحمد وقال : موضع يحضر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم السلام وأصحابهم والأولياء ، فخرج الشيخ محمد "السروي " إلى المولد فوجد الناس راجعين وفات الأجتماع فكان يلمس ثيابهم ويمر بها على وجهه [94]) أى يتبرك بهم لأنهم لمسوا ضريح البدوي ولا تزال فيهم أثار البركة منه فكان يقتنص من تلك البركة حتى لا تتساقط منهم على الأرض أو يأكلها الذباب ...

والمهم أن الشعرانيجعل الأنبياء وفى مقدمتهم محمد عليه وعليهم السلام يحجون للبدوي فى مولده أو يسعون لزيارته والتبرك به مع سائر الناس ، وفى هذا تفضيل واضح للبدوي على أنبياء الله ..

وتفضيل الصوفية للولي الصوفي على الرسول أمر واضح ..فالرسول لا يدعى لنفسه مزية على سائر البشر مع أنه رسول.. أما الصوفية فيدعون لأنفسهم صفات الله من غيب وتصريف ويدعون الناس لتقديسهم والتبرك بهم أسوة بالله تعالى .. بل أن الأحمدية تطرفوا ففضلوا البدوي على الله تعالى وهذا ما نحن بصدد توضيحه.


 



[1]
الجواهر 97 ، 101 ، 104، 29 ، 39 .        

[2]الجواهر 97 ، 101 ، 104، 29 ، 39 .        

[3]الجواهر 97 ، 101 ، 104، 29 ، 39 .        

[4]الجواهر 97 ، 101 ، 104، 29 ، 39 .        

[5]الجواهر 97 ، 101 ، 104، 29 ، 39 .        

[6]الطبقات الكبرى للشعرانى 1153      

[7] الجواهر 126

[8]الجواهر  93 ، 104 ، 117 ، 118

[9]الجواهر  93 ، 104 ، 117 ، 118

[10]    الجواهر 117،118

[11]الجواهر 92 ، 116 ، 120 .         

[12]الجواهر 92 ، 116 ، 120 .         

[13]الجواهر 92 ، 116 ، 120 .         

[14]الجواهر 121

[15]الجواهر 124.

[16]الجواهر 102 ، 121.

[17]الجواهر 102 ، 121.

[18]الجواهر 134 ، 130 ، 40 .       

[19]الجواهر 134 ، 130 ، 40 .       

[20]الجواهر 134 ، 130 ، 40 .       

[21]الجواهر 43

[22]الجواهر 61 ،80

[23]الجواهر 61 ،80

 

[24]الجواهر 77 : 78

[25] السلوك 3 94

[26]إنباء الغمر لابن حجر 1218       

[27]السلوك 3 669 ، النجوم الزاهرة 11221

[28]الطبقات الكبرى 1162

 

[29]الجواهر 115

[30]الجواهر 115

[31]الجواهر 24

[32]الجواهر 25

[33]الجواهر 25

[34]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132      

[35]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132      

[36]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132      

[37]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132        

[38]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132      

[39]الجواهر 123 ، 120 ، 101، 119 ، 132      

[40]التبرك المسبوك 176       

[41]  الجواهر 83

[42]ا لجواهر 110 ، 120

[43]ا لجواهر 110 ، 120

[44]الجواهر 137 ، 138 : 139 : 90

[45]الجواهر 137 ، 138 : 139 : 90

[46]الجواهر 137 ، 138 : 139 : 90

[47]الجواهر 129 ، 71                

[48]الجواهر 129 ، 71                

[49]الطبقات الكبرى 1162ذذ

[50]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[51]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[52]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[53]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[54]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[55]الجواهر 25 ، 29 ، 30

[56]أرمان .ديانة مصر القديمة 197 ، 214 .

[57]الطبقات الكبرى 2/ 121

[58]النفحات الأحمدية 264        

[59]تيمور الأمثال الشعبية 1389      

[60]الطبقات الكبرى للشعرانى 1176

[61]الجواهر 75  

[62]الخطط التوفيقية 1351

 

[63]هيردوت يتحدث عن مصر 159

[64]الطبقات الكبرى للشعرانى 173، 74           

[65]الطبقات الكبرى للشعرانى 173، 74          

[66]الطبقات الكبرى للشعرانى 173، 74          

[67]إحياء علوم الدين 216 ، 3 82

[68]نفس المرجع 2 26

[69]روض الرياحين لليافعى 14

[70]الجواهر2.

[71]نفس المرجع 7 وقد ناقش الشيخ محمد زكى إبراهيم " ما يجرى على السنة العوام من أن البدوى كانت له بطن كالمحيط يحشوها بطعام يكفى امة ثم يخلطها بماء البحر الأعظم ) وفسرها  فى ضوء الكرم .. والمهم أن الخيال تأثر بما قيل عن بطن البدوى راجع (البدوى) للكوفى من العشيرة المحمدية ص190

[72]الشعرانى : قواعد الصوفية 1/128

[73]الطبقات الكبرى 1111

[74] نفس المرجع 1160

[75]الجواهر 40 ، 61 ، 62

[76]الجواهر 40 ، 61 ، 62

 

[77]الجواهر 40 ، 61 ، 62

[78]الجواهر 28 ، الطبقات الكبرى 1160        

[79]الجواهر 28 ، الطبقات الكبرى 1160       

[80]الطبقات الكبرى 1160

[81]الجواهر 40 : 41 ، 29 ، 33         

[82]الجواهر 40 : 41 ، 29 ، 33         

[83]الجواهر 40 : 41 ، 29 ، 33         

[84]الجواهر 30 ، 33

[85]الجواهر 30 ، 33

[86]الجواهر 35

[87]الطبقات الكبرى 1162

[88]الجواهر 83 ، 17 ، 31

[89]الجواهر 83 ، 17 ، 31

[90]الجواهر 83 ، 17 ، 31

[91] الطبقات الكبرى 1161

 

[92]الطبقات الكبرى 1161

[93]نفس المرجع والصفحة

[94]نفس المرجع 1161 : 162

اجمالي القراءات 17613

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الأحد ٢٩ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[58113]

كان وأصبح ..!!

 كان هذا هو الحال في الحياة الدينية التي سيطرة على العصر المملوكي .. حيث عبادة الاولياء عبادة مباشرة لا لبث فيها .. 


الآن أختفى التصوف مرحليا وطغى على السطح التدين السني مسيطراً على الحياة الدينية في عصرنا الراهن ..


وفي كلا العصرين نلمح أن العامل المشترك بنهم هو الدور السياسي الذي يلعبونه أو بتم أستغلالهم فيه ...


فالسياسة تستغل الدين سواء أكان هذا التدين تصوفاً أو سنياً ..


لذلك فهناك تساؤلاً مهماً من أفسد من أولاً ..


هل السياسة هي التي افسدت الدين أم التدين هو الذي أفسد السياسة ..


أم أن لفساد واحد سواء أكان دينيا أو سياسياً ؟؟


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5094
اجمالي القراءات : 56,238,666
تعليقات له : 5,425
تعليقات عليه : 14,782
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي