كاتب وكتاب .. أما الكاتب فهو الدكتور صبحي منصور .. وهو باختياره هذا العنوان لمؤلفه الموثق يؤكد على وعيه الشديد بدور مصر المؤثر والفعال في اقليم الشرق الأوسط قديما وحديثا في الماضي البعيد وفي الحاضر الوليد ..

والكاتب الدكتور صبحي منصور شأنه شأن الكاتبين الأكاديميين الأفذاذ الذين اختاروا مصطلح ( شخصية مصر) للبحث والتعمق في دراسة المكان والسكان ...

الدكتور جمال حمدان قد اختار نفس المصطلح ( شخصية مصر ) للتعبير والبحث العميق في موقع مصر الجغرافي .. وألف كتابه ( شخصية مصر الجغرافية) ..!

أما الكتاب الذي أضاءت صفحاته جزءا مهما من صفحات موقع أهل القرآن فهو كتاب ضروري جدا أن يقرأه  كل مصري محب لمصر من المسلمين ومن الأقباط .. لأني اعتبره الأيقونة أو التعويذة التي تحمي المصري من أن يغيب وعيه أو أو يعطي عقله أجازة من فهم ألاعيب الحكام الذين يحكمون مصر في هذا العصر الحالي الملئ بالمتغيرات السلبية ...

ولو أخذنا مثلا واحدا مما جاء بالكتاب وقارنا بين حاكم مصري قديما وحاكم مصري حالي يحكم المصريين بالحديد والنار وأمن الدولة وحبس المصريين خلف الأسوار .. كلا الحاكميْن مصرييْن أحدهما أخلص لمصر وحماها حدودها وجعل من مصر امبراطورية عظمى فقد أشعل في المصريين روح الكفاح والمقاومة ضد الهكسوس .. حتى تم طردهم نهائيا من مصر الى المدي الاستراتيجي الآمن لمصر وهو حدود الشام ..!!

 

 أحمس كقائد مصري كان محبا لمصر ولشعب مصر لم يكره المصريين لأنه منهم  ولأنه أحس وذاق مرارة الاحتلال الهكسوسي لمصر ,,, خاض مع المصريين المقاومة والتعرض للفناء والقتل والتعذيب على أيدي الهكسوس ,.. لذلك عندما وحد المصريين وخاض بهم حرب التحرير وتقلد السلطة  أمن الحدود  الشرقية لمصر  الى الشام .. أعد الحملات العسكرية كل عام لارعاب وارهاب أعداء مصر وأعداء الشعب المصري على الحدود المصرية  عند الشام وليس عند سيناء فقط .. كانت الروح الوطنية في عهده جياشة جعلت المصريين يصلون الى مستوى الامبراطوريات الرائدة في التاريخ الانساني .!!

 أما مصر مبارك ويا للعار بعد ثلاثين عاما من الحكم المهين لمصر وللمصريين  ولأن مبارك حاكم مصري يحتل المصريين بجيش مصر  وجهاز الشرطة المصرية ولأنه يحب نفسه فقط ويكره مصر والمصريين ... لم يحمي حدود مصر ولم يؤمنها الى الشام كما فعل احمس لم يؤمن الا أسوار قصره الجمهوري الذي يحكم منه المصريين ويذلهم ويجوعهم ..!! لم يحمي الا مدينة واحدة على حدود مصر المتقلصة الى سيناء فقط  لم يحم الى مدينة شرم الشيخ  بمساعدة الاسرائليين أعز أصدقائه  سرا وعلانية .. لكي يدير منها المعركة مع المصريين في حال ما اذا قام المصريون بثورة ضد ظلمه وجبروته واذلاله للمصريين ..

 هذا هو أحمس مصر وهذا هو مبارك مصر ..  تفاعلا بكتاب  شخصية مصر بعد الفتح الاسلامي !! 

هذا الكتاب مع انه صدر منذ العام 1984 من القرن الماضي إلا أن ما يحمله من أفكار تعتبر قنبلة في أيامها وحتى هذه الأيام ..

فمع أن الشيوخ حاكموا الدكتور احمد صبحي منصور على كتبه الأخرى ولم يذكروا كتاب شخصية مصر من ضمن الكتب التي حوكم عليها ، إلا أنه يبقى كتاب شخصية مصر والذي تم تأليفه منذ ما يقرب من 30 عاما من أخطر ما كتب الدكتور أحمد صبحي في نقد الدين السني وتراثه ..

ورغم أن أحمد صبحي منصور أيامها كما يظهر من خلال كتابه كانت مسيرته ( العودة للقرآن ) لم تكتمل بعد إلا أن الحقائق التي اوردها في هذا الكتاب والمكتشفات كانت أكبر حافز لإعتبار القرآن الكريم وحده مصدرا واحدا ووحيدا للشرع الإسلامي ، وذلك لأن المقدمات لابد أن تؤدي إلى نتائج .

هذا الكتاب مع أهميته العلمية لم يأخذ حقه من الدراسة أو النقد أو حتى التكفير من الأزهريين .. مع انه من أولى الكتب التي كان للأزهريين أن يكفروا احمد صبحي منصور عليه ليل نهار ويخرجوه من الأزهر آلاف المرات ..

ولكن الأزهريين عادة لا يقرأون وإذا قرأوا فهم عادة لا يفهمون وإذا فهموا تكون كارثة ربما تكون أكثر من عدم فهمهم ..

والواضح أن الأزهر بما له من قيمة كهنوتية قد أوعز للحكومة المصرية المباركية الفاشلة أن تستمر في إضطهاد وسجن الدكتور احمد صبحي منصور ، بعدما اخرجته من جامعة الأزهر ..

هذا الكتاب هو مهم جدا ففيه شرح للعقلية المصرية والحضارة المصرية التي تمصر الوافد إليها مهما كان هذا الوافد قويا حضاريا .. فإنه يذوب في البوتقة المصرية وينصهر ..

وفي كل زمن تتحق فيه هذه الاستراتيجية " أن حماية مصر هي في السيطرة على الشام ،لأن الخطر يأتي لمصر عبر الشام ،فمن يتحكم في الشام لا يشعر بالأمن إلا إذا سيطر على مصر " نجد سيطرة ونجاح وحماية ، لمصر من خطر أي عدوان خارجي ، وما قام به الوالي المحنك محمد علي من الاسيرء على الشام حتى يؤمن مصر دليلا على فهمه الجيد لتلك السيطرة  ،ووضع إسرائيل في هذه المنطقة لم يكن بالصدفة وغنما كان تفريقا وبترا لهذه الاستراتيجية ، وبعد أن فرغت من ذلك قوضت مصر من ناحية جنوب  أفريقيا كطرفي الكماشة حتى لا تستطيع الفكاك !!