رضا البطاوى البطاوى Ýí 2009-12-18
سورة الرعد
"بسم الله الرحمن الرحيم المر تلك آيات الكتاب والذى أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل تلك أحكام القرآن أى الذى أوحى لك من إلهك العدل ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله وهو الرب الرحمن الرحيم أى النافع المفيد أن اسمه وهو حكمه هو أن المر هى آيات الكتاب والمراد أن العدل وهو الحق هو أحكام القرآن مصداق لقوله بسورة النمل"تلك آيات القرآن "وفسر هذا بأن الذى أنزل إلى محمد(ص)من ربه هو الحق والمراد الذى أوحى إلى الرسول من خالقه هو العدل مصداق لقوله بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق "ويبين له أن أكثر الناس لا يؤمنون والمراد أن معظم الخلق لا يعلمون أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يوسف"ولكن أكثر الناس لا يعلمون"وقوله بسورة البقرة "ولكن أكثر الناس لا يشكرون "وهذا يعنى أنهم لا يطيعون كتاب الله والخطاب للنبى(ص).
"الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون "المعنى الله الذى حمل السموات بغير أعمدة تشاهدونها ثم أوحى إلى الكون وسير الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد يحفظ الحكم يبين الأحكام لعلكم بجزاء إلهكم تصدقون،يبين الله للناس أن الله هو الذى رفع السموات بغير عمد يرونها والمراد حمل السموات على الأرض بغير أعمدة يشاهدونها وهذا يعنى وجود أعمدة خفية تحمل السموات فوق الأرض ،ويبين لهم أنه استوى على العرش والمراد أوحى إلى الملك وهو الكون أنه مالكه الواجب الطاعة وهو الذى سخر أى سير أى خلق الشمس والقمر وكل منهما يجرى لأجل مسمى أى يسير فى مداره لموعد معلوم يعرفه الله وحده وهو الذى يدبر الأمر أى يحفظ الحكم والمراد يحفظ السموات والأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "ولا يؤدوه حفظهما "وهو يفصل الآيات والمراد يبين الأحكام مصداق لقوله بسورة آل عمران"يبين الله لكم آياته"والسبب لعلكم بلقاء ربكم توقنون والمراد لعلكم بجزاء إلهكم تصدقون وهذا يعنى أنه يبين أحكامه لنا حتى نصدق بالقيامة ومن ثم نطيع أحكامه والخطاب وما بعده للناس.
"وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "المعنى وهو الذى بسط الأرض وخلق فيها جبالا وعيونا ومن كل المنافع خلق فيها فردين اثنين يسلخ الليل النهار إن فى ذلك لعلامات لقوم يفهمون ،يبين الله للناس أنه هو الذى مد الأرض بسطها أى فرشها مصداق لقوله بسورة الذاريات "والأرض فرشناها "ثم جعل فيها رواسى وأنهارا والمراد وخلق أى ألقى فيها جبالا ومجارى للمياه مصداق لقوله بسورة النحل"وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا"وخلق فيها من كل الثمرات وهى الأنواع النافعة زوجين أى فردين اثنين هما ذكر وأنثى النوع وهو الذى جعل الليل يغشى أى يسلخ النهار مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الليل نسلخ منه النهار"ومعنى السلخ هو الإزالة التدريجية لضوء النهار فكل مكان منير يسير ويصبح مكانه ظلام وفى هذه المخلوقات آيات لقوم يتفكرون والمراد براهين على أن الله وحده الخالق لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الرعد"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".
"وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضهما على بعض فى الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى وفى الأرض أجزاء متلاصقات وحدائق من عنب وزرع ونخل مفرد وغير مفرد يروى بماء متشابه ونميز بعضها على بعض فى الطعام إن فى ذلك لبراهين لناس يتفكرون ،يبين الله للناس أن فى الأرض قطع متجاورات والمراد أن فى اليابس تضاريس متلاصقة وفيها جنات أى حدائق من الأعناب والزرع وهو المحاصيل الحقلية والنخيل الصنوان وهو النخل المتشابه ومنه النخيل غير الصنوان أى غير المتشابه وهو المختلف وهذا يعنى النخل ذو الصنف الواحد والنخل ذو الأصناف المختلفة وكلاهما يسقى بماء واحد والمراد يروى بماء واحد المكونات ومع هذا يحدث التالى أن يفضل الناس فى الأكل بعضها على بعض والمراد أن يميز الناس عند الطعام بعض الأصناف على بعض فيحب بعضا ويكره بعضا وهذا يعنى أن المزروعات طعمها يختلف من نوع لأخر ومن ثم يختلف الناس فيما يفضلون من الأطعمة وفيما سبق ذكره آيات أى براهين تدل على وجوب طاعة حكم الله وحده وهى لقوم يعقلون أى يفكرون أى يطيعون حكم الله والخطاب حتى ماء واحد للناس وهو جزء من آية حذف بعضها وما بعده هو جزء من آية أخرى لأنه يحكى قول الناس عن تفضيل بعضهم لبعض الأكلات على بعض .
"وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إأنا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال فى أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "المعنى وإن تدهش فاندهش لقولهم هل إذا أصبحنا غبارا هل نحن فى إنشاء حديث ؟أولئك الذين كذبوا ربهم وأولئك السلاسل فى رقابهم وأولئك أهل جهنم هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى (ص)أنه إن يعجب أى يستغرب فعليه أن يعجب أى يستغرب من قول الكفار "أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد" والمراد هل إذا كنا عظاما ورفاتا لفى حياة حديثة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يؤمنون بالبعث ويبين للنبى (ص)أن أولئك الذين كفروا ربهم أى الذين كذبوا بآيات خالقهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"كذبوا بآيات ربهم "وأولئك الأغلال فى أعناقهم والمراد السلاسل مربوطة فى رقابهم مصداق لقوله بسورة الإنسان"إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا"وهم أصحاب النار والمراد أهل الجحيم هم فيها خالدون أى مقيمون لا يخرجون .
"ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب"المعنى ويطالبونك بالعقاب قبل الخير وقد مضت من قبلهم القرون وإن إلهك لصاحب رحمة للخلق مع كفرهم وإن إلهك لعظيم العذاب،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار يستعجلونه بالسيئة قبل الحسنة والمراد يطلبون سرعة نزول العذاب قبل نزول الخير عليهم مصداق لقوله بسورة الشعراء "أفبعذابنا يستعجلون "وهم طلبوا العذاب مع علمهم أن المثلات وهى الأمم الهالكة قد خلت أى مضت أى عذبت من قبلهم ،ويبين له أن ربه وهو إلهه ذو مغفرة للناس على ظلمهم والمراد صاحب رحمة بالخلق مع كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة "وهو شديد العقاب أى عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"إن الله شديد العذاب "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "المعنى ويقول الذين كذبوا هلا أعطيت له معجزة من خالقه إنما أنت مبلغ ولكل جماعة مبلغ ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطيت له معجزة من إلهه دليل على نبوته وهذا يعنى أنهم يريدون منه أنه يحضر معجزة من الله لإثبات رسوليته ويبين له أنه منذر أى مذكر أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنما أنت مذكر"ويبين له أن لكل قوم هاد والمراد لكل أمة رسول يبلغهم حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكل أمة رسول "وهذا يعنى أنه أرسل لكل جماعة قبل محمد(ص)مبعوث يبلغهم حكم الله .
"الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال"المعنى الله يعرف متى تحبل كل امرأة ومتى تنزل البطون ومتى تتم وكل أمر لديه بحساب عارف المجهول والمعروف العظيم الأعلى ،يبين الله للناس أن الله يعلم ما تحمل كل أنثى والمراد متى تحبل كل امرأة من كل نوع من أنواع الخلق وليس إناث الناس فقط وما تغيض الأرحام أى ما تنزل البطون والمراد الزمن الذى تقذف فيه بطون الإناث المواليد قبل المدة المعلومة لدى البشر وما تزداد والمراد ومتى تتم الحبل فتلد ،ويبين أن كل شىء عنده بمقدار والمراد كل أمر لديه بحساب معلوم مصداق لقوله بسورة الحجر"وما ننزله إلا بقدر معلوم "وهذا يعنى أن كل نوع له عدد محدد يخلقه الله فى مواعيد محددة من قبل وهو عالم الغيب والشهادة والمراد وهو عارف المجهول والمعلوم فى السموات والأرض وهو الكبير أى صاحب الكبرياء أى العزة مصداق لقوله بسورة الجاثية "وله الكبرياء فى السموات والأرض "وهو المتعال أى العظيم القدر الذى لا يساويه أحد والخطاب وما بعده للناس.
"سواء منكم من أسر القول أو جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال"المعنى سيان منكم من كتم الحديث أو من أعلنه ومن هو متوارى بالليل وظاهر بالنهار ،له منقذات من أمامه ومن وراءه يحمونه من عذاب الله ،إن الله لا يبدل ما بقوم حتى يبدلوا الذى بأنفسهم وإذا أحب الله بقوم عذابا فلا مانع له وما لهم من غيره من ناصر ،يبين الله للناس أن سواء والمراد سيان عنده فى العلم من أسر القول والمراد من أخفى الكلام مصداق لقوله بسورة طه"فإنه يعلم السر وأخفى"ومن هو مستخفى بالليل والمراد ومن هو متوارى بظلام الليل عند فعله ومن هو سارب أى مظهر لفعله فى النهار وهذا إخبار للناس أن الإخفاء والإعلان يعلم كلاهما بنفس الدرجة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "وذلك حتى لا يظن ظان أن الكتم فى النفس أو التخفى فى الظلم يمنع من العلم بعمله ويبين لهم أن الإنسان له معقبات والمراد منقذات من بين يديه أى من أمامه والمراد فى حاضره الذى يعيش فيه الآن ومن خلفه أى من وراءه والمراد فى مستقبله القادم وهذه المنقذات تحفظه من أمر الله والمراد تنقذه من عذاب الله والمعقبات المنقذات هى البصيرة التى تجعله يطيع حكم الله فتحفظه مصداق لقوله بسورة الطارق"إن كل نفس لما عليها حافظ "ويبين لهم أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والمراد لا يبدل الذى بناس حتى يبدلوا الذى فى أنفسهم والمراد إن معاملة الله للناس تكون حسب فعلهم فإن أحسنوا أحسن لهم وإن أساءوا أساء لهم ،ويبين لهم أنه إذا أراد الله بقوم سوء والمراد إذا أنزل على شعب ضرر فلا مرد له والمراد فلا مانع للضرر النازل بهم مهما كان وما للقوم من دون الله من وال والمراد وليس للناس من سوى الله منقذ أى شفيع مصداق لقوله بسورة السجدة"ما لكم من الله من ولى ولا شفيع" وهذا يعنى أن الراد أى المانع الوحيد للضرر عن القوم هو الله .
"هو الذى يريكم البرق خوفا وطمعا وينشىء السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون فى الله وهو شديد المحال"المعنى هو الذى يشهدكم نار السحاب رهبة ورغبة ويخلق الغمام الكبير ويعمل الرعد بأمره والملائكة من خشيته ويبعث المهلكات فيعذب بها من يريد وهم يحاجون فى الله وهو عظيم العقاب ،يبين الله للناس أنه هو الذى يريهم البرق خوفا وطمعا والمراد هو الذى يشهدهم النار المتولدة من احتكاك بين السحب أو فى داخلها رهبة من إحراقها لهم أو لما يملكون ورغبة فى نزول المطر المفيد لهم وزرعهم وبهائمهم ،ويبين لهم أن الرعد وهو الصوت المتولد من احتكاك السحب أو داخلها يسبح بحمده والمراد يعمل بحكمه والملائكة من خيفته والمراد أن الملائكة تعمل بحكمه من خشيتها لعقابه وهو يرسل الصواعق والمراد يبعث المهلكات فيصيب بها من يشاء والمراد فيمس بها من يريد وهذا يعنى أنه يعذب بالمهلكات من يكفر به ويبين للنبى(ص) أن الكفار يجادلون فى الله والمراد يكفرون بحكم الله وهو شديد المحال أى عظيم العقاب مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله شديد العقاب"والخطاب حتى يشاء للناس وما بعده للنبى(ص) وهو جزء من آية محذوف بعضها والخطاب بعده للنبى(ص)
"له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال "المعنى له دين العدل والذين يعبدون من سواه لا يعطون لهم شىء إلا كماد يديه إلى الماء ليصل فمه وما هو بواصله وما عبادة الكاذبين إلا فى خسارة ،يبين الله للمؤمنين أن دعوة الحق والمراد أن دين العدل وهو الإسلام لله مصداق لقوله بسورة الزمر "ألا له الدين الخالص"ويبين لنا أن الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء والمراد أن الذين يعبدون من سوى الله لا يعطون لهم أى عطاء وهذه المقارنة بين دين الله وأديان الكفر ترينا أن الله يعطى المسلم حقه فى الدنيا والآخرة بالثواب ويعطى الكافر حقه بالعذاب وأما الآلهة المزعومة فلا تعطى أى شىء سواء ثوابا أو عقابا ويشبه الله الداعى غير الله بباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه والمراد بفارد كفيه إلى الماء ليصل فمه ومع ذلك ما هو ببالغه أى ما هو بواصله لأن الماء تسرب من بين أصابعه المفرودة فكما أن الأول لا يأخذ شىء من آلهته المزعومة فباسط كفيه لا يأخذ شىء من الماء ويعلن الله فى نهاية الآية أن دعاء الكافرين فى ضلال والمراد طاعة الكاذبين فى خسارة وبألفاظ أخرى أعمال المكذبين بدين الله حابطة لا قيمة لها والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولله يسجد من فى السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال"المعنى ولله يسبح من فى السموات والأرض حبا وبغضا وخيالاتهم بالليالى والنهارات عدا من كفر،يبين الله لنا أن من فى السموات والأرض يسجد أى يسبح أى يعمل له عدا من حق عليه العذاب بكفره مصداق لقوله بسورة الحج"ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"والمراد يطيع حكم الله سواء كانت الطاعة طوعا أى حبا أى رغبة فى ثواب الله أو كرها أى بغضا أى رهبة من عذابه ويفعل مثلهم ظلالهم وهى خيالاتهم ويحدث ذلك فى الغدو وهو الليالى وفى الآصال وهى النهارات .
"قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفأتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار "المعنى قل من خالق السموات والأرض قل الله قل هل عبدتم من غيره أنصار لا يقدرون لأنفسهم على فائدة ولا نفع قل هل يتساوى الكفيف والرائى أم هل تتساوى الحالكات والضوء أم خلقوا لله أندادا أبدعوا كإبداعه فتماثل الخلق عندهم قل الله منشىء كل مخلوق وهو الأحد الغالب،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس من رب أى خالق السموات والأرض ؟ثم يطلب منه أن يجيب على السؤال بقوله الله هو الخالق والغرض من السؤال والجواب هو إثبات أن الله وحده الخالق ليس معه غيره يستحق العبادة ،ويطلب من نبيه(ص)أن يسأل الناس أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا والمراد هل أطعتم من سواه آلهة لا يقدرون لأنفسهم فائدة ولا أذى ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن الأرباب الآلهة التى يطيعونها لا تقدر على نفع نفسها ولا على إضرار نفسها لأنها ميتة ومن ثم فهى لا تنفعهم ولا تضرهم ما دامت لا تنفع نفسها أو تضرها،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور والمراد هل يتساوى فى الجزاء المسلم والكافر ؟أم هل يقبل الله الجهالات والإسلام ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن المسلم وهو البصير لا يتساوى بكافر وهو الأعمى فى الجزاء كما أن الله لا يقبل الظلمات وهى الجهالات ويقبل النور وهو الإسلام ،ويسأل أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم والمراد هل اخترعوا لله أندادا أبدعوا كإبداعه فاختلطت المخلوقات أمامهم؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن شركاء الكفار وهم آلهتهم المزعومة لم يخلقوا شيئا فى الكون لأنه خالق كل شىء،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار والمراد الرب هو مبدع كل مخلوق وهو الأحد الغالب،وهذا يعنى أن الله هو منشىء كل مخلوق وآلهتهم المزعومة لم تخلق أى شىء وهو إله واحد لا شريك له وهو قهار أى غالب على أمره مصداق لقوله بسورة يوسف"والله غالب على أمره".
"أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال "المعنى أسقط من السحاب مطرا ففاضت أنهار بحسابها فرفع الماء خبثا عاليا ومما يشعلون عليه النار طلبا لحلية أو نفع شبهه هكذا يبين الله العدل والظلم فأما الخبث فيمضى فانيا وأما ما يفيد الخلق فيبقى فى البلاد هكذا يبين الله الأحكام ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب مطرا فسالت أودية بقدرها والمراد فجعله ينابيع مياه بحسابه هو مصداق لقوله بسورة الزمر"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض "وهذه الينابيع فاضت فاحتمل السيل زبدا رابيا والمراد فرفع الفيضان خبثا عاليا وهذا يعنى أن فوق النافع ضرر هو الفقاقيع ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله والمراد ومن المعدن الذى يشعلون عليه النار طلبا لحلية وهى ما يلبسه الناس من الزينة أو طلبا لنفع يخرج خبث شبيه بخبث الماء وكذلك يضرب الله الحق والباطل والمراد أن الله يشبه الحق وهو العدل بالماء النافع والمعدن المخرج للحلية والمتاع ويشبه الباطل وهو الظلم بزبد الماء وزبد المعدن وهو الخبث الضار ويبين له أن الزبد وهو الخبث يذهب جفاء والمراد يمضى فانيا وكذلك الباطل يفنى أى يمحى مصداق لقوله بسورة الشورى "ويمح الله الباطل "وأما ما ينفع الناس وهو ما يفيد الخلق فيمكث فى الأرض والمراد فيبقى فى البلاد وكذلك الحق باقى إلى الأبد فهو محفوظ فى الكعبة وكذلك أى بتلك الطريقة وهى التشبيهات يضرب الله الأمثال والمراد يوضح الأحكام للناس والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه لأفتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد"المعنى للذين أطاعوا خالقهم الجنة والذين لم يطيعوا الله لو أن لهم الذى فى الأرض كله وقدره معه ما أنقذوا به أولئك لهم أشد العقاب أى مقامهم النار وقبح القرار،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استجابوا لربهم وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم الجنة وهى الحسنى مصداق لقوله بسورة الكهف"وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى "وأما الذين لم يستجيبوا له أى لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات فلو أن لهم والمراد لو أنهم يملكون الذى فى الأرض ومثله أى وقدره معه لأفتدوا به والمراد ما أنقذوا به من العذاب أى ما قبله الله منهم ليبعدهم عن العذاب مصداق لقوله بسورة آل عمران "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به "ويبين له أن أولئك لهم سوء الحساب أى أشد العقاب وفسره بأنه مأواهم جهنم أى مقامهم أى مثواهم النار مصداق لقوله بسورة الزمر "أليس فى جهنم مثوى للكافرين " وبئس المهاد أى وقبح القرار مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار".
"أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب "المعنى هل من يعرف أنما أوحى إليك من إلهك العدل كمن هو كافر إنما يطيع أهل العقول،يسأل الله النبى (ص)أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى والمراد هل من يعرف إنما ألقى لك من خالقك العدل كمن هو مكذب ؟والمراد"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون"كما قال بسورة الزمر والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن العالم بالوحى وهو المطيع له لا يتساوى فى الجزاء بالمخالف له ويبين له أنما يتذكر أولوا الألباب والمراد يطيع الحق أهل العقول أى المنيبين لله مصداق لقوله بسورة غافر"وما يتذكر إلا من ينيب" والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة والسيئة أولئك لهم عقبى الدار "المعنى الذين يتمون حكم الله أى لا يخالفون العهد أى الذين يعملون ما أوصى به الله أن يعمل أى يخافون خالقهم أى يخشون أشد العقاب أى الذين أطاعوا طلب رحمة خالقهم أى اتبعوا الدين أى وعملوا من الذى أوحينا لهم خفاء وظاهرا أى يمحون بالصالح الفاسد أولئك لهم حسن المقام ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين يوفون بعهد الله والمراد الذين يطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم لا ينقضون الميثاق أى لا يخالفون العهد وهو حكم الله وفسرهم بأنهم الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل والمراد الذين يطيعون الذى أوصى الله به أن يطاع وهو حكم الله وفسرهم بأنهم الذين يخشون ربهم أى يخافون عذاب خالقهم فيطيعون حكمه وفسرهم بأنهم يخافون سوء الحساب أى يخشون أشد العذاب فيطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم الذين صبروا إبتغاء وجه ربهم أى الذين أطاعوا طلب رضوان الله وهو جنته وفى هذا قال بسورة الحديد"ابتغاء رضوان الله "وفسرهم بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الصلاة "وفسرهم بأنهم أنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية والمراد وعملوا من الذى أوحينا لهم خفاء وظاهرا وفسرهم بأنهم يدرءون بالحسنة السيئة والمراد يمحون بالعمل الصالح العمل الفاسد لهم عقبى الدار أى الدرجات العلى مصداق لقوله بسورة طه"أولئك لهم الدرجات العلى"وهى الجنة .
"جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار "المعنى حدائق خالدة يسكنونها ومن أحسن من آبائهم ونسوتهم وأولادهم والملائكة يلجون عليهم من كل منفذ خير لكم بما أطعتم فحسن متاع الجنة ،يبين الله للنبى (ص)أن أولى الألباب لهم جنات عدن أى حدائق خالدة أى مقيمة مصداق لقوله بسورة التوبة"جنات لهم فيها نعيم مقيم"وهم يدخلونها أى يسكنون فيها ومن صلح أى أحسن عملا من آبائهم وأزواجهم وهم نسوتهم وذرياتهم أى أولادهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب والمراد أن الملائكة يلجون على المسلمين من كل منفذ ويقولون لهم سلام عليكم بما صبرتم والمراد الخير لكم بما أطعتم أى عملتم حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "ويبين الله له أن الجنة هى نعم عقبى الدار أى متاع القيامة الحسن والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا فى الآخرة إلا متاع "المعنى الله يكثر العطاء لمن يريد ويقلل وتمتعوا بالمعيشة الأولى وما المعيشة الأولى فى القيامة سوى قليل ،يبين الله لنا أنه يبسط الرزق لمن يشاء والمراد يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر أى ويقلل لمن يريد من الخلق وقد فرحوا بالحياة الدنيا والمراد وقد انشغلوا بمتاع المعيشة الأولى وما الحياة الأولى وهى المعيشة الأولى فى الآخرة وهى القيامة إلا متاع أى قليل من العطاء مصداق لقوله بسورة التوبة "فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل".
"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب "المعنى ويقول الذين كذبوا لولا أعطى له معجزة من إلهه قل إن الله يعاقب من يكفر ويرحم من أطاع ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطيت له معجزة من خالقه وهذا يعنى أنهم يريدون من الله أن يعطى محمد(ص)معجزة ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم :إن الله يضل من يشاء والمراد يعذب من يريد وهم من كفروا بحكمه ويهدى من أناب والمراد ويرحم من أطاع حكمه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم طوبى وحسن مآب "المعنى المنيبين الذين صدقوا وتسكن نفوسهم بطاعة الله ألا بطاعة الله تسكن القلوب الذين صدقوا لهم جنة أى حسن مرجع ،يبين الله لنبيه(ص)أن المنيبين هم الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وتطمئن قلوبهم بذكر الله والمراد تسكن نفوسهم بطاعة حكم الله ،ويبين له أن بذكر الله وهو طاعة حكم الله تطمئن القلوب أى تسكن القلوب أى لا تخاف من أحد سوى الله ،ويبين له أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم طوبى أى جنات النعيم مصداق لقوله بسورة لقمان"لهم جنات النعيم "وفسر طوبى بأنها حسن مآب أى حسن الثواب مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله عنده حسن الثواب "أى أفضل المساكن .
"كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربى لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب "المعنى هكذا بعثناك فى جماعة قد مضت من قبلها جماعات لتبلغ لهم الذى ألقينا لك وهم يكذبون بحكم الله قل هو إلهى لا رب سواه به احتميت وإليه عودتى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أرسله فى أمة قد خلت من قبلها أمم والمراد قد بعثه فى قوم قد هلكت من قبلهم الأقوام وسبب بعثه هو أن يتلو عليهم الذى أوحى إليه والمراد أن يقرأ عليهم القرآن الذى ألقى له مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقرآنا فرقناه على مكث لتقرأه على الناس "ويبين له أن الناس يكفرون بالرحمن أى يكذبون بحكم وهو نعمة الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون "ويطلب منه أن يقول لهم هو ربى أى إلهى لا إله أى رب إلا هو عليه توكلت والمراد بطاعة حكمه احتميت من عقابه وإليه متاب أى "إليه مآب"كما قال بسورة الرعد والمراد إليه المرجع والخطاب للنبى"(ص) .
"ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا ألم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتى وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد"المعنى ولو أن وحيا مشت به المرتفعات أو جزئت به الأرض أو حدث به الهلكى بل لله الحكم كله ألم يعرف الذين صدقوا أن لو يريد الله لأرشد الخلق كلهم ولا يزال الذين كذبوا تمسهم بما عملوا غاشية أو تقع قريبا من بلادهم حتى يجىء خبر الله إن الله لا ينقض الوعد ،يبين الله لنا أن الله لو أنزل قرآنا أى وحيا عمل به التالى :سيرت به الجبال أى حركت به الرواسى وقطعت به الأرض والمراد وجزئت به الأرض لأجزاء وكلم به الموتى أى أحيى به الهلكى ما آمن الناس بحكم الله نتيجة هذه المعجزات مصداق لقوله بسورة يونس"لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية "ويبين لنا أن الأمر وهو الحكم لله جميعا أى كله مصداق لقوله بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله"ويسأل ألم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا والمراد ألم يعلم الذين صدقوا أن لو يريد الله لأرشد الخلق كلهم ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن الله لا يريد أن يهدى الخلق كلهم ،ويبين لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لا يزال تصيبهم قارعة أى تستمر تمسهم عقوبة أى فتنة من الله وفسر هذا بأنهم تحل قريبا من دارهم والمراد ينزل عليهم العذاب الأليم فى بلادهم مصداق لقوله بسورة النور"أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "والسبب ما صنعوا أى ما عملوا وهذا العقاب يكون حتى يأتى وعد الله وهو عذاب الله الذى أخبرهم به ويبين لنا أن الله لا يخلف الميعاد أى لا ينقض الوعد والمراد أنه يحقق كل ما يقول من الأقوال والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب "المعنى ولقد سخر من أنبياء من قبلك فأعطيت للذين كذبوا ثم أهلكتهم فكيف كان عذاب ،يبين الله للنبى (ص)أن الناس قد استهزءوا بالرسل من قبله أى قد كذبوا الأنبياء(ص)من قبل وجوده فأملى الله للذين كفروا أى فأعطى الله الذين كذبوا بحكم الله العطايا ثم أخذهم أى عذبهم فكيف كان عقاب أى عذاب أى نكير مصداق لقوله بسورة فاطر "فكيف كان نكير"وهذا يعنى أن الله يعامل القوم أولا بالحسنى وهى الرزق الكثير ثم يعاقبهم .
"أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد"المعنى هل من هو محاسب لكل نفس بما عملت وخلقوا لله أندادا قل عينوهم أم تخبرونه بالذى لا يعرف فى الأرض أم بواضح من الحديث ،لقد حسن للذين كذبوا كيدهم وردوا عن الدين ومن يعذب الله فما له من راحم ،يسأل الله أفمن هم قائم على كل نفس بما كسبت والمراد هل من هو محاسب كل فرد خير أم من لا يحاسب أحد ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الإله المحاسب على العمل أفضل ممن لا يحاسب،ويبين الله لنبيه(ص)أن الناس جعلوا لله شركاء والمراد اخترعوا لله أندادا مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وجعلوا لله أندادا"ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول سموهم أى عينوهم والمراد حددوا الشركاء الذين تزعمون ،أم تنبئونه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول والمراد هل تخبرون الله بالذى لا يعرف فى البلاد أن ببين من الحديث ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن الله يعلم كل شىء سواء خفى أم ظاهر فهو يعلم أن الشركاء ليس لهم وجود فى الأرض كما يعلم أن القول وهو الوحى ليس فيه دليل ظاهر على وجودهم الحقيقى ،ويبين له أن الذين كفروا أى أسرفوا زين لهم مكرهم والمراد حسن لهم سوء أعمالهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "وقوله بسورة يونس"زين للمسرفين ما كانوا يعملون "ويبين له أنهم صدوا عن السبيل أى ردوا عن دين الله وهو الإسلام ويبين له أن من يضلل فما له من هاد والمراد من يهن أى يذل الله فليس له مكرم يرحمه مصداق لقوله بسورة الحج"ومن يهن الله فما له من مكرم "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"لهم عذاب فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله واق"المعنى لهم عقاب فى المعيشة الأولى ولعقاب القيامة أعظم وما لهم من الله من حامى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار لهم عذاب فى الحياة الدنيا والمراد لهم خزى فى المعيشة الأولى مصداق لقوله بسورة البقرة "لهم فى الدنيا خزى "أى ذل ولعذاب الآخرة أشق والمراد ولعقاب القيامة أخزى أى أعظم مصداق لقوله بسورة فصلت "ولعذاب الآخرة أخزى "وما لهم من الله من واق والمراد وليس لهم من عذاب الله من ولى يمنع عنهم العذاب مصداق لقوله بسورة الشورى "والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير ".
"مثل الجنة التى وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار "المعنى حقيقة الحديقة التى أخبر المطيعون تسير من أسفلها العيون متاعها مستمر وظلها تلك مسكن الذين أطاعوا حكم الله ومقام المكذبين جهنم ،يبين الله لنبيه (ص) أن مثل الجنة أى حقيقة الحديقة التى وعد المتقون وهى التى أخبر المطيعون لحكم الله تجرى من تحتها الأنهار أى تسير من أسفل أرضها العيون وأكلها وهو متاعها أى نعيمها دائم أى مقيم مصداق لقوله بسورة التوبة "فيها نعيم مقيم"وظل الجنة وهو خيالها الواقى من الحرارة مستمر ويبين له أن تلك وهى الجنة عقبى الذين اتقوا أى مسكن الذين أطاعوا حكم الله وأما عقبى الكافرين وهى مكان وجود أعداء الله فهو النار أى جهنم مصداق لقوله بسورة فصلت "ذلك جزاء أعداء الله النار"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مآب"المعنى والذين أوحينا لهم الحكم يطيعون الذى أوحى لك ومن الفرق من يكذب بعضه قل إنما أوصيت أن أطيع الله أى لا أكفر به لدينه أنادى الناس وإليه مرجع ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين أتيناهم الكتاب وهم الذين أعطيناهم القرآن يفرحون بما أنزل إليك والمراد يؤمنون بالذى أوحى لك مصداق لقوله بسورة البقرة "والذين يؤمنون بما أنزل إليك"ويبين له أن من الأحزاب وهى الفرق من ينكر بعضه أى من يكفرون ببعض الوحى مصداق لقوله بسورة البقرة "وتكفرون ببعض"ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به والمراد إنما أوصيت أن أسلم لله أى لا أعبد معه أحد مصداق لقوله بسورة غافر"وأمرت أن أسلم لرب العالمين "وهذا يعنى أنه أوصاه بعبادته وحده ،إليه أدعوا والمراد إلى دينه أنادى الناس وإليه مآب أى متاب أى مرجعى إلى جنته .
"كذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق"المعنى وهكذا أوحيناه قرآنا واضحا ولئن أطعت أحكامهم بعد ما أتاك من الوحى ما لك من الله من ناصر أى حامى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزلناه حكما عربيا والمراد أوحيناه قرآنا مفهوما مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "ويبين له أنه إن اتبع أهواءهم بعد ما جاءهم من العلم والمراد إن أطاع أحكام الكفار من بعد الذى أتاهم من القرآن فما له من الله من ولى ولا واق والمراد فما له من ناصر أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة "ما لك من الله من ولى ولا نصير "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "المعنى ولقد بعثنا أنبياء (ص)من قبلك وخلقنا لهم نساء وأولاد وما كان لنبى (ص)أن يجىء بمعجزة إلا بأمر الله لكل إنسان سجل يزيل الله ما يريد ويكتب ولديه أصل السجل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قد أرسل رسلا من قبله والمراد قد بعث أنبياء من قبل وجوده مصداق لقوله بسورة النحل"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا "وجعلنا لهم أزواجا وذرية والمراد وخلقنا لهم نساء وأولاد وهذا يعنى أن كل الرسل تزوجوا وأنجبوا بلا استثناء ،ويبين له أنه ما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله والمراد ما كان لنبى (ص)أن يحضر معجزة إلا بأمر الله وهذا يعنى أن المعجزات لا تأتى إلا بأمر الله ويبين له أن لكل أجل كتاب والمراد لكل مخلوق سجل مكتوب فيه أعماله والله يمحو ما يشاء ويثبت والمراد والله يزيل ما يريد أى ينسخ ما يريد من الأحكام ويبقى ما يريد ويبين له أن عنده أم الكتاب والمراد لديه أصل السجلات كلها وهذا يعنى أنه يعلم كل شىء فى الكون .
"وإن ما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينهم فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب"المعنى وإن ما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتنهم فإنما عليك البيان وعلينا الجزاء،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه بعض ما يعدهم والمراد أن يشهده بعض الذى يخبر الكفار به وهو العذاب وهو نازل بهم وإما يتوفاهم أى يهلكهم بعقاب من عنده وفى كل الأحوال عليه البلاغ وهو تذكير الناس بالوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "فذكر إنما أنت مذكر"ويبين له أن على الله الحساب وهو الجزاء أى إعطاء كل إنسان ما يستحقه من العطاء والخطاب للنبى(ص).
"أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب "المعنى أو لم يعرفوا أنا نجىء الأرض نقللها من جوانبها والله يقضى لا راد لقضائه وهو شديد العقاب ،يسأل الله أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والمراد هل لم يعلموا أنا نجىء الأرض نقللها من نواحيها والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الأرض منقوصة الأطراف أى على شكل كرة مدورة ،ويبين للنبى(ص) أن الله يحكم لا معقب لحكمه والمراد أن الله يقضى لا راد لقضائه مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو سريع الحساب أى شديد العقاب مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ربك سريع العقاب" والخطااب وما بعده للنبى(ص).
"وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار"المعنى وقد كاد الذين من قبلهم فلله الكيد كله يعرف ما تعمل كل نفس وسيعرف المكذبون لمن متاع الجنة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين من قبل الكفار وهم الذين سبقوهم زمنيا قد مكروا أى كادوا أى دبروا الخطط للقضاء على دين الله والله له المكر جميعا والمراد له الكيد وهو القوة كلها وهو يعلم ما تكسب كل نفس والمراد يعرف الذى يفعل كل فرد مصداق لقوله بسورة الشورى "ويعلم ما تفعلون"ويبين الله لنا أن الكفار أى الظالمين سيعلمون لمن عقبى الدار والمراد لمن جنة الأخرة ولمن منقلب النار مصداق لقوله بسورة الشعراء"وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ".
"ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب "المعنى ويقول الذين كذبوا لست مبعوثا قل حسبى الله حاكما بينى وبينكم ومن لديه معرفة الوحى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا الوحى قالوا لست مرسلا أى مبعوثا بالوحى من الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم:كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب والمراد حسبى الله قاضيا بينى وبينكم ومن لديه معرفة الوحى وهذا يعنى أن الشهيد على رسولية محمد(ص)هو الله ومن يعلمون بوحى الله السابق والحالى والخطاب للنبى(ص).
قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
دعوة للتبرع
ولكل امة اجل : ( وَلِك ُلِّ أُمَّ ةٍ أَجَل ٌ فَإِذ َا ...
وصية وغير واجبة.!!!: لماذا الوصي ة الواج بة؟ الابن يرث إذا مات...
الغيظ : هل يجوز للمؤم ن أن يغتاظ من الناس ؟...
سؤالان : السؤ ال الأول فيما يتعلق بالتع ليقات ...
إنتحار المريض النفسى: ما هو حكم انتحا ر المري ض النفس ى وهو يعلم ان...
more