رضا البطاوى البطاوى Ýí 2009-11-06
سورة الأنعام
سميت السورة بهذا الاسم لذكر حقيقة حيوانات الأنعام فيها فى قوله "ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ثمانية أزواج"وأيضا لوجود تشريعات للكفار وأحكام لله فى الأنعام.
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الطاعة لحكم الله الذى أنشأ السموات والأرض وعرف الضلالات والهدى ثم الذين كذبوا بحكم إلههم يكفرون،يبين الله لنا أن الله الرحمن الرحيم وهو الرب النافع المفيد باسمه وهم حكمه قد حكم أن الحمد لله والمراد أن الطاعة لحكم الله أى الإسلام واجبة على الجميع مصداق لقوله بسورة النحل"وله أسلم من فى السموات والأرض"وهو الذى خلق أى جعل أى أنشأ السموات والأرض مصداق لقوله بسورة غافر"الله الذى جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء"وهو الذى جعل الظلمات والنور والمراد الذى هدى الناس الضلالات والهدى مصداق لقوله بسورة البلد"وهديناه النجدين"فالنجدين هما الظلمات وهى أديان الكفر والنور هو الإسلام مصداق لقوله بسورة النساء"وأنزلنا إليكم نورا مبينا"وهذا يعنى أنه عرف الناس الكفر والإسلام ليتركوا الكفر ويتبعوا الإسلام فكانت النتيجة أن الذين كفروا بربهم يعدلون والمراد أن الذين كذبوا بحكم إلههم يشركون معه فى الطاعة حكم غيره مصداق لقوله بسورة النحل"إذا فريق منكم بربهم يشركون" والخطاب للمؤمنين.
"هو الذى خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون"المعنى هو الذى أنشأكم من صلصال ثم حدد عمرا وعمر محدد لديه ثم أنتم تكفرون،يبين الله للناس أنه خلقهم من طين أى أنشأهم من تراب معجون بالماء مصداق لقوله بسورة فاطر"والله خلقكم من تراب"ويبين لهم أنه قضى أجلا والمراد وحدد لكل واحد منهم عمرا وهو أجل مسمى أى عمر معدود أى محدد عنده أى لديه لا يعرفه سواه ويبين لهم أنهم مع هذا يمترون أى يكفرون بحكم خالقهم والخطاب للناس.
"وهو الله فى السموات وفى الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون"المعنى وهو الإله فى السموات والإله فى الأرض يعرف خفيكم وعلنكم أى يعرف الذى تعملون ،يبين الله للناس أن الله فى السموات والأرض والمراد أن الله إله من فى السموات وإله من فى الأرض مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله"وهذا يعنى أن الكل يعبده ما عدا كفرة الناس ،ويبين لهم أنه يعلم سرهم وجهرهم أى يعرف خفيهم وعلنهم أى ما يكتمون وما يبدون مصداق لقوله بسورة المائدة"ويعلم ما تبدون وما تكتمون" وفسر هذا بأنه يعلم ما يكسبون أى ما يفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله يعلم ما تفعلون"وهذا يعنى معرفته بكل أعمالهم وسيحاسبهم عليها والخطاب للناس .
"وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين"المعنى وما يجيئهم من حكم من أحكام إلههم إلا كانوا به مكذبين،يبين الله لنا أن الناس ما تأتيهم من آية من آيات ربهم والمراد ما يبلغهم حكم من أحكام وحى خالقهم إلا كانوا عنه معرضين أى إلا كانوا به لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها"وهذا يعنى تكذيب القوم لكل أحكام الوحى والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون"المعنى فقد كفروا بالعدل لما أتاهم فسوف يجيئهم آلام الذى كانوا منه يسخرون،يبين الله لنا أن الكفار قد كذبوا الحق لما جاءهم والمراد خالفوا العدل وهو الكتاب لما أتاهم على لسان الرسول(ص)وفى هذا قال تعالى بسورة غافر"الذين كذبوا بالكتاب"ولذا سوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون والمراد سوف يحيق بهم ألام العذاب الذى كانوا منه يسخرون مصداق لقوله بسورة هود"وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون".
"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين"المعنى هل لم يعلموا كم دمرنا من قبلهم من قرية حكمناهم فى البلاد الذى لم نحكمكم فيه وبعثنا السحاب لهم متتابعا وخلقنا العيون تسير فى أرضهم فدمرناهم بسيئاتهم وخلقنا من بعدهم ناسا أخرين،يسأل الله :ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرية والمراد هل لم يعلموا كم قصمنا أى دمرنا من قبلهم من قرية كانت ظالمة وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء"وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة" والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنه قادر على إهلاكهم كما أهلك من قبلهم وبين الله لهم أن الأقوام الهالكة مكنهم الله فى الأرض ما لم يمكن لهم والمراد أعطاهم فى البلاد الذى لم يعطه لكفار مكة فى عهد محمد(ص)ومنه أنه أرسل عليهم السماء مدرارا والمراد بعث لهم مطر السحاب متتابعا وجعل لهم الأنهار تجرى من تحتهم والمراد وخلق لهم مجارى المياه تسير فى أرضهم ولكنهم كفروا فأهلكهم الله بذنوبهم أى دمرهم بسبب جرائمهم وأنشأ من بعدهم قرنا آخرين والمراد وخلق من بعد هلاكهم ناسا مؤمنين والخطاب للمؤمنين.
"ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين"المعنى ولو أوحينا لك حكما فى صحيفة فقرئوه بأنفسهم لقال الذين كذبوا إن هذا إلا خداع عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو أنزل عليه كتابا فى قرطاس والمراد لو أوحى له وحيا مدونا فى صحيفة سقطت عليهم من السماء فلمسوه بأيديهم والمراد فقرئوه بأنفسهم لكان رد فعلهم هو قول الذين كفروا أى كذبوا الوحى:إن هذا إلا سحر مبين والمراد ما هذا القرطاس إلا خداع كبير،وهذا يعنى أنهم لن يؤمنوا مهما أتاهم من معجزات ومن ثم فلا داعى لإرسال أى معجزات لهم والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر ثم لا ينظرون"المعنى وقالوا لولا جاء معه ملاك ولو أرسلنا ملاك لإنتهى الحكم ثم لا يمهلون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا :لولا أنزل عليه ملك والمراد هلا أتى مع محمد ملاك يثبت نبوته،وهذا يعنى أنهم يطلبون رؤية الملائكة ويبين الله له أنه لو أنزل ملكا والمراد لو أرسل لهم ملاك لقضى الأمر والمراد لإنتهى الوجود الدنيوى لهم لأن الملائكة لا ترى إلا عند القيامة حيث العذاب وفى هذا قال بسورة الفرقان"يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين "ثم لا ينظرون أى لا ينصرون أى لا يرحمون وإنما يعذبون .
"ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون"المعنى ولو أرسلناه ملاكا لخلقناه ذكرا و لخلطنا عليهم ما يخلطون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو جعل أى بعث ملكا أى ملاكا رسولا لجعله رجلا والمراد لخلقه على صورة إنسان لسبب بسيط هو أن الملاك لا يرى من قبل الناس فى صورته الملائكية لأنها صورة خفية كما بين أنه سيلبس عليهم ما يلبسون أى سيخلط عليهم ما يخلطون والمراد أنه سيجعل أمره خفيا كما أن الناس يخفون الحق فى الباطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا ما كانوا به يستهزءون "المعنى ولقد كذب أنبياء من قبلك فأصاب الذين كذبوا الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قبل وجوده فى الحياة قد استهزىء بهم أى سخر منهم أى كذب برسالاتهم مصداق لقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب"فكانت النتيجة أن حاق بهم ما كانوا يستهزءون والمراد أن أصاب الكفار الذى كانوا به يكذبون وهو العقاب كما بآية سورة ص .
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين "المعنى قل امشوا فى البلاد فاعلموا كيف كان جزاء المجرمين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض أى "نقبوا فى البلاد"كما قال بسورة ق والمراد سافروا فى بلاد الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد فاعرفوا كيف كان عذاب الكافرين وهم المجرمين كما قال بسورة النمل"فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين " والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"قل لمن ما فى السموات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون"المعنى قل لمن الذى فى السموات والأرض قل للرب فرض على ذاته النفع ،ليحشرنكم فى يوم البعث لا ظلم فيه الذين أهلكوا ذواتهم فهم لا يصدقون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس :لمن ما فى السموات والأرض والمراد من يملك الخلق فى السموات والأرض ؟ويطلب منه أن يجيب :لله أى ملك للرب ،كتب على نفسه الرحمة والمراد فرض على ذاته النفع لمن يطيع حكمه وهم الذين أمنوا مصداق لقوله بسورة الجاثية "فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته" ،ليجمعنكم إلى يوم القيامة والمراد ليبعثنكم فى يوم البعث لاريب فيه أى "لا ظلم اليوم"كما قال بسورة غافر والمراد أن يوم البعث ليس فيه ظلم لأى مخلوق من الله ،ويبين لهم أن الذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون حكم الله هم الذين خسروا أنفسهم أى أهلكوا أنفسهم والمراد أدخلوها النار .
"وله ما سكن فى الليل والنهار وهو السميع العليم "المعنى وله ما نام فى الليل والنهار وهو الخبير المحيط ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لله ما سكن أى ثبت أى نام فى الليل والنهار وهذا يعنى أن الله يملك كل المخلوقات التى تنام ليلا أو نهارا وهى كل المخلوقات فى الكون وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء فى الكون .
"قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين "المعنى قل أسوى الرب أعبد إلها خالق السموات والأرض وهو يرزق ولا يرزق قل إنى أوصيت أن أصبح أسبق من أطاع ولا تصبحن من الكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل :أغير الله أتخذ وليا أى "قل أغير الله أبغى ربا"كما قال بنفس السورة هل سوى الله أعبد إلها؟والغرض من السؤال هو استنكار عبادة غير الله وهو فاطر السموات والأرض أى"الله خالق كل شىء "كما قال بسورة الرعد والمراد وهو خالق السموات والأرض والذى فيهما كل المخلوقات وهو يطعم أى يعطى العباد الرزق ولا يطعم أى ولا يعطيه أحد رزق لأنه غير محتاج مصداق لقوله بسورة الذاريات"ما أريد منهم من رزق"ويطلب منه أن يقول :إنى أمرت أن أكون أول من أسلم والمراد إنى أوصيت فى الوحى المنزل أن أصبح أسبق من أطاع حكم الله ولا تكونن من المشركين أى ولا تصبحن من الكافرين أى الجاهلين مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين "والخطاب وما قبله للنبى(ص) وما بعده.
"قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين "المعنى قل إنى أخشى إن خالفت حكم إلهى عقاب يوم كبير ،من يبعد عنه يومذاك فقد نفعه وذلك النصر الكبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس:إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم والمراد إنى أخشى إن خالفت وحى خالقى عقاب"يوم كبير"كما قال بسورة هود وهذا يعنى أن سبب طاعته لله هى خوفه من العذاب ،من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه والمراد من يزحزح عن العذاب وهو النار فقد نفعه أى فاز بالجنة مصداق لقوله بسورة آل عمران"فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز"وذلك وهو دخول الجنة الفوز المبين أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير".
"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير "المعنى وإن يصيبك الرب بأذى فلا مزيل له إلا هو وإن يصيبك بنفع فهو لكل أمر يريده فاعل وهو الغالب لخلقه وهو القاضى العليم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله إن يمسسه بضر فلا كاشف له والمراد إن يرده بأذى مصداق لقوله بسورة الزمر"إن أرادنى الله بضر"فلا كاشف له إلا هو والمراد فلا مزيل للأذى سوى الله وإن يمسسه بخير والمراد وإن يرده برحمة مصداق لقوله بسورة فاطر"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل وهو القاهر فوق عباده والمراد وهو الغالب لعباده حيث يفعل بهم ما يريد وهو الحكيم الخبير والمراد القاضى بالحق العليم بكل شىء والخطاب للنبى(ص)وهو محذوف أوله لأن الواو لا يبدأ بها الكلام وإنما لابد من كلام قبلها .
"قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإننى برىء مما تشركون "المعنى قل أى موجود أعدل حكما قل الرب حاكم بينى وبينكم وأنزل إلى هذا الحكم لأخبركم به ومن عاش أإنكم لتقرون أن مع الرب أرباب أخرى قل لا أقر إنما هو رب واحد وإننى معتزل للذى تعبدون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس :أى شىء أكبر شهادة والمراد أى موجود هو أفضل حكما ؟ويطلب منه أن يجيب على السؤال بقوله :الله شهيد بينى وبينكم والمراد الله حاكم بينى وبينكم وهذا يعنى أن الله هو الموجود الأكبر شهادة أى أعدل حكما ،وقال وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به والمراد وأنزل لى هذا الحكم لأخبركم به ومن بلغ أى ومن عاش فيمن بعدكم ،ويسأل الناس أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى والمراد هل إنكم لتعترفون أن مع الله أرباب آخرين ؟ والغرض من السؤال هو إخبارنا وهم أنهم يقرون بغير الله أرباب ويطلب الله منه أن يقول لهم لا أشهد أى لا أعترف بأن مع الله أرباب أخرى إنما هو إله واحد والمراد إنما هو رب واحد لا ثانى له و إننى برىء مما تشركون والمراد وإننى معتزل لما تعبدون وهذا يعنى أنه لا يطيع أحكام آلهتهم المزعومة والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.
"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون "المعنى الذين أعطيناهم الوحى السابق يعلمون القرآن كما يعرفون أولادهم الذين أهلكوا ذواتهم فهم لا يصدقون الوحى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أتيناهم الكتاب والمراد أن الذين أعطينا لهم الوحى السابق يعرفونه كما يعرفون أبنائهم والمراد يعلمون أن القرآن هو الحق من ربهم كما يعلمون بعيالهم من أجسامهم وأنفسهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"الذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق"وهم الذين خسروا أنفسهم أى أهلكوا أنفسهم بإدخالها النار مصداق لقوله بنفس السورة "إن يهلكون إلا أنفسهم "والسبب أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون الوحى والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون "المعنى ومن أكفر ممن نسب إلى الرب باطلا أى كفر بأحكامه إنه لا يرحم الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص) أن الأظلم وهو الأضل مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ومن أضل"هو الذى افترى على الله كذبا أى نسب إلى الله الباطل وهو ما لم يقله الله أو كذب بآياته والمراد وكفر بالصدق وهو أحكام الله مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق لما جاءه "ويبين له أنه لا يفلح الظالمون والمراد لا يفوز الكافرون برحمة الرب مصداق لقوله بسورة القصص"ويكأنه لا يفلح الكافرون ".
"ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون"المعنى ويوم نبعثهم كلهم ثم نسأل الذين كفروا أين آلهتكم التى كنتم تعبدون ؟،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشرهم جميعا والمراد"يوم يبعثهم الله جميعا"كما قال بسورة المجادلة يقول للذين أشركوا والمراد يسأل الذين كفروا بحكمه :أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون والمراد أين أربابكم الذين "كنتم تعبدون"كما قال بسورة الشعراء وهذا يعنى أنه يخبرهم من خلال السؤال أن لا وجود لألوهية الشركاء المزعومين بدليل أنهم لم يمنعوا عنهم العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين "المعنى ثم لم تكن سقطتهم إلا أن قالوا والله إلهنا ما كنا كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن فتنة المشركين وهى سقطتهم أى كذبتهم هى أنهم قالوا لله :والله ربنا ما كنا مشركين والمراد والرب إلهنا ما كنا مكذبين بحكمك وهذا يعنى أنهم حلفوا كذبا على الله مصداق لقوله بسورة المجادلة "يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ".
"انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون"المعنى اعلم كيف افتروا على أنفسهم وبعد عنهم الذى كانوا يدعون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن ينظر كيف كذبوا على أنفسهم والمراد أن يعلم كيف افتروا أى ضحكوا على ذواتهم وضل عنهم ما كانوا يفترون أى وتبرأ منهم الذى كانوا يدعون مصداق لقوله بسورة "وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل "أى ما كانوا يعبدون وهذا يعنى أن من زعموا أنهم يعبدونهم كذبوهم فى ادعاءهم أنهم طلبوا منهم عبادتهم .
"ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقر وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين "المعنى ومنهم من ينصت لكلامك وخلقنا فى نفوسهم حواجز كى لا يطيعوه أى فى أسماعهم ثقل أى إن يعلموا كل حكم لا يصدقوا به حتى إذا أتوك يحاورونك يقول الذين كذبوا بحكمى إن هذا إلا تخاريف السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس من يستمع إليه والمراد من ينصت لحديثه وقد جعل الله فى قولهم أكنة والمراد وقد خلق الله فى أنفسهم حواجز أى موانع أى شهوات أن يفقهوه والمراد حتى لا يطيعوا حديثك وفسر هذا بأنه جعل فى أذانهم وقر أى خلق فى قلوبهم ثقل يمنعهم من سمع الإيمان مصداق لقوله الأعراف"ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون"وفسر هذا بأنهم إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها والمراد إن يعلموا كل حكم لله وهو سبيل الرشد لا يصدقوا به أى لا يتخذوه سبيلا أى دينا لهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا"ويبين له أنهم إذا جاءوه والمراد حضروا عنده يجادلونه أى يناقشونه والمراد يكذبونه بالحوار فيقول الذين كفروا أى كذبوا حكم الله:إن هذا وهو القرآن إلا أساطير الأولين والمراد تخاريف السابقين وهذا يعنى أنه خلق أى كذب السابقين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إن هذا إلا خلق الأولين" .
"وهم ينهون عنه وينؤون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"المعنى وهم يبتعدون عن القرآن أى يعرضون عن القرآن وإن يدمرون إلا ذواتهم وما يعلمون،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار ينهون عنه والمراد يبتعدون عن المعروف وهو حكم القرآن وفسر هذا بأنهم ينؤون عنه أى يعرضون عن تصديق القرآن وهم بهذا يهلكون أنفسهم وما يشعرون أى يخدعون ذواتهم وما يعلمون مصداق لقوله بسورة البقرة "وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"وهذا يعنى أنهم بتكذيبهم يدخلون أنفسهم النار وهم لا يعلمون بذلك لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا مصداق لقوله بسورة الكهف"الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "والخطاب للنبى(ص).
"ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين"المعنى ولو تشاهد وقت دخلوا فى جهنم فقالوا يا ليتنا نعاد للدنيا ولا نكفر بأحكام خالقنا ونصبح من المصدقين بأحكامه ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى والمراد لو يشاهد الكفار إذ وقفوا على النار والمراد وقت أدخلوا فى الجحيم فقالوا :يا ليتنا نرد والمراد نرجع إلى الدنيا مصداق لقوله بسورة المؤمنون"حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون"ولا نكذب بآيات ربنا والمراد ولا نكفر بأحكام إلهنا وفسروا هذا بقولهم ونكون من المؤمنين أى ونصبح من المصدقين بأحكام الله ،وهذا يعنى أنهم يتمنون الرجوع للدنيا والإسلام فيها حتى لا يدخلوا النار ولكنها قولة قالوها خداعا للرب الذى يعرف نياتهم فقال عن قول الكافر بسورة المؤمنون"قال رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها "والخطاب وما بعده للنبى(ص)وما بعده.
"بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون "المعنى لقد ظهر لهم الذى كانوا يسرون من قبل ولو رجعوا للدنيا لرجعوا لما زجروا عنه وإنهم لمفترون،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل والمراد ظهر لهم الذى كانوا يسرون من العمل فى الدنيا وهذا يعنى أنهم شاهدوا أعمالهم التى كانوا يكتمونها فى الدنيا مسجلة فى كتبهم المنشرة،ويبين له أنهم لو ردوا أى أعيدوا للحياة الدنيا لعادوا لما نهوا عنه والمراد لرجعوا للذى زجروا عنه وهو الكفر الذى نهاهم الله عنه ويبين له أنهم كاذبون أى مفترون والمراد لا يقولون الحقيقة فى قولهم "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ".
"وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين "المعنى وقالوا إن هى إلا معيشتنا الأولى وما نحن بمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا ردا على البعث :إن هى إلا حياتنا الدنيا والمراد لا نعيش سوى معيشة واحدة هى معيشتنا الأولى وما نحن بمبعوثين أى وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى وهذا يعنى تكذيبهم بالبعث بعد الموت فى البرزخ وفى القيامة .
"ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "المعنى ولو تشاهد حين عرضوا على نار خالقهم قال أليس العذاب بالصدق؟قالوا نعم وإلهنا قال فاعلموا الألم بالذى كنتم تكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى أى لو يشاهد إذ وقفوا على ربهم فقال أليس هذا بالحق والمراد لو يشاهد وقت عرض الكفار على نار إلههم فقال لهم على لسان ملائكته :أليس هذا بالصدق؟وفى هذا قال بسورة الأحقاف"ويوم يعرض الذين كفروا على النار قال أليس هذا بالحق"فكان رد الكفار :بلى وربنا أى نعم العقاب حق وخالقنا وهذا يعنى اعترافهم بصدق البعث والعقاب فقال الله لهم على لسان ملائكته :فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون والمراد فاعلموا ألم العقاب على الذى كنتم تكسبون أى تعملون مصداق لقوله بسورة الزمر"ذوقوا ما كنتم تكسبون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون "المعنى قد هلك الذين كفروا بجزاء الله حتى إذا أتتهم القيامة فجأة قالوا يا هلاكنا بسبب ما عملنا فيها وهم يلاقون عقاب أعمالهم على أنفسهم ألا قبح الذى يعملون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كذبوا بلقاء الله والمراد أن الذين كفروا بجزاء الله بما يحمل من معانى البعث والعدل والجنة والنار قد خسروا أى هلكوا والمراد عذبوا فى الدنيا حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة والمراد حتى إذا حضرتهم القيامة فجأة قالوا :يا حسرتنا على ما فرطنا فيها والمراد يا هلاكنا بسبب ما خالفنا جنب وهو حكم الله فى حياتنا مصداق لقوله بسورة الزمر"أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله "والكفار يحملون أوزارهم على ظهورهم والمراد يلاقون عقاب مخالفاتهم على أنفسهم وهذا يعنى أنهم يعاقبون على مخالفاتهم وقد ساء ما يزرون والمراد وقد قبح الذى يعملون مصداق لقوله بسورة المجادلة "إنهم ساء ما كانوا يعملون ".
"وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون "المعنى وما المعيشة الأولى إلا لهو أى شغل ولجنة القيامة أفضل للذين يطيعون الله أفلا تفهمون؟يبين الله للنبى(ص)أن الكفار قالوا من ضمن ما قالوا أن الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى فى رأيهم لعب أى لهو والمراد إنشغال بالأموال والأولاد مصداق لقوله بسورة الحديد" أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وتفاخر بينكم وتكاثر بينهم فى الأموال والأولاد "ويبين للكفار أن الدار الأخرة وهى جنة القيامة خير للذين يتقون والمراد أحسن للذين يطيعون حكم الله ويسألهم أفلا تعقلون والمراد أفلا تفقهون والغرض من السؤال هو إخبارهم أن واجبهم هو العقل وهو طاعة حكم الله والقول عبارة عن آيتين حذف من أولهم لأولهل وهى أقوال للكفار وأما بداية الآية الثانية فهى وللدار الأخرة وهى رد على قولهم .
"قد نعلم أنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون "المعنى إنا نعرف أنه يضايقك الذى يزعمون فإنهم حقا يكذبونك أى الكافرين بأحكام الرب يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه يعلم أنه يحزنه الذى يقولون والمراد أن الله يعرف أنه يضايق الرسول(ص)الذى يزعم الكفار من أكاذيب ويبين له أنهم لا يكذبونه أى الحقيقة أنهم يكفرون برسالته ولا هنا تعنى الحقيقة كما معنى لا فى قوله تعالى بسورة النمل "لا يحطمنكم سليمان"فمعناها حقا يدمرنكم سليمان(ص) وفسر هذا بأن الظالمين وهم الكافرون بآيات الله يجحدون أى بأحكام الرب يكفرون مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون "والخطاب للنبى(ص)وهو محذوف أوله.
"ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين "المعنى ولقد كفر بأنبياء(ص)من قبلك فأطاعوا رغم ما جحدوا وأضروا حتى جاءهم تأييدنا ولا مغير لإرادات الرب ولقد أتاك من خبر الأنبياء ،يبين الله لنبيه (ص) أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قد كذبت أى كفرت بهم أقوامهم أى استهزءت بهم قبل وجوده فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولقد استهزىء برسل من قبلك" فكان رد فعل الرسل (ص)أن صبروا على ما كذبوا والمراد أن أطاعوا حكم الله رغم أن الكفار كفروا برسالاتهم وهم قد أوذوا أى أضروا فى دين الله حتى أتاهم نصر الله والمراد حتى جاء الرسل (ص)تأييد الرب لهم ،ويبين له أن لا مبدل لكلمات الله والمراد أن لا تغيير أى لا تحريف لأحكام أى لسنن الرب مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تبديلا"وهذا يعنى أن ما حدث للرسل (ص)قبله سيحدث له ويبين له أنه قد جاءه من نبأ المرسلين والمراد أنه قد ألقى له من قصص الأنبياء مصداق لقوله بسورة النساء"ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل"وهذا يعنى أن واجبه أن يأخذ العبرة من هذه القصص حتى يستفيد منها فى دعوته وهو ألا يحزن بسبب تكذيب القوم له وأن يطيع حكم الله رغم ما يلاقيه فى حياته من مضايقات والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلما فى السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين "المعنى وإن كان عظم عليك تكذيبهم لك فإن قدرت أن تجد سردابا فى الأرض أو مصعدا إلى السماء فتجيئهم بمعجزة فافعل ولو أراد الرب لخلقهم على الإسلام فلا تصبحن من الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن كان كبر عليك إعراضهم والمراد إن كان عظم على نفسك تكذيبهم لك فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلما فى السماء والمراد فإن قدرت يا محمد (ص)أن تجد سردابا فى الأرض أو مصعدا إلى السماء فتأتيهم بآية والمراد فتجيئهم بمعجزة فافعل وهذا يعنى أنه لن يعطيه أى معجزة أى آية حتى يزيل ما فى نفسه من عظمة تكذيبهم له وفى هذا قال بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون" وإنما عليه أن يوقن أن الآيات لا تمنع التكذيب كما حدث مع السابقين الأولين ويبين له أنه لو شاء لجمعهم على الهدى والمراد لو أراد لوحد قلوبهم على الإسلام ولكنه لم يرد هذا ويطلب منه ألا يكونن من الجاهلين وهم المكذبين بآيات الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله "وهم الكافرين .
"إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون " المعنى إنما يطيع الذين يعقلون والكفار يحييهم الرب ثم إلى جزاءه يعودون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إنما يستجيب الذين يسمعون والمراد إنما يطيع حكم الله الذين يؤمنون به مصداق لقوله بسورة الشورى "ويستجيب الذين أمنوا "والموتى وهم الكفار الذين لا يسمعون أى لا يؤمنون بحكم الله مصداق لقوله بسورة النمل"إنك لا تسمع الموتى"يبعثهم الله والمراد يبقيهم الرب فى الدنيا حتى موعد موتهم ثم إليه يرجعون والمراد ثم إلى عقاب الرب يدخلون بعد الموت والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون "المعنى وقالوا هلا أتى معه معجزة من خالقه قل إن الرب مستطيع أن يعطى معجزة ولكن معظمهم لا يؤمنون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا:لولا نزل عليه آية من ربه والمراد هلا أتى معه معجزة من إلهه مصداق لقوله بسورة طه"قالوا لولا يأتينا بآية من ربه"وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزة من الله مع محمد(ص)ويطلب الله منه أن يقول لهم الله قادر على أن ينزل آية والمراد الرب مستطيع أن يعطى معجزة ويبين له أن أكثرهم لا يعلمون والمراد أن أغلب الناس لا يؤمنون بها كما فعل الأولون مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "وهذا يعنى أنه لن يعطيهم أى معجزة .
"وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون "المعنى وما من مخلوق فى الأرض ولا طائر يضرب بيديه إلا جماعات أشباهكم ،ما تركنا فى الوحى من قضية ثم إلى خالقهم يعودون ،يبين الله للناس أن كل دابة أى كل نوع من المخلوقات فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه والمراد ولا طائر يرفرف بيديه هم أمم أمثال الناس والمراد هم أقوام أشباه أقوام الناس لهم حكم يسيرون عليه ،ويبين لهم أنه ما فرط فى الكتاب من شىء والمراد ما ترك فى الوحى من حكم فى قضية إلا قاله فى الوحى وهو القرآن وتفسيره المحفوظ فى الكعبة الحقيقة أى بين كل شىء مصداق لقوله بسورة النحل"وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"وبعد هذا الكل إلى ربهم يحشرون والمراد كل أنواع المخلوقات تعود إلى جزاء الله فى الآخرة والخطاب للناس.
"والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم فى الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم"المعنى والذين كفروا بأحكامنا عصاة مخالفين فى الضلالات من يرد الرب يعذبه ومن يرد يدخله فى جنة كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كذبوا بآياتنا صم وبكم فى الظلمات والمراد أن الذين كفروا بأحكامنا عصاة مخالفين لأحكام الله فى جهنم مصداق لقوله بسورة البينة "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم"،ويبين لهم أن من يشأ يضلله والمراد من يرد الرب يعذبه فى النار ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم والمراد ومن يرد يدخله فى رحمة مستمرة وهى الجنة وفى هذا قال بسورة الإسراء"إن يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم "وقوله بسورة العنكبوت "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"والخطاب للنبى(ص)وما بعده وما بعده.
"قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين "المعنى قل أخبرونى إن أصابكم ضرر من الرب أو حضرتكم القيامة أسوى الرب تنادون إن كنتم عادلين ؟يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله والمراد اعلمونى إن جاءكم ضرر من الله فى الدنيا أو أتتكم الساعة والمراد أو حضرتكم القيامة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين والمراد أسوى الرب تنادون لينقذكم إن كنتم عادلين فى قولكم؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنهم لا يؤمنون بالله إلا ساعة العذاب وهو الضرر ومن ثم يدعونه لينقذهم من العذاب .
"بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون "المعنى إنما الله تنادون فيزيل الذى تطلبون منه إن أراد وتتركون ما تعبدون من دونه ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :بل إياه تدعون والمراد إنما الله تنادون ليكشف الضرر فيكشف ما تدعون إليه إن شاء والمراد فيزيل الذى تطلبون منه إزالته إن أراد وهذا يعنى أن الله يزيل ما يشاء من العذاب مثلما حدث مع قوم فرعون لما أزال عنهم الطوفان والدم والقمل والضفادع والجراد وهو الضرر ويترك ما يريد من العذاب نازل بأهله مثل عذاب الساعة ،وتنسون ما تشركون والمراد وتتركون دعوة ما تعبدون من غير الله .
"ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون "المعنى ولقد بعثنا إلى أقوام من قبل وجودك فعاملناهم بالأذى أى السوء لعلهم يتوبون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل إلى أمم من قبله والمراد أنه بعث أنبياء إلى أهالى القرى قبل وجوده فى الدنيا فأخذهم أى فعاملهم بالبأساء وهى الضراء كما فسرها وهى أنواع الأذى مصداق لقوله بسورة الأعراف"وما أرسلنا فى قرية من نبى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء"والسبب فى هذه المعاملة هو لعلهم يتضرعون أى "لعلهم يتذكرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لعلهم يسلمون نتيجة معرفتهم قوة الله على العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون "المعنى فهلا وقت أصابهم عذابنا أسلموا ولكن تحجرت أنفسهم أى حسن لهم الهوى الذى كانوا يسيئون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأمم لما جاءهم بأس الله لم يتضرعوا والمراد أن الأقوام لما أتاهم عقاب وهو عذاب الله لم يستكينوا أى لم يسلموا لله مصداق لقوله بسورة المؤمنون"لقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم "وفسر الله عدم تضرعهم بأنهم قست قلوبهم أى كفرت أنفسهم بحكم الله وفسره بأنه زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون والمراد حسن لهم هوى النفس وهو الشهوات الذى كانوا يسيئون مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "
"فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شىء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون "المعنى فلما عصوا ما أبلغوا به أعطينا لهم من أرزاق كل نوع حتى إذا سروا بالذى أعطوا أهلكناهم فجأة فإذا هم معذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأمم لما نسوا ما ذكروا والمراد لما خالفوا ما أبلغوا به من حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "نسوا الله "رغم ما أصابهم من الضراء أى السيئة عاملهم الله معاملة مختلفة ففتح عليهم أبواب كل شىء والمراد فأعطى لهم من أرزاق كل صنف الكثير وهى المعاملة الحسنة مصداق لقوله بسورة الأعراف"ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا" أى حتى إذا فرحوا بما أوتوا والمراد حتى إذا سروا والمراد تصرفوا فى الذى أعطوا بحكم الكفر أخذناهم بغتة والمراد أهلكناهم فجأة فإذا هم مبلسون أى معذبون .
"فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين "المعنى فهلك كل الناس الذين كفروا والحكم لله إله الكل ،يبين الله لنبيه(ص) أنه قطع دابر القوم الذين ظلموا أى أهلك أى عذاب كل الناس الذين كذبوا بآيات الله مصداق لقوله بسورة الأعراف"وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا "والحمد لله رب العالمين والمراد والحكم لله خالق الكل وهذا يعنى أن الله هو الذى يمضى حكمه فى خلقه كلهم .
"قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون "المعنى قل اعلمونى إن طبع الله على قلوبكم أى أنفسكم أى طبع على صدوركم من رب سوى الله يجيئكم به ،اعلم كيف نبين الأحكام ثم هم يعرضون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم والمراد عرفونى إن حال الله بينكم وبين قلوبكم أى أنفسكم وفسر هذا بقوله وختم على قلوبكم أى طبع على أنفسكم والمراد حال بينكم وبين عقولكم فلم تعقلوا مصداق لقوله بسورة الأنفال "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه"من إله غير الله يأتيكم به والمراد من رب سوى الله يجيئكم بعقولكم ؟ونلاحظ هنا أن الله أشار إلى السمع والأبصار والقلوب بكلمة به وهذا يعنى أن كلها تعنى معنى واحد والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله يعيد لهم عقولهم إن شاء لو شاءوا هم الإسلام مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"،ويطلب الله من رسوله (ص)أن ينظر كيف يصرف الآيات والمراد أن يعلم كيف يبين الأحكام للناس مصداق لقوله بسورة المائدة "انظر كيف نبين لهم الآيات"ثم هم يصدفون أى يعرضون والمراد يكذبون بالآيات والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون "المعنى قل اعلمونى إن أصابكم عقاب الرب ليلا أو نهارا هل يعاقب إلا الناس الكافرون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس:أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة والمراد عرفونى إن مسكم عقاب الله ليلا أى بياتا أو نهارا مصداق لقوله بسورة يونس"قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بياتا أو نهارا"وفسرنا بغتة بالبيات لأنه وقت النوم وقلة الرؤية مما يعنى أن العذاب يباغتهم أى يفاجئهم فلا يشعرون به وأما فى النهار فهو جهرة أى يرونه مما يقلل من المفاجأة،هل يهلك إلا القوم الظالمون والمراد هل يعذب إلا الناس الفاسقون مصداق لقوله بسورة الأحقاف"فهل يهلك إلا القوم الفاسقون "والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن عذاب الله لا يصيب إلا من كفر بحكم الله.
"وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن أمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "المعنى وما نبعث الأنبياء(ص)إلا مبلغين أى مخبرين فمن صدق وأحسن فلا عقاب لهم أى ليسوا يعذبون،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما يرسل المرسلين إلا مبشرين والمراد أنه ما يبعث الأنبياء(ص) إلا مخبرين بالوحى وفسرهم بأنهم منذرين أى مبلغين للوحى فمن أمن والمراد فمن صدق بالوحى وأصلح والمراد وأحسن العمل بالوحى فلا خوف عليهم والمراد فلا عقاب عليهم وفسر هذا بأنه لا يحزنون أى لا يعاقبون لأن الحزن يأتى فى الأخرة من العقاب والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون"المعنى والذين كفروا بأحكامنا يصيبهم العقاب بالذى كانوا يسيئون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كذبوا بآيات الله وهم الذين كفروا بأحكام الرب مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن الذين كفروا بآيات الله"يمسهم العذاب والمراد يصيبهم العقاب الأليم والسبب ما كانوا يفسقون والمراد الذى كانوا يعملون من جحود بالآيات مصداق لقوله بسورة فصلت "بما كانوا بآياتنا يجحدون "أى يكفرون .
"قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول أنى ملك إن اتبع إلا ما يوحى إلى قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون "المعنى قل لا أزعم لكم لدى منافع الرب ولا أعرف المجهول ولا أزعم أنى ملاك إن أطيع إلا الذى يلقى لى قل هل يتساوى فى الجزاء الكافر والمسلم أفلا تعقلون ؟،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس لا أقول لكم عندى خزائن الله والمراد لا أزعم أن معى مفاتح رحمة ربى وهى الأرزاق ولا أعلم الغيب والمراد ولا أعرف المجهول من الأخبار والمخلوقات ولا أقول أنى ملك والمراد ولا أزعم أنى ملاك من الملائكة وقد طلب الله منه أن يقول هذا حتى لا يطالبوه بمعجزة من خزائن وهى الأرزاق أو معجزة غيبية أو معجزة ملائكية ،إن اتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى لى وهذا يعنى أنه لا يقول لهم سوى ما يقوله الله له بالضبط،ويطلب منه أن يسألهم هل يستوى الأعمى والبصير أى "قل لا يستوى الخبيث والطيب"كما قال بسورة المائدة والمراد لا يتساوى فى الجزاء الخبيث وهو الكافر أى الأعمى الذى يعمى عن البصائر والطيب وهو المسلم أى البصير الذى يستخدم بصيرته وهى عقله فيبصر البصائر من الرب لنفسه مصداق لقوله بسورة الأنعام "قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها "أفلا تتفكرون أى "أفلا تعقلون"كما قال بنفس السورة والمراد إخبارهم أن الواجب عليهم هو العقل أى البصر للنفس باتباع بصائر الرب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع لعلهم يتقون "المعنى وأخبر به الذين يخشون أن يدخلوا إلى نار إلههم ليس لهم ممن سواه ناصر أى منقذ لعلهم يطيعون،يطلب الله من نبيه (ص)أن ينذر بالوحى والمراد أن يبلغ أى أن يذكر بالقرآن باستمرار الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم وهم الذين يخشون أن يدخلوا وعيد إلههم وهو النار مصداق لقوله بسورة ق"فذكر بالقرآن من يخاف وعيد"وهم ليس لهم من دونه ولى وفسره بأنه شفيع والمراد ليس لهم سوى الرب منقذ من العذاب أى نصير مصداق لقوله بسورة الشورى "وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير "والسبب فى وجوب تبلغيهم هو لعلهم يتقون أى "لعلهم يتذكرون"كما قال بسورة القصص والمراد لعلهم يطيعون القرآن فيرحمون بطاعتهم له .
"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شىء وما من حسابك عليهم من شىء فتطردهم فتكون من الظالمين "المعنى ولا تبعد عنك الذين يطيعون إلههم بالنهارات والليالى يرجون رحمته ما عليك من جزاءهم من بعض وما من جزائك عليهم من بعض فتبعدهم فتصبح من الكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى والمراد ألا يبعد عن دائرة متبعيه الذين يتبعون حكم خالقهم فى النهارات والليالى يريدون وجهه والمراد "يرجون رحمة الله"كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أن الداعين غرضهم من دعوة ربهم الحصول على رحمته،ويبين له أنه ما عليه من حسابهم من شىء والمراد ليس له من جزاءهم من بعض وما من حسابه عليهم من شىء والمراد وما من جزاء النبى (ص)على الداعين الله من بعض وهذا يعنى أن كل واحد متحمل عاقبة عمله وحده مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "ويبين له أنه إن طردهم أى أبعدهم عن دائرة متبعيه فإنه يكون من الظالمين وهم الكافرين بحكم الله الخاسرين مصداق لقوله بسورة يونس"فتكون من الخاسرين "والخطاب للنبى(ص).
"وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين "المعنى وهكذا اختبرنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء تفضل الرب عليهم من وسطنا أليس الرب بأعرف بالمطيعين له؟،يبين الله لنبيه (ص)أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى اعتقاد الأغنياء أن غيرهم لا يتساوون معهم بسبب الدرجات وهى عطايا الرزق مصداق لقوله بسورة الزخرف"ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"ففتنا بعضهم ببعض أى امتحنا بعضهم ببعض والسبب أن يقولوا:أهؤلاء من الله عليهم من بيننا والمراد أهؤلاء اختارهم الله من وسطنا ؟وهذا يعنى أنهم يعتقدون كما قالوا بسورة الأحقاف "لو كانوا خيرا ما سبقونا إليه "فهم يعتقدون أن الله لا يمكن أن يختار غيرهم لرسالته ،ويسأل :أليس الله بأعلم بالشاكرين والمراد أليس الرب بأعرف بالمهتدين مصداق لقوله بسورة القصص"وهو أعلم بالمهتدين "؟والغرض من السؤال إخبار القوم أنه يعرف من يشكره وليس بحاجة لما يزعمون والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم "المعنى وإذا أتاك الذين يصدقون بأحكامنا فقل الخير لكم ،فرض إلهكم على ذاته الخير أنه من فعل منكم ذنبا عمدا ثم استغفر من بعد إذنابه وأحسن فأنه عفو نافع له،يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا جاءه الذين يؤمنون بآيات الله والمراد إذا أتاه الذين يصدقون بأحكام الرب فعليه أن يقول لهم :سلام عليكم أى الرحمة لكم والمراد الخير لكم ،كتب ربكم على نفسه الرحمة والمراد فرض إلهكم على ذاته الخير أى أوجب خالقكم على ذاته النفع وهذا الواجب هو أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده والمراد أنه من فعل منكم فاحشة بقصد ثم استغفروا من بعد فعل الفاحشة فإنه غفور رحيم والمراد فإنه عفو عنه نافع له مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم استغفروا لذنوبهم ".
"وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين "المعنى وهكذا نبين الأحكام ولتعرف دين الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى إنزال الوحى يفصل الآيات أى يبين الأحكام وهى حدود الله مصداق لقوله بسورة النور"وكذلك يبين الله لكم الآيات"وقوله بسورة البقرة"وتلك حدود الله يبينها "ويبين له أنه سيتبين سبيل المجرمين والمراد سيعرف نجد أى دين الكافرين من خلال معرفته بنجد أى بدين الله فما يخالفه هو دين الكافرين مصداق لقوله بسورة البلد"وهديناه النجدين".
"قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين "المعنى قل إنى زجرت أن أطيع الذين تطيعون من غير الله قل لا أطيع شهواتكم قد خسرت وما أنا من المرحومين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله والمراد إنى منعت أن اتبع الذين تعبدون من سوى الله مصداق لقوله بسورة يونس"فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله"وهذا يعنى أن الله حرم عليه طاعة دين غير دين الله ،ويطلب منه أن يقول لا أتبع أهواءكم والمراد لا أطيع شهواتكم وهى ظنونكم وهذا يعنى أنه لا يتبع أى دين من أديان الكفر ،قد ضللت أى قد خسرت وما أنا من المهتدين أى وما أنا من المرحومين وهذا يعنى أنه يخسر الجنة ولا يكون ضمن المرحومين وهم الداخلين الجنة .
"قل إنى على بينة من ربى وكذبتم به ما عندى ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين "المعنى قل إنى على دين من خالقى وكفرتم به ،ليس لدى الذى تطالبون به ،إن القضاء إلا لله يقول العدل وهو أحسن الحاكمين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنى على بينة من ربى والمراد إنى أسير على حكم من خالقى وكذبتم به والمراد وكفرتم بحكم الله ،هذا يعنى أنه يسير على دين الله المستقيم مصداق لقوله بسورة الأنعام"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما "،ما عندى ما تستعجلون به والمراد ليس فى وسعى الذى تطالبون به وهذا يعنى أن النبى (ص)ليس فى قدرته إنزال العذاب الذى يطالبون به مصداق لقوله بسورة العنكبوت"ويستعجلونك بالعذاب"،إن الحكم وهو الأمر وهو القضاء إلا لله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"،يقص الحق والمراد يقضى الله العدل مصداق لقوله بسورة غافر"والله يقضى بالحق"وهو خير الفاصلين والمراد وهو أحسن الفاتحين وهم الحاكمين بالعدل مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأنت خير الفاتحين "والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"قل لو أن عندى ما تستعجلون به لقضى الأمر بينى وبينكم والله أعلم بالظالمين "المعنى قل لو أن لدى الذى تطالبون به لانتهى الخلاف بينى وبينكم والرب أعرف بالكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لو أن عندى ما تستعجلون به والمراد لو أنى فى قدرتى الذى تطالبون به وهو إنزال العذاب عليكم لقضى الأمر بينى وبينكم والمراد لانتهى الخلاف بينى وبينكم بإنزالى العذاب عليكم وهو القضاء عليكم والله أعلم بالظالمين والمراد والرب أعرف بالمفسدين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين "وهو أعلم بالمهتدين والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.
"وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو يعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين "المعنى ولديه أخبار المجهول لا يعرفها إلا هو يعرف الذى فى اليابس والماء والذى تقع من ورقة إلا يعرف بها ولا بذرة فى طبقات التراب ولا طرى ولا جاف إلا فى سجل عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس:وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو والمراد ولدى الله أخبار المجهول لا يعرفها إلا هو وهذا يعنى أن الله يعرف كل أنباء المجهول وحده،يعلم ما فى البر والبحر والمراد يعرف الذى فى اليابس والماء وهذا يعنى معرفته كل ما فى الأرض ،وما تسقط من ورقة إلا يعلمها والمراد وما تقع من ورقة إلا يعرفها ولا حبة فى ظلمات الأرض والمراد ولا بذرة فى طبقات التراب ولا رطب أى ولا طرى ولا يابس أى ولا جاف من النبات إلا فى كتاب مبين والمراد إلا فى سجل عظيم وهذا يعنى أن كل ما يتحرك يعرف به الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار كسابقه وتاليه.
"هو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون "المعنى هو الذى ينيمكم بالليل ويعرف الذى عملتم بالنهار ثم يحييكم فيه ليمضى موعد محدد ثم إليه عودتكم ثم يخبركم بالذى كنتم تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله هو الذى يتوفاكم بالليل والمراد الرب هو الذى ينيمكم فى الليل وهو وقت النوم مصداق لقوله بسورة الزمر"والتى لم تمت فى منامها"ويعلم ما جرحتم بالنهار والمراد ويعرف الذى عملتم فى النهار وهو وقت الصحو ثم يبعثكم فيه والمراد ثم يحييكم فى النهار أى"يرسل الأخرى إلى أجل مسمى "كما قال بسورة الزمر والسبب ليقضى أجل مسمى أى ليمضى موعد محدد والمراد ليعيش الصاحى عمره المحدد عند الرب ثم إليه مرجعكم والمراد ثم إلى جزاء الله عودتم وينبئكم بما كنتم تعملون والمراد ويخبركم بالذى كنتم تفعلون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ".
"وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون "المعنى وهو الغالب لخلقه ويبعث لكم حماة حتى إذا أتت أحدكم الوفاة نقلته مبعوثينا وهم لا يخالفون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس والله هو القاهر فوق عباده والمراد الغالب لخلقه وهذا يعنى أنه يمضى حكمه فيهم فلا يقدر أحد منهم على رده،ويرسل عليكم حفظة والمراد ويبعث لكم حماة وهذا يعنى أن الله يخلق حافظ فى كل نفس مصداق لقوله بسورة الطارق"إن كل نفس لما عليها حافظ "هو العقل أى البصيرة مصداق لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة " وهو يحمى الإنسان من عذاب الله حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا والمراد حتى إذا حضرت أحدكم الوفاة أماته رسولنا وهو ملك الموت مصداق لقوله بسورة السجدة"قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم "وهم لا يفرطون أى وهم لا يعصون الله ما أمرهم مصداق لقوله بسورة التحريم"لا يعصون الله ما أمرهم "والموت هو نقل من الدنيا لعالم الغيب أى من حياة لحياة أخرى والخطاب للنبى (ص)ومنه للكفار وكذا ما بعده.
"ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين "المعنى ثم عادوا إلى الرب إلههم العدل ألا له الأمر وهو أعدل المجازين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :ثم ردوا إلى الله والمراد ورجعوا إلى جزاء الله مصداق لقوله بسورة السجدة"ثم إلى ربكم ترجعون "والله هو مولاهم الحق والمراد إلههم العادل ،ألا له الحكم وهو القضاء أى الأمر الفصل مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا"وهو أسرع الحاسبين والمراد "خير الحاكمين"كما قال بسورة الأعراف وهذا يعنى أنه أفضل المجازين وهم الحكام العادلين .
"قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين "المعنى قل من ينقذكم من أضرار اليابس والماء تنادونه جهرا وسرا لئن أنقذنا من الأضرار لنصبحن من المطيعين لك ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل للناس:من ينجيكم من ظلمات البر والبحر والمراد من ينقذكم من أضرار اليابس والماء مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا مسكم الضر فى البحر "فالظلمات يقصد بها أنواع الأذى فى اليابس والماء ،تدعونه تضرعا وخفية والمراد تنادونه علنا وسرا وهذا يعنى أنهم ينادون الله فى العلن وفى السر ليكشف الضرر فيقولون لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين والمراد لئن أنقذتنا من الأضرار لنصبحن من الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة"ولنكونن من الصالحين "وهذا يعنى أنهم يشترطون لشكر الله رفع الظلمات وهى الأضرار عنهم وهذا دليل على عدم جديتهم فى شكرهم الله .
"قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون"المعنى قل الرب ينقذكم منها ومن كل أذى ثم أنتم تكفرون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على السؤال فى الآية السابقة فيقول :الله ينجيكم منها ومن كل كرب والمراد الرب ينقذكم من الظلمات ومن كل أذى أخر وهذا يعنى أن الله وحده هو المنجى وليس غيره،ويبين لهم أنهم بعد إزالة الظلمات وهى الأضرار يشركون أى يكفرون بحكم الله رغم أنهم اشترطوا على الله إزالة الظلمات ليؤمنوا بحكمه والخطاب للنبى(ص)وما قبله وما بعده ومنه للكفار.
"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا أو يذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون "المعنى قل هو المستطيع أن يرسل عليكم عقابا من أعلاكم أو من أسفل أقدامكم أو يجعلكم فرقا أى يطعم بعضكم أذى بعض ،اعلم كيف نبين الأحكام لعلهم يطيعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار:الله هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم والمراد الله هو المستطيع أن ينزل عليكم عقابا من أعلاكم مثل الريح والحجارة التى ترميها الطير ،أو من تحت أرجلكم والمراد أو من أسفل أقدامكم مثل الزلازل ،أو يلبسكم شيعا والمراد أو يخلقكم فرقا بعد أن كنتم متحدين وفسر هذا بقوله أو يذيق بعضكم بأس بعض والمراد ويسوم بعضكم أذى بعض وهذا يعنى أن الشيع نتيجة معاداة بعضها تحارب بعضها دفاعا عن اعتقادها وهو دينها،ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف يصرف الآيات والمراد أن يعلم كيف يبين الأحكام مصداق لقوله بسورة المائدة"انظر كيف نبين لهم الآيات"والسبب لعلهم يفقهون أى لعلهم يتذكرون مصداق لقوله بسورة البقرة "ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون "أى لعلهم يطيعون الأحكام وطلب النظر من الرسول(ص)غرضه أن يعرف كفر القوم رغم وضوح الحق .
"وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون "المعنى وكفر به شعبك وهو العدل قل لست لكم بحفيظ ،لكل أمر حين وسوف تعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن القوم وهم الناس فى عصره كذبوا به والمراد كفروا بالقرآن وهو الحق أى العدل من ربهم ،ويطلب منه أن يقول لهم لست عليكم بوكيل أى "وما أنا عليكم بحفيظ"كما قال بسورة الأنعام وهذا يعنى أنه ليس حامى لهم من عذاب الله،لكل نبأ مستقر والمراد لكل أمر وقت ومكان وقوع وسوف تعلمون والمراد وسوف تعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه "كما قال بسورة هود ومن هو على الحق والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس .
"وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "المعنى وإذا علمت الذين يكفرون بأحكامنا فانصرف عنهم حتى يتكلموا فى كلام سواه وإما يغويك الهوى فلا تجلس بعد التفكر مع الناس الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا رأى الذين يخوضون فى آيات الله فعليه أن يعرض عنهم والمراد إنه إذا سمع الذين يستهزءون أى يكفرون بأحكام الله فعليه ألا يقعد معهم مصداق لقوله بسورة النساء"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزىء فلا تقعدوا معهم"حتى يخوضوا فى حديث غيره والمراد حتى يتكلموا فى موضوع غير الكفر بالقرآن وهذا يعنى إباحة الجلوس مع الكفار فى حالة عدم كلامهم فى الكفر بالقرآن ،ويبين له أنه إذا أنساه الشيطان والمراد إذا أغواه الهوى وهو الشهوات فى نفسه فجلس مع الكفار الذين يكفرون بآيات الله فعليه ألا يقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين والمراد فعليه ألا يجلس بعد التفكر وهو تذكر حكم الله والإستغفار من ذنب الجلوس مع الكافرين بحكم الله والخطاب للنبى وما بعده وما بعده(ص) .
"وما على الذين يتقون من حسابهم من شىء ولكن ذكرى لعلهم يتقون "المعنى وما على الذين يطيعون من عقابهم من عقاب ولكن بلاغ لعلهم يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن ما على الذين يتقون من حسابهم من شىء والمراد أن ما على الذين يطيعون حكم الله وهم المهتدين من عقاب الكفار من بعض عقابهم ولكن هذا ذكرى لعلهم يتقون والمراد ولكن هذا القول هو بلاغ "لعلهم يفقهون"كما قال بسورة الأنعام والمراد لعل الكفار يسلمون أى يطيعون حكم الله .
"وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله من ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "المعنى ودع الذين جعلوا حكمهم انشغالا أى تنافسا وخدعتهم المعيشة الأولى وبلغ به كى لا تهلك نفس بما عملت ليس لها من سوى الرب من ناصر أى منقذ وإن تدفع كل مال لا يقبل منها أولئك الذين خسروا بالذى فعلوا لهم سقاء من غساق وعقاب شديد بالذى كانوا يظلمون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا والمراد أن يدع أى أن يعرض عن التعامل مع الذين جعلوا حكمهم انشغالا أى تنافسا فى الشهوات مصداق لقوله بسورة النجم"وأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا"وغرتهم الحياة الدنيا والمراد وخدعت الكفار أمتعة المعيشة الأولى،ويطلب منه أن يذكر به والمراد أن يبلغ الوحى للناس والسبب أن تبسل نفس بما كسبت والمراد كى لا تعاقب نفس بالذى فعلت إن أطاعت الوحى،ليس لها من دون الله من ولى ولا شفيع والمراد ليس للإنسان من غير الرب من واقى من العذاب أى منقذ منه مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لك من ولى ولا واق"ويبين له أن الإنسان إن يعدل كل عدل لا يؤخذ منه والمراد إن يدفع الإنسان كل مال معه ليمنع عنه الله العذاب لا يقبله الله منه مصداق لقوله بسورة البقرة"ولا يقبل منها عدل"،ويبين له أن أولئك وهم الكفار هم الذين أبسلوا بما كسبوا والمراد هم الذين خسروا بالذى عملوا وهو الكفر لهم شراب من حميم والمراد لهم سائل للسقى هو الغساق مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا"ولهم عذاب أليم والمراد لهم عقاب مهين مصداق لقوله بسورة لقمان"أولئك لهم عذاب مهين "والسبب فى هذا ما كانوا يكفرون والمراد الذى كانوا يعملون من الظلم وهو الكفر .
"قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذى استهوته الشياطين فى الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين "المعنى قل أنطيع من سوى الرب الذى لا يفيدنا ولا يؤذينا ونرجع إلى كفرنا بعد أن رحمنا الرب كالذى استغوته الشهوات فى الدنيا كافر له أصدقاء ينادونه إلى الحق آمن معنا ،قل إن دين الله هو الحق وأوصينا أن نطيع إله الكل ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس:أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا والمراد هل نعبد من سوى الرب الذى لا يفيدنا ولا يؤذينا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والمراد ونعود إلى ديننا السابق وهو الكفر بعد أن نفعنا الله بدينه؟والغرض من السؤال إخبار الكفار أن الآلهة التى يعبدونها لا تفيد ولا تؤذى ومن ثم فلا فائدة منها وإنما الفائدة فى دين الله،فلو عبدناهم لكنا كالذى استهوته الشياطين فى الأرض والمراد كالذى استغوته أى أضلته الشهوات فى البلاد حيران أى كافر بحكم الله له أصحاب يدعونه إلى الهدى والمراد له أصدقاء ينادونه لطاعة الحق يقولون له :ائتنا أى أمن معنا بحكم الله ،ويطلب منه أن يقول لهم:إن هدى الله هو الهدى والمراد إن حكم الرب هو العدل أى إن دين الرب هو الحق وأمرنا لنسلم لرب العالمين والمراد وأوصينا أن نطيع حكم إله الكل أى وأوصينا أن نعبد الله مصداق لقوله بسورة البينة "وما أمروا إلا ليعبدوا الله " والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذى إليه تحشرون "المعنى وأن أطيعوا الدين أى اتبعوه وهو الذى إليه ترجعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :وأن أقيموا الصلاة والمراد "أن أقيموا الدين"كما قال بسورة الشورى والمراد أن اتبعوا حكم الله وفسر هذا بقوله اتقوه أى اتبعوا حكمه وهو الذى إليه تحشرون والمراد والله هو الذى إلى جزائه ترجعون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم إليه يرجعون ".
"وهو الذى خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ فى الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير "المعنى وهو الذى أنشأ السموات والأرض للعدل ويوم يوحى تواجد فيصبح وحيه الواقع وله الحكم يوم ينادى فى البوق عارف المجهول والمعلوم وهو القاضى العليم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس والله هو الذى خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والمراد الله الذى أنشأ السموات والأرض بالحق والمراد للعدل ويوم يقول كن فيكون قوله الحق والمراد يوم يوحى الله أصبح فيصبح وحيه الواقع وهذا يعنى أن أى شىء يقول الله له كن يخلق فى الواقع على الفور وله الملك وهو الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"ألا له الحكم"يوم ينفخ فى الصور والمراد يوم ينقر فى الناقور مصداق لقوله بسورة المدثر"فإذا نقر فى الناقر"والمراد يوم ينادى فى البوق عالم الغيب والشهادة والمراد عارف المجهول والمعلوم وهو الحكيم الخبير والمراد وهو القاضى بالحق العليم بكل شىء والخطاب للنبى(ص)"ومنه للكفار.
"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إنى أراك وقومك فى ضلال مبين"المعنى وقد قال إبراهيم (ص)لوالدة آزر أتعبد تماثيل أربابا إنى أعرفك وناسك فى كفر عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)قال لأبيه وهو والده آزر :أتتخذ أصناما آلهة ؟والمراد هل تعبد تماثيلا أربابا؟مصداق لقوله بسورة مريم"يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا" إنى أراك وقومك فى ضلال مبين والمراد إنى أعلمك وشعبك فى جهل كبير ،وهذا يعنى أنه يخبر والده أن دينه وهو عبادة الأصنام كأرباب هو كفر أى كفر يجب التخلص منه للأبد والخطاب للنبى(ص)وما بعده لنهاية القصة ومنه للناس .
"وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين"المعنى وهكذا نعلم إبراهيم (ص)حكم السموات والأرض وليصبح من المؤمنين ،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى عبادة الله وحده يرى الله إبراهيم (ص)ملكوت السموات والأرض والمراد يعرف الله إبراهيم(ص)حكم وهو دين مخلوقات السموات والأرض والسبب أن يكون من الموقنين والمراد أن يصبح من المؤمنين بدين الله.
"فلما جن عليه الليل رآ كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين"المعنى فلما دخل عليه الظلام شاهد نجما قال هذا إلهى فلما غاب قال لا أود الغائبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)لما جن عليه الليل والمراد لما زحف على مكان وجوده ظلام الليل رأى كوكبا والمراد شاهد نجما فى السماء فقال هذا ربى أى خالقى فلما أفل أى غاب عن بصره قال لا أحب الآفلين والمراد لا أعبد الغائبين وهذا يعنى أنه عرف أن الإله لا يغيب وإنما هو موجود دائم ولذا رفض الكوكب الغائب عن الوجود كرب.
"فلما رأ القمر بازغا قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الضالين "المعنى فلما شاهد القمر ظاهرا قال هذا إلهى فلما غاب قال لئن لم يعرفنى إلهى لأصبحن من الناس الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)لما رأى القمر بازغا والمراد لما شاهد القمر ساطعا فى السماء قال هذا ربى أى هذا خالقى فلما أفل أى غاب كالنجم قال:لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الضالين والمراد لئن لم يعرفنى خالقى دينه لأصبحن من الناس الكافرين وهذا يعنى أنه عرف أن الرب واجب عليه أن يعرف نفسه ودينه للخلق حتى لا يضلوا كغيرهم .
"فلما رأ الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إنى برىء مما تشركون"المعنى فلما شاهد الشمس ساطعة قال هذا خالقى هذا أعظم فلما غابت قال يا شعبى إنى معتزل للذى تعبدون ،يبين الله لنبيه (ص) أن إبراهيم (ص) لما رأى الشمس بازغة والمراد لما شاهد الشمس ظاهرة فى السماء قال هذا ربى أى هذا إلهى فلما أفلت أى غابت عن بصره عرف أنها ليست الرب لأنه لا يغيب فقال لقومه :يا قوم أى يا شعبى :إنى برىء مما تشركون والمراد إنى معتزل للذى تدعون سوى الله مصداق لقوله بسورة مريم "وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ".
"إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين "المعنى إنى أسلمت نفسى للذى خلق السموات والأرض مسلما وما أنا من الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)قال لقومه :إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض والمراد إنى أسلمت نفسى للذى "خلق السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام حنيفا أى مسلما والمراد مستمر الإسلام له وما أنا من المشركين أى الكافرين بدين الله .
"وحاجه قومه قال أتحاجونى فى الله وقد هدان ولا أخاف مما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا وسع ربى كل شىء علما أفلا تتذكرون"المعنى وجادله شعبه قال أتجادلوننى فى دين الرب وقد علمنى ولا أخشى من الذى تعبدون معه إلا أن يريد إلهى أمرا،أحاط إلهى بكل أمرا معرفة أفلا تفهمون؟،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)حاجه قومه والمراد جادله شعبه بالباطل فقال لهم أتحاجون فى الله والمراد أتجادلوننى فى دين الله أى تكذبون حكم الله وقد هدان أى علمنى حكمه الحق؟وهذا يعنى أنه يقول لهم أن جدالهم باطل،وقال ولا أخاف مما تشركون به والمراد ولا أخشى من الذى تعبدون مع الله أذى إلا أن يشاء ربى شيئا والمراد إلا أن يريد خالقى خوفا يحدث منى وهذا يعنى أنه لا يخاف من الأرباب المزعومة أى أذى إلا ما أراد الله أن يقع منه من خوف الأرباب المزعومين،وسع ربى كل شىء علما والمراد أحاط إلهى بكل أمرا معرفة أى "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين"كما قال بسورة يونس فهو لا يغيب شىء عن علمه ،أفلا تتذكرون أى "أفلا تعقلون"كما قال بسورة الصافات والغرض من السؤال إخبارهم بوجوب التعقل وهو الإيمان بالإسلام .
"وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون "المعنى وكيف أخشى الذى عبدتم مع الله ولا تخشون أنكم عبدتم مع الرب الذى لم يوحى به لكم وحيا فأى الجماعتين أولى بالسعادة إن كنتم تعرفون ؟،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)قال للقوم:وكيف أخاف ما أشركتم والمراد وكيف أخشى أذى الذى عبدتم مع الله ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا والمراد ولا تخشون أذى الله مع أنكم عبدتم مع الرب الذى لم يوحى به لكم وحيا ؟والغرض من السؤال هو إخبار القوم أنه لا يخاف من أربابهم المزعومة الذين لم يوحى الله لهم وحيا يبيح عبادتهم معه ،وقال فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون والمراد فأى الجماعتين أولى بالسرور إن كنتم تعرفون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الأحق بالأمن وهو السعادة وهى اطمئنان القلب لعدم وجود الأذى هو من يعبد الله .
"الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "المعنى الذين صدقوا حكم الله ولم يخلطوا عملهم بكفر أولئك لهم السعادة وهم مرحومون ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)أجاب على السؤال الذى سأله للكفار فقال:الذين أمنوا أى الذين صدقوا حكم الله ولم يلبسوا إيمانهم بظلم والمراد ولم يضيعوا إسلامهم بكفرهم وهذا يعنى أنهم لم يكفروا بعد إسلامهم أولئك لهم الأمن وهو السعادة أى الصلوات أى الرحمة أى الجنة وهم مهتدون أى مرحومون أى متمتعون بنعم الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة"أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
"وتلك حجتنا أتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم "المعنى وذلك وحينا أعطيناه إبراهيم (ص) من شعبه،نزيد عطايا من نريد إن إلهك قاضى خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن تلك وهى حكم الله هى حجة الله وهى وحى الرب أتاها إبراهيم على قومه والمراد اختص الله بها إبراهيم(ص)من وسط شعبه وهذا يعنى أنه الله اختار إبراهيم(ص)رسولا من وسط قومه فأنزل عليه الوحى ،ويبين له أنه يرفع درجات من يشاء والمراد يزيد عطايا من يريد من خلقه أى ينزل الآيات إلى من يشاء من عباده مصداق لقوله بسورة النحل"ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده "،ويبين له أن ربه وهو خالقه حكيم أى قاضى بالحق عليم أى خبير بكل شىء .
"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا كلا فضلنا على العالمين "المعنى وأعطينا لإبراهيم (ص)إسحاق(ص)ويعقوب(ص)وكلا اخترنا ونوحا اخترنا من قبل ومن شيعته داود(ص)وسليمان(ص)وأيوب(ص)ويوسف(ص)وموسى (ص)وهارون(ص)وهكذا نثيب الصالحين وزكريا (ص)ويحيى(ص)وعيسى(ص)وإلياس(ص)كل من المحسنين وإسماعيل (ص)واليسع(ص)ويونس(ص)ولوطا(ص)كلا اخترنا من الناس ،يبين الله لنبيه(ص)أنه وهب والمراد أعطى لإبراهيم (ص)ولده إسحاق(ص)وولد إسحاق(ص)يعقوب(ص) وكلا هدى والمراد وكلاهما اختاره الله لإنزال الوحى عليه وأما نوح(ص)فقد هداه من قبل والمراد فقد اختاره لإنزال الوحى عليه من قبل وجود إبراهيم (ص)فى الدنيا ومن ذرية وهى شيعة أى متبعى دين إبراهيم (ص)داود(ص)وسليمان(ص)وأيوب(ص)ويوسف(ص)وموسى (ص)وهارون(ص)وكذلك أى بنفس الطريقة وهى الهدى أى اختيارهم لإنزال الوحى عليهم يجزى المحسنين وهم المتقين مصداق لقوله بسورة النمل"كذلك يجزى الله المتقين"ومن متبعى دين إبراهيم (ص)زكريا(ص)ويحيى (ص)وعيسى(ص)وإلياس(ص)وكلهم من الصالحين وهم الصابرين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"كل من الصابرين "أى المطيعين للدين ومن متبعى دين إبراهيم (ص)إسماعيل(ص)واليسع(ص)ويونس(ص) ولوطا (ص) وكلهم فضله الله على العالمين والمراد وكلهم اختاره الله من وسط الناس والسبب فى تفسير الذرية بالشيعة وهم متبعى الدين هنا هو أن لوط (ص)ليس من ذرية إبراهيم (ص)وهم أولاده وإنما هو الوحيد الذى أمن به من قومه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فأمن له لوط".
"ومن أباءهم وذرياتهم واخوانهم اجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم "المعنى ومن والدى الرسل وأولادهم واخوانهم اخترناهم وأدخلناهم فى جنة سليمة ،يبين الله لنبيه (ص)أنه اجتبى والمراد اختار لإنزال الوحى أباء بعض الرسل مثل إبراهيم(ص) أبو إسماعيل(ص)وإسحاق(ص)وداود (ص)أبو سليمان(ص) ومن ذرياتهم وهم أولاد بعض الرسل مثل يوسف (ص)ولد يعقوب(ص)واخوانهم وهم إخوة الرسل مثل هارون (ص)أخو موسى (ص)وإسماعيل(ص)أخو إسحاق(ص)وقد هديناهم إلى صراط مستقيم والمراد وقد أسكناهم فى جنة حسنة أى وقد أويناهم إلى مسكن طيب وتفسير الهداية بإدخال الجنة وليس العلم لأنه الإجتباء هو إعلام بالعلم وهو الوحى .
" ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون "المعنى الجنة رحمة الرب يختص بها من يريد من خلقه ولو كفروا لخسر لهم الذى كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه(ص) أن ذلك وهو دخول الصراط المستقيم وهو الجنة هو هدى الله أى رحمة الرب يهدى به من يشاء من عباده أى يرحم به من يريد من خلقه أى يختص برحمته من يريد من خلقه مصداق لقوله بسورة البقرة"والله يختص برحمته من يشاء"،ولو أشركوا والمراد ولو كفر الرسل(ص)لحبط عنهم ما كانوا يعملون والمراد لزال عنهم ثواب الذى كانوا يفعلون من الحسنات وهذا يعنى أنه يدخلهم النار ولا ينفعهم عملهم الحسن السابق على شركهم والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"أولئك الذين أتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها كافرين "المعنى أولئك الذين أوحينا لهم الوحى أى الشريعة أى الحكم فإن يكذب بها هؤلاء فقد أعطيناها ناسا ليسوا بها مكذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن أولئك وهم الرسل هم الذين أتاهم أى أوحى لهم الكتاب الذى فسره بأنه الحكم الذى فسره بأنه النبوة وهو الوحى ،ويبين له أن هؤلاء وهم الكفار فى عصره إن يكفروا بها والمراد إن يكذبوا حكم الله فقد وكل بها قوما ليسوا بها كافرين والمراد فقد أعطاها ناسا ليسوا بها مكذبين وهم المؤمنين والخطاب للنبى (ص) وما بعده.
"أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكر للعالمين "المعنى أولئك الذين رحم الله فبدينهم اعمل قل لا أطالبكم على ابلاغه مالا إن هو إلا حكم للناس ،يبين الله لنبيه (ص)أن أولئك وهم الذين أتاهم الكتاب هم الذين هدى الله أى رحم أى أنعم الله عليهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين "ويطلب منه أن يقتدى بهداهم والمراد أن يعمل بدينهم وهو الإسلام ،ويطلب منه أن يقول لهم :لا أسألكم عليه أجرا والمراد لا أطالبكم على إبلاغ الوحى مالا مصداق لقوله بسورة هود "لا أسألكم عليه مالا" وهذا يعنى أنه لا يطالبهم بمال مقابل إبلاغ الوحى ،إن هو إلا ذكر للعالمين والمراد إن القرآن هو حكم الله للناس كلهم .
"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شىء قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا أباؤكم قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون "المعنى وما أطاعوا الرب واجب طاعته حين قالوا ما أوحى الرب إلى ناس من وحى قل من أوحى التوراة التى أتى بها موسى (ص)هدى أى رحمة للخلق تقسمونه أجزاء تظهرونها وتكتمون كثيرا وعرفتم الذى لم تعرفوا أنتم ولا أباؤكم قل الرب ثم اتركهم فى تكذيبهم يستمرون،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس ما قدروا الله حق قدره والمراد ما اتقوا الرب واجب تقاته أى ما أطاعوا حكم الله واجب طاعته إذ قالوا والمراد وقت قالوا :ما أنزل أى ما أوحى الله على بشر من شىء والمراد ما ألقى الرب إلى إنسان من وحى وهذا يعنى تكذيبهم بكل الرسل،ويطلب الله منه أن يقول لهم :من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس والمراد من أوحى التوراة التى أتى بها موسى (ص)رحمة أى نفع للخلق مصداق لقوله بسورة المائدة"إنا أنزلنا التوارة فيها هدى ونورا"؟ويقول لأهل الكتاب :تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا والمراد تقسمونه أجزاء تعلنونها وتكتمون كثيرا منها ،وهذا يعنى أن أهل الكتاب قسموا التوراة لأجزاء يعلنون بعضها ولأجزاء أخرى يكتمون بعضها الأخر ،ويقول لهم:وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا أباؤكم والمراد وعرفتم الذى لم تعرفوا أنتم ولا أباؤكم وهذا يعنى أنه يعرف أهل الكتاب فى القرآن أشياء لم يكونوا يعرفون بها ،ويطلب الله منه أن يجيب على السؤال من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى ؟قائلا :الله هو المنزل ،ويطلب منه أن يذرهم فى خوضهم يلعبون والمراد أن يتركهم فى كفرهم يستمرون وهذا يعنى ألا يكرر دعوتهم للإسلام .
"وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالأخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون "المعنى وهذا حكم أوحيناه دائم مشابه الذى فى الكعبة ولتخبر أصل البلاد ومن فى محيطها والذين يصدقون بالقيامة يصدقون به وهم على دينهم يثبتون،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا وهو القرآن كتاب أنزلناه مبارك أى حكم أوحيناه لك دائم الوجود مصداق لقوله بسورة الشورى"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا"مصدق الذى بين يديه والمراد مشابه للذى عند الله فى الكتاب فى الكعبة وهو أم الكتاب مصداق لقوله بسورة المائدة "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا بما بين يديه من الكتاب"والسبب فى وحيه أن تنذر أم القرى ومن حولها والمراد أن تبلغ به أهل أصل البلاد وهى مكة وأهل البلاد فى محيطها وهم كل أهل الأرض لأن مكة هى وسط الكون بالضبط ،ويبين له أن الذين يؤمنون بالأخرة يؤمنون به والمراد أن الذين يصدقون بوقوع القيامة يصدقون بالكتاب وهو القرآن وهم على صلاتهم يحافظون والمراد وهم على دينهم يثبتون أى هم لحكمهم يطيعون والخطاب وما قبله للنبى (ص)ومنه لأهل الكتاب وأيضا ما بعده له.
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون "المعنى ومن أضل من الذى نسب إلى الرب باطلا أو قال أنزل لى ولم ينزل له وحى ومن قال سأوحى شبه الذى أوحى الرب ولو تشاهد وقت الكافرون فى سكرات الوفاة والملائكة مادوا أذاهم :أبعدوا أنفسكم الآن تعاقبون عقاب الذل بالذى كنتم تنسبون إلى الرب سوى العدل وكنتم لأحكامه تخالفون،يبين الله لنبيه (ص)أن الأظلم وهو الضال أى الكافر هو الذى افترى على الله كذبا والمراد نسب إلى دين الله باطلا وهو ما لم يقله الله والأظلم هو أيضا من قال:أوحى إلى أى أنزل الله لى الوحى وهو لم يوح إليه شىء والمراد وهو لم ينزل له وحى من الله ،والأظلم أيضا من قال:سأنزل مثل ما أنزل الله والمراد سأشرع شبه الذى شرع الرب وهو قولهم بسورة الأنفال"ولو نشاء قلنا مثل هذا "وهذا يعنى أنه يريد أن يضع حكم مشابه لحكم الله ،ويبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى الظالمين فى غمرات الموت والمراد لو يشاهد الكافرين فى سكرت الوفاة وهى لحظات الإنتقال من الدنيا للبرزخ حيث النار والملائكة باسطوا أيديهم والمراد والملائكة مادوا أذاهم للكفار يقولون لهم بسخرية :اخرجوا أنفسكم والمراد أنقذوا ذواتكم من النار ،اليوم تجزون عذاب الهون والمراد الآن تدخلون عقاب الذل بما كنتم تقولون على الله غير الحق والمراد بالذى كنتم تنسبون إلى الرب سوى العدل وكنتم عن آياته تستكبرون والمراد وكنتم لأحكامه تعصون وهذا يعنى أنهم دخلوا النار بسبب نسب الكذب لله وعصيانهم لأحكام الله .
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ولقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون "المعنى ولقد أتيتمونا وحدانا كما أنشأناكم أسبق مرة وخلفتم الذى أعطيناكم خلف أنفسكم وما نشاهد لديكم شركاءكم الذين قلتم أنهم فيكم مقاسمين ولقد انفصل بينكم وبعد عنكم الذى كنتم تقولون،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يقول على لسان الملائكة للظالمين :ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة والمراد ولقد أتيتمونا وحدانا كما أبدعناكم أسبق مرة وهذا يعنى أن كل واحد يأتى فردا وحيدا كما خلقه بمفرده فى الدنيا،وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم والمراد وخلفتم الذى أعطيناكم خلف أنفسكم وهذا يعنى أنهم تركوا ما أعطاهم الله من مال وولد وغيره خلفهم فى الدنيا،وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء والمراد ولا نعلم معكم أربابكم الذين قلتم أنهم فيكم مقاسمين لى وهذا يعنى أنهم يأتون ليس معهم آلهتهم المزعومة الذين زعموا أنهم يملكونهم بالإشتراك مع الله ،ولقد تقطع بينكم والمراد ولقد فصل بينكم وهذا يعنى وجود فاصل بين الكفار والأرباب المزعومة فى البرزخ والقيامة ،وضل عنكم ما كنتم تزعمون والمراد وتبرأ منكم الذين كنتم تقولون بربوبيتهم أى وكفر بكم الذين أى كذبكم الذين كنتم تقولون أنهم آلهة مصداق لقوله بسورة مريم"واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار .
"إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون "المعنى إن الله خالق البذر أى الأصول ،يفصل الباقى عن المتوفى وفاصل المتوفى عن الباقى ذلكم الرب فكيف تكفرون ؟،يبين الله للناس أن الله هو فالق الحب والمراد أن الله هو خالق البذر الذى فسره بأنه النوى وهو أصول الأنواع المختلفة التى منها يخلقون،وهو يخرج الحى من الميت والمراد وهو يفصل عالم الباقى وهو الدنيا عن عالم المتوفى وهو البرزخ وفسر هذا بقوله مخرج الميت من الحى والمراد فاصل عالم المتوفى أى البرزخ عن عالم الباقى وهو الدنيا فالأرض يعيش فيها عالم الأحياء وعالم الأموات مفصولين لا إتصال بينهما مصداق لقوله بسورة المرسلات"ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا "وذلكم وهو الفالق المخرج هو الله فأنى تؤفكون أى "فأنى تصرفون"كما قال بسورة يونس والمراد فكيف تكذبون بحكمه رغم علمكم بهذا ؟والغرض من السؤال إخبارهم بوجوب الإيمان بحكم الله والخطاب وما بعده وما بعده للناس .
"فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم"المعنى خالق النهار وخلق الليل راحة والشمس والقمر دائرين ذلك خلق القادر الخبير ،يبين الله للناس أنه فالق الإصباح والمراد خالق النهار مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهو الذى خلق الليل والنهار"وجعل الليل سكنا أى وخلق الليل راحة أى لباسا مصداق لقوله بسورة الفرقان"وهو الذى جعل لكم الليل لباسا"وخلق الشمس والقمر حسبانا والمراد دائرين فى فلك لا يدركان بعضهما مصداق لقوله بسورة يس"لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر "ذلك وهو النهار والليل والشمس والقمر هو تقدير العزيز العليم أى هو خلق القوى العارف بكل شىء .
"وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون" المعنى وهو الذى خلق لكم الكواكب لترشدوا بها فى متاهات اليابس والماء قد بينا الأحكام لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن الله هو الذى جعل لهم النجوم والمراد قد خلق لهم الكواكب فى السماء والسبب أن يهتدوا فى ظلمات البر والبحر والمراد أن يستدلوا بها على الطريق الصحيح فى متاهات اليابس والماء ،ويبين لهم أنه قد فصل الآيات لقوم يفقهون أى "قد بينا الآيات لقوم يوقنون"كما قال بسورة البقرة والمراد قد وضح الأحكام لناس يطيعونها.
"وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون"المعنى وهو الذى خلقكم من فرد واحد فمسكن أى مخزن قد بينا الأحكام لناس يفهمون،يبين الله للناس أن الله هو الذى أنشأكم أى "خلقكم من نفس واحدة "كما قال بسورة النساء والمراد أبدعهم من إنسان واحد فمستقر أى مستودع والمراد فمسكن أى مخزن والمراد أن نفس كل واحد فينا هى قراره أى وديعته التى يجب أن يحافظ عليها فلا يدخلها النار ويقول:قد بينا الآيات لقوم يفقهون والمراد"قد بينا الآيات لقوم يوقنون"كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أنه وضح الأحكام لناس يفهمون أى يطيعون الأحكام والخطاب وما بعده للناس.
"وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون"المعنى وهو الذى أسقط من السحاب مطرا فخلقنا منه حياة كل مخلوق فأنبتنا منه نباتا نظهر منه حبا متراكما ومن النخل من جريدها ثمار ظاهرة وحدائق من عنب والزيتون والرمان متماثلا وغير متماثل،فكروا فى منافعه إذا نضج أى طاب إن فى ذلكم لبراهين لناس يصدقون،يبين الله للناس أن الله هو الذى أنزل من السماء ماء والمراد الذى أسقط من السحاب وهو المعصرات مطرا أى ماء ثجاجا مصداق لقوله بسورة النبأ"وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا"أى متتابعا فأخرجنا به نبات كل شىء أى فخلقنا به حياة كل مخلوق مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وجعلنا من الماء كل شىء حى "فأخرجنا منه خضرا والمراد فأنبتنا بالماء نباتا مصداق لقوله بسورة طه"فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى"وهذا النبات نخرج منه حبا متراكبا أى نظهر من سوقه ثمرا متراكما أى أجزائه فوق بعضها وبجانب بعضها ونظهر من النخل من طلعها وهو جريدها قنوان دانية أى ثمار ظاهرة ونخرج بالماء جنات وهى حدائق من الأعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه والمراد متماثلا وغير متماثل وهذا يعنى أن النبات الواحد منه المتشابه مثل البلح الأحمر ومنه غير المتشابه فمثلا البلح منه الأحمر ومنه الأصفر وهما غير متشابهين فى اللون ،ويطلب الله من الناس أن ينظروا إلى ثمره إذا أثمر والمراد أن يفكروا فى منافع النبات إذا نضج أى ينع أى طاب والمراد استحق أن يستفاد منه حتى يعرفوا نعمة الله عليهم ويبين أن فى ذلكم وهو نزول الماء وخلق النبات آيات لقوم يؤمنون أى براهين دالة على وجوب طاعة حكم الله وحده لناس يصدقون حكمه .
"وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون "المعنى واخترعوا لله مقاسمين الجن وأنشأهم ونسبوا له صبيان وإناث بغير وحى علا أى سما الله عن الذى يعبدون معه، يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار جعلوا لله شركاء والمراد اخترعوا لله مقاسمين فى الملك هم الجن مع أنه قد خلقهم أى قد أبدع الجن فكيف يكون المخلوق مقاسما لخالقه فى ملكه؟،وخرقوا له بنين وبنات والمراد ونسبوا لله أولاد وإناث وهذا يعنى أنهم جعلوه أبا له صبيان وإناث وكل هذا بغير علم أى بغير وحى من عند الله يقول أن الجن شركائه وأن له بنين وبنات ،سبحانه أى تعالى عما يشركون علا أى تفضل الله عن الذى يعبدون معه والمراد أن الله أفضل من آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات مصداق لقوله بسورة الإسراء"سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شىء وهو بكل شىء عليم "المعنى خالق السموات والأرض كيف يوجد له غلام ولم توجد له زوجة وأنشأ كل مخلوق وهو بكل أمر خبير ،يبين الله للمؤمنين أنه بديع أى "فاطر السموات والأرض"كما قال بسورة فاطر والمراد خالق السموات والأرض ،ويسأل أنى يكون له ولد والمراد كيف يصبح له ابن ولم تكن له صاحبة أى ولم تكن له زوجة ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أنهم نسوا أن الأولاد لا يأتون إلا من الزوجات وهو ليس له زوجة وقد خلق كل شىء أى وقد أبدع كل مخلوق دون مساعدة أحد وهو بكل شىء عليم والمراد وهو بكل أمر خبير ومن ثم فهو ليس بحاجة لأولاد لأنه لا يحتاج مساعدة أحد ولا علمه
"ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شىء فاعبدوه وهو على كل شىء وكيل "المعنى ذلكم الله خالقكم لا رب إلا هو مبدع كل مخلوق فأطيعوه وهو لكل شىء حافظ ،يبين الله للناس أن ذلكم وهو المبدع للكون العليم به هو الله ربهم لا إله إلا هو والمراد هو الله خالقهم الذى لا خالق سواه ،خالق كل شىء أى "رب كل شىء"كما قال بنفس السورة والمراد مبدع كل مخلوق فاعبدوه أى فاتقوه أى فأطيعوا حكمه وهو على كل شىء وكيل والمراد وهو لكل مخلوق حافظ مصداق لقوله بسورة هود"إن ربى على كل شىء حفيظ" أى يحميه كى يبقى موجودا والخطاب وما بعده وما بعده للناس
"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير"المعنى لا تعلمه الأفراد وهو يعلم بالأفراد وهو العليم المحيط ،يبين الله للناس أن الله لا تدركه الأبصار أى لا تعلم نفسه عقول الأفراد وهو يدرك الأبصار والمراد وهو يعرف نفوس الأفراد مصداق لقوله بسورة المائدة "تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك "والله هو اللطيف الخبير أى العليم المحيط بكل شىء .
"قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ "المعنى قد أتاكم أحكام من إلهكم فمن أطاع فلمصلحته ومن عصى فعقابه عليه وما أنا عليكم بوكيل ،يبين الله للناس أنه قد جاءهم بصائر من ربهم والمراد "قد جاءكم برهان من ربكم"كما قال بسورة النساء والمراد قد أتاهم أحكام الوحى من خالقهم فمن أبصر فلنفسه والمراد"فمن اهتدى فلنفسه "كما قال بسورة يونس والمراد فمن أطاع أحكام الوحى فلمنفعته ومن عمى فعليها أى "ومن ضل فإنما يضل عليها "كما قال بسورة يونس والمراد ومن عصى حكم الله فإنما عقابه على نفسه وما أنا عليكم بحفيظ والمراد"وما أنا عليكم بوكيل"كما قال بسورة يونس والمراد وما أنا لكم بحامى من عذاب الله والخطاب للناس.
"وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون "المعنى وهكذا نبين الأحكام وليقولوا علمت ولنعرفه لناس يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك أى بإنزال الوحى يصرف الله الآيات والمراد يبين الله الأحكام للناس مصداق لقوله بسورة "وكذلك يبين الله لكم الآيات"والكفار يقولون للنبى (ص)درست أى تعلمت من بشر أخر كما قالوا بسورة النحل"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر"ويبين له أنه يبين الوحى لقوم يعلمون والمراد أنه يفصل أى يوضح حدود الله لناس يؤمنون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون "وقوله بسورة البقرة"وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين "المعنى أطع الذى ألقى لك من خالقك لا رب إلا هو وخالف الكفار ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتبع ما يوحى إليه من ربه والمراد أن يطيع الذى يلقى له من خالقه وهو ملة إبراهيم(ص)مصداق لقوله بسورة النحل"أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا "لا إله إلا هو والمراد لا رب إلا هو ،ويطلب منه أن يعرض عن المشركين والمراد أن يذر الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا مصداق لقوله بسورة الأنعام"وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا"والمراد وخالف دين الكافرين .
"ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل "المعنى ولو أراد الرب ما كفروا وما عيناك لهم وكيلا أى ما أنت لهم بحامى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو شاء ما أشركوا والمراد لو أراد ما كفر الناس بحكمه أى لو أراد لآمن الكفار مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا "ويبين له أنه ما جعله عليهم حفيظا والمراد ما عينه لهم وكيلا وفسر هذا بأنه ليس عليهم بوكيل أى حامى لهم من عذاب الله بسبب كفرهم والخطاب للنبى(ص).
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون "المعنى ولا تشتموا الذين يعبدون من سوى الرب فيشتموا الرب ظلما بغير وحى هكذا حسنا لكل جماعة فعلهم ثم إلى خالقهم فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يسبوا الذين يدعون من دون الله والمراد ألا يذموا الذين يعبدون من سوى الرب وهذا يعنى ألا يشتموا آلهة الكفار المزعومة والسبب حتى لا يسبوا الله عدوا بغير علم والمراد حتى لا يذموا الرب ظلما دون معرفة وهذا يعنى حتى لا يرد الكفار بشتم الله جورا دون معرفة بوحى الله الذى يحرم هذا ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى عصيان العلم زين الله لكل أمة عملهم والمراد حسن الرب لكل جماعة سوء فعلهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ثم إلى ربهم مرجعهم والمراد ثم إلى جزاء خالقهم عودتهم فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يصنعون مصداق لقوله بسورة المائدة"وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون "والخطاب للمؤمنين.
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون "المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لئن أتاهم معجزة ليصدقن بها قل إنما المعجزات لدى الرب والذى يعرفكم إنها إذا أتت لا يصدقون ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار أقسموا جهد أيمانهم والمراد حلفوا قدر طاقتهم فقالوا والله لئن جاءتنا آية لنؤمن بها والمراد والله لئن أتتنا معجزة لنصدقن بها ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند الله والمراد من لدى الرب وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون والمراد والذى يخبركم أنها إذا أتت وهى لن تأتى لا يصدقون بها مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "وهذا يعنى أنهم يفعلون كالكفار السابقين فى عدم إيمانهم بالمعجزات .
"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون "المعنى ونختم على أنفسهم أى قلوبهم كما لم يصدقوا به أسبق مرة أى نتركهم فى كفرهم يسيرون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه يقلب أفئدة الكفار وهى أبصارهم والمراد أنه يطبع الكفر على قلوب وهى نفوس الكفار مصداق لقوله بسورة النحل"أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم "كما لم يؤمنوا به أول مرة والمراد كما لم يصدقوا بالقرآن أسبق مرة دعوا فيها للإيمان به وفسر هذا بأنه يذرهم فى طغيانهم يعمهون والمراد ويترك الكفار فى كفرهم يستمرون والخطاب وماقبله للنبى(ص)
"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون"المعنى ولو أننا أحضرنا لهم الملائكة وحدثهم الهلكى وأرسلنا لهم كل معجزة أمامهم ما كانوا ليصدقوا إلا أن يريد الله ولكن معظمهم يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فعل التالى للكفار:
نزل لهم الملائكة أى أرسل لهم الملائكة فى الأرض،وكلمهم الموتى أى حدثهم الهلكى الذين تركوا الدنيا بعد إحياءهم،وحشر لهم كل شىء قبلا والمراد وجمع لهم كل معجزة عيانا فإن رد فعلهم هو أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون بكل المعجزات مصداق لقوله بسورة البقرة"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" إلا فى حالة واحدة هى أن يشاء أى يريد الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون والمراد ولكن معظم الناس يكفرون أى لا يعلمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم لا يعلمون"أى لا يتبعون الوحى .
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا عينا لكل رسول كارها كفار البشر والجن يلقى بعضهم إلى بعض باطل الحديث خداعا ولو أراد إلهك ما صنعوه فاتركهم أى ما يزعمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل لكل نبى عدوا والمراد حدد لكل رسول(ص)من رسله كارها هو شياطين الإنس والجن والمراد مجرمى البشر والجن وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الفرقان"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين"وهم يقومون بالتالى يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول والمراد يلقى بعضهم إلى بعض باطل الكلام خداعا لبعضهم وهذا يعنى أن كفار الإنس يغوون بعضهم وكفار الجن يضلون بعضهم عن طريق الكلام الباطل الماكر ،ويبين لهم أن الله لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما أشركوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله ما أشركوا"ويطلب الله منه أن يذرهم أى يترك طاعة دينهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد أن يدع طاعة ما يزعمون من الأحكام والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى (ص) .
"ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون"المعنى ولتستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة أى ليقبلوه أى ليعملوا الذى هم عاملون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الزخرف تصغى له أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة والمراد أن الباطل تستجيب له قلوب الذين لا يصدقون بالقيامة وفسر هذا بأنهم يرضوه أى يقبلوه دينا يتبعونه وفسر هذا بأنه يقترفوا ما هم مقترفون والمراد يرتكبوا من الذنوب الذى هم مرتكبون له .
"أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين"المعنى هل سوى الله أريد قاضيا وهو الذى أوحى لكم الحكم مبينا والذين أوحينا لهم الوحى سابقا يعرفون أنه موحى من إلهك بالعدل فلا تصبحن من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس:أفغير الله أبتغى حكما أى هل سوى الله أريد قاضيا ؟أى هل سوى الله أتخذ وليا ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"قل أغير الله اتخذ وليا"والغرض من السؤال هو إخبارهم أن النبى(ص)لا يقبل إله أى حاكم له سوى الله لأنه أنزل لهم الكتاب مفصلا والمراد لأنه أوحى لهم الحكم السليم مفهوما لهم ،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب والمراد أن الذين أعطاهم الوحى السابق يعلمون أنه منزل من الله بالحق والمراد يعرفون أنه موحى من عند الله بالعدل وهو حكمه وفى هذا قال بسورة الأنعام "والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه"وينهاه الله أن يكون من الممترين أى الجاهلين أى المشركين وهم العصاة لحكمه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين"و"ولا تكونن من المشركين".
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم"المعنى وكملت حكمة إلهك حقا أى قسطا لا مغير لأحكامه وهو الخبير العارف،يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل مصداق لقوله بسورة المائدة"اليوم أكملت لكم دينكم "وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.
"وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"المعنى وإن تتبع معظم من فى البلاد يبعدوك عن دين الله إن يطيعون سوى الهوى أى إن هم إلا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يطع أكثر من فى الأرض والمراد إن يطيع معظم من فى البلاد والمراد الذين كفروا يضلوه عن سبيل الله والمراد يبعدوه عن طاعة دين الله أى يردوهم على أعقابهم وهى أديانهم الضالة مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم"ويبين له أنهم يتبعون الظن أى يطيعون الهوى مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم إنما يتبعون أهواءهم"وهى شهواتهم مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"وهى أحكام الكفر وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وإن هم إلا يظنون"والمراد إن هم إلا يكفرون بدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"المعنى إن إلهك هو أعرف من يكفر بدينه وهو أعرف بالمصدقين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه أعلم بمن يضل عن سبيله والمراد أعرف بمن يبعد عن طاعة الإسلام وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"وهو أعلم بالمهتدين والمراد وهو أعرف بالشاكرين أى المطيعين لدين الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين".
"فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين"المعنى فاطعموا من الذى ردد حكم الله فيه إن كنتم بأحكامه مصدقين،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد أن يطعموا من الأنعام أو الصيد الذى ردد حكم الله عليه وهو الذى قصد به طاعة الله وحده من خلال أكله هذا إن كانوا مؤمنين أى صادقين فى قوله أنهم مصدقون بالوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن كنتم صادقين"والخطاب للمؤمنين.
"وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين "المعنى وما السبب ألا تطعموا من الذى ردد حكم الله عليه وقد بين لكم الذى منعكم منه إلا ما أكرهتم عليه وإن عديدا ليتبعون شهواتهم دون وحى إن إلهك هو أعرف بالمفسدين،يسأل الله المؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه والمراد وما يمنعكم أن تطعموا من الذى أطيع حكم الله فيه ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الذبائح التى ردد حكم الله عليها وهى التى قصد من ذبحها طاعة الله بأكلها لعمل الأعمال الحسنة يعنى أنه حلال أكلها،ويبين لهم أنه فصل أى بين لهم ما حرم عليهم والمراد عرفهم ما منعهم من أكله من أصناف الحيوان فى الوحى السابق نزوله إلا ما اضطررتم إليه وهو ما أجبرتم أنفسكم على أكله خوفا من الموت جوعا وهى المخمصة مصداق لقوله بسورة المائدة "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم إن الله غفور رحيم " فالله يغفر هذا الذنب ويبين الله لنبيه (ص)أنه أعلم بالمعتدين أى أعرف بالمفسدين وهم المتبعين للأهواء مصداق لقوله بسورة يونس"وربك أعلم بالمفسدين"والقول الخطاب فى أوله للمؤمنين حتى إن كثيرا فهو للنبى(ص).
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون"المعنى واتركوا إعلان الكفر وإخفائه إن الذين يعملون الكفر سيعاقبون بما كانوا يذنبون،يطلب الله من المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه والمراد يتركوا إعلان عمل الفاحشة وهى الكفر وعملها فى الكتمان ويبين لهم أن الذين يكسبون الإثم أى يعملون السيئات مصداق لقوله بسورة يونس"والذين كسبوا السيئات"سيجزون بما كانوا يقترفون والمراد سيعاقبون بدخول جهنم بالذى كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة"ومأواهم جهنم بما كانوا يكسبون" والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أولياءهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"المعنى ولا تطعموا من الذى لم يردد حكم الله عليه وإنه لكفر وإن الكفار ليقولون لأتباعهم ليحاجوكم وإن اتبعتموهم إنكم لكافرون،يطلب الله من المؤمنين ألا يأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه والمراد ألا يطعموا من الذبائح التى لم يردد حكم الله عليها وهى ما أهل به لغير الله مصداق لقوله بسورة البقرة"وما أهل لغير الله"والمراد ما قصد من ذبحها عصيان الله ويبين لهم أنه فسق والمراد أن الأكل من الذبائح التى لم يقصد بها طاعة الله كفر ،ويبين لهم أن الشياطين وهم كبار الكفار يوحون إلى أولياءهم والمراد يقولون لأتباعهم الباطل وهو زخرف القول والسبب حتى يجادلونا أى يحاجونا فى دين الله مصداق لقوله فى نفس السورة"شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول "ويبين لهم أنهم إن يطيعوهم أى يتبعوا باطلهم وهو وحيهم يكونوا مشركين أى كافرين بدين الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين".
"أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون"المعنى هل من كان كافرا فهديناه أى علمناه هديا يحكم به فى الخلق كمن شبهه فى الكفر ليس بتارك لطاعته هكذا حسن للمكذبين الذى كانوا يفعلون ،يسأل الله المؤمنين :أو والمراد هل من كان ميتا أى مكذبا لدين الله فأحييناه أى فهديناه للحق وفسر هذا بأنه جعل له نور يمشى به فى الناس والمراد أنه علمه حكما يحكم به فى تعامله مع الخلق كمن مثله أى شبهه فى الظلمات وهى الضلالات أى الكفر ليس بخارج منها والمراد ليس بتارك لطاعة الضلالات ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن المسلم حى لأنه يتبع الحياة وهى الوحى مصداق لقوله بسورة الأنفال"استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" والكافر ميت وأنهما لا يستويان فى الجزاء وفى هذا قال بسورة فاطر"وما يستوى الأحياء ولا الأموات "ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى طاعة الكافر للظلمات زين للكافرين وهم المسرفين ما كانوا يعملون أى يفعلون وفى هذا قال بسورة يونس"كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون".
"وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"المعنى وهكذا خلقنا فى كل بلدة أعاظم كفارها ليفسدوا فيها وما يهلكون إلا أنفسهم وما يعلمون،يبين الله للمؤمنين أن كذلك جعل فى كل قرية أكابر مجرميها والمراد خلق فى كل بلدة سادة كفارها وهم المترفين ليمكروا فيها أى ليفسقوا أى ليفسدوا فيها بحكمهم بغير حكم الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها"،ويبين لنا أنهم ما يمكرون إلا بأنفسهم والمراد ما يهلكون أى ما يضلون سوى أنفسهم بمكرهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"وما يضلون إلا أنفسهم "وقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"وهم لا يشعرون أى لا يعلمون والمراد أنهم لا يظنون أنهم يضلون أنفسهم لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا مصداق لقوله بسورة الكهف"الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"والخطاب وما قبله للمؤمنين.
"وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون" المعنى وإذا أتتهم معجزة قالوا لن نصدق بها حتى نعطى شبه الذى أوحى لأنبياء الله ،الله أعرف حيث يضع وحيه ،سيدخل الذين كفروا ذل لدى الله أى عقاب عظيم بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله لنا أن الكفار السابقين إذا جاءتهم آية والمراد إذا أتتهم معجزة ليؤمنوا قالوا للرسل(ص)لن نؤمن أى لن نصدق بها حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله والمراد حتى نعطى وحيا شبه الوحى الذى أعطى أنبياء الله(ص)،وهذا يعنى أنهم لما وجدوا الله أعطاهم ما طلبوا من معجزات لم يجدوا حجة تمنعهم من الإيمان إلا أن يطلبوا شىء يعلمون أنه مستحيل وهو أن ينزل عليهم الوحى جميعا ،ويبين الله أنه أعلم حيث يجعل رسالته والمراد أنه أعرف حيث يضع وحيه وهذا معناه أنه حر فى إعطاء الوحى لمن يختاره هو مصداق لقوله بسورة القصص"وربك يخلق ما يشاء ويختار"،ويبين لنا أن الذين أجرموا أى كفروا سيصيبهم صغار عند الله والمراد سيدخلون مكان يجلب لهم الذل وفسره بأنه العذاب الشديد وهو العقاب الأليم مصداق لقوله بسورة التوبة"سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم"والسبب فى عذابهم هو ما كانوا يمكرون أى ما كانوا يعملون أى يقترفون من الذنوب مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يقترفون"أى "بما كانوا يكفرون"مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون".
"فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون"المعنى فمن يشاء الله أن يرحمه تؤمن نفسه بدين الله ومن يشاء أن يعذبه يخلق نفسه مكذبا مؤذيا كأنما يطلع فى السماء هكذا يعد الله العذاب للذين لا يصدقون،يبين الله لنا أن من يرد أى يشاء الله أن يهديه أى يرحمه يشرح صدره للإسلام والمراد تؤمن نفسه بدين الله ومن يرد أن يضله أى يفتنه أى يعذبه مصداق لقوله بسورة المائدة"ومن يرد الله فتنته"يجعل صدره ضيقا حرجا والمراد ومن يرد أن يعاقبه تكون نفسه مكذبة مؤذية وشبهه الله بمن يصعد فى السماء والمراد من يطلع إلى السماء فلا يصدق بما يراه فيها ظانا أنه مسحور مصداق لقوله بسورة الحجر"ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون"،ويبين لنا أنه يجعل الرجس وهو غضب الله مصداق لقوله بسورة النحل"ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله"على الذين لا يؤمنون أى لا يعقلون مصداق لقوله بسورة يونس"ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"وهم الكفار وهذا يعنى أن عذاب الله هو نصيب الكفار والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"المعنى وهذا دين إلهك عادلا قد بينا الأحكام لقوم يطيعون لهم مقام الخير لدى الله وهو ناصرهم بالذى كانوا يسلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن هذا وهو الوحى هو صراط ربه مستقيما والمراد دين خالقه عادلا ،ويبين له أنه قد فصل الآيات والمراد قد بين أحكام الدين لقوم يذكرون أى يوقنون به أى يطيعونه وفى هذا قال بسورة البقرة"قد بينا الآيات لقوم يوقنون"ويبين له أن الذاكرين لهم دار السلام وهى مقام الخير وهى الجنات مصداق لقوله بسورة البقرة"أن لهم جنات"عند أى لدى الله بعد الموت ويبين له أنه وليهم أى ناصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله ولى المؤمنين" والسبب ما كانوا يعملون أى أحسن الذى كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة التوبة"ليجزيهم الله بأحسن ما كانوا يعملون".
"ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذى أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم "المعنى ويوم يبعثهم كلهم يا فريق الأهواء قد استكثرتم من البشر وقال أنصارهم من البشر إلهنا تلذذ بعضنا ببعض وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا قال جهنم مأواكم مقيمين فيها إلا الذين أراد الله إن إلهك قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشرهم أى "يبعثهم الله جميعا "كما قال بسورة المجادلة يقول الله للكفار على لسان الملائكة:يا معشر الجن أى يا فريق الأهواء والأهواء هى الآلهة الخفية للكفار مصداق لقوله بسورة الجاثية"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"ولذا سموا جنا لأن الكفار يعلنون أسماء أخرى أنها آلهتهم ويقول:قد استكثرتم من الإنس والمراد قد أضللتم العديد من البشر فيقول أولياؤهم وهم أنصارهم أى مطيعى الأهواء من الإنس وهم البشر :ربنا استمتع بعضنا ببعض والمراد تلذذ بعضنا بطاعة بعضنا الأخر وبلغنا أجلنا الذى أجلت والمراد وحضرنا موعدنا الذى حددت لنا ،فيقول لهم :النار مثواكم أى جهنم مأواكم وفى هذا قال بسورة يونس"مأواهم النار"خالدين فيها إلا ما شاء الله والمراد مقيمين فى النار إلا من أراد الله إبعادهم عن النار وهم المؤمنين العاملين للصالحات مصداق لقوله بسورة الفرقان"يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب وأمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل عليم أى خبير بكل شىء يحاسب عليه.
"وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون"المعنى وهكذا يعادى بعض الكفار بعضا بسبب الذى كانوا يفعلون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يولى بعض الظالمين بعضا والمراد يخاصم أى يعادى بعض الكفار بعضا مصداق لقوله بسورة ص"إن ذلك لحق تخاصم أهل النار"والسبب ما كانوا يكسبون أى يمكرون مصداق لقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص) وهو حكاية لما يحدث فى الآخرة.
"يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين"المعنى يا جمع الجن والبشر ألم يجئكم مبعوثين منكم يبلغون لكم أحكامى ويخبرونكم حساب يومكم هذا قالوا أقررنا على أنفسنا وخدعتهم المعيشة الأولى وأقروا على ذواتهم أنهم كانوا مكذبين بالله، يبين الله لنبيه(ص)أنه يقول للكفار على لسان الملائكة:يا معشر أى جمع الجن والإنس وهم البشر ألم يأتكم رسل منكم والمراد ألم يجئكم أنبياء من أنفسكم مصداق لقوله بسورة الملك"سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير"يقصون عليكم آياتى أى يبلغون لكم أحكامى أى يتلون لكم وحيى مصداق لقوله بسورة الزمر"يتلون عليكم آيات ربكم"وينذرونكم يومكم هذا أى ويخبرونكم حساب أى لقاء وقتكم هذا مصداق لقوله بسورة الزمر"وينذرونكم لقاء يومكم هذا"فكانت الإجابة :شهدنا على أنفسنا أى أقررنا على ذواتنا والمراد قالوا فى اعترافهم:"بلى قد جاءنا نذير فكذبنا"كما جاء بسورة الملك وقد غرتهم الحياة الدنيا والمراد وقد خدعهم تمتعهم بالمعيشة الأولى فأقروا ظنا منهم أنهم سيعيشون كما كانوا متمتعين وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين والمراد واعترفوا على أنفسهم أنهم كانوا مكذبين بدين الله والمراد اعترفوا بذنبهم مصداق لقوله بسورة الملك"فاعترفوا بذنبهم".
"ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون"المعنى ذلك أن لم يكن إلهك معذب أهل البلاد ببخس وسكانها مصلحون ولكل جزاءات بالذى صنعوا وما إلهك بساهى عن الذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرب وهو الإله لم يكن مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون والمراد لم يكن معاقب أهل البلاد وهو ناقص لحقهم وسكانها مصلحون مصداق لقوله بسورة هود"وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"وهذا يعنى أن الله لا يظلم أبدا وأن الغفلة وهى الصلاح لا يعاقب عليها الناس وإنما يثابون،ويبين له أن لكل درجات مما عملوا والمراد لكل فرد جزاء بسبب ما كسب فمن عمل شرا فشر ومن عمل خيرا فخير مصداق لقوله بسورة إبراهيم"ليجزى الله كل نفس بما كسبت"،ويبين له أن ربه وهو إلهه ليس بغافل عما يعملون والمراد ليس بساهى عن الذى يصنع الناس وإنما عليم بكل عمل مصداق لقوله بسورة يونس"ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه" والخطاب وما قبه للنبى(ص).
"وربك الغنى ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين"المعنى وإلهك الواسع صاحب النفع إن يرد يهلككم ويخلق من بعد هلاككم من يريد كما خلقكم من نسل ناس آخرين،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه هو الغنى أى واسع الملك وهو ذو الرحمة أى الفضل والمراد صاحب النفع مصداق لقوله بسورة الجمعة"والله ذو الفضل العظيم"ويبين للناس أنه إن يشأ يذهبهم أى إن يرد يهلكهم بسبب توليهم وهو كفرهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء أى ويأتى من بعد هلاكهم بمن يريد من الخلق والمراد أن يستبدل قوم آخرين مصداق لقوله بسورة محمد""وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم"وهذا يعنى أنه يحكم ناس آخرين فى الأرض كما حكمهم ،ويبين لهم أنه أنشأهم من ذرية قوم آخرين والمراد أنه خلقهم من نسل ناس سابقين وهذا يعنى أن وسيلة تعمير الأرض هى النسل الناتج من الزواج أو غيره والقول جزء من آيتين محذوف أولهما وبقيته خطاب للنبى(ص)حتى الرحمة وما بعده خطاب للناس محذوف أوله.
"إن ما توعدون لأت وما أنتم بمعجزين "المعنى إن الذى تخبرون لمتحقق وما أنتم بمنتصرين،يبين الله للكفار أن الذين يوعدون وهو الذى يخبرون من البعث والحساب أت أى صادق أى واقع أى متحقق مصداق لقوله بسورة المرسلات"إنما ما توعدون لواقع "وقوله بسورة الذاريات "إنما توعدون لصادق "وأنهم ليسوا بمعجزين أى ليسوا بمنتصرين على حكم الله مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا يعنى أنهم لن يقدروا على الهروب من قضاء الله فيهم والخطاب للكفار .
"قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون"المعنى قل يا محمد(ص)يا أهلى اثبتوا على دينكم إنى ثابت على دينى فسوف تعرفون من تصبح له جنة القيامة إنه لا يفوز الكافرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار يا قوم والمراد يا أهلى اعملوا على مكانتكم أى افعلوا ما يمليه لكم دينكم والمراد افعلوا ما شئتم مصداق لقوله بسورة فصلت"اعملوا ما شئتم"إنى عامل والمراد إنى فاعل ما يمليه على دينى وهذه دعوة للثبات على الدين ما دام الكفار مكذبون بالإسلام،ويقول فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار والمراد فسوف تعرفون من تصبح له جنة الآخرة وهم المتقين مصداق لقوله بسورة هود"إن العاقبة للمتقين"إنه لا يفلح الظالمون أى إنه لا يفوز الكافرون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون "وهذا يعنى أنهم يخسرون مصداق لقوله بسورة غافر"وخسر هنالك الكافرون" والخطاب للنبى(ص).
"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون"المعنى وقسموا لله من الذى خلق من الزرع والأنعام بعضا فقالوا هذا لله بقولهم وهذا لآلهتنا فما كان لشفعاؤهم فلا يعطى لأهل الله وما كان لله فهو يعطى لشفعاؤهم قبح الذى يقولون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا والمراد أنهم زعموا أن الله له من الذى خلق من الزروع والأنعام جزء فقالوا :هذا لله أى هذا الجزء ملك لله بزعمهم وهو قولهم الكاذب وهذا لشركائنا والمراد والباقى لشفعائنا وهم آلهتهم المزعومة ،ويبين لنا أن ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله والمراد أن الجزء الذى جعلوه ملك الشفعاء لا يعطى لأهل الله الذين شرعوا لهم الجزء وأما ما كان لله والمراد وأما الجزء ملك أهل الله فهو يصل لشركائهم والمراد يعطى لشفعائهم المزعومين وفى الحقيقة يأخذون هم الجميع ،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يشرعون من الأحكام والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون"المعنى وهكذا حسن لكثير من الكفار كفر عيالهم سادتهم ليرجعوهم عن الحق أى ليخلطوا عليهم حكمهم ولو أراد الله ما عملوه فاتركهم أى اترك الذى يشرعون،يبين الله لنبيه(ص) أن الشركاء وهم الشفعاء والمراد السادة قد زينوا لكثير من المشركين والمراد قد حسنوا لكثير من الكفار مصداق لقوله بسورة الأنعام"زين للذين كفروا"قتل أولادهم والمراد كفر عيالهم وهذا يعنى أنهم حسنوا لهم أن يربوا عيالهم على الكفر والسبب حتى يردوهم أى يرجعوهم عن الحق وفسر هذا بأنه حتى يلبسوا عليهم دينهم أى حتى يخلطوا عليهم حكم الله والمراد حتى يبعدوهم عن دين الله ،ويبين الله أنه لو شاء ما فعلوه والمراد لو أراد ما عملوا إضلال المشركين ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يذرهم أى يترك طاعة ضلالهم وفسر هذا بأن يترك ما يفترون والمراد يدع طاعة الذى يشرعون من الأحكام الضالة .
"وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون "المعنى وقالوا هذه أنعام وزرع ممنوعة لا يأكلها إلا من نريد بقولهم وأنعام منع ركوبها وأنعام لا يرددون حكم الله عليها عند ذبحها كذبا على الله سيعاقبهم بالذى كانوا يؤلفون،يبين الله لنبيه(ص)أن سادة الكفار قالوا لهم:هذه أنعام وحرث أى زرع حجر أى ممنوع أكلها لا يطعمها إلا من نشاء والمراد لا يأكلها إلا من نريد،وهذا يعنى أنهم خصوا بعض الأنعام والزروع بأنها ممنوعة إلا على من يريدون هم أن يأكلوها ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام حرمت ظهورها والمراد منع ركوبها وهذا يعنى أنها متروكة دون عمل ،ويبين له أنهم شرعوا الحكم التالى أنعام لا يذكرون اسم الله عليها والمراد شرعوا أكل أنعام لا يرددون حكم الله عند ذبحها وكل هذا افتراء عليه والمراد كذب على الله أى نسبة التشريعات الضالة إلى الله ومن أجل هذا سيجزيهم بما كانوا يفترون والمراد سيعاقبهم بالذى كانوا يكذبون أى يصفون أى يقولون ناسبين الباطل له مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم وصفهم "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وقالوا ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم" المعنى وقالوا الذى فى أرحام هذه الأنعام مباح لرجالنا وممنوع أكله على نسائنا وإن يكن هالك فهم فيه متقاسمون سيعاقبهم بقولهم إنه قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن السادة قالوا:ما فى بطون أى أرحام هذه الأنعام خالصة لذكورنا أى محللة لرجالنا ومحرم على أزواجنا أى وممنوع على نسائنا وهذا يعنى أن الأجنة التى تولد من إناث بعض الأنعام يبيحون أكلها للرجال فقط ويحرمون أكلها على الزوجات ،ويبين له أن الأجنة إذا نزلت ميتة أى متوفية من بطون الأنعام فهم فيه شركاء أى متقاسمون لأكل الميتة وهذا يعنى أنهم يبيحون أكل الميتة ،ويبين له أنه سيجزيهم وصفهم أى سيعاقبهم على افترائهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"سيجزيهم ما كانوا يفترون"ويبين له أنه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل وأنه عليم أى خبير بكل شىء.
"قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين"المعنى قد هلك الذين أضلوا عيالهم جنونا دون وحى ومنعوا الذى أعطاهم الله كذبا على الله قد خسروا أى ما كانوا مرحومين،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قتلوا أولادهم والمراد أن الذين أضلوا عيالهم عن دين الله سفها بغير علم والمراد ظلما دون وحى من الله وهذا يعنى أنهم أضلوا أى أبعدوا عيالهم عن الحق دون وجود نص فى الوحى يبيح لهم هذا كما قال لهم السادة والقتل ليس هو الذبح لأنهم كانوا يقتلون الإناث وليس الأولاد كلهم ،ويبين له أنهم حرموا ما رزقهم الله والمراد منعوا ما أباح لهم الله من العطايا وهى الزرع والأنعام افتراء أى كذبا على الله وقد ضلوا أى خسروا أى عوقبوا وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى منتصرين أى مرحومين فى الأخرة مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين".
"وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وأتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"المعنى وهو الذى خلق حدائق منظمات وغير منظمات والنخل والزرع متنوعا طعمه والزيتون والرمان متماثلا وغير متماثل اطعموا من منافعه إذا نضج وأخرجوا زكاته يوم جمعه ولا تكفروا إنه لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنه هو الذى أنشأ أى خلق كل من الجنات المعروشات والمراد الحدائق المسكونات وهى التى ينظمها أى يزرعها الإنسان والجنات غير المعروشات وهى الحدائق غير المسكونات وهى الغابات ،والنخل والزرع والزيتون والرمان التى منها المتشابه أى المتماثل فى صنف المحصول وغير المتشابه وهو غير المتماثل فى صنف المحصول لوجود عدة أصناف فى النوع الواحد وكل هذه المخلوقات مختلف أكله والمراد متنوع طعمه ويطلب الله منا أن نأكل من ثمره إذا أثمر والمراد أن نطعم من ثمار أى منافع النباتات إذا نضجت وهذا يعنى حرمة الأكل من النبات قبل نضجه ويطلب منا أن نؤتى حقه يوم حصاده والمراد أن نعطى زكاة النبات يوم جمع المحصول وينهانا قائلا:ولا تسرفوا أى لا تعصوا حكم الله والسبب أنه لا يحب المسرفين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين"وهذا يعنى أنه لا يرحم من يعصى حكمه .
"ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"المعنى ومن الأنعام ركوبة وأثاثا اعملوا من الذى أوحى لكم الله ولا تطيعوا وساوس الكافر إنه لكم كاره عظيم ،يبين الله لنا أن الأنعام منها الحمولة وهى الركوبة والمراد الأنعام التى يتم ركوبها وهى الإبل مصداق لقوله بسورة غافر"الله الذى جعل لكم الأنعام لتركبوا منها"ومنها الفرش وهو الأثاث الذى يجلس أو يرقد أو ينام عليه الناس،ويطلب الله منا أن نأكل مما رزقنا الله والمراد أن نعمل من الذى أوحى الله لنا وفسر هذا بأن لا نتبع خطوات الشيطان والمراد ألا نطيع وساوس الشهوة وهى الأهواء مصداق لقوله بسورة النساء"فلا تتبعوا الهوى"والسبب أن الشيطان وهو الشهوة عدو مبين أى كاره عظيم للناس والخطاب للمؤمنين.
"ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين "المعنى الأنعام ثمانية أفراد من الخراف فردين ومن الماعز فردين قل هل الرجلين منع أم البنتين أما احتوت عليه بطون البنتين أخبرونى بوحى إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنا أن الأنعام ثمانية أزواج أى أفراد مصداق لقوله بسورة الزمر"وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج" من الضأن وهى الخراف اثنين أى ذكر وأنثى ومن الماعز اثنين أى ذكر وأنثى ،ويطلب من نبيه(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل الرجلين منع أم البنتين ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لم يحرم شىء من الأنعام ذكرا أو أنثى ،وأن يقول لهم :أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين والمراد أما احتوت عليه بطون المرأتين ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن لا سبب لتحريم نوع وإباحة نوع لأنهم كانوا جميعا فى البطون ،ويقول نبؤنى بعلم إن كنتم صادقين أى أخبرونى بوحى "إن كنتم مؤمنين"كما قال بسورة آل عمران وهذا يعنى أنه يريد منهم وحى يثبت قولهم إن كانوا مؤمنين بما قالوا والخطاب وما بعده للنبى(ص) وموجه منه للكفار وأول القول محذوف ومعناه ما هى الأنعام ؟
"ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين" المعنى ومن الجمال فردين ومن البقر فردين قل هل الرجلين منع أم المرأتين أما احتوت عليه بطون المرأتين هل كنتم حضور حين فرض الله عليكم هذا ؟فمن أكفر ممن نسب إلى الله باطلا ليعلم الخلق بدون وحى ،إن الله لا يرحم الناس الكافرين،يبين الله لنا أن باقى أفراد الأنعام هم من الإبل وهى الجمال اثنين أى فردين ذكر وأنثى ومن البقر اثنين أى فردين هما الذكر والأنثى ،ويطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الكفار:أالذكرين حرم أم الأنثيين والمراد هل منع الله الرجلين أم المرأتين؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله لم يحرم ذكر أو أنثى من الأنعام عليهم ،ويقول:أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أى أما احتوت على الذكر والأنثى بطون المرأتين؟والغرض من السؤال أن لا داعى لتحريم أيا منهما لأنهما خرجا من بطن واحدة ومن ثم حكمهما واحد،ويسأل أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا والمراد هل كنتم حاضرين حين وصاكم أى أمركم الله فى الوحى المنزل عليكم كلكم بهذه الأحكام؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكذبهم على الله حيث نسبوا له ما لم يقله،ويبين للنبى(ص)أن ليس هناك أظلم ممن افترى على الله كذبا والمراد أن ليس هناك أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا وهذا يعنى حرمة نسبة التشريعات إلى الله ما لم تكن فى وحيه والسبب فى افتراء الكافر الذى كذب على الله هو أن يضل الناس بغير علم والمراد أن يعلم الخلق بدون وحى الله حتى يتركوا دين الله ويبين له أنه لا يهدى القوم الظالمين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين "والمراد أنه لا يرحم الكافرين .
"قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم"المعنى قل يا محمد(ص)لا ألقى فى الذى أنزل لى ممنوعا على آكل يأكله سوى أن يكون متوفية أو دما جاريا أو شحم خنزير فإنه أذى أو ذبيحة قصد غير الله بها فمن أجبر غير قاصد أى متعمد فإن إلهك عفو نافع،يطلب الله من رسوله(ص)أن يقول للناس :لا أجد فيما أوحى إلى والمراد لا ألقى فى الوحى الذى أنزل على محرما على طاعم يطعمه والمراد أكلا ممنوعا على آكل يأكله إلا أن يكون ميتة أى حيوان متوفى أو دما مسفوحا أى سائلا أحمرا جاريا من الذبائح أو الأحياء من الحيوان أو لحم أى شحم خنزير فانه رجس أى أذى وهذا يعنى أن هذه الآية نزلت قبل آيات سورة المائدة فى الأطعمة المحرمة كما يعنى أن سبب تحريم الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير هو أذى أى المرض الذى يسببه للناس،وقال أو فسقا أهل لغير الله به والمراد أو ذبيحة قصد بها سوى الله وهذا يعنى تحريم ما ذكر عليه اسم سوى اسم الله ويبين لنا أن من اضطر غير باغ أى عاد والمراد من أجبر على الأكل من المحرمات المذكورة غير قاصد للأكل أى غير متعمد للأكل خوفا من الموت أو خوفا من أذى الكفار والمجرمين له أو لأهله لا إثم عليه والله غفور رحيم أى نافع مفيد له حيث يغفر له الأكل من المحرمات.
"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر من الإبل والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون"المعنى وعلى اليهود منعنا كل صاحب ظفر من الجمال والخراف منعنا عليهم لحومهما إلا ما رفعت ظهورهما أو الأمعاء أو ما تمازج بعظم ذلك عاقبناهم بظلمهم وإنا لعادلون،يبين الله لنبيه(ص)أنه حرم أى منع على الذين هادوا وهم اليهود التالى:
كل ذى ظفر والمراد كل صاحب مخلب وهذا يعنى تحريم أكل صيد الحيوان وأكل الطيور،وحرم أى منع عليهم من الإبل وهى الجمال والغنم وهى الخراف الشحوم وهى اللحوم عدا اللحوم فى الأماكن التالية:
-الظهور فقد أباح الله ما حملت الظهور والمراد الذى على العمود الفقرى للحيوان.
-الحوايا وهى الأمعاء.
-ما اختلط بعظم وهو ما امتزج بالعظام والمراد ما أحاط بالعظام الأخرى غير العمود الفقرى من اللحم والسبب فى تحريم هذه الأكلات على اليهود هو بغيهم أى ظلمهم وهو كفرهم مصداق لقوله بسورة النساء"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم "ولذا جزاهم أى عاقبهم بهذا التحريم والله هو الصادق أى العادل فى حكمه والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين"المعنى فإن كفروا بك فقل إلهكم صاحب فضل كبير ولا يمنع عذابه عن الناس الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن كذبوه أى كفروا برسالته فعليه أن يقول لهم:ربكم ذو رحمة واسعة أى إلهكم"ذو فضل عظيم"كما قال بسورة آل عمران والمعنى أن الله صاحب نفع كبير لمن يتوب من الناس ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين والمراد ولا يبعد عقابه عن الناس الكافرين وهذا يعنى أن من يستمر كفره لا يمنع الله عنه العذاب.
"سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون"المعنى سيزعم الذين كفروا لو أراد الله ما كفرنا ولا آباؤنا ولا منعنا من شىء هكذا كفر الذين من قبلهم حتى نزل بهم عقابنا قل هلا لديكم من وحى فتظهروه لنا إن تطيعون إلا الهوى أى إن أنتم تظنون،يبين الله لنبيه(ص) أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله سيقولون له:لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا والمراد لو أراد الله ما عبدنا معه أحدا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شىء والمراد ولا منعنا من دونه من عمل وفى هذا قال بسورة النحل"لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء"وهذا يعنى أن الله هو الذى أمرهم بالشرك وهو التحريم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها"ويبين له أن كذلك كذب الذين من قبلهم والمراد هكذا فعل الكفار الذين سبقوهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"وهكذا فعل الكفار السابقين حتى ذاقوا بأس الله والمراد حتى وقع عليهم عقاب الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس هل عندكم من علم فتخرجوه لنا والمراد هل لديكم من كتاب فتأتونا به مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ائتونى بكتاب من قبل هذا "وهذا يعنى أنه يطلب منهم وحى يجد فيه أن الله أمر بالشرك ،ويبين لهم أنهم يتبعون الظن والمراد يطيعون الهوى الضال مصداق لقوله بسورة القصص"إنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنهم يخرصون أى يظنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"إن هم إلا يظنون"والمراد أنهم يفترون على الله الكذب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين"المعنى قل فللرب البرهان الصادق فلو أراد لأرشدكم كلكم،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :لله الحجة البالغة أى لله الوحى الكامل وهو الدين العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" فلو شاء هداكم أجمعين والمراد فلو أراد أرشدكم كلكم وهذا يعنى أن الله لو أراد لآمن كل من فى الأرض مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا".
"قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون"المعنى قل هاتوا شاهديكم الذين يقرون أن الله منع هذا فإن أقروا فلا تقر معهم أى لا تطع شهوات الذين كفروا بأحكامنا أى الذين لا يصدقون بالقيامة أى هم بإلههم يكفرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا والمراد هاتوا أنصاركم الذين يعترفون أن الله منع هذا،وهذا يعنى أنه يطلب شهود على أن الله منع الإسلام والغرض من الطلب هو إخبار القوم أن لا أحد حضر هذا المنع المزعوم لأنه لم يحدث فى الأصل ،ويبين له أنهم إن شهدوا أى أحضروا الشهود فأقروا بأن الله منع الإسلام فعليه ألا يشهد معهم والمراد فعليه ألا يقر مع الشهود على أن الله منع الإسلام وفسر هذا النهى بألا يتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والمراد ألا يطيع أحكام الذين كفروا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ولا تطع الكافرين"وفسرهم بأنهم الذين لا يؤمنون بالآخرة والمراد الذين لا يصدقون بالقيامة وفسرهم بأنهم بربهم يعدلون والمراد أنهم بحكم إلههم يكذبون أى يشركون مصداق لقوله بسورة الروم"إذا فريق منهم بربهم يشركون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون "المعنى قل هلموا أقول لكم ما منع إلهكم عليكم ألا تعبدوا مع الله أحدا وبالأبوين برا ولا تذبحوا عيالكم من فقر نحن نهبكم وإياهم ولا تفعلوا الذنوب ما أعلن منها وما أخفى ولا تذبحوا الإنسان الذى منع الله إلا بالعدل ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :تعالوا أى هلموا والمراد اجتمعوا اتل ما حرم ربكم عليكم والمراد أبلغ لكم الذى منع عليكم إلهكم ألا تشركوا به شيئا أى لا تعبدوا مع الله أحدا مصداق لقوله بسورة النساء "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا"وفسر هذا بألا يقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن والمراد ألا يعملوا الذنوب الذى أعلن منها وهو ما ارتكب فى العلن وما خفى وهو ما ارتكب فى الخفاء بعيدا عن أعين الناس ومن عبادة الله بالوالدين إحسانا أى وبالأبوين برا وهذا يعنى التعامل معهم بالمعروف ومن عبادة الله ألا يقتلوا أولادهم من إملاق والمراد ألا يذبحوا عيالهم خوفا من الفقر والسبب أن الله يرزقهم وأولادهم والمراد يعطيهم العطايا من أكل وخلافه ومن عبادة الله ألا يقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق والمراد ألا يذبحوا الإنسان الذى منع الله قتله إلا بالعدل وهو ارتكابه جريمة قتل أو فساد فى الأرض،ويبين للناس أن كل ما سبق وصاهم الله به والمراد أمرهم الله به والسبب لعلهم يعقلون أى يفهمون فيطيعون أى يتقون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"والخطاب للنبى(ص).
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون"المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الكيل والوزن بالعدل لا تحمل نفس إلا طاقتها وإذا تحدثتم فاقسطوا ولو كان صاحب قرابة وبميثاق الله اعملوا ذلكم أمركم الله به لعلكم تطيعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم أن من عبادة الله ألا يقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يأخذوا من ملك فاقد أبيه إلا بالتى هى أعدل وهى المعروف مصداق لقوله بسورة النساء"ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف"وهو ما يكفى طعامه ومأواه وكسوته ودوائه ويظل هذا المنع حتى يبلغ أشده والمراد حتى يصل اليتيم إلى رشده العقلى فيؤتى ماله مصداق لقوله بسورة النساء"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"ويطلب منه أن يقول وأوفوا الكيل والميزان بالقسط والمراد وأتموا العمل أى الفعل بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا العمل كما أراد الله أن يعمل بالعدل حتى يتقبله منهم وفسر هذا بأن بعهد الله أوفوا أى بعدل الله وهو عقد الله اعملوا مصداق لقوله بسورة المائدة"أوفوا بالعقود"ويبين لهم أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها والمراد لا يفرض على إنسان سوى طاقته وهو ما أتاه أى ما أوحى له ويطلب منهم إذا قالوا أن يعدلوا ولو كان ذا قربى والمراد إذا تحدثوا عن إنسان أن يقسطوا فى الحديث حتى ولو كان هذا الإنسان قريب لهم وهذا معناه التكلم عن الناس بالعدل وهو قول الصدق سواء كان ذما أو مدحا ويبين لهم أن ذلكم وهو ما سبق من الأحكام وصاهم به أى أمرهم الله به والسبب لعلهم يذكرون أى يعقلون أى يطيعون الأحكام مصداق لقوله فى الآية السابقة"لعلكم تعقلون"والخطاب للنبى(ص).
"وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"المعنى وأن هذا دينى عادلا فأطيعوه ولا تطيعوا الأديان الأخرى فيبعد بكم عن رحمته ذلكم أمركم به لعلكم تطيعون ،يخاطب الله الناس فيقول:وأن هذا أى وأن الإسلام دينى عادلا فأطيعوه والمراد أن هذا كتابى المنزل فأطيعوا ما فيه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه" ولا تتبعوا السبل والمراد ولا تطيعوا أديان الشيطان وهى أديان الكفر مصداق لقوله بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فتفرق بكم عن سبيله والمراد فتبعدكم عن رحمته وهذا يعنى أن طاعة أديان الكفر يبعد المطيعين لها عن رحمة الله وهى جنته،ويبين لهم أن ذلكم وهو اتباع الإسلام وصاهم به أى أمرهم به والسبب لعلكم تتقون أى ترحمون باتباعكم له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس .
"ثم أتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون"المعنى ثم أوحينا لموسى (ص)التوراة كاملة على الذى أعدل أى تبيانا لكل قضية أى رشاد أى نفع لعلهم بجزاء إلههم يصدقون،يبين الله للناس أنه أتى أى أوحى أى أنزل لموسى (ص)الكتاب وهو التوراة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنا أنزلنا التوراة "وهو تمام على الذى أحسن والمراد كامل على الدين الأعدل وهذا يعنى أن التوراة بها دين الله العادل كامل لا ينقصه شىء وفسر هذا بأنها تفصيل لكل شىء والمراد بيان لكل موضوع وهذا يعنى أن بها حكم كل قضية تحدث بين الخلق وفسر هذا بأنها هدى أى رحمة أى نفع للخلق فى جميع الأحوال والسبب فى إنزالها أن يؤمن القوم بلقاء ربهم والمراد أن يوقن الناس بجزاء إلههم مصداق لقوله بسورة الرعد "لعلكم بلقاء ربكم توقنون"وهذا يعنى حتى يصدق الناس بالبعث والحساب فيعملوا من أجل دخول الجنة والخطاب للنبى(ص).
"وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون"المعنى وهذا وحى أوحيناه دائم فأطيعوه أى اتبعوا لعلكم تفلحون ،يبين الله للناس أن هذا وهو الوحى وهو القرآن وتفسيره كتاب أى حكم أنزلناه أى أوحيناه مبارك أى دائم فاتبعوه أى فأطيعوا أحسن ما فيه مصداق لقوله بسورة الزمر"واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم"وفسر اتبعوه باتقوا أى أطيعوا حكم الله والسبب لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"والمراد حتى تفوزون برحمة الله وهى جنته والخطاب وما بعده للناس.
"أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزى الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون"المعنى كى لا تقولوا إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا وإن كنا عن تعلمهم لساهين أو تقولوا لو أنا أوحى لنا الحكم لكنا أرشد منهم فقد أتاكم برهان من إلهكم أى نفع أى رشاد فمن أكفر ممن كفر بأحكام الله أى أعرض عنها سنذيق الذين يعرضون عن أحكامنا أعظم العقاب بالذى كانوا يكفرون ،يبين الله للناس أنه أنزل لهم الوحى وهو القرآن وتفسيره والمراد كى لا يحتجوا فى الآخرة قائلين:إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا والمراد إنما أوحى الحكم إلى جماعتين ممن سبقونا أى اليهود والنصارى وإنا كنا عن دراستهم غافلين والمراد وإنا كنا عن تعلمهم ساهين وهذا يعنى أنهم لم يعرفوا بهم أى لم يبلغوا بهم ،وحتى لا يقولوا فى الآخرة لو أنا أنزل علينا الكتاب والمراد لو أنا أوحى لنا الحكم الإلهى لكنا أهدى أى أرشد أى أعقل منهم بطاعتنا له ،ويبين لهم أنهم جاءهم بينة من ربهم أى أنهم أتاهم نور من إلههم مصداق لقوله بسورة المائدة"قد جاءكم نور وكتاب مبين"وفسر البينة بأنها هدى أى رحمة والمراد نفع لمن أطاعه وبين لهم أن ليس هناك أظلم ممن كذب بآيات الله والمراد ليس هناك أكفر من الذى أعرض عن أحكام الله وفسر هذا بأنه صدف أى أعرض أى كفر بها مصداق لقوله بسورة الكهف"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها "ويبين لهم أنه سيجزى الذين يصدفون عن آياته سوء العذاب والمراد أنه سيمس الذين كذبوا بأحكام الله أعظم العقاب والسبب ما كانوا يصدفون أى يفسقون أى يكفرون وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" .
"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى إحدى آيات ربك يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون"المعنى هل يتربصون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء بعض علامات إلهك يوم يجىء بعض علامات إلهك لا يفيد نفس تصديقها إن لم تكن صدقت من قبل أى عملت فى دينها نفعا قل تربصوا إنا متربصون ،يسأل الله :هل ينظرون أى هل ينتظر الكفار إلا أن تأتيهم الملائكة أى تحضر لهم الملائكة أو يأتى ربك والمراد يحضر بعض آيات إلهك؟والغرض من السؤال إخبار النبى(ص)أن الناس ينتظرون حضور التالى :الملائكة والرب أى بعض آيات الله وهى أوامر الله بالعلامات مصداق لقوله بسورة النحل"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك "حتى يؤمنوا،ويبين له أن يوم يأتى بعض آيات ربه والمراد يوم تحدث بعض علامات القيامة لا ينفع نفس إيمانها أى لا يفيد مخلوق تصديقها بالله إن لم تكن أمنت أى صدقت من قبل مصداق لقوله بسورة السجدة"قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم "وفسر هذا بأن تكون كسبت فى إيمانها خيرا أى عملت فى دينها نفعا والمراد أطاعت بتصديق الوحى أحكام الله أى صنعت بإسلامها حسنا ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس انتظروا إنا منتظرون أى "فتربصوا إنا معكم متربصون" وهذا يعنى أنه يطلب منهم الثبات على كفرهم مع ثبات المسلمين على إسلامهم حتى يعرفوا عند مجىء القيامة من الفريق الفائز فيهما والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون"المعنى إن الذين قسموا حكمهم وكانوا أحزابا لست منهم فى دين إنما مردهم إلى الله ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ليس من الذين فرقوا دينهم وهم الذين قسموا حكمهم الحق إلى أديان عدة بسبب تفسير كل جماعة للحق على هواها فكانت النتيجة أنهم أصبحوا شيعا أى أحزابا أى فرق كل فرقة على دين مخالف للأخريات،ويبين له أنه ليس منهم فى شىء والمراد ليس على دين من أديانهم وإنما على دين الله ثم يبين له أن الشيع أمرهم وهو مردهم أى مرجعهم إلى الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم إلى ربهم مرجعهم"ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون والمراد ثم يخبرهم بالذى كانوا يعملون فى حياتهم الدنيا من خلال تسليمهم الكتب المنشرة.
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون"المعنى من أتى بالنافع من العمل فله عشر أضعافها ومن أتى بالفاسدة فلا يعاقب إلا بعقابها وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن من جاء بالحسنة أى من اقترف عمل صالح فله عشر أمثالها أى فله عشر زيادات حسنات مصداق لقوله بسورة الشورى"ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا "وأما من جاء بالسيئة أى من عمل الذنب فلا يجزى إلا مثلها والمراد فلا يعاقب إلا عقابها وهذا يعنى أنه يدخل النار فهى عقاب السيئة مصداق لقوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"وفسر هذا بأنهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود وهذا يعنى أنه لا ينقص حق أحد فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"المعنى قل إننى علمنى إلهى حكما عادلا حكما سليما دين إبراهيم(ص)مسلما وما كان من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم والمراد إننى أرشدنى إلهى إلى دين عادل وفسره بأنه دينا قيما أى حكما سليما هو ملة إبراهيم حنيفا والمراد دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن دين محمد(ص) هو نفسه دين إبراهيم (ص)وما كان إبراهيم(ص)من المشركين أى الكافرين بدين الله.
"قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"المعنى قل إن طاعتى أى اتباعى وحياتى ووفاتى لله إله الكل لا مقاسم له وبهذا وصيت وأنا أسبق المطيعين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:إن صلاتى وهى طاعتى للدين أى نسكى أى اتباعى للدين ومحياى أى وحياتى ومماتى أى ووفاتى لله رب العالمين أى بأمر الله خالق الجميع وهذا يعنى أن طاعة الله والبعث والممات كلهم من سلطة الله لا شريك له أى لا مقاسم له فى الطاعة والبعث والممات وبذلك أمرت أى وبعبادة الله وهى طاعته أوصيت مصداق لقوله بسورة الزمر"إنى أمرت أن أعبد الله" وأنا أول المسلمين أى أسبق المطيعين لله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شىء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"المعنى قل أسوى الله أعبد إلها وهو إله كل مخلوق ولا تعمل كل نفس إلا لها ولا تتحمل نفس عقاب أخرى ثم إلى إلهكم معادكم فيخبركم بالذى كنتم فيه تتنازعون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس :أغير الله أبغى ربا والمراد أسوى الله أعبد إلها أى خالقا مصداق لقوله بسورة الأعراف"أغير الله أبغيكم إلها"وهو رب كل شىء أى وهو خالق كل مخلوق مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهو خالق كل شىء"ولا تكسب كل نفس إلا عليها والمراد ولا تعمل كل نفس إلا لها والمراد أن كل مخلوق جزاء عمله له ثوابا أو عقابا مصداق لقوله بسورة الإسراء "من اهتدى فإنما يهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها" ويبين أن لا تزر وازرة وزر أخرى والمراد لا تتحمل نفس عقاب أخرى وبعد هذا إلى ربكم مرجعكم أى إلى بعث إلهكم عودتكم فينبئكم بما كنتم تختلفون والمراد فيخبركم بالذى كنتم تتنازعون عن طريق إعطاءهم الكتب المنشرة.
"وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم إن ربك سريع العقاب"المعنى وهو الذى خلقكم حكام البلاد وزاد بعضكم على بعض عطايا ليختبركم فيما أعطاكم إن إلهك شديد العذاب،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :والله هو الذى جعلكم خلائف الأرض والمراد هو الذى خلقكم حكام البلاد ورفع بعضكم فوق بعض درجات والمراد وزاد بعضكم على بعض عطايا وهذا يعنى اختلاف الناس فى مقدار ما أعطاهم من الأملاك والمعجزات والسبب ليبلوكم فيما أتاكم والمراد لينظر ماذا تفعلون فى تلك العطايا هل تفعلون الحق أم الباطل ؟ويبين له أن سريع العقاب أى شديد العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"وإن الله شديد العذاب"والكلام فى أوله للناس وفى أخره للنبى(ص)مما يدل على كونهم جزئين من قولين محذوف من كل منهما جزء .
دعوة للتبرع
كتاب الصلاة: لا اجد واصلا في موقعك م يوصلن ي الى كتاب...
رزق الرضاعة الطبيعية: قرأت عن الرضا عة الطبي عية واهمي تها للأم...
علامات الساعة: إنني من المؤم نين أن ما يسمى بعلام ات ...
سؤالان : السؤ ال الأول : انا ابتعد ت عن السكر يات ...
الفهم قرآنيا : جاء فى القرآ ن يعقلو ن فلماذ ا لم يأت (...
more