الله العظيم

حسن جرادات Ýí 2009-06-27


الله العظيم
اردت في هذه المقالة القصيرة ان اسلط الضوء على امور ثلاثة لفتتني خلال قراءتي للقرآن الكريم، امور يمر بها كل من يقرأ القرآن لكنني احببت ان الفت نظر القارئ الى ما لفتني، هذه الأمور الثلاثة بينها قاسم مشترك يتمثل في حلم الله سبحانه على الناس وصبره وسعته في خطابه لهذا الكائن البشري، هذا الكائن كثير الجدل ناكر النعم، والذي قال الله سبحانه فيه: ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان اكثر شيء جدلاً، وقال كذلك: واذا انعمنا على الانسان اعرض ونأى بجانبه واذا مسه الشر كان يؤوسا، وقال ايضاً: كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى، وقال: ان الانسان لربه لكنود، فهذا الانسان كثير الجدل ناكر للنعم غافل عن ذكر الله رغم التهديد والوعيد ورغم الترغيب والخطاب اللين الودود من الله الكبير اليه؛

المزيد مثل هذا المقال :

الامر الاول من هذه الامور هو استخدام القسم في القرآن لاثبات الحقائق للإنسان، الله العلي الكبير يقسم بذاته العلية فيقول: ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون، كما يقسم بمخلوقات كالشمس والقمر والجبال والشجر...، فيقول: وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُور فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ"، يقسم بذاته وبهذه المخلوقات " ليقنع! " هذا الكائن، كثير الجدل، الصغير الهائم في بحر الكون اللامحدود.
ان الانسان ذا الخلق السوي ليخجل من نفسه اذا اقسم له انسان كبير مهيب ليصدقه في امر ما، فكيف لا يخجل هذا الانسان عندما يقسم له خالق السماوات والارض الكبير المتعال لكي يصدقه فيما يقول؟!!!!! من هو هذا المخلوق الذي لا يصدق رب العزة الا اذا اقسم له؟! بل ان الكثير من البشر لا يصدق قول الله سبحانه حتى بعد القسم!!!
الامر الثاني: ان الله العلي الكبير يكتب عل نفسه، وامام مَن؟! امام هذا الكائن، ناكر النعم كثير الجدل، فيقول سبحانه: كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءً بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فأنه غفور رحيم. في القانون الذي يحتكم الناس اليه في الحياة الدنيا يكتب على نفسه الذي عليه الحق، يتعهد امام الحضور!! ويلزم نفسه بتأدية الحق الذي عليه!!، الله سبحانه يكتب على نفسه فعل اشياء معينة، يكتب على نفسه امام هذا الكائن الضئيل، يكتب على نفسه وهو مالك الملك، قاهر الجبارين!!
الامر الثالث: ان الله العلي الكبير شكور، يشكر هذا الانسان الضئيل اذا امتثل لاوامره العلية!!، وهي اوامر ملزمة لهذا الانسان ليس له الخيار في تنفيذها بعد ان يعلن نفسه عبداً لله وحده، ومع هذا فإن الله سبحانه يشكره على امتثاله لهذه الاوامر رغم انها واجبة ـ وهنا تسقط المقولة الشعبية الشائعة بين الناس " لا شكر على واجب "! ـ فرب العزة سبحانه يشكر عباده على ادائهم واجباتهم! وهو سبحانه يقول: ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً ان الله غفور شكور، ويقول كذلك: ان هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكورا .
بعد هذا العرض السريع لهذه الامور اللافتة للانتباه هل نستطيع عقد مقارنة بين رب العالمين سبحانه وبين الآلهة الارضية بكافة اشكالها، أي من الآلهة الارضية على ضآلتها شكور لأفعال عبيده؟!، وأي من هؤلاء يقسم لعبيده ليصدقوه؟!، واي منهم يكتب على نفسه امام عبيده ان يفعل لهم كذا وكذا؟!!!!!! كلا، لا يوجد من الآلهة الارضية من يفعل ذلك، كما انه لا سبيل لنا نحن لعقد هذه المقارنة لأن البشر لا يقارنون بين ضدين ليس بينهما شبه البتة، ولكن الله الكبير المتعال " عقد " هذه المقارنة حيث قال: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه، وقال ايضاً: قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله اروني ماذا خلقوا من الارض...، وهذا امر عجيب آخر يضاف الى الامور الثلاثة التي ذكرناها، ان يعقد رب العزة مقارنة بين ذاته العلية وبين الآلهة العاجزة لكي يقتنع عبيدها بعجزها وفسادها كما اراد سبحانه اقناع هؤلاء العبيد عندما اقسم لهم!! ولا بد ان القرآن الكريم يشتمل على امور اخرى لم اذكرها، وهي امور نعجب منها للوهلة الأولى، لكن العجب يزول عندما نستحضر في انفسنا انها صادرة عن الله العظيم، الواسع الحليم الصبور.

اجمالي القراءات 5298

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (7)
1   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأحد ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40561]

أخي حسن

أشكرك على هذه اللفتة الكريمة.  وصدقت فيما ذهبت إليه بتدبرك ,كيف يقسم الله عز وجل  بذاته العليا ,كي يقول للإنسان هذا المخلوق الذي جعله الله خليفة على الارض واراد له أن يكون ضمن مشروعه الالهي في عمارتها.وكون هذا المخلوق منحت له الحرية ,والقدرة على التطور , ومع ذلك فهو مخلوق ناقص ,نهايته الموت ,لهذا يحاول هذا المخلوق في كثير من الأحيان كونه الحالة الفريدة بالامكانيات بين المخلوقات أن يتمرد على خالقه . ولكن من خلقه يعلم بضعفه ونقصه .لهذا يقسم له بذاته ,على أن رحمته وسعت كل شيء ,وأنك أيها الإنسان ,انت من خلقته أنا ....ستجادل وتكفر وتشرك ,لإن الشيطان سيغريك ,لكن رحمتي ترافقك باستمرار .وفرحي بعودتك  أليًّ كبيرة . يا اخي ألا يعطينا ذلك القوة والأمل باننا بين يدي خلق رحيم.أين هذا التصور من تصور الاديان الأرضية التي جعلت منه والعياذ بالله حاكماً ديكتاتورياً ,همه تصيد اخطاء البشر.


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأحد ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40569]

ورحمتي وسعت كل شئ

الاستاذ الفاضل / حسن جرادات ، السلام عليكم ورحمة الله ، وأحب أن أشاركك المذهب والرأي فيما أشرت إليه في هذه المقال من أن الله تعالى هو الرحيم وهو اللطيف الخبير فهو خبير بعباده ، ويعلم طبيعة هذا المخلوق البشري الذي خلقه من طين ، ولذلك تأتي الآية الكريمة  (  {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }الأعراف156 .  فرحمة الله تسع الإنسان ولكن بشروط هى   تقوى الله  وإيتاء الزكاة  والإيمان بالآيات مصدرا وحيدا للإسلام .. وبغير ذلك لن يجدي الإنسان ما يفعله من كبر وعلو في الأرض  و فساد في الأرض ،  ولن يكون له ملجأ من الله  جزاك الله خير الجزاء أستاذ حسن ، والسلام عليكم.


3   تعليق بواسطة   Mohamed Awadalla     في   الأحد ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40575]

Inside Egypt

http://www.youtube.com/watch?v=orrwW7ZiwQA


4   تعليق بواسطة   عابد اسير     في   الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40593]

ليس كمثله شىء

سبحانه وتعالى علوا كبيرا


هذه الصفه ليست قاصرة على أنه سبحانه ( ليس كمثله شىء فى العظمة والقدرة والالعزة والجبروت والملك ) فسبحانه وتعالى ليس كمثله شىء كذلك  فى (( الرحمة والحلم والرأفة والكرم والمغفرة لعباده ))


وشكرا أستاذ حسن على هذه اللمحات المضيئة السامية


5   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40602]

شكرا أخى العزيز الأستاذ حسن جرادات .. وأقول

لفتة بحثية وإيمانية رائعة ، جزاك الله تعالى عنها خيرا.


وأتمنى أن تواصل هذه اللفتات القرآنية تحت عنوان ( ما قدروا الله حق قدره ) فتلك هى مصيبة المسلمين .


6   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40615]

فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

أمر  آخر فيه اختلاف بين رب العزة الذي ليس كمثله شيء  والبشر .. ترك الحرية من قبل رب العزة للبشر في الإيمان به أو الكفر بينما نجد البشر في تعصب وتطرف يتعقبون مخالفيهم   ويشوهون سمعتهم  ويتهمونهم  بالردة ويطلبون منهم التراجع عن ما يروه سببا في الردة  ،بل ويحكمون عليهم في بعض الأحيان بالتصفية الجسدية. هؤلاء هم البشر وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا،  أما رب البشر  فيترك عباده أحرار في اختيارهم بل ويرزقهم  أيضا ولا علاقة لهذا بالإيمان به سبحانه  {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29


7   تعليق بواسطة   طارق سلايمة     في   الأحد ٠٥ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40752]

أخي حسن جرادات لقد أعطى الله سبحانه الحرية لكل الناس وحسابهم عند ربهم فقط

أخي الفاضل إنني أرى أن إستشهاد أختنا الفاضلة عائشة حسين ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) في محله ، كيف لا وقد جاءت به من قرآننا الحكيم  ، وإلا  هل سنكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ، وأنت تعلم ياسيدي أنه ( لا إكراه في الدين ) فالإيمان بالله واليوم الآخر والكتاب والنبيين هو فضل من الله على من هو أهل لذلك الفضل وليس تكليفاً للناس كما يظن البعض فالله غني عن العالمين ، وما أرسل الله رسله بكتابه العزيز إلا من أجل مصلحتهم وليستعمروا الأرض كما أمرهم الله ومن أجل أن لا يضل من إتبع هدى الله ولا يشقى ولن يكون ذلك بالتهديد والوعيد ، أليس كذلك ؟؟ وشكراً


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-10-09
مقالات منشورة : 0
اجمالي القراءات : 0
تعليقات له : 5
تعليقات عليه : 72
بلد الميلاد : palestine
بلد الاقامة : palestine

احدث مقالات حسن جرادات
more