فوزى فراج Ýí 2009-05-03
مفهوم الغيب والشفاعة والوحى كما فهمته من القرآن
طلب الاستاذ محمود عودة منى أن أبدى برأيي فى موضوع أثار جدلا كبيرا على الموقع فى مقالة ( هل كان رسول الله يعلم الغيب ) للأستاذ الصنعائى, وطبعا كان الأستاذ الصنعائى يقصد محمد رسول الله وليس أى رسول أخر, وقد وعدت الأستاذ محمود بكتابة مقالة عن هذا الموضوع والتى ربما سوف تتعرض أيضا لبعض المواضيع الأخرى فى سياقها من مثل الوحى أو الشفاعة كما سنرى, أو موضوع الشهادة فى الإسلام أو غيرها من المواضيع الأخرى التى أثارت من قيل وتثير الآن جدلا بين الكتاب بصفة خاصة والمسلمين بصفة عامة, ونبدأ بسم الله, ونتوكل عليه. وبالطبع هذا هو رأيى وأعتقد بصوابه ولكنى فى نفس الوقت لا أستبعد مطلقا ان يكون به بعضا من الخطأ, أو حتى كثيرا من الخطأ, والعلم فى ذلك عند الله, دعنى أكرر مرة أخرى ان العلم فى ذلك عند الله, الذى علم الإنسان ما يعلم.
أبدأ أولا بهذه المقدمة والتى أشرت اليها فى عدد من مقالاتى من قبل بشكل أو أخر, عندما يقرأ عشرة أشخاص آية واحدة من القرآن , نفس الآية, فإن الخلاصة التى يصل لها كل منهم تعتمد على التراكمات المعرفية لكل منهم وتعتمد على إيمان كل منهم وتعتمد على الأسلوب التحليلى الد اخلى لكل منهم, فمنهم من قد يعتمد إعتمادا تاما على القرآن فقط, ومنهم من قد يعتمد على القرآن والتراث من الحديث ومنهم من قد يعتمدعلى التاريخ وعلاقته بكل من القرآن والحديث أو التراث.................الخ, كما قد يختلف الوزن والقياس لكل منهم فى عملية التفسير فقد يضع بعضهم ثقلا أكبر على القرآن وبعضهم على التاريخ وبعضهم على المنطق.......الخ. غير أن النتيجة النهائية لمحصلة قراءة تلك الآيه, اى المعنى الذى يصل وينتهى اليه كل منهم فى داخله كمحصلة لقراءة تلك الآيه قد يختلف بينهم جميعا ولا يتطابق بين إثنين منهم , ولو كان هناك جهازا لقياس النتيجة النهائية لكل منهم , فليس من المتسحيل أن نجد عشر قراءات مختلفة لذلك الجهاز , ولو كان عدد القراء ألف قارئ, فسوف نجد ألف قراءة مختلفة على ذلك الجهاز, ولا يعنى ذلك بالطبع أن من بين الألف قراءة أن هناك قراءة واحدة فقط هى الصواب و 999 قراءة خطأ, ولكن قد يكون هناك ألف قراءة على صواب وإن إختلفت درجات ذلك الصواب, شيئ مثل الإمتحان الذى ينجح فيه جميع الطلبة, وإن إختلفت درجات النجاح, وبالطبع الذى يقرر فى النهاية درجات النجاح أو الرسوب فى قراءة وتحصيل وإستنتاج وفهم وتدبرتلك الآيه, ليس أى منهم ولكنه هو الواحد الأحد . الله عز وجل هو الذى سيحدد ذلك, وليس أى منهم ومن يقل غير ذلك فليثبته لنا وكلنا اذان صاغية!!!!!
كان السؤال فى المقالة أو موضوع المقالة هو عن ما إذا كان الرسول ( محمد ) يعلم الغيب. وقبل محاولة الإجابة على السؤال يجب ان نحدد تعريف ( علم الغيب ) لأن أكثر الخلافات - أو كثيرا منها- التى تحدث فى المناقشات تبدأ عادة من سوء تفاهم الأطراف, فيحضرنى هنا طرفة عندما كنا أطفال صغار وثار خلاف بين طفلين احدهما يدعى ان( أثنى عشر )اكبر من ( دسته ) والأخر بالطبع يقول له أنت جاهل لأن الدسته, دسته , يعنى كبيرة قوى واكبر من الإثنى عشر ( لعب عيال كده ) ولكن أحيانا أبسط الأمثلة هو ما يساعدعلى فهم المشكله, وكما قلت من قبل أننى رجل بسيط ولست من الخاصة او من خاصة الخاصة الذين يعلمون او يدعون العلم او من لديهم دائما إجابة على أى سؤال ...........
ما هو الغيب, أو ما هو "علم" الغيب, هل كلمة علم هنا تعنى معرفة ( knowledge ) الغيب, ام أنها تعنى ( science ) مثل الحساب أو الكيمياء, وتطوع الغيب ان يكون علما له قواعده وأسسه. مثلا فى سورة النجم آية رقم 35, "اعنده علم الغيب فهو يرى” , فجاءت كلمة الغيب مقرنة بكلمة علم, فهل هناك علم من العلوم يسمى علم الغيب...؟ وما هى قواعده ومن الذى يقوم بتدريسه أو تلقينه للأخرين, علما بأنها المرة الوحيدة فى القرآن التى وردت بذلك التعريف ( علم الغيب ) على تلك الصورة, وفى الحقيقة فقد جاءت بصفة تهكم من الله سبحانه وتعالى على من تولى وأعطى قليلا وأكدى......أعنده علم الغيب فهو يرى. وكلمة يرى فى الواقع تأتى بتهكم واضح على من يصفه الله عز وجل بأنه عنده علم الغيب فهو "يرى” سواء ما كان غائبا بسبب بعد المسافه أو يرى ما كان غائبا بسبب الزمن كما سنشرح لاحقا.
غير أن كلمة الغيب وردت فى مواضع كثيرة فى القرآن بما يخالف أنه علم من العلوم, مثل ( الذين يؤمنون بالغيب ومما رزقناهم ينفقون, ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك............, وعنده مفاتح الغيب لا يعلهما إلا هو, ذلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ) مما يرجح ان الغيب فى القرآن لم يكن يقصد به علم من العلوم التى لها قواعدها ومبادئها, ومن ثم فعندما نتساءل عن كلمة علم الغيب, فنعنى فى كلمة علم , المعرفه بالشيئ.
أما كلمة الغيب نفسها فكيف نتعرف على معناها من القرآن نفسه, نجد ان كلمة الغيب إقترنت بكلمة الشهادة عشر مرات فى القرآن الكريم, وكانت دائما تعود الى الله عز وجل, بأنه عالم الغيب والشهادة, وهما نقيضان كما هو واضح, الغيب هو ما غاب, أو ما هو مستور وغير منظور وهو ما ليس حاضرا , وأعتقد ان المعنى واضح لا يحتاج الى المزيد من الشرح. والشهادة هى عكس الغياب أى ما هو مشهود وحاضر, أى أن الله هو عالم بما هو غائب ( لأى سبب) وما هو حاضر ومشهود للجميع, وغياب الشيئ قد يكون لبعد المسافة بحيث لا تستطيع العين البشرية المجردة رؤيته, بصرف النظر عن المسافة نفسها, أو قد يكون لبعد الزمن, بمعنى ان يكون الحدث موضوع الحديث قد حدث منذ زمن بعيد بحيث لا يوجد من الأحياء من شاهده لكى يصفه ويكون شاهدا عليه , بمعنى أخر أن يكون قد حدث فى جيل أخر من قبل لم يعد منه احد على قيد الحياة, أو أنه يكون لم يحدث بعد, وقد يحدث بعد دقيقة واحدة, أو بعد قرن أو قرون من الزمن. هذا هو مفهومى للغيب والشهادة كما ذكرا فى القرآن الكريم. أى ما حضر وشهدة الجميع أوما غاب بسبب المسافة أو الزمن فلم يشهده أحد قط. ( هذه هو رأيى فى تعريف الغيب والشهادة, ولمن يختلف الحق فى الإختلاف بشرط ان يعطينى أنا الأخر الحق فى الإختلاف معه بدون إتهامات , لقد حان الوقت ان نتعلم كيف نختلف !!! ).
قد يأتى أحدهم فيقول ببساطه, إن كان الغيب هو ما لم يحدث بعد كما تقول سواء بعد دقيقة واحدة أو بعد قرون, فما رأيك فى مثلا ان تكون الساعة سوف تدق عشر دقات بعد دقيقة واحدة, ولكنها لم تدق بعد, فهل معرفتى لذلك هى من علم الغيب ؟, والإجابة ببساطه هى لا, لأن المقصود بذلك هو ما لا بعرفه أحد بعد ولا ((يتوقعه)) أحد كما فى المثال عن الساعة, ولنقل اننا لا نعرف ان زلازلا مدمرا سوف يحدث بعد دقيقة , أو ان البرق سوف يصعق احدهم فيقتله بعد دقيقة, أو ما شابه ذلك, فمن يعلم ذلك عن ((يقين )) بحيث لا تصبح المسألة مسألة تخمين أو إستنتاج من الشواهد الواضحه, فهو يعلم الغيب. كذلك يمكن أن نقول لو ان الساعة التى يتوقع الجميع ان تدق بعد دقيقة لسبب ما لم تدق, وعرف احدهم ذلك دون أن يكون له دخل فى إتلافها مثلا, أو معرفة ما هو تالف بها ويمنعها من أن تدق, فهو من ينطبق عليه علم الغيب. ثم يقول نفس ال ( أحدهم ) إن كان علم الغيب هو أيضا ما حدث فى أجيال سابقة لم يبقى منها احد على قيد الحياة, فما رأيك فى التكنولوجيا الحديثة من الصوت والصورة لأحداث أو أشياء سوف تبقى لمئات السنين وبعد اجيال كثيرة من بعد, فكيف يصح فى ذلك علم الغيب كما وصفته, وأقول, ان ذلك أيضا لا يعتبر من علم الغيب, فأن يأتى أحدهم بعد مئة سنه ليقرأ هذا المقال والتعليق عليه على سجلات الإنترنيت المحفوظة, ويدعى انه علم الغيب, فهذا أيضا هراء.
إذن نستخلص من ذلك ان علم الغيب هو العلم والمقدرة على معرفه أو شهادة الأحداث أو الأشياء التى لم تحدث بعد بدقة تامة, بصرف النظر عن بعد الزمن أو المسافة , بمعنى ان يكون لديه الإجابة الكاملة لأى سؤال كان عن أى شيئ لم يحدث بعد أو حدث فى الماضى البعيد ولم يكن هناك كتاب عنه أو سجل مسجل عن أحداثه. فهل كان الرسول محمد أو أى رسول اخر لديه ذلك العلم, هل كان أيهم يدعى انه يستطيع ان يقدم الإجابة على اى سؤال عن حدث لم يحدث بعد أو عن مصير اى إنسان أخر فى المستقبل, سواء بعد يوم أو بعد عشرة أعوام, أو ما هو أكثر من ذلك أو أقل اعتقد أن الإجابة عن ذلك السؤال هو بالنفى القطعى. والقرآن يؤكد ذلك بالطبع فى العديد من الآيات, ولننظر الى الآية رقم 50 من سورة الإنعام ( قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم أنى ملك....الآيه), والأية تبدأ بكلمة ( قل) وهو أمر من الله عز وجل للرسول لكى يلفت نظر القارئ والسامع سواء, قل, فيقول الرسول, أنه ليس عنده حزائن الله , وأنه لا يعلم الغيب. آية مباشرة لا تحتمل التأويل أو التخريج أو الفهم بطريقة أخرى غير ما نصت عليه. بل إن ذلك الجزء بنفس المعنى تكرر فى سورة هود رقم 31 بدون كلمة (قل) , على لسان نوح ( ولا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول انى ملك............الآية , فسبحان الله إذ نرى أن رسله يقولون ما أمرهم به من القول الذى يكاد ان يكون متطابقا طبقا للقرآن. بل إن الله سبحانه وتعالى لكى يضع حدا لمثل تلك المهزلة بإدعاء ان هناك من يعلم الغيب يقول عز من قال فى سورة النمل 65, ( قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون ), هل هناك الآن آية أوضح من ذلك أو أكثر مباشرة , فيأمرة عز وجل ان يقول, قل, لا بعلم من فى السماوات والأرض الغيب, كلهم بدون إسنثناء, جن, إنس , ملائكة , أى مخلوقات اخرى لم نعرف عنها, كلهم , جميعهم , لا يعلمون الغيب, إلا الله, إستثناء له وحده, الله وحده هو عالم الغيب والشهادة, فأى جزء من هذه الآية غامض بحيث يصعب تفسيرة أو يختلط الأمر على من يقرأه فى تفسيرة!!!!
إذا, عندما يختار الله عز وجل ان يوحى الى رسول من رسله ببعض من الغيب, كما يقول مثلا فى سورة آل عمران , 44, ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك................الآية) فمن الواضح انه لم يوحى له بالغيب كله, ولكن بجزء محدود يتعلق فى هذه الآية مثلا بقصة مريم وآل عمران مما ورد فى الآيات السابقة لتلك الآية. والرسول لا يستطيع أن يدعى انه يعلم الغيب كله أو حتى جزء منه, ولكنه يعلم من الغيب ذلك الجزء المحدد الذى أوحى له الله به بل لو سأله احد عن عمر مريم او عن شكلها او لونها لما استطاع ان يجيب . ولكى نقرب الصورة جدا ممن لم يقتنع بعد, لو أننا أخذنا طفلا فى الرابعه أو الخامسة من عمرة , ولقناه ان 5 فى 6 تساوى 30, وظل يردد خمسه فى سته تساوى ثلاثين, فهل من المعقول ان يتخيل اى بنى أدم ان هذا الطفل يعرف علم الحساب أو حتى جدول الضرب!!!!!!!!!!!!!!!!
الخلاصة , علم الغيب هو من الاشياء التى إختص الله بها نفسه, وأى إدعاء لأى إنسان بأنه أو بأن الرسول أو اى رسول اخر كان لديه علم الغيب فهو لا أساس له من الصحة أو المنطق مطلقا كما لا نجد له مرجعا فى القرآن نفسه. ولمن يختلف الحق فى الإختلاف مع ذلك, مع مراعاة انه طريق ذو إ تجاهين.
أما ما جاء فى مناقشات الشفاعه, وهل سيكون الرسول شفيعا لأحد, فأود ان أضع تصورى المتواضع لما حدث, لقد ذهب البعض فى عملية رفع وتقدير الرسول محمد الى درجة تتجاوز بمراحل خيالية حقيقته البشرية التى كان عليها, وكانت مراجعهم فى ذلك هو ما جاء فى التراث وفى ما يسمى بالحديث من البخارى وأمثاله, بحيث أنه فى بعض أو فى كثير من الحالات أصبح محمد بديلا عن الله – حاشا لله – وأصبح هو المنقذ وهو الشفيع وهو الذى يملك المصير فى يوم الدين.......................الخ, والقصص التى وردت فى كتب التراث لا يمكن حصرها حتى أصبح المسلمون يعتقدون مما يسمعونه فى خطب الجمعه ومن مشايخ المساجد انهم مهما بلغت ذنوبهم, فإنهم بقولهم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, سوف يشفع لهم الرسول وسيكون مثواهم الجنه. ثم جاء البعض الأخر الذى إتضح له ان ما يقال فى هذا الشأن لا يتفق مع الإسلام أو مع ما جاء فى القرآن بشكل خاص من تعاليم وتوجيهات من الله عز وجل, فأرادوا ان يصلحوا من تلك الخرافات وذلك التشويه لحقيقة الرسول, فمالوا من ناحية الى الناحية الأخرى , وقابلوا التطرف من اليسار بتطرف مماثل الى اليمين, فلم يعطوا للرسول حقه بل يبدو أنهم فى محاولتهم لإصلاح ما أفسده الأخرون تطرفوا الى درجة قد يبدو منها أنها معاداة للرسول وإجحافا به وبحقه. وإن لم يكن ذلك فى الحقيقة ما أرادوه فعلا على ما أعتقد, ولكن كما قلت كان هناك تطرفا مماثلا ومعاكسا للتطرف الأخر, وفى سورة النساء 129,( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم, فلا تميلوا كل الميل.............الآيه ) , بمعنى انه فيما يتعلق بالعدل, هو أن لا نميل الى أحد الأطراف أو بمعنى أخر عدم التطرف, وأن نبقى فى الوسط, وهذا ما لم يستطيع هؤلاء ان يفعلوا فى محاولات الإصلاح التى أشرت اليها فيما يتعلق برسول الله, والله أعلم.
ما هى الشفاعة, وما هو مفهوم الشفاعة فى القرآن, ذكرت كلمة الشفاعة بجميع مشتقاتها فى القرآن 31 مرة, والمفهوم العام للشفاعة هو أنه الى حد كبير ما يقوم به محامى فى محكمة بالدفاع عن متهم ومحاولة أقناع القاضى ببراءته او على أقل تقدير تخفيف العقوبة عنه ويستخدم فى ذلك كل ما لديه من معلومات ( أيجابية بالطبع) عن المتهم لكى يقنع القاضى بأن تلك الأعمال يجب ان تؤخذ فى الحسبان عند الحكم الأخير. هذا هو المفهوم العام للشفاعة عند الغالبية العظمى من المتحدثين بالعربية, نوع من الوساطة لأحد الافراد أمام السلطة العليا , والقرآن فى كثير من الآيات البينات لا ينفى ذلك العمل إن كان الوصف كما بيناه هو فعلا ما يقصد, ولكن لم يحدد القرآن بصفة مباشرة من هم الذين سوف يسمح الله لهم بالشفاعة, وإن كنا قد شبهنا الشفاعة بما يقوم به المحامى فى المحكمة, ففى هذه الحالة لابد من الأخذ فى الإعتبار بأن المحامى له مؤهلات خاصة, ولا يسمح لكل من هب ودب بتمثيل اى متهم فى المحكمة, ولكن يسمح فقط لمن لديه المؤهلات التى تشترطها المحكمة, ولأن كل منا سوف يقف بين يدى الله عز وجل للحساب وليس هناك أى إسنثناء لأحد بما فيهم الأنبياء والرسل, فليس من المحتمل او ليس من المعقول وليس من المنطقى أيضا ان يتصدى اى متهم فى أى محكمة للدفاع عن متهم أخر مثله, وبالتالى, فأميل الى ان يكون من سيسمح لهم الله بالشفاعة هم من الملائكة وليسوا من البشر, وبذلك يمكن القول بأنه لا النبى ولا أى من الرسل سوف يكون ممن يسمح له بالشفاعة. وأعتقد ان المقالة عن الشفاعة التى كتبها الدكتور أحمد صبحى هى من المقالات الممتازة عن ذلك الموضوع والتى – إن لم تخنى الذاكرة - أتفق معها بصفة عامة وبدون تحفظ . زد على ذلك, لو أن الرسول أو أحد من الرسل سيسمح له بالشفاعه, فلمن سوف يقوم بالشفاعه, من المنطقى ان يقوم بها لمن عرفهم, ومن عايشهم, ومن كانوا حوله فيستطيع ان يقدم ما لديه من ( أدله ) على إستحقاقهم للشفاعه, ولكن كيف يشفع لمن لم يكن ممن عرفهم وعايشهم فى عصره, او من جاءوا من بعده وأعدادهم لا يمكن حتى مجرد أن يتخيلها أى إنسان , فهل سوف يشفع لهم ( سماعى) وكيف يمكن ان يقدم أى دليل لديه فى شفاعته إن لم يكن قد عايشهم, وإن لم يكن سوف يشفع للأكثرية العظمى من الناس, فهل تكون تلك من العدالة فى شيئ, والله كما نعرف هو العادل وهو الذى لن يظلم أحدا من عباده. أضف الى ذلك هل سوف تكون الشفاعة فى يوم القيامة بصرف النظر عن من الذى سوف يقوم بها, هل سوف تغير مصير احد, بمعنى اصح, هل سوف تحيل مذنب الى بريئ, من إنسان كان ينبغى له ان يذهب الى الجحيم فيذهب الى الجنه, هل سوف يقدم الشفيع شيئا لم يعرفه الله بعد او لم يعرفه من قبل,هذا هو السؤال, ولكن عندما يسمح جل جلاله لشفيع بأن يشفع لأى إنسان فمن المنطقى ان الله سبحانه وتعالى قد علم ذلك مسبقا وقد سمح للشفيع ان يشفع, وهذا هو الخبر السيئ فى الحقيقة لكل هؤلاء الذين يعتقدون ان النبى او غيره سوف يشفعون لهم فتتغير أعمالهم السيئة الى أعمال صالحة.
كذلك جاء من بين المناقشات شيئ عن الوحى, وقيل ان هناك أكثر من وحى , وحى عام ووحى خاص, أو وحى للرسول ووحى للنبى, وقيل ان هناك ربما اكثر من وحيان.
هل هناك وحى او وحيان او ثلاثة - بالمناسبة ما هى كلمة الجمع لوحى , أوحية , وحوات..!! , هل نعرف نحن مواصفات الوحى, هل كان كما يعتقد البعض فى روايات التراث يظهر له كرجل, مثل ما قيل فى الروايات عن جبريل وأول لقاء مع النبى فى غار حراء, هل نعلم ماهية او كيفية عملية الوحى بالقرآن للنبى؟؟
فى سورة البقرة 97, ( قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه.....الآيه)
وفى سورة الشعراء 193, 194 ( نزل به الروح الأمين, على قلبك لتكون من المنذرين ) , وكما هو واضح من الآيتين ان القرآن نزل من الله عز وجل بواسطة جبريل على قلب الرسول, أى ان القرآن لم ينزل فى صورة كتاب مكتوب القاه جبريل الى النبى , غير اننا نتساءل عن كيفية نزوله على قلبه. وليس هناك شرح لذلك فى أى مكان من القرآن , فلذا على كل منا أن يستخدم عقله وأن يتخيل هذه العملية , غير ان الوحى من الله عز وجل لم ينزل فقط على الرسل او الأنبياء ولكن كما نرى فى القرآن ان الله أوحى الى النحل كما فى سورة النحل/ 68, وفى سورة فصلت/12 أنه أوحى الى السموات وفى سورة الزلزلة /5 انه أوحى الى الأرض, والمائدة /111 نجده قد أوحى الى الحواريين. وفى الأنفال/12 أوحى الى الملائكة, وفى القصص/7 اوحى الى أم موسى..............إذا فإن الوحى من الله يؤتيه من يشاء, وإذا حاولت ان تجد معنى كلمة الوحى كما تفسرها معاجم العرب, فعليك ان تتأكد من انك لديك من الوقت ما يكفى, وأن تجهز فنجان قهوة كبير الحجم, ثم تحاول ان تقرأ وتفهم تفسيرهم للكلمة, وها هو الرابط لكى اوفر عليك بعض الوقت.
وحى=http://www.baheth.info/all.jsp?term
بعد ان تضيع كل ما ضاع من الوقت فى محاولة فهم كلمة وحى, سوف تفهم بلا منازع كيف تحدث وحدثت وسوف تحدث الخلافات بين العرب والمسلمين فى فهم القرآن وتفسير القرآن, ولكن من المؤكد انك سوف تخرج بأن معنى الوحى هو ما عرفته فى قلبك دون محاولة قراءة التفسير, هو امر من الله الى من يوحى اليه بعمل شيئ ما.
إذا كان ذلك ما سوف نخرج منه فى تحديد معنى الوحى, فسنجد ان تقسيم الوحى الى وحيان او أكثر, لا معنى له, فأن الوحى الذى جاء محمد من الله عز وجل كان وحيا واحدا, عندما أوحى له القرآن ففهم ان ذلك هو القرآن بتسميته وصفته وتكوينه, وعندما أوحى اليه بكيفية الصلاة, فهمها ثم قام بتوصيلها الى الناس كما أمرة الله, وعندما اوحى له بأشياء أخرى نعرفها او لم نعرفها, فقد فهم انها ما يجب ان يوصله او مالا يجب ان يوصله الى الناس, فقد إتبع ذلك الرسول ما امره الله عز وجل به, ولم يحيد عنه, ومن ثم فإن مناقشة الوحى وإن كان هناك وحيان او أكثر, او مناقشة العلاقة بينه وبين الرسول هى دخول فى غيبيات لا نعلمها ولا ينبغى لنا ان نعلمها, بقى بعد ذلك ما فعله الرسول كإنسان مثله مثل أى بشر أخر, فلم يكن ذلك وحيا من الله, وهذا هو ما يجب ان نفهمه دون ان ندخل فى تفاصيل لم يأتى بها القرآن لأن كل ما جاءنا من ناحية التاريخ والتأريخ عن حياة الرسول , يحتمل الصدق كما يحتمل المبالغه والكذب, وليس أدل على ذلك شيئا اكثر مما جاء فى كتب ما يسمى بالصحاح , او ما جاء فى تخاريف الطبرى الذى ولد متأخرا بعد البخارى بثلاثين عاما, ورغم ذلك فهناك من لا يصدق كلمة واحدة من البخارى بينما يعطى للطبرى قيمة من الإحترام والتعظيم ,مع إحترامى لأخى أحمد صبحى. والله سبحانه وتعالى أعلم.
أما مسألة الشهادة فى الإسلام وهل هى شهادة واحدة أم هما شهادتين التى أثارت جدلا كبيرا على الموقع, فسوف تكون موضوع مقالتى التالية إن شاء الله.
يا سلام استاذ فوزي, هذا هو المذهب القراني. مذهب الحرية و التعددية و احترام الاختلاف. هذا ما يميز هذا المذهب على غيره من المذاهب. والله يحكم بيننا يوم القيامة. مقال جيد و اسلوب قراني حقا. هذا المذهب سيخرج الناس من عقلية التكفير و الجمود و عدم قبول الاخر.
انت قلت
. وبالطبع هذا هو رأيى وأعتقد بصوابه ولكنى فى نفس الوقت لا أستبعد مطلقا ان يكون به بعضا من الخطأ, أو حتى كثيرا من الخطأ, والعلم فى ذلك عند الله, دعنى أكرر مرة أخرى ان العلم فى ذلك عند الله, الذى علم الإنسان ما يعلم.
و ايضا قلت
هذه هو رأيى فى تعريف الغيب والشهادة, ولمن يختلف الحق فى الإختلاف بشرط ان يعطينى أنا الأخر الحق فى الإختلاف معه بدون إتهامات , لقد حان الوقت ان نتعلم كيف نختلف !!!
هذا هو المذهب القراني
كما قلت سابقاً فأنني دائما أجد فيكم صوت الحكمة والعقل , وان كثيراً مما تقولونه يمثّل رأيي , لكم مني جزيل الشكر والامتنان لاستجابتكم لطلبي .
أعود لاحقاً لمتابعة الحوار معكم .
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته
شكرا على مرورك وتعليقك الكريم, أتفق معك تماما فى ما قلت, وقد ذكرت فى المقالة ان الغيب هو ما غاب عنا سواء من الماضى او من المستقبل, وهذا بما يتعلق بالزمن, وهو أيضا ما يتعلق بالمكان, كما فى حالة عيسى والذى كان ينبؤهم بما يأكلون وبما يدخرون فى بيىوتهم. إن الله سبحانه وتعالى يعطى لكل رسول بعضا من الغيب الذى يراه سبحانه وتعالى ملائما للرسالة التى يقوم بإبلاغها للناس, وهذا الجزء بالطبع كما قلت سيادتك عندما يبوح به الرسول لا يصبح غيبا, وكما قلت فى المقالة ان الرسول لا يعرف سوى الجزء البسيط الذى اوحى به الله له, والمثال الذى ذكرته انه لو سأله احدهم عن عمر مريم عندما حملت عيسى, فلن يعرف ولو سأله احدهم عن لون بشرتها ما عرفه, او عن طولها او لون عيناها...الخ ما عرف, وذلك لكى نثبت ان الرسول لم يعلم سوى ما اوحى الله له به. أما الوحى فلم يكن سوى وحيا واحدا, فلم يكن هناك وحيا احمر وأخر أخضر, او كان هناك وحيا ليلا وأخر نهاريا, الوحى كما فهمت هو الأمر الإلهى للرسول او لأى إنسان اخر يوحى له, ولا نعرف نحن كيفية حدوثه بالتحديد, ولكن نعرف ان الأمر الإلهى يصل الى من يوحى اليهم, وأقرب ما قاله القرآن هو ( على قلبك.....) مما ينفى بالقطع ظهور جبريل له كإنسان فى غار حراء, او اى من القصص التراثية المعروفة. ما هى العملية التقسيمية فيما يقرره الله عز وجل من ما هو قرآن وما هو شعائر او كيفيتها وطرق أدائها , فهذه أمور غيبية لا ينبغى لنا ان نزج بأنفسنا فيها, بالطبع إذا كان الله سبحانه وتعالى قد أعطى لنا حرية كاملة غير منقوصة فى ان نؤمن به او نكفر به, فلكل إنسان نفس الحرية فى ان يفهم وأن يمارس علاقته مع الله عز وجل بما يراه وبما يفهمه وبما يقتنع انه ما أراده الله, هذا بالطبع إن كان يؤمن بالله قبل كل شيئ. محبتى
شكرا على مرورك وتعليقك الكريم, الحقيقة ياأخى هذا هو ما أنشئ الموقع من أجله, ان يكون هناك حرية مطلقة للجميع فى إبداء الرأى مع عدم التعرض لشخصية الأخر بأى شكل, وعلى الإتفاق على أن نختلف, وعلى إحترام الأخر مهما كانت درجة الإختلاف, فمثلا, هناك من لا يتفق مع د, أحمد صبحى, وهذا الذى يختلف معه لا يقبل ان يحجر أحد على رأيه , ويعتقد ان من حقه ان يقول ما يود ان يقول بحربة كامله, ولكن عندما تتعدى المعارضة لرأى أحمد صبحى الى الهجوم على شخصة فهذا ما لا أقبله, وما لا يقبله أى شخص أخر, أحمد صبحى وبصرف ا لنظر عن انه يملك الموقع, له نفس الحق فى عرض وجهة نظره مهما كانت مثلى ومثل اى كاتب او معلق اخر, لا ازيد ولا أقل, ومن حق اى معلق او كاتب ان يختلف معه وان يعرض وجهة نظره هو الأخر, احمد صبحى لم يقل مطلقا انه شيخ طريقة وان الجميع من حوله من مريديه الذين هم مدينون له بالسمع والطاعة و هو اول من يقول ذلك, هو اول من يقول انه يعلم ويتعلم من الجميع, هو اول من يقول انه بشر ويخطئ ويصيب ( وأن كان للأسف هناك من لا يصدق ذلك ), ولكن يبدو ان هناك من الذين يختلفون معه من يتجاوزون حدودهم فى معارضته ويهاجمونه شخصيا وهذا فى حد ذاته ضعفا فى الحجه كما أنه تجاوزا لحقوفهم المشروعه, لا يختلف ذلك عن الذين يدافعون عنه ويتجاوزون حدودهم هم أيضا, فمن حقهم الدفاع عنه بكل حرية وفى اى وقت, ولكن ليس من حقهم تجاوز حدودهم مع الأخرين. شكرا سيدى الفاضل على مرورك.
شكرا وأرجو أن أكون عند حسن ظنك, وأنتظر عودتك لمتابعة الحوار.
لم أكن أستطيع أن أتفق مع ما قلته اكثر من ذلك مهما حاولت, هذا هو ما قلته فى العديد من مقالاتى , وتعليقاتى, ان القبول والرفض لم عملناه فى الحياة الدنيا هو امر إلهى محض, ولا دخل لى او لك او لأحمد صبحى فى ذلك مهما قلنا ومهما كتبنا, إننا جميعا نحاول ان نعمل بما قاله الله فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, ولكن هناك فى مصر قول ظريف يعبر عما نريد قوله وهو ( مغسل وضامن جنه ) , وتعنى ان الشخص الذى يغسل جسد الميت لا يمكن ان يضمن له الجنه.
إن ما جاء فى القرآن هو خريطة طريق الى الجنه او الى جهنم, وكل منا يتبع ما يراه من أنه الطريق الذى سوف يؤدى به هناك, وكما يقال , كل الطرق تؤدى الى روما, اى ان هناك فى الحقيقة اكثر من طريق يؤدى الى روما, وفى القرآن هناك اكثر من طريق وأكثر من معنى وكل منا يقرأه ويفهمه ويقرر ما هو انسب وأسهل واقصر طريق الى الجنه, ولكن ليس لكل من السلطة فى فرض طريقة على الأخر او فى تقرير ان الطريق الأخر سيؤدى الى الجحيم بدلا من الجنه, هذا هو مربط الفرس. تحياتى
أسف جداً فقد تم حذف التعلق بالخطأ .لهذا أرجو أن يعذرني الأخوة كون رد أخي فوزي هو على هذا التعليق.
الأخ فوزي .
اشكرك جداً على مقالتك ,وما تفضلت به من شرح لوجهة نظرك ببعض القضايا الخلافية ,ورغم قناعتي أن الحوار الهادف ,وتنوع الاراء يصب في مصلحة أهل القرآن واصدقاء أهل القرآن.كثيراً مايتم التركيز أن حسابنا عند الله عز وجل عندما نتفق مع رأي أكثر من الرأي الأخر.هذه العبارة وغيرها مما يماثلها ,لا أعتقد أنها صحيحية مئة بالمائة .لأن الله عز وجل لو أراد أن نتفق بالراي لكنا كلنا على راي واحد.الاختلافات في الامور الغيبة وحتى بعض الامور العقدية صحيحة جداً.وكوني اتفقت معك في موضوع الشهادة ,أو مع الدكتور...فهذا ما سمح لي ربي أن أفعله...أعمل العقل وأختار ما أراه أنا برأي صواباً....سيحاسبني ربي والله أعلم على الظلم والفساد واهم من ذلك الشرك العملي ,لكن أن أعتنق هذا الرأي أو غيره من القضايا التي فيها اختلاف وجهات نظر .... لا أعتقد ذلك .النص القرآني نزل الى الأرض كنص سماوي ....وترك التفسير والاجتهاد للناس ....هل هذا الامر مصيدة للعقاب والثواب.البعض صار يخشى ,ويخاف من الكفر والشرك العظيم ,لهذا نأى بجانبه بعيداً وهو يراقب , لاعتقاده أن الأمر صار فيه تكفير .أخي فوزي .أقولها بصوت عالي ولا أخشى سوى الله عز وجل .التوحيد الخالص لله والعمل الصالح .وتأدية العبادات كما امرنا بها الله والصلاة بشكلها الذي وصلنا أو بشكل أخر المهم النية في القلب والخشوع لله ومحبة الناس والتقوى كل هذه الامور مجتمعة هي الفيزا للدخول في رحمة الله عز وجل.لسنا في ثكنة عسكرية أو في حكم استبدادي والعياذ بالله.وهناك قضايا هامة علينا أن نطرقها ,واهمها قضايا الفقر والجهل والاستبداد .سنبقى ندور في حلقة هل الصلاة خمس فروض أم أكثر أو اقل الى يوم الدين. وكما انتقد غيري أنتقد نفسي على تقصيري في الكتابة في القضايا الاجتماعية وغيرها مثل.الجهل والفقر والاستبداد . شكراً لك مرة أخرى.
تحية مباركة طيبة وبعد
شكرا لك أخي على هذه المقالة الأكثر من رائعة ، ولكن لي ملاحظة فقد قلت كمقدمة : غير أن النتيجة النهائية لمحصلة قراءة تلك الآيه, اى المعنى الذى يصل وينتهى اليه كل منهم فى داخله كمحصلة لقراءة تلك الآيه قد يختلف بينهم جميعا ولا يتطابق بين إثنين منهم .
وهذا ما لم أره في تلك المقالة حيث وجدت السواد الأعظم من السادة المعلقين يتفقون معك تماما ، فما دام البناء منطقيا وعلميا فلن يختلف عليه أحد ، لذلك طالبت كثيرا بإتباع المنهج العلمي حين التعامل مع القرآن الكريم حتى نقضي على الاختلاف ونبقي على التنوع للرؤى ونجاهد لتكاملها .
كما أود التذكير بالعبد الصالح رغم أنه لن يغير في النتيجة الواردة بالمقال .
ولقد سعدت كثيرا حين رأيت سيادتك تشير إلى كل الآيات التي ورد فيها موضوع البحث ، وهذا هو المنهج الأمثل الواجب إتباعه منا جميعا .
وقد ورد في تعقيب الأستاذ الفاضل / محمد بجمو أننا ننضوي تحت لواء مذهب ، وأود التأكيد على أننا لسنا مذهب أو طائفة ، ولكننا تيار إصلاحي بالقرآن الكريم .
تمنياتي لك أخي أن تنير الطريق للمخلصين منا .
بارك الله لنا فيك أخي .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أولا شكرا على كلماتك الطيبة ومرورك الكريم, بالطبع الخلاف بينى وبينك لا يفسد للود قضية, بالمناسبة لماذا لا يقولوا لا يفسد الخلاف قضية الود.
الأيات التى جئت بها لا تثبت بشكل قاطع او حتى غير قاطع ان المقصودين بتقديم الشفاعة هم من البشر, والمنطق يقول كما قلت فى المقالة لابد ان يكون للمحامى صفات وكفاءات تؤهله للدفاع عن المتهم, وليس من بين البشر كثير من هؤلاء, بل إنهم أنفسهم سوف يقفون بين يدى الله مثل البقية الباقية من البشر, فمن يا ترى سوف يكون شفيعا لهم, وقد قلت أيضا كيف يشفع النبى , اى نبى , اذا صح ذلك عن بعض الناس الذين عرفهم فقط, كيف سوف يتخلى عن السوادين الأعظمين ( أقول ذلك من باب المبالغة ) من الناس الذين لم يعرفهم سواء فى زمنه او الأزمان اللاحقة, هل تتخيل الرسول محمد مثلا واقفا فى حضرة الله عز وجل وهو يطلب الشفاعة لعمرو إسماعيل او فوزى فراج, ما الذى يعرفه عنا, ما الذى رآه من أعمالنا. تحياتى صديقى العزيز.
تحياتى وشكرى على تعليقك الجميل, ونحمد الله ان المقالة لقت منكم إستحسانا.
لعلك لا حظت اننى قلت فى المقالة ان المحصلة لجميع القراء سوف تختلف , وشبهت ذلك بالإمتحان الذى ينجح فيه جميع التلاميذ, ولكن بدرجات نجاح مختلفة, ولم اقل حتى ان بعضهم سوف ينجح واخرين لن يحققوا ذلك, المعنى المقصود هنا هو حتى فى حالة الإتفاق بين الأطراف, محصلة الإتفاق الداخلية, ولنقل (( الهضم)) الأخير لما تناولوه, مختلفة بإختلاف الفرد ويعتمد ذلك كما قلت على عوامل كثيرة لا داعى لإعادتها وقد ذكرت فى المقاله. نرجو ان يوفقنا الله جميعا الى مافيه الخير.
السلام عليكم
- اكرر شكري لكم اخي العزيز فوزي فراج , كنتم ولا زلتم عند حسن ظني , وأدخل في الموضوع بشكل مباشر (وبصرف النظر عما ورد من تعليقات وردود بعد تعليقي الأول كوني كتبت هذا التعليق الطويل نوعاً ما قبل قراءتي لبقية التعليقات , فعذراً على هذا) :
أتفق مع مقدمة مقالتكم وما جاء بعدها حول موضع الغيب وعلم الغيب , ولمجرد التوضيح أضيف : إن الله عز وجل لحكمة أرادها أطلع أنبيائه ورسله على جزء من الغيب وأي محاولة للنفي أو التفريق بين هذا وذاك من رسل الله متجاهلين ما ورد من آيات هي قفز فوق الحقائق القرآنية ( أو مخالفة لصريح الآية : ".... لا نفرق بين احد من رسله " بحسب رأي الدكتور منصور ), أما ما تميّز به رسول عن رسول أخر من حيث علمه لبعض الغيب فهذا موضوع مختلف , ودليلنا على إطلاعه عليه السلام على جزء من الغيب هو آيات سورة النجم " لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18} وما فبلها من آيات ( ودون الدخول في جدلية الإسراء والمعراج ) فعليه الصلاة السلام رأى من الآيات الغيبية ما اختصه الله به دون غيره ودليل هذا فليأتنا من يخالفنا بهذه الآيات الكبرى التي رآها رسول الله . هل هذا الدليل يكفي لمخالفينا أم بحاجة لدليل آخر ؟ فهناك المزيد من الأدلة في القرآن ..
تابع <<<<
- وبالرغم من أني كنت ميالاً إلى نفيها حين يخوض فيها الخائضون المستسلمون المتكلون عليها وعلى شفعاء ما أنزل الله بهم من سلطان , إلا أنه لا يمكنني أن أتجاهل الآيات التي أفهم منها ثبوت الشفاعة بشكل عام , وهي بحسب مبلغي من العلم رحمة وكرم من الله عز وجل تشمل الشافع والمشفوع له , والشفاعة متصلة بأذن الله وبرضاه وبشهادة الحق وباتخاذ العهد عنده , فإذا كانت الملائكة تستغفر لمن في الأرض (الشورى 5) في هذه الحياة الدنيا وإذا كان الرسول كما وصفه الله سبحانه وتعالى الحريص الرؤوف الرحيم بالمؤمنين الحاضرين الشاهدين على رسالته , فكيف سيلقانا في الآخرة وقد أمنا بما انزل إليه وأحببناه واتبعناه ولم نراه , و بعد أن خاض بنا الخائضون وطمس علينا الطامسون وزيف المزيفون, وبالرغم من هذا اتبعنا ما انزل عليه واقتفينا أثره وتخلقنا بخلقه المحمود , هل سيتبرأ منا ؟؟, أم أن رحمة الله وكرمه ستشمله لتشملنا رحمة الله ومغفرته بشفاعة من جعل الله محبته مقرونة بمحبته عليه السلام (آل عمران31 + التوبة 24) ؟؟؟ العلم طبعاًعند الله , فرحمته وسعت كل شيئ , فهو المعطي وهو المانع وهو العدل وهو الرحيم ولا شيء مستقل عن رحمته وإرادته... كلنا أمل أن يتغمدنا الله برحمة منه .
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ .
- ورد في مقالتكم الأتي :
" ولأن كل منا سوف يقف بين يدى الله عز وجل للحساب وليس هناك أى إسنثناء لأحد بما فيهم الأنبياء والرسل "
هل تقصدون أن الرسل والأنبياء سيحاسبون كما يحاسب عامة البشر ؟ هل دليلكم الآية " فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ" إذا كان كذلك فاعتقد أن المساواة في الحساب هي تشكيك في عدم تبليغ الدعوة او قصور ما , أما أن الأخطاء التي وقع فيها بعض الأنبياء فقد غفرها الله لهم بدليل الايات بهذا الخصوص, فهل سيحاسبهم الله بعد مغفرة , بالتأكيد لا , فبحسب فهمي للآية ( والله أعلم ) أن سؤال المرسلين يأتي سؤال إثبات في تبليغ الرسالة والدعوة إلى الله لتٌقام الحجة على الذين أٌرسلوا إليهم , وليس سؤال حساب كحساب البشر , ( مع ملاحظة أن كلامكم أعلاه يتطابق مع مفهوم الدكتور منصور حيث قرأت له فيما مضى حول هذه النقطة ) .ففهم الآية بهذا المضماركما فهمته - انا البسيط - ينقض كلامكم التالي " : فليس من المحتمل او ليس من المعقول وليس من المنطقى أيضا ان يتصدى اى متهم فى أى محكمة للدفاع عن متهم أخر مثله, وبالتالى, فأميل الى ان يكون من سيسمح لهم الله بالشفاعة هم من الملائكة وليسوا من البشر, وبذلك يمكن القول بأنه لا النبى ولا أى من الرسل سوف يكون ممن يسمح له بالشفاعة "أما ان استندتم إلى دليل آخر غير الآية أعلاه فأرجو اطلاعي عليه فربما أستبدل رأيي برأيكم .
تابع .......
كما ورد قولكم : ".... فأرادوا ان يصلحوا من تلك الخرافات وذلك التشويه لحقيقة الرسول, فمالوا من ناحية الى الناحية الأخرى , وقابلوا التطرف من اليسار بتطرف مماثل الى اليمين, فلم يعطوا للرسول حقه بل يبدو أنهم فى محاولتهم لإصلاح ما أفسده الأخرون تطرفوا الى درجة قد يبدو منها أنها معاداة للرسول وإجحافا به وبحقه.... " أضيف إليه الآتي : من وجهة نظري أن هناك بعض الثغرات ( أو الفجوات بالأصح ) في منهج البعض والتي لم ولن يمكنهم سدّها , وأي محاولات لترقيعها أو تجميلها هي محاولات يائسة , ولهذا دائما ما نرى التكرار لنفس الجدل ولنفس المواضيع , نعم تختلف الرؤى مع اختلاف جوانبها , لكن الحقيقة هي هي واضحة كما فهمها مليارات المسلمين عبر قرون , ما اختلفوا عليها يوماً حتى أتى اليوم الذي فيه زدنا الاختلاف اختلافاً, والسبب في هذا هو تجريد القرآن من زمانه ومكانه ومجريات حديثه وأحداثه , ناهيك عن تجريده من حامل رسالته , فتمّ تجريد الرسول من رسالته حيث جٌعل الرسول هو القرآن , كما تمّ تجريد النبي من وحيه وهديه وبلاغه , ووعظه وإرشاده , وحصره في دائرة النفس البشرية المخطئة المذنبة , وتمّ حصر وحي البلاغ النبوي في القرآن فقط ضاربين بعرض الحائط المسلّمات التي يتبّعونها ولعل أبرزها الصلاة التي لم يرد ذكر كيفيتها ووقتها في القرآن , متجاهلين أن رسول الله هو محمد نبي الله - الشاهد – البشير – النذير – الداعي والسراج المنير, صاحب الخلق العظيم , صلى الله عليك يا رسول الله .
تابع <<<<
التي سنّها الله عز وجل .
وانا اتفق معكم في انه ليس لنا ان نعرف الكم او الكيف بغير ما ذكره الله تعالى في كتابه , وان فٌهمَ مني أني أقول بوحي خاص للنبوة ووحي اخرمختلف خاص بالرسالة فهو ربما لسوء إيصال الفكرة مني , والتي اردت ان اوضح فيها عٌقم فكرة الفصل بين النبي والرسول عليه السلام حيث يٌقال ان مهمة الرسول فقط البلاغ اما النبي فلا , كما تأتي مناقضة لفكرة عدم الاعتراف بغير ما ذٌكر في القرآن من تعاليم , والتي لخصتموها بحكمتكم كما يلي : "عندما أوحى له القرآن ففهم ان ذلك هو القرآن بتسميته وصفته وتكوينه, وعندما أوحى اليه بكيفية الصلاة, فهمها ثم قام بتوصيلها الى الناس كما أمره الله, وعندما اوحى له بأشياء أخرى نعرفها او لم نعرفها, فقد فهم انها ما يجب ان يوصله او مالا يجب ان يوصله الى الناس, فقد إتبع ذلك الرسول ما امره الله عز وجل به, ولم يحيد عنه, "وهذا بحد الكلام بحد ذاته ما يجعلني متيقناً بأن ليس كل ما أٌوحي إلى الرسول هو القرآن , وليست الرسالة هي القرآن فقط , إنما القرآن هو من الرسالة , وهو الشاهد – القرآن - على هذه الرسالة التي بلّغها عليه الصلاة السلام بالتلاوة وبالتحفيظ , بالتعليم وبالعمل , بالقدوة وبالتوجيه, والأمر والقول , نعم بالقول فحتى أقواله التي تخص أمور المسلمين وعلاقاتهم بأنفسهم وبربهم كانت من الرسالة ( طبعاُ ما يثبت صحته ولا يتعارض مع كتاب الله من اقواله ان صحت نسبتها) , ولعلنا نستفيد من خبرة السيد ابراهيم دادي في هذا , فهو خبير الموقع في صحة الروايات والأحاديث من عدمها وهو من أعمدة الفكر القرآني , حيث أني لحظت استشهاده ببعض الأحاديث التي رآها متوافقة مع القرآن ومتوافقة مع فكره , ( لكن للأسف فسياسة الموقع لا تًبقي ولا تذر فيذهب احياناً الصالح مع الطالح ) وهذا إن دلّ على شيئ فانه يدلّ على تراجع ايجابي في مفاهيم بعض المنتسبين إلى التيار القرآني , وكوني من المتابعين للموقع منذ فترة ليست بقصيرة فأنني ألحظ التطور في الفكر المحسوب على التيار لقرأني وهو تطور مستمر ومحمود ما لم يتم التغاضي عن التطرف اللا القرآني , وما لم يتمّ إقصاء المعارضة الايجابية .
هدانا الله وإياكم إلى الصواب والى ما يحبه يرضاه . بانتظار التصويب ان أخطأت وعذراً إن أطلت , والسماح إن أسأت .
وبانتظار مقالتكم حول الشهادة والى حينها كما دائماً " أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداُ رسول الله "
بدوام الصحة والعافية ألقاكم
والسلام عليكم
الأستاذ الفاضل محمود عودة, وشكرا على عودتكم وعلى تعليقكم الرائع, بالنسبة للتعليق الأول المعنون ( الرسول علم بعضا من الغيب) فأتفق معكم تماما ولأ أجد فيه ما أختلف , بالنسبة الى التعليق الثانى ( شفاعة الرسول عليه السلام ) فهناك بعض الإختلاف بيننا, فأنت اولا تقول انك تميل الى نفيها , ثم راجعت نفسك وأضفت انها تشمل الشافع والمشفوع له, وإن لم تخنى الذاكرة لأ أتذكر فى آيات القرآن اى أية من الآيات التى تعرضت للشفاعة بشكل او أخر تنص على ذلك او تشير الى ذلك , فإن كنت قد فاتنى ذلك, فجل من لا يسهو, وأرجو الإفادة لأن ذلك سوف يغير تماما من فكرتى حول الشفاعة من حيث اننى خلصت الى إستبعاد ان يكون الشفيع من البشر, ووجود مثل تلك الآية هو إثبات مباشر لا يمكن إنكاره من حيث تحديد من هم الذين سوف يأذن لهم الرحمن بالشفاعة. وبالتالى تتغير كل الحسابات, ونرجع الى المربع الأول, فأرجو ان كانت هناك آية تشير الى ذلك ان تفيدنى بها أكرمك الله. أما ما جاء فى الأيتين من أل عمران رقم 31 والتوبة رقم24, فربما نناقشهما فى وقت أخر لأنى لا أعتقد أنهما مبرران لشفاعة الرسول.
بالنسبة لتصورى فى محاسبة الرسل مثل البشر, فإن الله العادل سوف يحاسب الجميع, وسوف يقف كل منا امامه يوم القيامة, لا يعنى ذلك ان الحساب سوف يكون متماثلا بين كل البشر, (فأما من أوتى كتابه بيمينه , فسوف يحاسب حسابا يسيرا, وينقلب الى أهله مسرورا, وأما من أوتى كتابه وراء ظهره, فسوف يدعو ثبورا.....................الإنشقاق 6-11 ) ثم مثلا أخر (الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا . الفرقان 26) ثم من سورة الأحقاف رقم 9 ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم …..الآية, ثم أنظر الى مريم 93- 95, وعدد أخر من الآيات التى تؤكد على ان الجميع سوف يقف أمام الرحمن فى خشوع وخوف وكلهم لا ينطق إلا من أذن له الرحمن. هذا من ناحية , من ناحية أخرى, كل رسله وانبياؤه قد بلغوا رسالاتهم ولا نعرف منهم من لم يبلغ, ولكن الرسالة هى جزء من حياة كل رسول منهم, والجزء الأخر هو حياته كبشر, يأكل ويشرب ويتزوج ويتعامل مع الأخرين, ونعلم ان ليس منهم معصوم من الخطأ, بل ان الله سبحانه وتعالى عندما قال سبحانه وتعالى ان الله يعصمك من الناس فى سورة المائدة 67, كان ذلك فى بلاغ الرسالة فقط, وليس بصفة عامة فى حياته.
نعم لقد قال الله عز وجل, فى سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا, ليغقر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما) فمن تلك الآيه نعرف ان الرسول كان له ذنوب متقدمة قبل نزول الآيه وكان سيكون له ذنوب بعد نزول الآيه, لأنه بشر يخطئ ويصيب, ولكن الله سبحانه وتعالى قرر ان يغفر له كل تلك الذنوب ما تقدم منها وما تأخر, أى أنه بشره بالجنه مكافأة له على ما كلفه به وعلى إخلاصه فى تبليغ رسالته, هذا بالطبع لا يعنى انه لن يقدم الى الله عز وجل كتابه بيمينه, إقرأ الأيات من سورة مريم 70- 72, فكل البشر بدون إستثناء سوف يرد جهنم , ثم سوف ينجى الله الذين إتقوا, ليس هناك فى تلك الآيات اى شك فى المساواة والعدالة الإلهية بين البشر بما فيهم الانبياء والرسل. كما أتفق معكم بصفة عامة مع ما جاء فى بقية التعليق, وشكرا على وقتك فى القراءة والكتابة, محبتى.
اخي فوزي اسعد الله اوقاتك
كنت قد عدلت في بعض الكلمات التي ربما قد اثارت لغطاً بالنسبة لموضوع الشفاعة يبيدو انك سبقتني في قراءتها قبل تعديلها فارجو اعادة قراءة التعليق المعتي بالشفاعة ثانية
حيث اني قصدت ان رحمة الله وكرمه هي من تشمل الشافع والمشفوع له
بالنسبة لورود جهنم فهذه مسألة بحاجة الى بحث
وسنتابع الحوار باذن الله لاحقاً
مع احترامي ومحبتي
أشكر أخي الحبيب الكبير الأستاذ فوزي على هذه المقالة الجميلة المعبرة ، وأعرض مفهوم الشفاعة عندي والتي صمنتها مقالتي القديمة (يارب أسترها معانا وأكتب لنا شفلعة النبي) والمنشورة على الموقع ، مع التنبيه على أن رأيي صواب يجتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
فالشفاعة هي ضم غيرك لك ، وشهادة منك له بإتباعك.
وعلى هذا التفسير فإن الشفاعة قد تكون حسنة كما قد تكون سيئة ، لأنها لا تعدوا كونها شهادة بالإتباع ، وقد قال خير من قائل رب العزة سبحانه وتعالى " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا"النساء 85.
فالأنبياء يشفعون لمن اتبعهم بمعنى يشهدون لهم بأنهم اتبعوا الأوامر وانتهوا عن النواهي التي أنزلها الله عليهم ، ولا دخل لهم في دخولهم الجنة والتي ستكون بإذن رب العالمين فهو صاحب الحق في قبول الشفاعة لإحاطة علمه بعمل المشفوع له ونيته ، فتكون الشفاعة على هذا النحو في الطاعة وليست في المعصية ، أما الذنوب فهي من إطلاقات رب العزة ووفق مشيئته إن شاء غفرها وإن شاء حاسب عليها ومرددها لله وحده لا شريك له ، قال تعالى " لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا" مريم87 ، وقال تعالى" يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا"طه 109.
والملائكة يشفعون ، بمعنى يشهدون أيضا وفي هذا يقول سبحانه وتعالى" يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون" الأنبياء28 ، كما يقول سبحانه وتعالى" الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم" غافر7 ، وهذه الآية أكبر دليل على أن الشفاعة بمعنى الشهادة لهم في قولهم (الذين تابوا واتبعوا سبيلك) فيستحقون الاستغفار المترتب على الشهادة ، ولكن الإجابة تكون من الله وحده ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى " قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون" الزمر 44
كما توجد الشفاعة السيئة ، وهي الشفاعة التي تكون ممن أتبع (بضم أوله وكسر ما قبل أخره) من دون الله لمن اتبعه ، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون" الأنعام 94
وعلى هذا النحو يكون للشفيع نصيبا من الشفاعة إذا كانت حسنة أو سيئة ، فلو جاءك صديق وعرض عليك طاعة الله واتبعته في هذه الطاعة فهو شفيعك (بمعنى شهيد لك) على هذه الطاعة وله نصيب من الأجر لعرض الطاعة عليك وحثه لك على فعلها ، والعكس صحيح لو جاءك صديق آخر وحبب إليك معصية وطالبك باقترافها وفعلت فهي شفاعة سيئة يكون له قطعا كفل منها.
أما إنكار الشفاعة بالكلية على مذهب المعتزلة ، فلا نقبله رغم استشهادهم يقوله سبحانه وتعالى"ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع"غافر18 ، وقوله تعالى" واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة" البقرة48 ، وقوله تعالى"من يعمل سوءا يجز به"النساء 123 ، وقد حملوا حكم هذه الآيات على العموم ، وسريان حكمها على كل مذنب حتى ولو لم يكن كافرا ويكفي انه مرتكب للكبيرة والمعصية ، ونسوا أن الحكم المطلق في هذه الآيات قد تم تقيده على الكفار دون المسلمين بقوله سبحانه وتعالى"ولا يشفعون إلا لمن ارتضى" الانبياء28 وقوله تعالى"ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له" سبأ23 ، فوجود الاستثناء لمن ارتضى أو لمن أذن له من عموم النفي عن جنس الشفاعة بالمستثنى بما و إلا يفيد التقييد والتخصيص ، ويؤكد صحة ذلك قوله تعالى في حق الكافرين "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" المدثر 48 فهناك شفاعة وهناك شافعين ولكن رغم وجود الشفاعة والشافعين فلن تنفع الكافرين شيئا ، وكما قلنا سابقا أن آيات القرآن لا تفسر بمعزل عن باقي الآيات كجزر منعزلة ولكن تفسر مع باقي الآيات لاستخراج الأحكام وفقا لمقصود رب العزة سبحانه وتعالى.
أخي وعزيزي فوزي فراج السلام عليكم وأشكركم على التواصل .. الخلاف محصور في مسألة تماثل الحساب بين الرسل والمرسلين إليهم ومن هذه النقطة نتابع ..
- الآيات 6-11 من سورة الانشقاق أراها تخص عامة البشر, فهل ستشمل رسلاً؟ الله أعلم لا دليل يثبت او ينفي ذلك .
- الاية من سورة الفرقان 26 لم أجد أنها على صلة بفكرتكم .
- الاحقاف 9 ربما هي خاصة بالحياة الدنيا إضافة الى أنها تنفي عن رسول الله علمه بالغيب .
- أما الآيات 93 الى 95 من سورة مريم فهي لا تدل بالنسبة لي على تماثل بين البشر والرسل الحساب مع العلم ان الاية 96 يمكن فهمها بثبوت الشفاعة ( والله اعلم) .
- الآيات 70-72 من سورة مريم لم استطيع فهم كلمة واردها بمعنى داخلها (فهي خطيرة جداً بهذا المعنى ) لننظر إلى الآية "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ..."فالورود لم تأتي بمعنى الدخول إلى الماء أو حتى الشرب أو السباحة , بمعنى أخر أن الورود هو المرور بـ دون الدخول مباشرة .
على كل الأحوال فالموضع بالنسبة لي بحاجة إلى دراسة أعمق وربما وجب علي معرفة أسباب نزول بعض الآيات خصوصاً الآية 9 من الاحقاف لا سيما أن الآية تبدأ بـ " قل " أي ربما هي إجابة عن سؤال سأله احدهم لرسول الله وجاء الجواب بنفي علمه عليه السلام بما سيحدث .
أتمنى من الأخوة ممن لديهم العلم بهذا الموضوع تزويدنا بآرائهم , فعسى ولعل يتغير فهمنا لموضوع الحساب أو ربما نصل إلى قناعة انه من علم الغيب . او ربما يحتفظ كلٌ برأيه .
نتابع في موضوع الشفاعة بحسب ما سيرد منكم تعقيباً على كلام الهادي باذن الله شريف هادي وما سيرد من تعليقات اخرى ان شاء الله .مع تمنياتي ان تكون فكرتي قد اصبحت واضحة بعد اضافة كلمتين توضيحييتين في مفهوم الشفاعة .
والى اللقاء
لقد قلت من قبل أننى مستعد ان أغير رأيى فى أى شيئ ولا أكابر فى التمسك بما قلته لمجرد اننى قلته, وكنت مستعدا فى موضوع الشفاعة أن اغير رأيى الى ما هو أصوب وما هو أصح, وأعترف لك بأن ما جاء منك فى تعليقك أعلاه كاد ان يكون نقطة تحول بالنسبة لى فى هذا الموضوع, وكنت على وشك ان اتحول اليه تماما, غير أنى تمهلت قليلا, وترويت قليلا, فوجدت ان موضوع الشفاعة ريما يكون أكبر بكثير مما ناقشناه وأعمق كثيرا مما فهمناه. إنك قد قررت ان الشفاعة هى الشهادة من واحد للأخر, بمعنى ان يقف شريف هادى امام ا لله عز وجل ليشهد لفوزى فراج او ضده, او العكس, وفى قراءتى للقرآن وما فهمته من بعض او من الكثير من الآيات البينات التى لا تحتمل التأويل ولا تحتمل الرجوع الى ماقبلها لكى توضح معناها, فهمت مثلا من آية 21 من سورة (ق), وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد,ثم رحت أتخيل فى مخيلتى ذلك اليوم المشهود, كل نقس جاءت - الى الله عز وجل فى يوم الحساب - ومعها سائق وشهيد, ملكين احدهما يسوق النفس ويوجهها الى المكان الصحيح والأخر هو الشهيد على تلك النفس, لا ننسى بالطبع ان كل نفس قد اؤتيت كتابا فمنهم من أوتى كتابه بيمينه ومنهم من اوتى كتابه وراء ظهره, ومنهم من اوتى كتابه بشماله, ثم فى نفس الوقت يوضع ما يبدو أنه كتاب أخر كما جاء فى الآيه من سورة الكهف 49, الكتاب الذى لا يغدر صغيرة او كبيرة إلا أحصاها. أتخيل فى هذا اليوم الرهيب , ولا أعرف إن كان يوما مثل أيامنا اى 24 ساعة بحسابنا ام انه يوم بخمسين ألف سنه مما نعد نحن, وأتخيل بلايين الناس من على إختلاف الوانهم وعقائدهم وخلفياتهم ومشاربهم , وأتخيل كيف سوف يصرف الله عز وجل كل هؤلاء الخلق لعلمية الحساب النهائية, الحساب العادل, واتخيل ان الله الذى يعلم كل شيئ والذى لا تسقط ورقة ولا حبه فى البحر إلا يعلمها وهى فى كتاب مبين, فماذا سوف يقول فوزى عن شريف او العكس مما لم يعلمه الله, وهل إن كانت الشفاعه شهادة منى لك او منك لى, هل سوف تغير شيئا من حقيقة عملى او عملك, بمعنى هل لو كنت أنا من ذوى السيئات التى لا تعلمها يا اخى بل تعتقد اننى من المتقين, هل شهادتك لى سوف تغير الحقيقة. كذلك تصورت ان الأنبياء والمرسلين كما تذهب سيادتك بأنهم سوف يشفعون او كما فسرت الشفاعه بإنها شهادة, كيف يمكن ان يشهد الرسول محمد على وجه المثال لك او لى, من الممكن ان يشهد لمن كان معه وعرفهم مثل عمر او على او أبوبكر, ولكن كيف وبناء على ماذا يمكن له أن يشهد لفوزى او شريف, كيف تكون شهادته صادقه, كيف يعرف اى شيئ عن أعمالى, ماذا على وجه التحديد يمكن ان يقول لله عز وجل, اللهم ربى هذا رجل صالح ومسلم ومؤمن ..........الخ, كيف يكون له اى مصداقية فى ذلك, لقد إتفقنا جميعا ان الرسول لا يعلم الغيب, وما يعلمه هو القدر الذى اوحى له الله به فيما يتعلق بالرسالة, هل نحن الأن سوف نقول انه يعلم الغيب ويعلم اعمالنا ويمكن له ان يشفع او يشهد كما تفضلت سيادتك , لنا ...........معذرة , لا استطيع ان أتفق مع ذلك. أنظر الى الآية رقم 117 من سورة المائدة عن عيسى عليه السلام,(ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد) مما يثبت ما قلته ان الرسول شهيد على قومه فقط!
لقد جاءت كلمة رسول ونبى فى القرآن مرات لا تحصى, وقد عرف الله مهمتهم التى ارسلوا من أجلها, كما عرف الكثير من خصائصهم, سواء فى قوله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين, او حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم, ............الخ, ولا اعرف لماذا لم يقل فى اى من أيات القرآن بصراحة تامة ان الرسول سيكون شفيعكم, القرآن ليس فزورة كبيرة ولغز أنزل فقط ليفهمه عدد من الناس ممن يعدون على اصابع اليد الواحدة.
شهادة الرسل على قومهم التى جاءت فى القرآن من وجهة نظرى المتواضعه لا علاقة لها بالشفاعة بالمفهوم العام او حتى المفهوم الخاص, ولكن شهادة كل رسول على قومه هى أنه قد اوصل الرسالة وأتمها كما كلفه الله, والله أعلم.
الشيئ الوحيد الواضح ةالمباشر فى القرآن فيما يتعلق بالشفاعه هو(وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم........الآية) ,والتى تشير بوضوح الى قيام الملائكة بالشفاعة, وفى الحقيقة لقد بدأت أميل الى ان كلمة الشفاعة فى القرآن قد يكون لها اكثر من معنى طبقا لموضعها فى الآية, مثلها فى ذلك مثل عدد اخر من الكلمات كما نعرف. ولذا فربما يجب ان نعيد النظر فى كل الآيات التى وردت بها تلك الكلمة بناء على المعنى المقصود بها,والله سبحانه وتعالى أعلم.
الأخ الكبير الحبيب الأستاذ فوزي فراج المحترم
أخي الحبيب رغم أن لي بحث كامل عن الشفاعة ، إلا أنيي سأقوم بكتابة بحث آخر سأرد فيه على جميع أسئلتكم التي ذكرتموها في الرد وأدعوا الله أن يوفقنا للصواب ، وأستسمحك في بعض الوقت ولن يطول الإنتظار بإذن الله
أخوك / شريف هادي
وافر شكرى وتحياتى وتمنياتى الطيبة لكم على تعليقكم المستفيض وعلى الوقت الذى بذلتموه وإستقطعتموه من وقتكم الغالى, وجهة النظر التى عرضتها عن الشفاعة جديدة بالنسبة لى خاصة فى القالب الذى اخترته رغم انك لم تؤيد ذلك بأى آيات قرأنية , وكنت والحقيقة افضل ان لا يكون بها الكثير من الأسماء التى أستعرتها, علما بأنى لا امانع من إستعمال أسمى أنا, ولكن نظرا لما يحدث على الموقع الآن وما نراه من بعض الحساسيات والتى أرى ان بعضها دون مبرر وأكثرها لها ما يبرره, فلو كان الأمر بيدى لما نحوت نحو ذلك, على أى حال حصل خير. بالنسبة للتعليق , فسوف اعطية حقه من التفكير وهو بالطبع معروض على الجميع لإبداء الرأى. تحياتى مع وافر الشكر والإحترام.
كما أثق فى علمك بأنى أستمتع دائما بكل ما تكتبه وأتعلم منه الكثير, فسوف اترقب مقالتك التى وعدت بها, وأعدك بإبداء الرآى , علما بأنى بعد كتابة تعليقى السابق بدأت اميل اكثر الى الإعتقاد بأن كلمة الشفاعة قد يختلف معناها كما قلت من قبل طبقا للآيه وطبقا لمكان حدوثها بمعنى إن كانت فى الحياة الدنيا فلها معنى قد يختلف عنها فى الأخرة. . تحياتى
تحية طيبة لحضرتك وشكرا على المقال الجميع وشرحك المفصل للغيب والشفاعة واتفق معك في كلامك واتفق ايضا ان مقال الدكتور صبحي عن الشفاعة كان اكثر من رائع وكافي ووافي في هذا الموضوع.
وعامة لي استفسار او تعليق على آخر نقطة في المقال وهي الوحي، المشكة تكمن في أن القرآنيين يقولون بأن لا وحي خارج القرآن، وإن اوحي إلى النبي محمد فأنه ينطق بالقرآن وإن نطق بغيره فهو ليس وحي. كنت قد ناقشت الأستاذ نهرو طنطاوي في هذه النقطة من قبل مع احترامي لتحفظكم على شخص الرجل إلا انه صاحب عقلية وجب علينا احترامها. المهم إنه كان قد فصص هذا الموضوع واثبت ان النبي محمد كان يأتيه نبأ الغيب في صورة وحي ولم يكن هذا الوحي جزءا من القرآن مثل موقفه مع ازواجه عندما عاتبه الله على تحريمه ما لم يحرمه الله له ابتغاء مرضاة ازواجه. يعني الله اوحي لنبيه ببعض ما دار من حديث بين زوجاته ولم يكن هذا الوحي جزءا من القرآن بل تكلم عنه القرآن في معرض الكلام.
يعني النقطة على هل الوحي هو القرآن فقط ام لا؟
ارجو ان يكون كلامي واضحا لأني احيانا افشل في توصيل المعلومة
وكل التحية لحضرتك على هذا المقال الرائع.
آية
ربما لم أعطى كلمة ( الوحى) فى المقالة حقها وتعجلت قليلا, لقد نشأنا جميعا او على الأقل السواد الأعظم من المسلمين على معرفة ان الوحى هو جبريل عليه السلام, وقصص الوحى من التراث لا حصر لها, من بداية اللقاء الأول فى غار حراء وأمره للرسول أن يقرأ , ثم ضمه الى صدره بقوة ….الخ من الأشياء التى لا مرجع لها فى القرآن , ولذلك يجب ان نفهم معنى كلمة ( وحى ) و كما ذكرت فى المقال أعلاه انه بالبحث عن الكلمة فى المراجع اللغوية العربية, وجدنا أنفسنا فى متاهات ولم نصل الى معنى محدد, وبالرجوع الى القرآن نجد ان كلمة الوحى ليست إسما, بل فعل, من مثل ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم....الآيه , أو , إنا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده...........الآيه, أو , إ تبع ما أوحى اليك من ربك......الآيه, …..........) فنرى ان الكلمة جاءت فى صورة "فعل" وليست إسما , الإستثناء الوحيد هو فى سورة النجم رقم 4, إن هو إلا وحى يوحى ) وهى هنا (وحى) صفة وليست إسما. ونستنتج من سياق إستعمال الكلمة ان ذلك الفعل هو ما يفعله الله عز وجل, وما يفعله الله كما يتضح من كل من الآيات التى جاءت بها كلمة وحى او مشتقاتها, نستطيع ان نستنتج بدون اى تحفظ انه أمر من الله عزوجل وبإرادته. وقد فهمنا من سياق القرأن ان الله تعالى لم يقتصر فى إستخدام كلمة الوحى على الإنبياء بل تعداها الى غيرهم, بل لم يقتصر فى إ ستعمال الكلمة على البشر بل تجاوزها الى غيره. السؤال التالى فى عملية البحث يكون عن كيفية حدوث ذلك الوحى, هل يأتى لمن أوحى اليه فى حلم , وهناك حلم إبراهيم عليه السلام والذى إعتبره إبراهيم أمرا من الله مما يؤهله الى أن يوصف بانه وحى,على حد علمى إن لم تخنى الذاكرة لم يأتى فى القرآن شيئ أخر يشرح كيفية الإيحاء بالوحى للرسول او غيره.لكننا نعرف ان الوحى او الأمر من الله كان ينزل على قلب الرسول بواسطة حبريل عليه السلام كما ذكر القرآن, فإذا إفترضنا على سبيل المثال ان الوحى كان يأتى للرسول فى نومه, وبالطبع ليس هناك ما ينفى ذلك تماما او يثبته تماما أيضا, او يثبت ان كان هناك وسائلا أخرى لكى يصل الى النبى ما يوحى له الله به عن طريق جبريل بل إن الآية التى ذكر فيها إسم جبريل ( قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ) فكلمة نزله , هل ترجع الى القرآن فقط ام القرآن وشيئ أخر, من الأرجح أنها تعود الى القرآن فقط لأنها تشير الى مفرد بمعنى نزله وليس نزلهما او نزلهم, كذلك فإن الآيه السابقة رقم 89 تتحدث عن الكتاب, ولما جاءهم كتاب من عند الله......الآيه, لذلك فمن المرجح هنا ان جبريل نزل القرآن على قلبه, ومن ثم نتساءل, هل كان هناك حوار مع جبريل, بمعنى هل سأله الرسول عن بعض معانى الآيات , عن الصلاة او عن الزكاة او عن الاشياء الأخرى التى لم يأتى تفصيلها فى القرأن, أم ان الله وعن طريق جبريل ارشده الى تلك الأشياء ووضحها له
يتبع
كذلك نفهم ان نزوله على قلبه يعنى انه حفظه, ولازالت كلمة " حفظه عن ظهر قلب" التى تبادلناها وكانت تعنى تذكر كل شيئ حرفيا. ونرجع ونفترض انه كان يأتيه فى الحلم مثل إبراهيم, لا نستطيع ان نجادل فى كيفية الحدث, لا نستطيع ان نجادل فى إن كان هناك نوعا من الحوار بين الرسول وبين جبريل , وسواء سأل الرسول عن ذلك , ام ان ما أوحى اليه كان يفسر له علمية الصلاة وإن كنت أرجح انه لم يسأل ولكن بروتوكول النزول كان به ما يسمح للرسول ان يفرق بين ما سمى قرآن وما كان شرحا لبعض متضمنات القرآن او منهاج الإسلام ومناسكه. أما فيما يتعلق بتحريمه ما حلل الله له, فمن وجهة نظرى المتواضعه انه حرم ما حلل الله له ومن الأرجح أنه طعام ما وإن لم يذكر القرآن ذلك بالتحديد, وهذا فى الحقيقة ليس مهما, المهم انه حرم على نفسه شيئا أحله الله , وكان السبب فى ذلك كما قال القرآن , إبتغاء لمرضاة أزواجك, وهنا الحدث للعبرة والعظة مثل الكثير مما يذكره القرآن دون تحديد,بعد ان حرم النبى على نفسه ذلك لكى يمنع المشاكل مع زوجاته كما يتضح, وكما ذكر القرآن فقد أسر النبى الى احدى زوجاته حديثا, وربما ولست متأكدا إن كان يتعلق بذلك التحريم, وربما بشيئ أخر, غير أنها لم تبقى السر وتحدثت به, ولا نعرف لمن, لم يكن من المفروض ان يعرف النبى أنها نبأت به, ولذلك عندما أنبأه العليم الخبير به, اى اوحى له بما حدث, كان سؤالها من أنبأك به, اى انها كانت تريد ان تعرف إن كان الشخص الذى أدلت له بذلك السر هو من أنبأ النبى به...................الخ, الى هنا لا يختلف ذلك الوحى فى إخبار الرسول بما حدث ولم يعرفه, عن اى شيئ أخر حدث فى الماضى البعيد ولم يعرفه الرسول او عن شيئ سوف يحدث فى المستقبل ولم يعرفه الرسول, وفى جميع الحالات فقد تم ذكرهم فى القرآن بما فيها هذه الحاله, ولا أرى انها تختلف عن بعض من علم الغيب الذى شرحته فى المقال على حد معرفتى.
عندما نشترى جهازا جديدا فغالبا ما يأتى ومعه كتيبا لطريقة إستعماله, وأحيانا يكون معه أكثر من كتيب احدها للإستعمال والأخر لعملية الصيانه, الثالت ربما عن الضمان ومدته...........الخ, وقد تطرقت الى ذلك لغرض الشرح فقط, بما يعنى ان الرسول وصلته الرسالة عن طريق الوحى او الأمر الإلهى عن طريق جبريل,والذى لا نعرف بالتفصيل كيفية حدوثه, وليس من المستبعد او من الغريب ان تكون تعاليم او اوامر الله عز وجل او ما نسميه الوحى جاء مفسرا له ما هو قرأن وما هو شرح إضافى لتنفيذ ما جاء فى القرآن, والله أعلم
الى جانب كلام الاخ الكريم فوزي ، أنه حتى لو قلنا بوجود وحي إلهي مباشر خاص للنبي (على فرض ذلك) فهو لا يدخل ضمن الرسالة الثابتة النص (القرءان) إلا ما جاء فيها نفسها. لماذا؟ لأنه من غير المعقول و المنطق أن يكون جزء من الرسالة الإلهية هو تلك الإيحاءات الخاصة بمحمد عليه السلام و قد ضاعت و اختلطت مع الكثير من الغث فيما يسمى كتب الأحاديث. و أما الكيفيات التي كان يقوم بها النبي لأمور العبادة فمعظمها كانت باقية من آثار ملة إبراهيم و قام بها النبي على حسب متطلبات زمانه و بالتوفيق مع الرسالة التي أداها... فجميع الامور التي أوجزها الله أو لم يعطنا تفاصيل فيها فالسبب هو انها كانت قائمة آنذاك بتفاصيلها المظهرية ، وتوارثها الناس كذلك.
و الله أعلم
لا أله إلا الله محمد رسول الله, أنت دائما تأتى لتوضح بعض ما أقوله أو تكمله جزاك الله خيرا, نعم هذا هو ما أردت أن اقوله, ولماذا يتعجب البعض ان الوحى الذى نزل على الرسول كان واضحا جليا يبن له القرآن ويشرح له ما يتضمنه هذا القرآن, الم تنزل ايات القرآن غير مرتبه بنفس ترتيب المصحف الحالى, الم يدله الوحى فيما بعد على الترتيب الذى ينبغى فى الصورة النهائية, نعم كانت هناك عبادات معروفه للجميع منذ إبراهيم فجاءت فى القرآن دون شرح, ولكن الله عز وجل غير من طريقة أدائها لكى يميز بين كل شريعة والأخرى وكل منهاج والأخر, كلمة الصلاة وردت فى بكل لغات الكتب السماوية السابقة, واداها كل رسول من قبل بطريقة توافق عصرة , والصيام طبق فى المسيحية واليهوديه بالطريقة التى امر الله بها, (وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) , إذن عندما يتحدث الله عز وجل عن الصلاة , فلم تكن الصلاة كلمة جديدة غير مألوفة لديهم, ولكن طريقة أدائها تغيرت طبقا للرسالة الجديدة, لم يشرح القرآن كلمة كلوا وأشربوا, لأن الكلمات لها معنى متفق عليه ولا يحتاج الى شرح, لم يشرح كلمة الزنا لأنها كلمة معروفة تماما وتعاملت معها الكتب السابقة, فلماذا يحاول البعض ان يشقوا الشعر ( Hair splitting ) فى محاولات لتعريف الكلمات بمعانى جديدة مريضة وشاذة تتناسب مع شذوذ أفكارهم , لماذا؟ الإجابة على ذلك هى , الله أعلم .شكرا أخى محمود وبارك الله فيك.
لم أشاهد هذا الفيلم ولكنى شاهدت الكثير من مثله, واقول لك إن التراث البخارى الطبرى هو الذى عندما وصف الوحى واوقات نزوله على الرسول ما دعى العديد من المستشرقين بإتهام الرسول بإصابته بمرض ال (Epilepsy ), وقالوا طبقا للوصف الذى جاء فى تلك الكتب فإن الرسول صلاة الله عليه كان مريضا به, وبالتالى فليس هناك وحيا من الله او غيره, وشكرا للبخارى وأحمد ومالك والطبرى والشلة بأكملها فقد أعطوا لأعداء هذا الدين من الذخيرة ما لم يكونوا ليحلموا به.
والله لقد أضحكتنى عندما قلت اننى خوفتك, بالمناسبه, مجدى رحمه الله رغم كل شيئ, كانت تعليقاته وهجومه على أحمد صبحى تعليقات شائنه, وجائرة , وغير عادلة البته, بل كان إختيارة لكلمات السباب لا اريد حتى أن أصفه, وتخيل لو ان احمد صبحى قال فى تلك الأيام ان شهادة محمد رسول الله تكفر المسلم, ماذا سوف يكون شكل الهجوم عليه, وهل كنا سوف نستطيع ان ندافع عن ذلك, الحمد لله انه أجل ذلك لكى تكون مناقشاتنتا لذلك هنا وليس هناك. لا زال لدى أمل ان نقنعه بتغيير رأيه.
إخواني الأعزاء / أهل القرآن
تحية مباركة طيبة وبعد
في هذا المناخ العلمي الذي يشيعه أخي الفاضل الأستاذ فوزي فراج ، وما تضيفه كتابات أخي عمار نجم من بهجة ، وما يتمتع به أخي الدكتور عمرو من علمانية راقية ، يطيب لي أن أذكر حضراتكم بآية كريمة كنت أنتظر دخولها في الحوار ألا وهى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ، وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ..... 51، 52 الشورى
مما لايجعل إي مجال للشك بأن الوحى هو كلام الله ينقل بأي من الطرق المذكورة
أترككم جميعا في رعاية الله وأمنه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شكرا للاستاذ أحمد شعبان على هذه الإضافة الجميلة التى تلقى بضوء ساطع على ما جاء فى المقالة والتعليقات عليها, ولا تختلف التعليقات والمقالة عما جاء فى الآية من وجهة نظرى, شكرا مرة أخرى
معذرة, لا افهم ماذا حدث ولا أفهم ماذا يحدث, ولا أفهم لماذا ألغيت عضوية البعض وألغيت تعليقات البعض. شروط النشر التى وضعت عندما كانت هناك لجنه تدير الموقع لم تتغير,فإن كانت قد تغيرت فكان من العدل ان يعاد صياغتها ليعرفها الجميع, والتعليقات التى تتعرض للأشخاص وليس للافكار او وجهات النظر تستوجب الحذف, بل إن الحذف فى حد ذاته ليس كافيا, لأنه إن كان التعليق يخالف شروط النشر, فمجرد حذفه ليس كافيا خاصة إن كان فيه سب او إهانة لكاتب او معلق أخر, بل يجب ان يعاقب المخالف بإنذار او تعليق عضويه او إلغائها تماما كما كان يحدث من قبل . لقد حذرت اكثر من مرة ان ينتهى الموقع الى ما أنتهى اليه.
الى ان أعرف ماذا حدث وماذا يحدث ولماذا, سوف أتوقف تماما عن الكتابة وأعتذر للأخوة الذين ينتظرون إجابة منى على تساؤل ما, او مقالة منى كما وعدت. والى أن نلتقى إن كنا سنلتقى مرة أخرى على هذا الموقع, سلام الله عليكم
أضم صوتي لصوتك أخي الكبير فوزي ..و لا أدري لماذا تلك التصرفات من حذف أو تعليق عضويات دون تبرير لأصحاب تلك العضويات!!.. و فوق كل هذاأن تجد أن رؤوس الحربة في الموقع يصرفون جل وقتهم في إعادة إختراع العجلة مرة أخرى.. في شرح و تفسير لمصطلحات تمت مناقشتها منذ فترة طويلة ... و أظن أن السبب وراء ذلك هو عدم الانتظام و عدم تبويب الموقع بشكل يحفظ ما يتم نشره فيه و يجعله في متناول القرّاء بسهولة.. فمثلا لو كان هناك صفحة مثلا هدفهاالتعريف بالفكرة الاساسية في الموقع ( عن طريق تجميع المقالات الملائمة من الكتابات التأصيلية مثلا) و توضيح لماذا يكون هناك آراء مختلفة في التفاصيل لكن مجمعه على فكرة أساسية (مثل مبدأ كفاية القرءان ) لما وجدت كبار الكتاب يعيدون شرح مبدأ كفاية القرءان مرة أخرى و إعادة مناقشة الفرق بين الوحي و الغيب و الرسالة و النبوة ..الخ.... خلاصة وجهة نظري ان الموقع بحاجة الى هيئة إشراف متفرغة أو يتبادلون الإشراف!! للقيام بالتوجيه أو إعادة ترتيب الموقع. و الله الموفق
أين الدكتور عمرو إسماعيل وأين عمار نجم ؟ وأين هى الديمقراطية على هذا الموقع ؟ نريد جواباً شافياً من القائمين على الموقع .. وإلا فيجب أن ننسحب فى هدوء قبل أن يطردونا .............
أنا حقاً اعتذر إن بدر مني ما يسيء لأي شخص كان , أو ما يسيء لتقدم الموقع في دعوته ورسالته , فلم يكن من كلامي إلا دفعاً لا إرادياً مني , مُسيراً بسنة الله في دفع الناس بعضهم ببعض ,كما الأخر يدفع من جهته.
كنت وما زلت أتمنى أن نرى إصلاحا حقيقياً , لكن أن يصل بنا الحال إلى ما وصل إليه فهو حقاً شيء مؤسف , نعم من حق الإدارة ان تحذف ما لا تراه مناسباً لكن ضمن شروط وقيم محددة سلفاً , فلا نحن نرضى بمصادرة حق الدكتور منصور في بحوثه واجتهاداته , ولا نرضى لأنفسنا التهميش او الطرد .
سأبقى قارئاً محايداً ما لم يتطلب مني الأمر إبداء وجهة نظري إن سمحت لي الإدارة بذلك , وسأحاول أن أتجنب أي عبارات أو أفكار قد تسبب أي حساسية عند الإخوة , ومع كامل احترامي للجميع أعلن انضمامي إلى الثلة التي سبقتني بالتعليق على نفس الموضوع والطلب من الإدارة بتنظيم الموقع بشكل أفضل وتوضيح فكرة " القرآن وكفى " بشكل أمثل .
واسمحوا لي أن تكون كلمتي الأخيرة للأخ العزيز فوزي فراج فأنا اشكره جزيل الشكر لوقوفه مع الحق , كما اعتذر منه أيضا إن كان من تعليقي وشكواي من حذف التعليقات سبباً في تعكير صفو الموقع فلم ولن أكن سبباً في سوء علاقتكم بالدكتورمنصور أو أياً كان , وأتمنى يزول التوتر وتعود المياه إلى مجاريها بين أعمدة الموقع والى حينها سأكون في إجازة مؤقتة عن التعليق مترقباً عودة فكرة " القرآن وكفى" إلى حيًزها المُرتجى .
والسلام عليكم
السلام عليكم
غبت عن الموقع لفتره ومن متابعتى لردود الاستاذ الفاضل فوزى فراج لاحظت انها ردود على تعليقات محذوفه وتاكد لى هذا من تعليقه الاخير واول مالاحظت هو عدم وجود ايه تعليقات او مقالات للاستاذه الفاضله ايه الله والدكتور عمرو اسماعيل وقد يكون هناك المزيد.
فهل يتفضل احد بالشرح؟ وهل تم الغاء عضويتهم؟ ولماذا؟
كما ارجو من الاستاذ الفاضل فوزى فراج ان يتفضل بالتوضيح مشكورا نظرا لمتابعته لما حدث
مع اطيب التحيات
إشارات قرآنية إلى العدد 114 : الثالثة
المنهج القرآني في الدعوة الى الله
دعوة للتبرع
سؤالان عن موسى : 1 ـ هل فرعون موسى الذى ربى موسى هو نفسه فرعون...
إلّا هو ...: من المعل وم والمف هوم والبد يهي أن...
البقرة 260 : ( وَإِذ ْ قَالَ إِبْر َاهِي مُ رَبِّ...
الموت أفضل ..: قرأت أن بعض المجر مين اختطف وا رجلا فى الليل...
الإخلاص لرب العزة : من فترة لاح في ذهني سؤال مش عارف اجابت ة انا...
more
يعجبني جداً أنك تدخل في الموضوع بشكل دغري و سلس و تعرضه بطريقة ممتعه أيضا .. فشكرا جزيلا لك أستاذ فوزي على هذه الافكار الطيبة ، وأحب أن أضيف نقطة بسيطة بخصوص الغيب هي أنه ليس بالضرورة محصور في المستقبل و لكن قد يشمل الماضي الذي لا سبيل للتأكد منه ، و هذا من قوله (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) بعد سرده لقصص حدثت في ماضي الزمن عن آل عمران . و أما قضية إيحاء الغيب للرسول فأعتقد أنه بمجرد أن تم تسطير ذلك الغيب في القرءان بعد إيحائه فهو لم يعد يسمى غيباً بل أصبح معلوما للجميع. و أظن أن الايات جاءت بهذا الشكل (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) لتفيد أن الرسول قد بُــلّغ بها و لم يكن يدري بتفاصيلها سوى ما تم تبليغه .. بعكس الحال مع ما كان مع يوسف او عيسى عليهم السلام حين قال أولهما (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) و هو يوسف، فهنا القول يفيد أن يوسف بنفسه كان يقوم بعملية إنبائهم بتأويل الطعام قبل حدوثه (و هو من ظواهر الغيب) و لكن قال أنه جزء من العلم الذي أعطاه الله إياه ، فيوسف لم يكن يعلم الغيب كله و لكنه قد أعطي جزءا بسيطا من ذلك العلم محصورا و محددا جدا من العلم الكلي الذي لا يعلمه إلا الله. أو كتفسير أكثر إقناعا: تستطيع أن تقول أن معرفة يوسف لهذا الجزء من الغيب هو مشابه تماماً لمعرفة النبي محمد بتلك القصص عن آل عمران و التي كانت من انباء الغيب التي اوحاها الله له .. بمعنى أن يوسف لم يكن يعلم غيبا و إنما كان يردد على مسامع صاحبي السجن ما أخبره به الله بخصوص الطعام الآتي لهما (كنوع من المعجزة له أمامهما - خاصة ذلك الذي نجا منهما). و أنا أكاد أميل الى هذا الرأي الأخير. عندها يصبح فعلا علم الغيب كله محصور بالله تعالى و كل ما أوتي الانبياء هي مجرد إخباريات أو أنباء عن بعض الغيب و ليس علم غيب بتاتاً. ...
و بخصوص مسألة وجود وحي آخر للنبي محمد فهذا التساؤل مردّه وجود تناقض ظاهري فمرة الايات تقول بكل صراحة على لسان النبي أنه لا يعلم الغيب و مرة أخرى تقول أن أوحي اليه غيبٌ ما في قوله (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) - أو قوله ( فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) تحريم ، و لكن بعد توضيح الفرق ما بين الغيب نفسه (أو بعض أنباء الغيب) و بين علمه (علم الغيب) نفسه المحصور بالله - تماما مثل ذلك المثال الذي طرحته انت و الذي وضّح الفرق ما بين معرفة جواب 5ضرب6 (كنبأ و خبر واحد) و بين معرفة الرياضيات (كعلم او فرع من علم).... يصبح ظاهرا أن تلك الانباء التي تلقاها النبي من الله هي بعض الانباء المنتقاة من الغيب و ليست علما للغيب مطلقا ، و بطبيعة الحال لم تعد تصبح غيبا بعد أن سطّرت في الكتاب.
و الله تعالى أعلم