"الرّحمن علّم القران":
"الرّحمن علّم القرآن"

فؤاد بوزواش Ýí 2008-09-07


بسم الله الرّحمان الرّحيم


لكلمة "علّم" (مع تشديد اللّام) في العربيّة معنيان :
أوّلهما جعل شخص أو حيوان إلخ يتعلّم شيئا ما. و هذا المعنى يتطلّب استعمال مفعول به أوّل و مفعول به ثان كالقول مثلا:"علّم فلان فلانا الشئ الفلاني" و ذلك ما نجد في الآيات التّالية :

  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 31 : "و علّم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 32 :"قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علّمتنا انك انت العليم الحكيم"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 129 : "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك و يعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 151 : "كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم و يعلّمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 239 : "فان خفتم فرجالا او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علّمكم ما لم تكونوا تعلمون"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 251 : "فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت واتاه الله الملك والحكمة و علّمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين"
  • سورة البقرة - سورة 2 - آية 282 : "يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا ياب كاتب ان يكتب كما علّمه الله"
  • سورة آل عمران - سورة 3 - آية 48 : "و يعلّمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجي
  • سورة آل عمران - سورة 3 - آية 164 : "لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم و يعلّمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
  • سورة النساء - سورة 4 - آية 113 : "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك وما يضلون الا انفسهم وما يضرونك من شيء وانزل الله عليك الكتاب والحكمة و علّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"
  • سورة المائدة - سورة 5 - آية 110 : "اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك اذ ايدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا واذ علّمتك الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل:
  • سورة يوسف - سورة 12 - آية 6 : "وكذلك يجتبيك ربك و يعلّمك من تاويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى ال يعقوب كما اتمها على ابويك من قبل ابراهيم واسحاق ان ربك عليم حكيم"
  • سورة يوسف - سورة 12 - آية 37 : "قال لا ياتيكما طعام ترزقانه الا نباتكما بتاويله قبل ان ياتيكما ذلكما مما علّمني ربي اني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة هم كافرون"
  • سورة يوسف - سورة 12 - آية 68 : "ولما دخلوا من حيث امرهم ابوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء الا حاجة في نفس يعقوب قضاها وانه لذو علم لما علّمناه ولكن اكثر الناس لا يعلمون"
  • سورة يوسف - سورة 12 - آية 101 : "رب قد اتيتني من الملك و علّمتني من تاويل الاحاديث فاطر السماوات والارض"
  • سورة الكهف - سورة 18 - آية 65 : "فوجدا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا و علّمناه من لدنا علما"
  • سورة الكهف - سورة 18 - آية 66 : "قال له موسى هل اتبعك على ان تعلّمن مما علّمت رشدا"
  • سورة طه - سورة 20 - آية 71 : "قال امنتم له قبل ان اذن لكم انه لكبيركم الذي علّمكم السحر"
  • سورة الشعراء - سورة 26 - آية 49 : "قال امنتم له قبل ان اذن لكم انه لكبيركم الذي علّمكم السحر"
  • سورة النمل - سورة 27 - آية 16 : "وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علّمنا منطق الطير"
  • سورة يس - سورة 36 - آية 69 : "وما علّمناه الشعر وما ينبغي له ان هو الا ذكر وقران مبين"
  • سورة الرحمن - سورة 55 - آية 4 : "علّمه البيان"
  • سورة الجمعة - سورة 62 - آية 2 : "هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم و يعلّمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
  • سورة العلق - سورة 96 - آية 5 : "علّم الانسان ما لم يعلم"




و في حالة غياب المفعول به الثّاني، يفهم المعنى نفسه من السّياق حيث لا يحتمل معنى آخر :

  • سورة المائدة - سورة 5 - آية 4 : "يسالونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علّمتم من الجوارح مكلبين تعلّمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله ان الله سريع الحساب"
  • سورة النحل - سورة 16 - آية 103 : "ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلّمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين"
  • سورة النجم - سورة 53 - آية 5 : "علّمه شديد القوى"
  • سورة العلق - سورة 96 - آية 4 : "الذي علّم بالقلم " و تبيّن المعنى الآية 5 : "علّم الانسان ما لم يعلم"


ثاني المعاني لكلمة "علّم" هو جعل علامة أو أمارة للشّئ يعرف به و هذا المعنى لا يتطلّب سوى مفعول به واحد.
و إنّى أميل إلى هذا المعنى في

سورة الرحمن - سورة 55 - آية 2 : "الرّحمن علّم القران"

ٍفإذا قلنا بالمعنى الأوّل، كانت كلمة " القرآن" مفعولا به ثانيا. أين إذا المفعول به الأوّل؟ أي من هو المعني بالتّعليم؟ لا أجد إجابة لا في السّياق و لا في الآيات الّتى تتكلّم عن التّعليم.

الأمر أسهل بكثير إذا ما قلنا بالمعنى الثّاني. فتكون كلمة " القرآن" هنا مفعولا به فقط، لا أوّلا و لا ثانيا، و يكون المعنى كاملا.

فاللّه جلّ جلاله ينبئنا أنّه وضع علامات في القرآن و السّؤال يصبح : ما هي تلك العلامات؟ أهي الأحرف المفتتحة لبعض السّور؟ أم هي كلمات أو آيات معيّنة؟ و إلى ماذا تشير؟ أهي علامات لمعرفة المحكم من المتشابه؟ أم هي إشارة إلى ترقيم آياته و أنّه من لدنه؟ أو شيئ آخر؟

أعتقد أنّه إذا كانت كلمة "علّم" في هذه الآية تحتمل هذا المعنى، فإنّ ذلك يفتح أفقا جديدا في البحث في آي القرآن.

هذه بعض الأفكار الّتي تختلج في نفسي و أرجو من الإخوة القرآنيّين أن يدلوا برأيهم في الموضوع.

اجمالي القراءات 17422

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   محمود دويكات     في   الإثنين ٠٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26638]

اجتهاد لطيف

ولكن على سبيل المقابلة (و المداعبة) ما رأيك في قوله سبحانه و تعالى (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) أعلى/3 - فهذا الفعل (قـدّر ) ما نعهده في القرءان إلا و ينصب مفعولا ، كقوله (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ) فصلت/10 و قوله (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ)واقعة/60 و قوله (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ ...)مزمل/20 و قوله (نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ)عبس/19 .. و أحيانا ينصب مفعولين : كقوله (وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ )يونس/5 و قوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ)يس/39 ... فإذا سرنا خلف اجتهادك عندها يصبح من الأاولى أن نفهم قوله تعالى (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) أي الذي جعل "أو وضع" قدورا !! ..و ذلك بحجة غياب المفعول ... لذا أعتقد أنه من الاجدر عدم ابتداع جديد إلا حين يفشل القديم عن تقديم المعنى . و قوله تعالى: الرحمن علم القرءان - تكافيء من ناحية العموم قوله تعالى : الذي قدّر فهدى ... أي لم يحصر العلم بنوع كما لم يحصره بمفعول محدد .. و هذا من جمال و بلاغة القرءان.


و الله تعالى أعلى و أعلم


2   تعليق بواسطة   فؤاد بوزواش     في   الإثنين ٠٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26643]

أخي محمود، شكرا على تأكيد ما أروم الوصول إليه.



 لم أقف على معنى "قدّر" الّذي ذهبتم إليه. ففي لسان العرب، "قدّر" الغير متعدّي يعني " تمهّل وفكّر في تسوية أمر وتهيئته" و هذا ما يمكن أن يُفهم في قوله تعالى



 سورة سبأ - آية 11 : "أن اعمل سابغات وقدّر في السرد واعملوا صالحا إنّي بما تعملون بصير"
سورة المدثر : (18) "إنه فكر وقدّر (19) فقتل كيف قدّر (20) ثم قتل كيف قدّر"
سورة الأعلى - آية 3 : "والذي قدّر فهدى"



كما لست أحمّل الكلمات أكثر ممّا تحتملها معانيها العربيّة.



أخيرا، لديّ سؤال : ما هو القديم الّذي تقصده بقولك : "من الاجدر عدم ابتداع جديد إلا حين يفشل القديم عن تقديم المعنى" ؟ أهي أقوال من يُسمّوٍِْن بالمفسّرين القدامى ؟ لست تعني ذلك، أليس كذلك ؟ ...


3   تعليق بواسطة   محمود دويكات     في   الإثنين ٠٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26644]

نظرية المثاني

جزاك الله خيرا على اجتهادك أخي الفاضل فؤاد .. ما أردت قوله أن المعنى الجديد لكلمة "علّم" والذي اتيت انت به لهو غريب .. و هذا بالطبع لا يعني أنه خاطيء كما لا يعني أنه صحيح.... القديم هو القول أن المفهوم من قوله تعالى " علم القرءان" أي أطلق المفعول به فأصبحت صالحة لكم كبير من الاحتمالات: علّم : محمد الرسول.. .. المؤمن.. الانسان  ..أما إن قلنا أن المقصود وضع علامات فهذا رأي جديد .. و قد ترى أنه من الصعب دعمه إلا إن وجدنا في المعنى الاول فشلا...


لكن .. هناك نظرية ، أصحابها الربانيون بفلسطين ، تنادي بثنائية المعاني في مفردات القرءان الكريم ، و هي أن الكلمات (و الضمائر) ثنائية المرجع و الدلالة .. فها أنت هنا أتيت بكلمة تحتمل معنيين مختلفين (رغم عودتهما لنفس الجذر) فالعلامات ليست هي العلم و ليس العلم علامات .. و بالنسبة للضمائر فكمثال على ذلك (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)أنعام/76 .. و آخر الاية - حسب تلك النظرية- يمكن قراءته فهْمًا على وجهين اثنين (مثاني): مما تشركون {الله به} و هنا الضمير يعود على الله .. كما أنها تفهم على : مما تشركونــ{ــي أنا}  يراد التبرّء من أن يكون هو معهم.  .. و هذه النظرية تكاد تفلح مع الكثير من الضمائر التي قد تثير الريبة في النفوس المتشككة ..و خصوصا كآيات من مثل (يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)بقرة/142 ، فقوله "من يشاء" هنا الاسم الموصول "من" مثاني يعود على اثنين:  الانسان الذي يختار و يشاء و الله تعالى الذي يشاء و يختار و باتفاقهما معا تتم الهداية الى صراط مستقيم .. وبناء عليه يصبح قولك (إن صح اجتهادك) من اكتشافات المثاني في القرءان الكريم فتصبح للفعل أكثر من معنى في نفس الوقت و في نفس الموضع.... و ما عهدنا الى الان إلا بإن بعض كلمات القرءان تحمل عدة معاني تختلف باختلاف موضعها أو سياقها .. لكن نظرية المثاني تلح على أن يكون المعنيين المختلفين ينطبقان في نفس الموضع و نفس السياق .. و إن شاء الله يكون مقالك هذا فاتحة خير تجاه الكشف عن مزيد من مثل هذه الكلمات في القرءان العظيم.


و الله أعلم و هو الموفق


4   تعليق بواسطة   فؤاد بوزواش     في   الثلاثاء ٠٩ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26645]

نظرية المثاني : ليست مقتصرة على المعاني

بارك الله فيك أخي محمود إذ لم يكن لديّ علم بنظريّة ثنائيّة المعاني، وهي فعلا جديرة بالدّراسة.


تعليقك هذا ذكّرني بمقال رائع (حسب رأيي) بالانجليزيّة، لكاتب باكستاني. هذا المقال يهتم بالكلمة القرآنيّة في بعديها : المعنى و الشّكل. المثل الّذي أذكر هو : "افلا يتدبّرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" (سورة النساء - آية 82) فإلى جانب معنى "الاختلاف"، لا نجد في القرآن إلّا كلمة " اختلافا" واحدة، تصديقا ثانيا لقوله تعالى.

سأبحث عنه و أنشره إن شاء الله.

أخيرا، لا يعني عدم سماعنا بمن قال بمثل ما قُلته أنّنى أوّل من "اكتشفه" و ليس هذا المهمّ.

و بارك الله فيك مرّة أخرى

5   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الخميس ١١ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26684]

مرحبا بك استاذ بوزواش وشرفت الموقع ..وأقول :

مع الشكر على هذا المقال القيم الذى ينبىء عن ثقافة قرآنية ولغوية أتمنى ان تستمر فى فى هذا الطريق ، تطرح الموضوع متسائلا مع تقديم رأيك.


و كنت على وشك أن أقوم بالتعليق معطيا وجهة نظر أخرى إلا أننى قررت أن أكتب مقالا كاملا وأنشره بعونه جل وعلا فى باب التاصيل ، وسيكون بعنوان ( الاعجاز فى الايجاز فى النسق القرآنى ) ..


كل عام وانت بخير اخى العزيز.


6   تعليق بواسطة   نادية البودى     في   الأحد ٢٧ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56273]

بارك الله فيك أستاذ بالزاوش

بسم الله الرّحمان الرحمان الرّحيم


إنّني متفائلة جدّا لما أقرؤه فهو يدلّ على المستوى العالي لكتاب الموقع، لكن أشعر أنه آن الأوان لكي نواجه أعداء الإسلام والذين يتعمدون إلى إفتراء أحاديث كاذبة على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. إن تونس وكل الدّول العربية الثائرة على شفا حفرة من النار فجميعها مهدّدة بالحركة السلفية الوهابية وذلك لأن الشعوب تخشى الله وترغب في تطبيق شرع الله ولكنها لا تعرف خطر الفكر الوهابي، فالمواطن التونسي لا فرق لديه بين القرآن والسنة في الإعتماد والتطبيق وعادة ما يلجأ الشيوخ إلى صحيح مسلم والبخاري في خطب الجمعة والدروس الدينية والمواطن التونسي يقبله بدون أي نقاش ويقرّ بأن الصحيحين لا يمكن الشك فيهما. لذلك من الضروري مواجهة هذا التيار الرجعي والخطير اليوم قبل الغد ويكون ذلك حسب رأي بتكوين حزب سياسي ورفع قضايا لدى المحاكم ضد المدرسة الزيتونية وجامعة الأزهر بسبب الإفتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.   وشكرا نادية من تونس. 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-26
مقالات منشورة : 1
اجمالي القراءات : 17,423
تعليقات له : 19
تعليقات عليه : 6
بلد الميلاد : Tunisia
بلد الاقامة : Tunisia

احدث مقالات فؤاد بوزواش
more