فؤاد بوزواش Ýí 2008-09-07
بسم الله الرّحمان الرّحيم
لكلمة "علّم" (مع تشديد اللّام) في العربيّة معنيان :
أوّلهما جعل شخص أو حيوان إلخ يتعلّم شيئا ما. و هذا المعنى يتطلّب استعمال مفعول به أوّل و مفعول به ثان كالقول مثلا:"علّم فلان فلانا الشئ الفلاني" و ذلك ما نجد في الآيات التّالية :
و في حالة غياب المفعول به الثّاني، يفهم المعنى نفسه من السّياق حيث لا يحتمل معنى آخر :
ثاني المعاني لكلمة "علّم" هو جعل علامة أو أمارة للشّئ يعرف به و هذا المعنى لا يتطلّب سوى مفعول به واحد.
و إنّى أميل إلى هذا المعنى في
سورة الرحمن - سورة 55 - آية 2 : "الرّحمن علّم القران"
ٍفإذا قلنا بالمعنى الأوّل، كانت كلمة " القرآن" مفعولا به ثانيا. أين إذا المفعول به الأوّل؟ أي من هو المعني بالتّعليم؟ لا أجد إجابة لا في السّياق و لا في الآيات الّتى تتكلّم عن التّعليم.
الأمر أسهل بكثير إذا ما قلنا بالمعنى الثّاني. فتكون كلمة " القرآن" هنا مفعولا به فقط، لا أوّلا و لا ثانيا، و يكون المعنى كاملا.
فاللّه جلّ جلاله ينبئنا أنّه وضع علامات في القرآن و السّؤال يصبح : ما هي تلك العلامات؟ أهي الأحرف المفتتحة لبعض السّور؟ أم هي كلمات أو آيات معيّنة؟ و إلى ماذا تشير؟ أهي علامات لمعرفة المحكم من المتشابه؟ أم هي إشارة إلى ترقيم آياته و أنّه من لدنه؟ أو شيئ آخر؟
أعتقد أنّه إذا كانت كلمة "علّم" في هذه الآية تحتمل هذا المعنى، فإنّ ذلك يفتح أفقا جديدا في البحث في آي القرآن.
هذه بعض الأفكار الّتي تختلج في نفسي و أرجو من الإخوة القرآنيّين أن يدلوا برأيهم في الموضوع.
لم أقف على معنى "قدّر" الّذي ذهبتم إليه. ففي لسان العرب، "قدّر" الغير متعدّي يعني " تمهّل وفكّر في تسوية أمر وتهيئته" و هذا ما يمكن أن يُفهم في قوله تعالى
كما لست أحمّل الكلمات أكثر ممّا تحتملها معانيها العربيّة.
أخيرا، لديّ سؤال : ما هو القديم الّذي تقصده بقولك : "من الاجدر عدم ابتداع جديد إلا حين يفشل القديم عن تقديم المعنى" ؟ أهي أقوال من يُسمّوٍِْن بالمفسّرين القدامى ؟ لست تعني ذلك، أليس كذلك ؟ ...
جزاك الله خيرا على اجتهادك أخي الفاضل فؤاد .. ما أردت قوله أن المعنى الجديد لكلمة "علّم" والذي اتيت انت به لهو غريب .. و هذا بالطبع لا يعني أنه خاطيء كما لا يعني أنه صحيح.... القديم هو القول أن المفهوم من قوله تعالى " علم القرءان" أي أطلق المفعول به فأصبحت صالحة لكم كبير من الاحتمالات: علّم : محمد الرسول.. .. المؤمن.. الانسان ..أما إن قلنا أن المقصود وضع علامات فهذا رأي جديد .. و قد ترى أنه من الصعب دعمه إلا إن وجدنا في المعنى الاول فشلا...
لكن .. هناك نظرية ، أصحابها الربانيون بفلسطين ، تنادي بثنائية المعاني في مفردات القرءان الكريم ، و هي أن الكلمات (و الضمائر) ثنائية المرجع و الدلالة .. فها أنت هنا أتيت بكلمة تحتمل معنيين مختلفين (رغم عودتهما لنفس الجذر) فالعلامات ليست هي العلم و ليس العلم علامات .. و بالنسبة للضمائر فكمثال على ذلك (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)أنعام/76 .. و آخر الاية - حسب تلك النظرية- يمكن قراءته فهْمًا على وجهين اثنين (مثاني): مما تشركون {الله به} و هنا الضمير يعود على الله .. كما أنها تفهم على : مما تشركونــ{ــي أنا} يراد التبرّء من أن يكون هو معهم. .. و هذه النظرية تكاد تفلح مع الكثير من الضمائر التي قد تثير الريبة في النفوس المتشككة ..و خصوصا كآيات من مثل (يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)بقرة/142 ، فقوله "من يشاء" هنا الاسم الموصول "من" مثاني يعود على اثنين: الانسان الذي يختار و يشاء و الله تعالى الذي يشاء و يختار و باتفاقهما معا تتم الهداية الى صراط مستقيم .. وبناء عليه يصبح قولك (إن صح اجتهادك) من اكتشافات المثاني في القرءان الكريم فتصبح للفعل أكثر من معنى في نفس الوقت و في نفس الموضع.... و ما عهدنا الى الان إلا بإن بعض كلمات القرءان تحمل عدة معاني تختلف باختلاف موضعها أو سياقها .. لكن نظرية المثاني تلح على أن يكون المعنيين المختلفين ينطبقان في نفس الموضع و نفس السياق .. و إن شاء الله يكون مقالك هذا فاتحة خير تجاه الكشف عن مزيد من مثل هذه الكلمات في القرءان العظيم.
و الله أعلم و هو الموفق
بارك الله فيك أخي محمود إذ لم يكن لديّ علم بنظريّة ثنائيّة المعاني، وهي فعلا جديرة بالدّراسة.
مع الشكر على هذا المقال القيم الذى ينبىء عن ثقافة قرآنية ولغوية أتمنى ان تستمر فى فى هذا الطريق ، تطرح الموضوع متسائلا مع تقديم رأيك.
و كنت على وشك أن أقوم بالتعليق معطيا وجهة نظر أخرى إلا أننى قررت أن أكتب مقالا كاملا وأنشره بعونه جل وعلا فى باب التاصيل ، وسيكون بعنوان ( الاعجاز فى الايجاز فى النسق القرآنى ) ..
كل عام وانت بخير اخى العزيز.
بسم الله الرّحمان الرحمان الرّحيم
إنّني متفائلة جدّا لما أقرؤه فهو يدلّ على المستوى العالي لكتاب الموقع، لكن أشعر أنه آن الأوان لكي نواجه أعداء الإسلام والذين يتعمدون إلى إفتراء أحاديث كاذبة على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. إن تونس وكل الدّول العربية الثائرة على شفا حفرة من النار فجميعها مهدّدة بالحركة السلفية الوهابية وذلك لأن الشعوب تخشى الله وترغب في تطبيق شرع الله ولكنها لا تعرف خطر الفكر الوهابي، فالمواطن التونسي لا فرق لديه بين القرآن والسنة في الإعتماد والتطبيق وعادة ما يلجأ الشيوخ إلى صحيح مسلم والبخاري في خطب الجمعة والدروس الدينية والمواطن التونسي يقبله بدون أي نقاش ويقرّ بأن الصحيحين لا يمكن الشك فيهما. لذلك من الضروري مواجهة هذا التيار الرجعي والخطير اليوم قبل الغد ويكون ذلك حسب رأي بتكوين حزب سياسي ورفع قضايا لدى المحاكم ضد المدرسة الزيتونية وجامعة الأزهر بسبب الإفتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وشكرا نادية من تونس.
دعوة للتبرع
الأوثان: ما معنى أوثان ا في قوله تعالى {وَقَ لَ ...
حمل الأمانة : يقول الله تعالي جل وعلا في الاحز اب 72 بسم الله...
وأهلا بك : السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته انا اول...
كتب أهل الكتاب : هل كتب أهل الكتا ب الحال ية إن أتبعه ا أهل...
نصيبا من الكتاب: ما معنى ( الَّذ ِينَ أُوتُ وا نَصِي باً ...
more
ولكن على سبيل المقابلة (و المداعبة) ما رأيك في قوله سبحانه و تعالى (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) أعلى/3 - فهذا الفعل (قـدّر ) ما نعهده في القرءان إلا و ينصب مفعولا ، كقوله (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ) فصلت/10 و قوله (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ)واقعة/60 و قوله (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ ...)مزمل/20 و قوله (نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ)عبس/19 .. و أحيانا ينصب مفعولين : كقوله (وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ )يونس/5 و قوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ)يس/39 ... فإذا سرنا خلف اجتهادك عندها يصبح من الأاولى أن نفهم قوله تعالى (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) أي الذي جعل "أو وضع" قدورا !! ..و ذلك بحجة غياب المفعول ... لذا أعتقد أنه من الاجدر عدم ابتداع جديد إلا حين يفشل القديم عن تقديم المعنى . و قوله تعالى: الرحمن علم القرءان - تكافيء من ناحية العموم قوله تعالى : الذي قدّر فهدى ... أي لم يحصر العلم بنوع كما لم يحصره بمفعول محدد .. و هذا من جمال و بلاغة القرءان.
و الله تعالى أعلى و أعلم