د. شاكر النابلسي Ýí 2008-02-05
انشغل العالم العربي في هذه الأيام بتقرير لجنة "فينو غراد" (خمسة أعضاء برئاسة القاضي المتقاعد الياهو فينوغراد وعضوية البروفيسور روت غبيزون، والبروفيسور يحزقيل درور، والعميد الضابط د. حاييم ندل، والعميد الضابط مناحيم عينان) الإسرائيلية التي عيّنتها الحكومة الإسرائيلية الحالية وليست المعارضة الإسرائيلية بغرض الشماتة، أو الدسَّ، أو العقاب للحكومة الحالية، والذي كان يمكن لهذا التقرير أن يطيح بالحكومة ذاتها التي كلفت اللجنة بكتابته، والذي صدر في أكثر من ستمائة صفحة (612) وبمجلدين، تحاسب حساباً عسيراً المسئولين المدنيين والعسكريين في إسرائيل على ما فعلوه في حربهم في لبنان في صيف 2006. وأما الغاية من التقرير فقد كانت كما جاء في الفقرة 32 من التقرير أنه " تمَّ تعيين اللجنة بسبب شعور قوي في الجمهور بالانكسار والخيبة من نتائج الحرب، وأسلوب إدارتها. وأيضاً بسبب رغبة الحكومة، والمؤسسة الأمنية والجيش في استخلاص العبر". وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا التقرير الذي يضع المسئولين في الدولة الإسرائيلية أمام مسؤولياتهم، ولكنها تمّت عدة مرات، وكان آخرها في أعقاب حرب 1973. وهذا سرٌ من إسرار قوة إسرائيل العسكرية والمدنية.
النقد الذاتي مبعث قوة
فالنقد الذاتي مبعث قوة في أي شعب من الشعوب، وفي أية دولة من الدول، وليس مبعث ضعف، سواء في زمن الحرب، أم في زمن السلام. وهذا مرده إلى أن إسرائيل دولة علمانية ديمقراطية، سواء رضينا أم أبينا، اعترفنا أم لم نعترف، رغم كل ملاحظاتنا، وسبابنا، وإنكارنا لهذه الديمقراطية المرتبطة – بالنسبة لنا – بمدى التنازلات الإسرائيلية ربطاً محكماً في الخطاب السياسي العربي.
أما إذا ما ظهر النقد الذاتي لدينا - على ندرته وعدم جرأته – فهذا يحسب لدينا في خانة الخيانة العظمى. فكم من حروب خضناها وخسرناها خسارة منكرة، فأين التقارير التي تشير إلى المتسببين في هذه الخسارة، وأسباب وبواعث هذه الخسارة. فنقد صاحب القرار لدينا خط أحمر، ونقد الحاكم خط أحمر، ونقد قادة الجيش خط أحمر، وما أكثر خطوطنا الحمراء. أما الدول الديمقراطية، فلا خطوط حمراء مانعة لديها من النقد الذاتي. ولهذا يتقدم تقرير "فينوغراد" بجرأة، ويقول في الفقرات 33 و 37 و 40:" المسؤولية الأولية عن الفشل المزدوج تقع على كاهل الجيش الإسرائيلي، وعلى المحافل المهنية. إن الفشل المتمثل في غياب المداولات العسكرية والسياسية المشتركة، لطريقتي العمل وضرورة الحسم بينهما، كان مرتبطاً أيضاً بطرق المداولات واتخاذ القرارات التي وجدناها في المستوى السياسي، وفي المستوى العسكري، وفي العلاقة بينهما. الجيش بعمومه، ولا سيما بواسطة القيادات العليا وقوات البر، فشل في تقديم جواب عسكري كافٍ على التحدي الذي واجهه في إدارة الحرب في لبنان، ولم يوفر للمستوى السياسي أساساً عسكرياً مناسباً لعملية سياسية."
لا خطوط حمراء
ورغم تحذيرات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (اشكينازي) من أن في الجيش الإسرائيلي من يخشون أن يؤثّر التقرير على الاندفاع لدى ضباط ممتازين، هم الآن في مرحلة الحسم والتقرير في ما إذا كانوا سيواصلون الخدمة الدائمة، ويربطون مصيرهم بالجيش، أو يتحولون إلى السلك المدني، فقد صدر هذا التقرير، وأكمل مهمته. ذلك أن الجيش بعد الحرب كان في درك أسفل غير مسبوق لجهة صورته، وحاول منذ انتهاء الحرب تحسين هذه الصورة تدريجاً، إلا أن تقرير "فينوغراد" أعاده مرة أخرى إلى الوراء، وأضرَّ كثيراً بصورة الجيش. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت": "إن الخشية من هذا التقرير أن يؤدي إلى شلل في المؤسسة العسكرية، ابتداء من المستويات القيادية العليا وصولاً إلى الرتب المتدنية"، وحذرت الصحيفة من "إمكان أن يؤدي التقرير إلى انتهاج الضباط سياسة اختيار الطرق السهلة وعدم الإقدام على القيام بمبادرات أو اتخاذ قرارات، خشية أن يتضرروا في المستقبل". ورغم كل هذا، ورغم محاولة وضع خطوط حمراء من قبل رئيس الأركان والصحافة، إلا أن التقرير سار في الطريق المرسوم له، وصدر بكل جرأة على هذا النحو الذي قرأناه.
فمن يجرؤ على قول مثل هذا في العالم العربي في الماضي والحاضر، ولا يلقى القصاص اللائق به؟
معذورون هم العرب
الحرب بين لبنان وإسرائيل لم تنتهِ بعد. والرئيس اللبناني فؤاد السنيورة حذّر بالأمس – وفي تحذيره النظرة السياسية الثاقبة – من أن تقرير "فينوغراد" سوف يكون في جانب من جوانبه، الاستعداد لحرب جديدة بين لبنان وإسرائيل. إسرائيل خسرت معركة تموز 2006 مع لبنان، لا جديد في هذا، فقد قالت الصحف الإسرائيلية ذلك أثناء، وبعد الحرب. ويظل العرب معذورين في إعلان فرحهم وابتهاجهم بنتائج وأحكام تقرير "فينوغراد". فهم لم يفرحوا بنصر منذ أكثر من نصف قرن، ومنذ حرب 1948 مع إسرائيل. وحاولوا الحرب بعد ذلك مع إسرائيل ثلاث مرات، فلم يفلحوا. وخاض الفلسطينيون حروب المقاومة التحريرية، وكان الكلام فيها أكثر من الرصاص. فمن حقهم أن يفرحوا هذه الأيام.
براءة قوى 14 آذار من تهمة العمالة
ويبقى أن أهم ما في التقرير براءة "قوى 14 آذار" اللبنانية وبراءة حكومة فؤاد السنيورة من التهمة التي وجهها لهما "حزب الله" من أنهما تعاونا مع إسرائيل على ضرب لبنان و"حزب الله". فلم يكن في هذا التقرير الصريح ذكر لهذا. ورغم ذلك فقد قال أتباع "حزب الله": "ان تقرير فينوغراد شهادة تحرج فريق 14 آذار الذين هم وشركاؤهم ممن نعتوا أبطال الحرب بالمغامرين. ألم يخجلوا على أنفسهم عندما ينظرون إلى هذا التقرير؟ ولكن إن لم تستحِ فافعل ما شئت! علماً أن تقرير فينوغراد كان قد أغفل نقطة هامة، وهي عدم الإشارة إلى الدور الريادي لقوى 14 آذار في حرب تموز 2006، وعلماً أن جهودهم كانت جبارة. ولكن لا هم ولا أسيادهم في البيوت البيضاء والسوداء، يستطيعون أن يحجبوا ضوء الشمس، ونور الحقيقة.
فهل سيصنف فينوغراد وفق سلم تصنيف قوى 14 آذار بالعميل السوري الإيراني ؟
وهل سيجدون له دورا في اللجنة التي تحقق في اغتيال الحريري ؟ أسئلة أتركها للتاريخ الذي سيجيب عنها يوما ما بخجل أمام الأجيال".
وذلك هو المستفاد فقط من هذه الحرب، ومن هذا التقرير حتى الآن!
أما نحن فسنظل نتساءل: أين "فينوغراد" العربي، منذ نصف قرن مضى وحتى الآن؟
السلام عليكم.
هل أصبحت مصر دولة "مدنية" لأول مرة ؟
هل مستقبل مصر السياسى فى ( الشوقراطية )
دعوة للتبرع
أثخن : ما معنى ( أثخن ) فى الآية 4 من سورة ( محمد ) ؟...
أبوك ظالم .!!: ابي مات وله أختين فىه واحده منهم باعت جزء من...
إمكانية الزواج: هل يمكن للمرء ان يتزوج علما انه في مرحلة البحث...
البقرة 212: يقول الله سبحان ه وتعال ى : ( زُيِّ نَ ...
الرحمن علم القرآن: سلام عليكم استاذ نا سؤالى عن اول سورة...
more