مدخل عام الى القناة الامازيغية الجزء الأول          

مقدمة مطولة الى النهاية                                         

ظل امازيغي المغرب منذ سنة 1956 مرتبطين ارتباطا وثيقا بمعالم ثقافتهم و هويتهم الاصيلة رغم منظور الدولة الوطنية العنصري و منظور النخبة الدينية الرسمية حيال هذه المسالة الثقافية الامازيغية آنذاك حيث ان امازيغي المغرب في أواخر خمسينات القرن الماضي قد حاولوا تأسيس حزب سياسي امازيغي برئاسة عامل تافيلالت المرحوم عدي اوبيهي كما يقول الأستاذ عبد الله بوشطارت في كتابه الامازيغية و الحزب.

ومن مظاهر ارتباط امازيغي المغرب بمعالم ثقافتهم و هويتهم الاصيلة هي الفنون الغنائية التقليدية عبر التراب الوطني مثل فن احيدوس في منطقة الاطلس المتوسط و مثل فن احواش و فن الروايس في منطقة سوس الكبير الخ من هذه الأمثلة للفنون الغنائية التقليدية التي تعبر عن اصالة هذا الشعب الثقافية و الدينية من ناحية الملابس العريقة و الالات الموسيقية و مشاركة الجنس اللطيف فيها جانب الرجال في الرقص المحترم و في الغناء عبر مواضيع الحياة اليومية سواء في المجال القروي او في المجال الحضري ..

و مع انتقال الامازيغيين الى العمل الثقافي رسميا بميلاد الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي سنة 1967 ظهرت المجموعات الغنائية العصرية التي تغني بالامازيغية بمنطقة الريف و في منطقة سوس الكبير حيث قد أشار بعض الباحثين الى ان هذه المجموعات الغنائية العصرية قد ظهرت بسوس الكبير منذ خمسينات القرن الماضي..

غير ان المعروف بالنسبة لنا ان هذه الأخيرة انطلقت هنا في هذه الجهة المباركة  منذ سبعينات القرن الماضي مع مجموعة لقدام الام التي انجبت لنا مجموعة ازنزارن الشهيرة داخل المغرب او خارجه الان بقصائدها الحاملة لهموم أجيال السبعينات و الثمانينات و  التسعينات السياسية و الاقتصادية و الثقافية الخ ......

لقد أسست مجموعة اوسمان الشهيرة من طرف الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي سنة 1975 برئاسة المرحوم عموري امبارك الى جانب اخرين بغرض تحديث الاغنية الامازيغية من ناحية الشعر و الالات الموسيقية الغربية مع الحفاظ على الاصالة الثقافية فكانت مجموعة اوسمان بحق وجه الثقافة الامازيغية العصري داخل مدن المركز او داخل فرنسا او بلجيكا لكن مسارها قد توقف سنة 1979 و انطلق المرحوم عموري امبارك في مساره المتميز في تحديث الاغنية الامازيغية الى وفاته في فبراير 2015 تركا وراءه اثر فني ثمين و زوجة فنانة مثله وابنه الصغير سيفاو ...

و في سنة 1979 تاسست مجموعة ارشاش من طرف شباب نواحي إقليم طاطا الأصيل مثل الأستاذ مولاي علي شوهاد و الأستاذ صالوت اكرام الخ في مدينة الدار البيضاء على أساس الجمع بين البادية و المدينة أي الاصالة و المعاصرة من خلال استعمال ايقاعات فن احواش و الشعر الملتزم بقضايا المجتمع الهوياتية و الاجتماعية الخ من هذه المجموعات الغنائية العصرية .

اذن فالذي اريد الوصول اليه هو ان امازيغي المغرب لم يتوقفون منذ سنة 1956 عن انتاج فنونهم الاصيلة او العصرية خصوصا بعد التاسيس الرسمي للحركة الثقافية الامازيغية سنة 1967 أي ان الوعي الثقافي الامازيغي قد ساهم بشكل كبير في تاطير هذه الفنون ببعدها التقليدي و ببعدها العصري على حد السواء ..

و في أوائل تسعينات القرن الماضي ظهرت ما يسمى بافلام الفيديو الامازيغية في منطقة سوس العالمة و المحافظة ببعدها السلبي و ببعدها الإيجابي حيث اننا نعتبر في نهاية المطاف  نتاج هذه التقاليد المحافظة قبل ظهور شيوخ الوهابية الجدد في منطقتنا المسماة بسوس العالمة منذ سنوات قليلة..........

و في أوائل تسعينات القرن الماضي كان من الصعب ان تجد امراة او فتاة تقبل ممارسة التمثيل في فيلم ناطق بالامازيغية او بالدارجة لان التمثيل في حد ذاته كان يعتبر مثل ممارسة الفساد بصريح العبارة بالنسبة للمراة وقتها رغم من وجود الرايسات في ذلك الزمان...

لقد كان اغلب قرى سوس لا تتوفر على ابسط مقومات الحياة الكريمة مثل التيار الكهربائي او الماء الصالح للشرب او الطرق الخ....

ان ظاهرة أفلام الفيديو الامازيغية تستحق منا بعض التحليل بالنظر الى تلفزيوننا الوطني أي التلفزة المغربية الرسمية و القناة الثانية الخاصة كان يبث الدراما الأجنبية من المشرق العربي او من الغرب المسيحي مع القليل من الدراما الناطقة بالدارجة بالنسبة للقناة الثانية كما شرحته في مقالاتي السابقة حيث ان أفلام الفيديو الامازيغية آنذاك كانت ترسل الرسائل الى السلطة العليا و الى تيارات الإسلام السياسي و الى ما يسمى بالسلفية الوطنية كذلك ...

و تقول هذه الرسائل ان الامازيغيين هم اشد تدينا بالإسلام من خلال حياتهم الاجتماعية و العائلية سواء في القرى و في المدن حيث ان هذه الحقيقة تتعارض مع ما اسميه بايديولوجية الظهير البربري القائلة بدون أي حياء ان اجدادنا الكرام كانوا يعيشون في بحور الظلال و الجاهلية باحتكامهم الى اعراف ما انزل الله بها من سلطان حتى جاء الاستعمار الفرنسي فاصدر الظهير البربري   يوم 16 ماي 1930 للتفريق بين البربر و العرب و تنصير البربر و فرنستهم الخ من اساطير الحركة الوطنية قديما و جديدا مع شيوخ الوهابية الجدد و المفكرين الإسلاميين........

 انني شاهدت امس  برنامج على قناة المغربية حول الفندق الأمريكي بمدينة فاس لعلاج الحيوانات المنزلية قد أسس سنة 1929 فقلت في نفسي كم من الحقائق اكتشفناه منذ سنة 2008 حول زيف هذه الأيديولوجية الحقيرة ....

و كما ان هذه الرسائل جعلت العديد من الامازيغيين يحلمون بتاسيس قناة تلفزيونية باللغة الامازيغية في ذلك الزمان الصعب لان السلطة العليا لا تريد تحقيق هذه المطالب الثقافية او اللغوية لامازيغي المغرب على الاطلاق .........

و في يناير 2000 أي شهر قبل من سفر الوالدين الى الحج وصلتنا اخبار مفادها بان هناك مشروع لتاسيس التلفزة الامازيغية بفرنسا وقتها.

 و بعد سنوات من هذا التاريخ الحساس بالنسبة لي اكتشفنا ان هذه التلفزة الامازيغية بفرنسا قد أسست من طرف امازيغي منطقة القبائل المحتلة من طرف نظام الجزائر العروبي الى اقصى الحدود و بهذه المناسبة فانني احيي امازيغي القبائل على نضالهم الثقافي و السياسي منذ الربيع الامازيغي لسنة 1980 و ربما قبله الى يوم الناس هذا .

و للإشارة فقط فان الأستاذ الحسين بويعقوبي المعروف في أوساط الحركة الامازيغية بالمغرب عموما و سوس الكبير خصوصا كان يقدم برنامج على التلفزة الامازيغية بفرنسا عندما كان هناك حيث استضاف العديد من الوجوه الامازيغية كالاستاذ افولاي الخطير باحث بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية و المرحوم الفنان الامازيغي عبد العزيز الشامخ ...

و في سنة 2006 تم الحديث لأول مرة عن إمكانية تأسيس القناة الامازيغية بالمغرب حيث كان من المقرر ان ترى النور في سنة 2008  باسم القناة السابعة لكن أمور قد ذهبت لصالح تأسيس قناة الأفلام المغربية ...........

و أخيرا قد تاسست قناة تامزيغت 8 في فاتح مارس 2010 بعد عقود كثيرة من انتاج الفنون الامازيغية ببعدها التقليدي و العصري و انتاج خطاب امازيغي حديث ببعده الثقافي الذي انجب خطاب اجدير التاريخي و المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الخ.

و للحديث بقية  في الجزء الثاني

توقيع المهدي مالك