خلق آدم عليه عليه السلام ومعنى الإصطفاء

عثمان محمد علي Ýí 2024-09-04


خلق آدم عليه عليه السلام ومعنى الإصطفاء.

كثيرا ما تتردد مقولات ومقالات وكتابات عن أن آدم عليه السلام ليس أول البشروليس أول جنس الإنسان وليس أول الناس ،وأنه عليه السلام إصطفاه ربه جل جلاله من أجناس بشرية كانت مخلوقة من قبله. وقد رددنا على هذا وأبطلناه قرآنيا في شرح مُفصل مُدعم ومُستند على آيات قرءانية تُدحض كل هذه الأقوال والأباطيل ،وأثبتنا أن (آدم عليه السلام )هو وذريته هُم وحدهم من أطلق عليهم القرءان الكريم أسماء ومُصطلحات (البشر – الإنسان – الناس –بنى آدم ) وذلك في مقال نشرناه على صفحتنا على (اهل القرآن) وعلى الفيس بوك بتاريخ 19-8-2023 تحت عنوان (هل صدق داروين في أقواله عن خلق آدم عليه السلام ؟؟)

المزيد مثل هذا المقال :

واليوم نرُد على قولهم ومزاعمهم  بأن إصطفاء آدم  يعنى أنه مخلوق من جنس سبقه في الخلق ،اى أنه تعديل في الشكل الخارجي وفى هيكله التشريحى ووظائف أعضاءه وتحسين عما كان عليه أباءه وأجداده من البشر السابقين .

وهنا نسأل هل الإصطفاء هو ما قالوه أم أنه شيء آخر ،وهل الإصطفاءأختص به المولى جل جلاه آدم عليه السلام وحده أم إشترك معه مجموعة أُخرى من العالمين عبر العصور ؟؟؟

نعود للقرءان الكريم لنبحث فيه عن الإجابة ونمشى دُبر وخلف آياته الكريمات لنتعرف على معنى الإصطفاء ،وهل كان لأدم عليه السلام وحده أم إشترك معه أحد من أبنائه وأحفاده ؟؟

 1—لم يكن الإصطفاء لآدم عليه السلام وحده .

يقول رب العزة جل جلاله (۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ (33) ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (34آل عمران).

 فالإصطفاء هُنا كان ل(آدم- نوح –إبراهيم وأولاده وحفيده يعقوب ثم حفيده يوسف – موسى وهارون ثم آل عمران زكريا ويحيى ومريم وعيسى عليهم السلام ).

آيات أخرى تُحدد إصطفاء إبراهيم عليه السلام (وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ) (130).

هنا آية أُخرى تُضيف لآل من آل إبراهيم عليهم السلام.

(وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ (45) إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ (46) وَإِنَّهُمۡ عِندَنَا لَمِنَ ٱلۡمُصۡطَفَيۡنَ ٱلۡأَخۡيَارِ) (47ص).

إصطفاء المولى جل جلاله لموسى عليه السلام (فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (143) قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذۡ مَآ ءَاتَيۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ (144) وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ).

2- هل الإصطفاء كان في تغيير الخلق ،أي من جنس لجنس ،أو لجعلهم مختلفين في مظهرهم الخارجى أوالتشريح الداخلى ووظائف الأعضاء بنقصان أوزيادة أطراف مثلا عن خلق الناس وعن أمثالهم من البشر، أم الإصطفاء له معنى آخر يُفهم من الوظيفة التي سيقومون بها ؟؟

الإصطفاء لم يكن بمعنى تغيير الخلق والخلقة ولا زيادة ولا نقصان في مظهرهم وشكلهم وتركيبتهم التشريحية والداخلية لتختلف عما عليه أمثالهم من أقوامهم ومن البشرية ومن الناس ، وإنما الإصطفاء هو الإختيار ليكونوا أنبياءا ورُسلا من رُسل الله الذين سيوكل إليهم تبليغ هدى الله ورسالاته لأقوامهم.

والإصطفاء لم يكن قاصراعلى أنبياء فقط ولكن كان هُناك مُصطفين من الملائكة كرُسل مُكلفين من المولى جل جلاله بتنفيذ أوامره في الكون وفى تنزيل الوحى إلى الرسل من البشر ،وفى الوحى لأُم موسى ولمريم عليهما السلام .وقال لنا القرءان الكريم في هذا ((ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞ )(75الحج).

وعن شرح معنى الإصطفاء من خلال سياق الآيات القرءانية يقول المولى جل جلاله :

(وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ (130) إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسۡلِمۡۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (131) وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِـۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ )(132البقرة).  لاحظوا (إن الله إصطفى لكم الدين) .

وعن موسى عليه السلام.

(فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (143) قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذۡ مَآ ءَاتَيۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ (144) وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ) (145الأعراف).

وعن الأنبياء جميعا.

(ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ (32فاطر).

فمن كل ما سبق نفهم ونتعلم أن الإصطفاء هوالإختيار لحمل أمانة تبليغ رسالات رب العالمين للناس .وفى هذا قال المولى جل جلاله أيضا (والله أعلم حيث يجعل رسالته ).

3--

وعن إصطفاء الله جل جلاله لمريم عليها السلام لتكون أُما لعبد الله ونبيه ورسوله عيسى بن مريم يقول رب العزة الأحد (وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلۡعَٰلَمِينَ (42) يَٰمَرۡيَمُ ٱقۡنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسۡجُدِي وَٱرۡكَعِي مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ (43آل عمران).

 4—

ماهو حق المُصطفين الأخيارعلينا ؟؟

أن نقول عند ذكرهم (عليهم السلام ) فهذه فريضة من فرائض الإسلام ،ولا يجب علينا أن نُغالى فيها، بل علينا التمسك بتشريعات الرحمن فيها دون إفراط أو تفريط ... فيقول ربنا سُبحانه وتعالى في أمره هذا لنا ((قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ) (59النمل).

==

الخلاصة ::

أن الإصطفاء هوالإختيار لحمل رسالة رب العالمين وتبليغها للناس ، وليس تغييرا في الجنس أو الشكل والمظهر الخارجي ولا التركيب التشريحى الداخلى للإنسان المُصطفى  عن قومه وأمثاله من البشر ،بل يظل كما هو بشرا من نفس جنس الناس .ولنتذكر أن الكافرين كانوا يُكذبون الرُسل عليهم السلام لأنهم بشر أمثالهم وإذكروا معى قول القرءان الكريم عن النبى محمد بن عبدالله عليه السلام في رده على قومه (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً).

==

إن آدم عليه السلام لم يأت  ولم يُخلق من سُلالة بشر سابقين كما يزعمون ،ولكنه هو بداية خلق الإنسان والبشر والناس، خلقه ربه سُبحانه وتعالى كما أخبرنا في القرءان الكريم من تراب ثم من طين ثم سواه رجلا ،ثم أمر الملائكة أن تسجد له ،ثم خلق منه زوجته ،ثم عاشا زمنا في جنة المأوى ،ثم وسوس لهما الشيطان ،ثم هبطوا جميعا إلى الأرض لتبدأ رحلةإعمارالأرض وليبدأ معها الصراع والإختبارالحقيقى في الإختيار بين الإيمان بالله وطاعه جل جلاله أو الكفر به ومعصيته ،وليبدأ الصراع الدائم بين بنى آدم وعدوهم الشيطان وذريته إلى يوم القيامة .

=

فليذهب دارون وأتباعه وكلامه الفارغ الهزل عن خلق آدم عليه السلام إلى الجحيم. وصدق رب العالمين في حديثه عن خلق آدم وزوجه وذريته،ودائما صدق الله العظيم .

اجمالي القراءات 840

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق