دراسه علميه حديثه عن القضاء والقدر(2):
نعم الحذرقد يغير القدر

د. عبد الرزاق علي Ýí 2022-12-31



نعم الحذرقد يغير القدر
دراسه علميه حديثه عن القضاء والقدر(2)
أ.د عبدالرزاق منصور على

أولا ينبغى أن نحدد المفاهيم حول المكتوب أو "المقدرلنا" وهو لايخرج عن ثلاثه مفاهيم:
1-المفهوم الأول: أفعالنا وممارساتنا الحياتيه وتكون مكتوبه فى صورة معلومات وخيارات مفتوحه من المحتمل وقوع وتنفيذ أحد هذه الخيارات ,وهذا النوع هوما نتحمل مسؤليته ونحاسب عليه عندما يتحول الإحتمال الى حقيقه. فالله تعالى وضع القوانين العامة التي من خلالها يتصرف الناس بكامل إرادتهم وحريتهم، ومن هنا يكون الثواب والعقاب طبقا لما فعلناه وليس طبقا للإحتمالات المكتوبه قال تعالى(وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) الأنعام60 .
2- المفهوم الثانى: الأحداث الكليه أوالقوانين الاساسيه للكون المكتوبه فى اللوح المحفوظ والمنظمة للوجود وهو برنامج ثابت لا يتغيّرمن أجل أحد مهما كان وبالتالي لا ينفع فيه الدعاء وهذا مايطلق عليه" امرالله" مثل الموت,دوران الارض والشمس والرعد والبرق...الخ وهنا يأتى دور الملائكه الحفظه الذين يتعقبون تداعيات ومضاعفات تنفيذ هذه الأحداث الكليه التى كتبها الله تعالى فى اللوح المحفوظ قال تعالى (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله). الرعد11
تأمل معى قوله تعالى عن الموت كمفهوم لأحد القوانين الاساسيه للكون والمنظمة للوجود (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا-النساء78)
3- المفهوم الثالث: الأحداث والتفاصيل الجزئيه للكون والتى تؤثرعلى أنشطة الإنسان سلبا أوإيجابا, دعنا نطلق عليها"القدر المتغير" وتكون مكتوبه فى الإمام المبين وهى التى يمكن أن يطرأ عليها تغييروتبديل أو تأجيل وقوعها, قال تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) البقره= 106 . الآيَةٍ هنا توضح أن هناك أمرا ما (من عدة امور أخرى) مسجل فى الإمام المبين فإما أن يتم تفعيل الله تعالى لهذا الأمربأن يرسل منه نسخه تنفيذيه للشخص المستهدف بالأمر وإما لا يتم تفعيله بعدم عمل نسخه تنفيذيه منه وتأجيله واستبداله بأمرآخرمناسب وفيه خير للشخص المستهدف وأفضل من الأمرالأول الذى لم يشأ الله تفعيله.
ويمكن أن تجد الدقه والكلمه الجامعه لمفهوم" القدر المتغير" فى قوله تعالى(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)الذاريات22 .حيث يوجد الغنى والفقر كضدين في علم الله الأزلى ، أما من هو الغني ومن هو الفقير، فهذا غير مكتوب على أحد، بل هي إرادة الإنسان وجهده التي تعمل ضمن قوانين رب العالمين والتي تجعل الغني غنيا والفقير فقيرا وما يجب أن نرفضه هو القناعة بأن أعمال الإنسان ورزقه وعمره مكتوبة عليه منذ الأزل ذلك لأن الله سبحانه لم يكتب مثلا على "حسنين" منذ الأزل أن يكون غنيا، وعلى "محمدين" أن يكون فقيرا فذلك ظلم, تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والمشكله تكمن فى فهمنا وهى أننا خلطنا بين علم الله وما هو داخل تحت إذن الله ومشيئته، فوقعنا في الخطأ التالي: مثلا إذا سبق في علم الله منذ الأزل أن يضرب الرئيس الروسى بوتين قنبلة نووية على أوكرانيا، وتقتل مئات الألاف من الأشخاص في لحظة واحدة، فلا يجب علينا أن نحتج على ذلك، لأن احتجاجنا سيكون كما لو أننا نصف الله سبحانه وتعالى "بالجهل"، ثم إن حرصنا على كمال علم الله وعدم وقوعنا فى وصفه بالجهل، يجعلنا نقبل بكل حادثة حدثت، وأن حدوثها هو الاحتمال الوحيد لتتطابق مع علم الله الأزلي، مما يوقعنا في ورطة الجبرية دون أن ندري، ثم نلجأ بعدها إلى اللف والدوران- إذن الأصح أن إرادة الله سبحانه تعنى أن يكون هناك آلاف الإحتمالات في السلوك الإنساني تقوم على الأضداد، وتتكافأ كلها في علمه تعالى، وأن إرادة الإنسان هي التي تحدد أحد الاحتمالات الممكنة، والله يسجل عليه ذلك ويجازيه به، فمثلا: الله تعالى كتب كل الإحتمالات والخيارات على الرئيس الروسى بوتين فى إستخدام السلاح النووى فى عدوانه على أوكرانيا وترك لبوتين فرصة أن يضغط على زرالحقيبه النوويه لقذف القنبله النوويه وتدمير العالم.
فكره للذكرى: أذكربعض الذين يعتبرون بوتين بطلا وهم منتشرون فى " منصات التواصل الإجتماعى-ويروجون الإشاعات عنه مثل أنه يدافع عن رسولنا الكريم"عليه السلام" ويضع نسخه من القرآن الكريم على مكتبه...الخ. فأذكرالناس بأن "الشيخ بوتين" هذا ماهو إلا قاتل لم يتورع عن قتل مئات الآلاف من المسلمين وتشريد الملايين منهم فى سوريا الشقيقه. وأحذرالناس من خطورة هؤلاء المروجين لبوتين لأنهم يعملون لحساب جهات مخابراتيه. وأذكر الجميع بأن المسلمين فى بعض جمهوريات روسيا الاتحاديه (التابعه لبوتين) هم الأغلبيه فى عدد السكان والذين يستغلهم بوتين لحشد الجنود المسلمين ووضعهم فى مقدمة الصفوف الأولى فى حربه على أوكرانيا حتى يتم إبادتهم والتخلص من الأغلبيه المسلمه, أى أنه يستغل الحرب للتطهيرالعرقى والدينى للمسلمين كما فعل فى سوريا, وبذلك يخدع الجميع وعلى رأسهم المسلمون (داخل روسيا وخارجها)!. فوقوا أيها المسلمون الذين تتعاطفون مع هذا الثعلب المكار القاتل المتعطش لدماء المسلمين!.
معلومه هامه: الحرب الدائرة الآن ظاهرها أنها بين روسيا وأوكرانيا وحقيقتها هي لعبة شطرنج بين قادة الدول الكبرى. الزعيم المسلم الوحيد وهو المعلم الكبير الرئيس رجب طيب أردوغان هو الرجل الذي يتقن قواعد هذه اللعبة ويعرف كيفية تحريك قطع الشطرنج واستخدام الكروت ضد زعماء هذه الدول. ندعوالله تعالى ألا يكون المسلمون هم وقود الحرب وضحاياها كما جرت العاده.

الحذر يغير القدر
1- قال تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم)- الأنفال- 53 " أى أن الله تعالى كتب كل الاحتمالات الممكنه وفق علمه المطلق وأن الله أراد للناس ان يختاروا بأنفسهم وطبقا لما اختاره الناس بوعيهم قام الله تعالى بتغيير النعمه أى تغير القدر فى هذه الحاله.
2-وقوله تعالى (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال). الرعد11" أى أن التغيير يبدأ من الناس أولا، ومن إرادتهم، فإذا كان هذا التغيير نحو الأسوأ، فسيحصل السوء لا مرد له وإذا كان نحو الأحسن، فالحسن سيأتي لا مرد له.والمعقبات هى رسائل من الله تعالى تحملها ملائكته تتعقب من يحاولون التغييرللاحسن بان تحفظهم من الاحتمال الاسوا ليثبتوا على إختيارهم للإحتمال الأفضل أى أن القدر تغير لأن الناس هى التى بدأت التغيير
3- (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير)البقره 106 . الآيَةٍ هنا توضح أن هناك أمرا ما (من عدة امور أخرى) مسجل فى الامام المبين فإما أن يفعَّلَ الله تعالى هذا الأمربأن يرسل منه نسخه تنفيذيه للشخص المعنى بالأمر وإما لا يفعَّلَه بعدم عمل نسخه منه وتأجيله وإستبداله بأمرآخرمناسب وفيه خير للشخص المستهدف وأفضل من الأمر الأول الذى لم يشأ الله أن يفعَّلَه. تعتقد ماالسبب فى هذا التأخير والتبديل للأمر؟ هنا قد يكون الشخص تاب ورجع عن طريق الضلال أو دعى الله مخلصا له الدين فاستجاب الله لدعائه فهنا يتضح أن التقوى أى"الحذر" منعت القدربتأجيل الأمر واستبداله بما هو خير لذلك الشخص. ومن هنا نفهم معنى قوله تعالى فى سورة البقره(وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) والله أعلم.
-وقوله تعالى (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير) آل عمران165 -تتحدث عن "القدرالمتغير" الذى سبق وصفه. ويجب ان نفهم بأن الاحتمال الواحد إكراه، ولو تحقق هذا الاحتمال الواحد في علم الله الأزلي فى لحظة معينة لإنسان ما، لأصبح هذا الإنسان مجبرا بالضرورة

وفى قوله تعالى (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال). الرعد11- قد يتساءل أحدنا كيف ان الملائكه الحفظه يحفظون الناس من امرالله؟ نقول ،اللوح المحفوظ هو بمثابة برنامج القوانين الاساسيه للكون المنظمة للوجود وهو برنامج ثابت ولا يتغيّرمن أجل أحد مهما كان وبالتالي لا ينفع فيه الدعاء وهذا مايطلق عليه" امرالله" مثل الموت,دوران الارض والشمس والرعد والبرق...الخ, فإذا استدعى تطبيق أحد هذه القوانين المكتوبه الثابته المنظمه للكون حدوث مصيبه(نتيحة امرالله) لشخص ما من الناس فإما أن يكون وقوع المصيبه بغته وتسمى فى هذه الحاله" النازله" فحينئذ تتجلى المعقبات الحفظه لتحاول دفع المصيبه عن هذا الشخص, وإما إذا كانت المصيبه تدريجيه أى متوقع حدوثها فيبعث الله تعالى رسائل تحذيريه وأدله بينه واضحه(أى كشف السوء) للشخص لتكشف له غموض وملابسات المصيبه لكى يتقى شرها,قال تعالى" أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء-النمل62 " بالإضافه إلى دعاء الشخص المصاب فتكون النتيجه هى التخفيف من أثرالمصيبه أوإبطال مفعولها.
والبرهان هوافضل تعريف للرسائل التحذيريه والأدله البينه قال تعالى فى سورة يوسف "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" . إمرأة العزيز تهىئ الظروف لإغراء يوسف عليه السلام وتلح عليه وهو يمتنع ثم يلين فيستجيب لها فيقدم على الفحشاء فلولا أن الله تعالى أرسل له رسائل تحذيريه وأدله بينه(برهان الله) لوقع يوسف فى الفحشاء. أما ماذكره أكثر الناس من أقوال ما أنزل الله بها من سلطان في تفسيرهذه الآية- مثل همِّ يوسف بالضرب أو بالهروب أوغير ذلك فهو من قبيل المغالاه فى تقديس الأنبياء والرسل الذى نهى الله تعالى عنه فالقدسيه والعبوديه لله وحده.
اجمالي القراءات 1414

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2016-01-10
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 283,090
تعليقات له : 177
تعليقات عليه : 114
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt