الاسلام الامازيغي بين الحقيقة و الخرافات العجيبة ؟
مهدي مالك
Ýí
2022-09-20
الاسلام الامازيغي بين الحقيقة و الخرافات العجيبة ؟
مقدمة متواضعة
يعود التنظير لمصطلح الاسلام الامازيغي الى سنة 2004 على يد المرحوم احمد الدغرني اثر حواره الصحفي مع جريدة تيلواح المحسوبة على التيار الاسلامي بالمغرب او كما يسمى عند وسائل الاعلام المغربية و المشرقية على حد السواء اي ان هذا التنظير لمصطلح الاسلام الامازيغي لم بدا داخل جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية منذ تاسيسها الرسمي سنة 1967 الى سنة 2004 لاسباب معروفة من قبيل سيادة ايديولوجية الظهير البربري بشكل فضيع في الحياة العامة في ذلك السياق و دخول المذهب الوهابي ابتداء 1979 الى المغرب باوامر عليا بغية القضاء على وعي فقهاء اهل سوس المنخرطين في العمل الثقافي الامازيغي لان سوس وقتها ربما لم يصلها خطاب الحركة الوطنية السلفي و اقول ربما لانني لم اعيش في تلك الفترة باعتباري ولدت في 28 مارس 1983 للميلاد في مدينة الدار البيضاء او انفا كما تسمى في اللغة الامازيغية منذ عهد الدولة البرغواطية باعتبارها اول دولة امازيغية اسلامية حسب راي الاستاذ الحسين جهادي اباعمران في كتابه حول تاريخ هذه الدولة المنسية في تاريخ المغرب الرسمي للاسباب التي اشرت اليها سالفا في هذه المقدمة المتواضعة ..
لا يمكن لجمعيات الحركة الثقافية الامازيغية المخاطرة بالتنظير بمصطلح الاسلام الامازيغي من بين سنة 1967 و سنة 2004 لان هذا التنظيرقد ارتبط بتطور الوعي السياسي لدى النخبة الامازيغية بدليل ان المرحوم احمد الدغرني قد اخترع بمفهومه الايجابي هذا المصطلح سنة 2004 ثم في يوم 31 يوليوز 2005 اسس حزبه الديمقراطي الامازيغي المغربي اي ان هناك ارتباط قوي و وجداني بين المرجعية السياسية الامازيغية و التنظير لمصطلح الاسلام الامازيغي بدون ادنى شك ...
و بالاضافة الى صدور كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للمرحوم الاستاذ محمد منيب سنة 2002 ثم احداث 16 ماي 2003 الارهابية بالدار البيضاء الخ.
قد يقال ان الاسلام الامازيغي هو خرافة من خرافات الحركة الامازيغية بعد استجابة السلطة العليا لمطلب تاسيس معهد للدراسات الامازيغية في سنة 2001 و لمطلب تدريس اللغة الامازيغية داخل المدرسة المغربية ابتداء من سنة 2003 الخ من هذه المطالب الثقافية التي رفعت في سياق تسعينات القرن الماضي اي في عهد الراحل الحسن الثاني رحمه الله كما يقال..
ان اصحاب هذا الطرح لا يخرجون عن ما هو المتداول لدى الحركة الوطنية حول سطحية اسلام الامازيغيين او انهم كانوا يعيشون في الجاهلية و الفوضى و لا يخرجون عن ما هو المتداول لدى الاسلاميين ذوي النزعة السلفية او الوهابية حول سطحية اسلام الامازيغيين الخ من هذا الطرح المشترك بين الحركة الوطنية ذات المرجعية السلفية المزعومة و هؤلاء الاسلاميين .
غير ان اصحاب هذا الطرح المشترك يجاهلون او يتجاهلون مجموعة من الحقائق ذات الابعاد التاريخية و الاجتماعية و الحضارية تتعلق بظهور مصطلح الاسلام الامازيغي في سنة 2004 من قبيل سيادة ما اسميه بايديولوجية الظهير البربري الى حد الان على حقلنا الديني الرسمي كما شرحته طويلا منذ سنوات قليلة في مقالات كثيرة و القادم سياتي بمفاجئة سارة لي في اكتوبر المقبل انشاء الله ........
و خلاصة القول ان الاسلام الامازيغي ليس مجرد خرافة بل هو حقيقة تعبر عن مدى تشبث القبائل الامازيغية بالدين الاسلامي منذ هجرة وفد امازيغي الى المدينة المنورة بغية رسولنا الاكرم كما موجود في عدة مصادر التاريخ حيث يطول الحديث عن هذا الحدث التاريخي في هذه السطور المعدودة و عن اسهامات الاجداد الامازيغيين في نشر الاسلام في اكبر رقعة جغرافية و جعله اي الدين الاسلامي يساير التقدم و العلمانية الاصيلة لدى اجدادنا الكرام عبر الاحتكام الى الاعراف الامازيغية باعتبارها قوانين وضعية لا تتعارض مع المقاصد العليا لديننا الاسلامي الحنيف كما هو في الاصل
الى صلب الموضوع
ان مناسبة الحديث عن موضوع الاسلام الامازيغي هو انجاز الاستاذ و المناضل الامازيغي عبد الله بوشطارت لشريط وثائقي رائع حول الوالي الصالح سيدي حماد اوموسى و موسمه المشهوران بالمغرب عموما و بمنطقة سوس الكبير خصوصا..
و قبل التطرق لاي شيء اود ان اقول انني لست اهلا للخوص في موضوع تاريخ التصوف سواء في المغرب و في سوس الكبير بشكل عميق حيث رحم الله الانسان الذي عرف قدره .
لكنني بالمقابل اعتبر ان التصوف هو مظهر اصيل من مظاهر اسلام الامازيغيين حيث طبعا لا اؤمن ببعض خرافات التصوف من قبيل كرامات اولياء الله الصالحين و من قبيل الشعوذة الخ غير ان التصوف له ادوار تاريخية و اجتماعية حيث ان الزاوية هي مكان لاطعام الطعام و العبادة من الصلاة و قراءة الحزب الراتب و الارشاد الديني الخ من هذا الرصيد الرمزي و العملي حيث ان كل ثقافات العالم لها خرافاتها العجيبة مثل خرافة بابا نويل في الغرب المسيحي في اعياد الميلاد كمناسبة دينية كبيرة لدى مسيحي العالم .
ان الشريط الوثائقي حول الوالي الصالح الامازيغي سيدي حماد اوموسى يهدف الى رد الاعتبار لحضارتنا الامازيغية الاسلامية امام المغاربة داخليا و خارجيا من خلال اظهار تاريخ هذا الوالي الصالح و تاريخ زاويته الموجودة في منطقة تازوالت نواحي اقليم تيزنيت و موسمه ذو البعد الديني و التجاري و الفني من خلال احياء السهرات من طرف الروايس اي المزواجة بين الدين و الترفيه المباح كما يقول العلماء قديما و حديثا و هكذا عاش اجدادنا الكرام مع تدينهم الاصيل و حياتهم المادية ..
ان هذا الشريط الوثائقي شارك فيه عدة اساتذة باحثين من قبيل الاستاذ احمد بومزكو من مدينة تيزنيت و الاستاذ ياسين عبد العزيز بجامعة ابن زهر تخصص التاريخ و الاستاذ طاهر ابراهيم و فقيه زاوية سيدي حماد اوموسى الذي تحدث بشكل جيد انطلاقا من مجاله و مرجعيته الدينية و رد على فقهاء الوهابية الجدد بسوس العالمة ردا جميلا باعتبارهم حرموا قراءة الحزب الراتب كعادة جميلة كبرنا معها و تذكرني هذه العادة بطفولتي في قرية الوالدين التي تقع في منطقة اداوتنان حيث كان جدي رحمه الله فقيه في مسجد الدوار حيث عندما اكون في بيته كنت اسمع لقراءة الحزب الراتب بوضوح بعد صلاة المغرب الخ من هذه الذكريات الخاصة بشخصي المتواضع ...
ان النضال الامازيغي هو متعدد الابعاد و الاتجاهات حيث ان المناضل الامازيغي عندما يختار ان يجمع بين الامازيغية و الاسلام مثلي فانه يعبر عن الوفاء بما تركه الاجداد لنا من الرأسمال المادي و الرمزي من قبيل العادات و التقاليد.
ان المغرب الرسمي عليه ان يدرك ان الاسلام الامازيغي او اسلام الامازيغ هو الاسلام المغربي الاصيل ما قبل دخول الاستعمار الفرنسي الى المغرب رسميا سنة 1912 و سياسات المغرب الدينية منذ سنة 1956 الى الان قد همشت الامازيغية بشموليتها في حقلنا الديني الرسمي فكانت نتائج خطيرة من قبيل تنامي تيارات الاسلام السياسي بخلفية مشرقية منذ سبعينات القرن الماضي الى حدود الان.
و من قبيل تنامي افكار مناهضة للتقدم و الديمقراطية و العلمانية باعتبارها قيم اصيلة في مجتمعنا قبل الاسلام و بعده.
و من قبيل ظهور الارهاب و التكفير و يقابلهما بنفس الوقت السخرية من الدين و الالحاد كحل لا ينتج اي شيء ..
و اختم بتحية الاستاذ عبد الله بوشطارت المشغول دائما على هذا الشريط الوثائقي الرائع بالحق و مزيدا من العطاء و الانتاج الفكري و التلفزيوني ......
توقيع المهدي مالك
اجمالي القراءات
2618