وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ.
وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ.
عزمت بسم الله،
لقد أنزل الله تعالى كتاب القرءان على آخر الأنبياء، ليكون بشيرا ونذيرا لقوم يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة ومما رزقهم الله تعالى ينفقون، ويؤمنون بما أُنزل على محمد وما أُنزل من قبله وبالآخرة هم يوقنون، أولائك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون. قال رسول الله عن الروح عن ربه: الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ*أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ. 1/5. البقرة.
أما الذين كفروا بما أُنزل على محمد وعلى من سبقه من الرسل فإنهم لا يؤمنون، سواء أنذرهم الرسول أم لم ينذرهم ـ والرسول اليوم هو القرءان ـ لقد ختم الله تعالى على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، وحكم الله تعالى عليهم بالعذاب العظيم. لأنهم لم يهتدوا ليزيدهم الله تعالى هدى، بل أمدهم في طغيانهم يعمهون. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ*وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ.13/16. البقرة.
وهذا ما نلاحظه اليوم من قبل أتباع لهو الحديث، فهم يصفون المتبعين القرءان وكفى بالضالين والسفهاء، لأن أتباع لهو الحديث يشركون كتاب الله تعالى بكتب البشر المختلفة، والتي وُضعت لإضلال الناس عن الصراط المستقيم، وبما أن قلوبهم غلف فقد طبع الله تعالى عليها بكفرهم، كما قال الله تعالى عن بني إسرائيل: وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ(88).البقرة.
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا(155).النساء.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ*خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.6/7. البقرة. صدق الله العظيم.
بما أننا على قيد الحياة يمكننا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونهجر لهو الحديث وما كتبت أيدي البشر مما يتناقض مع أحسن الحديث، ونستمسك بالذي أوحي إلى خاتم الأنبياء وهو القرءان العظيم لا غير، كما أُمر الرسول نفسه أن يستمسك بالذي أوحي إليه، لأنه الصراط المستقيم. يأمر الله تعالى ويقول:
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ.42/43.الزخرف. سوف يُسأل الناس عن أحسن الحديث الذي أنزل كآخر رسالة للعالمين، ولن يسألوا عن لهو الحديث أبدا، لأنه من عند غير الله تعالى، وفيه اختلاف كثير.
مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا*وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا*أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.80/82.النساء.
إن الله تعالى يأمرنا أن نستمع للقرءان إذا قرئ ولم يأمرنا بحفظه، لأن الاستماع يُوصل إلى قلب المؤمن ما أنزل الله تعالى في الكتاب من أحكام وتشريعات وإنذارات وبشائر، فيتفاعل العقل السليم مع الآيات فيتدبرها، وبذلك يهدي الله تعالى من يشاء ممن اهتدوا واتبعوا أمر الله تعالى. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.203/204.الأعراف.
إن الله تعالى خلق البشر وجعل لهم النجدين، أي طريقين لا ثالث لهما، إما أن يؤمن بالغيب فيؤمن بوحدانية الله تعالى فلا يشرك بالله تعالى شيئا مهما كان، أو لا يؤمن ويتبع هواه وما وجد عليه آباءه ومشايخه، فإنه حر في اختيار ما يشاء، إما الهدى وإما الضلال.
إن الذين يختارون الهدى ـ وهو القرءان ـ والإيمان بالغيب أولائك هم المهتدون. قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(97).البقرة.
يزيد الله تعالى الذين اهتدوا هدى، أي أن الخطوة الأولى تكون من الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى، فإن الله تعالى يُسهل له طريق الهداية ليصبح من الذين اهتدوا، أما من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا. قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا*وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا.75/76.مريم.
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ(17).محمد. قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا(84). الإسراء.
إن الله تعالى أنزل القرءان بلسان النبي الأمي، ليبشر به المتقين من قومه الأميين، وينذر قوما لدا. قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا*لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا*وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا*إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا*فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا.93/97. مريم. إن الودود سبحانه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ودا، ـ أي محبة ـ وأما الذين اتبعوا غير القرءان، أو مع القرءان شيئا مما كتبت أيدي البشر، فإن الله تعالى ينذر قوما لدا. ـ أي المتعنتين المصرين على إشراك كتاب الله تعالى بما كتبت أيدي البشر من لهو الحديث.
يقول المولى سبحانه: المص*كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ*اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ.1/3.الأعراف. لقد أنزل الله سبحانه القرءان ميسرا مفصلا مبينا لقوم يؤمنون به.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا*فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا.173/175.النساء.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.
اجمالي القراءات
2908