اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة جريمة خطيرة في حق حرية التعبير داخل عالمنا المعاصر
اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة جريمة خطيرة في حق حرية التعبير داخل عالمنا المعاصر
مقدمة مطولة
اولا انني اريد تقديم واجب العزاء و المواساة الى ادارة قناة الجزيرة الاخبارية بمناسبة هذه الفاجعة الانسانية و المتمثلة في اغتيال المرحومة الصحافية الفلسطينية شرين ابو عاقلة بدم بارد من طرف قوات الاحتلال الاسرائيلي كما يعلم القاصي و الداني في مختلف بقاع العالم بفضل وسائل الاتصال الحديثة ...
ثانيا ان موقفي من القضية الفلسطينية هو ثابت لا يتغير حيث انني اعتز بانتمائي الاسلامي المعتدل بدون اية ايديولوجيات متطرفة دينيا او عرقيا لانني ولدت في المغرب و ليس في قطر او في مصر الخ من دول المشرق العربي المحترم لان تلك الدول مازالت تنظر الى المغرب باعتباره بلد عربي خالص و عضو في جامعة الدول العربية و لم تهتم تلك الدول على الاطلاق بالبعد الامازيغي على امتداد عقود من الزمان كانه شيطان مطرود من رحمة ربه او كانه يعادي الاسلام بصريح العبارة مثل دعاة الالحاد على مر التاريخ..
ثالثا ان قناة الجزيرة الاخبارية قد ولدت في منتصف التسعينات كثورة اعلامية هادئة على اعلام دول المغرب الكبير و الشرق الاوسط الرسمي حيث كانت بداياتها حسب مشاهدتي لبرامجها على يوثيوب مفتوحة على جميع الحساسيات السياسية و الحقوقية و الجدلية وقتها حيث لقد استضفت فعاليات الحركة الثقافية الامازيغية بالمغرب منذ سنة 1998 مثل الاستاذ حسن ادبلقاسم في برنامج الاتجاه المعاكس و المرحوم الاستاذ احمد الدغرني في حوارات مثيرة ...
لكن قناة الجزيرة شجعت تيارات الاسلام السياسي بشكل صريح منذ ثورات ما يسمى بالربيع العربي سنة 2011 و ما تلاها من الاحداث في مصر و في سوريا و في اليمن الخ فاصبحت قناة الجزيرة الناطق الرسمي باسم جماعة الاخوان المسلمين بمعنى انها لا تختلف عن اية قناة اخبارية عربية اخرى في السير وفق التيار الديني السائد في قطر اي الاخواني بطبيعة الحال مع الشيخ يوسف القرضاوي ..
و كلامي هذا لا يعني انني اعادي قناة الجزيرة الاخبارية او انني اعادي القضية الفلسطينية باعتبارها قضية انسانية و اسلامية حسب اعتقادي المتواضع على اقل حيث انني شعرت بالغضب البالغ في رمضان الماضي من خلال ممارسات الاحتلال الاسرائيلي داخل مسجد الاقصى المبارك عبر التعدي على المصلين و ضربهم امام كاميرات العالم بلا رحمة و بدون اي اعتبار لحرمة شهر رمضان المبارك لدى مسلمي هذه الدنيا و ياتي اغتيال شيرين ابو عاقلة في هذا السياق التصعيدي لدولة اسرائيل المحتلة لفلسطين منذ سنة 1948 .....
الى صلب الموضوع
ان اغتيال الصحافية الامريكة شيرين ابو عاقلة تعتبر فضيحة عظمى في مجال حرية التعبير و صحافة المقاومة بدون اي جدال حيث من حق الشعوب المستعمرة ان تقاوم استعمارها بالسلاح و بالقلم و بالصوت و بالصورة كما فعلت المرحومة شيرين ابو عاقلة على مدى 25 سنة من النضال الوطني الفلسطيني حيث مهما كانت مواقفنا من العروبة و الاسلام السياسي فان قاسمنا المشترك هو ان يتمتع الانسان بالحد الادنى من الكرامة و الحرية في وطنه الاصلي .
ان المرحومة شيرين ابو عاقلة هي مسيحية الديانة و ليس من العيب ان تكون كذلك لكن عندما نسمع فتاوى الوهابيين تحرم علينا مجرد ترحم على المسيحين نشعر بالاهانة و تصغير شان الاسلام الى هذا الحد علما ان رسول الاسلام صلى الله عليه و سلم قد تعامل مع اهل الكتاب بالتي هي احسن و كما ان القران الكريم هو مليء بايات التسامح و التعامل بالحسنى مع اهل الكتاب ....
ان موقفي الشخصي من القضية الفلسطينية هو معروف و شرحته مرات عدة عبر مقالاتي المنشورة حيث انني انها قضية انسانية و اسلامية بمفهومها المطلق بحكم وجود مسجد الاقصى المبارك بصفته مسرى رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم في ليلة الاسراء و المعارج كما تحدثت كتب السيرة النبوية كموضوع يرجع بالاساس الى درجة ايمان الانسان المسلم لا اقل و لا اكثر اي لا ينبغي التعمق كثيرا في هذه الاشياء الاعتقادية مادام انها لا تمس في حياة الافراد او في صيرورة تطور المجتمعات الاسلامية .
ان مدينة القدس الشريف وفق رايي المتواضع ينبغي ان تكون عاصمة دولية للديانات السماوية الثلاث اي اليهودية و المسيحية و الاسلام باعتبار ان مدينة القدس تحتضن معالم و مأثر هذه الرسالات السماوية .
لكن بالمقابل انني ارفض كل الرفض ان تدخل القضية الفلسطينية الى خانة القضايا الوطنية بالمغرب مثل قضية الصحراء المغربية و مثل تحرير مدينة سبتة و مدينة مليلة المحتلتان منذ قرون من طرف المملكة الاسبانية و مثل القضية الامازيغية بشموليتها الخ من قضايا الوطن الحقيقية..
و هناك من سيعتبر كلامي هذا تطبيعا صريحا مع الكيان الصهيوني علما ان المغرب الرسمي قد اقام علاقاته الدبلوماسية مع اسرائيل للمرة الاولى منذ منتصف الثمانينات اي في عهد الراحل الحسن الثاني ثم تم قطع هذه العلاقات الدبلوماسية رسميا منذ سنة 2000 و رجعت هذه الاخيرة في دجنبر 2020 بعد اعتراف الادارة الامريكية السابقة بسيادة المغرب الكاملة على صحراءه و هذا لا يقدر باي ثمن مهما كان .......
ان الحركة الامازيغية طيلة عمرها الطويل لم تجد اي اعتراف من دول المشرق العربي بفضائل الثقافة الامازيغية باعتبارها ثقافة اسلامية تنويرية قد ساهمت في انتشار الاسلام بالطرق المختلفة بين السلم و الحرب في اكبر رقعة جغرافية تضم مناطق شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و اسبانيا الحالية..
و ساهمت هذه الثقافة الاسلامية التنويرية في تحديث المجتمعات الامازيغية بالمغرب و بالجزائر الخ قبل قرون من دخول الاستعمار الاوروبي الى اجدادنا عبر قوانيننا الوضعية او الاعراف الامازيغية كاجتهاد تنويري قد سبق عصر النهضة العربية بالمشرق العربي لان هذه الاعراف قد جاءت بقوانين تحريم عقوبة الاعدام و اقتسام الثروة بين الزوجان الخ من هذه القيم التنويرية .
فكان من الطبيعي امام هذا التجاهل المطلق من طرف دول المشرق العربي ان تبحث الحركة الامازيغية على دول اخرى من قبيل اسرائيل قصد التعريف بالثقافة الامازيغية و خصوصياتها من قبيل تسامحها الديني مع جاليتنا المغربية و المقيمة هناك و مازالت تتحدث بالامازيغية و بالدارجة كما شاهدناه في الشريط الوثائقي تحت عنوان تنغير القدس الذي تم بثه على القناة الثانية في مارس 2012 اي في بداية عهد حزب العدالة و التنمية في رئاسة الحكومة المغربية...
و خلاصة القول ان موقفي الشخصي من القضية الفلسطينية هو موقف وطني حتى النخاع ينتصر لقضايا الوطن الحقيقية قبل ان ينتصر لمواقف الحركة الامازيغية التي لم تنزل من السماء او لم تاتي من الغرب كما يتخيل البعض بل انها الابنة الشرعية لهذا البلد الحبيب .......
و رحم الله شرين ابو عاقلة رحمة واسعة
المهدي مالك
اجمالي القراءات
2961