محمد حسين Ýí 2007-06-21
عندنا يخضع كل شئ للأهواء .... الدين ، السياسة ، العلم ، الطب ، التعليم .... الخ ، كل هذا يخضع للأهواء ، ولا يوجد منطق او فلسفة معينة للتعامل فى شعوبنا غير منطق الاهواء .... وحتى عندما كنت صغيرا فى المرحلة الابتدائية ، كان المدرس يضرب الطالب لأى سبب كان ، حتى ولو التفت ورائه ، وعندما لا يوجد ادنى سبب وبالتالى يسأل الطفل الطالب استاذه لم تضربنى كان يرد الاستاذ بكل سماجة "مزاجى" ....!! وقد كبرنا ودخلنا الجامعة وكان الدكتور يصر على ان تشترى كتابه لمجرد الشراء لا غير ، وكان يصر ايضا على تقد&iacutute;م البحث العلمى الذى لا يعلم هو نفسه عنه اى شئ سوى انه يريد ان يتم عرض الاسماء التى سلمت البحوث كى تنجح فى مادته وكإثبات على شرائك كتابه ، دون الالتفات الى اى تفوق علمى او دراسى ، والذى يعلم عنه الدكتور –او استاذ المادة- جيدا انه ليس له مكان ، واقصد التفوق العلمى ، بين الطلبة ، لانه يعى انه لا يوجد تعليم "من اساسه" ، فيتم اخضاع المادة والطلبة والتعليم والمستقبل تحت هواه ، فيفعل كيفما يشاء اينما يشاء وذلك لأن ما فوقه يفعل ذلك وما فوق فوقه يفعل ذلك وما فوق فوق فوق يفعل اكثر من ذلك .... وهى فى الاول والاخر مرحلة من مراحل الاستغلال الهوائى التى تنتظر البنى ادم فى حياته حتى يتم تسليمه لمرحلة اخرى من الهوائية والتحكم الخاضع للأهواء ....
وحتى قوانين الدولة فإنها تخضع للأهواء وليس للمصلحة العامة التى "فلقونا" بها ، ولكن المصلحة العامة هى العبوة التى تحتوى على "الاونطة" التى يشتريها الناس كل يوم سواء ان ادركوا ان ما بداخلها اونطة او لم يدركوا ، وسواء ان رضوا ام ابوا ، وسواء ان علموا ام لا يعلموا ، وفى الغالب هى لا يعلموا او يدركوا ، ولكن يدركوا تلك دائما تتبع ب "الباب اللى يجيلك منه الريح" او "اللى نعرفه احسن من اللى مانعرفوش" فيتم التعامل والتعايش وتنتهى المسألة .... وتبقى الاهواء حتى فى شراء الاونطة ، فيذهب المستهلك "اللى هو الشعب" لشرء منتج ما من "الاونطة" فيقول له صاحبه "انا هاشترى اونطة تانية علشان الاونطة دى مش جاية على مزاجى" ....
وعودة الى قوانين الدولة فى شعوبنا ودستورها ، فهى خاضعة تماما للأهواء ، وهذا ليس الا افتقار واضعوها لأى عقل ، وتلك هى المصيبة ، لأن واضعوها لا يعلموا ولا يعوا ماذا يفعلون ، فتأتى العبوة جاهزة من الخارج فى معظم الأحيان نظرا لعدم وجود المواد اللازمة لانتاجها فى الاسواق المحلية ....
وحتى داخل اقسام الشرطة ، يخضع كل شئ للأهواء ، "وامه داعية عليه" من يمشى فى الشوارع فتصادفه عربة "من اياها" فتستوقفه وغالبا مايكون بداخلها شخص يبحث ان تسلية ما او ارضاء هواه ، فيسألك "معاك بطاقة" وسيادتك بكل ادب ترد عليه "معايا يا باشا" رغم ان البشوية الغيت من زمن بعيد ولكن "يموت الزمار ..." ، فيرد عليك بتهكم "وايه يعنى" ومن ثم وقعت يا صاحبى فى "حيص بيص" وتم تقطيع بطاقتك "ميت حتة" وذهبت هناك ، ويتم اكرامك ، واكرام المواطن فى دولتنا "تفليكه" او اغتصابه او اى شئ من ذلك القبيل ، وفى النهاية يتم تلفيق تهمة اليك ، والتى لا تعلم عنها شيئا او من اين جائت او لماذا ، ولكنها فى النهاية عملية "مزاج" واهواء ....
والحكام يحكموننا بالأهواء ، وانا اعى ان اصحاب العقول تعى ذلك .... وحتى ما يسمونهم باعداء الامة تعى بان من يحكموننا يستخدمون اهوائهم فى اخضاعنا والتحكم بنا ... ويحضرنى هنا مثال حدث فى عهد احد ملوك دولة من الدول العربية ، وهى السعودية ، وعلى ما اتذكر كان لملك هو سعود ، وقد بعث احد سفراء دولة اجنبية وهى امريكا لرئيسه ايزنهاور قائلا له "يجب ان نعمل ما فى وسعنا حتى نقطع العلاقات بين السعودية ومصر" وكان يحكم مصر فى تلك الفترة جمال عبد الناصر ، فرد عليه ايزنهاور بأن يذهب لملك السعودية ويقول له ان "رئيس مصر عقد صفقة اسلحة مع الكفار" والكفار هنا اشارة الى الاتحاد السوفييتى "سابقا" .... وقد كان ، وكانت لهذه الكلمة مفعول السحر ، وهذا مثال حى على من يحكمونا وطبيعتهم ، واهوائهم الجميلة .... وحكاية الحكام تلك حكاية اخرى قد تفزعنا ان اطلعنا على اسرارهم وهويتهم الحقيقية ، والتى انأى شخصيا عن التحدث فيها بعد ان علمت من مصدر موثوق منه ان احد حكام الدول العربية ، فى القرن المنصرم ، كان يتبول بجانب الحائط فى الطريق العام حتى انتهى من "البكالوريا" ...!!!!
وبصراحة هى مسألة معقدة على اعتى المفسرين وعلى اعتى العقول على تحليل تلك الظاهرة الشعبية الهوائية المزاجية الغريبة والمتفق عليها ، وحتى انا وانا اكتب هنا كان بداخلى نتائج واسباب وتحليلات "تسد عين الشمس" ولكن كل ما فتحت بابا وجدت اخرا ، وكلما استندت على نظرية وجدت لها مصدرا وللمصدر نظرية وللنظرية مصدر ، وساقية لا تتوقف من التراكمات التى ابتُليت بها شعوبنا واشعر وكأنى فى "متاهة جحا" او معادلة من معادلة التفاضل والتكامل من ذلك النوع الذى ليس له نهاية ، او محاولة القسمة على الصفر .... ما ان تمسك بمشكلة حتى تجد ذنبا لها فتذهب الى نهاية الذنب تجد معضلة والمعضلة لها ذنب .... وهكذا الى ان تلقى بالقلم والورقة من الشباك وتذهب الى المطبخ لعمل "كباية شاى" مع سيجارة وانت تشاهد الفيلم الاجنبى ، او ربنا يوعدك بصاحب "اهبل" تذهب معه الى الخارج علشان "يهبلك اكتر مانت" وتخلص الحكاية على كده الى ان يبتليك الله بالتفكير فى حل مرة اخرى ....
*******
والدليل على حالة الهوائية التى تحكمنا كشعوب هى حالة التهميش التي يعيشها العرب دوليا ، وذلك نتيجة لسفاهتهم وعدم احترامهم لشعوبهم وعدم احترام شعوبهم لانفسهم ، ولأن الخارج يعى جيدا طبيعة كل حاكم عربى ومدى تفاهته وسفاهة عقله وعقل محكومه ، ولأن درجة استئسادهم وجبروتهم وتوحشهم ضد بعضهم تزيد يوما بعد يوم .... كما زادت درجة القطرية والنعرة الداخلية في محاولة لإخفاء العجز عن الفعل.. فالعربي ينظر إلي خريطة العالم بحثا عمن هو أضعف منه ليمارس عليه جبروته ويفرغ فيه عقدة نقصه وشعوره بالدونية واللاقيمة واللاجدوي ، ويطول البحث فلا يجد إلا العربي الآخر.. كل الدنيا أقوي منه وأعظم تأثيرا وأكثر مالا وأعز نفرا إلا العربي الآخر.. وهكذا يمارس العرب السيادة والريادة والقيادة والعظمة "والنفخة الكذابة" ضد بعضهم ويرفضون تدخل العربي في شئونهم الداخلية بإباء وشمم وقوة وعنف بينما يقدمون شئونهم وملابسهم الداخلية علي طبق من ذهب لغير العربى ....
وحتى رؤية هلال رمضان والعيد من الشئون الداخلية للدول العربية والتي لا يسمح لأي عربي آخر بالتدخل فيها .... ومن منا لا يعرف باننا أصبحنا نري عشرين رمضانا وعشرين عيدا للفطر في العالم العربي ونري أو نلتمس عشرين ليلة قدر.. عند قوم لم يعد لهم قدر.. وعز العثور علي ليلة القدر في عشرهم الأواخر.. لأن ليلة القدر لا يبلغها إلا كل ذي قدر ومكانة.
ويستأسد العرب ويبالغون في الاختلاف والتباين عند رؤية رمضان والعيد لأن هذه الرؤية "هي اللي حيلتهم" ومن خلالها فقط يثبتون أنهم يملكون قرارهم وحريتهم وإرادتهم ومصيرهم ويرفضون أن يتوحدوا أو يوحدوا رؤيتهم.. لأنهم قوم بلا رؤية ولا قدر. فرؤية العرب لم تثبت وليلة قدرهم لا تريد أن تأتي.. والله لا يهدي القوم الفاسقين. ولا يهدي القوم الضالين والظالمين.. ومن يهدي من أضل الله؟
ومن أسوأ ما أسمع من بعض الناس قولهم لي: عليك أن تكتب بحالة عامة ولا تسمى اسماء ، وكأننى وحدى فى تلك المصيبة وكانهم لا يعرفون الاسماء ، وأن "نفضها سيرة" ونتكلم عن شئ اخر اهم من الأمة العربية وحال العرب "المائل" لأن هذه ليست قضية مهمة.. وما هذا الا حقيقة واقعية اثبتت نفسها يوما بعد يوم بأن المواطن العربي أصبح سجين ذاته.. وأن أي حديث خارج أوجاعه الخاصة ومطالب بطنه ومنظرته وشهوته يعتبر حديثا هامشيا لا قيمة له.. "مالنا إحنا ومال العرب.. والأمة وقضاياها..؟".. نحن نريد أن نعيش ونأكل ونربي عيالنا ونعلمهم ونوظفهم ونأخذ فلوسا تكفينا.. إنه فصل مقيت بين الخاص والعام.. بين الفرد وأمته.. وهو فصل تعسفي يشبه فصل التوائم الملتصقة من المخ والقلب.. وجاهل من يظن ان هذا هو ما نجح فيه المسئولون العرب .... لأن المسؤول العربى اخر من يوصف بأن له عقل او منطق .... فكل شئ بالهوى يحكم فى بلادنا .... فإن فرضنا ان هناك اخر كان ومازال يسعى لتدمير تلك الامة وان هذا الآخر الخارجي ، فقد اقبل تلك النظرية طالما هى بعيدة عن الصاقها بالحكام العرب انفسهم ، لانهم اخر من يكون له تلك العقلية التى تدبر وتنجح في فصل الفرد عن أمته ....
****
لقد أدي فصل الفرد العربي عن أمته وقضاياها إلي موت الاثنين.. مات الفرد وماتت الأمة.. مات الشعب وماتت قضايا العرب.. ولم يعد أحدهما معنيا بالآخر أو مهموما به.. لم يعد الفرد يعني المسئولين العرب ولم يعد الشعب يعني الحاكم.. ولم يعد الحاكم والأمة في ذهن الفرد المحبوس في مطالب حياته اليومية إذا كان فقيرا والمحبوس في فلوسه وفساده ونهمه بمص دماء البسطاء والفقراء إذا كان غنيا.. وعندما يتم تخريب وجدان الإنسان وإفقاده وعيه وقدرته علي التمييز بين "الدَح والكخ".. فإنه سيكون فاسدا في فقره وفاسدا في ثرائه.. وفاسدا في كفره وفاسدا في تدينه.. وقد نجحت بامتياز عملية تخريب وتدجين وإخصاء الإنسان العربي الذي يقول بكل اعتزاز "إن جالك الطوفان حط ولدك وأمتك وقيمك ودينك تحت رجليك".. يقول ذلك ببلاهة وغفلة ظناً أنه سينجو.. وأنه سيأوي إلي جبل يعصمه من الماء حيث لا عاصم من أمر الله إلا من رحم.. ولكن من لا يَرحم لا يُرحم ....
وكل مجموعة سياسية او دينية او اجتماعية تحاول اقحام الذات الالهية فى ما يفعلونه ، فنحن اكثر دول العالم استشهادا بالله وبآيات الله وفى نفس الوقت نحن اجهلهم ، يكفر بعضنا البعض ويحاول اخرون اثبات فشل الاخر وتفشية بلاويه وفضح جرائمه ، ولا يكلف نفسه من الامر شيئا فى ان يثبت هو برائته وصدقه ....
نريد من يحملون معهم الشموع ان يظهروها كى تضئ لنا ، او افضل لنا ان نبحث نحن عن اى شمعة تضئ لنا خير من ان نلعن الظلام .... فأنا العن الظلام وغيرى يلعن الظلام ولكننا لم نتمرد ابدا على ذلك الظلام ....!!!
وللحديث بقية
دعوة للتبرع
الخمر ومواضيع اخرى : الخمر ومواض يع اخرى من نبيل محمد الدك تور ...
مقالاتى بحثية: يا دكتور انت بتكتب مقالا ت طويلة ، لوسمح ت ...
معاهدة سلام : هل يجوز للدول ة الاسل امية أن تتعام ل ...
متعة الأرملة : اية رقم ٢ 636;٠ ; البقر ة ما معناه ا ...
سؤالان : السؤا ل الأول : تكرر ت كلمة ( رهق )...
more
مقالة تستحق التقدير , وقد بينتم العُقم الفكري الذي أصابنا من واقع أنظمة فاشية رجعية غير شرعية , فُرضت علينا بالقمع والبطش والتجهيل والتضليل والإذلال والجيش والشرطة والمهانات والملاحقات والسجون والتعذيب للإنسان العربي ... ومنذ 1200 عام.
أنظمة الأسر الحاكمة العربية تراثيا هي غير مشرعة بالشورى بين الناس أو من خلال بيعة الشعب للحاكم كما جاء نصا في الكتاب ( القرآن الكريم ) !!! ومشرعين بتشريعات مذهبية وضعية أرضية !!! ولديهم مشرعيهم غير الشرعيين ( فما بُني على باطل فهو باطل دونما شك ).
وفي رأيي الشخصي إنه لن يستقيم حالنا إلا بزيادة توعية الناس للتشريع الرباني الإلهي ( القرآن الكريم ) ومن خلال دك عروش هذه الممالك والسلطنات والأمراء والمشائخ غير الشرعيين مع تشريعاتهم ومشرعيهم غير الشرعيين.
تقبل تقديري