نقد كتاب الشفاعة حقيقة إسلامية

رضا البطاوى البطاوى Ýí 2019-10-25


نقد كتاب الشفاعة حقيقة إسلامية
الكتاب من تأليف مركز الرسالة التابع لمركز الأبحاث العقائدية والذى يرعاه السيستانى
وموضوع الكتاب كما قال :
"ولعل من تلك العقائد التي هي احدى الحقائق الإسلامية مسألة الشفاعة
إن الشفاعة تفضل من الله تعالى ودعوة مستجابة لنبينا ادخرها (ص) لأهل الكبائر من أمته"
وقد تناول الفصل الأول معنى الشفاعة فقال:
"الفصل الأول:
مفهوم الشفاعة وحقيقتها في القران والسنة المطهرة:
أولا: الشفاعة في اللغة والاصطلاح:
في اللغة شفع شفعا، الشيء صيره شفعا أي زوجا بأن يضيف إليه مثله، يقال كان وترا فشفعه باخر «أي قرنه به» وتقول «شفع لي الأشخاص» أي أرى الشخص شخصين لضعف بصري، وشفع شفاعة لفلان، أو فيه إلى زيد: طلب من زيد أن يعاونه وشفع عليه بالعداوة: أعان عليه وضاده وتشفع لي وإلي بفلان أو في فلان: طلب شفاعتي
وأما التعريف الاصطلاحي فلم يخرج عن الدلالة اللغوية كثيرا، إذ الشفاعة هي: «السؤال في التجاوز عن الذنوب» ، أو هي: «عبارة عن طلبه من المشفوع إليه أمرا للمشفوع له، فشفاعة النبي (ص) أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء»
ثانيا: الشفاعة في القران الكريم:
وردت مادة الشفاعة في القران الكريم بعدة معاني نفيا وإثباتا، فقد بلغ مجموع الايات الشريفة التي تحدثت بصورة مباشرة عن هذا المفهوم خمس وعشرين اية توزعت على ثمانية عشر سورة قرانية شريفة
والشفاعة الواردة في القران الكريم تتعرض كلها إلى الجانب الأول من المعنى الاصطلاحي وهو رفع العقاب عن المذنبين، وليس علو الدرجة والمقام
...وفي مقابل ذلك نجد أن القران الكريم زاخر بالايات التي تؤكد وجود الشفاعة، مثل قوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) ومع أن الأية الكريمة تتحدث عن نموذج معين من الناس من الذين كانوا يفترون على الله الكذب، وهي تنفي أن تنالهم الشفاعة يوم القيامة لأنهم كما يقول القران قد (خسروا أنفسهم) فإنها توضح من جهة أخرى حقيقة وجود الشفاعة بحيث يطلبها هؤلاء فلا ينالونها أبداأو قوله تعالى: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) أو قوله عز شأنه: (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) وكقوله تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)
وهذه الايات الشريفة وغيرها كثير تصرح بوجود الشفاعة يوم القيامة، غاية الأمر أن القران الكريم يصف الشفعاء بعدة صفات، فمنهم (من اتخذ عند الرحمن عهدا) ومنهم (من أذن له الرحمن) ومنهم (من شهد بالحق وهم يعلمون) وأصحاب هذه الصفات الثلاثة وغيرها قد أعطاهم الله سبحانه وتعالى المنزلة العالية التي تجعلهم قادرين على أن يشفعوا فيمن يرتضي الرحمن شفاعتهم فيهم وخلاصة القول هي أن الشفاعة موجودة بصريح القران وغاية الأمر هي محدودة بحدود في طرف الشفعاء وفي طرف المشفع فيهم، وأنها لا تنال قسما من الناس
"
نجد فهم خاطىء لمفهوم الشفاعة وهى أن تعفى المسلمين من عقاب ذنوبهم وحقيقة الشفاعة أنها شهادة حق لا تؤثر فى حكم الله كما قال تعالى" ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون"
ومن ثم فالشفاعة لا تخرج أحد من النار وتدخله الجنة ولا تجعل الله يعفو عن كبائر القوم كما قيل فى مفهوم الشفاعة فى أول الفصل لأن الله أوجب عفوه وهو تكفير الذنوب لكل من تاب كما قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم"
ومن ثم فالشفاعة أى الشهادة مجرد تحصيل حاصل لأن القاضى العدل يعلم كل شىء وهو يدرى بحال كل فرد عند ارتكاب ذنوبه وغيرها وهو أصدر الحكم وهى شفاعة عامة بمعنى :
أنها ليست شفاعة أى شهادة لكل فرد باسمه وإنما شهادة عامة على من كانوا فى عصر الشفيع فالرسول(ص) يشفع أى يشهد على المؤمنين فى عهده كما قال تعالى :
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
إذا الشفاعة لا تؤثر فى حكم الله فهى لا تغيره لأنه سبق وأن أصدر الحكم ومن ثم فهى مجرد دليل سبقه الدليل الذى لا حاجة بعده لدليل وهو علم الله ممثلا فى تصوير أعمال الناس من مولدهم حتى مماتهم بالصوت والصورة كما قال تعالى :
"فمن يعمل خيرا يره ومن يعمل شرا يره"
وممثلا فى شهادة أعضاء الجسم على صاحبها بما أمرها أن تقول أو تفعل
ثم تناول الكتاب موضوع نفى الشفاعة فقال :
"ايات نفي الشفاعة ومفهومها:
تقدم القول بأن الشفاعة لم تنف مطلقا، فالقران الكريم يصرح بوجودها في أكثر من مكان وإنما الذين لا تنالهم هم الكافرون بأصنافهم المختلفة، وقد جاءت الايات القرانية تبين مصاديقهم وكما يأتي:
جاء التعبير عن الكفار في القران الكريم بصور متعددة فهم: (الذين نسوه من قبل) مرة، واخرى هم (المكذبون بيوم الدين)، وغير ذلك من الاوصاف والتعريفات بما في ذلك كفر النعمة
1 كفر النعمة:
وعلى هذا الصعيد جاءت الايات القرانية الشريفة التالية:
(يا أيها الذين امنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) إذ المنفي هنا هو استحقاق الكافرين للشفاعة، وقد تقدم عن (الميزان)
بيان ذلك وهو: أن الاستنكاف عن الإنفاق مما رزق الله هو كفر وظلم، فإذا ما أعيد اخر الاية إلى صدرها يتضح أن المقصود اعتبار الذين لا ينفقون مما رزقهم الله في سبيله من الكافرين، ولا ريب أن الكافرين لا تنالهم الشفاعة يوم الدين
فالمنفي بحكم السياق استحقاق قسم خاص من الناس، للسبب المذكور، إذن، لا دلالة في الاية على نفي الشفاعة بنحو الاطلاق
2 إتباع الشيطان:
قوله تعالى: (يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون)
وقوله تعالى: (فكبكبوا فيها هم والغاون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فمالنا من شافعين * ولا صديق حميم)
ويتبين من خلال الايتين الشريفتين المارتين أن الذين نسوا الدين، واتبعوا الشيطان وأهل الغواية محرومون من الشفاعة
3 المكذبون بيوم القيامة:
ولاحظ قوله تعالى عن الذين كذبوا بيوم الدين وأنكروا القيامة والحساب: (وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين)
4 الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا:
أما الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا فيخبر سبحانه وتعالى عن حالهم يوم القيامة بقوله عز شأنه (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون)
5 الظالمون:
فيقول عنهم سبحانه وتعالى: (وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)
6 المشركون:
ينص صريح القران على حرمان المشركين من شفاعة الشافعين يوم القيامة حيث لا ينفعهم شركاؤهم الذين عبدوهم من دون الله
يقول عز شأنه: (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)
وقوله تعالى: (ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين)
وقوله تعالى: (وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)
وقوله تعالى شأنه: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لايملكون شيئا ولا يعقلون)
وقوله سبحانه: (ءأتخذ من دونه الهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون)
ويظهر أن ايات نفي الشفاعة عن المشركين تؤدي وظيفتين، الأولى تؤكد أن الشركاء أصناما أو غيرها لا تملك لمن يؤمن بها شيئا تقدمه له يوم القيامة مع استحقاقه للعذاب بسبب الشرك، وبهذا فإن تلك الايات تنفي قدرة الشركاء على تقديم الشفاعة والوظيفة الثانية هي أن المشركين بالله محرومون من شفاعة الشافعين لأنهم لا يستحقونها
ومما تقدم يتضح أن الايات الشريفة المارة كلها ركزت على مفاهيم واضحة للشفاعة وحددت أولئك الذين لا تنالهم الشفاعة يوم القيامة، فالمفاهيم الخاصة التي تدور حولها الايات الشريفة المارة هي مفاهيم الكفر والشرك بشتى أنواعهما وأصنافهما، وأن الكافر والمشرك لن يجد يوم القيامة من يشفع له ممن أذن الله لهم بالشفاعة
ومن هنا يتضح أن نفي الشفاعة في القران الكريم ليس نفيا مطلقا، بل هو نفي خاص لمجاميع خاصة حدد الله صفاتهم وأعمالهم في الحياة الدنيا"
مما سبق يتضح أن الشفاعة المنفية هى الشفاعة للكفار سواء سموا المكذبون أو المستهزئين أو اللاهين اللاعبين أو غير ذلك فكلها أسماء لصنف واحد لا يشفع له أحد
ثم تناول المركز الشفاعة فى الروايات وما ذكره المؤلف هنا من روايات يناقض القران وسوف نضع التناقض خلف كل رواية لعدم زيادة صفحات الكتاب بذكر الرواية مرة أخرها ونقدها وهو:
"ثالثا: الشفاعة في السنة المطهرة:
إن مسألة الشفاعة قد تختلف عن الكثير من المسائل العقائدية الاخرى، التي كثر الجدل والكلام حولها، في أنها جاءت بعبارات واضحة وصريحة في القران الكريم كما وردت بنفس الوضوح في أحاديث الرسول (ص) وأئمة أهل البيت عليهم السلام، واليك هذه الأحاديث:
1 عن جابر بن عبدالله قال، قال رسول الله (ص): «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي»
الخطأ أن الشفاعة لم تعط لنبى قبل محمد(ص) وهو ما يناقض أن الرسل(ص) الذين دعاهم الناس الهة كعيسى(ص) وعزرا(ص) شفعاء سوف يشفعون طبقا لقوله تعالى " ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون"
2 قال رسول الله (ص): «فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة»
هنا من تحل لع الشفاعة من طلب الوسيلة للنبى(ص) وهو ما يناقض أن الشفاعة لأهل الكبائر سألوا له الوسيلة أم لم يسألوا فى الرواية التالية:
3 قال رسول الله (ص): «إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»
والروايتان تناقضان كون الشفاعة وهى شهادة النبى(ص) هى للمؤمنين جميعا بلا أى شرط او تحديد كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
4 قال رسول الله (ص): «اشفعوا تشفعوا ويقضي الله عز وجل على لسان نبيه ما شاء»
الحديث هنا لا علاقة له بشفاعة الأخرة فهو يتحدث عن شفاعة المسلمين فى الدنيا وهو يخالف أن شفاعة أى شهادة المؤمنين فى القيامة هى على الكفار كما قال تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"
5 عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): «أنا أول شفيع في الجنة»
الخطأ كون المتكلم وهو ليس النبى(ص) أول شفيع في الجنة فالشفاعة لا تكون إلا قبل دخول الجنة أو النار وليس وهو فى الجنة حيث انتهى دخول الكل الجنة والنار
6 عن كعب الأحبار ونفس الحديث عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: «لكل نبي دعوة يدعوها فاريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة»
وهو يناقض قولهم "شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى " فالشفاعة هنا لكل الأمة وفى الثانى لأهل الكبائر فقط منهم وهو تناقض والخطأ هو أن لكل نبى دعوة ويخالف هذا أن القران ذكر أدعية كثيرة للنبى (ص)مثل قوله بسورة طه"وقل رب زدنى علما "وقوله بسورة الفرقان"وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القران مهجورا "فهنا دعوتان
7 عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فقال: قال رسول الله (ص): «إنه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لامتي وأنا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخر فيقال ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع، قال (ص): فارفع رأسي فأقول أي ربي أمتي أمتي فيقال لي أخرج من النار من كان في قلبه كذا وكذا فأخرجهم»
نفس التناقض مع الرواية الأخرى والخطأ الأول كون النبى (ص)سيد البشر فى القيامة ويخالف أن كل من فى القيامة عبد مصداق لقوله تعالى "إن كل من فى السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا "
والخطأ الثانى خروج ناس من النار بعد دخولهم إياها وهو يخالف قوله تعالى بسورة البقرة "وما هم بخارجين من النار "وقوله "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم تكذبون "فهنا لا أحد يخرج من النار بعد دخوله لها كما أن المسلمين لا يدخلون النار لأنهم لا يصيبهم أى فزع يوم القيامة مصداق لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ امنون "وقوله تعالى "لا يحزنهم الفزع الأكبر ".
8 عن ابن عباس ان رسول الله (ص) قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ولا أقولهن فخرا بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة فاخرتها لامتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئا»
الخطأ أن الشفاعة لم تعط لنبى قبل محمد(ص) وهو ما يناقض أن الرسل(ص) الذين دعاهم الناس الهة كعيسى(ص) وعزرا(ص) شفعاء سوف يشفعون طبقا لقوله تعالى " ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون"
9 عن عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله (ص) يقول: «إذا سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة"
الخطأ كون الشفاعة لمن سأل للنبى(ص) الوسيلة وهى شهادة النبى(ص) هى للمؤمنين جميعا بلا أى شرط أو تحديد كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
10 عن أبي هريرة عن النبي (ص) في قوله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) قال: «الشفاعة»
الخطا أن المقام المحمود هو الشفاعة والمقام المحمود هو الوحى المنزل الذى يدخل الجنة
11 قال رسول الله (ص): «رأيت ما تلقى أمتي بعدي فسألت ان يوليني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل»
الخطأ كون الشفاعة سألها النبى(ص) الله والله أعطاها للنبى(ص) للمؤمنين جميعا بلا أى شرط أو تحديد كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
12 قال رسول الله (ص): «ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين»
والخطأ الثانى خروج ناس من النار بعد دخولهم إياها وهو يخالف قوله تعالى بسورة البقرة "وما هم بخارجين من النار "وقوله "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم تكذبون "فهنا لا أحد يخرج من النار بعد دخوله لها كما أن المسلمين لا يدخلون النار لأنهم لا يصيبهم أى فزع يوم القيامة مصداق لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ امنون "وقوله تعالى "لا يحزنهم الفزع الأكبر ".
13 قال رسول الله (ص): «شفاعتي نائلة إن شاء الله من مات ولا يشرك بالله شيئا»
هذا القول يناقض كون الشفاعة لأهل الكبائر فى رواية سابقة وكونها لمن طلب الوسيلة للنبى(ص) فهنا الشفاعة لمن عير مشرك أى كل فرد موحد والكل يناقض كونها لأهل ود الشيعة فى رواية:
14 وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قوله: «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»
والخطأ هنا أن شفاعة وهى شهادة المسلمين لا تكون للمسلمين الذين يودوهم وإنما هى شهادة على الكفار كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"
15 قال الإمام زين العابدين عليه السلام: اللهم صل على محمد وال محمد وشرف بنيانه وعظم برهانه، وثقل ميزانه وتقبل شفاعته»
16 قال رسول الله (ص): «يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكني وعدت الشفاعة»
الخطأ تحريمهم الصدقة على النبى (ص) وعلى أهل بيته معتبرين منهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب ويخالف هذا أن الرسول (ص)فى بداية الهجرة كان يعيش على الصدقات التى ترد له من الأنصار حتى لو سميناها هدايا أو منح أو هبات لأنه لم يكن يملك شىء عند هجرته كما أن الرسول (ص)من ضمن عمال الصدقة ومن ثم فهو يستحق بعضا منها مصداق لقوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها "والدليل على عمله فيها قوله "خذ من أموالهم صدقة ".
17 قال الإمام زين العابدين عليه السلام: « وتعطف علي بجودك وكرمك، وأصلح مني ما كان فاسدا، وتقبل مني ما كان صالحا، وشفع في محمدا وال محمد، واستجب دعائي وارحم تضرعي وشكواي»
الخطأ كون ال محمد يشفعون للمسلم وهو ما يخالف أن شفاعة وهى شهادة المسلمين لا تكون للمسلمين الذين يودوهم وإنما هى شهادة على الكفار كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"
18 عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «المؤمن مؤمنان: مؤمن وفى لله بشروطه التي شرطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والاخرة ويشفع له وهو على خير»
الخطأ كون المؤمنين منهم الشفعاء ومنهم المشفوع له وهو ما يناقض كونهم كلهم مشفوع لهم من النبى(ص) وكلهم شافع أى شاهد على الكفار كما قال تعالى ""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
19 قال رسول الله (ص): «إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم»، قال: وزاد غير الثمالي انه قال: «إلا أهل التبعات فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي» فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجي ربه ويسأله لأهل التبعات فلما وقف بجمع قال لبلال: «قل للناس فلينصتوا» فلما نصتوا قال: «إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم»وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا
الخطا أن المحسن من المؤمنين شفع للمسيىء وهو ما يناقض أن المحسن يشهد أى يشفع على المسيىء بكفره ولا يشفع له كما قال تعالى""وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
20 عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في ذكر فضل القران: «إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله، واعلموا انه شافع مشفع وقائل مصدق، وأنه من شفع له القران يوم القيامة شفع فيه»
تناقض هذه الرواية رواية أهل الكبائر ورواية من سأل الوسيلة ورواية أهل مودة الشيعة
ثم قال المركز:
"وهذه الأحاديث وغيرها كثير تدلل بما لا يدع مجالا للشك، أن مسألة القول بالشفاعة لدى المسلمين قد نشأت معهم وكونت جزءا من ثقافتهم وعقيدتهم الإسلامية، وقد أقر الرسول (ص) والأئمة من أهل بيته عليهم السلام ذلك الإيمان فهناك دلائل تاريخية توضح اهتمام المسلمين في عصر الرسول (ص) بطلب شفاعته لهم يوم القيامة، فقد روي عن أنس بن مالك عن أبيه قوله: سألت النبي (ص) أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل» قال، قلت: يا رسول الله فأين أطلبك ؟، فقال: «إطلبني أول ما تطلبني على الصراط»
الخطأ وجود الناس على الصراط وهو الجسر يوم القيامة ويخالف هذا أن دخول النار يكون من الأبواب وليس سقوطا من على الصراط المزعوم مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها " وأيضا دخول الجنة مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها
وأما قوله:
"جاء في متن الواسطية: (وأول من يستفتح باب الجنة محمد (ص)، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته، وله (ص) في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولى، فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء ادم، ونوح، وابراهيم، وموسى، وعيسى بن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل
الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له، وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها) وجاء في السيرة النبوية للحلبي إن أبا بكر أقبل إلى رسول الله (ص) بعد وفاته فكشف عن وجهه وأكب عليه وقال «بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا، إذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك»
والخطأ وجود باب واحد للجنة ويخالف هذا وجود عدة أبواب للجنة مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها"
ثم تناول المركز الشفاعة عند علماء المسلمين وهو تكرار لما قاله فى تعريف الشفاعة مع إضافة أسماء القائلين فقال:
"الفصل الثاني الشفاعة عند علماء المسلمين:
يكاد يجمع علماء المسلمين على وجود الشفاعة وأنها تنال المؤمنين لكن بعضهم ناقش في سعة المفهوم وضيقه، ففيما يجمع أغلب أئمة الفرق والمذاهب الإسلامية على أن الشفاعة تنفع في دفع الضرر والعذاب
أولا: اراء وأقوال العلماء حول مفهوم الشفاعة
1 قال الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبري (ت 413 ه):
«إتفقت الإمامية على أن رسول الله (ص) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين عليه السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة ال محمد عليهم السلام كذلك، وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين»
وقال في مكان اخر: «ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ويشفعه الله وعلى هذا القول إجماع الإمامية إلا من شذ منهم»
2 وقال الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) في تفسيره (التبيان): «حقيقة الشفاعة عندنا أن تكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي (ص) فيشفعه الله تعالى ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصراط لما روي من قوله عليه السلام: «إدخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»
والشفاعة ثبتت عندنا للنبي (ص) وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين»
3 وقال العلامة المحقق الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه):
« وهي ثابتة عندنا للنبي (ص) ولأصحابه المنتجبين والأئمة من أهل بيته الطاهرين عليهم السلام ولصالحي المؤمنين وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين»
4 ويقول العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (ت 1110 ه):
«أما الشفاعة فاعلم أنه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنها من ضروريات الدين وذلك بأن الرسول يشفع لامته يوم القيامة، بل للامم الاخرى، غير أن الخلاف هو في معنى الشفاعة واثارها، هل هي بمعنى الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين ؟
والشيعة ذهبت إلى أن الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب وإن كانت ذنوبهم من الكبائر، ويعتقدون بأن الشفاعة ليست منحصرة في النبي (ص) والأئمة عليهم السلام من بعده، بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن الله تعالى لهم بذلك»
ما تقدم كان نماذج من أقوال علماء الشيعة الإمامية حول الشفاعة معنى وحدودا، أما علماء المذاهب الإسلامية الاخرى فقد أقروا بالشفاعة والإيمان بها، وننقل فيما يلي نماذج من اراءهم وأقوالهم
1 الماتريدي السمرقندي (ت 333 ه):
عند تفسيره لقوله تعالى: (ولا يقبل منها شفاعة)، وقوله تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى)«إن الاية الاولى وإن كانت تنفي الشفاعة، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الاية» ويقصد بها الأية 28 من سورة الأنبياء
2 أبو حفص النسفي (ت 538 ه):
يقول في عقائده المعروفة ب (العقائد النسفية): «الشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حق الكبائر بالمستفيض من الأخبار»
3 ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاسكندري المالكي:
يقول في الانتصاف «وأما من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها، وأما من امن بها وصدقها وهم أهل السنة والجماعة فاأولئك يرجون رحمة الله، ومعتقدهم أنها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادخرت لهم»
4 القاضي عياض بن موسى (ت 544 ه):«مذهب أهل السنة هو جواز الشفاعة عقلا ووجودها سمعا بصريح الايات وبخبر الصادق، وقد جاءت الاثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الاخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها»
وهو تكرار كما قلنا لما قاله فى تعريف الشفاعة وقد ذكر المركز كون المعتزلة يرفضون الشفاعة بهذا المعنى فقال:
"رفض المعتزلة الشفاعة وناقشوا فيها حيث يقول أحد أعلامهم وهو أبو الحسن الخياط وهو يفسر قوله تعالى: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) : «ان الأية تنص على أن من استحق العذاب لا يمكن للرسول أن ينقذه من جهنم»
قم ذكر رد البعض على قول المعتزلة فقال:
"وفي رد ذلك يقول الشيخ المفيد رضي الله عنه: «إن القائلين بالشفاعة لا يدعون بأن الرسول هو المنقذ للمستحقين النار وإنما الذي يدعونه إن الله سبحانه ينقذهم منها إكراما لنبيه والطيبين من أهل بيته عليهم السلام
هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فإن المفسرين يذهبون إلى أن الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار، وإن النبي (ص) لا يشفع لهم» ومن هنا يكون هذا الإحتجاج بالاية الشريفة الانفة على نفي الشفاعة احتجاجا غير صحيح
وبعد ذلك ذكر الإشكالات فى الشفاعة والردود عليها وكلها إشكالات ناتجة من الفهم الخاطىء للشفاعة فالشفاعة كما قلنا مجرد شهادة الشافع ل أو شهادة الشافع على ولم يرد فى المصحف أية اية دالة على كونها تحدث أى أثر فى تغيير حكم الله كإخراج العصاة من النار وإدخالهم الجنة لأن العصاة ليسوا مسلمين وإنما كفار يخلدون فى النار كما قال تعالى " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا"
ثم أنه لا يوجد مسلم إلا وقد عصى الله مرات عديدة ولكنه يتوب من عصيانه وهو كفره ولذا كان القول "كل ابن ادم خطاء وخير الخطاءين التوابون" ومن ثم فإطلاق اسم عصاة المؤمنين إطلاق خاطىء فلا يوجد مسلم عاص لأن معناها مؤمن كافر فى نفس الوقت وهو شىء محال وهو ما ناقض المركز نفسه عندما أقر بخروج المسلم من إيمانه خروجا تاما حيث قال فى الفصل الأخير" وبدون شك، فإن الإصرار على الذنب قد يخرج المؤمن عن صفة الإيمان الحقيقي التام «وذلك لأن الإصرار على الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه سواء كان الذنب ..
وقد تقدم في جواب الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام لعبد الله بن سنان بأن الإصرار على الذنب يخرج الإنسان من الإيمان"

ومن ثم فالإشكالات والردود عليها باطلة لأن من عملوا إشكالات فهموا معنى الشفاعة فهما خاطئا ومن ردوا عليهم كذلك ونذكر الإشكالات وبعض ما ذكره من ردود وهى:
"ثانيا: إشكالات وردود:
الإشكال الأول:
إن (نفس الذنب) الذي قد يرتكبه المؤمن يرتكبه الكافر، وإن الله سبحانه وتعالى قد وضع سنة العقاب والثواب جزاء لأفعال عباده، وإن رفع العقاب عن المؤمنين المذنبين بواسطة الشفاعة، وإنزاله على غيرهم من الكافرين، مخل بعدالته (سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا) وهذا الإشكال يمكن أن نسميه ب «مشكلة الاثنينية في الجزاء مع وحدة الذنب»
والجواب عليه:
لابد من بيان: هل الذنب من المؤمن والكافر واحد ؟ وهل أن قبول الله لشفاعة الشافعين بالمؤمن المذنب وحرمان الكافر منها اثنينية في الجزاء أم لا ؟لا ريب أن الذنب من أي شخص ولأي شخص كان يقتضي استحقاق الذم والعقاب، كما أن الإطاعة من أي شخص كان ولأي شخص كانت تقتضي الثواب والمدح، وإلا لم يبق فرق بين المطيع والعاصي
إلا أن الله سبحانه فرق وكلامنا فعلا في المعصية بين ما إذا كانت من مؤمن به، وما إذا كانت من كافر، فجعل الشفاعة للمؤمنين العصاة كما فتح لهم باب التوبة، وأما الكافرون فإن نيلهم الشفاعة أو قبول التوبة من الذنوب معلق على أصل الإيمان بالله عز وجل تماما كالحسنات، فإنهم ما لم يؤمنوا لا يثابون عليها أبدا ...فهذا الإشكال إنما نشأ في الحقيقة من توهم وحدة الذنب، وقد بينا أنه يختلف ويتعدد باختلاف صاحب الذنب، ..ومن هنا فإن حرمان الكافرين من الشفاعة يوم القيامة ليس تخلفا عن الحكم الالهي، بل هو وفاء للوعيد الذي سبق أن أخبر به الله سبحانه وتعالى الكافرين على لسان أنبيائه ورسله
أما المؤمن فإنه قد فتح له باب التوبة، فقد يرتكب ذنبا «فيتوب منه»، وتوبته تصح بالندم على ارتكاب الفعل وبالتالي تركه وعدم العودة إليه؛ لأن الندم على ارتكاب الذنب يستدعي ترك العودة إليه، وإلا فإن العودة إلى الذنب تعني الإصرار عليه، فإذا مات مذنبا أمكن أن يغفر له بالشفاعة التي وعدها الله للمؤمنين، وعلى هذا الأساس يكون قبول الشفاعة في المؤمنين المذنبين وعدم قبولها في الكافرين، وفاء للوعد الإلهي الذي جاء على لسان الأنبياء والمرسلين
وبعد هذه الشواهد نقول ردا على الإشكال المتقدم، إن الاثنينية في الجزاء إنما جاءت بتبع الإثنينية في الذنب، ويتلخص الجواب في عدم الوحدة في الذنب، فإن المولى قرر وأخبر منذ البدء عن الفرق في تعامله بين المؤمن والكافر بالنسبة إلى الذنوب الصادرة منهما، وعلى أساس ذلك كان الكافر محروما من الشفاعة في الاخرة بخلاف المؤمن فقد تناله، كما تقبل التوبة من ذنوبه إذا تاب فكان جزاء كل منهما في الاخرة مطابقا لما قرره
الإشكال الثاني
إن رفع العقاب عن المذنبين يوم القيامة بعد أن أثبته الله بالوعيد به «أي العقاب» يوم القيامة إما أن يكون عدلا أو يكون ظلما
فإن كان رفع العقاب عدلا كان الحكم بالعقاب ظلما «تعالى الله عنه علوا كبيرا»
وإن كان رفع العقاب ظلما، فإن طلب الأنبياء والمرسلين والصالحين للشفاعة، هو طلب للظلم وهذا جهل لا تجوز نسبته إليهم عليهم السلام وهم المرسلون الذين عصمهم الله من الخطأ والزلل
والجواب عليه:
وهو إشكالية التعارض بين أن يكون رفع العقاب (عدلا) فالعقوبة الناتجة عن الذنب (ظلم) لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، وبين أن يكون رفعه (العقاب) ظلما بعد أن تقدم الوعيد به في الحياة الدنيا فإن طلب الأنبياء أو الشفعاء بشكل عام، يعد طلبا للظلم، وهم أبعد وأسمى من ذلك
قد ذكرنا أن الذنب من المؤمن ليس علة تامة لوقوع العقاب عليه، وإنما هو مقتض للعقاب، فإن حصل هناك ما يمنع من وقوعه من الموانع التي قررها المولى نفسه كالتوبة والشفاعة ارتفع العقاب، وإلا أثر الذنب أثره
وقد ورد عن رسول الله (ص) قوله: «إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن اذى ذريتي»
وعلى هذا، فإن عقاب الله سبحانه للعبد المؤمن المذنب عين العدل، كما أن إعطاء الثواب للعبد المؤمن المطيع عين العدل، فلولا استحقاق العاصي للعقاب لم يبق فرق بينه وبين المطيع، إلا أن هذا الاستحقاق قد لا يصل إلى مرحلة الفعلية لتحقق مانع عنها كالشفاعة والتوبة
وبهذا اتضح عدم التنافي بين قانون العدل الإلهي، وقانون الشفاعة
وحاصل ذلك: إن «الشفاعة» ماهي إلا «فضل ورحمة من الله» جعلها عز وجل للمؤمنين، وبها وقع الفصل بين المؤمن والكافر، غير أنها «رحمة» منه، وأي تعارض بين «الرحمة» و «العدل» ؟
..نعم الإشكال يرد فيما لو تم رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يرفع عن فرد اخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماما
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن «وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب وذلك إثر عدة من الأسباب، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كل ذي حق حقه، والفصل في القضاء، لا يوجب اختلافا في السنة الجارية وضلالا عن الصراط المستقيم»
الإشكال الثالث
إن الشفاعة المعروفة لدى الناس هي: أن يدعو المشفوع عنده إلى فعل شيء أو ترك الفعل الذي حكم به على المشفوع له، وهذا أمر لا يمكن حصوله، إلا إذا حدث للمشفوع عنده علم جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له، أو أنه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان على حساب الحق والعدل والإنصاف، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلى الله (تعالى عن ذلك علوا كبيرا)والجواب عليه:
فهو افتراض باطل من أساسه، لأن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى وهو العقاب لم يكن أثرا غير قابل للانفكاك عن «الذنب»، لما تقدم من أن الذنب ليس إلا مقتضيا للعقاب، فالشفاعة بعد أن كان الذنب مجرد مقتض للعقاب تقدم الوعد بها، وأثبتها القران الكريم بصورها وحدودها ومواصفات أشخاصها، لا تمثل عند قبولها انصرافا عن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى، بل هي وفاء لما قرره بحق عباده
الإشكال الرابع:
إن معرفة الناس بثبوت الشفاعة لمن أذنب بواسطة الأنبياء والصالحين يخلق عندهم الجرأة على ارتكاب الذنب على أمل نيل الشفاعة منهم يوم القيامة وهذا الأمر سيؤدي إلى عبثية الأحكام المتعلقة بالجزاء حيث سيضطرب النظام الاجتماعي ويشيع الفساد في الناس وتنتهك أحكام الله التي وضعها لعباده والجواب عليه: إن مشكلة هذا الإشكال وضعفه: هو أنه تجاهل ظاهرة مهمة في الايات القرانية التي تناولت بصورة مباشرة موضوع الشفاعة وقبولها، وكذلك الايات التي تحدثت عن خلود الكافرين في النار وهذه الظاهرة هي: إن ايات الشفاعة لم تعين على سبيل التحديد أفراد الناس ومجاميعهم ممن تنالهم الشفاعة، كما أنها لم تعين الذنوب التي تقبل الشفاعة فيها فإذا كان الأمر كذلك، فكيف تطمئن نفس أن تنالها الشفاعة، وكيف تطمئن أيضا إلى أن ذنبها الذي ترتكبه هو من الذنوب التي تقبل بها الشفاعة ومن هنا فإن النفس والحال هذه ستبقى متعلقة، وجلة تتملكها الخشية من ارتكاب الذنب والمعصية خوفا أن لا تكون ممن تنالها الشفاعة، أو أن يكون ذنبها مما لا تقبل فيه الشفاعة
الإشكال الخامس:
إن العقل قد يحكم بإمكانية وقوع الشفاعة بالإفادة من ايات القران الكريم، ولكنه لا يستطيع أن يحكم بفعلية وقوعها خصوصا وأن في القران ما ينفي الشفاعة مطلقا كقوله تعالى: ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) ، وبعضها الاخر يقيد الشفاعة بقيود كما في قوله تعالى: (إلا بإذنه)، وقوله تعالى ( الا لمن ارتضى)، ولكن هذه الايات وغيرها لا تدل دلالة قطعية على وقوع الشفاعة وحصولها اليقيني، فالقران الكريم ينفي الشفاعة اونة، ويقيدها أخرى برضا الله سبحانه وتعالى، ويذكر القران الكريم مرة اخرى أن الشفاعة لا تنفع، كقوله تعالى ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين) والجواب عليه:إن ملخص الجواب هو أن الايات التي يستدل بها على نفي الشفاعة، لا تنفي الشفاعة مطلقا، بل إنها تنفيها عن بعض الناس وقد وردت هذه الاستثناءات في ايات عديدة
أما فيما يتعلق بالقيود الموجودة في حصول الشفاعة من جهة، وقبولها من جهة أخرى، فإن ذلك لا يعني نفيها بل يؤكد وقوعها واثباتها، على خلاف ما ادعاه النافون من أنها لا تنفع، مستدلين على ذلك، بقوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)
وهذا الاستدلال غير صحيح؛ لأن سياق الايات التي تسبق هذه الاية تتحدث كلها عن المجرمين المستقرين في سقر.. هم هؤلاء المستقرون في سقر الذين لم يكونوا من المصلين، وكانوا يكذبون بيوم الدين، حتى أتاهم اليقين حين وجدوا أنفسهم في سقر فلا تنفعهم بعد صفاتهم تلك شفاعة الشافعين
ثم تناول المركز أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية فى الفصل الثالث فقال:
"الفصل الثالث:
أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية:
"هناك مناقشات، تدور حول أثر الشفاعة في الحياة الدنيا، وهي مناقشات تتمحور حول الإجابة عن السؤال التالي:
هل أن طلب الشفاعة في أمور الدنيا من غير الله جائز شرعا، وهل أن لها أثرا ايجابيا في الحياة الدنيا كالرزق والشفاء من الأمراض والنجاح في الأعمال، أو الإنقاذ من الأخطار وغيرها من شؤون الحياة الدنيا، أم إنها غير جائزة، وغير ذات فائدة في الدنيا ؟
أما في مسألة الجواز: فقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر عن رجال ارتضاهم ليشفعوا عنده في عباده الذين ارتضى وقد وردت عدة روايات تؤيد ذلك نقلناها سابقا، هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال
أما فيما يتعلق بالشق الثاني منه، وهو: هل أن للشفاعة أثرا وفائدة في تحصيل المصالح والمنافع الدنيوية أم لا ؟"
الجواب بوجود رجال ارتضاهم الله ليشفعوا عنده في عباده الذين ارتضى هو مخالف للقران فالله تحدث عن الملائكة وشفاعتهم الأخروية ولم يتحدث عن الدنيا فى قوله "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون"
ويقول المركز أن الشفاعة دعاء فى الدنيا فى الفقرة التالية:
"فنقول: إن الشفاعة تعطي بالاضافة إلى المعاني التي تقدمت في أول البحث معنى الدعاء أيضا، فالنبي (ص) عندما يشفع لمؤمن فإنه يدعو الله سبحانه وتعالى، فقد ذكر السيد العاملي أن «شفاعة النبي (ص) أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء"
لو اعتبرنا دعاء الاستغفار للغير شفاعة من المؤمن فهى شفاعة لا تقدم ولا تؤخر شىء فى حكم الله المبنى على عمل الإنسان فى دنياه فلو كانت تحدث أثرا ما نهى الله المؤمنين عن الاستغفار للكفار كما قال تعالى "ما كان للنبى والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم"
فالنهى عنها كان لكونها غير مفيدة وتضيع وقت المؤمنين ظنا منهم أن الله يغير حكمه بسببها لأنهم يحبون بعض الكفار
ثم تناول المركز اية الشفاعة الدنيوية فقال :
"حكى النيسابوري في تفسير قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) عن مقاتل أنه قال: الشفاعة إلى الله إنما هي الدعوة لمسلم، لما روي عن النبي (ص): من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك»
وعلى هذا الأساس، فإن دعاء المؤمن لأخيه المؤمن في حياته في حاجة من حوائج الدنيا أمر مقبول لا غبار عليه ولا مناقشة فيه بعد الذي تقدم، ..."
والشفاعة هنا لا تعنى مناصرة للغير وإنما هى عمل الإنسان خيرا أو شرا وتفسيرها عندى هو:
""من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شىء مقيتا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النمل"من جاء بالحسنة فله خير منه ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار" فالشفاعة هى الحسنة والنصيب هو الخير من الحسنة والشفاعة هى السيئة والكفل هو النار وقوله"وكان الله على كل شىء مقيتا "يفسره قوله بسورة النساء"إن الله كان على كل شىء حسيبا"فمقيتا تعنى حسيبا والمعنى من يعمل عملا صالحا يكن له ثواب عليه ومن عمل عملا فاسدا يكن له عقاب عليه وكان الله على كل عمل رازق،يبين الله لنا أن من يشفع شفاعة حسنة والمراد من يفعل فعلا صالحا يكن له نصيب منه والمراد يصبح له ثواب له عليه من الله ومن يشفع شفاعة سيئة أى من يفعل فعلا فاسدا يكن له كفل منه أى يصبح له عقاب على فعله والشفاعة بمعنى المناصرة ممنوعة فى الإسلام حيث قال بسورة النساء"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" ويبين الله لنا أنه مقيت أى رازق على العمل"
ثم ذكر المركز شفاعة الأموات فقال :
"لكن المناقشة تدور عادة بين المنكرين لجواز الشفاعة وتأثيرها في حاجات الدنيا، وبين القائلين بجوازها وتأثيرها، حول طلب الشفاعة من الأموات أو الذين غادروا الحياة الدنيا على قول أدق
رأي ابن تيمية ومناقشتهفقد ذهب ابن تيمية ومن تابعه إلى أن طلب الشفاعة في حاجات الدنيا أو غيرها من «الأموات» شرك « وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع في هذه الامور، لأني أتوسل إلى الله كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الذين يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم، والمشركين الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)»
وتهافت وفساد هذا الرأي الذي يذهب إليه ابن تيمية أنه جعل طلب الدعاء والشفاعة بمنزلة مساوية ل «عبادة غير الله»، مع أن الشفاعة أصلا لا تعني العبادة لا بمعناها اللغوي ولا بمعناها الاصطلاحي، كما أن الداعي الداخلي والنفسي لطلب الشفاعة تعني شيئا اخرا غير الداعي النفسي لعبادة الأصنام والبشر أو غير ذلك مما يتوسل بها المشركون والكافرون لتقربهم على حد زعمهم إلى الله زلفى"
وبالقطع شفاعة الموتى للأحياء هو نوع من الخبل لكونهم فى عالم الباطن ونحن فى عالم الظاهر وهما عالمان منقطعان عن بعضهما فلا أحد يسمع أحد ولا يحس به كما قال تعالى "وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحدا أو تسمع لهم ركزا"
والمعنى الظاهر من قوله تعالى "وما أنت بمسمع من فى القبور" ولو كان الموتى يسمعون ما طلب موتى المسلمين من الله أن يبشرهم بالأحياء من المسلمين كما قال تعالى "فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
ثم ذكر المركز روايات لا صحة لها فقال "
" وقد تقدم في هذا البحث أن أبا بكر جاء إلى رسول الله (ص) بعد وفاته وكشف عن وجهه وسلم عليه وطلب منه الدعاء له عند الله، كما ورد نفس الأمر عن الإمام علي عليه السلام وطلبه ذلك من رسول الله (ص) ...وبعد وضوح كل ذلك، فما المانع من أن يكون هؤلاء الذين غادروا الحياة الدنيا إلى الحياة الاخرة، يسمعون ويرون ويدعون الله للذين لم يلحقوا بهم من المؤمنين والشهداء في قضاء حوائجهم ....وكل ما تقدم يدل دلالة واضحة على أن الإنسان بعد الانتقال من الحياة الدنيا فإنه يعيش حياة اخرى، يرى الكافر فيها العذاب فيتألم، ويرى المؤمنون فيها النعيم فيفرحون ويستبشرون، وهكذا يبطل زعم القائلين بأن الإنسان إذا مات انقطعت كل أسباب العلاقة بينه وبين الأحياء في الدنيا وهو مذهب القائلين بعدم جواز التوسل بالأموات، وهو مذهب فاسد كما علمت لأنه مخالف لصريح القران الكريم وقبل أن نختم هذا الفصل لا بأس بإيراد رواية صحيحة تروى عن رسول الله (ص) مما تنفع في هذا الباب
بعد أن انتهت معركة بدر الكبرى بانتصار المسلمين، وقف رسول الله (ص) على قتلى المشركين فقال: «يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني واواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس حتى قال : هل وجدتم ما وعدكم ربي حقا»
فلو كان هؤلاء القتلى الذين غادروا الحياة الدنيا لا يسمعون، فهل كان عبثا حديث رسول الله (ص) معهم، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؟"
الغريب أن المركز يصدق الروايات ويترك ظاهر الايات القرانية مثل" وما يستوى الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور"
بالقطع ليس المراد من الايات ظاهرها وإنما المراد أن الموتى وهم الكفار لا يؤمنون فهذا معنى موتهم
وكيف يؤمن أهل المركز بشفاعة الموتى الدنيوية ومقاتل الطالبيين وغيرهم من أقارب النبى(ص) تملأ كتب التاريخ فلو كان موتاهم يقدرون على نفعهم ما قتلوا ولقامت دولتهم وما قدر احد على هزيمتها طالما الموتى يدافعون عنهم ؟
بعد هذا تناول المركز الشفعاء والمشفع لهم فى الفصل الرابع فقال:
"الفصل الرابع
الشفعاء والمشفع لهم:
أولا: الشفعاء:
هل حدد القران الكريم الشفعاء ؟ وهل أخبر عن اسمائهم أو عن صفاتهم ؟
إن التدبر في ايات القران الكريم يوضح أن الله سبحانه وتعالى لم يحدد في الايات القرانية الشريفة وفي ايات الشفاعة اسم أحد من الشافعين، لكن القران الكريم أشار إلى مجموعة من الصفات التي إن توفرت في أحد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك...
أ الأنبياء:
فالاية الشريفة التالية تؤكد أن الأنبياء يشفعون قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وفي الاية أعلاه قيود دقيقة لابد من الالتفات إليها وهي:
جاء في تفسير (ظلموا أنفسهم) أي بخسوها حقها بادخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب، وتفويت الثواب بفعل الطاعة، وقيل (ظلموا أنفسهم) بالكفر والنفاق (جاءوك) تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك (فاستغفروا الله) لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه (واستغفر لهم الرسول) أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم (لوجدوا الله) أي لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم"
ما استشهد المركز به على شهادة الأنبياء ليس فيه أى دليل على شفاعة الأنبياء فحتى لو اعتبرنا استغفار الرسول(ص) للمؤمنين دليل شفاعة فهو دليل على شفاعة محمد(ص)وأما الدليل على شفاعتهم وهى شهادتهم فهى قوله تعالى :
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
قم ذكر الملائكة فقال :
"ب الملائكة:
وأما شفاعة الملائكة فتدل عليها الاية التالية قال تعالى: (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)
ودلالة الاية جلية وواضحة على أن الملائكة تشفع بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى
ج المؤمنون:
وأما شفاعة المؤمنين والشهداء فتدل عليها الاية الشريفة قال تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)
والذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا على أممهم مع الأنبياء والأوصياء"
وما استشهد به المركز لا يصلح كدليل على شفاعة وهى شهادة المؤمنين فليس كل المؤمنين دعاهم البعض أى عبدهم بعض الناس من دون الله ودليل الشفاعة وهى شهادة المؤمنين قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"
وذكر المركز أمرا صحيحا وهو كون رضا الله شرط الشفاعة فقال :
"وقبل أن نغادر هذا الفصل نلفت نظر القاريء الكريم إلى ظاهرة مهمة تكررت في الايات القرانية الشريفة التي تحدثت عن الشفيع أو المشفوع له، وهي ظاهرة «الرضى» الإلهي عمن يريد أن يشفع وعمن يراد أن يشفع له، واعتبار ذلك الرضى قيدا لازما لا تؤتي الشفاعة ثمارها بدونه، فالشفيع يجب أن يرضى الله شفاعته لتكون في محلها والمشفوع له يجب أن يكون مرضيا عنده سبحانه وتعالى ليقبل فيه شفاعة الشافعين
وبناء على هذا لو راجعنا الايات القرانية الكريمة والتي أشارت إلى «رضى» الله تعالى عن بعض عباده، نجدها تشير إلى مواصفات غاية في السمو والتألق ونحن هنا نورد أمثلة من الايات القرانية التي ذكرت بالصراحة «رضى» الله عن بعض عباده الصالحينقوله تعالى: (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم)
وطرح المركز سؤالا عمن تتم الشفاعة لهم وأجاب فقال :
"فمن هم اولئك الذين تنالهم الشفاعة ؟ ومن هم الذين لا تنالهم ؟
أ المؤمنون المذنبون:
السؤال الذي يطرح هنا هو أن مفهوم الشفاعة يعني غفران الذنب ورفع العقاب المستتبع له، فكيف يمكن الجمع إذن بين صفة الإيمان بالله واليوم الاخر وبين صفة ارتكاب الذنب ومقارفة المعصية ؟
وللجواب على ذلك نقول: إن للمؤمنين درجات بما امتلك كل مؤمن من الصفات، وقد أشار القران الكريم في مواضع عديدة إلى حقيقة التفاوت والدرجات بين المؤمنين، مثل قوله تعالى: ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما)
..إن المؤمن يذنب لكنه يستغفر الله ويتوب، وهو أيضا يحتاج إلى الشفاعة، ويتضح إن عدم الإصرار على الذنب ومن ثم الاستغفار والتوبة هي من صفات المؤمنين؛ لأن الله لا يعد أحدا بالجنة والنعيم إن لم يكن مؤمنا مرضيا عند الله سبحانه وتعالى ولكن المؤمن إذا ارتكب معصية أو اقترف إثما وأصر عليه، فهل يبقى على صفة الإيمان بمعناه الحقيقي الذي يريده سبحانه وتعالى متجسدا عند الإنسان بالفعل والسلوك والعمل وليس بمجرد الادعاء والعادة ؟وبدون شك، فإن الإصرار على الذنب قد يخرج المؤمن عن صفة الإيمان الحقيقي التام «وذلك لأن الإصرار على الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه سواء كان الذنب المذكور من الصغائر أو الكبائر»
وقد تقدم في جواب الإمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام لعبدالله بن سنان بأن الإصرار على الذنب يخرج الإنسان من الإيمان
وهل هناك عاقل يقول: إن من يستهين بأوامر الله، هو ومن يمتثل أوامره ونواهيه كلها كما أمر ونهى، على حد سواء ؟
ومن الايات الشريفة ننقل القارىء إلى التدبر في الأحاديث المروية عن الرسول (ص) وأهل بيته المعصومين عليهم السلام
عن أبي عبدالله عليه السلام في رسالته إلى أصحابه قال: «وإياكم ان تشره أنفسكم إلى شيء حرم الله عليكم، فإن من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا، حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الابدين إلى أن قال وإياكم والإصرار على شيء مما حرم الله في القران»
وجاء في وصية الرسول الأكرم محمد (ص) للصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه قوله: «يا أبا ذر إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه»
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: «لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه»
وبعد كل ما تقدم أصبح واضحا وجليا أن المؤمن إنما يخرج عن ربقة الإيمان التام الحقيقي بالإصرار على الذنب والمعصية، ويغدو واضحا أيضا أن المؤمن قد يذنب الذنب الكبير أو الصغير، لكنه يسارع إلى الاستغفار والتوبة فيتوب الله عليه، وقد تقدم فيما مضى أن الشفاعة هي لأهل المعاصي من المؤمنين"
الغريب فى الفقرات السابقة إصرار المركز على خلود المذنبين المصرين على ذنوبهم النار وعدم خروجهم منها وهو يستشهد بالعديد من الروايات على ذلك ولكنه يفاجئنا فى الفقرة التالية أنهم يخرجون من النار ويدخلون الجنة فيقول:
"ب المؤمنون الذين يدخلون النار:
وكما تنفع الشفاعة المؤمنين في القيامة ليغفر لهم الله ذنوبهم فيدخلون الجنة كذلك تنفعهم الشفاعة حتى بعد الدخول في النار فيخرجون منها، وهذا ما تفيده الأحاديث النبوية الشريفة المروية عن رسول الله (ص) وأهل بيته المعصومين عليهم السلام التي تتحدث عن أن هناك من المؤمنين من يتم إخراجهم من النار بشفاعة الرسول والمؤمنين الصالحين قال رسول الله (ص): «يشفع الأنبياء في كل من يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، فيخرجونهم منها» وقال رسول الله (ص): «إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة»وقال رسول الله (ص): «ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين»
وقال رسول الله (ص) في حديث: «أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم نار بذنوبهم أو بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فيخرجون ضبائر ضبائر»
وهو تناقض فى الكلام لا يمكن أن يتم تصديقه فإما أن يكونوا فى النار بلا خروج وإما أن يدخلوا الجنة بعد النار وبعد ذلك يحدثنا المركز عن كون الكفار هم المخرومين من الشفاعة فيقول:
"ثالثا: غير المشمولين بالشفاعة:
"قد عرفنا أن الشفاعة تخص المؤمنين وأن الكافرين محرومون منها فلا تنفعهم لا قبل الدخول في النار ولا بعده، وقد تكرر الوعد الإلهي في القران الكريم لعدة أصناف من الناس بأن يكونوا خالدين في النار لا تنالهم شفاعة الشافعين"

 

اجمالي القراءات 4933

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-08-18
مقالات منشورة : 2621
اجمالي القراءات : 20,823,266
تعليقات له : 312
تعليقات عليه : 512
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt