النقاب وسنينه السودا..!!..

آحمد صبحي منصور Ýí 2019-02-09


النقاب وسنينه السودا..!!..

مقدمة:

1 ـ فى مقالين منشورين هنا وبعض من الفتاوى عرضنا لموضوع النقاب ، وأنه حرية شخصية طالما لا يرتبط بزعم دينى . إذا إرتبط بتشريع منسوب للإسلام فهو وقوع فى الشرك والمزايدة على رب العزة جل وعلا . وبالتالى فإن الملابس الفاضحة للأنثى ـ أو حتى المايوه ـ تقع فى بند السيئات الصغرى أو ( اللمم ) بينما يقع (النقاب ) المنسوب زورا الى دين الله جل وعلا فى قائمة الكفر وهو اكبر الكبائر ، ونتذكر قوله جل وعلا : (  يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّـهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣٢﴾ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾ ) الاعراف ).

2 ـ لا جديد عندنا يقال فى موضوع النقاب ، لم يبق سوى تجارب  شخصية مع ذوات النقاب أعرض لها فى صورة ادبية قصصية . معظمها أحداث وقعت ، ولكن لا بأس من بعض الرتوش الساخرة  فشرُّ البلية ما يُضحك .

الحكاية الأولى :

1 ـ فى منتصف الثمانينيات عرفت بين أهل القرآن شابا ملتزما شاركنا محنة السجن . وفى مرة عرض أن يأتى بأسرته الى القاهرة ليومين ، وفهمت أنه يريد أن يكون عندى ضيفا. ورحبت به . فوجئت أنه جاء ومعه زوجته وسكرتيرته . وفوجئت بهما من ذوات النقاب . وكان الترحيب المعتاد بهم ، وتفرغت زوجتى لهما . وبسرعة إنقسمت شقتنا الصغيرة الى معسكرين أو قسمين بينهما حاجز سميك وحظر للتجول : غرفة المكتبة والضيوف وهى لى أنا وصديقى وبجانبها غرفة أطفالى وكانوا صغارا ، ولأنهم ذكور فقد تم فرض حظر التجول عليهم مثلنا تماما . القسم الآخر هو عرفة نومنا ، وأصبح (الحمام ) على الحياد . وعندما نخرج الى الصالة نسمع السكرتيرة المنقبة تنادى ( كبسة )، وهو تعبير مصرى يقال عندما يهجم البوليس على قوم من المتاعيس . عندما تصرخ ( كبسة ) يخلو المكان من الصالة الى الحمام بإعتبارها منطقة حياد منزوعة السلاح . ونفس الحال عندما آتى من الخارج ومعى صديقى ، بمجرد الدق على الباب نسمع الهتاف ( كبسة ). ولا بد أن ننتظر حتى نتأكد أن المنطقة خالية . كانت أياما عصيبة . تخيل أن يتحول بيتك الى سجن تسير فيه متلفتا كأنك حرامى .!!. تحررنا من هذه الأحكام العرفية وقانون الطوارىء بعد سفر صديقى بزوجته المنقبة وسكرتيرته المنقبة. وظللنا بعدها نتسلى بهذه الحكاية الى أن أودعناها زوايا النسيان .

2 ـ بعدها وفى التسعينيات كنت فى ضيافة صديق فى إحدى مدن الوجه البحرى. كنت ألقى ندوة عندهم وإستضافنى هذا الصديق لتناول الغذاء قبل الرجوع للقاهرة. وفى بيته قال لى إن هناك أخت تقرأ لى وتريد أن تتكلم معى على إنفراد .ورحبت . كانت تلبس أحدث موضة ، وإنطلقت فى الكلام ، وفوجئت بها تعرف عنى وعن زوجتى الكثير.وعرفت انها المنقبة إياها ، وأنها إنفصلت عن زوجها بعد صراع فى المحاكم ، وقد إكتشفت خيانته لها مع سكرتيرته المنقبة. وأنها كرهت النقاب . الذى يهمنى ما إستفدته من حديثها عن تجربتها مع النقاب وبعده. لقد تحدثت كثيرا عن الإزدواجية فى موضوع النقاب ، وإنه بالتعود تتأسس به لدى المرأة المنقبة شخصية أخرى ، تتخفى بها عن الناس وتتلصّص بها عن الناس ، وبهذه الإزدواجية تمارس النفاق مقترنا بمشاعر التفوق والاستعلاء على الأخريات غير المنقبات. وقالت إنها بخلع النقاب تحررت من هذه الإزدواجية ، واصبحت تتعامل مع الناس بطريقة شفافة وبسيطة وبلا تكلف ، وقالت إنها لا تنسى أنها كانت ترتدى النقاب ودخلت صيدلية وكانت فيها إمرأة ( غير منقبة ) تحمل طفلا ، وأن الطفل عندما رآها بالنقاب ظل يصرخ رعبا منها ، وأنه كلما أفتربت منه لتهدئه إزاد صراخه خوفا منه ، ولم تتنبه إلا عندما صرخت فيها أم الطفل أن تبتعد عن طفلها لأنه مرعوب منها. وقال إنها كانت أصعب تجربة مؤلمة مرت بها فى حياتها.

الحكاية الثانية  

1 ـ كنت أدير الندوة الاسبوعية ( رواق ابن خلدون ) فى مركز ابن خلدون . كان يحضرها لفيف من المثقفين والصحفيين والمنشغلين بالعمل العام ، ويتحدث فى كل ندوة أحد الخبراء فى الموضوعات الشائكة ، من الصراع العربى الاسرائيلى الى التراث والتشيع والسنة و التحول الديمقراطى والاخوان المسلمين ..الخ . لفت نظرى حضور سيدة منقبة ومعها زوجها ، وكان صاحب لحية طويلة كالعادة . بعد إنتهاء إحدى الندوات إقترب منى هذا الزوج وقال إن زوجته تريد أن تستفينى فى أمر دينى. رحبت ، وذهبت اليها ومددت يدى لأسلم عليها ، وفوجئت بها ترفض مصافحتى لأن مصافحة الرجال الغرباء حرام. كان الأمر علنيا فى حضور الناس ، وكان وفى غاية الإحراج لى. إبتلعت الإهانة وسحبت يدى ، وإستمعت الى سؤالها وأجبت عليها . وتمنيت فى قلبى ألا تحضر الندوة بعدها .

2 ـ بعدها بعامين تقريبا ظهرت فى الندوة منقبة أخرى ، لا أعرف إن كانت هى أم لا . لكنها كانت وحدها. بعد إنتهاء الندوة رأيتها تسعى الى سؤالى. توقفت أستسفر منها إن كانت تريد شيئا. وبالتجربة لم أمد يدى بالسلام . قالت إنها زوجة فلان ، أى هى نفس السيدة. سألتها عنه فتكلمت بصوت متحشرج بالبكاء بأنهم قبضوا عليه ، وهى تريدنى إن كنت أعرف واسطة فى الأمن لأنه طالما كان يحضر الرواق فهذا دليل على أنه ليس من المتطرفين. وقالت إن شهادتى تعزز موقفه وقد تؤدى الى الافراج عنه أو ربما تحسّن  وضعه فى السجن . قلت لها إننا ايضا من المغضوب عليهم من النظام ، وأننا تحت الضغط الأمنى وربما يكون تدخلى فى غير صالحه. إعتذرت .

3 ـ بعدها بشهور أتت الى الرواق وسألتنى فى حقها من الطلاق من زوجها المسجون لأنها لا تحتمل العيش وحدها وأنها تخشى الفتنة. إعتذرت ايضا لأن هناك من المحامين المتخصصين فى هذه الأحوال .

4 ـ فيما بعد علمت أن زوجها ( طليقها ) أطلقوا سراحه بعد أن فقد أملاكه. وأن زوجته المنقبة هى التى دبرت أمر سجنه والطلاق منه والاستيلاء على أملاكه . وقلت لنفسى إن كيدهن عظيم أو إن نقابهن فظيع.!!

الحكاية الثالثة

1 ـ ( الأخ تهامى ) تربطنا به صلة قرابة بعيدة جدا مثل المسافة بين القاهرة والاسكندرية . هو صاحب محل للتنجيد .  لا شىء فى الأخ ( تهامى ) يثير الاهتمام سوى زوجته ( بثينة ) . هى كتلة من اللحم الأبيض غير المتوسط. أشياء مكدسة ومجموعات من الدوائر والاستدارات والنتوءات الضخمة ، لكن أهم ما يميزها ساعدان قويان وصوت جهورى . الويل لمن تعلو عليه بصوتها ، والويل ــ كل الويل ــ لمن ترفعه بذراعها الى أعلى فتتأرجح ساقاه هلعا وخوفا. الأخت بثينة إعتادت أن تفعل هذا بزوجها الأخ ( تهامى ) ، ترفعه بيد واحدة وتؤرجحه تزعم أنها تداعبه وهو يتصنع الإغماء ، وهو يعلم أنها تمارس عليه قوتها وتدعم عليه سلطانها .

2 ـ بثينة فعلت هذا بالاستاذ (إلهامى ) صاحب الدكان والذى قام بتأجيره الى الأخ ( تهامى ). عند أول نزاع بينهما جاء ( إلهامى )  المالك يستعرض قوته وهيلمانه على ( تهامى ) المستأجر. لم يكن (إلهامى ) يعرف خطورة بثينة. ودفع ثمن هذا غاليا. بل وغاليا جدا.   بسرعة رأى ( إلهامى ) نفسه وقد رفعته بثينة الى الحائط بيدها اليمنى وهددته بأن تحطم خصيتيه بيدها اليسرى. قالت هذا بصوتها الجهورى . هزّ رأسه موافقا وقد سال بوله على ساقيه . تنازل بعدها الأخ ( إلهامى ) عن الدكان للأخ ( تهامى ) . وتقول بعض الروايات  إن الأخ ( إلهامى )  لم يفلح بعدها أبدا مع زوجته . أصبح فى الفراش أخا لها وعقد معها معاهدة صداقة بريئة وعدم إعتداء . تذكرت قول الشاعر :

إنى ملكت فى يدى زمامى

وانتصرت بثينة على الهامى .

بهذه الحادثة أصبحت بثينة المالكة الحقيقية للدكان ، وزوجها كم يعمل عندها بالأجرة .  

3 ـ الجيران فى دكان تهامى وفى منزله يرهبون بثينة ، ويتحاشون الاقتراب منها . وصل الأمر الى أنهم تحاشوا التعامل مع تهامى والتنجيد عنده. تصرفت بثينة بسرعة، كانت إذا علمت أن هناك من يجهز للفرح تذهب اليهم تؤكد عليهم التعامل مع زوجها وإلا : تقول لهم ( عينك ما تشوف إلا النور ). (عينك ما تشوف إلا النور ) هو مثل شعبى مصرى فيمن يتلقى ضربة على وجهة فلا يستطيع تمييز النور من الظلام . وخوفا من سوء العاقبة أصبح أهل المنطقة حريصين على شراء الأرائك وتنجيد الأثاث حتى لو لم يكونوا محتاجين لها، وإلا ( عينك ما تشوف إلا النور ) . كانت بثينة تفخر بأن نظرها ضعيف وإن (أيدها طرشة ) . يعنى ضعيفة النظر ولكن يدها تضرب كيفما إتفق ، فى أى ناحية ، وعلى رأى المثل الشعبى المصرى ( العتب على النظر ) ، أى ليس على ضعيف النظر حرج .وأشاعت بثينة هذا فكثر التبول اللاإرادى فى المنطقة. !

4 ـ التحول الأكبر فى حياة بثينة وتهامى والمنطقة حدث بقدوم الشيخ الداعية السورى أبو إياد . أبو إياد يمكن تلخيصه وإيجازه فى كلمة واحدة : ( لحية ). هو (لحية ) تتكلم ، و ( لحية ) تتحرك ، و (لحية ) تسير على قدمين أو حتى على الحائط . وبجانب اللحية هناك رتوش أخرى أهمها عينان متقدتان ولسان إذا إنطلق فى الكلام فمن الصعب إسكاته ولو بالمطافى.

5 ـ حلّ الشيخ أبو إياد بالزاوية المجاورة لدكان الأخ تهامى . كان فى الزاوية خطيب شاب يحمل شهادة متوسطة / دبلوم تجارة كما يقال. كان عاطلا من كل شىء . جلس أبو إياد فى الزاوية ليلة الأحد ، فى يوم الجمعة التالى إختفى الخطيب أبو دبلوم تجارة. تناثرت عنه الروايات منها ما يؤكد أنه إلتحق بالعمل كمسارى فى الاتوبيس ، ومنها ما يزعم أنه اصبح يعمل ( مريضا ) فى مستشفى إستثمارى نموذجا يتدرب عليه طلاب الإمتياز فى الطب على قوة تحمل الجسم للضرب المبرح . وهذه الرواية إن صحت فهذا يعنى أن هذا الخطيب الشاب فقد عذريته حين علقته بثينة فى السقف .

6 ـ خلا الجو للشيخ أبى إياد فأصبح الخطيب والامام ليس فى الزاوية فقط بل للمنطقة . وبتأثيره بدأت اللحى تنتشر على الوجوه ، وطالت لحية ( تهامى ) أكثر مما ينبغى. أما الأخ ( إلهامى ) فقد زحفت صلعته الى مكان لحيته ، وقيل إن هذا من أعاجيب عالم الحيوان. وبتأثير الشيخ أبى إياد أيضا زحف النقاب على الرءوس. وكانت بثينة أول من ( تابت ) و(إلتزمت ) و إرتدت النقاب . بل اصبحت شيخة النساء فى الزاوية وفى المنطقة .

7 ـ لم يتغير شىء فى سلوك بثينة العدوانى ، سوى أنها كانت تبلطج على الناس فى الدكان وبالقرب منه فقط وبأسلوب علمانى يعرف الحدود والقيود. الآن بالنقاب أصبحت اكثر شراسة وأكثر إخلاصا فى إرهاب الناس فى المنطقة كلها ، لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولأنها نائبة الشيخ أبى إياد والمتولية عنه هداية النساء .

8 ـ إنتهى الأمر بالاستاذ ( تهامى ) الى أن أرغمته إمرأته على طلاقها ، وإكتفى بأن يعمل فى الدكان لها، وتزوجت بثينة بالشيخ أبى إياد . وكما قال الشاعر :

إنى ملكت فى يدى زمامى

وانتصرت بثينة على تهامى.

ملاحظة

هذه القصة بالذات هى للكبار فقط ، وممنوع أن يقرأها من هم دون الخامسة والستين من العمر. وقد أعذر من أنذر .

اجمالي القراءات 3767

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,363,711
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي