وأخيرا غضب المصريون!
لم يكن احتجاجا على انخفاض مستوى المعيشة..
ولا على الغلاء الجحيمي الذي تعيشه الأسرة المصرية..
ولا على آلاف المصريين المعتقلين والسجناء بدون محاكمة..
ولا على فشل أكبر جيش في الشرق الأوسط في القضاء على حفنة من الإرهابيين ..
ولا على تنازل رئيس الدولة عن تيران وصنافير ..
ولا على استمرار قانون الطواريء ليتحول إلى حالة طبيعية كما في عهد اللعين حسني مبارك..
ولا على الطائفية المقيتة والقميئة والعفنة التي ترعرعت في عهد السيسي ..
ولا على جمهورية الخوف التي زرعها نظام الحُكم ..
ولا على القضاء الظالم والفاسد والمتواطيء والفاشل ...
ولا على تحويل الإعلام المصري إلى أغبى وأجهل مؤسسة في تاريخ مصر القديم والحديث ...
ولا على صراخ ربات البيوت اللائي أفلسهن السيسي وأصبحت مدخراتهن تحت البلاطة في خبر كان ..
ولا على سيطرة وهيمنة قوى الحماقة والتطرف والدعوشة على المنابر في المساجد والزواوي ...
ولا على التفريط في الحدود المصرية فوهبها السيسي للإسرائيليين لمطاردة مصريين في بلدهم بعد فشله ..
ولا على فشل نظام التعليم فخرج من تحته نصف جيل؛ جامعيوه كأنهم خريجو الابتدائية ..
ولا على عالم الغش في الدواء والمستشفيات والعلاج ...
ولا على كرامة المواطن التي يعتبرها رجل الشرطة كرامة جيفة أو حشرة مفعوصة تحت حذائه ...
ولا على عباطة وهبالة وسخافة وجهل وأمية الرئيس في كل أحاديثه فيتحول الحاضرون إلى أرانب تصفق، وفئران ترتعش ..
ولا على احتقار وازدراء وتجاهل الرئيس لرأي أي مصري في شؤون وطنه ..
ولا على اختياره الأفشل والأجهل والأسوأ لقيادة مؤسسات الدولة
ولا على أظلم وأقتم خمس سنوات في عهد يكذب رئيس الدولة كما يتنفس..
ولا على التلوث البيئي المميت لأجيال قادمة ..
ولا على سرقة أراضي الدولة ومنحها للواءات وكبار الجنرالات في تقسيم مافيوزي مخيف في مقابل الصمت على جهل الرئيس ..
ولا على توقيع العقوبات على مؤيدي ثورة يناير العظيمة التي لولاها لكان السيسي يقبع في مكتبه أو ثكنته لا يساوي جناح بعوضة.
ولا على عدة ملايين من أطفال الشوارع الذين لا يدري السيسي ماذا يفعل لهم وبهم ومعهم!
ولا على مشروع سدّ النهضة الإثيوبي الذي أصبح سرّاً يحتفظ به الرئيس فقط، رغم أن مصر هبة النيل .
ولا على جهل الرئيس في معرفة التركيبة الوطنية للمصريين، وبسبب جهله تفجرت قوى التطرف والسلفية لتجعل شركاء الوطن مواطنين من الدرجة العاشرة ..
ولا على إهدار المليارات في بناء ما يُخلد السيسي، ويُغضب اللهَ، فمسددو القروض هم أحفاد المصريين ..
ولا على قيمة مصر ورئيسها، فهو فضيحة بكل المقاييس إذا خرج من مصر أخجلتنا لقاءاته وخطبه واحتقار الزعماء له ..
ولا على أرنبة الإعلاميين والمثقفين في عهده فجعلهم أو جعلوا أنفسهم قردة خاسئين، يُصَفــَـق لها فترقص، سلام للبيه ...
ولا على تحوّل المصريين كرئيسهم إلى حالة من السلفية الداعشية الكارهة للغير ..
ولا على اغتيال اللغة العربية في عهد السيسي، وتحويل مؤسسات الإعلام والدين والتعليم إلى اللغة العامية كتمهيد وتوطئة لخروج مصر من عالم العرب ..
ولا على اختفاء ومحو ومسح وإزالة اسم المصري وحضارته وثقافته فأصبحنا عاجزين عن العطاء ...
ولا على عالم التسول الذي صنعه مبارك وورثه طنطاوي فمرسي فالسيسي فخسف بمصر الأرض ...
ولا على تعمد اختيار السيسي لأجهل إنسان منذ عهد الفراعنة فجعله رئيس مجلس النواب الذي يجلس تحت قبته مصفقون أميون وجهلة وفاسدون ..
ولا على وصول المصريين إلى أخطر مراحل العصر وهي كراهية القراءة والمتابعة والثقافة والمعرفة لتصبح الصورة والفهلوة ووضاعة الإعلام وسوقية اللغة وضعف اللسان، وبالتالي يضمن السيسي حُكما فوق الوطن حتى يموت أحدهما .. الرئيس أو مصر!
ولا على اختفاء الإسلام وظهور دين جديد دراويشي يصنع العبيد، ويُعلي من شأن الجهل ..
ولا على عدم المساواة بين المواطنين فأصبح حلم الهجرة أرفع وأشرف الأحلام ( في عام 2017 تقدم مليون و800 ألف مصري بطلبات للهجرة في السفارة الأمريكية بالقاهرة )!
ومع ذلك فقد غضب المصريون عن بكرة أبيهم، وزلزلت الأرض زلزالها، وارتفع ضغط دم الشعب، واستجاروا، واستخاروا، ولعنوا الفساد في الأرض والبحر عندما التقى طالب جامعي بزميلته وعانقها، أو احتضنها في الحرم الجامعي وبدون أن نعرف السبب فقد يكون حبا أو زمالة أو لقاء بعد غياب أو عاطفة جارفة استغرقت عشر ثوانٍ، فأصبحت يوم القيامة المصري.
لقد غضب المصريون، ورقص الشيطان، واحتفلت تل أبيب، وطالب الشعب بتوقيع أقصى العقوبات على المجرميّن حتى يكونا عبرة لمن تسوّل له نفسه الإساءة للدين والقيم والأخلاق.
لقد غضب المصريون لعناق طالب وطالبة في لقاء الثواني العشر، ولم تهتز لهم شعرة فيما ورد أعلاه من جرائم يهتز لها عشر الرحمن.
الآن يمكن لأي داعشي أن يرفع الراية السوداء للإمارة الإسلامية المصرية وعليها نجمة داود!
الآن يمكن للرئيس السيسي أن يقف في قلب ميدان التحرير ويرفع لنا إصبعه الأوسط!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 15 يناير 2019
سامحك الله , ولن أزيد .