أخطأء أهل القرآن الكبرى

اسامة يس Ýí 2018-11-22


لا يجادل هذا الطرح في أحقية أهل القرآن في خصومتهم المباشرة مع أهل المرويات/ الحديث، بل هو يعلن عن موقفه الواضح المنحاز إلى أهل القرآن في هذه المواجهة.

ولكنه يعلن بوضوح أن وقوفه مع أهل القرآن هنا ليس إيمانًا منه بآلياتهم في تعاملهم مع القرآن ذاته؛ بل لدورهم في تقليصحجمالتضخم الهائل في بنية الديانة الناتج عن اعتماد أهل الحديث على هذه المرويات.

المشكل يكمن في الآليات المنهجية التي يعتمدها أهل القرآن أنفسهم والتي يتعاملون بها مع القرآن ذاته، وعلينا أن نبادر بالقول إننا نقصد هنا على وجه التحديد الآيات الخاصة بالتشريع ( القانون)، فهي الآيات محل النزاع. ( إما في الوارد نصًا) أو ( المسكوت عنه نصًا).

أولاً: في آلية الوارد نصًا.

يقوم القرآني عمومًا بتأويل بعض النصوص تأويلًا غرضه الوحيد تفادي أزمة أو حرج أو تقديم تبرير - نراه نفسيًا في المقام الأول- لبعض النصوص التي تعالج اجتماعيات كانت قائمة ولصيقة ببيئة النص وعقلية المتلقي الأول وظروفه وقت النزول، كقضايا (اباحة ضرب الزوجة للنشوز- ملك اليمين – الحور العين،،....) وغيرها من النماذج التي يتعسف فيها القرآني للي عنق النص؛ فيخرج به خروجًا فجًا عن منطوقه البياني الواضح المباشر، وهو كما قلنا لم يفعل ذلك؛ إلا كي يتفادى اللوم أو الحرج من وجودها داخل النص القرآني ذاته.

والمشكل أن القرآني لا يدرك أن وجود النص التشريعي/ القانون/ في القرآن لا يعني أنه أصبح مطلقًا ممتدًا في الزمان والمكان مؤبدًا؛ فالنص التشريعي (القانون) بطبعه متغير ومتبدل ومتطور لمواءمة البنى الكلية للمجتمع أي المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

 إن ورود النص التشريعي القانوني في القرآن لا يعني اطلاقه وتأبيده، بل يعني أنه كان يقر قانونًا وثيق الصلة ببيئة وظروف ومناخات المتلقي المباشر المحايث لبيئة النص.

نحن هنا لا نتحدث هنا عن القيم الأخلاقية المطلقة من قيم الحق العدل والخير والإحسان، وهي قيم لا تتبدل بتغير الزمان والمكان، بل نتحدث عن التشريع بمعناه الضيق القانون، والذي هو بطبيعته متغير.

ولكون القرآني يغفل عن هذا فإنه يجد حرجًا بالغًا في مواجهة النصوص التي أفردت أحكامًا لا يمكن قبولها في الوقت الحالي، فيقوم باستخدام آلية التأويل، أو الابتكار خارج سياق النص، وهي أوضح ما تكون في اختراع معاني جديدة لألفاظ كانت معانيها واضحة لدى المتلقي الأول، فيلوي عنق النص ليًا للخروج من أزمة وجودها داخل النص، ولكي نضرب مثلاً على ذلك وعلى تاريخانية الأحكام وأن ورودها في النص القرآني لا يعني تأبيدها، فإننا نجد أن أحكام الرق جديرة بذلك المثال؛ فأحكام الرق في القرآن كانت ولا شك تعالج مشكلًا قائمًا وقت نزول النص، تعالج مشكل اجتماعي قائم، وهي وإن جففت منابعه فإنها لم تحرمه؛ بل كي أكون أكثر دقة لم تجرمه، ونحن هنا لا نخاصم النصوص التي عالجت الحالة القائمة وقتذاك فهي أدرى بظروفها وقت نزولها، لكنا نلحظ بوضوح حالة من الارتباك في أدبياتهم حين يواجه القرآني مثل تلك النصوص؛ فتراه بين الموافقة على مضض مع التأويل وابتكار معاني جديدة، أو الإنكار الصريح لوقائع التاريخ؛ فينكر مثلًا وجود ملك اليمين قرآنيًا ويخترع لها مخرجًا يخفي حرجًا من وجودها دخل النص باعتبارها( زوجة) مثلًا، وهو أمر ينافي الوجود التاريخي للرق بصفة عامة ولملك اليمين وقت نزول النص و قبل نزول النص بل واستمراره أمدًا بعيدًا بعد نزوله، ولم يتم إلغاء تجارة الرقيق إلا منذ مئتي وعشرة أعوام تقريبًا.

ثانيًا: المسكوت عنه نصًا.

 إن الخلاف القائم بين أهل القرآن وأهل الحديث خلاف في الدرجة وليس خلافًا في النوع، فإذا كان أهل القرآن يعتمدون القرآن وحده كمصدر للدين، فإن أهل الحديث يعتمدون القرآن بجانب مصادرهم المتعددة والتي أولها بلا شك المرويات المنسوبة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وهي لا شك ضخمت بنية الديانة وأثقلت كاهلها.

والنص التشريعي، إما أوجد حكمًا بإفراده نصًا تشريعيًا أي قاعدة قانونية تضع فرضية وتقدم حكمًا لها (كقطع يد السارق، أو جلد الزاني، أو قتل القاتل قصاصًا...الخ) أو سكت فلم يرد نصًا بشأنها.

والأمر اللافت للنظر والذي يتغافل عنه القرآني أنه القرآن لم يورد أحكامًا تشريعية في كافة الوقائع، فهو وإن كان قد أفرد عقوبات جزائية كتشريع جنائي، فإنه بكل وضوح  لم يقدم تشريعًا جنائيًا بالمعنى المتكامل، ولا تشريعيًا مدنيًا بالمعنى الكلي، وهو أمر نراه أنه طبيعي لأننا لا نلصق هذه النصوص التشريعية القانونية بالدين، بل وجودها في النص لا يعني تأبيدها، كما ذكرنا أعلاه، لكن هذا يدعونا لمناقشة المسكوت عنه نصًا، بعبارة مكافئة دور الحديث في سد النقص التشريعي غير الوارد في القرآن.

 وهي المساحة التي اكتسحها أهل المرويات/ أهل الحديث واستخدمها الفقه في سد ما سكت عنه النص ولم يشمله حكم (رجم الزاني المحصن/ الجلد لشارب الخمر/ وتغريب عام للزاني غير المحصن) وغيرها من الأحكام التي تعج بها كتب الفقه والتي تجد سندها الأول في المرويات.

ولو كان أهل الحديث/ الفقه لم ينسبوها للدين، وأقروا بأنها تشريعات تناسب عصرها وان استقت أسسها من قيم العدل الكلية، لكان هنيئًا لهم، لكنهم قدسوها باختلافاتها بل وتعارضها احيانًا و نسبوها للدين، ولنسا هنا بصدد مناقشتهم، بل بصدد مناقشة أهل القرآن، فهل يا ترى تجاهل النص التشريعي كل هذا الكم التشريعي بحجة عدم ثبوت الأحاديث؟!! ونحن هنا نجاري القرآني في أن النص لم يسكت عن حكم، نجاريه في الفرضية ولا نجاريه في الاقتناع.

إن هذا المشكل يقع فيه القرآني بوضوح في سد ما لم يرد نصًا، وإن أبلغ مثل يواجه به القرآني في هذا الصدد وهو وإن لم يكن وثيق الصلة بالتشريع القانوي، إلا أنه وثيق الصلة في ببنية المنهجية القرآنية، إن أبلغ مثل في هذا حين يواجه القرآني السؤال الشهير: أين هي عدد ركعات الصلاة في القرآن؟

وفي الأحكام المدنية حين يُسأل عن مقادير الزكاة كحق معلوم؟

 إنها أسئلة تربكه بلا شك..؟

ولا تجد له فيها رأيًا واحدًا، فلو كانت واضحة بينة لما اخُتلف فيها، ولأوجد القرآني النص القرآني وعرضه مباشرة محتجًا به، حتى بفرض وجود اختلاف حول فهم/ تفسير/ تأويل النص ذاته.

ولا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا بإقرار أن التشريع في ذاته ليس من بنية الدين، وأن الدين هو الله وقيم الأخلاق العليا، وما سواهما اجتماعي ومتغير ومتطور بتطور الزمان والمكان.

اجمالي القراءات 5682

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   مصطفى اسماعيل حماد     في   الخميس ٢٢ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[89667]

مقال جدير بالدراسة


الأخ الكريم أسامة أثار موضوعا يعتلج فى صدور الكثير من القرآنيين ,حقا هناك الكثير من تفسيرات القرآنيين وغيرهم لايتماشى لغويا مع ما عهدناه من لساننا العربى كما لم نجد مايشبهه فى تراثنا الأدبى بل وصل التعسف بالدكتورشحرورأن يفسرالنساء بالممتلكات ويفسرالبنين بالمبانى والعمائر وهذا ما  لا يقره أحد, كل هذا من أجل أن يتواكب القرآن –من وجهة نظره-مع مجريات العصر,ولكن لى ملاحظات على مقال الأخ الكريم أسامة.



إذا اعتبرنا أن التشريع القرآنى مرهون بوقته فكيف نهرب من الوعيد الذى ختم الله تعالى به آيات المواريث فى سورة النساء (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)النساء14علما بأن موضوع الميراث من المواضيع التى تخضع لنقد شديد ومطالبة مُلحة بتطويع بنوده لتتماشى مع مقتضيات العصر,



كيف نهرب من جعل جلد الزناة مشروطا بالإيمان بالله واليوم الآخر؟(الزانية والزانى فاجلدواكل واحد منهما مائةجلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) النور2



بخصوص موضوع ملك اليمين تجعلنى الآية25من سورة النساء فى حيرة من أمرى فالله تعالى يقول(ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف) أى أن المرأة ملك اليمين هذه كان لها أهل يُستأذنون فى شأنها وكان لها أيضا صداق مثل الحرة تماما وما عهدنا للجوارى أهلا كما أنه كيف للأمة العبدة كما يدعون أن تتقاضى مهراوهى فى الأصل مملوكة؟



وأما المساحة الشاغرة التى أغفلها القرآن وعوضها الفقهاء بالروايات والإجتهاد والقياس وغيرها فهى كما ذكرت أنت (هى أمور حياتية ليست من الدين فى شيء) ,



موضوع ضرب الزوجة  أتساءل هل تغيرت طبائع الرجال والنساء منذ فجر التاريخ ؟المرأة هى المرأة والرجل هو الرجل وخالقهما أعلم بما يصلح لكليهما.



أخيرا أنا اتفق معك فيم ذهبت إليه ولكن الموضوع ليس سهلا كما ترى ويحتاج إلى تضافر المستنيرين من القرآنيين لحل إشكالاته وشكرا.

 



2   تعليق بواسطة   اسامة يس     في   الجمعة ٢٣ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[89669]

الأستاذ الكريم/ مصطفى اسماعيل حماد،،، إلا ما قد سلف


شكرا لكم على تعقيبكم الكريم..

وجيد أن هناك مساحة أراها ليست قليلة من الاتفاق، وأود أن أعقب أن القوانين أيًا كان مصدرها لا تعتسف تغيير الواقع اعتسافًا، وإن حدث هذا سرعان ما تنقلب القاعدة ولا تؤتي ثمارها ويلفظها المجتمع، بل ويغيرها بأسرع ما يكون، وفي الأغلب تكون قد طبقت كرها بقصد التوجه المباشر الى التغيير.. مثال ذلك القوانين الفاشية أو الاشتراكية التعسفية التي تطبق اعتسافا قبل نضوج حالتها، سرعان ما يلفظها المجتمع بمجرد تغير النظام القاهر الذي فرضها.. وهذا أمر هام لبيان أنه اذا لم تنضج الحالة التي تستدعي تغير القاعدة، فإن التغيير في ذاته ليس مطلوبًا، وهذا لا يعني أن القاعدة ذاتها لا تنشد تغيير مجتمع ما نعم ولكنها لا تعتسف هذا الامر اعتسافًا، وهذا ما ينطبق على الشق الاول من سؤالك عن المواريث، فلم تختلف البنى الكلية في هذا الشأن ولم يختلف تبعات تحمل العبء الاقتصادي اختلافا جوهريا يؤدي الى التغيير.....

 أما بشأن الحاق العقاب الأخروي والتحذير من الخروج على النص العقابي أو التشريعي، فأي قاعدة قانونينة غرضها في المقام الأول أن تطبق لأنها بالتأكيد تسعى الى وضع أفضل مما هو قائم، وهي تحيط نفسها بما يضمن اتبعاها وتطبيقها وعدم مخالفتها، ولما كان التشريع وقتئذ يحتاج وخاصة في آيات المواريث الى تغيير نفوس المتلقين غير القابلين ابتداء لتوريث المرأة او توريث الطفل غير المقاتل على مضض جاءت التحذيرات البالغة من المخالفة وهي تحذيرات معنوية للمؤمن المتبع لهذا النبي.

إن موضوع ملك اليمين واضح عندي لا لبس فيه فمالكها هو أهلها، وانظر ببساطة كيف أن لها نصف العذاب إن أحصنت، ثم انظر حكم المكاتبة الخاصة بهم، ثم انظر فك رقبه..... ثم انظر الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم... أو....  أزواجهم شيء مغاير عن ما ملكت ايمانهم ولن يكون هناك حل لجعلها أزواجهم إلا بتغيير اللغة بحذف كلمة أو أو اللجوء الى حل ابتكار معاني جديدة..

أما موضوع ضرب الزوجة فأن لم ألجأ كما لجأ القرآني إلى لي أعناق الآية او نظرية الابتكار، بل متفهم سياقات النص، وكما قلت لا يتغير النص لمجرد الرغبة في تغييره، بل لنضوج اسباب التغيير كما ذكرت، ثم انظر كيف حافظ النص التشريعي في مجال الأحوال الشخصية على المراكز القانونية وصف الفرآن زواج الابن من زوجة أبيه بالفاحشة والمقت ومع ذلك قال الا ما قد سلف، وكذلك الحال في الجمع بين الأختين.


 



 وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا (22)



 



دمتم ودام تواصلكم العطر 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-07-14
مقالات منشورة : 46
اجمالي القراءات : 399,973
تعليقات له : 141
تعليقات عليه : 244
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt