المتحرشون .. قصة قصيرة
بعد ثورة 25 يناير في مصر، بات كثير من الكتاب، والأدباء، والمفكرين، يتباكون على أيام مضت كانت فيها النساء تسير بدون إرتداء الحجاب، من دون أن ينتقص منهن ذلك شيء، ومن دون أن يتحرش بهن أحد.
وكان "كيم" ذلك الشاب المثقف، والمتدين، والليبرالي، يسعى لنشر ثقافة حرية المرأة، وكان أحد المحاربين للتحرش الجنسي.
ففكر في يوم أن يعقد ندوة تحت عنوان "المراة بين الماضي والحاضر"، يستضيف فيها أحد الكتاب المعمرين، ليحكي للناس كيف كان المجتمع المصري قديماً، وكيف أصبح، وبما أن الرجل كان كاتباً، فهو بالتأكيد سيكون قوي الذاكرة، متعدد المواقف، فيما يخص المجتمع المصري.
وجاء يوم الندوة، وقدم "كيم" الكاتب الكبير، تقديماً مشرفاً ولائقاً بتاريخه، وأعطاه الكلمة :
الكاتب : كانت المرأة في خمسينات القرن الماضي، في غاية الجمال، فلم تكن تستخدم أدوات المكياج بكثرة، وكانت ترتدي ما يترائى لها من ملابس يحسبها الناس الآن خليعة، إلا أنها كانت أمراً معتاداً في ذلك العصر.
سألت احد الحضور مقاطعة : وماذا عنك وأنت من هيئتك، تبدو لنا أنك كنت وسيماً في شبابك، فهل كانت لك علاقات بحسناوات ؟.
الكاتب : "شعر بنشوة من السؤال" فقال .. أنا كنت وسيماً جداً في شبابي، ولطالما كان لي صولات وجولات مع الفتيات.
طلب الحضور من الكاتب أن يحكي بعضاً من صولاته وجولاته.
الكاتب : كنت أتتبع أحد الفتيات كل يوم، وكنت أسير ورائها لحظة خروجها من منزلها متوجهة إلى مدرستها، فكنت أغازلها بكلمات مثيرة، إلا أنها إستاءت مني، حتى إشتكتني إلى الشرطة، فإعتذرت للشرطة، على وعد بأن لا أقدم على معاكستها مرة أخرى، لكنني .. كنت كلي إصراراً على جذب إنتباه تلك الفتاة لي.
الحضور : وماذا فعلت ؟.
الكاتب : قررت بأن أرمي بشباكي على صديقتها، لكنها أيضاً، إستاءت مني في بادئ الأمر، حتى تحينت الفرصة ذات مرة، وتمكنت من الحديث معها على إنفراد، وقبلتها عنوة، وبعدها أصبحت صديقتي، فإغتاظت الأولى من صداقتي لها، وباتت هي من تحاول التقرب مني.
كيم : "شعر كيم بالخجل مما يسمع، فهو لم يأتي بالكاتب كضيف ليحث الشباب على التحرش الجنسي، بل أتى به ليحدثهم عن الفضيلة".
فقام كيم بمقاطعة الكاتب قائلاً : يبدو أنك كنت ممن يخالفون القانون والعادات حينها ؟.
الكاتب : اي عادات وأي قانون تقصد ؟
كيم : إنت بما كنت تفعل، تعد من المتحرشين !. فضحكت القاعة كلها.
الكاتب : وهل تسمي ما ذكرته تحرشاً !، ألم تشاهد الأفلام التي سجلت تلك الحقبة ؟.
كيم : بلى .. وكانت السينما المصرية في أفضل أحوالها.
الكاتب : فماذا تقول في نجوم تلك الفترة، وأدوارهم التمثيلية، مثل : أحمد رمزي - حسن يوسف - رشدي أباظة - عمر الشريف - عبدالحليم حافظ ؟.
كيم : كانوا نجوماً كباراً مقاماً.
الكاتب : وماذا تقول في أدوارهم، في ملاحقة الفتيات الجميلات، ومعاكستهن، أتسمي ذلك تحرشاً أيضاً ؟
كيم : صمت ولم يرد.
إنتهت الندوة التي إنقلبت ضحكاً، بينما كان "كيم"، حزيناً من داخله، لقد إكتشف أن التحرش ليس حديثاً على المجتمع، وان الفارق بين الماضي والحاضر، أن المرأة في الحاضر أصبحت قادرة على إعلان رفضها.
شادي طلعت
اجمالي القراءات
4726