ب 1 ، ف1 : بين الصلاة الاسلامية والصلاة الشيطانية للخلفاء ( الفاسقين )

آحمد صبحي منصور Ýí 2018-09-20


ب 1 ، ف1 : بين الصلاة الاسلامية والصلاة الشيطانية للخلفاء ( الفاسقين )

مقدمة :

1 ـ تحدثنا فى الباب الأول عن إقامة الصلاة الاسلامية وتضييعها  لدى العرب والقرشيين الذين أهملوا ملة ابراهيم ، ونزل القرآن الكريم بالاصلاح وفق ملة ابراهيم الحقيقية بإخلاص الدين والعبادة والدعاء لرب العالمين وحده . ننصح بالرجوع الى الباب الأول منعا للتكرار.

المزيد مثل هذا المقال :

2 ـ ولكن نعيد التأكيد والتركيز على النقاط الآتية :

أولا : القيام للصلاة غير إقامة الصلاة

1 ـ القيام للصلاة يعنى الاستعداد لتأديتها بالطهارة ( المائدة 6 ) كما جاء فى قوله جل وعلا  

2 ـ بالاستعداد لتأديتها فى ظروف الخوف  ( النساء 102 ) .  

3 ـ وكان المنافقون يؤدونها كسالى ز ( النساء 142 )

 ثانيا : إقامة الصلاة بالاسلام الحقيقى :

الاسلام الحقيقى  هو (السلام ) مع الناس و( التسليم ) للخالق جل وعلا. أى أن يكون الانسان مسالما فى تعامله مع الناس وأن يُسلم قلبه ودينه وعبادته للخالق جل وعلا. أى يجمع بين الاسلام الظاهرى السلوكى بالسلام وبين الاسلام القلبى بالايمان الخالص والعمل الصالح والابتعاد عن الظلم والفسوق والبغى والعدوان ، أى تكون إقامته للصلاة فى هذا الإطار من السلام مع الناس والإخلاص فى عبادة الله جل وعلا وعمل الصالحات .

فى هذا المعنى جاءت آيات القرآن الكريم عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بمعنى التزكى والتطهر :

  1 : فى الخطاب العام للبشر : ( المؤمنون 1 : 11 ) ( المعارج 19 :35 ) ( النور 37 ) ( الحج 34 : 35 ) ( ابراهيم 31 ) ( فاطر 29 : 30 )( الشورى 36 : 39 )( الرعد 19 : 25 )( البقرة 2 : 3 ) ( النمل 1 : 3 ) ( لقمان 2 : 5 ) ( الاعراف 170 ) ( البقرة 277 ) ( الانعام 92 ) ( الانفال 2 : 3 ) ( الحج 40 : 41 )

  2 : فى ملة ابراهيم : ( ابراهيم 35 : 40 ) ( الأنبياء 73 ) ( الحج 78 )

  3 : فى أهل الكتاب : ( طه 14 )( يونس 87 ) ( البقرة 43 ، 83 ) ( النساء 162 )( المائدة 12 ) ( البينة 4 : 5 ) ( البقرة 45 )

  4 : اهل القرآن :

  4 / 1 : نزل للمؤمنين فى مكة الأمر ليس بتأدية الصلاة لأنها معروفة ولكن بإقامة الصلاة التى تنهى عن الفحشاء والمنكر :( العنكبوت 45 ) ( الروم 30 : 32 )( هود 114 ) ( الاسراء 78 : 79 ) ( فاطر 18 ) ( الانعام 71 : 72 )

4 / 2  :ونزل فى المدينة : ( النور 56 ) ( البقرة 153 ، 177 ، 238 ) ( النساء 77 ) ( المجادلة 12 : 13 ) ( الأحزاب 33 )  ( المائدة 55 ) ( التوبة 71 ).

ثالثا: إقامة الصلاة بالاسلام السلوكى الظاهرى ، بالسلام :

1 ـ كل مسالم هو إنسان مسلم  بغض النظر عن عقيدته .

2 ـ ومن الصحابة من كان مسلما من حيث إختيار السلام ومؤمنا من حيث إختيار الأمن والأمان . دخلوا فى صحبة النبى وهاجروا معه ، ونزلت آيات فى السور المدنية تدعوهم الى أن يعززوا إيمانهم السلوكى ( بمعنى الأمن والأمان ) بإيمان قلبى بأنه ( لا إله إلا الله ) . جاء هذا فى قوله جل وعلا لهم :

2 / 1 : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١٣٦﴾ النساء )

2 / 2 :( آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿٧﴾ وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚوَإِنَّ اللَّـهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٩﴾الحديد )

3 / كانوا عاكفين على عبادة الأوثان متمتعين بالحرية المطلقة فى الدين فى دولة النبى محمد الاسلامية ، والتى تمتع فيها المنافقون أيضا بحريتهم الدينية والسياسية ( السلمية ) نزلت آيات مدنية تدعوهم لنبذ الرجس من الأوثان ،  قال لهم جل وعلا :

3 / 1 : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴿٣٠﴾ الحج )

3 / 2 : لم يستجيبوا ، وظل هذا ساريا ، فكان من أواخر ما نزل فى المدينة قوله جل وعلا لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٩٠﴾ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴿٩١﴾ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٩٢﴾ المائدة )

4 ـ إذا كان هذا هو حال بعض الصحابة فى المدينة فالحال خارجها أكبر. بمعنى أن الاستجابة للاسلام القلبى فى الجزيرة العربية لم تكن هائلة . هذا بينما كانت الاستجابة للاسلام السلوكى عامة ، إذ دخل فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام والأمن والأمان العرب أفواجا . قال جل وعلا فى أواخر ما نزل من القرآن عن النصر والفتح : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ النصر ). النبى محمد لم ير قلوب الذين دخلوا فى دين الله جل وعلا أفواجا ، فهو لم يكن يعلم الغيب وخصوصا غيب ما تخفيه الأنفس ، فقد كان من أصحابه من مرد على النفاق ، ولم يكن يعلمهم ئئئئز قال جل وعلا : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴿١٠١﴾ التوبة ) ؟ لم ير النبى محمد الاسلام القلبى ولكن رأى الاسلام الظاهرى السلوكى . رآهم يدخلون أفواجا فى الاسلام بمعنى السلام. آثروا العيش فى سلام ونبذ الغارات والحروب القبلية ( نسبة للقبيلة ) .

5 ـ دخولهم فى السلام ( دين الله جل وعلا السلوكى ) جعلهم متمتعين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة السلوكية . فهناك (إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة قلبيا وسلوكيا ) وتعرضنا لها سابقا ، وهنا إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة سلوكيا وظاهريا بإختيار السلام والأمن وعدم الإعتداء.

6 ـ بعد أن دخل العرب فى دين الله جل وعلا أفواجا وعقدوا العهود والمواثيق على إلتزام السلام نكث العهد متطرفون من قريش ، إعتدوا على المؤمنين فى مكة وهمُّوا بإخراج النبى والمؤمنين ، وهذا ضمن المسكوت عن تفصيلاته فى أول كتاب للسيرة وضعه محمد بن إسحاق تقربا لبنى العباس ، بما يوحى أن من الناكثين للعهد من كانت ذريته صاحبة سلطان وقت تأليف ابن إسحاق لسيرته التى ملأها بأكاذيب جعل فيها شخصية للنبى تخالف القرآن وتتشابه مع شخصية أبى جعفر المنصور المشهور بالغدر والاسراف فى سفك الدماء.

جاءت تفصيلات نكث العهد هذا فى صدر سورة براءة ، وكما يدل إسم السورة فقد بدأت ببراءة الله جل وعلا ورسوله فى لهجة شديدة ، قال فيها جل وعلا : (  بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١﴾فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ ۙ وَأَنَّ اللَّـهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴿٢﴾ وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّـهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚفَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣﴾ التوبة ) . لم تبدأ السورة بالبسملة التى توحى بالرحمة بل بإنذار وإعطائهم مهلة الأشهر الألاربع الحرم الأربعة يتوبون فيها ، فإن لم يتوبوا بعد الأشهر الحرم فيجب على النبى والمؤمنين قتالهم بكل ما يستطيعون ، قال جل وعلا : (فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥﴾ التوبة ). وكان نكثهم للعهد ذا أثر هائل أغاظ المؤمنين المسالمين ، لذا قال جل وعلا فى تحريض المؤمنين على قتالهم : (  قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّـهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ﴿١٤﴾ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ۗ وَيَتُوبُ اللَّـهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿١٥﴾ التوبة  ) .

7 ـ ومع هذا :

7 / 1 : فإن الجندى المعتدى منهم إذا إستجار فيجب على المؤمنين إجارته وضمان سلامته ، وإسماعه القرآن الكريم ثم إلرجاعه الى مأمنه . ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ ﴿٦﴾ التوبة )

7 / 2 : إن تابوا ورجعوا الى السلام أو الاسلام السلوكى فقد عادوا الى دين الله الذى دخل فيه الناس أفواجا ، ويكونون بهذا قد حققوا ( ظاهريا وسلوكيا ) إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ويجب تخلية سبيلهم ، قال جل وعلا : ( فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥﴾)( فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿١١﴾ التوبة ).

رابعا : الحكم للبشر فى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة سلوكيا

1 ـ عرفنا إن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة سلوكيا تعنى الإلتزام بالسلام ونبذ الاعتداء على الغير.

2 ـ ليس للبشر الحكم على إقامة الصلاة قلبيا فذلك مرجعه لله جل وعلا يوم الدين وهو الذى يحكم على البشر بهذا الخصوص . ولكن للبشر الحكم على الاسلام الظاهرى السلوكى طبقا للتصرفات . فالذى يبغى ويقتل ويقاتل معتديا يكون كافرا بسلوكه وبغيه . فإذا تاب عن البغى والعدوان وعاد الى طريق السلام فقد أصبح أخا فى دين الله بمعنى السلام . ولهذا نزلت التشريعات الاسلامية صالحة للتطبيق حسب تصرفات البشرية الظاهرة .

3 ـ ينطبق هذا على أولئك المعتدين الذين نزلت فيهم آيات تشريع بخصوصهم فى سورة التوبة ، قال جل وعلا عنهم : ( لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ﴿١٠﴾ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿١١﴾ التوبة ). هم المعتدون أى الكافرون سلوكيا والمشركون سلوكيا. وهذا وصفهم فى الآيات الثلاث الأولى من السورة . ولكن إذا تابوا عن الإعتداء أصبحوا أخوة فى الاسلام السلوكى الذى به تتأسس المواطنة فى الدولة الاسلامية ، ويتمتع فيها المواطنون بالحرية الدينية المطلقة والحرية السياسية المطلقة تحت مظلة السلام ، وهو الاسلام السلوكى. وبهذا الاسلام السلوكى الظاهر يكون المعتدى حربيا على المواطنين المسالمين فى الداخل محاربا لله جل وعلا ورسوله ، ونزلت فيهم عقوبة الحرابة (  إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴿٣٣﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾ المائدة ) . أما الذى يعتدى على الدولة من الخارج فيجب على المؤمنين القتال الدفاعى ردا على هذا المعتدى .

خامسا : تشريعات القتال الدفاعى فى الاسلام

1 ـ دولة الاسلام مؤسسة على الاسلام بمعنى السلام ، والدعوة فيها أن يدخل الناس فى السلم كافة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٢٠٨﴾ البقرة )

2 ـ وقد عرضنا كثيرا لتشريعات الاسلام الدفاعية ، ومنها:

2 / 1 :  أن القتال فى سبيل الله هو الدفاعى فقط ، لأن الله جل وعلا لا يحب المعتدين ، قال جل وعلا : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴿١٩٠﴾ البقرة ) .

2 / 2 : وأن المؤمنين المسالمين حين يتعرضون لهجوم باغ معتد عليهم أن يدعو الله جل وعلا أن ينصرهم على المعتدين الكافرين قائلين : ( أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾ البقرة ) . فالكافرون  سلوكيا هم الذين يشنُّون حربا هجومية على قوم مسالمين لم يبدأوهم بالاعتداء .

2 / 3 : ردُّ الاعتداء على هذا الهجوم يتوقف بتوقف الهجوم : (فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٩٢﴾ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿١٩٣﴾ البقرة ) . بل يمنح الله جل وعلا المغفرة للكافرين المعتدين إذا تابوا عن إعتدائهم زكفوا عنه ، قال جل وعلا : (  اقُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ﴿٣٨﴾ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿٣٩﴾ لأنفال ). هذا مع القوم المعتدين المهاجمين .

2 / 4 : أما الدولة التى لم تشنُّ على المسلمين حربا ولم تخرجهم من ديارهم ولم تظاهر وتؤيد إخراجهم من ديارهم فيجب على المؤمنين التعامل معهم بالبر وبالقسط . قال جل وعلا : ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٨﴾ الممتحنة )

3 ـ وفى هذا كله يكون قتل الانسان المُسالم جريمة فظيعة .

3 / 1 : إذ لا يمكن التصور إسلاميا أن يقتل مسلم مسالما إنسانا مُسالما إلا عن طريق الخطا. وإذا حدث فعليه دية مغلّظة ، قال جل وعلا : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ) ﴿٩٢﴾ النساء )

3 / 2 : أما الذى يتعمد قتل مؤمن مسالم فمصيره الخلود فى النار مع اللعنة والغضب الالهى والعذاب العظيم ، قال جل وعلا فى ألاية التالية : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿٩٣﴾  النساء )

3 / 3 : يسرى هذا على الجندى فى جيش معتد وفى أرض المعركة، إذا ألقى هذا الجندى السلام ( شعار الاسلام السلوكى ) عندها يجب حقن دمه ، قال جل وعلا فى الآية التالية ينهى ويحذّر : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴿٩٤﴾ النساء ).

سادسا : بالتالى :

 1 ـ دولة الاسلام السلمية تطبق هذا فى تعاملها مع غيرها. تتعامل بالبر والقسط من لم يعتد عليها . ولا يمكن أن تعتدى على دولة أخرى ، وفى داخلها لا يمكن السماح بقتل إنسان مؤمن مسالم. ومن يخرج على هذه الدولة من داخلها فجزاؤه ما نزل فى سورة المائدة ( آية 33 : 34 ).

2 ـ بالتالى فالدولة الكافرة هى التى تشنُّ هجوما باغيا على دولة أخرى لم تقم تلك الدولة بالاعتداء عليها.

3 ـ تلك الدولة الكافرة نوعان :

3 / 1 : دولة علمانية تهاجم دولا أخرى بلا شعار دينى ، وهذا ما كانت قبائل العرب تفعل فى غاراتها على بعضها بلا شعارت دينية. وهذا ما فعله سفاكو الدماء فى تاريخ العالم من جنكيزخان الى هتلر وستالين ..الخ .. هنا ظلم للناس فقط .

3 / 2 : دولة ترفع إسم الله ودينه الاسلامى وهى تعتدى على دول أخرى تقتل المدافعين عنها وتسبى نساءهم وأطفالهم وتنهب كنوزهم وتستبقى الفلاحين والعوام لتسترقهم فى العمل وترغمهم على دفع الجزية والخراج . وتحتل بلادهم ، ثم بسبب الاختلاف على المسروقات يتقاتلون فيما بينهم ، وينشرون فى كل ما يفعلون الفساد فى الأرض .  

3 / 3 :  وهذا ما بدأه الخلفاء الفاسقون ( أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ) . فى إستغلالهم للإسلام العظيم لم يظلموا فقط مئات الملايين بل ظلموا رب العالمين . وسار على سنتهم اللاحقون . ولا يزالون .! الخلفاء الفاسقون أشرُ من هتلر وستالين .!

سابعا : صلة موضوع الصلاة بتشريعات القتال الاسلامية :

1 ـ  هناك الصلاة الاسلامية التى هى ضمن العبادات الاسلامية وسيلة للتقوى ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ البقرة ).

2 ـ إقامة هذه الصلاة الاسلامية تعنى أن  يجتنب المؤمن الفحشاء والمنكر : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴿٤٥﴾ العنكبوت ).

3 ـ صلاة الخلفاء الفاسقين كانت تحثهم على الفحشاء والمنكر ، وتجعلهم يهتفون ( الله أكبر ) وهم يرتكبون البغى والعدوان ويسبون النساء وينهبون الأموال . وهم لم يتذكروا قول الله جل وعلا : ( إنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٩٠﴾ النحل ) . وعظهم الله جل وعلا لعلهم يتذكرون ، فلم يتذكروا . ليس هذا مجرد تضييع للصلاة ، هو أفظع .!

ثامنا : هناك أنواع من تضييع الصلاة :

 1 : هناك من وصفهم رب العزة بالمكذبين بالدين الذين يسيئون معاملة اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ، وهم بذلك عن الصلاة التى يصلونها ساهون ، اضاعوها بهذا بل وكانوا يؤدون الصلاة رياءا . لذا توعدهم رب العزة جل وعلا بالويل. قال جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾ الماعون ).

 2 : هناك من العرب القرشيين من كان يصُدُّ عن المسجد الحرام ومع هذا يؤدون الصلاة ، وصفها رب العزة بالمُكاء والتصدية ، قال جل وعلا  يتوعدهم بالعذاب : ( وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّـهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴿٣٤﴾ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿٣٥﴾ الانفال )

 3 : هناك من اضاع صلاته بالمعاصى وإتباع الشهوات وتوعدهم الله جل وعلا بالعذاب إن لم يتوبوا ، قال جل وعلا عن الأجيال اللاحقة : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴿٥٩﴾ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ﴿٦٠﴾ مريم )

4 ـ نحن هنا أمام وضع فريد فى جنون العصيان أسّسه الخلفاء الفاسقون : إنها ما نسميه بالصلاة الشيطانية ، وهى أن تتعبد بالصلاة وتتديّن مستغلا دين الله جل وعلا وإسم الله جل وعلا فى البغى والعدوان بقتل الملايين ونهب الشعوب وإحتلال البلاد والسبى والإسترقاق للصغار والكبار. نتذكر أن قتل مؤمن مسالم واحد يعنى الخلود فى النار مع غضب الله جل ولعنته فكيف بقتل الملايين ؟، ثم كيف بقتلهم بشعار الاسلام إفتراءا على الله جل وعلا ورسوله ؟ كل المطلوب أن تتهم الغير بالكفر وتستحل دماءهم وأموالهم وأعراضهم وتجعل ذلك دين الله جل وعلا.! ترتكب كل هذا الفجور وأنت تصلى الصلوات الخمس وأنت تهتف ( الله أكبر ) .

5 ـ المعبود الأكبر لهم ليس رب العزة جل وعلا بل هو المال الذى تأتى بالحرب وسفك الدماء ، وفى سبيل معبودهم الأكبر يؤدون الصلاة . من حيث الشكل هى الصلاة الاسلامية ( فى الأغلب بسبب وجود تحريفات لاحقة ) ومن حيث المضمون هى وسيلة ليس للتقوى ولكن للحث على البغى والعدوان والفساد والظلم .

أخيرا : فى الفصول القادمة نتتبع الصلاة تاريخ الخلفاء بإستغلالها فى الإثم والعدوان مع تأديتها بنفس المعهود من توقيتها وكيفيتها . 

اجمالي القراءات 6448

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4979
اجمالي القراءات : 53,296,968
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي