آحمد صبحي منصور Ýí 2017-09-27
توقيت شهر رمضان : المقال الأول : تمهيد :
سأل د . عثمان محمد على : ( ..هناك مجموعة بدا صوتها يرتفع ،وتُنادى بصيام رمضان فى آواخر شهر سبتمبر وتكملته فى إكتوبر وتحديدا بداية من 21- سبتمبر ،على اساس ان هذا هو توقيت شهر رمضان الصحيح من وجهة نظرهم .والسؤال هنا .هل يُعتبر صيامهم صحيحا ومقبولا وبديلا عن صيام شهر رمضان المتغير فى توقيته كل عام والمتعارف عليه عند المسلمين جميعا أم لا ،وهل هو نوع من الخروج على شرع الله ومواقيته فى صيام رمضان ؟؟ ).
أولا : نبدأ بالسؤال الأهم : هل يعتبر صيامهم صحيحا ؟ ونقول :
1 ـ نفترض أن شخصا ظل ثلاثين عاما محافظا على الصلاة ، ثم إكتشف أنه كان يصلى العصر قبل موعده ، أو أنه كان يصلى فى غير أتّجاه القبلة ؟ هل صلاته باطلة ؟ أقول : لا . لأن المقصد التشريعى من الصلاة وكل العبادات هو التقوى ( البقرة 21 ) ، والمطلوب هو إقامة الصلاة بالتقوى فيما بين الصلوات الخمس ، والخشوع فى تأدية الصلوات . ومن التقوى أن تعبد الله جل وعلا كما أمر ، وليس بما تهوى . لو وقعت فى خطأ فالله جل وعلا يغفر لمن يخطىء دون تعمد ، قال لنا ربنا جل وعلا : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) (5) الاحزاب)
2 ـ فى تطبيق هذا على الصلاة : هناك من يزعم أن الصلوات ثلاث فقط ، ويجعل هذا محور دينه رافضا بكل قوة أن تكون الصلوات خمسا . هنا تعمد فى تغيير شرع الله جل وعلا . ولو فرضنا أن هناك إختلافا قديما فى موضوع الصلاة ، فلماذا لم يسأل أحدهم النبى عن عدد الصلوات ومواقيتها ؟ وقد كانوا يسألون النبى فى أشياء كثيرة ومتكررة ، وينتظر النبى حتى ينزل الوحى بالاجابة ، وهذا ما عرضنا له بالتفصيل فى كتاب ( القرآن وكفى .. ) . المضحك أن هؤلاء صمموا على أن الصلوات ثلاث فقط ، ولو كان عدد الصلوات قضية خلافية ، فيكون من الأسلم لهم أن يزيدوا عدد الصلوات فوق الخمس ، أن يجعلوها ـ مثلا ـ عشرا . ولكنهم جعلوها ثلاثا فقط ، وبعضهم أنكر الصلوات الخمس، بل وأنكر الفرائض مكتفيا بزعمه قراءة القرآن . يوم القيامة سيكونون فى مشكلة كبرى . هنا نتذكر قوله جل وعلا :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) فصلت).
3 ـ نفس الحال مع صيام رمضان . لنفترض أن شخصا ظل يصوم شهر رمضان ثلاثين عاما ، ثم تبين له أنه كان يصوم الشهر الخطأ . طالما كان يلتزم التقوى فى صيامه فالله جل وعلا يقبل صيامه ، وليس عليه مؤاخذة فى خطأ لم يتعمده . ولنفترض أن الصيام فى شهر رمضان هو قضية خلافية قديمة ، فمن الأسلم له أن يسير على الرأى الغالب لأنه المتواتر ، ولأنه المتفق مع القرآن الكريم ، فالله جل وعلا ذكر شهر رمضان بالتحديد فى الأمر بالصيام فيه ، وأنه الشهر الذى نزل فيه القرآن ، وأنه الشهر الذى فيه ليلة القدر . وهو شهر ينتمى الى التقويم العربى القمرى ـ ولا خلاف فى ذلك . الخروج عن هذا وصيام شهر فى التقويم الميلادى هو تعمد فى إختراع تشريع مخالف لتشريع الرحمن . لهم أن يصوموا تطوعا فى أى شهر بأى تقويم عربى قمرى أو ميلادى أو قبطى أو بابلى ..الخ . ولكن العبادات فى الاسلام تعتمد على التقويم القمرى ..وفقط .
4 ـ هذا يدخل بنا على موضوع التواتر . وقد عرضنا له فى مقال مستقل . التواتر معمول به طالما لا يناقض القرآن الكريم . تشريع القرآن الكريم نزل فى إصلاح ملة ابراهيم التى افسدها العرب وأهل الكتاب . كان هناك تحريف . والتحريف لا يعنى شطب الدين كله أو تبديله بالكامل ، ولكن يعنى تغييرا جزئيا ، وهذا ما حدث . هناك جزء ظل متواترا لا يخالف الأصل فى ملة ابراهيم ، وهناك تحريف حدث ، وإنصبّ أساسا على إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا بتقديس البشر والحجر وإعتبار العبادات هدفا وليس وسيلة للتقوى ، أى تضييع الصلاة بإتباع الشهوات ( مريم 58 : 60 ). نزل القرآن الكريم يأمر النبى والعرب وأهل الكتاب بإتباع ملة ابراهيم حنيفا أى بإخلاص العبادة لرب العزة جل وعلا ، كما نزل بتشريعات جديدة فى الصلاة المتواترة مثل الطهارة وصلاة الخوف ، ومثل رُخصة الافطار فى رمضان ، وتيسرات فى الحج . ودعاهم رب العزة الى الاحتكام الى القرآن الكريم فى كل المتواتر الذى وجدوا عليه آباءهم ، فرفضوا تمسكا بهذا التحريف . المفهوم هنا أن المتواتر المتفق مع القرآن الكريم والذى لا يتناقض معه هو جزء من شرع الله جل وعلا . والمؤكد أن التشريع بشىء يخالف القرآن الكريم ينطبق عليه قوله جل وعلا : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى )
5 ـ جهل شيوخ الكهنوت الأرضى للمحمديين كان له تأثير قاتل على بعض من إختار القرآن وحده مصدرا للتشريع . إلشيوخ أجهل البشر بالقرآن الكريم ، وشعر بعض المنتسبين للقرآنيين أنهم أكثر علما بالقرآن من أولئك الشيوخ الرعاع الجاهلين . وهؤلاء المنتسبون للقرآنيين هم ( هُواة ) ليست لديهم خلفية علمية بحثية تؤهلهم للتدبر القرآنى ، بل لديهم الرغبة فى إثبات الذات ،وفى التفوق على رعاع الشيوخ ، من هنا جنحوا الى الهوى ، يبطلون شرائع الله القرآنية كنوع من التجديد . وقعوا بهذا ضحية للشيطان الذى لا ييأس من إضلال بنى آدم ، وهو القائل عنهم (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) الاعراف ) .
6 ـ فى النهاية .. كل منا سيأتى يوم القيامة مسئولا عن عمله وإيمانه . ومن يؤمن بلقاء الله جل وعلا وباليوم الآخر عليه أن يجهّز من الآن حجّته .
ثانيا : التقاويم فى العالم حين نزل القرآن الكريم
1 ـ فى القرن السابع الميلادى وما بعده عرفت البشرية أنواعا مخنلفة من التقاويم ، منها التقويم القمرى والشمسى والمشترك بينهما ، والتقويم بالنجوم ، وتعرض بعضها للتعديل والتقويم .
2 ـ فى أقصى العالم عرفت حضارة المايا فى أمريكا التقويم ، وهذا قبل خمسة قرون من ميلاد المسيح ، وكان لهم تقويمان ، أحدهما علمانى والآخر دينى ، معتمدين على حساب النجوم . ولا يزال تقويمهم مبهرا حتى الآن .
3 ـ حول الجزيرة العربية وقبل نزول القرآن الكريم وبعده :
3 / 1 : فى وادى النيل كان للمصريين القدماء تقويمهم ضمن ملامح حضارتهم البالغة فى القدم . وهو تقويم شمسى إعتمدوا عليه فى الزراعة والحصاد وتنوع المناخ وفيضان النيل . وجرى تعديله بما يسمى بالتقويم القبطى ، إذ إعتنق المصريون المسيحية رافضين عبادة المبراطور الرومانى فإضطهدهم الامبراطور دقيلديانوس فاتخذ المصريون من بداية حكم دقيلديانوس بداية التقويم القبطى عام 284 م . وأسموه تاريخ الشهداء . لم يكن تقويما جديدا ، كان فقط التزاما بالتاريخ الفرعون المتوارث ولكن مع بداية جديدة له .
3 / 2 : فى الرافدين ظهر التقويم البابلى الذى كان يجمع بين التقويمين القمرى والشمسى ، وتبدأ فيه السنة بفصل الربيع . واستعمله الآشوريون والسوريان والاسرائيليون مع بعض تعديلات . ولا يزال أهل الشام يستعملون أسماء الأشهر البابلية ( آذار ـ تموز ، كانون ، أيلول .. الخ )
3 / 3 : التقويم الميلادى الشمسى ، وهو السائد الآن ، والذى تم تعديله ليبدأ من عام ميلاد المسيح ، وأنتشر وساد مع الامبراطوريات المسيحية الرومانية والرومية البيزنطية والأوربية .
3 / 4 : التقويم القمرى الذى أخذ به العرب منذ إعتناقهم ملة ابراهيم ، وقد أصبح التقويم الدينى لهم ، ولا يزال ، وكالعادة ، تم تعديله بأن يبدأ بالعام الذى هاجر فيه النبى محمد عليه السلام الى المدينة . فعل هذا عمر بن الخطاب ، حين أصبحت للعرب إمبراطورية بالفتوحات ، وتحتاج الى تدوين ، عمر بن الخطاب هو الذى أنشأ الدواين وأعتمد تاريخا موحدا بالهجرة وفق التقويم القمرى . والتدوين والدواوين تعنى تسجيل الأفراد ( من القبائل العربية ) وفرض (عطاء ) أو مرتب سنوى أو شهرى لهم ( وهذا يستدعى تأريخا ـ أى تقويما معتمدا موحدا ) ، التدوين والدواوين كانت تعنى أيضا تعدادا للسكان لفرض الجزية عليهم ، وبهذا تم تعداد لمصر ـ مثلا ـ وجرى فرض الجزية على الرجال القادرين على الكسب دون النساء والأطفال ورجال الدين ، كما جرى حصر الأراضى المزروعة وفرض الخراج السنوى عليها . وبالتالى أصبح التقويم العربى القمرى ليس فقط للعبادات بل أيضا لتسجيل إيرادات ومصروفات الامبراطورية منذ عصر الخلفاء ( الراشدين ) .
ثالثا : التقويم العربى القمرى فى حضارة العرب والمسلمين
1 ـ إنعكست أهمية التقويم القمرى فى الدنيا وفى الدين فى الحضارة العربية ( الاسلامية ) خصوصا فى تقدم علم الفلك ، وفى التسجيل التاريخى ( علم التاريخ ) الذى سبق به العرب بقية الأمم ، ونعنى به التاريخ الحولى ، الذى يعتمد على التأريخ للأحداث حسب العام أو الحول ، يغطّى أخبار العام بداية بأول شهر وبالأيام فيه التى تحدث فيه أحداث تاريخية ، وهكذا على مدار العام ، وما قبله وما بعده ، وقد شرحنا هذا فى باب ( دراسات تاريخية ) فى موقعنا أهل القرآن عن منهج الطبرى ، وفى كتاب ( المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر قايتباى ) . وسنعرض لهذا فيما بعد بلتفصيل .
2 ـ وكما سبق العرب العالم فى علم التاريخ فقد أصبحوا أيضا أساتذة العالم فى العصور الوسطى فى علم الفلك .
3 : قبل أن يسيطر الفقهاء الحنابلة الجاهلون الذين صاغوا جهلهم فيما يعرف بالفقه والحديث والسُّنّة تقدمت الحضارة العربية فى الطب والهندسة والكيمياء والجغرافيا والرياضيات والفلك .
4 ـ ينتمى التقويم الى علم الفلك .
فى مجال الفلك بدأ العلماء العرب والمسلمون بدراسة آخر ما توصل اليه الهنود والفرس واليونان ، ومزجوا بينها ،مع أجتهاد مقبول سادوا به العالم فى عصرهم ، فأخذت عنهم أوربا حين بدأت نهضتها ، وإستفاد المكتشفون الأوربيون . أصبحت دمشق وبغداد أهم مركزين فى العالم لعلوم الفلك ، وفيهما أنشأ المأمون مرصدين لقياس الأجرام السماوية . ومعروف أن المأمون كان مثقفا وكان خصما للفقهاء واصحاب الحديث .
5 ــ وفى مجال الفلك برز أعلام عرب ومسلمون على مستوى العالم ، منهم :
5 / 1 : الخوارزمى : مخترع علم الجبر ، ومنسوب اليه الخوازميات فى علم الفلك ، وهو صاحب كتاب ( زيج الهند ) وفيه جداول حركة الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة في ذلك الوقت.
5 / 2 : أحمد بن عبد الله المروزى ( نسبة الى مدينة مرو ) : له كتاب ( الأبعاد والأجرام ) ، وفيه قدّر قطر القمر ب 3037 كيلومتر ، وهو يقترب من التقدير الحالى . كان هذا بين عامى 825 : 835 ميلادية .
5 / 3 : أحمد بن كثير الفرغانى ( نسبة الى فرغان ) : ترجمت أوربا كتبه الى اللاتينية ، وفيها فى عام 850 ميلادية قدّر إلتواء مسيرة الشمس ومحيط الأرض .
5 / 4 : محمد بن جابر البتانى ( ت 853 ) : كتب جداول لمدارات الشمس والقمر وحساب أول ظهور للهلال وقياس طول السنة الشمسية والسنة الفلكية وتوقع الخسوف .
5 / 5 : وفى القرن العاشر الميلادى كتب عبد الرحمن بن عمر الصوفى ( صور الكواكب الثمانية والأربعين ) وفيه حدّد رصدا للنجوم ، فىمواقعها ودرجة سطوعها وألونها ورسومها في كوكباتها، وهو أول من رصد مجرة المرأة المسلسلة ، وهو أيضا أول من رصد ما يعرف الآن باسم سحابة ماجلان الكبرى .
5 / 6 : ابن يونس : رصد أكثر من عشرة آلاف مدخل لموقع الشمس مستعملا اسطرلابا كبيرا ،وبقيت ملاحظاته عن الخسوف مستعملة لقرون.
5 / 7 : وحسب الخجندى بدقة الميل المحورى.
5 / 8 ـ على بن رضوان الفلكى المصرى رصد عام 1006 أكثر النجوم سطوعا ، وترك وصفا مفصلا للنجم المؤقت حيث قال أن الجسم أكبر بحوالي ضعفين إلى ثلاثة أضعاف من كوكب الزهرة ، وأن له ربع سطوع القمر ، وأنه منخفض في الأفق الجنوبي .
5 / 9 : ولم يأخذ البيرونى بالنظرية السائدة فى أن الأرض هى محور الكون ، وقال أن الأرض تتحرك ،وفي عام 1031 أنهى البيروني موسوعته الفلكية الموسعة ( القانون المسعودى ) أورد فيه نتائجه وجداوله الفلكية. واكتشف أن المسافة بين الأرض والشمس أكبر من تقديرات بطليموس.
أخيرا :
1 ـ هذه بعض إشارات منقوله عن تقدم علم الفلك عند المسلمين ، وقد غطّى عليها السنيون بحديث كاذب عن رمضان يقول ( صوموا لرؤيته ) ، مع أن الواضح أن صيام رمضان كان بالحساب الفلكى الذى كان معروفا وقت نزول القرآن . وقد عرضنا لهذا الحديث الكاذب فى مقال منشور هنا .
2 ـ الذى يهمنا أن التقويم القمرى كان معروفا ومألوفا ومعمولا به قبل وأثناء وبعد نزول القرآن الكريم ، ولهذا جاء الحديث فى القرآن الكريم عن شهر رمضان ، ونزل فى محيط ثقافى ، وفى بيئة كانت تصوم شهر رمضان قبل نزول القرآن الكريم بإعتبار الصوم فى رمضان أحد معالم ملة ابراهيم كالصلاة والحج . .
3 ـ وللحديث بقية .
ومحاولتهم لأثارت الجدل والخلافات في هذه المسائل والحاح السنيين عن معرفة الصلاة بالقران ليثبتوا ان لا غنى عن الأخذ بمروياتهم .. كل هذا يعود إلى جهلهم بمعرفة أصل الإسلام الذي هو من بداية خلق آدم وهبوطة للأرض ولذي يحمل معنى التسليم والإستسلام لله وحده اله خالقاً دون شريك .. وكذلك يدل على جهلهم بمعرفة حقيقة ان القراءن الكريم كان مصدقاً لما سبقه من الرسالات وان الخاتم المرسلين عليه السلام لم يكن بدعاً من الرسل ولم يأتي لكي يشعر للناس ديناً جديداً غير الذي كانت تعرفه الأمم السابقة من ملة إبراهيم التي تم تحريفها بشرك .. الجهل بكل هذه الحقائق القراءنية ليس امراً مستبعداً عن من اتبعوا المرويات التراثية وما وجدوا عليه ابائهم وهجروا القراءن.. لكن العجيب بالموضوع ان يقع في نفس الخطأ من كانوا يتصوون انفسهم أهل قراءن وأهل تنوير ضد الفكر السلفي الظلامي .. ان يتغاظوا عن سمات التقوى وأهميتها ويشغلون أنفسهم بسطحيات والأمور الظاهرة التي يحترف بها أهل النفاق .. فالوا فرضنا أن الصلاة كانت فعلاً [ثلاث صلوات ] فاهل الله تعالى الذي امرنا بالنوافل زيادة بالخير .. ان يعاقب من كان يصلي لله [خمس صلوات] ؟ .. ثم أنه حين قال الله تعالى لخاتم المرسلين { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} هذه الأيات هي دليل على انهم يعلمون حقيقة من هو الله واقامتهم لمساجد الضرار التي يسعون فيها للتفرقة بين الناس وعمارتهم للمسجد الحرام دليل على انهم كانوا يصلون ويحجون لله .. لكن بنهاية لم تغني عنهم صلاتهم شيئاً {ومَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}
بل ان تعجب قوم قريش حين دعاهم خاتم المرسلين إلى لا اله ولا معبود الا الله وانكارهم لذلك دليل اخر على انهم يعلمون الله ويعبدون له حيث أنهم لم يستنكروا عبادته بقدر ما تعجبوا من عبادته وحده فقال تعالى {وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} .. وهو نفس الأنكار ونفس التكذيب الذي يتعرض له أهل القراءن حينما يقولون بأن لا حديث انزل على الرسول إلى القراءن .. فاينطلق التراثيين ثائرين وغاضبين قائلين [اجعلوا الوحي والكتاب كتاباً واحداً ؟! ان هذا لشيء عجاب ] ثم يبررون موقفهم بأن يقولون [ ماسمعنا بهذا لدى سلفنا الصالح ان هذا الا افتراء ] وهو نفس العبارات التي تتكرر عند المشركين المتبعين لما وجدوا عليه ابائهم في كل زمان ومكان .. ولحكم بنهاية لله العلي العظيم
الإسلام دين الله جل و علا و القران الكريم آخر منابعه الأصلية و الأصيلة و كل الكتب السماوية منابع له و من لطفه جل و علا تكفله بحفظ آخر رسالاته و هو القران الكريم من عادة البشر ( تحريف ) الكتب السماوية مما نتج عنها خلق آديان بشرية موازية !! هي أديان أرضية و ليست سماوية فاليهودية و إن طال كتابها التوراه التحريف و نسق التلمود كتابا يستمد منه اليهود شرائعهم فلا شك أن فيه أشياء من التوراة التي وصفها الحق جل و علا بأن فيها ( هدى و نور ) يقول جل و علا : ( انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور ) و الأنجيل الذي فيه ( هدى و نور ) يقول جل و علا : ( وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ) تم تحريفه و كتابه أناجيل يستمد منها أهل الكتاب المسيحيون شريعتهم و لكن تجد في قداسهم أيام الآحاد فيها مواعظ و نشر السلام و التمسك بالقيم العليا بغض النظر عن الشرك و الإعتقاد فأمرهم مرجوع و مؤجل إلى يوم الدين و الحسرة كل الحسرة على من فيهم النور المحفوظ و لكنه مهجورا !! في الدين الأرضي الآخير - الاسلام - يتمسك المسلمون بالعبادات الحركية الظاهرة المشاهدة كالصلاة و الصوم فهي عبادات ترى و تشاهد و لها أوقات زمانية و مواقع مكانية لذا تمسكوا بها كهدف و ليس غاية و هنا مكمن الخلل !! فالله جل و علا أمرنا بالعبادات لتطويع هذه النفس من أجل تحقيق الهدف من هذه العبادات و هي التقوى جوهر الإسلام .
الإشكالية - من وجه نظري - ليست في أداء هذه العبادات كالصلاة و الصوم و لكن الإشكالية الكبرى في تسييس هذه العبادات و تمذهبها و بالتالي تكون أرضية صلبة لتشريعات أرضية ينتج عنها ظلم كبير و تحكم في حرية الناس و فرض تشريع أرضي عليهم !!!
لماذا كل هذا الإصرار على الصلاة و عدد ركعاتها و توقيتها و لماذا شهر رمضان بالذات تخرج الخلافات سنويا فيه عن موعده و رؤية الهلال و ليلة القدر و ما إلى هنالك من إختلافات تكون مدعاه للتندر و التفلسف أحيانا !!!
لماذا يتناسى المسلمون الزكاة مثلا كفريضة عادة ما تقترن بالصلاة و قد تم ذكرها في القران الكريم أكثر من 32 مرة هل لأنها لا ترى و لا تشاهد كالصلاة و الصوم !!
كم نسبة العبادات من جملة التشريعات في الإسلام ؟ و لماذا أهملنا القيم العليا في الإسلام ؟ و لماذا تأخذ العبادات كل هذا الإهتمام هذا مع أن اثر تطبيق هذه العبادات علينا في الحضيض !! فهل نحن أمة تتقي الله كثمرة لهذه العبادات ؟ بنظرة سريعة لمؤشر الشفافية العالمية تجد الدول العربية و الإسلامية في الحضيض !!!
الصوم عبادة سنوية و الهدف منها التقوى أنظر اليوم إلى العادات السيئة و المخجلة و المستهزئه بهذا الشهر من خلال تطبيق المسلمين لهذه العبادة !! أنظر إلى الإستهزاء بالقران الكريم نفسه في شهره !! من خلال التغني به و البعد عن تدبره و غيرها الكثير و الكثير من العادات البعيدة عن ما يجب القيام به في شهر القران .
حفظكم الله جل و علا و في إنتظار و للحديث بقية .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,054,505 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
أتمنى ..ولكن: أطرح على حضرتك أن تكتب سلسلة مقالا ت عن (أساس...
أربعة أسئلة: السؤ ال الأول : أنا معتاد على الذها ب ...
مفتى حمار : المفت ى فى بلدنا عُرضت عليه قضية فتاة أخطأت...
الانعام والوحوش: ما معنى الأنع ام ؟ وهل الحيو انات البري ة ...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول من الاست اذة ( أم محمد ) : ما معنى (...
more
شكرا للأستاذ الدكتور الفاضل على هذا المقال الشيق
الله يقول "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" قاصدا شهر رمضان .. اذن الصيام في رمضان
أما كون رمضان شهرا قمري او شمسي فيدلنا عليها قول الله تعالى:
" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"
ويقول الله تعالى:
"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ
والاربعة الحرم هي أشهر الحج .. والاهلة هي مواقيت للحج .. أذن الاشهر والتقويم في كتاب الله هو تقويم قمري .. ورمضان هو رمضان .. وهو شهر الصيام.