الفقه:
الفقه

أسامة قفيشة Ýí 2017-02-26


الفقه

الفقه ليس باباً من العلوم بل هو الطريقة الأمثل لاكتساب العلم , فالفقيه هو المستمع و ليس المتكلم ,

لأن الفقه هو حسن الاستماع بلا غفلة , فينسب الفقه للمتلقي و ليس للمُلقي ان أحسن الاستماع بتمعنٍ و بتركيزٍ عالٍ بلا غفلة , فيكون فقيهاً مدركاً لما قيل أو لما سيقال ,

يقول عز و جل في قصة ذو القرنين مع يأجوج و مأجوج ( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ) 93 الكهف , أي لا يحسنون الاستماع ,

سورة الاسراء توضح هذا الأمر جيداً من الآية 44-47 :

( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا * 44

وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا * 45

وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا * 46

نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) 47

في الآية ( 44 ) يبين لنا المولى بأن جميع المخلوقات تسبح بحمد ربها , و لكن نحن البشر لا يمكننا سماع هذا التسبيح بل نحن في غفلةٍ منه , و هذا من رحمة الله جل وعلا و حلمه و رأفته بنا ,

و في الآية ( 45 و 46 ) يبين لنا بأنه حين تلاوة و قراءة كلام الله جل و علا على الكافرين به , فانه لا يلامسهم و لا يمسهم هذا الكلام , فلا يدركونه لأنهم لا يريدون ذلك , فهم رافضون لهذا الأمر من البداية بكفرهم بالآخرة , فنحن لا نستطيع اسماع من لا يريد السماع , بل يهربون و ينفرون اذا ذكر الله وحده لا شريك معه و لا شريك له , هذا حال هؤلاء المستمعون ,

و في الآية ( 47 ) يبين الله جل وعلا كيفية و حال هؤلاء و يبين لنا بأنهم لا يحسنون الاستماع بل يكونوا غافلين عنه و يتناجون فيما بينهم بقولهم ان تتبعون الا رجلا مسحورا , فكيف بهم أن يستمعوا لما يقال و هم يتهامسون فيما بينهم و يتحدثون ,

و يقول جل و علا واصفاً هؤلاء الكفار (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) 179 الأعراف , انظر هنا الى عظمة الخالق بالتشبيه في قوله ( كالأنعام بل هم أضل ) فلماذا كانوا هم أضل من الأنعام ؟ لأن الأنعام تسبح بحمد ربها , أما هم فلا يسبحون و لا يحمدون ربهم فكانوا هم أضل من الأنعام التي لا تدرك لأنهم لا يحسنون سماع كلام الله جل و علا بتغافلهم و ابتعادهم عنه ,

و يقول جل و علا عن آياته التي فصلها للناس تفصيلا , فكان المتلقي و المستمع لهذا التفصيل و لهذا البيان واعياً مدركاً لهذا التفصيل غيرُ غافلٍ عنه ( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ) 98 الأنعام ,

و في ابلاغ الدعوة لدين الله جل وعلا , و اسماع و تبليغ البشر لكلام الله و دينه (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) 122 التوبة ,

و في طلب موسى حين قال ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي *يَفْقَهُوا قَوْلِي ) 27- 28 طه , نلاحظ بأن موسى عليه السلام طلب من الله جل وعلا بأن يجعل فرعون و ملأه يحسنون سماع قوله ليدركوا هذا الكلام و لا يكونوا غافلين عنه و لكي يتحدث اليهم بلا خوف فيصل كلامه اليهم بالشكل السليم و الصحيح , فالفقه يعود على المستمع لا على المتحدث ,

 

سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا

سبحانك اني كنت من الظالمين

اجمالي القراءات 5216

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-04-09
مقالات منشورة : 196
اجمالي القراءات : 1,542,188
تعليقات له : 223
تعليقات عليه : 421
بلد الميلاد : فلسطين
بلد الاقامة : فلسطين