من بيضة فرخة المحافظ إلى كنتالوب رئيس البرلمان

خالد منتصر Ýí 2016-02-24


صورة المحافظ الذى يمسك بالبيضة المقدسة، ثم يضعها برفق داخل العلبة القطيفة بعد أن قبّل جبين قشرتها الوضاء، تعبر باختصار وتلخص ماذا حدث لعقل مصر. الخرافة ما زالت هى الحاكم الفعلى لهذا البلد، هى فوق رئيس الجمهورية، هى فوق العلم وفوق الدين وفوق حتى المصلحة، وحفاظاً على وحدتنا الوطنية، ولكيلا تحدث فتنة، اكتشف المسيحيون أيضاً «طماطماية»، رُسم بداخلها الصليب حتى لا تحدث فتنة طائفية، ولكى تكتمل منظومة العجة الغيبوبية التى نفطر بها كل صباح!!، وبدلاً من أن يحاسب المحافظ الطبيب البيطرى على نقص الكالسيوم، الذى أنتج هذه الخرابيش التى رسمت لفظ الجلالة، إذا به يحتفى بالطبيب وفرخته وديكه وبيضته!!، لم يتغير أى شىء، فنفس المشهد حدث بحذافيره، ولكن مع اختلاف المقدس والمقدس به، قبل الثورة وضع نائب سيناوى على منصة مجلس الشعب أمام د. فتحى سرور، ثمرة كنتالوب كان مكتوباً عليها الله!!، ساعتها انبهر الأعضاء البرلمانيون بهذه المعجزة وتركوا وقتها مناقشات الميزانية ومطالب العمال وخلافات المحامين والقضاة وظلوا يتأملون الكنتالوب مرددين فى نفس واحد: «سبحان الله»، هذا يثبت لكم باختصار أن لا ثورة قد حدثت، ولا تغيير قد تم. منذ تفتحت عيناى على الدنيا فى مصر المحروسة، وأنا أقرأ كل شهر فى الجرائد أو أشاهد فى البرامج مثل هذه الضجة حول ثمرة طماطم أو بطاطس مكتوبة عليها كلمة الله، أو بيضة أو سمكة مرسوم عليها لفظ الجلالة، أو كف مولود مطبوع عليه الحمد لله، أو الله أكبر!، وأتساءل أسئلة بسيطة جداً ومشروعة جداً وفكروا معى بهدوء فى إجاباتها، لماذا تكتب هذه الكلمة أصلاً، وما المراد والقصد الإلهى منها؟، ولماذا نحتفى نحن بالذات بمثل هذه الأشياء؟!، هل الخالق عز وجل محتاج لإثبات معجزاته على قشر الكنتالوب؟، يكفى أن تنظر إلى نفسك فى المرآة لتدرك معجزة الخالق، يكفى أن تنظر إلى تصميم زهرة أو جناح فراشة أو زخرفة قوقعة أو ألوان جناح طاووس لتعرف معنى المعجزة الإلهية!، الله ليس محتاجاً إلى «بيضاية»، أو «بطاطساية»، أو «كنتالوباية»، عليها توقيعه لكى يثبت لنا، نحن البشر، أنه موجود وعظيم ويفعل المعجزات. لماذا نتعامل مع الخالق، عز وجل، تنزهت صفاته على أنه دائماً مهدد!!، ورسالته مهددة تحتاج إلى حماية وإثباتات وتأكيدات، لماذا نظن أن الرب يحتاج كل فترة عن طريق مثل هذه الرسائل على قشر الكنتالوب والطماطم أن يطمئن على أننا نتذكره!!، هل هذه طريقة تفكير ناضجة؟، هل هذا عقل الذى يفرح، وينتشى لمجرد نقوش من الممكن أن ترسم كلمة الله، ومن الممكن جداً أن ترسم كلمات أخرى كثيرة، والسؤال: هل ساعتها سنعتبر مثل هذه الكلمات استنساخاً لآلهة أخرى؟، لماذا لا تكتب كلمة الله بالإنجليزية أو الصينية على البيض حتى يعرف أبناء بوذا الديانات السماوية؟، أو حتى تكتب بالعبرية لأنه ببساطة من يحتاج تذكر قوة الله هم أهل إسرائيل، التى بالمناسبة ترسل لنا تقاوى الكنتالوب لنزرعه ونكتشف لفظ الجلالة عليه!!، المعجزة الحقيقية من وجهة نظرى ليست فى اكتشاف كلمة الله على الكنتالوب، بل هى فى اكتشاف الكنتالوب نفسه، أو فى نجاحنا فى زراعة قمح يكفينا بدلاً من تسوله، ممن لا يعرفون الله أصلاً!!، أو ننتج كفاياتنا من البيض، ونصدر أيضاً ونحصل على عملة صعبة، المعجزة الحقيقية هى أن نتفوق على من يصدر لنا شتلات وتقاوى الكنتالوب، ويعلمنا الرى بالتنقيط، نتفوق بالعلم والعمل والجهد والعرق، المعجزة الحقيقية فى أن نكافح لنستحق الروح التى نفخها فينا الله، ونحافظ عليها ونرعاها بمزيد من التفكير العقلانى. الله لا يحتاج إلى توقيع على بيض أو كنتالوب أو بطاطس ليقنعنا بعظمته وقداسته وجلاله، نحن الذين نحتاج إلى توقيع صنع فى مصر على طائرة أو سيارة أو حتى بسكلتة أو إبرة وابور جاز!، الإمضاء الإلهى يوقع كل يوم مع كل نبض وكل نفس يساعدنا على الحياة والاستمرار. نصيحة إلى محافظ المنيا إذا أردت أن تشاهد الإمضاء الإلهى الحقيقى، فلتراقب الكتكوت، وهو ينقر البيضة ليتنفس الحياة، ولا تجهد ذهنك فى خربشة قشرتها للبحث عن إمضاء مزيف وورع شكلى وتقوى مصطنعة.

اجمالي القراءات 8892

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-12
مقالات منشورة : 438
اجمالي القراءات : 3,172,942
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 400
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt