القاموس القرآنى : حبط

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-02-09


القاموس القرآنى : حبط

مقدمة : مصطلح ( حبط ) القرآنى يعنى تضييع ثمرة العمل الصالح لمن يموت مشركا كافرا . كل إنسان لا يخلو من عمل صالح وآخر سىء . الفيصل هو ( لا إله إلا الله ) والعمل بها سلوكا وعبادة وجهادا. من يتمسك بها سلوكا وعبادة وجهادا ويموت بها مسلما يأتى يوم القيامة وهو لا يخلو من عمل سىء أيضا . بسبب إسلامه وتمسكه ب ( لا إله إلا الله ) سلوكا وعبادة وجهادا يغفر الله جل وعلا سيئاته ، ويضاعف حسناته ، فيخلد به فى الجنة . الذى يقدس البشر ويقدس أيضا رب العزة ويموت على هذا بلا توبة يأتى يوم القيامة بعمل صالح وآخر سيء . الله جل وعلا ( يحبط ) عمله الصالح ، أى يضيع ثمرة عمله الصالح ، فلا يبقى له سوى عمله السىء فيخلد به فى النار . ونستعرض مصطلح ( حبط ) قرآنيا .

المزيد مثل هذا المقال :

أولا : تصوير معنى الحبط  يوم القيامة

1 ـ تخيل نفسك وقد تبرعت بأعمال خيرية بالملايين ، وتقيم مساجد فخمة ضخمة ، وكانت وسائل الاعلام تلهج بالثناء عليك ، ورجال الدين الأرضى يتقربون اليك ، وأنت تحج الى الكعبة والى الأوثان المقدسة أيضا ، ثم تموت مخلصا عبادتك للأولياء والأوثان والقبور المقدسة ، ثم يكون خلودك فى النار ، وتضيع عليك كل تبرعاتك . هذا الوضع المؤلم يشبهه رب العزة برماد إشتدت به الريح فى يوم عاصف ، يقول جل وعلا :  (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) ابراهيم ). وفى صورة تمثيلية رائعة يشبه رب العزة هذا الوضع للعمل المحبط بالسراب الذى يراه العطشان فى الصحراء ، فيجرى مسرورا ليروى عطشه ، فإذا جاءه لم يجد شيئا سوى الحساب ثم العذاب ، يقول جل وعلا : ـ ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) النور ) وفى الآية التالية تشبيه بغريق فى ظلمات بحر متلاطم ، يحاول النجاة فلا يرى طريقه ، بل لا يرى كف يده ، فقد عاش دنياه فى ظلمات الكفر ، وسيعيش آخرته فى ظُلمة أشد ، يقول جل وعلا : ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور)

2 ــ وفى كل الأحوال فإن الذى حبطت وضاعت ثمرة أعماله الصالحة يعيش فى الجحيم معذبا بالنار ، ومعذبا أيضا بالحسرة الخالدة وهو يرى سجل أعماله ، يتأوه ويتحسر ، سواء على عمل سىء يتم تعذيبه به وعمل صالح لم يستفد به ، يقول جل وعلا :( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167) البقرة )

ثانيا  : الحبط من سمات القسط يوم الحساب

1 ـ وهناك أحكام عامة فى موضوع حبط الأعمال تسرى على البشر جميعا يوم القيامة الذى هو لكل البشر جميعا وسيشهده البشر جميعا  (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) هود  ) حيث تأتى كل نفس تجادل عن نفسها (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل 111 ) ، وحيث يأتى كل فرد للحساب (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) مريم  ).

2 ــ  لاظلم فى هذا اليوم : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)  الأنبياء ). وحبط العمل للمشرك من ملامح هذا القسط ، فالمشرك الذى يقدم عملا صالحا لا يقدمه مخلصا لرب العزة جل وعلا ، بل لآلهته الموعومة أو للرياء والشهرة ، وطالما هو عمل ليس لرب العزة فلن يكافىء رب العزة صاحبه . وعليه فإن صاحب هذا العمل له أن يأخذ ثوابه من آلهته المزعومة أو من البشر الذين كان يستجلب رضاءهم  وسيجد وقتها آلهته تتبرأ منه وكذلك البشر الذين يريد مدحهم وثناءهم .

3 ــ ومن القسط أن رب العزة يكافىء صاحب العمل الصالح فى الدنيا ، سواء كان مؤمنا برب العزة جل وعلا مخلصا فى دينه ، أو كان مرائيا مشركا . غاية ما هناك أن المؤمن يجازيه رب العزة جل وعلا فى الدنيا وفى الآخرة ، يقول جل وعلا عن أجر المؤمن المتصدق فى الدنيا : (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) سبأ )، ويقول جل وعلا عن أجره فى الدنيا والآخرة:( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) الحديد )

ولكن المشرك فاعل الخير الذى لا يؤمن باليوم الآخر يكافئه رب العزة جل وعلا فى الدنيا فقط ، ثم يحبط عمله الصالح فى الآخرة فلا يكون له من مصير سوى النار . يقول جل وعلا : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود ). لا يبخس رب العزة عمله الصالح فى الدنيا فيكافئه به . لقد أراد بعمله الدنيا وأخذ ثوابه فى الدنيا . وهو لم يؤمن بالآخرة ولم تكن فى حسابه ولم يقدم لها شيئا فمصيره لا شىء من عمله الصالح ، ويتبقى عمله السىء فيخلد به فى الجحيم .

4 ـ وهنا يثور السؤال الهام : إذا كنت ستتبرع بأموالك وستقوم بعمل خير فلماذا تضيعه بالايمان بخرافات الكفر والشرك وتقديس البشر والحجر ؟ وهل هذه المعتقدات الخرافية تستحق أن تضيّع من أجلها أعمالك الصالحة وأن تخلد فى النار ؟ من أجل هذا يحذّر رب العزة البشر مقدما من الوقوع فى الشرك حتى لا يُحبط الله جل وعلا عملنا الصالح يوم القيامة . وهذا التحذير جاء لكل الأنبياء وفى كل الرسالات السماوية ثم فى القرآن الكريم لكل نوعيات المشركين الكافرين فى عهد النبى محمد ومن جاء بعده .

ثالثا : تهديد الأنبياء بالحبط

1 ـ يقول جل وعلا لخاتم النبيين : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) الزمر ) فالوحى نزل لكل الأنبياء السابقين كل منهم بلسانه ولسان قومه ، ثم لخاتم النبيين فى القرآن الكريم ــ بأن النبى ـ أى نبى ــ  لو وقع فى الشرك ( وقدّس مخلوقا مع الخالق ) فإن هذا النبى سيحبط الله جل وعلا عمله الصالح وسيصبح هذا النبى من الخاسرين يوم القيامة .

2 ــ وفى سورة الأنعام ذكر رب العزة بعض ذرية ابراهيم عليه السلام من الأنبياء ، فقال جل وعلا : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87)) ثم يقول جل وعلا عنهم : ( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) الانعام ). أى إن هؤلاء الأنبياء العظام لو وقعوا فى الشرك لأحبط الله جل وعلا عملهم الصالح . ولكنهم ماتوا مؤمنين مسلمين مفلحين ، عليه سلام الله أجمعين .

رابعا : أحكام عامة فى ( الحبط ) تسرى على البشر جميعا

1 ـ الكافرون بالله جل وعلا وآياته واليوم الآخر ، يقول جل وعلا :( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) الاعراف )، وعمّن يقدس قبور الأولياء البشر وقبورهم  يقول جل وعلا : ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106) الكهف )، ومنهم من يقرن كفره القلبى بكفر سلوكى يقتل به الأنبياء والمصلحين ، يقول جل وعلا :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22) آل عمران ). ونقرأ أيضا : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) محمد )( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5) المائدة ) وعمّن يقيم المساجد لتصبح مساجد ضرار ، يقول جل وعلا : ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) التوبة )

خامسا : أحكام بالحبط نزلت فى بعض الصحابة وتسرى بعدهم على البشر جميعا

نزل القرآن بأحكام عامة ، وواضح أنها كانت تعلّق على أحوال الناس فى عهد النبوة ، أو من نسميهم بالصحابة ، الذين أصبحوا آلهة فى أديان المحمديين الأرضية من سنيين وشيعة وصوفية . كان من هؤلاء الصحابة من هدده رب العزة جل وعلا بحبط عمله لو مات على ما هو عليه . والمنهج القرآن أن يتحدث عنهم ليس بأهل مكة أو أهل المدينة أو العرب ، بل بصفات الذين كفروا وأمثالها لينطبق الحكم على من يقول ويفعل نفس الفعل  الى آخر الزمان . ونأخذ بعض الأمثلة :

1 ـ المرتدون عن دين الاسلام : يقول جل وعلا عن الإغارات المستمرة التى كانت تقوم بها قريش لإكراه المؤمنين فى الدين وحتى يرتدوا عن الاسلام : ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا ) يقول جل وعلا بعدها عن مصير من يرتد عن دينه يعود الى الكفر ويظل كافرا الى أن يموت بكفره :( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة ). ليس هنا ( حد الردة ) المزعوم الذى إخترعه أئمة الدين الأرضى السُّنّى . عقوبة من يموت مرتدا حبط عمله وخلوده فى النار .

2  ـ المنافقون من الصحابة فى المدينة هم حالة قابلة للتكرار ، لذا فإن ما جاء فى حقهم من الخلود فى النار وحبط أعمالهم الصالحة إنما ينطبق على من يسير على سُنّتهم حتى آخر الزمان ، بل إن التدبر فى الايات التى نزلت فيهم يؤكد أن أغلبية المحمديين اليوم منافقون . يقول جل وعلا عنهم : ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (69) التوبة )، فمنافقو المدينة كان لهم سلف فى الأمم السابقة ، وهم ألان السلف الصالح ( الصحابة ) للمحمديين . وحتى فى الحالات الخاصة للمنافقين كموقفهم فى الحرب ـ قابلة للتكرار ، يقول جل وعلا : ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (19) الاحزاب )، ومنه قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) محمد ) .

سادسا : أحكام بالحبط  فى حالات خاصة بالصحابة:

 يقول جل وعلا :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) الحجرات ). هنا حادث خاص فيه ( النبى ) أى شخص محمد وصوته وصوت بعض المؤمنين يرتفع فوق صوته . والتهديد لهم بحبط أعمالهم لو إستمروا فى سوء الأدب هذا مع خاتم النبيين ـ عليهم جميعا السلام . وهذا من التشريعات الخاصة بزمانها ومكانها ، والتى لا تصلح للتطبيق بعد عهدها .

اجمالي القراءات 8823

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (7)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٩ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80357]

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ


السلام عليكم ، شكرا للدكتور أحمد ، القرآن الكريم كتاب لم يقرأ بعد !! مررت على هذه الآية كثيرة لفت نطري التنبيه على الإشراك لأنه ظلم عظيم ، لكن ولأول مرة اقف عند ( ليحبطن عملك ) الوحي كان للرسول ولمن سبقه من الرسل فجميعهم ،  أُوحي إلبهم ، لكن الكلام عن الإشراك ، وإحباط العمل ،كان موجهها فقط للرسول :(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) فلماذا ؟ 



وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) الزمر



ودائما صدق الله العظيم 


2   تعليق بواسطة   داليا سامي     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80361]

حبط اعمالهم


الدكتور الكريم أحمد صبحي .. جزاك الله نعم الجزاء على مقالتك الرائعه .. 



مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) .



 



 



اللهم اجعلنا واياكم من المنزهين والموحدين اعمالهم لوجه الله تعالي حنفاء مخلصي الدين غير مشركين به



3   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80362]

جبط الاعمال من منظور حسابي بحت ..!!


جبط العمل كما وضح من خلال ’يات القرآن هو اضاعة ثمرة العمل فيصبح العمل بدون ثمرة ( اخروية ).. وهذه الظاهرة يؤيدها علم الحساب حيث الحبط هو الصفر .. فأي اعمال جمعتها في حياتك يتم مضاعفتها في الرقم الذي حصلت عليه في (لا إله ‘لا الله ) والرقم الذي ستحصل عليه من (لا إله إلا الله .). أما ان يكون صفر في حالة الاشراك بالله اي التفريط في أو الرسوب في اختبار (لا اله الا الله )حتى لو كانت النتيجة هي  99 في المائة .. فالله يريد الدين خالصاً له بنسبة مائة في المائة ..



واما ان تكون نتيجتك مائة في المائة .. في حالة الرسوب في (لا اله الا الله ) تضرب اعمالك في صفر فتكون النتيجة هي صفر .. اما في حالة النجاح في (لا اله الا الله ) فيتم مضاعفة غملك الصالح اضعاف مضاعفة ...



لذلك فمن ضمن اسماء يوم القيامة هو يوم الحساب ..



4   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80363]

( لا اله الا الله ) ليست مهمة مستحيلة ..!!


ليس مستحيلاً أن تهرب من جبط العمل عن طريق الاخلاص في (لا اله الا الله ) هي دعوة مباشرة للصراط المستقيم إلى الله سبحانه وتعالى .. فلننقذ انفسنا بأن لا نشرك بعبادة ربنا أحداً , مهما كان مكانته من نبي أو ملك أو حاكم ظالم أو رجال دين أو رجال دنيا ..فكلهم آتي يوم القيامة فرداً امام الواحد القهار فكلنا لا شيئ في لقاء الله ..!!



5   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80364]

الحساب للجميع واحد ..!!


مهما اختلف دين قومك الارضي أو السماوي سواء اكان  سني سيعي صوفي مسيحي يهودي .. أو لونك أو وطنك أو مستواك الثقافي أو الاجتماعي .. فالحساب موحد للجميع في (لا اله الا الله ) فهل سيذهب احدنا بشريك او شقيغ من عباده سواء محمد أو المسيح أو علي أو بوذا الخ .. 



نذكر لن يقبلها الله إلا خالصة من الجميع فعلى الجميع أن يتجهو لأختبار (لا اله الا الله ) فهي كلمة السر للفوز في الآخرة ..



6   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80365]

المعنى اللغوي للحبط يتوافق مع المضمون.


 يقال في اللغة حبطت الدابة  أي ماتت الدابة وانتفخت من بطنها  وانفجرت بعد الانتفاخ، وهذا يتوافق مع المضمون العام للمقال ومع التفاصيل الموضحة بآي الذكر الحكيم.



فالشرك  بالله تعالى واتخاذ الأنداد من دونه له مكاسب دنيوية من شهرة ومجد وجاه وسلطان فمُلْك يكتسب ومجد يُنْتسب! وأموال وأقوال تذاع بين البشر للمشرك.



 ويحقق الثراء وذيوع الصيت ، ثم ينتفخ جسدياً ومعنويا  وبعد موته ينساه الناس والشركاء. ويضيع كل هذا هباء!



ولا عزاء للمشركين والمنافقين.



ونختم بقوله تعالى "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" فصلت ٣٣



عرفان من القلب بالحب لصاحب هذا المقال ، ودعوته إلى الله تعالى ودفاعه عن كتاب الله العزيز.



7   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ١٠ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80376]

شكرا أحبتى ، وأقول


هذا ( الحبط ) يؤكد أن أصحاب الجنة سيكونون أقلية . 

انظر الى العمائر الدينية الهائلة للمحمديين والمسيحيين واليهود والبوذيين ..بينما لا يوجد مسجد فى العالم لعبادة رب العزة وحده . حجم الأموال التى يتم إنفاقها فى الأديان الأرضية ( دعوة وشعائر وعمائر ) يفوق تجارة الاسلحة وتجارة المخدرات ، لأن الأديان الأرضية أشد فتكا بالانسان ـ إذا تحكمت فيه ـ من الأسلحة ، وأكثر تغييبا لعقل الانسان ــ إذا تحكمت فيه ـ من المخدرات بكل أنواعها . وهناك بلايين البشر ينفقون أموالهم عن طيب خاطر فى هذه العمائر والشعائر ولأربابها من شيوخ الدجل . ينفقون أموالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . كل هذه الأعمال ( الصالحة ) سيتم حبطها يوم القيامة ، وستكون عليهم حسرة ، يقول ربى جل وعلا عن الماضى والحاضر والمستقبل : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (37 الانفال. ) . ليس هناك أروع وأعظم من نعمة الهداية : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الاعراف )

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4983
اجمالي القراءات : 53,438,306
تعليقات له : 5,327
تعليقات عليه : 14,628
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي