آحمد صبحي منصور Ýí 2015-10-26
أولا : (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ):
1 ـ المخلوقات تحتاج الى الجنس والى الطعام ، والذى خلقها جعلها محتاجة اليه فى البقاء على قيد الحياة بالطعام ، ومحتاجة اليه فى غريزة التكاثر والتوالد ليبقى النوع ،إى أن الخالق أودع فى مخلوقاته هاتين الغريزتين المتحكمتين ، وجعل مفتاح الغريزتين فى نطاق يتحكم فيه جل وعلا وحده، فهم مفتقرون اليه . وفى نفس الوقت فهو جل وعلا لا يحتاج الى طعام ولا الى جنس وتكاثر ، أى ليس محتاجا الى غيره . ومن هنا ( يصمد ) الخلق له فى إحتياجاتهم بينما هو لا يحتاج اليهم . هذا معنى الصمد، أى الذى يحتاج اليه غيره ولا يحتاج هو الى غيره ، الذى يفتقر اليه الجميع وهو مستغن عن الجميع . جل وعلا رب العزة الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
2 ـ ــ عدم الإحتياج الى الطعام جاء من صفات الرحمن الصمد فى معرض التناقض بينه وبين الأولياء المعبودة المقدسة وهى المحتاجة للطعام . الله جل وعلا يأمر رسوله أن يقول : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ )( الأنعام 14 )، فالله الصمد هو فاطر السماوات والأرض أى الذى خلقها من لاشىء، والذى خلقها بلا مثال سابق ، لذا فهو جل وعلا يجب أن يكون وحده الولى المقصود بالتوسل وطلب المدد والعبادة والتقديس ، ليس فقط لأنه وحده فاطر السماوات والأرض، ولكن أيضا لأنه جل وعلا هو وحده الذى يطعم غيره ، ولا يطعمه غيره، فتلك الأولياء البشرية فى حياتها تحتاج الى الله جل وعلا فى إطعامها ، وسدنة قبورهم يحتاجون الى الله جل وعلا فى إطعامهم ، لذا يجب على المؤمن ان يكتفى بربه جل وعلا وليا حتى لا يكون من المشركين . هذا ما أمر الله جل وعلا رسوله أن يقوله : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ )( الأنعام 14 ).
3 ـ ومع وضوح معنى هذه الآية الكريمة إلّا أنك الآن تجد مئات الملايين من المحمديين ــ الذين يزعمون الايمان بالقرآن الكريم ــ يقدسون ويتوسلون ويطلبون المدد من مئات الألوف من الأولياء المقدسين الأحياء ومئات الألوف من الأولياء المقدسين المقبورين، ثم لا يشعرون بالخجل وهم يعتبرون أنفسهم خير أمة أخرجت للناس بينما هم لا يؤمنون برب الناس وحده لا شريك له.
4 ــ ومثلهم من يعبد المسيح وأمّه ، عليهما السلام . والله جل وعلا ردّ عليهم فقال : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )( المائدة 75 ). الآيات المرادة هنا هو تفهيم من يعبد المسيح وأمّه أنهما بشر كانا يأكلان الطعام . وأكل الطعام دليل الاحتياج والافتقار الى الخالق ، ولا يمكن للمحتاج أن يكون الاها ، وحيث أن الله وحده هو الخالق وهو الذى يحتاج اليه الخلق فى إطعامهم إذن فلا اله إلا الله .
5 ـ ومن هنا يقول جل وعلا عن كل الأنبياء :( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ )( الأنبياء 8 )، أى هم كانوا أجسادا تتغذى وتحيا بالطعام ، ثم أدركهم الموت فلم يكونوا خالدين .
6 ــ وحين إستهزأ القرشيون بخاتم المرسلين:( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ ) جاء الرّد من ربّ العزّة جل وعلا بأن كل المرسلين كانوا يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق :( وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ )( الفرقان 7 ، 20).
7 ـ ولذا قال ابراهيم عليه السلام فى تأكيد عبوديته لرب العزة جل وعلا : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ) ( الشعراء 78 : 79)..
ثانيا : الطعام دليل العبودية للرحمن جل وعلا
1 ــ الطعام ( والشراب ) من أبرز ما يؤكد حاجة الانسان لربه ، وهو من ( الحاجات ) الطبيعية الأولى للفرد كى يبقى حيا . والانسان يحتاج الى الله جل وعلا فى العثورعلى الطعام (الرزق ) ويحتاج الى الله جل وعلا فى أكل وهضم هذا الطعام ، ثم يحتاج الى الله جل وعلا فى التخلص من فضلات هذا الطعام . لا يعرف الانسان مدى إحتايجه الى ربه إلا عندما يجوع ويعطش فلا يجد طعاما ولا شرابا ، أو حينما يمرض ويعجز عن الأكل بالطريقة الطبيعية فيلجأون الى تغذيته بالمحاليل ، أو حينما يصيبه إمساك أو عجز عن التبول فتكون مصيبته هائلة ويصرخ باحتياجه الى الله الذى يطعمه ويسقيه . المشكلة أننا لا نعرف قيمة النّعمة إلا عندما نفقدها، ولا نستغيث بالله جل وعلا إلا عند المحنة، وأننا فى كل الأحوال لا نقدّر الله جل وعلا حق قدره.!!
2 ــ ولنتخيل وليا معبودا أعطيناه جزءا من التقديس الواجب لله جل وعلا وحده ، لنتصور هذا المخلوق جائعا عطشانا يبكى مستغيثا بالله جل وعلا ؟ ولنتصوره وهو يتبرز او يتبول أو يصرخ وهو يعانى من الامساك او الاسهال أو يخرج منه الريح بصوت أو بدون صوت .. كل هذه ملامح بشرية لكل البشر من الأنبياء الى الصالحين الى الطغاة والأفّاقين. كل أصحاب القداسة المزعومة من البشر تزول عنهم تلك القداسة لو تخيلناهم فى أى مرحلة من مراحل الطعام ( البحث عن الطعام ـ تناول الطعام ـ و التخلص من فضلات الطعام ). كل ذلك دليل على حاجة المخلوقات لله جل وعلا ، لا فارق هنا بين دودة فى باطن الأرض تبحث عن طعامها وبين نبى مرسل يأكل الطعام ويشتريه من الأسواق.
ثالثا : قراءة في كتاب " لطائف المنن " للشعراني : الشيخ الشعراني والفلاحون الجوعي
في كتابه " لطائف المنن "ص 212 ، يقول الإمام الصوفى الشعراني المتوفى سنة 972هـ يفتخر بنفسه:"( ومما من الله تبارك وتعالى به علىً .. كراهيتي للأكل من ضيافة الوقف الذي تحت نظري أو نظر غيري ، وعدم استقرارها في باطني إذا أكلت منها ، فلا آكل منها ، وإن جعلها الواقف لي ، إلا أن علمت طيب نفس الفلاح بذلك ، من حيث محبته لي .. لا لعلة أخرى لا تبعة فيها ، ومتى علمت أن علة مجيئه بالضيافة لكوني ناظرا على ذلك الوقف ، وأني متي عزلت منها لا يأتيني بشيء ، فلا آكل من ضيافته شيئا . وما جعل الفلاحون المتقدمون الضيافة لأستاذيهم إلا ما كانوا يجدونه منهم من البر والإحسان وكف مظالم الكشاف وشيوخ العرب عنهم وهذا أمر لا يتورع منه ما بقيت الدنيا.
وقد رأيت وأنا صغير الفلاح إذا جاء لأستاذه بضيافة يصير يطبخ له الطعام الطيب والحلو والأرز إلي أن يطلب السفر ، فيعطيه الكسوة والهدية أكثر مما جاء هو به ، فيصير يمدح أستاذه بين الفلاحين ، ثم يأتيه بعد ذلك بضيافة أعظم من تلك الضيافة ، لما وجد من بره وإحسانه، فأين هذا ممن يجيئه فلاحه بالضيافة فلا يعلق على حمارته ولا يطبخ له طعاما ، ويطعمه الطعام البائت، وإن عزم الفلاح علي أحد من معارفه وأتي به إلي بيت أستاذه قامت عليه القيامة ، ثم يصير يسمعه الكلام الجافي حتى يسافر بلا حسنة في مقابل تلك الضيافة !!
بل رأيت شخصا من العلماء أتاه فلاحه بضيافة الأوز فوجد فيها واحدة هزيلة فردها عليه ، سافر بها إلى البلاد يرسل له واحدة مكانها ، فإذا كان هذا فعل حامل القرآن فكيف بالظلمة ؟ فعلم أن من طلب أن يأكل ضيافة الفلاح ويتحكم فيه، فليفعل معه كما كان السلف يفعلون.وقد قال لي فلاح عتيق : كنا نعد الأيام التي نأتي لأستاذنا فيها بضيافة كأنها أيام عيد، وكان يطعمنا الحلوى والأطعمة الفاخرة التي لا نجدها في النوم !!
فتنبه يا مدعي الدين لنفسك ، وخلص نفسك من تبعات الفلاح ، واحمه من الكشاف ومشايخ العرب ، وأحسن إليه ، ثم أقبل ضيافته كأنها جعالة لك على دفع الأذى عنه ، وإلا فنزه نفسك عن الأكل من ضيافته ، فإنها من قسم الشبهات بيقين ، فإن الفلاح ربما أتى بها إليك خوفا منك أن تغالطه في الحساب ، أو تسلط عليه حاكما يؤذيه ، بل أفتى بعضهم بأن أخذ الجعل على كف المظالم حرام ، لأنه يلزم القادر على دفع الظلم أن يدفعه مجانا ، فإن لم يقدر على دفع الظلم عن الفلاح فما وجه أخذ الضيافة منه؟
وهذا خلق غريب ما رأيت له في مصر كلها فاعلا غيري ، فالحمد لله الذي منّ علىً بالشفقة علي الفلاح، وإقامة العذر له في هذا الزمان إذا ترك الضيافة وآتاني بلا ضيافة، فإن غالب الفلاحين قد صار لا يحصل له من زرعه بعد وزن المغارم عنه طول سنته إلا القوت ، وبعضهم لا يحصل له القوت ، فكيف يؤخذ من هذا ضيافة ، بل مثل هذا لا يلزمه ضيافة الوارد عليه ، ولا تستحب له.) انتهى .
· التعليق
في العصرين المملوكي والعثماني كانت معظم الأطيان الزراعية أوقافا أهلية أو خيرية ، يملكها الحكام من مماليك وأتراك ، ويديرها ناظر الوقف وهو من الطبقة المتعلمة أصحاب الوظائف الدينية أو الوظائف الديوانية ، أي كان معظم نظار الوقف من الشيوخ وقتها ، وحيث كان الظلم هو لغة التعامل بين السلطة والفلاح المصري ، فقد كان أغلبية الشيوخ نظار الوقف مشاركين في محرقة الظلم تلك .
والإمام الصوفى الشعراني يفتخر بأنه لا يأكل من الهدايا التي يحملها إليه الخولي الفلاح الذي يساعده في الإشراف علي نظر الأوقاف، وذلك الخولي في حد ذاته كان أحد التروس في آلة الظلم التي تبدأ بمالك الوقف وتمر بناظر الوقف ، ثم تنتهي بإدارة الوقف داخل الإقطاعية ، ومنهم الخولي والمشد والعمدة وشيخ الخفر . وكانت الهدايا التي يحملها الخولي( أو ما يسمي بالضيافة ) تعبيرا رقيقا عن الرشوة .
.ونرى في النص السابق الملامح التاريخية الآتية عن مصر في القرن العاشر الهجري :
1- الشعراني كان لا يستحل الأقل من تلك الهدايا إلا إذا كانت تعبيرا عن المحبة لذاته، أي ضمن النذور التي اعتاد الفلاحون إعطائها للأولياء أمثاله .
2- ارتبط تقديم تلك الهدايا بالأمل في رفع الظلم من الكشاف ، أي حكام الأقاليم ومشايخ العرب ، حيث تنافس الأعراب مع المماليك في السيطرة علي الريف المصري وظلم الفلاح المصري ،مما أوقع المجاعة بأغلبية الفلاحين ، ولم ينج منهم إلا من كان يعمل في الإدارة كالخولي والخفير والمشد.
3- شارك الشيوخ في محرقة الظلم تلك مما جعل الشعراني يفتخر عليهم بأنه لا يأكل من طعام الهدايا إلا إذا كانت ضمن النذور أو في حكمها ، وهى حُجّة واهية يأكل بها السُّحت ويفتخر بنفسه أيضا ويفضّل نفسه على كل شيوخ عصره .
4- الأهم من كل ما سبق الإقرار بأن شيوخ التصوف عاشوا عالة على الناس ، حتى أشد الناس فقرا ، أو أفقر الفقراء ، وهم الفلاحون المصريون البؤساء .!!
أخيرا : الكهنوت فى أديان المحمديين الأرضية عالة على الناس :
1 ــ أرجو من المحمديين عُبّاد البشر أن يستعملوا عقلهم ولو مرة واحدة يٍسألون فيها أنفسهم : ماهى وظيفة رجل الدين عندهم ؟ ولماذا تنهال عليه الأموال ؟ سواء كان وليا صوفيا أو ( شيخ الاسلام ) أو ( الامام الأكبر ) بزعمهم ، ا أو ( آية الله أو روح الله ) أو ( المُلّا والملالى ) والشيوخ ومّن يطلق عليهم ( علماء الدين )؟ واى علم كهنوتى يعلّمونه ويستفيد منه الناس ؟ وهل مالديهم هو علم حقيقى يتقدم به الناس أم ينشرون الجهل والتعصب والتطرف والأساطير المغيبة للعقل المُضيعة للأخلاق ؟ . ومتى يكون العالم أفضل : هل بوجودهم أم بعدم وجودهم ؟ وماذا حدث للمحمديين حين تسلط عليهم هذا الكهنوت السنى أو الشيعى أو الصوفى ؟ . ولماذا تقدمت أوربا حين حصرت المسيحية داخل جدران الكنيسة وفرضت عليها حظر التجول ، فانطلقت أوربا تكتشف العالم وتخترع وتُسعد أهلها ، بينما حين تسيد الكهنوت عن المحمديين أصبحوا يقتلون أنفسهم ويصرخون ( الله أكبر ) . والسؤال الهام : الى متى يظل هذا الكهنوت عالة على المحمديين يطعمونهم وينفقون عليهم ويركعون لهم ويسجدون ؟ ألا يكفى أن المحمديين خسروا بهذا الكهنوت الحقير الدنيا ، أيخسرون بسببهم الآخرة أيضا ؟
2 ـ نرجو من جهة محايدة أن تكشف لنا ثروات رجال الكهنوت الشيعى و السنى والصوفى ، من آية الله خامئنى الى آية الله السيستانى الى يوسف القرضاوى ، ومن ملالى العراق الى شيوخ الأزهر والسلفية فى مصر .
3 ــ ونرجو من كل من لديه ذرة عقل أن يتأمل مغزى القول الأوربى ( الدين أفيون الشعوب )، وهم يقصدون الدين الأرضى لأنهم لا يعلمون شيئا عن حقائق الاسلام، تلك الحقائق التى لا يؤمن بها المحمديون .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,906,066 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
ختان الذكر: يشغلن ي حاليا موضوع ابني الذي سيأتي الى هذا...
التجسس من تانى : انا صاحبه (السؤ ل التجس س على والدي ) ولم...
موعظة ومعنى العبادة: شو ممكن تنصح شاب في 25 ؟ وما معنى العبا دة بعيدا...
هل هو فى الجنة ام.؟: أعيش فى أمريك ا و فيها عرفت أصدقا ء من أحسن...
إفتراء السلفية : حضرة الدكت ور المحت رم أحمد صبحي منصور :...
more