ٱلصّلوٰة من يوم ٱلجمعة
ٱنطلاق ٱلرّحبى
يـٰٓـأيّها ٱلّذين ءامنوٓاْ إذا نودى للصّلوٰة من يومـ ٱلجمعة فٱسعوۤاْ إلى ذكر ٱللَّه وذرواْ ٱلبيع ذٰلكم خير لَّكم إن كنتمـ تعلمون(9) فإذا قضيت ٱلصّلوٰة فٱنتشرواْ فى ٱلأرض وٱبتغواْ من فضل ٱللَّه وٱذكرواْ ٱللَّه كثيرًا لَّعلَّكمـ تُفلِحون(10) وإذا رأواْ تجـٰرة أو لهوًا ٱنفضّوٓاْ إليها وتركوك قآئمًا قل ما عند ٱللَّه خير مِّن ٱلّلهو ومن ٱلتّجـٰرة وٱللَّه خير ٱلرّٰزقين(11) ٱلجمعة.
صلوٰة ٱلجمعة من ٱلمفاهيم ٱلتى طالتها يد لغو وتحريف طاغوت قريش وكهنوته ٱلمجنون. فنجم عنه ذل وفقر وضعف. وهو ما بيّنه قول ٱلقرءان عن ٱلخلف ٱلتابع للغو وٱلتحريف: "فخلف من بعدهم خلف أضاعواْ ٱلصّلوٰة وٱتّبعوا ٱلشّهوٰت فسوف يلقون غيًا" 59 مريم.
ٱلصّلوٰة فى ٱلقرءان هى ٱلرّصد وٱلمراقبة وٱلإحاطة بٱلشىء وٱلأمر. وهو ما توصل إليه ٱلمفكر سمير إبرٰهيم حسن حيث يقول:
"فى كتاب ٱللّه ٱلأمر: "أقيموا ٱلصَّلَوٰةَ وءَاتُوا ٱلزَّكَوٰةَ". وما رأيته فى هذا ٱلأمر أنّ ما يدلّ عليه ٱلفعل "قام" هو حركة لفعل ٱلانتصاب وٱلارتفاع فى شىء. وأنّ "ٱلصّلوٰة" هى ذلك ٱلشىء ٱلمطلوب نصبه ورفعه "أقيموا ٱلصَّلَوٰةَ". لغاية محدّدة تجد دليلها فى ٱلفعل "صلو يصلو وصلى يصلى" فهو فى صلو صِدِّيق (ص) موتّدة عصاه (ل) بٱلواو. وفى صلى مؤيّدة عصاه بٱليآء. فٱلتوتيد يدلّ على ٱلثبات فى توجيه عصا ٱلصِّدِّيق إلى ٱلمراقبة وٱلنظر وٱلعلم وٱلحساب وٱلقدرة وٱلإحاطة بٱلشىء ٱلذى يصلوه. وٱلتأييد بيد حرّة (ى) يدلّ على مسئوليّة ٱلصّديق وإرادته فى توجيه عصاه. هذا ٱلدليل للأبجدية جعلنىۤ أفهم أنّ ٱلمطلوب إقامته هو ٱلمراصد بكلِّ ألوانها بدءًا من أبسطها ٱلتى تعتمد على بصر ٱلعين إلى ٱلمبصرات ٱلضوئية كٱلأقمار ٱلصناعية وغيرها ٱلتى ترصد ما فى ٱلأرض وما فى ٱلسّمآء. وهى ٱلوسيلة ٱلتى تجعل مقيمها ٱلصِّديق من ٱلمتّقين ٱلذين يؤمنون بٱلغيب ويعلمون أنّ ٱللّه يعلم ما فى ٱلسّمٰوٰت وما فى ٱلأرض".
وتجد تفصيل ٱلقول فى مقاله "ٱلصلوٰة منهاج وقاية فى ٱلتّكوين" وكتابه "ٱلحكم ٱلرّسولىّ".
نقلت هذا ٱلشاهد من أستاذى وأخى سمير حسن لإيمانى بمنهاجه ٱلِّسانى فىٓ إدراك دليل ٱلكلمات وٱعتمادى عليه فى فهم وإدراك كتاب ٱللَّه ٱلقرءان.
ٱلأيات ٱلّتى رتلتها من سورة ٱلجمعة تطلب من ٱلّذين ءامنواْ وهم ٱلخبرآء وٱلعاملين فى ٱلشئون ٱلتّجارية وٱلمالية فى مجتمع ٱلمدينة ومنهم ٱلمؤمن بٱللَّه وٱليوم ٱلأخر ومنهم ٱلملحد. وقد وقفت عند مفهوم ٱلّذين ءامنواْ فى مقالى (رمضان شهر ٱلإنسان ٱلعالم) فلآ أكرر ٱلقول فيه. فٱلنّدآء موجه إليهم حصرًا من دون ٱلنّاس (يـٰٓأيّها ٱلّذين ءامنواْ إذا نودى للصّلوٰة) ويطلب منهم أن يسعوۤاْ إلى (ذكر ٱللَّه) وأن يقفواْ على سير ٱلعمل ٱلتجارى وٱلمالى (ذرواْ ٱلبيع) عن فهم ودرس ودراية وعلم (إن كنتمـ تعلمون) وهو عمل إن علمواْ به فهو خير لهم (ذٰلكم خير لَّكم). فٱلصّلوٰة لمأرب محدد يقوم به ٱلّذين ءامنواْ وتفصيل ٱلقول فيه هو ٱلسعى لذكر ٱللَّه وٱلوقوف على سير ونشر ٱلعمل ٱلتّجارى وشرطه ٱلعلم وٱلدراية وٱلمعرفة بدليل (ذكر ٱللَّه) وٱلّذى سينجم عنه ٱلخير لهم. فدليل كلمة ذكر من دليل ٱلفعل ذكر ويدلّ على علم ونظر ودرى وأحاط وعرف ودرك وفهم ودرس. وهم هنا ٱلخبرآء ٱلعاملين فى ٱلتجارة وٱلمال فى مجتمع ٱلمدينة ٱلّذىٓ أقامه رسول ٱللَّه بهداية مِّن رّبِّه.
وٱفهم أنّ ٱلصّلوٰة ٱلمطلوب ٱلتوجه إليها من يوم ٱلجمعة هى ٱجتماع للخبرآء ٱلماليين ٱلممثلين لتجّار ٱلمدينة بقيادة رئيس ٱلدولة رسول ٱللَّه لبحث شئون ٱلمدينة ٱلمالية وٱلتجارية وٱلوقوف علىٰٓ أَخر ٱلتطورات وٱلتشريعات فيستمعون للرئيس وهو يقدم تقريره ويتحاورون فى ذٰلك ليخلصوٓا إلى منهاج عمل لسير أعمال ٱلمدينة ٱلتجارية وٱلمالية (بحث ٱلتّقرير ٱلمالى وٱلتّجارى ٱلإسبوعى للمدينة). فٱلكلّ مّسئول وله رأى وقول عليه أن يسعىٰٓ إليه. وهو دليل صلوٱة يوم ٱلجمعة فهىٓ أعمال رصد ومراقبة لشئون ٱلمجتمع ٱلتجارية وٱلمالية يقوم به ٱلرئيس وٱلخبرآء ٱلمختصون فى مجلس ٱلمدينة ٱلاتحادى (مجلس ٱلشورى).
هذا ما فهمته من دليل صلوٰة يوم ٱلجمعة ويؤيده بيان ٱلأية 10 "فإذا قضيت ٱلصّلوٰة فٱنتشرواْ فى ٱلأرض وٱبتغواْ من فضل ٱللَّه وٱذكرواْ ٱللَّه كثيرًا لّعلّكمـ تُفلِحون" فتوكد ٱلأية علىٰٓ أنّ ٱلصّلوٰة كانت من أجل رصد ورقابة أعمال ٱلتجارة فى ٱلمدينة وتطلب منهم بعد تحديد خطة ٱلعمل وٱلإجرآءات ٱللازمة أن ينتشروا فى ٱلأرض للتّجارة وٱلكسب (وٱبتغواْ من فضل ٱللَّه). يستندون فىٓ أعمالهم ٱلتّجارية على ٱلفهم وٱلدرس وٱلدراية وٱلعلم (وٱذكرواْ ٱللَّه كثيرًا) وهىٓ أشراط ٱلفلاح للّذين يلتزمون بها منهم (لّعلّكمـ تفلحون).
أمّا ٱلأية 11 "وإذا رأواْ تجـٰرة أو لهوًاْ ٱنفضّوٓاْ إليها وتركوك قآئمًا قل ما عند ٱللَّه خير مِّن ٱلّلهو ومن ٱلتّجـٰرة وٱللَّه خير ٱلرّٰزقين". وهى ٱلأخيرة فى سورة ٱلجمعة وتبين منهاج ٱلأكثرية ٱلمدّكرة أى ٱلّذين لا يذكرون ٱللَّه ٱلعاطلون عن ٱلحيوٰة ٱلّذين باعوٓاْ أرواحهم للحاكم ٱلفرد وما زالواْ ولسان حالهم يقول ٱليوم (بٱلرّوح بٱلدّم نفديك). فتركوه يرصد ويرقب ويحيط ويقرر وحده فهو ٱلحاكم وهو وحده ٱلمسئول وصاحب ٱلسلطة وٱلقرار وعجلوٓاْ إلى ٱلّلهو وٱلتّجارة كلٍّ يسعى لنفسه غير مكترثين بمسئولياتهم أمام أنفسهم وأمام ٱلنّاس. ونسوا تذكير ٱللَّه لهم بٱلذِّكر ٱلكثير أى ٱلفهم وٱلدرس وٱلدراية وٱلعلم فى شؤون ٱلتّجارة وطلبه منهم أن يكونواْ مسئولين عن كلّ ذٰلك مع رئيسهم يستمعون إليه ويحاورون ويقررون معه أمورهم ٱلتجارية وٱلمالية. فهم تركواْ ٱجتماع ٱلصّلوٰة على ٱلبيع" ٱنفضّواْ" وقد أعاد ٱللَّه لهم ٱلقول بٱلتذكير بأنَّ مّا عند ٱللَّه خير مِّن تركهم للصّلوٱة علىٰٓ أمرٍ يهمهم جميعًا وهم مسئولون عنه (ٱلبيع).
دليل ٱلفعل فضّ جآء فى ٱلبلاغ ٱلمبين "فبما رحمة مِّن ٱللَّه لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ ٱلقلب لٱ نفضُّوا من حولك فٱعف عنهم وٱستغفر لهم وشاورهم فى ٱلأمر" 159 ءال عمرٰن.
ٱلغليظ ٱلقلب ينفضّ ٱلناس من حوله وهو ما دفعه ٱللَّه عن رسوله بٱصلاح قلبه فجعله قلبًا رحيمًا يعفو ويستغفر ويشاور ٱلنّاس فىٓ أمورهم.
فلماذا ٱنفضّوا من حوله يوم ٱلجمعة؟ وما دفعهم إلى تركه قآئمًا وحده وٱنفضاضهم إلى ٱلتّجارة وٱلّلهو؟
لقد بيّن ٱلبلاغ أنَّ إقامة ٱلصّلوٰة تقترن بٱلصّبر وهو ماجآء فى ٱلبلاغ
"يـٰٓأ يّها ٱلَّذين ءامنواْ ٱستعينواْ بٱلصَّبر وٱلصّلوٰة إنَّ ٱللَّه مع ٱلصَّـٰبرين" 153 ٱلبقرة.
"وٱستعينواْ بٱلصَّبر وٱلصّلوٰة وإنَّها لكبيرة إلاّ على ٱلخـٰشعين" 45 ٱلبقرة.
"قد أفلح ٱلمؤمنون(1) ٱلَّذين هم فى صلاتهم خـٰشعون(2) " ٱلمؤمنون.
"إلاّ ٱلمصلِّين(22) ٱلَّذين هم علىٰ صلاتهم دآئمون(23)" ٱلمعارج.
"رجال لاّ تليههم تجـٰرة ولا بيع عن ذكر ٱللَّه وإقامـ ٱلصّلوٰة وإيتآء ٱلزَّكوٰة يخافون يومًا تتقلَّب فيه ٱلقلوب وٱلأبصـٰر" 37 ٱلنّور.
فمن لم يستطع أن يصبر ويخشع لا يصلى وتكون عليه كبيرة فينفضّ بحدوث أى طارق من لّهو أو تجارة . فلا يكون من ٱلمؤمنين.
ٱلمؤمنون هم ٱلخاشعون وٱلصّابرون وٱلدآئمون على صلاتهم. ٱلّذين لا تليههم تجارة أو بيع عنها حتى تُقضى. وهو مآ أدركته من بيان ٱختلاف ٱلفئتين (ٱلمؤمنين وٱلّذين ءامنواْ) فى كتاب ٱللَّه ٱلقرءان. فٱلّذين ءامنواْ هم ٱلّذين ٱنفضّواْ لنقص ٱلصبر وٱلخشوع فلم يستطيعواْ ٱلدوام عليها فتركوه قبل أن تُقضى يقيمها وحده بسبب لهوهم عنها. وٱلسبب على مآ أرى هو سيطرة منهاج ٱلطّاغوت على قلوبهم فهم لا يعرفون إلاّ سلطة فرد واحد أحد هو ٱلمسئول وبيده وحده ٱلقرار. فكأنى بهم يقولون له كما يقول خلفهم ٱليوم لصاحب ٱلسلطة سمعًا وطاعةً لكلِّ ما تراه وتقوله فٱعفنا من ذلك. أو لستَ صاحب ٱلأمر فلك أن تقرر ما تشآء وستجدنا من ٱلطّآئعين. فلا يريدون أن تكون لهم مسئولية صنع ٱلقرار ومراقبة أعمال رئيس ٱلسلطة ومشاركته فى ٱلأمر. وهو ما يفسر رفضهم ٱليوم للديمقراطية وٱلفيدرالية وسيادة ٱلطاغوت فى حياتهم.
أمّا ٱلكهنوت ٱلّذى يزعم علمًا فى ٱلشريعة فى كتاب ٱللَّه فقد جآء بقولٍ لاّغٍ نجم عنه ضياع صلوٰة يوم ٱلجمعة بتحريفة ولغوه فى دليل كلمة صلوٰة وقد سطّرواْ تحريفهم ولغوهم فى كتبهم ٱلّتى زعموٓاْ أنّها شريعة ٱللَّه ٱلّتىٓ أنزلها للنّاس وهم ٱلقآئمون عليها وما على ٱلنّاس إلآّ ٱلطّاعة لما يقولون. فزعمواْ بأنّ لِّلصّلوٰة من يوم ٱلجمعة أحكامًا وأشراطًا سطّروها فى كتبهم ٱلمزعومة. فلم يُبقِ ٱلكهنوت منها إلاّ هيئة دخانية لا تُعلم حدودها فنرى فيهآ أثرًا منها فى ٱلخطبيتين وقد حرفواْ مضموم ما فيهمآ أيضًا. ولهم فيهآ أقوال متناقضة تناقض مذاهبهم وأحزابهم. ٱنقل شاهدً مِّن كتاب (فقه الشريعة ج1) لمحمد حسين فضل ٱللَّه قبل ٱلقول فيه.
المبحث الأول: في صلاة الجمعة:
تمهيد:
تعتبر صلاة الجمعة من أهم شعائر الإسلام، قال اللّه سبحانه وتعالى: (يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا إذَا نُودِيَ للصَّـلاةِ مِنْ يومِ الجُمُعةِ فَاسْعَوا إِلى ذِكْرِ اللّه وذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُم خيرٌ لكُم إِنْ كُنتُمْ تَعْـلَمُونَ) [الجمعة:9].
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما مِنْ قَدَمٍ سَعَتْ إِلى الجُمُعةِ إلاَّ حَرَّمَ اللّه جَسَدها عَلَى النَّارِ".
وتحتل صلاة الجمعة موضع صلاة الظهر ضمن تفصيلات تأتي. وقد ميّز اللّه سبحانه وتعالى صلاة الجمعة عن سائر الصلوات اليومية بأنْ أوجب أداءها ضمن جماعة، وأمر بتوحيدها في كلّ منطقة، ولم يسمح بالتأخر عن حضورها إذا أقيمت إلاَّ لأعذار خاصة. وبذلك كانت صلاة الجمعة تعبّر عن اجتماع أسبوعي موسع لعامة المصلين والمؤمنين، يبدأ بالموعظة والتثقيف ضمن خطبتي صلاة الجمعة، وينتهي بالعبادة والتوجه إلى اللّه ضمن الصلاة نفسها.
وصورتها ركعتان كصلاة الصبح تماماً، إلاَّ أنَّ المصلي ينوي بها أن يصلي صلاة الجمعة قربة إلى اللّه تعالى، وتتميّز عن صلاة الصبح بأنَّ من المستحب فيها قنوتين: أحدهما قبل الركوع من الركعة الأولى والآخر بعد الركوع من الركعة الثانية.
-شروط صلاة الجمعة:
لا تقع صلاة الجمعة صحيحة إلاَّ إذا أُتِيَ بها مستكملة لشروطها، وهي أمور:
الأول: أن تؤدى جماعة. وعليه، فإنه يجب أن يتوفر في صلاة الجمعة كلّ ما هو شرط لصحة صلاة الجماعة كما مرّ.
الثاني: أن لا يقلّ عدد المشتركين في جماعة الجمعة عن خمسة أحدهم الإمام، فإن لم يتواجد إلاَّ أربعة أو أقل لم تصح منهم صلاة الجمعة وصلوا صلاة الظهر، ولا يشترط فيهم أن يكونوا ممن وجبت عليهم صلاة الجمعة واجتمعت فيهم الشروط، بل يحسب من العدد مثل المرأة والمسافر والمريض لو حضروها.
الثالث: أن تسبقها خطبتان من قبل إمام صلاة الجمعة، وذلك بأن يقوم الإمام خطيباً، فيحمد اللّه، ويثني عليه، ويوصي بتقوى اللّه، ويقرأ سورة من الكتاب العزيز، وبعد ذلك يجلس قليلاً ثُمَّ يقوم خطيباً مرة ثانية، فيحمد اللّه ويثني عليه، ويصلي على محمَّد وعلى أئمة المسلمين، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، وبعد ذلك يبدأ بالصلاة. ويجب على الإمام في الخطبتين أن يرفع صوته على نحو يسمعه عدد من المأمومين، ولا يجب أن يكون غير القرآن من عناصر الخطبة باللغة العربية، وإن كان ذلك أحسن وأحوط استحباباً، وإذا كان المأمومون لا يفهمون اللغة العربية فعلى الإمام أن يعظهم باللغة التي يفهمونها.
م ـ 878: ينبغي في الخطبة الثانية، عند التحدّث عن تقوى اللّه تعالى، الدعوةُ إلى العدل والإحسان والوحدة والإصلاح بين النّاس والتعرّض لقضايا المجتمع العامة والمصيرية في شؤون السياسة والاقتصاد، وما يمسّ العالم الإسلامي من قضايا وأوضاع، ونحو ذلك مما يحرّك الوعي الشامل في الأمّة ويساهم في تثقيفها وتعريفها بمشاكلها وحلولها الناجعة، لتستطيع مواجهة التحدّيات من موقع الوعي الشامل، لأنَّ صلاة الجمعة تمثّل الصلاة العبادية الاجتماعية السياسية في فكر الإسلام وشريعته.
م ـ 879: يجب الإصغاء إلى الخطبتين على الأحوط، بل الأقوى، ويشمل ذلك جميع الخطبة لمن يفهم معناها، كذلك لا يجوز التكلّم أثناء الخطبة.
م ـ 880: يجب على الخطيب القيام عند إلقاء الخطبة، ولذلك لا بُدَّ من اختيار الخطيب القادر على القيام، فإن لم يتيسر جاز له إلقاؤها جالساً، فإنه عند العجز يسقط شرط القيام لا وجوب الصلاة.
-حكم صلاة الجمعة:
تجب إقامة صلاة الجمعة وجوباً حتمياً في حالة وجود سلطان عادل يمارس السلطة فعلاً بصورة مشروعة، ويقيم العدل بين الرعية، وهو الإمام المعصوم (ع) أو نائبه الخاص المنصوب من قبله. وهذا الحكم الأول لصلاة الجمعة يعبّر عنه بالوجوب "التعييني" لإقامة صلاة الجمعة.
أمّا في حالة عدم توفر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضاً، ولكنَّها تجب على وجه التخيير ابتداءً، وتجب على وجه الحتم انتهاء، وذلك أنَّ المكلّفين في هذه الحالة يجب عليهم أن يؤدوا الفريضة في ظهر يوم الجمعة، إمّا بإقامة صلاة الجمعة جماعة على نحو تتوفر فيها الشروط السابقة، وإمّا بالإتيان بصلاة الظهر، وأيهما أتى به المكلّف أجزأه وكفاه، غير أنَّ إقامة صلاة الجمعة أفضل وأكثر ثواباً. وهذا هو الحكم الثاني لصلاة الجمعة ويعبّر عنه بالوجوب "التخييري" لإقامة صلاة الجمعة، وإن كان للقول بوجوبها التعييني ـ مع توفر الشروط وانتفاء الموانع ـ وجه.
فإن اختار خمسة من المكلّفين إقامة صلاة الجمعة امتثالاً للحكم الثاني، وكان فيهم شخص عادل يصلح أن يكون إمام جماعة، فقدّموه ليخطب بهم ويصلي صلاة الجمعة وأقاموها على هذا النحو وجب على سبيل الحتم والتعيين على المكلّفين بها الحضور والاشتراك في صلاة الجمعة، لأنَّ إقامتها نداء لصلاة الجمعة، وإذا نودي لصلاة الجمعة وجب السعي إلى ذكر اللّه، وهذا هو الحكم الثالث لصلاة الجمعة، ويعبر عنه بالوجوب "التعييني" لحضور صلاة الجمعة.
م ـ 885: كما يجب حضور الصلاة كذلك يجب حضور الخطبتين والإصغاء عند الحضور أيضاً، ولو تقاعس شخص عن السعي إلى صلاة الجمعة ففاتته الخطبة وأدرك الصلاة صحت منه.
فى ٱلسّطر ٱلأول يزعم بأنّ صلوٰة ٱلجمعة من أعظم شعآئر ٱلإسلام وبلغوه وتحريفه لمفهوم ٱلصّلوٰة وجعلها من ٱلشعآئر أضاع ٱلصّلوٰة كما سنرى.
فهل جآء فى ٱلبلاغ قول يؤيد مازعمه علىٰٓ أنّ ٱلصّلوٰة من ٱلشعآئر؟.
"إنَّ ٱلصَّفا وٱلمروة من شعآئر ٱللَّه فمن حجَّ أو ٱعتمر فلا جناح عليه أن يطَّوَّف بهما ومن تطَّوع خيرًا فإنَّ ٱللَّه شاكر عليمـ " 158 ٱلبقرة.
"يـٰٓأيُّها ٱلَّذين ءامنواْ لا تَحلُّواْ شعآئر ٱللَّه ولا ٱلشّهر ٱلحرام ولا ٱلهدى ولا ٱلقلـٰٓـءِـد ولآ ءامِّين ٱلبيت ٱلحرام يبتغون فضلاً مِّن رَّبِّهم ورضوٰنًا" 2 ٱلمآئدة.
"ذٰلك من يعظّم شعآئر ٱللَّه فإنَّها من تقوى ٱلقلوب" 32 ٱلحج.
"وٱلبدن جعلنـٰها لكمـ مِّن شعآئر ٱللَّه لكمـ فيها خير فٱذكرواْ ٱسم ٱللَّه عليها صوآفَّ" 36 ٱلحج .
لآ أرى فى ٱلشعآئر أى دليل على ٱلصّلوٰة وإقامتها فى ٱلأيات ٱلَّتى رتلتها. فٱلشعآئر من أعمال ٱلحج حصرًا كما تبيّنه ٱلأيات .
ويستمر فى لغوه وتحريفه لمفهوم ٱلصّلوٰة فيزعم بأنَّ ٱلصّلوٰة لعامة ٱلمصلِّين وٱلمؤمنين وهم عنده ٱلّذين ءامنواْ (وبذلك كانت صلاة الجمعة تعبّر عن اجتماع أسبوعي موسع لعامة المصلين والمؤمنين). فعلى ما يبدوٓ أنَّ ٱلمصلَّين غير ٱلمؤمنين عنده وهم غير ٱلّذين ءامنواْ فى كتاب ٱللَّه. وصلوٰة ٱلجمعة لهم حصرًا وهو قول ٱلأية 9 ٱلجمعة.
فعن أى صلوٰة ينادى من يوم ٱلجمعة؟
وهـٰٓؤلآء ٱلمصلّين وٱلمؤمنين ٱلذّكور ٱلواجب عليهم ٱلحضور لصلوٰة ٱلجمعة يُستثنى منهم ٱلنِّسآء لعدم وجوبها عليهنَّ كما يزعمون. ءلأنَّها ليست من ٱلمصلّين وٱلمؤمنين؟ أم مّاذا؟!!
وبعد فٱلّلغو وٱلتحريف طال ٱلخطبيتين وهى كمآ أرى ٱلشىء ٱلوحيد ٱلّذىٓ أبقاه لغو ٱلطّاغوت وكهنوته ٱلمجنون من هيئة ٱلصّلوٰة ولـٰكنَّهم جعلواْ لهمآ أشراطًا وأحكامًا مّآ أنزل ٱللَّه بها من سلطان. فٱلخطبتان واجبتان وعلى ٱلإمام ٱلإتيان بهما قبل ٱلصّلوٰة ٱلمزعومة.
وبٱلرّغم من وجوبهما إلّآ إنّهما غير ٱلصّلوٰة ويجب ٱلإستماع وعدم ٱلكلام وٱلمقاطعة ٱثنآء ٱلخطبتين ولا حوار ولا رأى فيما يقوله ٱلإمام بعد ذٰلك. فٱلسمع وٱلطّاعة هو ٱلمطلوب. وهو ٱلنّقيض ممّآ أراده ٱللَّه من ٱلّذين ءامنوٓاْ أن يفعلوه "فٱسعوٓاْ إلى ذكر ٱللَّه وذرواْ ٱلبيع ذٰلكم خير لكم إن كنتمـ تعلمون". وهو ما عمل عليه طاغوت قريش ليجعل ٱلنّاس عبيدًا له ما عليهم إلاّ ٱلسّمع وٱلطاعة وما يزالون يعملون عليه فيقطعون سبيل ٱللَّه أمام ٱلنّاس فى مجتمع مّدينىّ لّلفرد ٱلإنسان ٱلمسئولية فى صنع ٱلقرار من رصد ورقابة وتوجيه لأعمال ٱلسلطة ورئيسها. وزعمواْ بوجوب إقامتها لفرد مِّن ٱلنّاس وأشرطوٓاْ أن يكون عادلاً! حتى ولو كانواْ خمسة أفراد من ٱلمصلّين وٱلمؤمنين ٱلذّكور. فأضاعواْ صلوٰة ٱلجمعة وضاع دليلها فنجم عنه ذل وضعف وفقر وهو ما يعمل عليه ٱلطاغوت وكهنوته ٱلمجنون ليل نهار لدوام صيطرتهم على قلوب ٱلنّاس. فهل من قلوب يفقهون بها ليطهّروها من لّغو وتحريف قريش فيدركون كتاب ٱللَّه ٱلقرءان بأنفسهم؟ أم على قلوب أقفالها؟
اجمالي القراءات
6846
ولك تقديرى ومحبتى
سمير حسن