تفتح الستارة على مظاهرات تهتف بسقوط الحُكم الديني، ولافتات تدعو لعودة المحكمة الدستورية والقضاء المدني، وأفواج من المارين تهتف ضد الفقر والغلاء، ومشهد لمذيعة تلفزيونية تتحدث مع بعض المتظاهرين وكان هذا قولهم:
الأول غاضبا وملوّحا بيديه: إحنا جايين هنا عشان نسقط تجار الدين، الشيخ فالح وبتوع حزب الرحمة دول مايعرفوش ربنا.
الثاني بهدوء وكان فلاحاً: إحنا مش عارفين نعيش ياأستاذة، شيكارة الكيماوي بقت ب200 جنيه، هانجيب منين والأسعار مولعة.
الثالث وكانت بنت جامعية بلهجة غاضبة: أنا عايزة اعرف هما بيحلّوا المحكمة الدستورية ليه؟!..المحكمة دي هي الرابعة ع العالم، هما حلّوها عشان يطبقوا الدولة الدينية اللي بيضحكوا بيها ع الغلابة، زمان كان الاستبداد مهما حصل كان بعيد عن الدين، والفتن كانت معدومة، أما دلوقتي بقى الاستبداد بالدين ومش هانعرف نقول حاجة غير اللي بيقولوها الشيوخ، وهما أساساً مختلفين، يعني البلد داخلة على إيدين الناس دول على كارثة، حسبي الله ونعم الوكيل.
صوت المسرح والمظاهرات يعود مرة أخرى مع موسيقى تصويرية تناسب الحدث مع تجهيز لنشرة الأخبار، يخرج قارئ النشرة ويتلو هذه الأخبار.
-ملايين المواطنين ينتفضون ضد الفقر والاستبداد ، ومواجهات شعبية مع الأمن في أماكن متفرقة في أنحاء البلاد، وردود أفعال عالمية تطالب الحكومة بضبط النفس.
-رئيس حزب التنوير الدكتور البرلسي يطالب الرئيس بالتنحي
-وزير الدفاع يعطي مهلة أسبوع للتوافق حفظاً للأمن القومي للبلاد، ويقول أن الجيش سيتدخل برعايته لمرحلة انتقالية إذا لَزِم الأمر.
-الشيخ فالح يرفض ما أسماه.."تهديدات الجيش ضد الشرعية"..ويقول أن الحزب مستمر في برنامجه وأن الرئيس يستمع لمطالب شعبه فلا داعي للمظاهرات.
يدخل الحكواتي بعد انقطاع النشرة:..(أجواء ثورية بمعنى الكلمة ، وبعد خطاب وزير الدفاع زادت تلك الجُرعة الثورية إلى مستويات وصل فيها الاحتجاج إلى كل شبر من أرض الوطن، تمر المهلة يوماً بعد يوم والحكومة لا تستجيب لمطالب الشعب، ويبدو أن الجيش قد اتخذ قراره الحاسم)..
مشهد لرجل عسكري يصعد إلى المنصة ويلقي البيان:
أنه وبعد أن شعرت القوات المسلحة بالخطر على الأمن القومي للبلاد، فقد لزم علينا التدخل كواجبِ وطني يفرض على الجميع التنازل لصالح الوطن وللحفاظ على مقدراته، وقد أعطينا مهلة للتوافق السياسي والاستجابة لرغبات الشارع، ولكن لم تستجب الإدارة العامة للبلاد...وعليه نعلن عن إجراءات أولية تهدف لنزع فتيل الأزمة وحقن الدماء والتصدي للأخطار المحدقة على أمننا القومي..
نعلن.. إلغاء قرار حل المحكمة الدستورية والقضاء المدني واعتباره كأنه لم يكن، حل مجلس النوّاب وإخضاع سلطاته التشريعية للرئيس، تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيساً للبلاد في فترة انتقالية لا تتجاوز العام يجري فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية...والله الموفق والمستعان.
مشهد فرحة عارمة للمتظاهرين وأجواء احتفالية في كل مكان، ولقاءات مع المواطنين يعبرون فيها عن فرحتهم للتخلص من حكومة حزب الرحمة.
على الجانب الآخر:مشهد للشيخ فالح وأعضاء حزبه يبدو على وجوههم الحُزن، ولكن يصعد الشيخ فالح للمنصة ويخطب هذه الخطبة وبصوتٍ مرتفع تملأه الحماسة:
أيها المسلمون إنها الحرب على الإسلام، إنها الحرب على الشريعة والقرآن، إنه الانقلاب العسكري المرتد، نحن فداءً لديننا، لن نترك بلادنا للأوغاد، انصروا الشريعة يامؤمنين..
ثم هتاف للمؤيدين: يسقط الجيش..يسقط الانقلاب العسكري..تحيا الشرعية
يُعاود الشيخ فالح الحديث: ها نحن قد قررنا الاعتصام في هذا المكان، فلتأتوا إلينا يامسلمين، نحن في ميدان.."رابعة"..ولن نغادره إلا بعد عودة الرئيس ..والشرعية..وأن يكف أعداء الإسلام عن اعتداءاتهم على الدين..
ثم مشهد لنصب الخيام للرجال والنساء، ولافتات عليها صور الرئيس المعزول،مع وجود مجاميع على المسرح تؤدي الصلاة وتدعو لعودة الرئيس، وتدعو بالهلاك على المعارضة وبالأخص حزب التنوير وزعيمه الدكتور.."طاهر البرلسي".
أنباء في الإعلام عن أسلحة في الاعتصام، وتهديدات من الأمن بالفض..وتهديدات مماثلة من فوق منصة الاعتصام بأن الأمن لا يستطيع الفض ، وخطب متوالية تعلن كفر المجتمع والأمن، وخطب مماثلة تعلن الجهاد في سبيل الله كطريق لعودة الرئيس المعزول.
مشهد اقتحام قوات الأمن للاعتصام وأصوات نارية وسقوط ضحايا من الشرطة والمعتصمين المسلحين، وسيطرة للأمن على الميدان وانسحاب كامل لبقية المعتصمين.
تؤدي سرعة الأحداث على المسرح إلى هرج ومرج بين المدنيين ثم ظهور وحيد لقوات الأمن وتفقدهم للخيام وضبطهم للسلاح الثقيل والخفيف، وأصوات بكاء هستيري تنضح من على المسرح ندباً للضحايا وعلى الاعتصام، وبيان للأمن يعلن فيه إنهاء كافة الاعتصامات وأشكالها في أنحاء البلاد.
مشهد للشيخ فالح وسط الأتباع يبكي وعلى ملابسه آثار الدماء، ثم اعتقال قوات الأمن له بعد فترة وجيزة ومعه بعض الرجال، ثم نداء الأمن للبقية بتسليم أنفسهم وإلا تعاملوا بالقوة، يخرج العديد من الرجال رافعين أيديهم مستسلمين، تدفعهم قوات الأمن نحو عربات الشرطة...
ثم أصوات تخفت شيئاً فشيئاً حتى يعم الصمت كافة أرجاء المسرح، يخرج الدكتور طاهر البرلسي ومعه بعض الشباب، يتبادلون التهاني ويرفعون شعارات مؤيدة للأمن وللجيش، يخطب فيهم الدكتور طاهر قائلاً:
أيها السادة والسيدات ..نحمد الله على أننا استطعنا اجتياز هذه المحنة، وقد كلل الله جهودنا في الشوارع والميادين بنصرٍ عظيم على دعاة التخلف والفتنة، من الآن نحن مشاريع ثقافية وسياسية على الأرض، لن نكتفي بالحوار الساذج في الغرف المغلقة، سننزل إلى رجل الشارع، سنشرح له معنى الدين ومعنى السياسة، سنحاول تربية الناس على صحيح الأديان واستقامتها مع العقل، سنربي أولادنا على الأخلاق والتواضع، فمتعة الأديان أن تكون للنفس حظُ منها قبل دعوتها للآخرين...سننُشئ جيلاً ينتمي إلى الدولة والوطن قبل كل شئ، فديننا لأنفسنا أما وطننا فهو للجميع.
أصوات مبتهجة تحيي الدكتور طاهر على خطابه ثم إغلاق تام للمسرح وانطفاء كامل للأضواء ، وظلام دامس يعم أرجاء المكان، وأصوات من بعيد تُشبه أصوات الموالد وحفلات الأولياء..ثم إضاءة متدرجة للمسرح يظهر عليه مجموعة من الملتحين يبكون ويصرخون ويجلدون ظهورهم ، ومناظر لنساء متشحات بالسواد يلطمن خدودهن ويَنشدن.
حُزني عليكي يارابعة...قد السنين
مشورانا طويل ...قتلوه في يومين
يااارابعة ياااارابعة.. ياضي العين
هانعيش ليكي...........مخلصين
آدي الناس يارابعة.....طلعت قوية
قتلونا بسلاحهم....كنتي ليه مخبية
هو احنا ليه..... دايماً مكروهين
الخير والحق......معادش موجود
دا حتى قوتهم........هدّت سدود
سدود كانت بتحمينا..وبتطلب وجود
ليه يارابعة.........احنا مظلومين
هو احنا ليه...... دايماً مكروهين
حزني عليكي يارابعة...قد السنين
هانعيش لذكراكي..........بحنين
وهانفضل نحيي......بأمل كبير
أرواح كانت.......شُهدا المصير
ومش هانطلب ...من شيخ ولا أمير
حقنا هانجيبه بإيدينا
ولو بعد مليون سنة
ياغالية يارابعة يارابعة
ثم مشهد لطم وعويل النساء ، وندب وبكاء الرجال
يدخل الحكواتي:
وتوتة توتة فرغت الحدوتة.
اجمالي القراءات
8873