الدولة المدنية و فصل الدين عن السياسة؟

عمرو اسماعيل Ýí 2007-01-31


هل يعني فصل الدين عن الدولة و السياسة .. أن يكون المسئول غير متدين؟
أو تعني هذه الجملة أن الدولة المدنية التي تفصل الدين عن الدولة سيكون المسئول أو المواطن فيها فاسقا..
هل تعني الدعوة لفصل الدين عن الدولة وأن يكون الدين لله والوطن للجميع أن ننحي الدين جانبا من حياتنا أو تعني دعوة الي الفسق والفجور مثلما يقول البعض عن هذه الدعوة مهاجمين أنصار الدولة المدنية ..

المزيد مثل هذا المقال :

العكس هو الحقيقة تماما ..
فصل الدين عن السياسة أو الدولة لا يعني أبدا ولم يعني فصل الدين عن الحياة ..
المعني الحقيقي لفصل الدين عن السياسة ببساطة عند أنصار هذه الدعوة هو التالي :
عندما يختار أي منا مرشحا لأي منصب يجب أن يختاره لأنه قدوة وذو سمعة جيدة ويرفع برنامجا واضحا .. وليس لأنه يرفع شعارا مكتوب عليه أنا متدين ..
ولتبسيط الأمر ..
في الدول التي تفصل الدين عن الدولة .. قد يتقدم لأي منصب ثلاثة مرشحين .. أحدهم يتقدم ببرنامج اشتراكي وأخر ببرنامج اقتصادي ليبرالي وثالث ببرنامج وسطي .. والثلاثة مرشحين قد يكون كل منهم متدين يؤدي تعاليم دينه ويذهب للصلاة في المسجد أو الكنيسة .. أو علي الأقل يجب أن تكون سمعته جيدة .. ولا يجب أن يرفع أي منهم راية تزايد علي دين الآخر ..
عندها سيكون المواطن قادرا علي اختيار المرشح الذي يحقق له مصلحته أو يقنعه بفكره ..
عندما لا نفصل الدين عن الدولة .. سيجد أي منا نفسه يرفض مرشحا قبطيا مثلا .. رغم كفاءته وسمعته الحسنة وقدرته علي تحقيق البرنامج الذي ترشح علي أساسه .. وينحاز الي مرشح آخر أقل منه كفاءة لمجرد أنه يقابله في المسجد .. والعكس صحيح ..

ولعل العراق خير مثال .. فأهل العراق قد اكتووا بنار الاستغلال الكامل للدين في السياسة ..
فالشيعي هناك يختار مرشحه ليس بناء علي مقياس الكفاءة ولكن بناء علي مقياس المذهب والسني يفعل المثل والكردي والمسيحي .. ونحن جميعا نري ماذا حدث وماهي النتيجة..

صدقوني مهما كانت كفاءة أي مرشح لأي منصب .. سواء كان عضوية مجلس نقابة أو عضوية مجلس الشعب أو حتي منصب رئيس الجمهورية .. لو دخل أي انتخابات حرة أمام مرشح يحمل شعارات دينية تجعل البسطاء يعتقدون أنه يمثل الاسلام أو أنه يمثل المسيحية وقد يكون فعلا متدينا ولكنه لا يحمل برنامجا سياسيا واضحا .. سيخسرالمرشح الكفؤ هذه الانتخابات إن لم يبدأ في المزايدة لإثبات أنه أكثر تدينا وقل علي البرنامج الحقيقي السلام ...

ولنبسط الأمر أكثر .. جماعة الإخوان وبعد ثمانين عاما ونتيجة الضغوط عليها .. بعد ثمانين عام! مازالت تدرس الآن فقط إعلان برنامجها السياسي .. لأنها لم يكن لها قط برنامج سياسي حقيقي .. بل مجرد شعارات عامة تبتز مشاعر المواطنين المتدينين ..
يا سادتي .. في معظم عصور الخلافة الاسلامية بعد الخلافة الراشدة .. وفي كل هذه العصور كان الحاكم يقول أن مرجعيته هي الاسلام .. فهل كان كل المسئولين في هذه العصور متدينين .. هل كان الحاكم متدينا .. هل كان يزيد بن معاوية متدينا أو السفاح العباسي أو الحجاج أو قراقوش ..أو أو ..
فصل الدين عن السياسة معناه فقط هو عدم استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية .. عدم رفع شعارات دينية في تنافس سياسي ..
عدم كتابة خطاب سياسي يبدأ بالبسملة وآية من القرآن .. ثم مجموعة من الأكاذيب بعد ذلك ..

فصل الدين عن السياسة والدولة المدنية تعني أن يكون التشريع هو مسئولية المجلس التشريعي بناء علي نصوص الدستور وأن ن من يحكم في دستورية القوانين هو المحكمة الدستورية العليا وليس مجموعة من الفقهاء أو رجال الدين .. والسلطة التنفيذية مهمتها تنفيذ هذه القوانين وتحقيق برنامجها السياسي الذي يحترم هذه القوانين سواء كان رئيس هذه السلطة مسلما أو مسيحيا .. رجلا أو امرأة ..
فهل هذا ماتقوله جماعة الإخوان رغم كل الإجابات الملتوية .. لنري رأي عضو مجلس شعب يمثلها في حوار منشور علي موقعهم في هذه القضية وردا علي سؤال واضح :

د. محمد مرسي في حديث الساعة حول مدنية الدولة وحزب الإخوان
فما رؤيتكم مثلاً لوضع الأقباط والأحزاب والمرأة وتداول السلطة والحريات العامة والخاصة في ظل الدولة الإسلامية؟
** كما سبق وأن أشرتُ أننا نتحدث عن الحكم الإسلامي الذي ينطلق من الشريعة الإسلامية، وهذه الشريعة وضعت أحكامًا واضحةً لكل القضايا وكل الفئات؛ ولذلك فإنه في ظل الدولة الإسلامية فإن الأمر يرجع لأهل الاختصاص، وللإسلام علماء متخصصون في كل المجالات وهناك مؤلفات ومراجع، وآراء فقهية محترمة في سياق منهج أهل السنة والجماعة حول هذه القضايا والنقاط، وجماعة الإخوان المسلمين كهيئةٍ إسلاميةٍ جامعة لا تنتهج مذهبًا فقهيًّا بعينه، وإنما تُحيل مثل هذه القضايا إلى أهل الاختصاص فيها، وهم كثيرون في المجتمع وثقاتٌ وعدولٌ، ومن هذه الآراء والدراسات والمبادئ الأساسية يستقي الإخوان آراءَهم في هذه القضايا، وقد سبق أن أعلنت الجماعة في وثائق مدوَّنة ومنشورة عن رأيها في قضايا التعددية السياسية والمرأة والأحزاب وغيرها من القضايا الأخرى.

اي أن الذي يحكم في قضايا هامة مثل وضع الأقباط وتداول السلطة والحريات العامة والخاصة في ظل الدولة التي تنادي بها جماعة الإخوان ليس القانون والدستور ومجلس الشعب .. بل أهل الاختصاص والعلماء المتخصصون .. تحال هذه الأمور الهامة الي علماء الدين المتخصصين وليس للقانون والدستور ومجلس الشعب .. إن لم تكن هذه هي الدولة الدينية فماذا تكون .. واي حزب مدني يدعون أنهم يريدون تكوينه ..
هذا مايريد أن يدفعنا اليه الإخوان إن لم نفصل الدولة عن الدين ونؤكد علي مدنية الدولة وأن الدين لله والوطن للجميع .. كهنوتية جماعة الإخوان ومن يعتبرونهم أهل ثقات وعدول من أهل الاختصاص(المرشد وأعضاء مكتب الارشاد) .. وهي كهنوتية لا تفرق إطلاقا عن كهنوتية الكنيسة في العصور الوسطي ..
هذا معني فصل الدين عن السياسة ودولة المواطنة .. الدولة المدنية ليس معناها أبدا منع أي مواطن أو منع أي مسئول كمواطن أن يكون متدينا يقيم الصلوات الخمس ويصوم و يزكي ويحج الي بيت الله الحرام أو أن يذهب الي الكنيسة كل أحد إن كان مسيحيا .. ليس معناها عدم التمسك بالدين ومبادئه ومباديء الاخلاق ..
الدولة المدنية تعني سيادة القانون علي الجميع بدون تمييز .. القانون الذي تشرعه السلطة التشريعية وتحكم به السلطة القضائية وتنفذه السلطة التنفيذية والسلطة الوحيدة المنوط بها الحكم علي دستورية أي قانون هي المحكمة الدستورية العليا ..
الدولة المدنية ودولة المواطنة .. تعني أن كل مواطني هذه الدولة متساوون تماما أمام هذا القانون بصرف النظر عن الدين والمذهب والجنس واللون والأصل أو العرق ... جميعا لهم نفس الحقوق والواجبات ..
الدولة المدنية ودولة المواطنة يجب أن تفصل الدين عن الدولة ..أن يكون فيها الدين لله والوطن للجميع .. وأي التفاف حو هذه الحقائق البسيطة معناه أنه يدعو الي دولة غير مدنية ليس للمواطنين فيها حقوق غير متساوية وهي ليست دولة مواطنة ..
مهما حاول الإخوان ممارسة التقية فمايدعون اليه ليس الدولة المدنية وبالتأكيد ليست هي دولة المواطنه ..
فلماذا لا تكون عندهم الشجاعة لتسمية الأشياء بأسمائها ..

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 12767

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   Inactive User     في   السبت ٠٣ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2069]

معذرة يا دكتور عمرو عن تأخر تعليقى

أخى وصديقى العزيز د عمرو إسماعيل
معذرة على تأخرى على التعليق على مقالكم القيم وسبب إعتذارى معروف لك وهو أننى الذى طلبت منك تحويل التعليق الجميل الذى يحمل نفس العنوان إلى مقال متكامل وقد تفضلت مشكورأ بتلبية ندائى فسعدت بذلك وسعدت بمقالك أكثر وخاصة أننى من أول من ينادى بالدولة المدنية التى يكون فيها الدين لله تعالى وحده يحاسب العباد عليه فى يوم تشخص فيه الأبصار ويبقى الوطن للجميع شركاء فيه فى كل شىء بدأ من صياغة قوانينه التى ستحكمه غير مفرقين هنا بين مواطن وآخر بسبب دينه أو جنسه أو لونه أو عرقه أو عقيدته أو منهجه أو رأيه فالكل على تراب الوطن سواسية كأسنان المشط لا يفرق بينهم غير ما يقدمون من جهد وعرق وما يبذلونه من أجل رفعة هذا الوطن فى كل مجالات العلم والسياسة والإجتماع والبحث والإقتصاد وغيرها , علمأ بأن الدولة المدنية تحفظ لكل إنسان حقه فى كل ممارساته الدينية والعقائدية بكل حرية ولكنها تقف فى وجهه بكل حزم عندما يتكلم باسم الله العظيم أو يجعل من نفسه قيمأ على البلاد والعباد أو يعتقد أنه الملهم الذى يجب على الجميع السير خلفه وتدبر منهجه , فهنا وهنا فقط تقف الدولة المدنية فى وجه كل متاجر بالدين وكل من يقوم بوضع مقاييس للإيمان والتقى والصلاح على مزاجه هو ويحاول تطبيقها بالقوة أو الإرهاب أو التخويف على الآخرين فهذا ما ترفضه الدولة الدينية وتقف فى وجهه بكل حزم وقوة
أشكرك مرة أخرى على مقالك الممتاز كعادتك
وكل عام ومصر الغالية والمواطن المصرى العظيم بخير وأمن ووفرة وسعادة
يارب العالمين


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-30
مقالات منشورة : 131
اجمالي القراءات : 1,408,383
تعليقات له : 1,140
تعليقات عليه : 798
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt