هآرتس»: الصين بدأت مرحلة ما بعد كورونا.. فكيف سيبدو العالم؟

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢٧ - مارس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


هآرتس»: الصين بدأت مرحلة ما بعد كورونا.. فكيف سيبدو العالم؟

نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مقالًا للكاتب الصحفي عوفري إياني يتحدث فيه عن فترة «ما بعد كورونا»، ويحذر مَن يتخيلون عودة سريعة لروتين الحياة العادية من «واقع جديد» ندركه عندما ننظر إلى ما يحدث في الصين.

مجتمع

منذ 5 أيام
يوفال هراري: كيف سيكون شكل العالم بعد أزمة فيروس كورونا؟

يستهل الكاتب مقاله بالحديث عن صلاة عند حائط المبكى نظمها بعض الحاخامات الشهر الماضي، متمنين الرفاهية للشعب الصيني. وأطلق المئات صوت الشوفار وتلوا صلواتهم حتى بالصينية. وكتب الحاخام شموئيل إلياهو، أحد منظمي التجمع: «يجب أن يعرف الشعب الصيني أن له مكانًا في قلوب اليهود، الذين يُصلُّون من أجله ويتمنون له الخير. نرجو من الله أن يتقبل هذه الصلاة التي نؤديها، بنية حسنة ومحبة من أجل إنهاء الوباء المُحاصِر للأمة الصينية والعالم بأسره».

وبالنظر إلى مسار الأحداث، يبدو أن هذه الصلاة أتت ثمارها جزئيًّا، بحسب الكاتب. وإذا كانت المعلومات الواردة من بكين موثوقة، فإن الصين على ما يبدو تمكَّنت من السيطرة على الوباء، أو على الأقل خفَّضت معدلات الإصابة إلى حد كبير. وفي الأسبوع الماضي، زار الرئيس الصيني شي جين بينج مركز تفشي الوباء في ووهان، وأعلنت الحكومة أن الحياة في الصين تعود تدريجيًّا إلى طبيعتها. لكن من الواضح أن الوباء لم ينتهِ بعد.

من «الوباء الصيني» إلى وباء عالمي

أعلنت منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع أن عدد المرضى خارج الصين أكبر من عدد المرضى في البلاد. ويعلق الكاتب: «لم تعد الصين نقطة تفشي الوباء، وما كان يُسمى بالوباء الصيني على مدار عدة أشهر أصبح وباءً عالميًّا، ويمثل مشكلة لنا جميعًا».

ويضيف: ربما يجب على الشعب الصيني أن يصلي الآن من أجل دول أخرى، مثل الولايات المتحدة. إن الموقف من انتشار الفيروس في الصين، كما جرى التعبير عنه قبل شهر واحد فقط في تصريحات لا نهاية لها صدرت عن السياسيين الغربيين والمسؤولين الحكوميين، يبدو الآن متغطرسًا. وعلى مدار عدة أسابيع، تراوحت هذه العبارات من التفضل إلى التشفي في مصيبة شخص آخر.

كان الباحث في الشؤون الصينية، البروفيسور يوري بينس، كتب في صحيفة «هآرتس» عن الإعلام الغربي الذي كان غارقًا في صور التعبير عن العداء غير الخفي تجاه الصين، وجرى تسليط الضوء على كل خطوة خاطئة باعتبارها دليلًا على انعدام كفاءة حكومتها. كل هذا كان مصحوبًا برغبة في رؤية سقوط القوة الآسيوية العظمى.

ومن المفارقات أن يتطلع الآن الكثير من الناس إلى الصين في دهشة، معجبين بالطريقة التي تغلبت بها على الوباء. وغيرت الصحف الأمريكية، مثل «يو إس إيه توداي»، من نبرتها تغييرًا كليًّا، وتنشر الآن موضوعات مثل «ماذا يمكننا أن نتعلم من الصين؟»، كما اعترفت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن الإجراءات الصارمة التي استخدمتها الصين في التصدي للفيروس تلقي بظلال من الشك على الحكمة التقليدية فيما يتعلق بالطريقة التي ينبغي بها التعامل مع الأمراض المعدية.

 

 

«النموذج الديكتاتوري» لوقف تفشي الفيروس

عند إعادة النظر فيما حدث – يضيف الكاتب – فإن الخطوات التي اتخذتها الصين كانت شديدة القسوة، ولكن الخطوات التي اتخذت الآن في جميع أنحاء العالم، وخاصة في إسرائيل، هي أيضًا عنيفة بشدة. ولم يعد هناك رفض بلا تمحيص «للنموذج الديكتاتوري» المُستخدَم في إيقاف انتشار الوباء.

يشير هذا على نحو خاص إلى إعلان رئيس الوزراء نتنياهو أنه للقضاء على الفيروس، فهو يعتزم استخدام أساليب كانت حتى الآن مقتصرة على مكافحة الإرهاب، أي الأساليب التي كانت مستخدمة للسيطرة على الفلسطينيين والجماعات الأخرى، التي يجري التعامل معها من قِبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك»، ويبدو أن الخطة تتمثل في السماح للشاباك أو الشرطة بمراقبة الهواتف المحمولة لمرضى كورونا.

قال نتنياهو نفسه إن هذه الأساليب ستتطلب اقتحام خصوصية المواطنين، وبالنسبة لكثيرين، تبدو هذه خطوة ضرورية نظرًا لخطورة الأزمة. ولكن عندما يُضاف هذا إلى سياسة تشجع على الإبلاغ عن منتهكي الحجر الصحي والقيود الخطيرة على مغادرة المنازل، يبرز القلق من أننا ننزلق نحو مراقبة تكنولوجية غير مقيدة للمواطنين، والتي يمكن أن تمثل سابقة للأزمات المستقبلية.

على خُطا الصين

يضيف الكاتب: في هذه الأثناء، أصبح الواقع هنا وفي أماكن أخرى في أنحاء العالم مشابهًا على نحو متزايد للنموذج الصيني. بدأ الوباء في الصين، ولكن الصين هي الدولة الأولى التي نجحت في التعامل معه بفهمٍ عملي. وتضرر الاقتصاد الصيني بشدة في الربع الأول من عام 2020، إذ انخفضت الصادرات في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) بنسبة 17.2 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. ومع ذلك، فإن اقتصاد القوة العظمى يُعد بعيدًا كل البعد عن الضعف. ويبدو أن قدرة الشعب الصيني على التحمل أكبر من قدرة العديد من الدول الأخرى.

ربما تكون الأزمة قد عجَّلت من عملية تحوُّل الصين إلى القوة العالمية الرائدة.

بناءً على ذلك، من المنطقي أن نفترض أن الصين ستقود العالم خلال مرحلة التعافي بعد هذه الأزمة، وربما حتى بعد ذلك. وبدلًا من الإطاحة بالصين، ربما تكون الأزمة قد عجَّلت من عملية تحوُّل الصين إلى القوة العالمية الرائدة، بحسب الكاتب.

ويذكِّرنا الوضع الحالي في الصين بما ستبدو عليه الحياة بعد القضاء على الوباء، أو بعد أن تنتهي ذروته. ويتحدث الكثير من الناس عن فترة «ما بعد الكورونا»، ويتخيلون عودة سريعة للروتين المعتاد. لكن النظر إلى الصين يكشف أنه حتى بعد انتهاء ذروة الوباء، تواجه البلاد واقعًا جديدًا تلقي فيه المخاوف من تفشٍ جديدٍ للمرض بظلالها على الشعور بالانتصار.

بناءً على ذلك، لم تُرفع القيود المفروضة على دخول المسافرين من بلدان أخرى، بل زادت. وأفاد صحفيون أجانب ومحليون أن المطاعم خالية تقريبًا من روادها، حيث يقف حراس الأمن عند المدخل للتحقق من درجة حرارة أي شخص يرغب في الدخول. وربما يجري تزويد حراس الأمن في مراكز التسوق في إسرائيل في المستقبل بمقاييس حرارة وأجهزة فحص معدنية.

علاوةً على ذلك، فإن الإذلال الذي عانت منه الصين في الأسابيع الأولى من عام 2020 لن يُنسى بسرعة. وفي أوائل فبراير (شباط)، كانت الصين غاضبة من قرار إدارة ترامب بحظر الحركة الجوية من الصين، مع عدم تقديم الولايات المتحدة لأي مساعدات للصين خلال الأزمة.

وفي إسرائيل، نشرت السفارة الصينية بيانًا يقارن موقف مواطني إسرائيل بالموقف الإيجابي تجاه اللاجئين اليهود في الصين خلال المحرقة النازية، واعتذرت السفارة لاحقًا، لكن الحادث سلط الضوء على الإهانة والغضب الذي يشعر به الصينيون، بشأن الموقف الذي عبَّرت عنه دول أخرى تجاه الصين.

ويختتم الكاتب مقاله قائلًا: «كانت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة متوترة حتى قبل الأزمة الحالية، ولكن في الأيام الأخيرة بدأت مصادر حكومية في الصين في نشر نظرية مؤامرة، كان الجيش الأمريكي بموجبها مسؤولًا عن تفشي فيروس كورونا. ويمكن أن يكون هذا مصدرًا إضافيًا خطيرًا لزعزعة الاستقرار الدولي في الأشهر والسنوات القادمة. وهناك ما يدعو للقلق من انتقام الصين».

اجمالي القراءات 413
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق