أسوشيتد برس" ترصد انهيار المنظومة الصحية بطهران.. هذا ما فعلته العقوبات الأمريكية بالمرضى الإيرانيين

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٣٠ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصر العربيه


أسوشيتد برس" ترصد انهيار المنظومة الصحية بطهران.. هذا ما فعلته العقوبات الأمريكية بالمرضى الإيرانيين

أدى تجديد العقوبات الأمريكية إلى انهيار العملة الإيرانية وارتفاع كبير في أسعار الأدوية في البلاد ما بات يهدد مئات الآلاف من المرضى وخاصة أولئك الذين يقاومون السرطان.

"طه شكري" البالغ من العمر ثماني سنوات يواصل العثور على زوايا منعزلة لكي يلعب بها في مستشفى الأطفال التي يتلقى فيها العلاج بطهران - غير مدرك بالمرة أن الأدوية اللازمة للعلاج الكيميائي الذي يتلقاه لمكافحة سرطان الكبد أوشكت على النفاد، بحسب ما نقله مراسل وكالة "أسوشيتد برس" في طهران.

ومنذ أن انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران وأعادت فرض عقوبات قاسية عليها يتراجع الاقتصاد الإيراني بشكل مخيف لترتفع معه أسعار الأدوية المستوردة بشكل غير مسبوق.

 

 فقدت العملة المحلية، 70% من قيمتها مقابل الدولار، وحتى الأدوية المصنعة في إيران بات من الصعب على الإيرانيين العاديين الحصول عليها، فغالبية مواطني إيران التي يبلغ متوسط الراتب الشهري بها 450 دولار لا يستطيعون شراءها.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة  في 8 مايو 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع عام 2015، وهي تواصل فرض عقوبات على طهران تستهدف صادراتها النفطية.

وطالت العقوبات شركات أجنبية لها صلات مع طهران، ما دفع بعض الشركات وخصوصا الأوروبية إلى التخلي عن استثماراتها هناك.

وفي ظل هذه الظروف بات من الصعب على النظام الصحي في إيران الصمود، ويقول كثيرون إن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بلادهم، وهي سياسة "الضغط الأقصى" التي تهدف إلى إخضاع نظام الملالي وإعادته إلى طاولة المفاوضات الخاصة بالبرنامج النووي، تسببت في ارتفاع حاد في الأسعار وندرة في الكثير من الأدوية، وأضرت العقوبات بالمواطن الإيراني البسيط، وتسببت في موجة غلاء طالت تقريباً جميع مناحي الحياة.

"ليا تريزادا"، والدة طه، تقول إن المستشفى القائم على التبرعات يوفر الدواء لابنها بالمجان، ولو كانت ذهب لمستشفى خاص، لكان عليها أن تدفع 1380 دولاراً لقاء كل جلسة علاج كيماوي.

وتؤكد "تريزادا (30 عاماً) أن عائلتها ممتنة للأطباء وإدارة المستشفى، مضيفة :"لم يكن باستطاعتنا فعل ذلك دون دعمهم، فزوجي عامل بقالة بسيط ومرض السرطان يتطلب تكاليف باهظة".

المساعدات الخارجية لا تصل

تراجعت قيمة العملة الإيرانية بشدة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع مع إيران في أبريل 2015، ما أثر وبشدة على أسعار الأدوية المستوردة.

عندما جرى توقيع الاتفاق النووي، توقع الكثير من الإيرانيين حياة أفضل، كونه تضمن موافقة القوى الكبرى الموقعة عليه (الصين، روسيا، أمريكا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا) على رفع معظم العقوبات الدولية عن إيران والتي خنقتها على مدى سنوات.

لكن انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق، بدعوى أنه "اتفاق سيء" يسمح لطهران بمواصلة نشاطاتها الإرهابية دون عقاب"، أدى إلى عودة تدريجية للعقوبات الأمريكية، فيما تخفض إيران حاليا من جانبها التزاماتها بموجب الاتفاق الذي بات على وشك الانهيار، في وقت تحاول فيه بقية الدول الموقعة إقناع طهران بعدم الانسحاب منه.

وتصر واشنطن على أن الأدوية والإمدادات الإنسانية غير مشمولة في العقوبات الأمريكية، لكن عملياً تسببت القيود المفروضة على التجارة مع إيران في توخي الكثير من البنوك والشركات في أنحاء العالم الحذر من التعامل مع طهران، بسبب المخاوف من إجراءات عقابية تتخذها واشنطن ضدها. كذلك فإن إيران وجدت نفسها منفصلة عن النظام المصرفي الدولي.

والأسبوع الماضي قال وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي إن تخفيض الميزانية بسبب انخفاض صادرات إيران من النفط الخام - وهو أحد القطاعات الرئيسية التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات - أضر بشكل كبير بوزارته.

ويقول "نمكي" إن العقوبات الأمريكية أضرت بالإيرانيين من كل الطبقات والمستويات، موضحاً "مزاعم الأمريكان بأن الأدوية والعتاد الطبي غير مشمولين  بالعقوبات هي كذبة كبيرة وصارخة".

"مخاوفنا الكبرى تتمثل في إغلاق القنوات مع العالم الخارجي"، يقول الدكتور "أرساف أحمديان"، مدير مستشفى الأطفال التي تعمل من خلال التبرعات وتقدم المساعدة لنحو 32 ألف طفل من جميع أنحاء إيران يبلغون من العمر 16 عاماً فما أقل.

ويؤكد "أحمديان" أن العقوبات المفروضة على البنوك في إيران لا تسمح بتحويل الأموال وتحول دون وصول التبرعات من خارج البلاد، بما في ذلك وصول الأموال التي توافق عليها وزارة الخزانة (المالية) الأمريكية.

ويضيف :"نفقد الأمل. يجب أن يتم بيع الدواء بأسعار يمكن الوفاء بها، يجب أن يكون هناك تمويل، ويجب تحديد خطوط الائتمان بوضوح في النظام المصرفي".

طبقاً لمصادر رسمية إيرانية، تنتج الجمهورية الإسلامية نحو 95% من الأدوية الأساسية التي تحتاجها بل حتى تصدر جزءاً من الأدوية للدول المجاورة. لكن في كل ما يتعلق بالأجهزة والعتاد الطبي والأدوية المتطورة للأمراض النادرة ولتلك المرتبطة بنفقات باهظة- تعتمد إيران اعتماداً كبيراً على الاستيراد.

علاوة على ذلك، ورغم أن الدولة توفر خدمات طبية للجميع، إلا أن العديد من العلاجات اللازمة في الحالات المعقدة ليست متاحة ببساطة.

يفضل الكثيرون الذهاب إلى المستشفيات الخاصة إذا كان بمقدورهم تحمل نفقاتها، وتجنب الانتظار في قوائم الانتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية.

طوابير طويلة تنتظر كل صباح في صيدلية أبان -13 بشارع كريميخان في طهران، حيث يأتي السكان للبحث عن الأدوية النادرة لأفراد الأسرة المرضى.

يقضي حميد رضا محمدي (53عاماً)، معظم وقته في البحث عن الدواء لزوجته وابنته، وكلاهما تعانيان من مرض ضمور العضلات.

ويوضح محمدي مدى سرعة تدهور الوضع: "قبل شهرين أو ثلاثة أشهر، كان بإمكاني الحصول بسهولة على الأدوية من أية صيدلية".

يقول الصيدلي "بايمان كييبنفر" إن الكثير من الإيرانيين، ومع انخفاض قدرتهم الشرائية، باتوا الآن غير قادرين على شراء الأدوية المصنعة في الخارج ويبحثون بدلاً من ذلك عن بدائل محلية الصنع".

ويضيف "حدثت زيادة حادة جدا في أسعار الأدوية، أحيانا تصل إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف".

صيدلية في طهران

وتشير "الأسوشيتد برس" في تقريرها إلى أن الكثير من الإيرانيين يسافرون من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى بحثاً عن الأدوية لأحبائهم.

جاء "حسينجولي براتي" (48 عاماً) أب لثلاثة أطفال، مؤخرًا إلى طهران من بلدة " "كنبند قابوس" (شمال) والتي تبعد نحو 550 كم شمال شرق العاصمة، بحثًا عن الأدوية لزوجته التي تعاني من سرطان الدم.

"براتي" الذي أنفق حتى الآن مبلغ 7 آلاف و700 دولار على علاج زوجته يقول "إنها مشكلة كبيرة لقد بعت كل ما كنت أملكه واقترضت المال من الأقارب والأصدقاء".

السوق السوداء

بعض الإيرانيين المقتدرين، يلجؤون غالباً للسوق السوداء. هرع الطالب "محمود علي زاده" (23 عاماً)  إلى أحد الشوارع جنوبي طهران عندما نما إلى مسامعه أن الدواء الذي تحتاجه أمه المريضة بالتصلب المتعدد متاح هناك.

يقول "زاده" :"تبلغ أمي من العمر 45 عاماً فقط، ومن السابق لأوانه رؤيتها مشلولة بهذا الشكل الصعب"، مضيفاً أنه يدفع لقاء الدواء الذي يحصل عليه من الشارع ثلاثة أضعاف ما كان يدفعه في مايو 2018، قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي واستئناف العقوبات.

ويختتم حديثه قائلاً :"لا أعرف على من فرض ترامب العقوبات، إلا أنه يعاقب هنا أناس مصابين بأمراض عضال".

اجمالي القراءات 937
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق