بدأ عشرات الآلاف من مناصري المتمردين الحوثيين الشيعة، تحركات احتجاجية تصعيدية في صنعاء بدعوة من زعيم التمرد، عبدالملك الحوثي، للمطالبة بإسقاط الحكومة والتراجع عن زيادة أسعار المحروقات، وذلك في خطوة تعزز المخاوف من توسيع الحوثيين رقعة نفوذهم إلى صنعاء.

وسار عشرات الآلاف، اليوم الاثنين، في وسط العاصمة اليمنية انطلاقا من ساحة التغيير ومرورا بشارع الزبيري الرئيسي، رافعين شعارات مطالبة بإسقاط الحكومة، فيما فرضت قوات الأمن الخاصة وغيرها من الأجهزة تدابير أمنية مشددة دون تسجيل احتكاك مع المتظاهرين.

ومنح عبدالملك الحوثي في كلمة ألقاها مساء الأحد، الحكومة مهلة حتى يوم الجمعة للاستجابة لمطالب التحرك، متوعدا بـ"تدابير مزعجة" اعتبارا من يوم الجمعة في حال عدم التجاوب.

وطالب الحوثي الشعب اليمني بالخروج "خروجا عظيما وكبيرا ومشهودا في العاصمة صنعاء وفي سائر المحافظات"، مشيرا إلى أن "الحشود الشعبية الثائرة ستتوجه من المحافظات باتجاه صنعاء" للمشاركة في التحرك.

أهداف واضحة

وشدد الحوثي على أن أهداف ومطالب التحرك واضحة، وهي "إسقاط الجرعة (السعرية) وإسقاط الحكومة الفاشلة"، كما أكد الحوثي أنه "ستفتح مخيمات وساحات للاعتصام في محافظة صنعاء"، محذرا من "أي اعتداء" على المحتجين.

وقد أكدت مصادر مقربة من الحوثيين أن مناصري هؤلاء سيقيمون مخيمات عند مداخل صنعاء الشمالية والشرقية والغربية، على أن تخصص هذه المخيمات لإيواء القادمين من المحافظات المختلفة.

ويتوقع أن ينطلق المحتجون من هذه المخيمات يوميا للتظاهر بشكل تصعيدي حتى يوم الجمعة.

وأكد الحوثي أن هدف التحرك "ليس احتلال صنعاء، ولا الهدف ابتلاع صنعاء"، مستبقا بذلك المخاوف والاتهامات التي توجه إلى حركته بالسعي إلى السيطرة على صنعاء بعد أن نجحت بالسيطرة على الجزء الأكبر من شمال اليمن.

وكانت الحكومة اليمنية بدأت في نهاية يوليو تطبيق قرار ينص على زيادة أسعار الوقود، بحيث ارتفع سعر صفيحة البنزين "عشرون ليترا" من 2500 إلى 4 آلاف ريال، وصفيحة الديزل من ألفين إلى 3900 ريال.

وعود حكومية

ووعدت الحكومة بأن يقترن هذا القرار بزيادة الرواتب، لكن الخبراء يؤكدون أن غالبية اليمنيين لا يستفيدون من أي رأب.

وبحسب دراسة للبنك الدولي نشرت العام 2012، فإن 54% من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر.

وتظاهر آلاف اليمنيين في وقت سابق هذا الشهر في صنعاء تلبية لدعوة المتمردين الحوثيين الذين يتخذون اسم "أنصار الله"، مطالبين بإسقاط الحكومة بعد زيادة أسعار الوقود.

وخاض الحوثيون في الأشهر الأخيرة معارك ضارية مع الجيش ومع مسلحين قبليين موالين للتجمع اليمني للإصلاح "إخوان مسلمون" وآل الأحمر الذين يتزعمون تجمع قبائل حاشد النافذة، في محافظات عمران والجوف الشماليتين، وفي ضواحي صنعاء، وتمكنوا خصوصا من فرض سيطرتهم على مدينة عمران الاستراتيجية شمال صنعاء وعلى معاقل آل الأحمر.

تصعيد استباقي

ويتهم الحوثيون بأنهم يسعون إلى السيطرة على أكبر قدر من الأراضي في شمال اليمن استباقا لإعلان اليمن دولة اتحادية بموجب نتائج الحوار الوطني.

إلا أن الحوثيين الذين يشاركون في العملية السياسية ينفون هذه الاتهامات، ويؤكدون أنهم ليسوا في مواجهة مع الدولة، ويطالبون بـ"تطبيق مقررات الحوار الوطني" الذي شاركوا فيه.

ومعقل الحوثيين الزيديين الشيعة في الأساس هو محافظة صعدة الشمالية، إلا أنهم تمكنوا من توسيع حضورهم بشكل كبير منذ 2011، وذلك بعد أن خاضوا ست حروب مع صنعاء بين 2004 و2010.

وإضافة إلى التوتر في شمال اليمن، يعاني هذا البلد من نشاط تنظيم القاعدة الذي يتحصن خصوصا في محافظاته الجنوبية والشرقية.

وتمكنت القاعدة من توسيع رقعة نفوذها في اليمن، مستفيدة من ضعف السلطة المركزية ومن حركة الاحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011.