حزب / أحزاب

الخميس ١٤ - ديسمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
الأحزاب جزء أساس فى ثقافتنا السياسية المعاصرة ،ويأتى فى القرآن كلمة حزب واحزاب ، واظن ان لها صلة بالدين . هل جاءت بمعنى سياسى فى القرآن ؟ هذا لأنك تقول ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان .
آحمد صبحي منصور :

  مقدمة :

1 ـ فعلا . الاسلام هو دين الله جل وعلا للبشر الى قيام الساعة ، وتطبيقه ممكن وميسور فى كل زمان ومكان . فكما أنه جل وعلا الإله الواحد فإن له دينا واحدا ، وبيتا حراما واحدا . ولكن الشيطان يُضلُّ بنى آدم فيتخذون مع الله جل وعلا آلهة أخرى ويؤمنون بأحاديث شيطانية يهجرون من أجلها القرآن الكريم ، ويبغونه عوجا ، ثم يختلفون أحزابا متفرقين فى أديانهم ومذاهبهم .

2 ـ المعنى السياسى للحزب والأحزاب ، لم يأت فى القرآن الكريم لأن الدولة الاسلامية مؤسسة على الديمقراطية المباشرة ، وليس الديمقراطية النيابية التمثيلية الحزبية .

3 ـ الذى أتى فى القرآن الكريم هو الحزب والأحزاب بالمعنى الدينى ، وجاء بمعنى حربى دينى فى غزوة الأحزاب . ونعطى تفصيلا :

1 ـ حزب الله . وهم أهل الجنة ، وهم المنصورون الغالبون يوم القيامة . قال جل وعلا :

1 / 1 : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56) المائدة )

1 / 2 : ( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22) المجادلة )

2 ـ حزب الشيطان : وهم أصحاب النار الذين قضوا حياتهم الدنيا فى خصومة مع الرحمن  جل وعلا . قال جل وعلا :

2 / 1 : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) فاطر )

2 / 2 :( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20)المجادلة )  

3 ـ الأساس هو فى أن الكافرين فى شقاق وإختلاف وتحزُّب ، وهذا ملمح أساس فى الديانات الأرضية الشيطانية ، كما نرى عند المسحيين والمحمديين وغيرهم . إنفصلوا عن الدين الحق فتقطعوا أحزابا لكل حزب كتب مقدسة وآلهة وأولياء يعبدونها . هذا مفهوم من قوله جل وعلا : ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) المؤمنون )

4 ـ ونهانا الله جل وعلا عن التفرق فى الدين . قال جل وعلا لنا وللجميع : ( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم ). وفى نفس المعنى فى سورة الأنعام :

4/ 1 : (   وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)  

4 / 2 : (  إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) . هنا ردُّ إلاهى مسبق على المحمديين الذين صنعوا إلاها أسموه محمدا ، وإنتسبت اليه أديانهم الشيطانية .

4 / 3 : ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) هنا معنى الاسلام القلبى التعبدى الذى كان عليه خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . وهذا ما يكفر به المحمديون وفى أديانهم ومذاهبهم آلاف الأرباب ، وهم قد إتخذوا شيوخهم أربابا من دون الله جل وعلا الذى لا شريك له.

5 ـ لذا تأتى كلمة أحزاب وصفا للمشركين الكافرين السابقين . قال جل وعلا :

5 / 1 : فى قصة موسى عليه السلام :

5 / 1 / 1 : ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) غافر )

5 / 1 / 2 : ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (17) هود )

5 / 2 : فى قصة عيسى عليه السلام :

5 / 2 / 1 : ( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) مريم ). إختلفوا فى طبيعة المسيح فأصبحوا أحزابا ، ولا يزالون .

5 / 2 / 2 : ( وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)  الزخرف ). إختلفوا فى طبيعة المسيح فأصبحوا أحزابا ، ولا يزالون .

6 ـ عن أهل الكتاب فى عصر خاتم النبيين ـ عليهم جميعا السلام ـ كان منهم من آمن بالقرآن الكريم ، وكان منهم أحزاب كفروا ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنْ الأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) الرعد ).

7 ـ وفى عصر خاتم النبيين ــ عليهم جميعا السلام ـ تفرق الكافرون الى أحزاب دينية ، وكانت لهم كعبات مختلفة يحجون اليها وآلهة متنوعة . قال جل وعلا يقارنهم بالأمم السابقة وأحزابها : ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) غافر ).

8 ـ وفى سورة الأحزاب جاءت كلمة الأحزاب بالمعنى الحربى الدينى ، وهذا عن حصار الأحزاب للمدينة قال جل وعلا عن المنافقين والمؤمنين : ( يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (20) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22) الاحزاب ).

9 ـ ونختم بإعجاز تاريخى جاء فى سورة مكية ، وقد أنبأت مقدما بهزيمة أولئك الأحزاب مع مقارنتهم بالأمم الكافرة السابقة المختلفة الى أحزاب . تدبروا قول الله جل وعلا : ( جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) ص )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 941
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,512,094
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


علمانية الاسلام: انشئن ا في كوردس تان منظمة عالمي ة بأسم...

سورة الكوثر: يقول الله ( فصل لربك وانحر ) هل المرا د بها...

ما معنى ( العزة ): جاء هذا سؤالا فى تعليق على مقال ، واجيب عليه...

ذو القرنين: من هو ذو القرن ين ؟ هل هو أحد الملا ئكة ؟ أم هو...

ضوابط التجارة : السلا م عليكم ماهي الضوا بط القرا نية في...

حجاب زوجتى : اعذر ني لأني سوف أسألك سوالا...

سؤالان: السؤا ل الأول : هل لا يقبل الله الحج منى إذا...

باب التأصيل القرآنى: أخى الحبي ب أحمد منصور بإخت صار شديد أنا...

هم فى شقاق: سؤال لقد دلسوا علينا مفهوم الركن في الدين...

القرآن شفاءالقلوب: السل ام عليكم ورحمة الله وبركا ته تحيه...

لن يستنكف المسيح: لا أفهم آية : ( لَنْ يَسْت َنكِف َ ...

سبقت الاجابات: نرجو ا منكم ان تبينو ا لنا الآية مَا...

وظيفته البلاغ فقط: أنا مقتنع تماما بموقف كم ممن يدعون...

لا عوج فى القرآن : فى سورة المطف فين من الآية 7 الى 28 ، وصف لأهل...

الدعوة والتبليغ: أنت هاجمت جماعة الدعو ة والتب ليغ مع انهم...

more