مسلمة بن عبد الملك : قائد عسكري فذّ ظلمته التقاليد الأموية العربية

آحمد صبحي منصور Ýí 2010-05-20


الرد المبين لأهل السنة على بعض فرق القرآنيين
للأخ ((سيف الكلمة))


السنة هي المصدر التشريعي الثاني بعد كتاب الله تعالى ، ولا يمكن لدين الله أن يكتمل ولا لشريعته أن تتم إلا بأخذ سنة النبي صلى الله عليه وسلم جنباً إلى جنب مع كتاب الله تعالى ، لذلك جاءت الآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة ، تأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتمسك بسنته والاحتجاج بها ، وأجمعت على ذلك الأمة :

المزيد مثل هذا المقال :


فمن أدلة القرآن الكريم :

قوله تعالى :{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} (النساء65) .

فقد أقسم الله تعالى في هذه الآية بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أموره ، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً ، ولهذا قال : {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً } ، فلا يكتفي بالانقياد في الظاهر ،بل لابد مع تحكيمه له في الظاهر أن يطيعه في الباطن ، وألاَّ يجد في نفسه أدنى حرج مما حكم به ، ويسلم له التسليم الكامل من غير ممانعة أو منازعة .

وقال جل وعلا : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } (النساء 59) ، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد موته .

وقال تعالى : {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } (آل عمران 31) ، فهذه الآية تبين أن دليل محبة الله تعالى هو اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهل معنى اتباعه صلى الله عليه وسلم إلا اتباعه في جميع أقواله وأفعاله وهديه ، فتبين بذلك أن من لم يتبع الحديث النبوي ولم ير العمل به واجباً ، فهو كاذب في دعوى محبته لله عز وجل ، وقال سبحانه : {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } (النور 63) ، وأمره صلى الله عليه وسلم هو سبيله ومنهاجه وسنته .

ومن أدلة السنة :

قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاريفي صحيحه عن أبي موسى: ( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوماً فقال : يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء ، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا ، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم ، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق ) ، وفي البخاري أيضاً عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا : يارسول الله ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) ، وروى ابن ماجه عن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله ) .

وأما إجماع الأمة :

فلو تتبعنا آثار السلف ابتداء من عهد الخلفاء الراشدين فمن بعدهم ، فإننا لن نجد إماماً من الأئمة المجتهدين - المشهود لهم بالعلم والتقى - ينكر التمسك بالسنة ، والاحتجاج بها ، والعمل بمقتضاها ، بل على العكس من ذلك ، لا نجدهم إلا متمسكين بها مهتدين بهديها ، محذرين من مخالفتها ، قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم : " لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم ، يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه ، وأن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما سواهما تبع لهما ، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد لا يختلف ، في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وقال رحمه الله : " أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس " ، وقال الإمام ابن حزم عند قوله تعالى : {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } ( النساء 59) ، قال : " الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا وإلى كل من يُخْلَق ويُرَكَّب روحه في جسده إلى يوم القيامة من الجِنَّة والناس ، كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من أتى بعده عليه السلام ولا فرق " .

فتبين مما سبق وجوب الاحتجاج بالسنة والعمل بها ، وأنها كالقرآن في وجوب الطاعة والاتباع ، فالمستغني عنها هو مستغن في الحقيقة عن القرآن ، وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله وعصيانه عصيان لله تعالى ، وأن العصمة من الانحراف والضلال إنما هو بالتمسك بالقرآن والسنة جميعا ً .

ظهرت في حِقَب من التاريخ الإسلامي فرق وطوائف أنكرت السنة والاحتجاج بها ، فمنهم من أنكرها صراحة ودعا إلى نبذها بالكلية سواءً أكانت متواترة أم آحادية زعماً منهم أنه لا حاجة إليها ، وأن في القرآن غنية عنها ، ومنهم رأى الحجية في نوع منها دون غيره .

وكان أول من تعرض لهذه المذاهب وردَّ على أصحابها ودحض شبهاتهم الإمام الشافعي رحمه الله حيث عقد فصلاً خاصاً في كتاب " الأم " ذكر فيه مناظرة بينه وبين بعض من يرون ردَّ الأخبار كلِّها ، كما عقد في كتاب " الرسالة "فصلاً طويلاً في حجية خبر الآحاد .

وكادت تلك الطوائف التي أنكرت السنة جملة أن تنقرض ، حتى نبتت نابتة جديدة - في عصرنا الحاضر - غذَّاها الاستعمار بنفسه وأيدها مادياً ومعنوياً ، في محاولة منه للقضاء على الإسلام وهدم أصوله وأركانه .

وكان أحد هؤلاء الذين دعوا إلى ترك الحديث والاعتماد على القرآن فقط : الدكتور توفيق صدقي الذي كتب مقالين في مجلة المنار بعنوان " الإسلام هو القرآن وحده " .

وتبع ذلك ظهور جماعة في شبه القارَّة الهندية دعت إلى الأخذ بالقرآن فقط ، وأنكرت أن يكون للأحاديث أي قيمة تشريعية ، وهم الذين عرفوا بـ " بالقرآنيين " أو " جماعة أهل القرآن " ، مردِّدين نفس الحجج والشبه التي استند إليها توفيق صدقي .

ومن ذلك ما فهموه من قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء }(الأنعام 38) ، وقوله سبحانه : {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }(النحل 89).

فقالوا : إن هذه الآيات وأمثالها تدل على أن الكتاب قد حوى كل شيء من أمور الدين ، وكلَّ حُكم من أحكامه ، وأنه بيَّن ذلك وفصَّله بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر ، وإلا كان الكتاب مفرِّطاً فيه ، ولما كان تبياناً لكل شيء ، فيلزم الخُلْف في خبره سبحانه وتعالى .

وجواباً على هذه الشبهة يقال : ليس المراد من الكتاب في قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء }(الأنعام 38) القرآن ، وإنما المراد به اللوح المحفوظ ، فإنه هو الذي حوى كل شيء ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها ، جليلها ودقيقها ، ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، على التفصيل التام ، بدلالة سياق الآية نفسها حيث ذكر الله عز وجل هذه الجملة عقب قوله سبحانه : {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إل أمم أمثالكم }(الأنعام 38) أي مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها ، كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم كل ذلك مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ لا يخفى على الله منه شيء .
وعلى التسليم بأن المراد بالكتاب في هذا الآية القرآن ، كما هو في الآية الثانية وهي قوله سبحانه : {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }(النحل 89) فالمعنى أنه لم يفرِّط في شيء من أمور الدِّين وأحكامه ، وأنه بيَّنها جميعاً بياناً وافياً .

ولكن هذا البيان إما أن يكون بطريق النص مثل بيان أصول الدين وعقائده وقواعد الأحكام العامة ، فبيَّن الله في كتابه وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وحِلِّ البيع والنكاح ، وحرمة الرِّبا والفواحش ، وحِلِّ أكل الطيبات وحُرْمة أكل الخبائث على جهة الإجمال والعموم ، وتَرَك بيان التفاصيل والجزئيات لرسوله صلى الله عليه وسلم .

ولهذا لما قيل لمُطَرِّف بن عبد الله بن الشِخِّير : " لا تحدثونا إلا بالقرآن قال : والله ما نبغي بالقرآن بدلاً ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن .
وروي عن عمران بن حصين أنه قال لرجل يحمل تلك الشبهة : إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ، ثم عدد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ، ثم قال أتجد هذا في كتاب الله مفسَّرا ، إن كتاب الله أبهم هذا وإن السنة تفسر ذلك " .

وإما أن يكون بيان القرآن بطريق الإحالة على دليل من الأدلة الأخرى التي اعتبرها الشارع في كتابه أدلة وحُجَجاً على خلقه .
فكل حكم بينته السنَّة أو الإجماع أو القياس أو غير ذلك من الأدلة المعتبرة ، فالقرآن مبَيِّن له حقيقة ، لأنه أرشد إليه وأوجب العمل به ، وبهذا المعنى تكون جميع أحكام الشريعة راجعة إلى القرآن .

فنحن عندما نتمسك بالسنة ونعمل بما جاء فيها إنما نعمل في الحقيقة بكتاب الله تعالى ، ولهذا لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله " بلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت إليه وقالت : إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت ، فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هو في كتاب الله ، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، أما قرأتِ {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }( الحشر 7) ؟! قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه .

وحُكِي أن الشافعي رحمه الله كان جالساً في المسجد الحرام فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم فيه من كتاب الله تعالى ، فقال رجل : ما تقول في المُحْرِم إذا قتل الزُّنْبُور ؟ فقال لا شيء عليه ؟ فقال : أين هذا في كتاب الله ؟ فقال : قال الله تعالى : {وما آتاكم الرسول فخذوه }( الحشر 7) ، ثم ذكر إسناداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) رواه الترمذي وغيره ، ثم ذكر إسناداً إلى عمر رضي الله عنه أنه قال " للمُحْرِم قتل الزُّنْبُور " فأجابه من كتاب الله .

قال الإمام الخطابي رحمه الله " أخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانَه الكتابُ ، إلا أن البيان على ضربين : بيان جَلِيّ تناوله الذكر نصاً ، وبيان خفِيّ اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً ، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى قوله سبحانه : {لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }(النحل44) ، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان " أهـ .

وبذلك يتبين ضلال هؤلاء وسوء فهمهم وتهافت شبهاتهم ، وأنه لا منافاة بين حجية السنة وبين كون القرآن تبياناً لكل شيء ، والحمد لله أولاً وآخراً .

تقدمت الإشارة - في الجزء الأول من هذا الموضوع - إلى بعض الشبه التي استند إليها منكروا حجية السنة في العصر الحديث ، حيث استدلوا ببعض الآيات التي أساءوا فهمها وتأوَّلوها على غير وجهها ، محرفين فيها الكلم عن مواضعه .

وإضافة إلى ما استدلوا به من آيات ، فقد تمسكوا أيضاً بجملة أخبارٍ منسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تؤيد - بحسب زعمهم - ما ذهبوا إليه من عدم الاحتجاج بالسنة ، ووجوب عرض ما جاء فيها على كتاب الله .

ومن هذه الأخبار ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا اليهود فحدّثوه فخطب الناس فقال : ( إن الحديث سيفشو عنِّي ، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي ) ، فقالوا : إذا أثبتت السنة حكماً جديداً فإنها تكون غير موافقة للقرآن ، وإن لم تثبت حكماً جديداً فإنها تكون لمجرد التأكيد فالحجة إذاً في القرآن وحده .

ومن هذه الأخبار التي استدلوا بها ما روِي أنه - صلى الله عليه وسلم- قال : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ، قلته أم لم أقله فصدّقوا به ، فإني أقول ما يُعرَف ولا يُنكَر ، وإذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدِّقوا به ، فإني لا أقول ما يُنكَر ولا يُعرَف ) ، فقالوا هذا يفيد وجوب عرض الحديث المنسوب إليه - صلى الله عليه وسلم - على المستحسن المعروف عند الناس من الكتاب أو العقل ، فلا تكون السنة حجَّة حينئذ .

ومن تلك الأخبار أيضاً ما رُوِي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ، ولا أحرِّم إلا ما حرَّم الله في كتابه ) ، وفي رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ، فإني لا أحلُّ لهم إلا ما أحلَّ الله ولا أحرَّم عليهم إلا ما حرَّم الله ) .

هذه هي خلاصة الشبه التي أوردوها ، وهي شبه ضعيفة متهافتة لا تثبت أمام البحث والنظر الصحيح ، وتدل على مبلغ جهلهم وسوء فهمهم .

وجواباً على ما أوردوه من أحاديث يقال :

أما الحديث الأول : ( إن الحديث سيفشو عني .... ) فإن أحاديث العرض على كتاب الله ، كلها ضعيفة لا يصح التمسك بشيء منها كما ذكر أهل العلم ، فمنها ما هو منقطع ، ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول ، ومنها ما جمع بين الأمرين ، وقد بَيَّن ذلك ابن حزم ، و البيهقي ، و السيوطي ، وقال الشافعي في الرسالة : " ما روَى هذا أحدٌ يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول ونحن لا نقبل هذه الرواية في شيء " ، بل نقل ابن عبد البر في جامعه عن عبد الرحمن بن مهدي قوله : " الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث " ، ثم قال : " وهذه الألفاظ لا تصح عنه - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه " .

بل إن الحديث نفسه يعود على نفسه بالبطلان ، فلو عرضناه على كتاب الله لوجدناه مخالفاً له ، فلا يوجد في كتاب الله أن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل منه إلا ما وافق الكتاب ، بل إننا نجد في القرآن إطلاق التأسي به - صلى الله عليه وسلم - ، والأمر بطاعته ، والتحذير من مخالفة أمره على كل حال ، فرجع الحديث على نفسه بالبطلان .

ومما يدل على بطلانه كذلك معارضته الصريحة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) رواه أبو داود .

وعلى التسليم بصحة الخبر فليس المراد منه أن ما يصدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم نوعان : منه ما يوافق الكتاب فهذا يُعمل به ، ومنه ما يخالفه فهذا يُردُّ ، بل لا يمكن أن يقول بذلك مسلم ، لأن في ذلك اتهاماً للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه يمكن أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، وكيف لمؤمن أن يقول ذلك وقد ائتمنه الله على وحيه ودينه وقال له : {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي }(يونس 15) .

فالرسول عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، ولا يمكن أن يوجد خبر صحيح ثابت عنه مخالفٌ لما في القرآن .

فيكون معنى الحديث إذاً : " إذا رُوِي لكم حديث فاشتبه عليكم هل هو من قولي أو لا فاعرضوه على كتاب الله ، فإن خالفه فردُّوه فإنه ليس من قولي " ، وهذا هو نفسه الذي يقوله أهل العلم عندما يتكلمون على علامات الوضع في الحديث ، فإنهم يذكرون من تلك العلامات أن يكون الحديث مخالفاً لمحكمات الكتاب ، ولذلك قال " فما أتاكم يوافق القرآن : فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي".

وعندما نقول : إن السنة الصحيحة لابدَّ وأن تكون موافقة للقرآن غير مخالفة له ، فلا يلزم أن تكون هذه الموافقة موافقة تفصيلية في كل شيء ، فقد تكون الموافقة على جهة الإجمال ، فحين تبين السنة حكماً أجمله القرآن ، أو توضِّح مُشْكِلاً ، أو تخصص عامَّاً ، أو تقييد مطلقاً ، أو غير ذلك من أوجه البيان ، فهذا البيان في الحقيقة موافق لما في القرآن ، غير مخالف له .

بل حتى الأحكام الجديدة التي أثبتتها السنة ودلَّت عليها استقلالاً ، هي أيضاً أحكام لا تخالف القرآن ، لأن القرآن سكت عنها على جهة التفصيل ، وإن كان قد أشار إليها وتعرض لها على جهة الإجمال حين قال : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }( الحشر 7) .

وأما الحديث الثاني : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ....) ، فرواياته ضعيفة منقطعة كما قال البيهقي و ابن حزم وغيرهما ، فضلاً عما فيه من تجويز الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - وذلك في عبارة : ( ما أتاكم من خبر فهو عنِّي قلته أم لم أقله ) ، وحاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمح بالكذب عليه وهو الذي تواتر عنه قوله : ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار ) أخرجاه في الصحيحين .

وقد رُوي هذا الحديث من طرق مقبولة ليس فيها لفظ ( قلته أم لم أقله ) منها رواية صحيحة أخرجها الإمام أحمد : ( إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه ) .

والمراد منه أن من أدلَّة صحة الحديث وثبوته أن يكون وفق ما جاءت به الشريعة من المحاسن ، وأن يكون قريباً من العقول السليمة والفطر المستقيمة ، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على عدم صحته ، وهذا هو الذي يقوله علماء الحديث عند الكلام على العلامات التي يعرف بها الوضع وليس هذا مجال بسطها .

نعم قد تقصر عقولنا عن إدارك الحكمة والعلَّة ، فلا يكون ذلك سبباً في إبطال صحة الحديث وحجيته ، فمتى ما ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب علينا قبوله وحسن الظن به ، والعمل بمقتضاه ، واتهام عقولنا ، قال ابن عبد البر : كان أبو إسحاق إبراهيم بن سيار يقول : " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من فم القربة ، فكنت أقول : إن لهذا الحديث لشأناً ، وما في الشرب من فم القربة حتى يجيء فيه هذا النهي ؟ فلما قيل لي : إن رجلاً شرب من فم القربة فوكعته حية فمات ، وإن الحيات والأفاعي تدخل أفواه القرب علمت أن كل شيء لا أعلم تأويله من الحديث أن له مذهباً وإن جهلته ".

وأما الحديث الثالث : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ....) ، فهو حديث منقطع في كلتا روايتيه كما قال الشافعي و البيهقي و ابن حزم .

وعلى فرض صحته فليس فيه أيُّ دلالة على عدم حجية السنة بل المراد بقوله : ( في كتابه ) ما أوحى الله إليه - كما قال البيهقي - فإن ما أوحى الله إلى رسوله نوعان : أحدهما وحي يتلى ، والآخر وحي لا يتلى ، ففسَّرَ الكتاب هنا بما هو أعم من القرآن .

وقد ورد في السنة استعمال الكتاب في هذا المعنى في الحديث الذي رواه الإمام البخاري حيث قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغنم ردٌّ ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فغدا إليها فاعترفت فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرُجِمت ، فجعل - صلى الله عليه وسلم -حكم الرجم والتغريب في كتاب الله ، مما يدُلُّ على أن المراد عموم ما أوحي إليه .

وحتى لو سلمنا أن المراد بالكتاب القرآن ، فإن ما أحلَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حرمه ولم ينص عليه القرآن صراحة ، فهو حلال أوحرام في القرآن لقول الله تعالى : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ( الحشر 7) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله ) رواه الترمذي وغيره .

وأما رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ...) ، فقد قال فيها الشافعي إنها من رواية طاووس وهو حديث منقطع .

وعلى افتراض ثبوتها فليس معناها تحريم التمسك بشيء مما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أو الاحتجاج به .

وإنما المراد أنه -صلى الله عليه وسلم - في موضع القدوة والأسوة ، وأن الله عز وجل قد خصَّه بأشياء دون سائر الناس فأبيح له ما لم يبح لغيره ، وحُرِّم عليه ما لم يُحرَّم على غيره ، فكان المعنى : لا يتمسكن الناس بشيء من الأشياء التي خصني الله بها ، وجعل حكمي فيها مخالفاً لحكمهم ، ولا يقس أحدٌ نفسه عليَّ في شيء من ذلك ، فإن الحاكم في ذلك كله هو الله تعالى ، فهو الذي سوى بيني وبينهم في بعض الأحكام ، وفرَّق بيني وبينهم في بعضها الآخر .

وبهذا يتبين أن الأحاديث التي استند إليها أصحاب هذه الشبهة منها ما لم يثبت عند أهل العلم ، ومنها ما ثبت ولكن ليس فيه دليل على دعواهم ، فلم يبق لهؤلاء المبتدعة - الذين نابذوا السنة ، وتأولوا القرآن على غير وجهه - من حجة إلا اتباع الهوى ، وصدق الله إذ يقول : {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين }(القصص 50) ، نعوذ بالله من اتباع الهوى ، ومن الزيغ بعد الهدى .

اجمالي القراءات 3579

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ٢١ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[47960]

القوي يأكل الضعيف في كل زمان ومكان ..!!

لقدأستأسد بنوا أمية على باقي المسلمين وأخذوا الخلافة عنوة وأستمروا بها عنوة وقتلوا في سبيل استمرار الخلافة في أسرتهم الملايين  من المسلمين وبعد ذلك لكي يخرجوا من مستنقع قتال الداخل فما كان عليهم إلا أن يفتحوا الجبهة الخارجية بشكل مستمر لكي يوحدوا الصفوف في قتال عدو خارجي ،وتلك سمة المستبدين في كل زمان ومكان أن يوحدوا شعوبهم عن طريق فتح الجبهة الخارجية ،ويجودوا عدو مستمر ولنتذكر عصر عبدالناصر عندما كان يقول لا شيئ يعلو فوق صوت المعركة ...


في هذه الحروب الخارجية التي تقوم على السلب والنهب والقتل كانت وقتها هي اللغة السائدة في العصور الوسطى سواءا اكانت عند المسلمين أو غيرهم أو حتى داخل المسلمين فيما بينهم كانت هناك ثقافة واحدة تجمعهم وهي ثقافة النهب والسلب والقتل والمذابح الجماعية هذا مع وجود القرآن الكريم فيما بينهم ، فقد كان الموروث الثقافي وما ألفينا عليه آبائنا أقوى من آيات القرآن الكريم عند معظم المسلمين ..


 


2   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ٢١ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[47961]

المورث الثقافي وما ألفينا عليه آبائنا ..!!

.انظر إلى الموروث الثقافي وكيف أن مسيلمة بن عبدالملك القائد المحنك وقف في طريقه كونه ابن جارية مع انه أحق بالخلافة من غيره هذا مع وحود العديد من آيات القرآن التي تساوي بين جميع الخلق ..!! ولم تفلح معهم هذه الآيات لأن إيمانهم بموروثهم وما ألفوا عليه آبائهم كان أقوى من القرآن الكريم وتعاليمه ...


ولذلك نتفهم كون العرب في عصورهم الأولى تركوا القرآن الكريم لأنه في النهاية ضد موروثهم وما ألفوا عليه آبائهم بينما تمسكوا بأحاديثهم التي كتبوها بأيديهم لأنها تتماشى مع موروثهم الثقافي وما ألفوا عليه آبائهم بينما القرآن الكريم يقف حائلا ..

 


3   تعليق بواسطة   خـــالد ســالـم     في   الجمعة ٢١ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[47965]

عقلية الحاكم المستبد الذي وصل للحكم بدون انتخابات هي نفس العقلية لم تتغير مهما طال الزمن ...

 


عقلية وثقافة وطموح وأطماع اى حاكم مستبد لم ولن تتغير مهما طال الزمن ومهما تغيرت الاحداث والأشخاص وهذا ما لمسته فى سلوكيات وتصرفات اخوة مسلمة بن عبد المللك معه مقائد رشيد عاقل ذو عقل ودهاء ولو قرأنا معا الفقرة التالية سوف نفهم ما أقصده


(((ولكن تخوف الخلفاء من أبناء عبد الملك نحو أخيهم القائد مسلمة كان يظهر من سرعة عزلهم له عن الولايات التي يحكمها والجيوش التي كان يقودها خوفا من أن تطول به المدة فيثبت أقدامه ويصبح خطرا عليهم ..)))


 


ومن الطبيعي جدا ان نجرى مقارنة بين ما فعله اخوة مسلمة بن عبدالملك تجاه سرعة عزلة عن الولايات التى يحلجيوش التى يقودها خوفا من شخصيته المؤثره الواعية التى تتمتع بمواصفات القائد الحقيقي الذي يصلح بل ويقنع كل مرؤسيه أن يكون حاكما او خليفة .


ولو قمنا بمقارنة ما فعله هؤلاء الاخوة مع اخيهم ابن الجارية سنجده مطابقا تمام التطابق مع كل مرة يقوم فيها حسنى مبارك بعزل اي قائد عسكرى او وزير او رئيس وزراء من منصبه وتهميشه فى وظيفه لا يسمعه ولا يراه فيها أحد ولا يكون مؤثرا فى أحد ولا يتأثر به أحد وهذا فعلا ما يفعل حسنى مبارك دائما حينما يبزغ أحد رجال الدولة ويسطع نجمه أمام أعبن الناظرين ويزداد الحديث عنه وعن كفائته وعبقريته وعقليته ورشده ودهائه وقدرته على وزن الأمور وحسن التصرف والشعور بحب الناس له وإجماعهم عليه يضع الرئيس مبارك فى موضع القلق والخوف على الكرسي والعرشخصسواء اكان عسكريا أو سياسيا او أى مسؤل فى الدول فيكون الحل فى قرار جمهورى بتهميش هذه الشخصية وسجن وسحل كل من تسول له نفسه الحديث عنه أو الدفاع عنه او البحث عنه أو عن سبب اختفاؤه .


لكن رغم ان اخوة مسلمة بن عبد الملك كانوا يسارعون بعزل أخيهم من الولاية او القيادة خوفا منه لكنهم لم يفكروا فى تعذيبه أو سحله او اعتقاله أو التمثيل بشخصه أو تعذيب واعتقال من يحاول الوقوف بجانبه او الدفاع عنه رغم ان اخوة مسلمة كانوا يسارعون بعزلة الا انه حقق انجازات كبيرة جدا وانت كنت اختلف مع هذه الانجازات ولا اعتبرها حقا مشروعا لهم كما اعتبرها مخالفة للاسلام الا ان اخوة مسلمة لم يؤثروا على اخيهم باى سوء سوى عزله ةنجح فى كل شيء كان يريد تحقيقه كقائد عسكرى ماهر يتمتع بالعقل والدعاء والرشد والراى الصائب وكان يعيش متمتعا بكامل حقوقه كقائد عسكرى كبير يحترمه الجميع داخليشه


وهم فى هذا ارحم من حسنى مبارك كحاكم مستبد ظالم فهم فى هذا ورغم كل ما فعلوه ارحم من مبارك فى التعامل مع أى رجل يرى فيه امكانية وصوله للعرش فهم أرحم بكثير وارقى بكثير فى تعاملهم من مبارك حاكم القرن العشرين الذي يعيش فى عالم ينعم من حوله ويغرق فى ازهى عصور الحرية والديمقراطية


 


4   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٢١ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[47974]

مسلمة في الميزان

  قرأت في المقال أن مسلمة عاون عمر بن العزيز في حكمه وامتص غضب بني أمية عندما ثاروا على على الخليفة عمر بن عبد العزيز ، إذن كان شخصية خيرة ويريد الإصلاح ،هذا بالإضافة إلى اتصافه بقدرة نادرة أيضا في مجال الحرب والقتال ،حتى إنه قد أطلق عليه الجرادة الصفراء ! هذا كله عظيم .. لكن هل كان يعلم مسلمة أن  بعض ما يقوم به من قتل وترويع وخاصة للآمنين الذين لا يبدأون بحرب المسلمين لا يأمر به الله تعالى  ،بل ينهى سبحانه عن الاعتداء ويأمر بالإحسان إليهم مصداقا لقوله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة


5   تعليق بواسطة   أيمن عباس     في   السبت ٢٢ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[47997]

مسلمة بين منطق عصره وعصرنا والقرآن الكريم ..

كان منطق العصور الوسطى الذي ينتمي إليه مسلمة بن عبدالملك هو الغزو والكر والفر والسبايا والقتل لهذا حمل له التاريخ أنه القائد الفاتح الشجاع الهمام ، رغم أنه يعتدي على الآخرين ويحول البلاد التي يفتحها مثل الجراد الذي يمر فلا يترك أخضر ولا يابس ..!!


هذا هو منطق العصور الوسطى الذي لم يكن يهتم بقتل أبرياء أو بأسرهم أو بخطف وإغتصاب نسائهم  أو قتل أسراهم الــــــــــخ  ..


ولكن منطق عصرنا ينظر إليه ومن شابهه على أنه يعتدي على الآخرين ويحتل بلاد الغير بالقوة ويقيم المذابح الجماعية ويقتل الأسرى ويغتصب نسائهم وكل هذا مجرم في عصرنا  ..


ونأتي على المقارنة الثانية وهي الأهم وهي مقارنة ما كان يفعله مسلمة وامثاله من أعتداء على الآخرين  وإختطاف وإغتصاب نسائهم وقتل أسراهم أو أخذهم عبيدا تحت مسمى الجهاد هل يتفق هذا مع تعاليم القرآن ؟؟؟


نحن نؤمن أن كل هذا يختلف مع القرآن الكريم من ألفه إلى يائه ..


والغريب أن المؤرخين لم يبخلوا على مسلمة بجعله من قراء القرىن فقالوا عنه  (ولد مسلمة بن عبد الملك في دمشق بعد 68هـ في خلافة يزيد بن معاوية ، وقرأ القرآن وروي الأحاديث والأشعار ) أي أن مسلمة رغم أنه قرأ  القرآن الكريم  إلا أنه معظم ما فعله من حروب خالف القرآن الكريم فيها لأن القرآن الكريم لا يأمر بالقتال إلا من يقاتلنا وهذا أمر قتل بحثا من التيار القرآني ..


6   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الثلاثاء ٢٥ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[48048]

كان كريماً سمحاً . وذا رأي ودهاء

هذه الوصية التي وصى بها أولاده تدل على مبلغ ثقته به أي بمسلمة  واعتماده عليه. وحقًّا كان مسلمة من قادة الجهاد الإسلامي بالنسبة لبني أمية لا يخالفون له رأيًا ولا يعصون له رأيًا وأمرًا، ويلجأون إليه في أيام المحن والحروب.


قرأت عنه أنه كان ذا رأي ودهاء فلقد وصفة يزيد بن المهلب بن أبي صفرة قائلاً: "... إني لقيت بني مروان فما لقيت منهم أمكر ولا أبعد غدرًا من مسلمة".. وكان إداريًا حازمًا، ورجل دولة من الطراز الأول وقائدًا متميزًا.


ولقد كان مسلمة كريمًا غاية الكرم ومن أمثلة كرمه قوله يومًا لنصيب الشاعر: "سلني" قال: لا. قال: ولِمَ؟ قال: لأن كفك بالجزيل أكثر من مسألتي باللسان. فأعطاه ألف دينار. وأهدى إلى الحسن البصري خميصة – كساءً أسود أو أحمر له أعلام، وكان الحسن يصلي فيها.


وكان إذا كثر عليه أصحاب الحوائج وخاف أن يضجر قال لابنه: إيذن لجلسائي، فيأذن لهم فيفتنّ ويفتنّون في محاسن الناس، فيطرب لها ويهتاج، ويصيبه ما يصيب صاحب الشراب، فيقول لابنه: إيذن لأصحاب الحوائج، فلا يبقى أحد إلا قضيت حاجته.


وكان سمحًا يفتح بابه وقلبه لكل غاد ورائح، فيقضي حاجة المحتاج ويأخذ بيد المضطر ويغيث الملهوف ويجير من استجار به.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4987
اجمالي القراءات : 53,575,495
تعليقات له : 5,333
تعليقات عليه : 14,632
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي